الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقول ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء ومن يقتدى بهم فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلًا يوجب سوء الظن بهم وإن كان لهم فيه مخلص؛ لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم.
[نبي الملحمة]
نبي الملحمة "قذيفة من حديد خير من ألف قذيفة من كلام ".
إن مئات المواعظ والخطب الرنانة لا تفعل فعل الشجاع الثابت الجأش، وهو ينقض على صفوف الأعداء يَقْدُم جنوده ليقودهم إلى النصر المؤزر، ذلكم هو موقف القائد الأول محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، في غزوة حنين حين كانت ساعاتها الأولى لثقيف وهوازن التي سبقت إلى صعيد المعركة، واحتلت المضايق، وانبثوا في الشعاب والمواقع المنيعة، وبادروا في استقبال المسلمين بوابل من السهام، وكانوا رماة لا يخطئون.
فارتاعت الصفوف المتقدمة من المسلمين لهذه المفاجأة المتكاتفة فنكصت كما ذكر الله: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25] وانحاز النبي القائد ذات اليمين مناديًا في الناس: «هلموا إليَّ أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله» ولنترك العباس - رضي
الله عنه- يروي موقف الثبات النبوي يقول: " «شهدت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، على بغلة بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، فلما التقى المسلمون والكفار ولي المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله يُركض بغلته قِبَل الكفار. قال عباس: وأنا آخذ بلجمام بغلة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أكفها إرادة ألا تسرع وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله، صلي الله عليه وسلم، فقال رسول الله: أي عباس ناد أصحاب السَمُرَة فقال عباس - وكان رجلًا صَيتا- فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ يقول العباس: فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها فقالوا: يا لبيك يا لبيك". فكانت العاقبة نصر المؤمنين: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 26] » [سورة التوبة، الآية: 26] .