المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رحلته في طلب العلم: - المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي - مقدمة

[أحمد بن الصديق الغماري]

الفصل: ‌رحلته في طلب العلم:

في التحصيل والإقبال على العلم والعمل مع الزهد في الدنيا وترك ما فيه شهوات النفس وحظوظها، وكان يذاكره في شتى العلوم، وأثناء المذاكرة يذكر له الكتب النفسية وفائدتها حتى صار من أعرف الناس بهذا الفن.

وكانت علوم الحديث والمصطلح تحتل المكانة الكبرى في قراءات الشيخ ومطالعاته، فهو مجبول بفطرته على حب هذه العلوم معرضٌ عما سواها من قوانين مجردة مما هو مسطور في المتون والحواشي، فقرأ كتاب سفراء الأسفار للمحدث محمد الكتاني، وله عليه استدراكات، وقرأ اللآلئ المصنوعة للسيوطي والقول المسدد في الذب عن مسند أحمد لابن حجر والميزان للذهبي والمقاصد الحسنة للسخاوي وتذكرة الموضوعات لابن طاهر المقدسي واللؤلؤ المرصوع، ومنتخب كنز العمال، ومسند الإمام أحمد، ومشكاة المصابيح وذيلها للقنوجي، وتيسير الوصول لابن الربيع، والتيسير على الجامع الصغير للمناوي، وشرح الإحياء لمرتضى الزبيدي وغيرها، مستعينا على ذلك بما حباه اللَّه به من تمام الحفظ وحسن الاستحضار، فما يكاد يشرع في قراءة علم حتى يصبح بعد فترة وجيزة من الأئمة المبرزين فيه، وبقي على هذه الحال من الإعداد والتكوين إلى أن أذَّن مؤذِّن الرحيل.

‌رحلته في طلب العلم:

ثم بدأت الرحلة في طلب العلم بتوجيه من والده، وكان ذلك سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة وألف وعمره لم يتجاوز التاسعة عشر، فتوجه إلى القاهرة ولازم علماء الأزهر الشريف فقرأ الآجرومية بشرح الكفراوي وابن

ص: 55

عقيل والأشموني على الألفية والسلم بشرح الباجوري وجوهرة التوحيد ومختصر خليل بشرح الدرديري وحاشية الدسوقي وصحيح البخاري وتفسير البيضاوي (على الشيخ محمد بخيت) وموطأ مالك، والتهذيب في المنطق للسعد التفتازاني، وحاشية العطار، وسمع ثلاثيات البخاري، ومسلسل عاشوراء بشرطه، والمسلسل بالأولية وقرأ قطر الندى في النحو، وشرح التحرير في الفقه الشافعي.

ولزم بيته قرابة عامين لا يخرج إلا للصلوات وعكف على خدمة الحديث الشريف، فكان لا ينام بالليل حتى يصلي الصبح والضحى.

وذاع صيته وانتشر واحتاج إليه القاصي والداني فكانت ترد إليه المسائل من كبار العلماء أمثال الشيخ محمد بخيت المطيعي والشيخ أحمد رافع الطهطاوي والشيخ يوسف الدجوي، بل إن والده رحمه الله كان في آخر عمره يحيل السائلين عليه، وكان يسأله عن صحة الأحاديث ورتبتها ويطلب منه إيضاح ذلك بالدليل، وما أكثر الأجزاء الحديثية التي ألَّفها الشيخ إلا من هذا القبيل.

ص: 56