المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهمية العناية بالحديث - أهمية العناية بالتفسير والحديث والفقه

[عبد المحسن العباد]

الفصل: ‌أهمية العناية بالحديث

بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين".

وفي صحيح مسلم أيضاً (223) من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الطهور شطر الإيمان" وفي آخره: "والقرآن حجّة لك أو عليك".

وخير ما يفسّر به القرآن القرآن، ثم سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم كلام السلف من الصحابة والتابعين بإحسان، وأهم الكتب في ذلك: تفسير الإمام محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة (310هـ) ، وتفسير الحسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة (516هـ) ، وتفسير إسماعيل بن كثير المتوفى سنة (774هـ) ، وكتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن لشيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي المتوفى سنة (1393هـ) .

ص: 8

‌أهمية العناية بالحديث

وأما الحديث ـ وهو مرادف للسّنّة عند عطفها على الكتاب ـ فهو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو

ص: 8

فعل أو تقرير أو وصف خُلُقي أو خَلْقي، وهو وحي من الله أوحاه الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3-4] ، وفي صحيح البخاري (1454) كتاب أبي بكر إلى أنس الطويل في بيان فرائض الصدقة، وفي أوله قال:"هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله"، وروى مسلم في صحيحه (1885) عن أبي قتادة أنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم، فذكر لهم:"أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت إن قتلتُ في سبيل الله تكفَّر عنّي خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم! إن قتلتَ في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، إلاّ الدَّين؛ فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك" ورواه النسائي (3155) عن أبي هريرة، وفي

ص: 9

آخره: "نعم! إلاّ الدَّين، سارَّني به جبريل آنفاً"، وفي صحيح البخاري (1789) ومسلم (1180) عن يعلى ابن أمية في قصّة الرجل الذي عليه جبّة وهو متضمخ بالخلوق، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة:"كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ " فنزل عليه الوحي، وفي آخر الحديث:"فلما سُرِّي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أين السائل عن العمرة؟ اخلع عنك الجبّة، واغسل أثر الخلوق منك، وأنق الصفرة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجّك"

والعمل بالسّنّة والحديث لازم كالعمل بالقرآن، قال الله عز وجل:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7]، وقال:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء:59]،وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ

ص: 10

وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:36]، وقال:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63] .

وتتبين أهمية العناية بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنّته في قوله صلى الله عليه وسلم: "نضّر الله امرءاً سمع منّا حديثاً فحفظه حتى يبلّغه، فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه" رواه أبو داود (3660) وهذا لفظه، والترمذي (2656) ، وابن ماجه (230) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، وهو حديث متواتر، جاء عن أكثر من عشرين صحابياً، ذكرت رواياتهم وما اشتمل عليه من الفقه في كتابي" دراسة حديث نضّر الله امرءاً سمع مقالتي رواية ودراية"، وفي هذا الحديث بيان فضل من اشتغل بسنّة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوة العظيمة، وقال العرباض بن سارية رضي الله عنه: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 11

موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، قال قائل: يا رسول الله! كأن هذه موعظة مودّع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال:"أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء المهديين الراشدين تمسّكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" رواه أبو داود (4607) ـ وهذا لفظه ـ والترمذي (2676) ، وابن ماجه (43-44)، وقال الترمذي:((حديث حسن صحيح)) ، وروى مسلم في صحيحه (867) عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يوم الجمعة قال:" أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فمن رغب عن سنّتي فليس منّي" رواه

ص: 12

البخاري (5063) ومسلم (1401)، وروى البخاري في صحيحه (7280) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كل أمّتي يدخلون الجنّة إلاّ مَن أبى، قالوا: يا رسول الله! ومَن يأبى؟ قال: مَن أطاعني دخل الجنّة، ومَن عصاني فقد أبى".

وأهم الكتب المؤلفة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتب السّتّة وهي: صحيح الإمام البخاري المتوفى سنة (256هـ) ، وصحيح الإمام مسلم المتوفى سنة (261هـ) ، وسنن أبي داود المتوفى سنة (275هـ) ، وسنن الترمذي المتوفى سنة (279هـ) ، وسنن النسائي المتوفى سنة (303هـ) ، وسنن ابن ماجه المتوفى (273هـ) ، وقد لقيَت هذه الكتب من العلماء عناية خاصة، وكتبتُ في ذلك رسالة مختصرة بعنوان:"كيف نستفيد من الكتب الحديثية السّتّة"، ذكرت فيها جملة من كلامهم وجهودهم في هذه الكتب.

ص: 13