الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشتهار مذاهب الأئمة الأربعة في الفقه دون غيرهم
الذين اشتهروا في الفقه كثيرون، ذكر ابن القيم في أول كتابه إعلام الموقعين عدداً كبيراً من الصحابة والتابعين ومن بعدهم اشتهروا بالفقه والفتوى.
ومن أشهر الذين اشتهروا بالفقه الأئمة الأربعة، وهم: الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت المتوفى سنة (150هـ) ، والإمام مالك بن أنس المتوفى سنة (179هـ) ، والإمام محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة (204هـ) ، والإمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة (241هـ)، وقد نظم تاريخ وفياتهم بالحروف الأبجدية الشاعر فقال:
فنعمانهم (قن) و (طعق) لمالك
وللشافعي (در) و (رام) ابن حنبل (1)
(1) لما توفي الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله سنة (1389 هـ) وكان مفتي المملكة العربية السعودية ورئيس قضاتها قبل إنشاء وزارة العدل ورئيس كل من الجامعة الإسلامية بالمدينة ورابطة العالم الإسلامي بمكة والكليات والمعاهد العلمية التي أطلق عليها فيما بعد اسم: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وكان طوداً شامخاً ذا هيبة ووقار، وتثبت وأناة، وهو ممن يصدق عليه قول الشاعر، يرثي قيس بن عاصم التميمي رضي الله عنه:
وما كان قيس هلكه هلك واحد
ولكنه بنيان قوم تهدما
لما توفي رحمه الله تكلفت ـ ولم أكن شاعراً ـ نظم ثلاثة أبيات، اشتمل الأخير منها على ذكر سنة وفاته بالحروف بلفظ الدعاء فقلت:
سماحة الشيخ العظيم المنزله
الثاقب الرأي بحل المشكله
مفتي الديار رأس كل قضاتها
مع دور علم الشرع كل أنَّ له
وفاته بأحرف أرَّختها
فقلت (جُدْ جَوادُ واغفر لي وله)
ومعنى (كل أنَّ له) أي حزن لوفاته، وهذه الأبيات الثلاثة هي كل الذي لي من الشعر، فلم أنظم شعراً قبلها ولا بعدها.
وقد اشتهر الإمام أبو حنيفة بكنيته، وأما الثلاثة الباقون، فكل منهم يكنى بأبي عبد الله، والشافعي تلميذ لمالك، وأحمد تلميذ للشافعي، وقد وردت رواية بعضهم عن بعض في مسند الإمام أحمد (15778) ،
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن إدريس ـ يعني الشافعي ـ عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنّة، حتى يرجعه الله تبارك وتعالى إلى جسده يوم يبعثه"، وقد أورده الإمام ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى:{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:169]، وقال:"وهو بإسناد صحيح عزيز عظيم، اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة"
وقد اشتهر بالفقه والفتوى جماعة من العلماء في زمن الأئمة الأربعة ولم تشتهر مذاهبهم كما اشتهرت مذاهب الأئمة الأربعة؛ لأن الأئمة الأربعة صار لهم تلاميذ وأتباع اعتنوا بجمع أقوالهم وترتيبها وتحريرها وتدوينها، ولم يحصل مثل ذلك لغيرهم، ومن هؤلاء