الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلماء المشهورين بالفقه: الإمام عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي فقيه الشام ومحدثها المتوفى سنة (157هـ) ، والإمام سفيان بن سعيد الثوري فقيه الكوفة ومحدثها المتوفى سنة (161هـ) ، وهو ممن وُصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، والإمام الليث بن سعد فقيه مصر ومحدثها المتوفى سنة (175هـ) ، والإمام إسحاق ابن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي المتوفى سنة (238هـ) ، وهو ممن وُصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وكان الإمام الترمذي يورد في جامعه أقواله في مسائل الفقه، وكثيراً ما كان يقرنه بالشافعي وأحمد أو أحدهما.
الرجوع إلى كتب الفقه والاستفادة منها
وطالب العلم كما يرجع إلى كتب شروح الحديث المشتملة على بيان ما يستنبط من الأحاديث، ينبغي له أن يرجع إلى الكتب المدونة في الفقه للاستفادة منها؛
وذلك لمعرفة الأقوال وأدلتها وما يترجح منها وفقاً للدليل، والكتب في فقه المذاهب الأربعة كثيرة، منها المختصر، ومنها المطوّل، وأوفى هذه الكتب وأشملها كتاب (المغني) للإمام ابن قدامة المقدسي المتوفى سنة (620هـ) ، وكتاب (المجموع شرح المهذب) للإمام النووي المتوفى سنة (676هـ) ، وكتاب (الاستذكار) لأبي عمر بن عبد البر المتوفى سنة (463هـ) ، وذلك لاشتمال هذه الكتب الثلاثة على فقه الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب الأربعة وغيرهم.
قال الإمام ابن القيم في كتاب الروح (395-396) : "فمن عرض أقوال العلماء على النصوص ووزنها بها وخالف منها ما خالف النص لم يُهدر أقوالهم ولم يهضم جانبهم، بل اقتدى بهم؛ فإنهم كلهم أمروا بذلك، فمتبعهم حقاً من امتثل ما أوصوا به لا من خالفهم؛ فخلافهم في القول الذي جاء النص
بخلافه أسهل من مخالفتهم في القاعدة الكلية التي أمروا ودعوا إليها من تقديم النص على أقوالهم، ومن هنا يتبين الفرق بين تقليد العالم في كل ما قال، وبين الاستعانة بفهمه والاستضاءة بنور علمه، فالأول يأخذ قوله من غير نظر فيه ولا طلبٍ لدليله من الكتاب والسّنّة، بل يجعل ذلك كالحبل الذي يلقيه في عنقه ويقلده به، ولذلك سمي تقليداً، بخلاف من استعان بفهمه واستضاء بنور علمه في الوصول إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه، فإنه يجعلهم بمنزلة الدليل إلى الدليل الأول، فإذا وصل إليه استغنى بدلالته عن الاستدلال بغيره، فمن استدل بالنجم على القبلة فإنه إذا شاهدها لم يبق لاستدلاله بالنجم معنى، قال الشافعي:"أجمع الناس على أن من استبانت له سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد"
ومع رجوع طالب العلم إلى كتب الفقهاء
للاستفادة منها، عليه أن يوقرهم ويسلك طريق الاعتدال فيهم، فلا يتعصب لأحد منهم، ولا يجفو فيهم، بل يذكرهم بالجميل اللائق بهم، وقد قال الإمام الطحاوي في عقيدة أهل السّنّة والجماعة:"وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين، أهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر، لا يُذكرون إلاّ بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل".
وقال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان (7/555) : "اعلم أن موقفنا من الأئمة رحمهم الله من الأربعة وغيرهم هو موقف سائر المسلمين المنصفين منهم، وهو موالاتهم ومحبتهم وتعظيمهم وإجلالهم والثناء عليهم بما هم عليه من العلم والتقوى، واتباعهم في العمل بالكتاب والسّنّة، وتقديمهما على رأيهم، وتعلُّم أقوالهم والاستعانة بها على الحق، وترك ما خالف الكتاب والسّنّة منها.
وأما المسائل التي لا نص فيها، فالصواب النظر في اجتهادهم فيها، وقد يكون اتباع اجتهادهم أصوب من اجتهادنا لأنفسنا؛ لأنهم أكثر علماً وتقوى منّا، لكن علينا أن ننظر ونحتاط لأنفسنا في أقرب الأقوال إلى رضى الله، وأحوطها وأبعدها من الاشتباه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وقال:"فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".
وحقيقة القول الفصل في الأئمة رحمهم الله أنهم من خيار المسلمين، وأنهم ليسوا معصومين من الخطأ، فكل ما أصابوا فيه فلهم فيه أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وما أخطأوا فيه فهم مأجورون على كل حال، لا يلحقهم ذم ولا عيب ولا نقص في ذلك، ولكن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم حاكمان عليهم وعلى أقوالهم كما لا يخفى.
فلا تغل في شيء من الأمر واقتصد
كلا طرفي قصد الأمور ذميم