الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنصوب على التقريب
إعداد د/ إبراهيم بن سليمان البعيمي
الأستاذ المساعد في كلّيّة اللغة العربيّة
مقدمة
الحمد لله منزل الكتاب بلسان عربي مبين لم يجعل له عوجاً، أنزله على خير خلقه أفصح من نطق بالضاد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك نبي الهدى والرحمة نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه إلى يوم البعث.
أمّا بعد: ففي ليلة من الليالي كنت أُهاتف زميلاً لي في القسم وتطرَّقَ الحديث بيننا إلى المنصوب على التقريب عند الكوفيين، وأنه من المصطلحات الطريفة الجديرة بإفرادها بالبحث فأشار عليَّ أن أنتدب لهذه المَهَمَّةِ قلمي وأكتب فيه ما يوضح ذلك المصطلح ويجليه للقُرّاء ولاسيمّا أنَّ كثيراً من طلبة العلم يخفى عليهم المراد منه فقلت: له عليك به، فاعتذر بما لديه من أعمال تشغله عن الكتابة فيه، فاستعنت بالله تعالى وأخذت أنقِّب عن ما دوِّن حوله فإذا أطول ما كُتب عنه لا يزيد عن وريقات معدودات في تعريفه أو عرض موجز لأحكامه دون بسط وتوضيح شاف لها، ثم رجعت إلى المصادر الأصيلة أستقرئها، وأستنبط منها ما أُهمل، أو أوجز في أحكامه؛ فإذا به بادئ الأمر يستحق أن يفرد ببحث، وبعد أن استوى الموضوع على سوقه من خلال القراءة والموازنة بين الآراء اتضح لي أنه كما قال جريرٌ عن شعر ذي الرُّمة: نقط عروس وأبعار ظباء، وأكبرت عندها البصريين وعلمت أنَّ سرَّ انتشار مذهبهم واستمراره؛ إنما هو من قوّة قواعدهم التي بنوا مذهبهم عليها، وأن العلماء المتأخرين وازنوا بين المذهبين فتبيَّن لهم رجحان المذهب البصري فأخذوا به.
من خلال هذا البحث أوضحت قواعد النصب على التقريب عند الكوفيين من مؤلفاتهم: تعريفه، وشروط إعماله عندهم، وموانعه، وأحكامه، والفرق بينه وبين الحال في مذهبهم، ثم الفرق بين الحال والقطع عندهم، وما يعمل وما لا يعمل من أسماء الإشارة، وتتبَّعت القرآن أستنبط منه الشواهد فتحقق لي منه والحمد لله ما لم أسبق إليه، وكذلك من كلام العرب المبثوث في المصادر الموثوق بها، ثم عرّجت على كتب البصريين أستقرئها، وأُوازن بينها وبين ما عند الكوفيين فأبرزت السبب المانع الذي جعل البصريين لا يقرّون بالتقريب ولا يقولون به رغم جعجعة ثعلب واتهامه سيبويه بأنه لا يعرف التقريب عندما يقول:"قال سيبويه: هذا زيد منطلقاً فأراد أن يخبر عن هذا بالانطلاق ولا يخبر عن زيد، ولكنه ذكر زيداً ليُعْلَمَ لمن الفعل. قال أبو العباس: وهذا لا يكون إلا تقريباً وهو لا يعرف التقريب"1.
وذاك السبب هو الذي جعل القول بإعمال التقريب يموت وليداً؛ حتى إنَّ ابن شقير البغدادي تلميذ ثعلب لا يذكر التقريب في كتابه "المُحلَّى وجوه النصب"، بل يعده حالاً كما يقول البصريون، لا خبراً لاسم الإشارة كما يقول الكوفيون، وإن كان يستعمل مصطلح "قطع" بدل حال والقطع مصطلح كوفي يقابله عند البصريين الحال.
وقد جعلت البحث في فصلين:
الفصل الأول: التقريب عند الكوفيين
وتحته مباحث:
المبحث الأول: تعريفه.
المبحث الثاني: شروط إعماله.
1 مجالس ثعلب: 43.
المبحث الثالث: التقريب وضمير الفصل.
المبحث الرابع: توسيط الخبر.
المبحث الخامس: تقديم معمول الخبر عليه.
المبحث السادس: مجيء الخبر معرفة.
المبحث السابع: مجيء الخبر جملة.
المبحث الثامن: دخول العوامل اللفظية على عامل التقريب.
المبحث التاسع: حكم التقريب.
المبحث العاشر: القياس في إعمال اسم الإشارة.
المبحث الحادي عشر: العامل من أسماء الإشارة.
المبحث الثاني عشر: التقريب والحال عند الكوفيين.
المبحث الثالث عشر: الحال والقطع عند الفراء.
الفصل الثاني: البصريون والتقريب.
وتحته مباحث:
المبحث الأول: التقريب عند سيبويه.
المبحث الثاني: الحال والتقريب عند البصريين:
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أقسام الحال من حيث التبيين والتأكيد.
المطلب الثاني: التقريب عند البصريين.
المبحث الثالث: رأي البصريين في القريب.
المبحث الرابع: عامل الحال المضمَّن عند البصريين.