المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

من شقي، أولئك هم غلاظ الأكباد الجبارون المستكبرون. حقا إن - القدوة مبادئ ونماذج

[صالح بن حميد]

الفصل: من شقي، أولئك هم غلاظ الأكباد الجبارون المستكبرون. حقا إن

من شقي، أولئك هم غلاظ الأكباد الجبارون المستكبرون. حقا إن القسوة في خلق الإِنسان دليل نقص كبير وفي تاريخ الأمة دليل فساد خطير.

ولكن القلوب الكبيرة قلما تستجيشها دوافع القسوة فهي أبدًا إلى الصفح والعفو أميل وعن الضغينة والغلظة أبعد.

[التواضع]

التواضع: جبلت النفوس على كره من يستطيل عليها ويحتقرها ويستصغرها، كما جبلت على النفرة ممنِ يتكبر عليها ويتعالى عنها. حتى ولو كان ما يقوله حقًا وصدقًا. إن قلوبهم دون كلامه مغلقة، وصدورهم عن إرشاده ووعظه موصدة بل لعلهم يكرهون أو يستثقلون ما يصدر منه من علم وحق. وقد أدب الله نبيه محمدًا، صلى الله عليه وسلم، في هذا الباب فخاطبه بقوله:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 28] أولئك هم المستضعفون من الصحب الكرام أمثال صهيب وعمار وبلال وخباب؛ أراد الملأ المستكبرون من قريش من الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن يطردهم من مجلسه أو أن يخص لهم مجلسًا لا يجتمعون فيه

ص: 21

مع الضعفاء والفقراء فأنزل الله عليه: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]

إن التواضع هو بذل الاحترام والعطف لمن يستحقه. التواضع خلق يكسب صاحبه رضا أهل الفضل ومودتهم، ومَنْ أحقّ بهذا الخلق من رجل القدوة فهو أنجح وسيلة إلى الائتلاف.

إن ابتغاء الرفعة وحسن الِإفادة من طريق التواضع هو أيسر الطرق وأوثقها. ذلك أن التواضع في محله يورث المودة، فمن عمر فؤاده بالمودة امتلأت عينه بالمهابة.

إن المتواضع هو الرجل الذي يرجى لنفع الأمة ويستطيع الخوض في كل ميدان ويعيش في كل مجتمع، يعيش وهو ضافي الكرامة أنيس الملتقى شديد الثقة بنفسه مبسوط المحيا لجليسه.

ويلتحق بهذا الأمر ويلتصق به حديث المرء عن نفسه وكثرة الثناء عليها، فذلك شيء ممقوت يتنافى مع خلق التواضع وإنكار الذات، فينبغي لرجل الدعوة ومحل القدوة ألا يَدّعي شيئًا يدل على تعاليه بل إن حقًا عليه أن يعرف أن كل ما عنده من علم أو منزلة أو مرتبة هو محضُ فضل الله عليه فليتحدث - إن شاء أن يتحدث- بفضل الله لا بفضل نفسه فإذا أدرك الناس منه

ص: 22