الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمن مكارم الأخلاق أن تنخدع له ولا تفهمه أنك عرفت خداعه.
وعلماء الوقت يسمون مثل هذا مغفلًا وعبيطًا، جهلا منهم بالسنة وإعراضًا عن العمل بها نسأل اللَّه السلامة والعافية بمنه اهـ.
3 - كرمه وسخاؤه:
وأما سخاؤه وكرمه فكان من طراز منقطع النظير، ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر، ولا يردُّ السائل كائنًا من كان عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم:"للسائل حق وإن جاء على فرس"، وكان لا يقتصد في النفقة، فسهل اللَّه له الرزق ويسرَّه من غير تعب ولا كبير عناء كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم "أبى اللَّه أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يعلم"، وكان يعطي أصحاب الحوائج عطاء لو وزع على الكثرة الكثيرة لأغنتهم، فهو يجود بالنفيس والغالي دون التفات إلى قيمة أو ثمن، وأخباره في هذا كثيرة وقضاياه متعددة لا يستطيع أن ينكر ذلك أحد.
وربما كان سائرًا في الطريق فقصده قاصد إلى شيء من لباسه نحو قفطان أو جلابة، فما يكون منه رحمه الله إلا أن يخلعها من عليه ويعطيه إياها (1).
ومن صفاته الحميدة التي انفرد بها عن أهل زمانه أنه ما كان يتقاضى أجرًا على التدريس والإملاء وإنما كان يفعل ذلك احتسابا، يقول في المداوي (2):
(1) حدثنا بذلك الشيخ أحمد مرسي المتوفى (1402 هـ)، وكان من أشد الملازمين لصاحب الترجمة أثناء زياراته لمصر.
(2)
انظر "المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي"(2/ 106).
"ونحن وللَّه الحمد ما دخلنا في تدريس بأجرة قط، ولا أخذت عن العلم أجرًا، لكن الحق أحق بالإشهار والإعلان".
وكما كان سخيًا بماله كان كذلك يجود بنفسه رخيصة في جناب اللَّه تعالى، وما الإذايات التي تعرض لها من قبل الاستعمار من نفي وسجن إلا مصداقا لذلك، فقد نفي عن مدينة طنجة أكثر من مرة وسجن مرارًا بسجن "سلا" و"أزمور"، وأوشك أن يحكم عليه بالإعدام أو بالسجن المؤبد بعد ثورته الأخيرة إلا أن اللَّه سلم وحكم عليه بالسجن مدة ثلاث سنوات ونصف (1).
* * *
(1) تاريخ صاحب الترجمة السياسي قد تناوله هو بتوسع في "البحر العميق".