المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌استيلاء المظفر قطز على السلطنة: - المماليك البحرية وقضائهم على الصليبيين في الشام

[شفيق جاسر أحمد محمود]

الفصل: ‌استيلاء المظفر قطز على السلطنة:

ثم دب الخلاف بين أيبك وزوجته شجر الدر، بسبب تسلطها وشدة غيرتها عليه، فحاول أن يتزوج من ابنة بدر الدين لؤلؤ الأتابكي صاحب الموصل، نكاية بها خصوصا وقد شعر بتآمرها مع أنصارها من المماليك البحرية عليه وعلى مماليكه المعزية1.

وعندما علمت شجر الدر بخطة هذا الزواج، ازدادت معارضتها وتآمرها مع المماليك البحرية وضوحا وتحديا، مما دفعه لسجن من بقي من هؤلاء المماليك في القاهرة، متحديا بذلك شجر الدر، مما جعلها تقرر قتله، وتتصل سرا بالملك الناصر في دمشق تعرض عليه التعاون معها في ذلك، وأن يتزوجها ويشركها معه في السلطة مقابل تسليمه مصر، ولكن الناصر لم يتحمس لهذا العرض ظانا أنه خدعة منها2. وعَلم بدر الدين لؤلؤ بأخبار هذا الاتصال بين شجر الدر والناصر يوسف، فقام بإعلام أيبك به، فاحتاط لنفسه من غدر شجر الدر، وقرر في طويته قتلها، ولم تلبث شجر الدر أن سبقته في تنفيذ عزمها بأن تحايلت عليه، فاستدعته إلى القلعة- بعد أن كان هجرها إلى مناظر اللوق- ودست إليه خمسة من غلمانها فقتلوه في الحمام، وذلك في 23 ربيع الأول 655هـ (1257م) 3.

1 المقريزي، السلوك:1/ 395، والمعزية نسبةَ إليه (معز الدين أيبك) .

2 المقريزي، السلوك:1/ 402.

3 أبو المحاسن، النجوم: 6/375- 376. أبو الفداء، المختصر: 6/95، 096 المقريزي، السلوك 1/403.

ص: 122

‌استيلاء المظفر قطز على السلطنة:

عندما علم المماليك المعزية بوفاة سيدهم في القلعة، حامت شكوكهم حول زوجته شجر الدر، لما كانوا يعلمونه من خصام بينها وبينه، فصعدوا إلى القلعة ليحققوا في سبب وفاته، فعلموا بالحقيقة، لذلك حاولوا قتلها، وكادوا ينجحون في ذلك لولا تدخل بعض المماليك الصالحية، الذين نقلوها على عجل إلى البرج الأحمر في القلعة حماية لها4، أما المماليك المعزية فقاموا بتعيين الطفل نور الدين علي ابن معز الدين أيبك مكان أبيه باسم الملك المنصور، وكان عمره خمس عشرة سنة5، وعينوا قطز أتابكا له وذلك رغم معارضة المماليك الصالحية، ورغم تعيين الأمير علم الدين سنجر الحلبي نفسه نائبا للسلطنة، فقد

4 أبو المحاسن، النجوم: 6/ 377.

5 أبو المحاسن، النجوم: 6/ 376.

ص: 122

رفض المعزية تأييد سنجر وقاموا باعتقاله وولوا قطز هذا المنصب1، وقيل إن شجر الدر فور قتلها للسلطان معز الدين أيبك قد عرضت السلطنة على عدد من الأمراء، ولكنهم رفضوها خوفا من المماليك المعزية2.

وكان أول عمل قام به السلطان علي وأتابكه قطز، هو الأمر بقتل السلطانة السابقة شجر الدر، وذلك بتحريض من والدته، بعد أن ضعف شأن حماتها من المماليك الصالحية، فأمر بحملها إلى أمه حيث أمرت بقتلها، بأن أمرت جواريها "فضربتها الجواري بالقباقيب إلى أن ماتت، وألقوها عن سور القلعة إلى الخندق، وليس عليها سوى سروال وقميص. فبقيت في الخندق أياما. أخذ بعض أراذل العامة تكة سراويلها، ثم دفنت بعد أيام وقد نتنت، فحملت في قفة إلى تربتها قريب المشهد النفيسي"3.

وكان أول خطر واجه قطز هو محاولة المغيث صاحب الكرك الاستيلاء على مصر في عامي 655_656 هـ (1257_1258م) بمعاونة المماليك البحرية الفارين من مصر. ولكن قطز قضى على هاتين المحاولتين ثم قام بعزل السلطان علي بن معز الدين أيبك، مستغلا في ذلك ما أصاب المصريين من ارتباك أثر سماعهم بما حل ببغداد، وبنوايا التتار تجاههم، ووصولهم إلى حلب. وتم له ذلك في عام 657 هـ (1258م) ، حيث عزله ونفاه مع أمه وإخوانه4. وبدأ قطز في إعداد مصر للتصدي للخطر المغولي، وتمكن بفضل الله كما سنبين فيما بعد من التصدي للمغول وهزيمتهم في معركة عين جالوت الحاسمة في الخامس عشر من رمضان عام 658 هـ (. 126م) . وبعد أن رتب الأوضاع في الشام عاد إلى مصر التي استعدت لاستقباله استقبال الفاتحين، ولكن أعداءه الألداء من المماليك قتلوه غيلة في قرية القصير إحدى قرى مركز فاقوس، بمديرية الشرقية، وذلك في السابع عشر من ذي الحجة

1 ذكر جوزيف نسيم في كتابه " العدوان الصليبي على بلاد الشام" ص 140، حاشية 1 ما موجزه: إن هناك خلافات بين المؤرخين حول نهاية الدولة الأيوبية وبداية الدولة المملوكية، فقد ذكر الغزي في (تاريخ حلب: 3/126) أن الصالح نجم الدين أيوب هو آخر الملوك الأيوبيين. كما ذكر آخرون أن آخرهم هو ابنه تورانشاه. (نهاية الأرب: جـ7) لوحة 95. المقريزي: السلوك: جـ1 قسم 2 ص 361) كما رأى فريق ثالث أن الطفل الملك الأشرف موسى هو آخر الملوك الأيوبيين (عقد الجمان: جـ 8 قسم 2 لوحة33، العبر: 5/363، المختصر: 3/199) . وذكر فريق رابع أن معز الدين أيبك هو أول ملوك الترك. (السيوطي: الأشرف قايتباي ورقة 13/ب) . وذكر آخرون أن شجر الدر هي آخر الأيوبيين باعتبارها زوجة الملك الصالح.

انظر: جوزيف نسيم: العدوان الصليبي على الشام ص140، والأصح أن تورانشاه هو آخر الأيوبيين وشجر الدر أول المماليك.

2 أبو المحاسن، النجوم: 6/375.

3 المقريزي، السلوك: 1/404.

4 ابن كثير (ت 774هـ) ، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل، البداية والنهاية، 14 جزءاً: 13/216، دار الفكر العربي.

ص: 123