المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كيفية معاشرة ومعاملة الزوجة الكتابية: - المسلم وحقوق الآخرين

[أبو فيصل البدراني]

فهرس الكتاب

- ‌(الحقوق العامة)

- ‌ حسن الخلق:

- ‌مشروعية حسن الخلق مع الناس جميعهم:

- ‌الفوارق بين المداراة والمداهنة:

- ‌حقوق المسلم العامة:

- ‌ فقه التعامل مع الناس:

- ‌(الحقوق الخاصة)

- ‌حكم بر الوالدين الفاسقين والمشركَين:

- ‌حدود استئذان الوالدين في الجهاد والهجرة والسفر:

- ‌حكم قطع الصلاة لأجل نداء الوالدين:

- ‌حكم طلب أحد الوالدين طلاق زوجة الابن:

- ‌حكم اعتراض الوالدين على زواج ابنهم:

- ‌فقه الاحتساب على كل من له حق على المحتسب كالوالدين والأزواج:

- ‌حكم النفقة على الأقارب الفقراء:

- ‌حكم دفع الزكاة للأقارب:

- ‌خلاصة حكم صلة القريب الفاسق والكافر:

- ‌حكم صلة القريب الكافر إذا كانت صلته تؤدي إلى محبته طبيعياً:

- ‌حكم صلة الرحم الصالحة المؤذية:

- ‌كيفية صلة الأقارب الفسَاق والكفار والمُؤذين منهم

- ‌ كيفية التوفيق بين الاحتساب وصلة الأرحام:

- ‌خلاصة فقه صلة الرحم:

- ‌حقيقة ما يُثار حول الزواج من الأقارب والتحذير منه:

- ‌كيفية معاشرة الزوجة:

- ‌ كيفية معاشرة ومعاملة الزوجة الكتابية:

- ‌حكم العدل بين الزوجات وحدوده:

- ‌فقه معاملة الناشز:

- ‌آداب الجماع:

- ‌حدود الضرب المشروع للمرأة ومحله:

- ‌كيفية مجاورة الكافر والفاسق بالحسنى:

- ‌حكم التفضيل في العطية بين الأولاد:

- ‌كيفية التعامل مع الأولاد الفساق:

- ‌(شبهات وإشكالات)

الفصل: ‌ كيفية معاشرة ومعاملة الزوجة الكتابية:

ومن حق الزوجة على زوجها أن يسكنها سكناً مستقلاً مناسباً لا تتعرض فيه لضرر والمقصود بالسكن المستقل أن يكون للزوجة حجرة مع ملحقاتها من ممر مستقل أي مدخل ومخرج ومطبخ ومكان قضاء الحاجة.

ولتعلم أنه لا مانع من أن يتزوج المسلم في بيت أهله، وذلك بشرطين:

الأول: أن ترضى الزوجة بذلك، لأن المسكن المستقل حق للزوجة، فإن تنازلت عنه جاز لها ذلك، وإن لم تتنازل عنه فهو حق لها.

الثاني: إذا رضيت الزوجة بذلك، وكان في البيت رجال أجانب عن الزوجة كالأخ ونحوه، فيجب أن تلتزم الزوجة بالحجاب الشرعي، وأن تحذر من الخلوة معهم، أو الظهور أمامهم بهيئة المتبرجة تجنباً للفتنة، وحذراً من الوقوع في الإثم، وإذا أمكن أن تجعل لزوجتك مدخلاً مستقلاً ومرافق مستقلة، فهذا أوفق لما قرره الفقهاء، لأن استقلال المرافق والمدخل والمخرج أحفظ لها وأصون.

ولتعلم أخيراً أن الزوجة لا يلزمها خدمة أم الزوج أو غيرها من أقاربه لكن إن فعلت ذلك فلا شك أنه من حسن العشرة ومكارم الأخلاق.

ومن حق الزوجة على زوجها ألا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها.

ويجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف بقدر كفايتها ما لم يضره في بدنه أو في معيشته من غير تقدير لمدة.

ولا يجوز للمرأة أن تمتنع من فراش زوجها، وإن كان عاصياً فاسقاً فإثمه على نفسه ، ولتعلم الزوجة أن الصبر على الزوج والتغافل عن زلاته من أسباب دوام العشرة، فكل بني آدم خطاء ، والإنسان مهما كملت صفاته وحسنت أخلاقه واستقامت أموره وأحواله، فلا بد أن تصدر منه بعض الهفوات والأخطاء.

وعلى كل حال ينبغي حسن الخلق مع الزوجة وكف الأذى عنها بل واحتمال الأذى عنها والحلم عند طيشها وغضبها.

وينبغي أن لا ينبسط في الدعابة وحسن الخلق والموافقة باتباع هواها إلى حد يُفسد خلقها ويُسقط هيبته بالكلية بل يراعي الاعتدال في ذلك فلا يدع الهيبة والانقباض مهما رأى منكراً ولا يفتح باب المساعدة على المنكرات ألبته بل مهما رأى ما يخالف الشرع والمروءة تنمَر وامتنع ، وعلى الجملة فبالعدل قامت السماوات والأرض فكل ما جاوز حده انعكس على ضده فينبغي أن يُسلك سبيل الاقتصاد في المخالفة والموافقة ويتبع الحق في جميع ذلك ، والطبيب الحاذق هو الذي يُقدَر العلاج بقدر الداء ، وليعامل المرأة بما يُصلحها كما يقتضيه حالها.

•‌

‌ كيفية معاشرة ومعاملة الزوجة الكتابية:

أمر الله عز وجل بمصاحبة الوالدين الغير مسلمين بالمعروف والزوجة الكتابية المحصنة الغير محاربة تُنزَل منزلة الوالدين.

- حكم إكراه الزوجة الكتابية على الدين الإسلامي:

لقد أباح الله لنا الزواج من الكتابية وليس للزوج أن يكرهها على الإسلام يقول الله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشدُ من الغي .. الآية} (البقرة 256).

- حكم ممارسة الزوجة الكتابية لدينها وإظهارها لشعائره:

ليس للزوج أن يمنع زوجته الكتابية من ممارسة دينها كالصلاة، والصيام، وقراءة كتابها المقدس لديها ، وأما ذهابها إلى الكنيسة أو المعبد، أو البيعة، أو حضور الأعياد ، فيرى الكثير من أهل العلم

ص: 47

أن للزوج منع زوجته الكتابية من الذهاب إلى المعبد أو الكنيسة أو البيعة ، لكي لا يعينها على أسباب الكفر وشعائره.

وأما حكم إدخالها للصليب في بيته أو الزنار فقد ساق ابن القيم في هذه المسألة رواية عن الإمام أحمد وهي: هل للزوج أن يمنع زوجته الكتابية أن تدخل منزله الصليب؟ قال: يأمرها، فأما أن يمنعها فلا وإذا قالت اشتري لي زناراً، فلا يشتري لها، تخرج هي تشتري، فقيل له: جاريته تعمل الزنانير؟ قال: لا. انتهى.

والسبب في عدم شراء الزنار لأن فيه إظهار لشعائر الكفر، ولا يمكّن جاريته من عمله؛ لأن العوض الذي يحصل لها صائر إليه وملك له.

وأما حكم احتفالها بعيدها في بيته فلا يجوز للمسلم أن يسمح لزوجته الكتابية بالاحتفال بعيدها في بيته لما يترتب على ذلك من المفاسد والمحرمات، وإظهار شعائر الكفر في مسكنه.

ومما ينبغي على الزوج تعريف الزوجة الكتابية بالإسلام ودعوتها إليه وتوضيح شعائره لها ، وبعد أن يقوم المسلم بتعريف واسع للإسلام وسماحته لزوجته فعليه أن يأمرها باحترام وتقدير هذا الدين العظيم ولا يتنازل الزوج عن ذلك أبداً، وأرى أن يشترط الزوج في بداية زواجه منها شرطاً مفاده أن تحترم هذا الدين وتقّدر شعائره.

- حكم إبقاء المصحف عند الزوجة الكتابية وتمكينها من لمسه والقراءة فيه وتعليمها إياه:

يجوز للمسلم أن يترك المصحف عند زوجته الكتابية إن أمن أنها لن تناله بسوء وله أن يمكنها من قراءته بحائل لعلها تهتدي بنوره وتدخل في الإسلام.

- حكم دخول الزوجة الكتابية مكة والمدينة:

لا يجوز للزوجة الكتابية أن تدخل منطقة الحرم كلها، أما منطقة الحجاز والجزيرة العربية فيجوز لها ذلك لأنها في حكم المستأمن إضافة إلى أن الله قد أباح النكاح من الكتابيات والمسلم قد يحتاج أن يسافر بأهله لمنطقة الحجاز ولا شك أن الزوجة تبع لزوجها ولعل القول بالتحريم فيه مشقة على الزوج والله أعلم وأحكم.

- حكم صلة أقارب الزوجة الكتابية:

الأصل في ذلك قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} (سورة الممتحنة آية 8).

وأما حكم تهنئة الزوجة الكتابية:

فإذا كانت التهنئة بشعائر الكفر المختصة بدينها فإنها حرام أما تهنئه الزوجة في الأمور المشتركة مثل قدوم المولود، أو عافية، ونحو ذلك فجائزة.

وأما حكم إلقاء السلام على الزوجة الكتابية وردّه عليها:

ذهب جمع من السلف إلى جواز إلقاء السلام على المخالفين من أهل الكتاب والمشركين أما الرّد على السلام إذا ألقته الزوجة الكتابية فقد ذهب جماعة من السلف إلى جواز الرد على الكفار بـ (وعليكم السلام).

- حكم قبول هدية الزوجة الكتابية والإهداء إليها:

الأصل في ذلك ما رواه البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها سواء من أهل الكتاب أو المشركين.

- حكم تشميت الزوجة الكتابية إذا عطست:

ص: 48

يجوز تشميت الزوجة الكتابية إذا عطست وحمدت الله تعالى فيقول لها الزوج يهديكم الله ويصلح بالكم.

- حكم رقية الزوجة الكتابية:

يجوز للزوج المسلم رقية زوجته الكتابية ولعلها تسلم حينما ترى بركة القرآن ونزول الشفاء عليها بإذن الله تعالى.

- كيفية تربية الأولاد مع الزوجة الكتابية:

حينما أجاز الشرع أن يتزوج المسلم بالكتابية، فإن ذلك مبني على الخضوع لأحكامه، فالرجل له القوامة على المرأة، وبالتالي لا يدعها تتصرف كيفما شاءت في أمور البيت أو في تربية الأطفال على ما يخالف الإسلام.

وينبغي للمسلم أن ينظر في المحذورات المتوقعة من هذا الزواج ويتفق مع المرأة على تفاديها كأن يتفق معها على ما يلي:

1 -

قوامته على البيت وعدم منازعتها له وأن تكون تربية الأولاد على الدين الإسلامي ولا يتنازل عن ذلك قيد أنملة.

2 -

في حال الطلاق تكون الحضانة له.

3 -

عدم ممارستها لدينها أمام الأولاد أو إظهار شيء من شعائره.

4 -

عدم دعوتها للأولاد إلى دينها.

5 -

عدم اصطحابها الأولاد إلى أماكن العبادة الخاصة بدينها وعدم الخروج بهم أو السفر بهم بدون إذن الزوج.

6 -

حرصها على تنشئتهم على الأخلاق الحسنة ، وبالنسبة لتعليمهم ودراستهم لا تكون إلا عن طريق الزوج ، وبالنسبة لزواجهم فيما بعد لا يكون إلا عن طريق الزوج أيضاً.

7 -

عدم خضوع الزوج للقوانين التي تخالف الدين الإسلامي وخاصة فيما يتعلق بالأطفال.

8 -

حرصها على نفسها، وعفتها، وعلى الزوج، وعلى البيت، والأولاد، والأمانة في ذلك والصدق في التعامل.

- حكم أمر الزوجة الكتابية بالحجاب:

يلزم الزوج أمر زوجته بالحجاب، ولو كانت كتابية؛ لأن معرة سفورها وتبرجها راجع عليه. وللزوج أن يأمر زوجته بما تراه مباحا، ويراه هو واجبا، ويلزمها طاعته في ذلك.

- حكم أمر الزوجة الكتابية بالامتناع من شرب الخمر وأكل الخنزير:

الذي لا يحق للزوج المسلم منع زوجته الكتابية منه هو ما تراه واجبا عليها في دينها ولو كان فعلها له يضيع عليه شيئاً من حقوقه، كما أنه ليس له إجبارها على فعل ما تراه محرماً عليها في دينها ولو فوت عليه شيئاً من حقوقه، وأما بخصوص المسألة المشار إليه أعلاه ، فقد ذهب كثير من العلماء إلى أن المسلم إذا تزوج كتابية فله منعها من شرب الخمر ، وأكل لحم الخنزير ، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة، وهو قول جماعة من الحنفية.

قال في "البحر الرائق" –حنفي- (3/ 111) ناقلا عن بعض الحنفية: " إن المسلم له أن يمنع زوجته الذمية من شرب الخمر كالمسلمة لو أكلت الثوم والبصل وكان زوجها يكره ذلك، له أن يمنعها. وهذا هو الحق كما لا يخفى " انتهى.

ص: 49