الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس: مجيء الخبر معرفة
لا يشترط الكوفيون في الخبر التنكير بل يجوز عندهم أن يكون الخبر معرفة قال أبو حيّان: "وأجازوا التعريف في الخبر فيقولون: وهذا الخليفة القادم"1 وألمح إلى ذلك ثعلبٌ دون تصريح عندما قال: "وقال الكسائي: سمعت العرب تقول: هذا زيد إياه بعينه فجعله مثل كان"2 فزيد اسم التقريب، وإيّاه خبر التقريب وهو ضمير أعرف المعارف وقال الفراء:"والعرب تنصب الاسم المعرفة في هذا وذلك وأخواتهما"3، وقال ثعلب أيضاً:"وهم يسمُّون هذا زيدٌ القائمَ تقريباً، أي قرب الفعل به"4 فاسم التقريب وخبره هنا معرفتان.
1 ارتشاف الضرب: 2/ 73.
2 مجالس ثعلب: 43.
3 معاني القرآن: 2/ 168.
4 مجالس ثعلب: 359.
المبحث السابع: مجيء الخبر جملة
هل يصح في التقريب أن يكون خبره جمل؟
لم يتعرض الكوفيون لهذه المسألة لا بإثبات ولا بنفي، وإن كنت أرى الجواز إذ ما المانع من ذلك ويجعل منه قوله تعالى:{هَذا كِتابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ} 1 بجعل جملة (ينطق) هي خبر التقريب، والمعربون للقرآن أجازوا فيها أن تكون حالاً، وأن تكون خبراً لاسم الإشارة و (كتابنا) بدل أو عطف بيان، أوجملة (ينطق) خبر ثانٍ، والجار والمجرور (بالحق) حال، وجعلوا العامل في الحال اسم الإشارة قال المنتجب: "وقوله: {هَذا كِتَابُنَا يَنْطِقُ} هذا مبتدأ، وكتابنا خبره، وينطق يجوز أن يكون خبراً بعد خبر، وأن يكون هو الخبر،
1 الجاثية: 29.
وكتابنا بدل من هذا أو عطف بيان له، وأن يكون في موضع الحال من الكتاب والعامل في (هذا) معنى الفعل"1.
فبما أنه جاز في جملة (ينطق) أن تكون حالاً على مذهب البصريين، والعامل في الحال حينئذٍ اسم الإشارة، فما المانع أن تكون على مذهب الكوفيين خبراً للتقريب ولاسيما أن شروط التقريب عندهم منطبقة هنا إذ الكتاب لا ثاني له في الوجود، وهو معرفة بإضافته إلى الضمير، والمراد هنا - والله أعلم - إعلام الأمم بأن كتاب الله شاهد عليها وليس المراد إعلامهم بأن هذا هو كتاب الله لأنهم كانوا يجهلون ذلك، فشروط التقريب هنا متحققة، فما المانع من جعله خبراً للتقريب، ومن ثَمّ القول بصحة أن يكون خبر التقريب جملة.
وكذلك قوله تعالى: {وَتلْكَ حُدُوْدُ اللهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْم يَعْلَمُوْنَ} 2 وقوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللهِ نَتلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} 3 وقوله تعالى: {تِلْكَ الرّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} 4 وقوله تعالى: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} 5 وقوله تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاها إبْرَاهِيْمَ عَلَى قَوْمِهِ} 6 وقوله تعالى: {تِلْكَ القُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أنْبَائِهَا} 7، وقوله تعالى:{هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُوْنِهِ آلِهَةً} 8 وقوله تعالى: {وَتِلْكَ القُرَى أهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} 9.
1 الفريد في إعراب القرآن المجيد: 4/ 287.
2 البقرة: 230.
3 البقرة: 252.
4 البقرة: 253.
5 أل عمران: 140.
6 الأنعام: 83.
7 الأعراف: 101.
8 الكهف: 15.
9 الكهف: 59.