المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ فصلفي تسوية القبور - آثار عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - ٥ ب

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌ فصلفي تسوية القبور

[ص 41]

‌ فصل

في تسوية القبور

حدَّث ثُمامة بن شُفَي قال: كنا مع فَضالة بن عُبيد بأرض الروم، فتوفي صاحبٌ لنا، فأمر فَضالةُ بقبره فسوِّي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بتسويتها.

رواه عن ثمامة عَمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري، وابن إسحاق.

فأما عَمرو بن الحارث؛ فرواه عنه ابنُ وهب.

وعن ابن وهب: أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السَّرْح، وهارون بن سعيد الأيلي، وسليمان بن داود

(1)

.

فعن ابن السرح: مسلم في "صحيحه"

(2)

، وأبو داود في "سننه"

(3)

، ومن طريقه رواه البيهقي في "سننه"

(4)

.

وعن الأيلي: مسلم في "صحيحه"

(5)

أيضًا، ومحمد بن إسماعيل الإسماعيلي عند البيهقي

(6)

.

(1)

ويونس بن عبد الأعلى عند الطحاوي في "مشكل الآثار"(3267)، وعبدالعزيز بن مقلاص المصري عند الطبراني في "الكبير":(18/رقم 811).

(2)

رقم (968).

(3)

رقم (3219).

(4)

(4/ 2).

(5)

الموضع السالف.

(6)

الموضع السالف.

ص: 39

وعن سليمان: النسائي في "سننه"

(1)

.

والروايات كلها مسلسلة بالتحديث والإخبار، والألفاظ متقاربة، وجميعها مشتركة في قوله: "فأمر فضالةُ بقبره فَسُوِّي

" إلخ، كما تقدم.

[ص 42] وأما ابن إسحاق؛ فرواه عنه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ومحمد بن عُبيد بن أبي أمية الطنافسي، وأحمد بن خالد الوهبي

(2)

.

فعن الأولين: الإمام أحمد في "مسنده"

(3)

(جزء 6/ص 18)، إلا أنه قال في رواية محمد بن عُبيد:"ثنا محمد (بن يحيى) بن إسحاق" وإنما هو محمد بن إسحاق، وفي هذه الرواية عنعن ابن إسحاق.

وأما في رواية إبراهيم، فقال الإمام

(4)

: ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني ثُمامة

إلخ، فصرَّح ابنُ إسحاق بالتحديث.

وعن الثالث: أبو زرعة الدمشقي، وهو عبد الرحمن بن عَمرو بن صفوان النصري، وعنه أبو العباس الأصم، وعن الأصم الحاكم وغيره، كما في "سنن البيهقي"

(5)

. وفي هذه الرواية عنعن ابن إسحاق.

(1)

رقم (2030).

(2)

وعبد الأعلى بن عبد الأعلى عند ابن أبي شيبة: (3/ 222)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(3268).

(3)

رقم (23934).

(4)

رقم (23936).

(5)

(3/ 411).

ص: 40

ولفظ رواية محمد بن عبيد: "

فأصيب ابنُ عمٍّ لنا، فصلى عليه فَضالة، وقام على حُفْرته حتى واراه، فلما سوَّينا على حفرته قال: أخِفُّوا عنه، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرنا بتسوية القبور".

وفي رواية إبراهيم: "

فقال فضالة: خَفِّفوا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بتسوية القبور".

وفي رواية أحمد بن خالد عند البيهقي: "

فتوفي ابنُ عمّ لنا يقال له: نافع بن عبد، قال: فقام فضالة في حفرته، فلما دفناه قال: خَفِّفوا عليه التراب، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمرنا بتسوية القبور".

[ص 44] وهذا الحديث صحيحٌ، نظيفٌ لا غبار عليه، ووجود ابن إسحاق في إحدى الطريقين لا يقدح، مع أنه إنما يُخْشى من التدليس والانفراد، كما مر، وفي هذا الحديث صرح بالتحديث، وتوبع.

وأما قوله في رواية: "أخِفّوا عنه"، وفي أخرى:"خَفِّفوا"، وفي ثالثة:"خَفِّفوا عنه التراب"، فهذه ليست زيادة، وإنما هي في مقابل ما جاء في رواية عَمْرو:"فأمر فضالة بقبره، فسُوِّي"، فذكرها ثمامةُ لابن إسحاق مصرحًا فيها بلفظ فضالة الذي عبّر عنه في رواية عَمرو بقوله:"فأمر".

وأما اختلاف الروايات في كلمة "خَفِّفوا" فمن الرواية بالمعنى.

ومما يدل على أن ثمامة أوضح القصة لابن إسحاق، وجود اسم المتوفى في روايته، دون [ص 45] رواية عَمْرو. وأيضًا فذِكْر ابن إسحاق لاسم المتوفى واسم أبيه "نافع بن عبد" يدل على جودة حفظه للقصة، وإتقانه لها.

ص: 41

على أن انفراد ابن إسحاق ليس شديد النكارة، بدليل قول الذهبي

(1)

: "وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئًا"، أراد نكارة يسيرةً، بدليل ما بعده.

والنكارة اليسيرة وإن كانت توجب التوقُّف فإنها تنجبر بقيام بعض القرائن على الحفظ، ونحو ذلك، وقد بينا ذلك في هذا الحديث، والله أعلم.

(1)

في "الميزان": (4/ 395).

ص: 42