المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: في حث الإسلام على العمل والكسب الحلال - أهمية دراسة السيرة النبوية والعناية بها في حياة المسلمين

[محمد بن محمد العواجي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌تمهيد:

- ‌أهمية دراسة السيرة النبوية من الناحية الدينية (المنهج الدعوي)

- ‌الأمر الأول: في المراحل الدعوية

- ‌الأمر الثاني: التركيز على الجانب العقدي

- ‌الأمر الثالث: أنّ السيرة النبوية مصدر مَعِين لمن يريد التبحر في علوم الشريعة

- ‌المبحث الثاني: أهمية دراسة السيرة النبوية من الناحية الاجتماعية

- ‌المطلب الأول: في كيفية تعامله صلى الله عليه وسلم مع خصومه من الكفار وصبره على أذاهم

- ‌المطلب الثاني: في كيفية تعليمه صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة وتربيته لهم

- ‌المطلب الثالث: في كيفية تعامله صلى الله عليه وسلم مع بعض المشكلات الاجتماعية

- ‌المبحث الثالث: أهمية دراسة السيرة النبوية من الناحية السياسية

- ‌المبحث الرابع: أهمية دراسة السيرة النبوية من الناحية الاقتصادية

- ‌المطلب الأول: في حث الإسلام على العمل والكسب الحلال

- ‌المطلب الثاني: اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالنواحي الاقتصادية

- ‌المبحث الخامس: أهمية دراسة السيرة النبوية من الناحية العسكرية

- ‌المطلب الأول: في الغاية من إنشاء الجيوش العسكرية

- ‌المطلب الثاني: في الضوابط التي وضعها الشارع للجيش الإسلامي

- ‌المطلب الثالث: الاهتمام بافتناء السلاح

- ‌المطلب الرابع: في التنظيم العملي للجيش الإسلامي

- ‌الخاتمة:

الفصل: ‌المطلب الأول: في حث الإسلام على العمل والكسب الحلال

‌المبحث الرابع: أهمية دراسة السيرة النبوية من الناحية الاقتصادية

‌المطلب الأول: في حث الإسلام على العمل والكسب الحلال

المبحث الرابع: أهمية دراسة السيرة النبوية من الناحية الاقتصادية

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: في حث الإسلام على العمل والكسب الحلال.

المطلب الثاني: اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالنواحي الاقتصادية

ص: 38

المطلب الأول: في حث الإسلام على العمل والكسب الحلال

لا شك أن المال عصب الحياة كما يقال، وقد حث الإسلام على العمل والكسب الحلال، قال جل شأنه:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ} [الملك:15] .

وقال سبحانه: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:10] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خير من اليد السفلى

" (1) .

وبما أن الإنسان مأمور بالعمل فلا بد أن يكون كسبه حلالاً حتى يبارك الله له فيه، وإذا أراد الإنسان المسلم تنمية ماله، فلا بد أن يكون خالصاً من الشوائب المحرمة كالربا مثلاً، فإنّه ممحق البركة {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة:276] ، ويقول صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن الله طيّب لا يقبل إلا طيباً

" (2) .

فالإسلام دين متكامل في كل شيء وليس للتواكل فيه مكان، فهو يحث على العمل في كل وقت إلى يوم القيامة، ومما يؤكد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:"إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة (3) ، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل"(4)، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع

(1) البخاري، رقم (1427) ، وأحمد (24/42) رقم (15326) تحقيق الأرناؤوط وآخرين.

(2)

صحيح مسلم حديث رقم (1015) .

(3)

الفسيلة: النخلة الصغيرة، القاموس المحيط للفيروزآبادي، مادة: فسل.

(4)

مسند أحمد (20/296) رقم الحديث (12981) تحقيق الأرناؤوط وآخرين، وسنده صحيح كما قال المحقق.

ص: 39

زرعاً، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة" (1) .

فهذه توجيهات نبوية وحث كريم للعمل على إعمار الأرض بالزرع حتى يأكل منه الإنسان والطير والحيوان، وإذا كان الإنسان قد أمر بالعمل وابتغاء الرزق، فإنّه قد أمر بالاقتصاد في ذلك، قال جل شأنه:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31] .

فعدم الإسراف في الشيء يُنمي الاقتصاد، وهو من الأمور المهمة التي عالجها الإسلام مبكراً وهي نبراس لمن أراد العمل والكسب الحلال، وإذا أراد الإنسان المسلم أن ينفع نفسه وأمته فليأخذ بالتوجيهات الربانية في عدم الإسراف، وأيضاً عدم التقتير على حد قوله سبحانه وتعالى:{وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء:29] .

ومما يجب التنبيه له أن الإسلام الذي يأمر بإحياء الأرض ينهى أيضاً عن الغلو في ذلك والإسراف فيه، فمن صرف همّه ووقته وجهده في البحث عن المال فحسب فهو غالٍ في عمله هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا تبايعتم بالعينة (2) ، وأخذتم بأذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سَلَّط الله عليكم ذلاًّ لا ينزع حتى ترجعوا إلى دينكم"(3) .

ومن هنا نستطيع أن نفهم أن الحديث يحث على العمل، وفي الوقت نفسه يحذر من الإسراف فيه مع ترك الجهاد، لكن إذا كان هذا العمل يخدم المصالح الإسلامية من إعداد العدة للعدو، وإسعاد الآخرين فلا بأس.

(1) مسند أحمد (21/88) رقم (13389) تحقيق الأرناؤوط، وسنده صحيح.

(2)

العِينَة: أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به. النهاية (3/333) .

(3)

أخرجه أبو داود في السنن رقم (6462) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود رقم (2956) .

ص: 40