المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌إبِْطَال التَّقْلِيد   أخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عبد الْبر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان - القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد

[الشوكاني]

الفصل: ‌ ‌إبِْطَال التَّقْلِيد   أخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عبد الْبر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان

‌إبِْطَال التَّقْلِيد

أخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عبد الْبر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان أَنه قيل لَهُ فِي قَوْله تَعَالَى {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله} أكانوا يَعْبُدُونَهُمْ فَقَالَ لَا وَلَكِن يحلونَ لَهُم الْحَرَام فيحلونه ويحرمون عَلَيْهِم الْحَلَال فيحرمونه فصاروا بذلك أَرْبَابًا وَقد روى نَحْو ذَلِك مَرْفُوعا من حَدِيث ابْن حَاتِم كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَأخرج نَحْو هَذَا التَّفْسِير ابْن عبد الْبر عَن بعض الصَّحَابَة بِإِسْنَاد مُتَّصِل بِهِ قَالَ أما أَنهم لَو أمروهم أَن يعبدوهم مَا أطاعوهم وَلَكنهُمْ أمروهم فَجعلُوا حَلَال الله حَرَامًا وَحَرَامه حَلَالا فأطاعوهم فَكَانَت تِلْكَ الربوبية وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ مَا أرسلنَا من قبلك فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدون قَالَ أولو جِئتُكُمْ بأهدى مِمَّا وجدْتُم عَلَيْهِ آبَاءَكُم} فآثروا الإقتداء بآبائهم قَالُوا {إِنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون} وَقَالَ عز وجل {إِذْ تَبرأ الَّذين اتبعُوا من الَّذين اتبعُوا وَرَأَوا الْعَذَاب وتقطعت بهم الْأَسْبَاب وَقَالَ الَّذين اتبعُوا لَو أَن لنا كرة فنتبرأ مِنْهُم كَمَا تبرؤوا منا كَذَلِك يُرِيهم الله أَعْمَالهم حسرات عَلَيْهِم وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار}

ص: 71

وَقَالَ الله عز وجل {مَا هَذِه التماثيل الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون قَالُوا وجدنَا آبَاءَنَا لَهَا عابدين} وَقَالَ {إِنَّا أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} فَهَذِهِ الْآيَات وَغَيرهَا مِمَّا ورد فِي مَعْنَاهُ ناعية على المقلدين مَا هم فِيهِ وَهِي وَإِن كَانَ تنزيلها فِي الْكفَّار لكنه قد صَحَّ تَأْوِيلهَا فِي المقلدين لِاتِّحَاد الْعلَّة وَقد تقرر فِي الْأُصُول أَن الِاعْتِبَار بِعُمُوم اللَّفْظ لَا بِخُصُوص السَّبَب وَإِن الحكم يَدُور مَعَ الْعلَّة وجودا وعدما

وَقد احْتج أهل الْعلم بِهَذِهِ الْآيَات على إبِْطَال التَّقْلِيد وَلم يمنعهُم من ذَلِك كَونهَا نازلة فِي الْكفَّار

وَأخرج ابْن عبد الْبر بِإِسْنَاد مُتَّصِل عَن معَاذ رضي الله عنه أَنه قَالَ وراءكم فَتْرَة يكثر فِيهَا المَال وَيفتح فِيهَا الْقُرْآن حَتَّى يقرأه الْمُؤمن وَالْمُنَافِق وَالْمَرْأَة وَالصَّبِيّ وَالْأسود والأحمر فيوشك أحدكُم أَن يَقُول قد قَرَأت فِي الْقُرْآن فَمَا أَظن يتبعوني حَتَّى ابتدع لَهُم غَيره فإياكم وَمَا ابتدع فَإِن كل بِدعَة ضَلَالَة

وَأخرج أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه قَالَ

ص: 72

ويل للأتباع من عثرات الْعَالم قيل كَيفَ ذَلِك قَالَ يَقُول الْعَالم شَيْئا بِرَأْيهِ ثمَّ يجد من هُوَ أعلم برَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِنْهُ فَيتْرك قَوْله ثمَّ يمْضِي الأتباع

وَأخرج أَيْضا عَن عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه أَنه قَالَ يَا كل أَن هَذِه الْقُلُوب أوعية فَخَيرهَا أوعى للخير وَالنَّاس ثَلَاثَة فعالم رباني ومتعلم على سَبِيل نجاة وهمج رعاع أَتبَاع كل ناعق لم يستضيئوا بِنور الْعلم وَلم يلجأوا إِلَى ركن وثيق

وَأخرج عَنهُ أَيْضا أَنه قَالَ إيَّاكُمْ والاستنان بِالرِّجَالِ فَإِن الرجل يعْمل بِعَمَل أهل الْجنَّة ثمَّ يَنْقَلِب لعلم الله فِيهِ بِعَمَل أهل النَّار فَيَمُوت وَهُوَ من أهل النَّار

وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ أَلا لَا يقلدن أحدكُم دينه أَن آمن آمن وَأَن كفر كفرفإنه لاأسوة فِي الشَّرّ

وروى ابْن عبد الْبر بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَوْف بن مَالك الاشجعي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تفترق أمتِي على بضع وَسبعين فرقة أعظمها فتْنَة قوم يقيسون الدّين برأيهم يحرمُونَ مَا أحل الله وَيحلونَ بِهِ مَا حرم الله

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ أَيْضا قَالَ ابْن الْقيم بعد إِخْرَاجه من

ص: 73

طرق هَؤُلَاءِ بِعَين رجال إِسْنَاده كلهم ثِقَات حفاظ إِلَّا جرير بن عُثْمَان فَإِنَّهُ كَانَ منحرفا عَن عَليّ رضي الله عنه وَمَعَ هَذَا احْتج بِهِ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَقد روى عَنهُ أَنه تَبرأ مِمَّا نسب إِلَيْهِ من الانحراف

وروى ابْن عبد الْبر بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه فَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تعْمل هَذِه الْأمة بُرْهَة بِكِتَاب الله وبرهة بِسنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ يعْملُونَ بِالرَّأْيِ فَإِذا فعلوا ذَلِك فقد ضلوا وَأخرجه أَيْضا بِإِسْنَاد آخر فِيهِ جبارَة ابْن الْمُغلس وَفِيه مقَال وروى أَيْضا بِإِسْنَاد إِلَى عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر يَا أَيهَا النَّاس إِن الرَّأْي إِنَّمَا كَانَ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقِينا لِأَن الله كَانَ يرِيه وَإِنَّمَا هُوَ منا بِالظَّنِّ والتكلف

وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل وروى ابْن عبد الْبر بِإِسْنَادِهِ إِلَى عمر أَيْضا أَنه قَالَ أهل الرَّأْي أَعدَاء السّنَن أعيتهم الْأَحَادِيث أَن يعوها ووتفلتت عَنْهُم أَن يرووها فَاتَّقُوا الرَّأْي

وروى ابْن عبد الْبر بِإِسْنَادِهِ إِلَيْهِ أَيْضا قَالَ اتَّقوا الرَّأْي فِي دينكُمْ وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا قَالَ إِن أَصْحَاب الرَّأْي أَعدَاء السّنَن أعيتهم أَن يحفظوها وتفلتت عَنْهُم

ص: 74

أَن يعوها واستحيوا حِين يسْأَلُوا أَن يَقُولُوا لَا نعلم فعارضوا السّنَن برأيهم فإياكم وإياهم وَأخرج ابْن عبد الْبر بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْن مَسْعُود قَالَ لَيْسَ عَام إِلَّا الَّذِي بعده شَرّ مِنْهُ لَا أَقُول عَام أَبتر من عَام وَلَا عَام أخصب من عَام ولأمير خير من أَمِير وَلَكِن ذهَاب خياركم وعلمائكم ثمَّ يحدث قوم يقيسون الْأُمُور برأيهم فيهدم الْإِسْلَام وينثلم وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات

وَأخرج أَيْضا ابْن عبد الْبر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِنَّمَا هُوَ كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عليه وسلم فَمن قَالَه بعد ذَلِك بِرَأْيهِ فَمَا أدرى أَفِي حَسَنَاته أم فِي سيئاته

وَأخرج أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه قَالَ تمتّع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عُرْوَة نهى أَبُو بكر وَعمر رضي الله عنهما عَن الْمُتْعَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس أَرَاهُم سيهلكون نقُول قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَتقول قَالَ أَبُو بكر وَعمر

وَأخرج أَيْضا عَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه أَنه قَالَ من يعذرني من مُعَاوِيَة أحدثه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني بِرَأْيهِ وَمثله عَن عبَادَة رضي الله عنه

وَأخرج أَيْضا عَن عمر رضي الله عنه قَالَ السّنة مَا سنه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا تجْعَلُوا خطأ الرَّأْي سنة للْأمة

ص: 75

وَأخرج أَيْضا عَن عُرْوَة بن الزبير أَنه قَالَ لم يزل أَمر بني إِسْرَائِيل مُسْتَقِيمًا حَتَّى أدْركْت فيهم المولدون أَبنَاء سَبَايَا الْأُمَم فَأخذُوا فيهم بِالرَّأْيِ فأضلوا بني إِسْرَائِيل

وَأخرج أَيْضا عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ إيَّاكُمْ والمقايسة فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَئِن أَخَذْتُم بالمقايسة لتحلن الْحَرَام ولتحرمن الْحَلَال وَلَكِن مَا بَلغَكُمْ مِمَّن حفظ عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فاحفظوه وروى ابْن عبد الْبر أَيْضا فِي ذمّ الرَّأْي والتبري مِنْهُ والتنفير عَنهُ بِكَلِمَات تقَارب هَذِه الْكَلِمَات عَن مَسْرُوق وَابْن سِيرِين وَعبد الله بن الْمُبَارك وسُفْيَان وَشُرَيْح وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَابْن شهَاب

وَذكر الطَّبَرِيّ فِي كتاب تَهْذِيب الْآثَار لَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى مَالك قَالَ قَالَ مَالك قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقد تمّ هَذَا الْأَمر واستكمل فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن تتبع آثَار رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا تتبع الرَّأْي فَإِنَّهُ مَتى اتبع الرَّأْي جَاءَ رجل آخر اقوى فِي الرَّأْي مِنْك فاتبعته فَأَنت كلما جَاءَ رجل عَلَيْك اتبعته أرى هَذَا لَا يتم

وروى ابْن عبد الْبر عَن مَالك بن دِينَار أَنه قَالَ لِقَتَادَة أَتَدْرِي أَي علم رعوت قُمْت بَين الله وعباده فَقلت هَذَا لَا يصلح وَهَذَا يصلح وروى ابْن عبد الْبر

ص: 76

أَيْضا عَن الاوزاعي أَنه قَالَ عَلَيْك بآثار من سلف وَإِن رفضك النَّاس وَإِيَّاك وآراء الرِّجَال وَإِن زخرفوا لَك القَوْل

وَرُوِيَ أَيْضا عَن مَالك أَنه قَالَ مَا عَلمته فَقل بِهِ وَدلّ عَلَيْهِ وَمَا لم تعلم فاسكت وَإِيَّاك أَن تقلد النَّاس قلادة سوء

وَرُوِيَ أَيْضا القعْنبِي أَنه دخل على مَالك فَوَجَدَهُ يبكي فَقَالَ وَمَا الَّذِي يبكيك فَقَالَ يَا ابْن قعنب أَنا لله على مَا فرط مني لَيْتَني جلدت بِكُل كلمة تَكَلَّمت بهَا فِي هَذَا الْأَمر سَوْطًا وَلم يكن فرط مني مَا فرط مني من هَذَا الرَّأْي وَهَذِه الْمسَائِل وَقد كَانَ لي سَعَة فِيمَا سبقت إِلَيْهِ

وَرُوِيَ أَيْضا عَن سَحْنُون أَنه قَالَ مَا أَدْرِي مَا هَذَا الرَّأْي الَّذِي سفكت بِهِ الدِّمَاء واستحلت بِهِ الْفروج واستحقت بِهِ الْحُقُوق

وَرُوِيَ أَيْضا عَن أَيُّوب أَنه قيل لَهُ مَالك لَا تنظر فِي الرَّأْي فَقَالَ أَيُّوب قيل للحمار مَا لَك لَا تجتر قَالَ أكره مضغ الْبَاطِل وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ أَيْضا أَنه قَالَ وَالله لقد بغض إِلَيّ هَؤُلَاءِ الْقَوْم الْمَسْجِد حَتَّى لَهو أبْغض إِلَيّ

ص: 77

من كناسَة دَاري قيل لَهُ من هم قَالَ هَؤُلَاءِ الارائيون وَكَانَ فِي ذَلِك الْمَسْجِد الحكم وَحَمَّاد وأصحابهما وَذكر ابْن وهب أَنه سمع مَالِكًا يَقُول لم يكن من أَمر النَّاس وَلَا من مضى من سلفنا وَلَا أدْركْت أحدا اقْتدى بِهِ يَقُول فِي شَيْء هَذَا حرَام وَهَذَا حَلَال مَا كَانُوا يجترؤن على ذَلِك وَإِنَّمَا كَانُوا يَقُولُونَ نكره هَذَا ونرى هَذَا حسنا وَيَنْبَغِي هَذَا وَلَا نرى هَذَا وَزَاد بعض أَصْحَاب مَالك عَنهُ فِي هَذَا الْكَلَام أَنه قَالَ وَلَا يَقُولُونَ هَذَا حَلَال وَهَذَا حرَام أما سَمِعت قَول الله عز وجل {قل أَرَأَيْتُم مَا أنزل الله لكم من رزق فجعلتم مِنْهُ حَرَامًا وحلالا قل آللَّهُ أذن لكم أم على الله تفترون} الْحَلَال مَا أحله الله وَرَسُوله وَالْحرَام مَا حرمه الله وَرَسُوله وروى ابْن عبد الْبر أَيْضا عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ رَأْي الاوزاعي ورأي مَالك ورأي أبي حنيفَة كُله رَأْي وَهُوَ عِنْدِي سَوَاء وَإِنَّمَا الْحجَّة فِي الْآثَار وَرُوِيَ أَيْضا عَن سهل بن عبد الله التسترِي أَنه قَالَ مَا أحدث أحد شَيْئا من الْعلم إِلَّا سُئِلَ عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة فَإِن وَافق السّنة سلم وَإِلَّا فَهُوَ العطب وَقَالَ الشَّافِعِي فِي تَفْسِير الْبِدْعَة الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث الثَّابِت فِي الصَّحِيح من قَوْله صلى الله عليه وسلم خير الحَدِيث كتاب الله وَخير الْهدى هدى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل بِدعَة ضَلَالَة أَن المحدثات من الْأُمُور ضَرْبَان أَحدهمَا مَا أحدث يُخَالف كتابا أَو سنة أَو أثرا

ص: 78

أَو إِجْمَاعًا فَهَذِهِ الْبِدْعَة الضَّلَالَة وَالثَّانيَِة مَا أحدث من الْخَيْر لَا خلاف فِيهِ لوَاحِد من هَذِه الْأمة وَهَذِه محدثة غير مذمومة وَقد قَالَ عمر رضي الله عنه فِي قيام شهر رَمَضَان نعمت الْبِدْعَة هَذِه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ اتبعُوا وَلَا تبتدعوا فقد كفيتم وَأخرج أَيْضا عَن عبَادَة ابْن الصَّامِت قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول يكون بعدِي رجال يعرفونكم مَا تنكرون وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُم مَا تعرفُون فَلَا طَاعَة لمن عصى الله وَلَا تعملوا برأيكم وَأخرج عَن عمر أَنه قَالَ اتَّقوا الرَّأْي فِي دينكُمْ وَأخرج عَنهُ أَيْضا بِسَنَد رِجَاله ثِقَات أَنه قَالَ يَا أَيهَا النَّاس اتهموا الرَّأْي على الدّين وَأخرج أَيْضا عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ لَو كَانَ الدّين بِالرَّأْيِ لَكَانَ بَاطِن الْخُفَّيْنِ أَحَق بِالْمَسْحِ من ظاهرهما وَلَكِن رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهرهما وَهُوَ أثر مَشْهُور أخرجه غير الْبَيْهَقِيّ أَيْضا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ أَيْضا مَا يُفِيد الْإِرْشَاد إِلَى إتباع الْأَثر والتنفير عَن إتباع الرَّأْي عَن ابْن عمر وَابْن سِيرِين وَالْحسن وَالشعْبِيّ وَابْن عَوْف والاوزاعي وسُفْيَان وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَابْن الْمُبَارك وَعبد الْعَزِيز أبن أبي سَلمَة وَأبي حنيفَة وَيحيى أبن آدم وَمُجاهد وَأخرج أَبُو دَاوُد وأبن ماجة وَالْحَاكِم من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 79

قَالَ الْعلم ثَلَاثَة فَمَا سوى ذَلِك فضل آيَة محكمَة وَسنة قَائِمَة وفريضة عادلة وَفِي إِسْنَاده عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الافريقي وَعبد الرَّحْمَن بن رَافع وَفِيهِمَا مقَال قَالَ ابْن عبد الْبر السّنة الْقَائِمَة الثَّابِتَة الدائمة المحافظ عَلَيْهَا مَعْمُولا بهَا لقِيَام إسنادها وَالْفَرِيضَة العادلة المساوية لِلْقُرْآنِ فِي وجوب الْعَمَل بهَا وَفِي كَونهَا صدقا وصوابا وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس وَأَبُو نعيم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والخطيب وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن عبد الْبر عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب رضي الله عنهما مَوْقُوفا الْعلم ثَلَاثَة أَشْيَاء كتاب نَاطِق وَسنة مَاضِيَة وَلَا أَدْرِي وَإِسْنَاده حسن وَأخرج ابْن عبد الْبر عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنَّمَا الْأُمُور ثَلَاثَة أَمر تبين لَك رشده فَاتبعهُ وَأمر تبين لَك زيفه فاجتنبه وَأمر اخْتلف فِيهِ فكله إِلَى عالمه

وَالْحَاصِل أَن كَون الرَّأْي لَيْسَ من الْعلم لَا خلاف فِيهِ بَين الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وتابعيهم قَالَ ابْن عبد الْبر وَلَا أعلم بَين مُتَقَدِّمي عُلَمَاء هَذِه الْأمة وسلفها خلافًا أَن الرَّأْي لَيْسَ بِعلم حَقِيقَة قَالَ أما أصُول الْعلم فالكتاب وَالسّنة اه

وَقَالَ ابْن عبد الْبر حد الْعلم عِنْد الْعلمَاء والمتكلمين فِي

ص: 80

هَذَا الْمَعْنى هُوَ مَا استيقنته وتبينته وكل من استيقن شَيْئا وتبينه فقد علمه وعَلى هَذَا من لم يستيقن الشَّيْء وَقَالَ بِهِ تقليدا فَلم يعلم والتقليد عِنْد جمَاعَة الْعلمَاء غير الإتباع لِأَن الإتباع هُوَ أَن تتبع الْقَائِل على مَا بِأَن لَك من فضل قَوْله وَصِحَّة مذْهبه والتقليد أَن تَقول بقوله وَأَنت لَا تعرفه وَلَا وَجه القَوْل وَلَا مَعْنَاهُ وتأبى من سواهُ وَإِن تبين لَك خطأه فتتبعه مهابة خِلَافه وَأَنت قد بَان لَك فَسَاد قَوْله وَهَذَا يحرم القَوْل بِهِ فِي دين الله سبحانه وتعالى اه

وَمِمَّا يدل على مَا أجمع عَلَيْهِ السّلف من أَن الرَّأْي لَيْسَ بِعلم قَول الله عز وجل {فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح وَمَيْمُون بن مهْرَان وَغَيرهمَا الرَّد إِلَى الله هُوَ الرَّد إِلَى كِتَابه وَالرَّدّ إِلَى رَسُوله صلى الله عليه وسلم هُوَ الرَّد إِلَى سنته بعد مَوته وَعَن عَطاء فِي قَوْله تَعَالَى {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول} قَالَ طَاعَة الله وَرَسُوله إتباع الْكتاب وَالسّنة {وأولي الْأَمر مِنْكُم} قَالَ أولُوا الْعلم وَالْفِقْه وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَيدل على ذَلِك من السّنة حَدِيث الْعِرْبَاض بن سَارِيَة وَهُوَ ثَابت فِي السّنَن وَرِجَاله رجال الصَّحِيح قَالَ وعظنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت مِنْهَا الْعُيُون ووجلت مِنْهَا الْقُلُوب فَقُلْنَا يَا رَسُول الله إِن هَذِه موعظة مُودع

ص: 81

فَمَاذَا تعهد إِلَيْنَا فَقَالَ تركتكم على الْبَيْضَاء لَيْلهَا كنهارها لَا يزِيغ عَنْهَا بعدِي إِلَّا هَالك وَمن يَعش مِنْكُم فسيرى اخْتِلَافا كثيرا فَعَلَيْكُم بِمَا عرفتكم من سنتي وَسنة الْخُلَفَاء المهديين الرَّاشِدين وَعَلَيْكُم بِالطَّاعَةِ وَإِن كَانَ عبدا حَبَشِيًّا عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ إِنَّمَا الْمُؤمن كَالْجمَلِ الْأنف كلما قيد انْقَادَ وَأخرجه أَيْضا ابْن عبد الْبر بِإِسْنَاد صَحِيح وَزَاد وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور فَإِن كل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة

وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب كَثِيرَة جدا وَيَكْفِي من رفع الرَّأْي وَأَنه لَيْسَ من الدّين قَول الله عز وجل {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} فَإِذا كَانَ الله قد أكمل دينه قبل أَن يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم فَمَا هَذَا الرَّأْي الَّذِي أحدثه أَهله بعد أَن أكمل الله دينه إِن كَانَ من الدّين فِي اعْتِقَادهم فَهُوَ لم يكمل عِنْدهم إِلَّا برأيهم وَهَذَا فِيهِ رد لِلْقُرْآنِ وَإِن لم يكن من الدّين فَأَي فَائِدَة من الِاشْتِغَال بِمَا لَيْسَ من الدّين

وَهَذِه حجَّة قاهرة وَدَلِيل عَظِيم لَا يُمكن صَاحب الرَّأْي أَن يَدْفَعهُ بدافع أبدا فَاجْعَلْ هَذِه الْآيَة الشَّرِيفَة أول

ص: 82

مَا تصك بِهِ وُجُوه أهل الرَّأْي وترغم بِهِ آنافهم وتدحض بِهِ حججهم فقد أخبرنَا الله فِي مُحكم كِتَابه أَنه أكمل دينه وَلم يمت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا بعد أَن أخبرنَا بِهَذَا الْخَبَر عَن الله عز وجل فَمن جَاءَنَا بالشَّيْء من عِنْد نَفسه وَزعم أَنه من ديننَا قُلْنَا لَهُ الله أصدق مِنْك فَاذْهَبْ فَلَا حَاجَة لنا فِي رَأْيك

وليت المقلدة فَهموا هَذِه الْآيَة حق الْفَهم حَتَّى يستريحوا ويتركوا وَمَعَ هَذَا فقد أخبرنَا فِي كِتَابه أَنه أحَاط بِكُل شَيْء علما فَقَالَ {مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء} وَقَالَ تَعَالَى {ونزلنا عَلَيْك الْكتاب تبيانا لكل شَيْء وَهدى وَرَحْمَة} ثمَّ أَمر عباده بالحكم بكتابه فَقَالَ {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم} وَقَالَ {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تكن للخائنين خصيما} وَقَالَ {إِن الحكم إِلَّا لله يقص الْحق وَهُوَ خير الفاصلين} وَقَالَ {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} وَأمر عباده أَيْضا فِي مُحكم كِتَابه بِاتِّبَاع مَا جَاءَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ سُبْحَانَهُ {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا وَاتَّقوا الله إِن الله شَدِيد الْعقَاب} قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله {وَقَالَ} وَأَطيعُوا الله وَالرَّسُول لَعَلَّكُمْ ترحمون {وَقَالَ} أطِيعُوا الله وَالرَّسُول فَإِن توَلّوا فَإِن

ص: 83

الله لَا يحب الْكَافرين {وَقَالَ} وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا {وَقَالَ} وَمن يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله وَمن تولى فَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِم حفيظا {وَقَالَ} يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ذَلِك خير وَأحسن تَأْوِيلا {وَقَالَ} وَمن يطع الله وَرَسُوله يدْخلهُ جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم وَمن يعْص الله وَرَسُوله ويتعد حُدُوده يدْخلهُ نَارا خَالِدا فِيهَا وَله عَذَاب مهين {وَقَالَ} وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله وَلَا تنازعوا فتقشلوا وَتذهب ريحكم واصبروا إِن الله مَعَ الصابرين {وَقَالَ} قل أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول فَإِن توَلّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حمل وَعَلَيْكُم مَا حملتم وَأَن تطيعوه تهتدوا وَمَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين {وَقَالَ} {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأَطيعُوا الرَّسُول لَعَلَّكُمْ ترحمون} {وَقَالَ} {وَمن يطع الله وَرَسُوله فقد فَازَ فوزا عَظِيما} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا كَانَ قَول الْمُؤمنِينَ إِذا دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم أَن يَقُولُوا سمعنَا وأطعنا وَأُولَئِكَ هم المفلحون} وَقَالَ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} والاستنكار على الِاسْتِدْلَال على وجوب طَاعَة الله

ص: 84

وَرَسُوله لَا يَأْتِي بفائدة فَلَيْسَ أحد من الْمُسلمين يُخَالف ذَلِك وَمن أنكرهُ فَهُوَ كَافِر خَارج عَن حزب الْمُسلمين

وَإِنَّمَا أوردنا هَذِه الْآيَات الشَّرِيفَة لقصد تليين قلب الْمُقَلّد الَّذِي قد جمد وَصَارَ كالجلمد فَإِنَّهُ إِذا سمع مثل هَذِه الْأَوَامِر رُبمَا امتثلها وَأخذ دينه عَن كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عليه وسلم طَاعَة لأوامر الله تَعَالَى فَإِن هَذِه الطَّاعَة وَإِن كَانَت مَعْلُومَة لكل مُسلم كَمَا تقدم لَكِن الْإِنْسَان يذهل عَن القوارع القرآنية والزواجر النَّبَوِيَّة فَإِذا ذكرتها زجر وَلَا سِيمَا من نَشأ على التَّقْلِيد وَأدْركَ سلفه ثابتين عَلَيْهِ غير متزحزحين عَنهُ فَإِنَّهُ يَقع فِي قلبه أَن دين الْإِسْلَام هُوَ هَذَا الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ وَمَا كَانَ مُخَالفا لَهُ فَلَيْسَ من الْإِسْلَام فِي شَيْء فَإِذا رَاجع نَفسه رَجَعَ وَلِهَذَا تَجِد الرجل إِذا نَشأ على مَذْهَب من هَذِه الْمذَاهب ثمَّ سمع قبل أَن يتمرن بِالْعلمِ وَيعرف مَا قَالَه النَّاس خلافًا يُخَالف ذَلِك المألوف استنكره وأباه قلبه وَنَفر عَنهُ طبعه وَقد رَأينَا وَسَمعنَا من هَذَا الْجِنْس من لَا يَأْتِي عَلَيْهِ الْحصْر وَلَكِن إِذا وازن الْعَاقِل بعقله بَين من اتبع أحد أَئِمَّة الْمذَاهب فِي مَسْأَلَة من مسَائِله الَّتِي رَوَاهَا عَنهُ الْمُقَلّد وَلَا مُسْتَند لذَلِك الْعَالم فِيهَا بل قَالَهَا بمحض الرَّأْي لعدم وُقُوفه على الدَّلِيل وَبَين من تمسك فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة بخصوصها بِالدَّلِيلِ الثَّابِت فِي الْقُرْآن أَو السّنة أَفَادَهُ الْعقل أَن بَينهمَا مسافات

ص: 85

أتنقطع فِيهَا أَعْنَاق الْإِبِل بل لَا جَامع بَينهمَا أَن من تمسك بِالدَّلِيلِ أَخذ بِمَا أوجب الله عَلَيْهِ الْأَخْذ بِهِ وَاتبع مَا شَرعه الشَّارِع بِجمع الْأمة أَولهَا وَآخِرهَا وحيها وميتها وَأَخذهم هَذَا الْعَالم الَّذِي تمسك الْمُقَلّد لَهُ بمحض رَأْيه هُوَ مَحْكُوم عَلَيْهِ بالشريعة لَا أَنه حَاكم فِيهَا وَهُوَ تَابع لَهَا لَا متبوع فِيهَا فَهُوَ كمن اتبعهُ فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فَرْضه الْأَخْذ بِمَا جَاءَ عَن الشَّارِع لَا فرق بَينهمَا إِلَّا من كَون الْمَتْبُوع عَالما وَالتَّابِع جَاهِلا فالعالم يُمكنهُ الْوُقُوف على الدَّلِيل من دون أَن يرجع إِلَى غَيره لِأَنَّهُ قد استعد لذَلِك بِمَا اشْتغل بِهِ من الطّلب وَالْوُقُوف بَين يَدي أهل الْعلم والتحرج لَهُم فِي معارف الِاجْتِهَاد وَالْجَاهِل يُمكنهُ الْوُقُوف على الدَّلِيل بسؤال عُلَمَاء الشَّرِيعَة على طَريقَة طلب الدَّلِيل واسترواء النَّص وَكَيف حكم بِهِ فِي مُحكم كتاب الله أَو على لِسَان رَسُوله صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة فيفيدونه النَّص أَن كَانَ مِمَّن يعقل الْحجَّة إِذا دلّ عَلَيْهَا أَو يفيدونه مَضْمُون النَّص بالتعبير عَنهُ بِعِبَارَة يفهمها فهم رُوَاة وَهُوَ مسترو وَهَذَا عَامل بالرواية لَا بِالرَّأْيِ والمقلد عَامل بِالرَّأْيِ لَا بالرواية لِأَنَّهُ يقبل قَول الْغَيْر من دون أَن يُطَالِبهُ بِحجَّة وَذَلِكَ هُوَ فِي سُؤَاله لَهُ مطَالب بِالْحجَّةِ لَا بِالرَّأْيِ فَهُوَ قبل رِوَايَة الْغَيْر لَا رَأْيه وهما من هَذِه الْحَيْثِيَّة

ص: 86