المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بم يعتذر عمن وجد له من الأئمة الأربعة وغيرهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه - أهمية العناية بالتفسير والحديث والفقه

[عبد المحسن العباد]

الفصل: ‌بم يعتذر عمن وجد له من الأئمة الأربعة وغيرهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه

وقوله: "لا تقلدني، ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا"

وانظر مقدمة صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للألباني (ص: 23-37) ، وهذه النقول عن الأئمة الأربعة رحمهم الله تدل على ورعهم وفقههم وإنصافهم، ومن المتعين على كل ناصح لنفسه الأخذ بهذه الوصايا، وتقدّم قريباً في كلام ابن القيم قوله:"فمن عرض أقوال العلماء على النصوص ووزنها بها وخالف منها ما خالف النص لم يُهدر أقوالهم ولم يهضم جانبهم، بل اقتدى بهم؛ فإنهم كلهم أمروا بذلك، فمتبعهم حقاً من امتثل ما أوصوا به لا من خالفهم"

ص: 41

‌بم يُعتذر عمن وُجد له من الأئمة الأربعة وغيرهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه

.

وهذه الوصايا المذكورة في كلام الأئمة الأربعة تدل على فضلهم ونبلهم واتباعهم للسّنّة ودعوة

ص: 41

غيرهم إلى اتباعها وألاّ يصار إلى أقوالهم وأقوال غيرهم إذا وُجد سنّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلافها، ومن وُجد له من الأئمة الأربعة وغيرهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه، فإن لهم في ذلك أعذاراً أوضحها العلماء، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد ألّف في ذلك رسالة خاصّة وهي (رفع الملام عن الأئمة الأعلام)، قال فيها: ((وليُعلم أنه ليس أحد من الأئمة المقبولين قبولاً عاماً يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنّته، دقيق ولا جليل؛ فإنهم متفقون اتفاقاً يقينياً على وجوب اتباع الرسول، وعلى أن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويُترك إلاّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا وُجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه، فلابد له من عذر في تركه، وجميع الأعذار ثلاثة أصناف: أحدها: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، والثاني: عدم اعتقاده إرادة تلك المسألة

ص: 42

بذلك القول، والثالث: اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ، وهذه الأصناف الثلاثة تتفرّع إلى أسباب متعددة"

فذكرها وهي عشرة أسباب، وهذه الرسالة تقع ضمن مجموع فتاوى شيخ الإسلام (20/231-290) .

وهي رسالة مختصرة قليلة المبنى واسعة المعنى أثنى عليها الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي المتوفى سنة (1332هـ)، في كتابه (الجرح والتعديل ص:26) ، فقال:((ومن أنفع ما ألف في هذا الباب كتاب (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) ، لشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله، فإنه جدير لو كان في الصين أن يرحل إليه، وأن يُعض بالنواجذ عليه، فرحم الله من أقام المعاذير للأئمة، وعلم أن سعيهم إنما هو إلى الحق والهدى)) .

ص: 43