الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيات الطبقة السادسة والأربعين
…
بسم الله الرحمن الرحيم
الطبقة السادسة والأربعين:
وفيَّات سنة إحدى وخمسين وأربعمائة:
حرف الألَف:
1-
أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّه بْن إسحاق:
أبو بكر القاضي البغدادي المعدّل، نزيل مصر.
روى عن: عليّ بن محمد الحلبيّ، وعبد الكّريم بن أبي جدار، وأبي مسلم الكاتب.
وعنه: سهل بن بِشر الْإِسْفَرَائِينيّ، والحُمَيْديّ.
تُوُفّي بمصر في رمضان.
2-
أَحْمَد بن عليّ بن الحسن بن أبي الفضْل1:
أبو نصر الكَفْرطابيّ، ثمّ الدّمشقيّ المقرئ.
روى عن: عبد الوهاب الكلابي، وعبد الله الحِنّائيّ.
روى عنه: نجا بن أَحْمَد، ومحمد بن الحسين الحِنّائيّ، وأبو القاسم النَّسيب.
وَرّخَهُ الكتّانيّ.
وقال غيره: توفِّي سنة اثنتين وخمسين.
3-
أَحْمَد بن محمد بن الحسين الْأصبهانيّ الْإِسكاف:
سمع: أبا عبد اللَّه بن مَنْدَهْ.
وعنه: سعيد بن أبي الرّجاء.
4-
أَحْمَد بن عمر بن الخلّ:
أبو عمر الأبزاريّ.
1 معجم البلدان "4/ 270"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 180".
عَن: عُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد الصَّيدلانيّ، وأبي عمر بن مَهْدِيّ.
وعنه: ابن أبي الصَّقر الأنباريّ، وأُبَيّ النَّرسي.
5-
أَحْمَد بن مرحب بن أَحْمَد1:
أبو الفَرَج الفارسيّ الصَّيرفي.
توفِّي بِبَغداد.
حدَّث عن: عيسى بن الوزير.
6-
أَحْمَد بن يحيى بن أحمد بن سميق بن عمر بن واصل2:
أبو عمر القُرْطُبيّ، نزيل طُلَيْطُلَة.
روى عن: أبي المطرِّف بن فُطَيْس، وابن أبي زمنين، ويونس بن عبد الله، وأبي محمد بن بنُّوش، وابن الرسان، وأبي القاسم الوهراني، وطائفة سواهم.
روى عنه: جماهر بن عبد الرحمن، وأبو جعفر بن مظاهر، وأبو الحسن الإلبيري3.
وولي قضاء بلد طلبيرة4 فحمدت سيرته.
وقد عني بالحديث وكتبه وسماعه وجمعه.
وكان ذا مشاركة في عدة علوم حتى في الطب، مع العبادة الوافرة، وكثيرًا ما كان يتمثَّل:
لله أيّام الشّاب وعصرهُ
…
لو يُستعارُ جديدهُ فيُعارُ
ما كان أقصرَ ليلهِ ونهارهِ
…
وكذاك أيّام السُّرورِ قِصارُ5
توفِّي في ذي القعدة، وله ثمانون سنة.
1 تاريخ بغداد "5/ 172".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 56-58".
3 الإلبيري: نسبة إلى كورة كبيرة من الأندلس ومدينة متصلة بأراضي كورة قبرة بين القبلة والشرق من قرطبة "معجم البلدان "1/ 244".
4 طلبيرة: مدينة بالأندلس قديمة البناء على نهر تاجه "معجم البلدان "4/ 37".
5 الصلة "1/ 57".
7-
إبراهيم ينال1.
أخو السُّلطان طُغْرُلْبَك.
له ذِكْرٌ في غير ما موضعٍ من الحوادث، وفي آخر الأمر حارب أخاه، وانتصر عَلَيْهِ وضايقه.
وجرت له فصول، ثم التقاه بنواحي الرَّيّ، فانْهَزَمَ جمع إبراهيم، وأُخِذَ أسيرا هُوَ ومُحَمَّد وأحمد ولديّ أخيه، فأمر به طُغْرُلْبَك فخُنِقَ بوترٍ في جُمَادَى الآخرة سنة إحدى، وقتل الأخوين معه.
8-
إبراهيم بن العبّاس الجيْليّ الفقيه2:
أحد علماء جُرْجان.
كان لا نظير له في المناظرة.
سمع: أبا طاهر بن مَحْمِش، وأبا عبد الرَّحمن السُّلمي، وجماعة.
ذكره عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ في "تاريخه"، وقال: لم يبق بنيسابور من يقاربه ولا من يقارنه.
صار إليه التّدريس والفتوى.
وتوفِّي في رجب.
حرف الباء:
9-
البساسيريّ الأمير3:
فيها قُتِلَ، واسمه: أرسلان التُّركي.
وأخباره مذكورة في سنة سبعٍ وستّين في ترجمة القائم بأمر اللَّه. وكان مملوك رجل يقال لَهُ البساسيريّ، وهي نسبةً -فيما نقل ابن خلَّكان- إلى مدينة فَسَا، ويقال
1 المنتظم "8/ 202"، وسير أعلام النبلاء "18/ 112"، والبداية والنهاية "12/ 76".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 72".
3 الكامل في التاريخ "9/ 555-560"، وسير أعلام النبلاء "18/ 132، 133"، والبداية والنهاية "12/ 83، 84".
بَسَا، وأهل فارس ينسبون إليها هكذا، وهي نسبة شاذّة على خلاف الأصل.
وأمّا من قال: "فَسَويّ" فعلى الأصل.
حرف التَّاء:
10-
تمَّام بن عفيف بن تمَّام1.
أبو محمد الطُّليطليّ الزَّاهد الواعظ.
أخذ عن: عبدوس بن محمد، وأبي محمد بن شِنْظير، وأبي جعفر بن ميمون.
وشُهِرَ بالزُّهد والورع والصَّلاح؛ وكان يعظ ويأمر بالمعروف ويقنع بالقُوت، ويلبس الصُّوف، ويجتهد في أفعال البِر كلَّها، ويجتهد في نُصح المسلمين، توفِّي رحمه الله فِي ذِي القِعدة.
حرف الجيم:
11-
جُغْربيك، الأمير داود بن ميكائل بن سلجوق2:
أخو السُّلطان طُغْرُلْبَك، ووالد السُّلطان ألْبِ أرسلان.
توفِّي بسَرْخَس في رجب، ونُقِلَ إلى مرو، وعاش سبعين سنة.
وكان صاحب خرسان، وهو في مقابلة آل سُبُكْتِكِين، وكان فيه عدل ودِين، وكان ينكر على أخيه ظُلْمَه.
حرف الحاء:
12-
الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن خَلَف3:
أبو سعيد الكُتُبيّ، بغداديّ.
قال الْإِمام أبو بكر الخطيب4: كتبتُ عنهُ، وكان صدوقًا، سمع: أبا حفص بن شاهين، وعيسى بن الوزير.
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 121".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 106، 107"، والبداية والنهاية "12/ 79".
3 تاريخ بغداد "7/ 392"، والمنتظم "8/ 212".
4 في تاريخه.
13-
الحسن بن غالب المباركيّ المقرئ1.
قيل: توفِّي فيها، وسيأتي.
14-
الحسن بن أبي الفضل2:
أبو عليّ الشَّرمقاني المؤدّب المقرئ، نزيل بغداد.
قال الخطيب: كان من العالمين بالقراءات ووجوهها.
حدَّث عن: إبراهيم بن أَحْمَد الطّبريّ، وأبي القاسم عبيد اللَّه بن الصَّيدلانيّ.
وقال لي: سمعت من زاهر بن أَحْمَد السَّرخسي.
وشرمقان من قُرَى نَسَا، توفِّي في صَفَر.
قلت: قرأ عليه: أبو طاهر بن سوّار، وأبو غالب بن القرار، وغيرهما، وكان زاهدًا ورِعًا قانِعًا باليسير. كان يخرج إلى دِجْلة، فيأخذ ورق الخسَّ المَرْميّ فيأكله، وكان ذلك أيام القَحْط، وكان يأوي إلى مسجدٍ بدرب الزَّعفران، فرآه ابن العلاف يأكل الورق، فأخبر الوزير رئيس الرّؤساء ابن المسلمة بذلك، فقال: نبعث له شيئًا.
قال: لَا يقبله. فقال: نتحيّل فيه، وأمر غُلامًا أن يعمل لذلك المسجد مفتاحًا، وقال: احمل له كل يوم رغيفين ودجاجة مُطَجَّنة وقطعة حلاوة، فكان إذا جاء وفتح المسجد رأى ذلك في المحراب، فيتعجَّب ويقول: المفتاح معي، وما هذا إِلَّا من الجنَّة. وكتم أمره، فأخصب جسمه وسمن، فقال له ابن العلاف: ما لك قد سمنْت وأضاءت حالتك؟ فتمثَّل:
مَن أَطْلَعُوه على سرٍّ فَبَاحَ بِهِ
…
لم يَأْمَنُوهُ على الأَسْرَارِ ما عاشا
ثم أخذ يُوَرّي ولا يُصرّح، فما زال به حتَّى أخبره بالكرامة، فقال: ينبغي أن تدعو للوزير، ففهم القضيَّة، وانكسر قلبُه، ولم تَطُل مُدَّتُهُ بعد ذلك.
15-
الحسن بن محمد بن ذكوان3:
أبو عليّ القُرْطُبيّ، ولي قضاء قُرْطُبة لَأبي الوليد محمد بن جَهور، ولم يكن
1 غاية النهاية "1/ 226، 227".
2 تاريخ بغداد "7/ 402"، وسير أعلام النبلاء "18/ 104"، والبداية والنهاية "12/ 84".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 137، 138".
عنده كبير عِلم، ثم عُزل لَأشياء ظهرت منه.
توفِّي في ذي القعدة، ولَهُ بِضْعٌ وثمانون سنة.
16-
الحسين بن أبي عامر البغداديّ1:
الغَزّال2 أبو يَعلى.
قال الخطيب3: ثنا عن أبي حفص بن شاهين، وسماعه صحيح.
حرف السين:
17-
سعيد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر بن محمد بن بَحير4:
أبو عثمان البَحيري النَّيْسَابُوريّ.
سمع من: جدّه أبي الحسين أَحْمَد بن محمد، وزاهر بن أحمد الفقيه، وأبي أحمد الحاكم، وأبي عمرو بن حمدان، وأبي عليّ الحسن بن أَحْمَد بن محمد الحِيري والد القاضي أبي بكر، وأبي الهيثم محمد بن مكّيّ الكُشْمِيهَنيّ لقيه بمَرْو.
ودخل بغداد فسمع من: أبي حفص الكتّاني، وأبي الحسين ابن أخي ميمي، ومحمد بن عمر بن بَهْتَة.
وسمع من الحافظ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عبد الوهَّاب بإسفَراين5، وجماعة.
قال عليّ بن محمد الْجُرْجَانيّ: ورد جُرجان مع أبيه، فسمع من أبي سعْد بن الْإِسماعيليّ، وحدَّث زمانًا على السَّداد، وخرَّج لهُ الفوائد، وحجّ ثلاث مرّات، وسمع بمكَّة من أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن رُزيق البغدادي.
وغزا الرُّوم والهند مع السُّلطان محمود، وعقد الْإِملاء بعد موت أخيه أبي عبد الرحمن.
1 تاريخ بغداد "8/ 80"، والمنتظم "8/ 213".
2 الغزال: اسم لمن يبع الغزل. "الأنساب "9/ 139".
3 في تاريخه.
4 سير أعلام النبلاء "18/ 103، 104"، وشذرات الذهب "3/ 288".
5 إسفراين: بليدة بنواحي نيسابور. "الأنساب "1/ 235".
وذكره عبد الغافر بن إِسْمَاعِيل1 فقال: شيخٌ كبير، ثقة في الحديث، سمع الكثير بخُراسان والعِرَاق، وخرَّج له الفوائد عن والده وجدّه، وأبي عَمْرو بن حمدان، ثم سمى جماعة.
قال: وتوفِّي في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين.
قلت: وروى عن زاهر السَّرخسيّ "المُوَطّأ".
روى عَنْهُ: أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الفضل الفرّاويّ، وهبة اللَّه بن سَهْل السِّنْديّ، وزاهر بن طاهر وغيرهم.
وقع لنا من عواليه بالْإِجازة.
حرف العين:
18-
عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حشكان2:
أبو محمد النَّيسابوريّ الحاكم.
حدَّث بأسْتِراباذ وجُرجان عَن أبي حفص بن شاهين، وأقرانه.
19-
عبد اللَّه بن الحسن بن عليّ:
أبو القاسم الهمذانيّ الصَّيْقَل3، إمام جامع هَمَذَان.
روى عن: أبي الحُسَيْن بن سمعون الواعظ، وأبي عبد اللَّه بن شاذي الأستِراباذيّ، وجعفر الأَبْهريّ.
قال شيرويَهْ: شيخ صالح مُتَديِّن صدوق.
عاش سبعًا وتسعين سنة.
20-
عبد اللَّه بن شبيب بن عبد الله4:
أبو المظفر الأصبهاني الضبي المقرئ.
1 في المنتخب من السياق "232، 233".
2 المنتخب من السياق "279".
3 الصيقل: "الأنساب 8/ 125".
4 سير أعلام النبلاء "18/ 104"، وشذرات الذهب "3/ 288".
روى عن: جدِّه أبي بكر محمد بن يحيى، وأبي عبد اللَّه بن منْده، وجماعة، وكان إمام أصبهان وخطيبها وواعظها ومُقرِئها، وقد قرأ بالرّوايات على غير واحِدٍ، منهم محمد بن جعفر الخُزاعي.
قرأ عَلَيْهِ أبو القاسم الهُذليّ، وغيره.
وحدَّث عنه: أبو القاسم إسماعيل الْإِخشيد، وأبو عبد اللَّه الخلال، وأبو عبد اللَّه الدَّقّاق.
وسُئِل عنه إسماعيل بن محمد الحافظ فقال: إمام زاهد عابد، عالِم بالقراءات، سمع الكثير، وصلَّى بالنَّاس بالجامع سِنين.
قلت: وتوفِّي رحمه الله في صَفَر.
21-
عَبْد العزيز بن عَبْد الرَّحمن بن أَحْمَد القَزْوِينيّ1:
أبو الحسن الشَّافعيّ.
سمع: أَحْمَد بن محمد البصير الرّازيّ، وأبا عمر بن مهديّ.
روى عنه: أبو القاسم النّسيب، وغيره.
وتوفِّي بِصُور في جُمَادَى الأولى.
22-
عَقِيل بْن العبّاس بْن الحَسَن بْن العبّاس بْن الحسن بن أبي الجنّ حُسين بْن عليّ بْن محمد بن عليّ ابن إسماعيل بن جعفر الصّادق2:
عماد الدّولة أبو البركات الحسيني النقيب الدمشقي.
روى عن: الحسين بن أبي كامل الأطرابُلُسيّ.
حدَّث عنه: ابن أخيه أبو القاسم عليّ بن إبراهيم النّسيب.
توفِّي في رجب.
23-
عليّ بن الحسين بن هندي3:
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 143، 144".
2 مرآة الزمان "1/ 167"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 123".
3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظر "17/ 259-264".
القاضي أبو الحسن الحمصيّ.
أديبٌ له شِعْر.
سمع بدمشق من: أحمد بن حرير السَّلَمَاسيّ1.
حكى عنه: أبو الفضل بن الفُرات.
وعاش إحدى وخمسين سنة.
وتوفِّي بدمشق.
حكى ابن الكفاني أنّهُ خلَّف عشرة آلاف دينار.
وذكر لهُ ابن عساكر في "تاريخه" ثلاث قصائد.
وهو جدّ بني هنديّ رؤساء حمص.
24-
عليّ بن محمود بن ماخُرّة2:
أبو الحسن الزُّوزني الصُّوفيّ، من كبار المشايخ.
رحل إلى النّواحي، وسمع بدمشق من: عبد الوهَّاب الكِلابي؛ وبغيرها من: عليّ بن المثنَّى الأسْتِرَاباذيّ، ومحمد بن محمد بن ثَوابة، وأبي عبد الرّحمن السُّلمي.
روى عنه: الخطيب، وقال3: لَا بأس به. قال لنا: إنّ ماخُرّة كان مَجُوسيًّا، وسألته عن مولده فقال: سنة ست وستين وثلاثمائة.
ومات في رمضان.
قلت: وروى عنه: عبد الرحمن الشّيخيّ، وجعفر السَّرّاج، وأُبَيّ النّرْسي، وأبو العِز بن كادِش، وغيرهم.
حرف الفاء:
25-
فَرُّخ زاد ابن السلطان مسعود ابن السلطان محمود بن سبكتِكين4:
1 السلماس: نسبة إلى سلماس من بلاد أذربيجان. "الأنساب "7/ 107".
2 تاريخ بغداد "12/ 115"، وسير أعلام النبلاء "18/ 104"، والبداية والنهاية "12/ 84".
3 في تاريخه.
4 الكامل في التاريخ "10/ 5"، وسير أعلام النبلاء "18/ 133، 134".
صاحب غَزْنة.
كان ملكًا شجاعًا مَهيبًا، واسع البلاد، هجم عليه مماليكه بالسّيوف وهو في الحمَّام، فاتُّفق أنَّهُ كان عنده سيفه فقاتلهم، وتَلَاحَق الحَرَس فَسَلِمَ وقتلوا أولئك، وصار بعد ذلك يُكْثِر ذِكر الموت ويزهد في الدُّنيا.
وفي هذا العام أصابه قولْنج، فمات.
وتملَّك بعده أخوه إبراهيم1، فعدل وأقام الجهاد، وفتح عدة حصون من بلاد الهند امتنعت على أَبِيهِ وجدّه.
وكان مع عدله يصوم الأَشْهُر الثَّلاثَة.
26-
الفضل بن جعفر بن أبي الكرام:
أبو محمد المصريّ.
توفِّي في ربيع الآخر.
حرف القاف:
27-
الْقَاسِم بن الفتح بن محمد بن يوسف2:
أبو محمد بن الرّيُوليّ3 الأندلُسيّ، من أهل مدينة الفَرَج4.
روى عن: أبيه، وأبي عمر الطلمنكي5، وأبي محمد الشنتجالي6. وحجَّ وأخذ عن أبي عمران الفاسيّ.
وكان عالمًا بالحديث، عارفًا باختلاف الأئِمّة، عالمًا بالتفسير والقراءات، لم يكن يرى التَّقليد، وله تصانيف كثيرة، ولهُ شِعْرٌ رائق، مع صدْق ودينٌ ووَرَع وتقلُّل وقُنوع7.
1 هو: ظهير الدولة أبو المظفر إبراهيم بن فرخ زاد. "تاريخ البيهقي "401".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 470-472"، وسير أعلام النبلاء "18/ 115، 116".
3 وفيات الأعيان لابن خلكان "3/ 107".
4 مدينة بالأندلس بين الجوف والشرق من قرطبة، وتوفي بوادي الحجارة. "معجم البلدان "4/ 247".
5 الطلمنكي: نسبة إلى طلمنكة وهي مدينة بالأندلس. "معجم البلدان "5/ 39".
6 معجم البلدان "3/ 367".
7 الصلة "2/ 470، 471".
قال القاضي أبو محمد بن صاعد: كان القاسم بن الفتح واحد النّاس في وقته في العِلم والعمل، سالِكًا سبيل السّلف في الورع والصِّدق، متقدِّمًا في علم اللِّسان والقُرآن وأصول الفقه وفروعه، ذا حظٍّ جليل من البلاغة، ونصيبٍ من قرض الشعر.
توفِّي على ذلك، جميل المذهب، سديد الطَّريقة، عديم النّظير.
وقال الحُميدي1: هو فقيه مشهور، عالِمٌ زاهِد، يتفقَّه بالحديث، ويتكلَّم على معانيه، وله أشعار كثيرة في الزُّهْد.
ولهُ:
أيامُ عُمْرك تَذْهَبُ
…
وجميعُ سَعْيِك يُكتب
ثُمّ الشّهيدُ عَلَيْكَ من
…
ك فَأَيْنَ أَيْنَ المهربُ2
توفِّي رحمه الله في صفر، ومولده سنة ثمانٍ وثمانين وثلاثمائة، وقد أثنى عليه جماعة.
حرف الميم:
28-
محمد بن أَحْمَد بن الكوفيّ:
أبو الحسين. بغداديّ، روى عن: عمر بن إبراهيم الكتّانيّ.
وتوفِّي في صَفَر، ولهُ اثنان وثمانون سنة.
29-
مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن عليّ البقَّال:
أبو طاهر. روى عن: ابن الصّلْت.
30-
محمد بن عبد العزيز بن أَحْمَد بن محمد بن شاذان3:
أبو بكر الجيري النَّيْسَابوريّ، الحافظ الفقيه السُّفْيانيّ.
كان من أصحاب أبي عبد اللَّه الحاكم. جمع وصَنَّف، وكان زاهدًا صالحًا. توفِّي في رجب.
1 في جذوة المقتبس "390".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 116".
3 المنتخب من السياق "45".
روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ وغيره.
31-
محمد بن أبي القاسم:
عبد الواحِد الدّارانيّ الْأصبهانيّ.
روى عن: عبد اللَّه بن أَحْمَد.
وعنه: الْإِخشيد، وغيره.
32-
محمد بن عليّ بن الفتح:
أبو طالب الحربيّ العُشاري.
سمع: الدّارَقُطْنيّ، وابن شاهين، وأبا الفتح القوّاس، وطبقتهم.
قال الخطيب1: كتبت عنه، وكان ثقة صالحا. وُلد في المحرّم سنة ست وستين وثلاثمائة.
قال لي: كان جدّي طويلًا، فقيل لي2 العُشاريّ.
قلت: وكان أبو طالب خيِّرًا زاهِدًا، عالمًا فقيهًا، واسع الرواية، صحب أبا عبد اللَّه بن بطَّة، وأبا عبد اللَّه بن حامد.
وتفقَّه لأحمد.
قال أبو الحسين بن الطُّيوريّ: قال لي بعض أهل البادية: نحنُ إذا قُحطنا استسقينا بابن العُشاري، فنُسقى3.
وقال أبو الحسن بن الفرّاء في ترجمته في طبقات أصحاب أَحْمَد: حكى لي بعض أصحاب الحديث قال: قُرئ كتاب الرؤيا للدَّارَقُطْنيّ على العُشاريّ في حلقته بجامع المنصور، فلمَّا بلغ القارئ إلى حديث أمُّ الطُّفَيْل، وحديث ابن عبَّاس، قال القارئ: وذكر الحديث، فقال للقارئ: اقرأ الحديث على وجهه، فهذان الحديثان مثل السواري.
وقال أبو الحسين: قال لي ابن الطُّيُوريّ: لمَّا قَدِمَ عسكر طُغْرلْبَك لقي بعضهم لابن العُشاريّ فقال: يا شيخ، أيش معك؟ قال: ما معي شيء.
1 في تاريخ بغداد "3/ 107".
2 في تاريخ بغداد "فقيل له".
3 طبقات الحنابلة "2/ 192".
ثُمَّ ذكر أنّ في جَيْبِهِ نفقة، فناداه: تعال وأخرج ما معه، وقال: هذا معي. فهابه الرَّجُل وعظَّمهُ ولم يأخُذ النَّفَقَة.
قلت: روى عنه: ابن الطيوري، وأبو العز كادِش، وأبو بَكْر قاضي المارِستان، وأحمد بن قريش.
وقد أُدخل في سماعه أشياء باطلة، ولم يعلم.
33-
محمد بن محمد بن عُبيد اللَّه بن المؤمّل1:
أبو طاهر الأنباريّ البزَّاز.
سكن بغداد، وحدَّث عن: أبي بكر الورَّاق، وغيره.
قال الخطيب2: كتبت عنه، وكان صدوقا صالحًا.
وقال السِّلفي: فيما أنا ابن الخَلال، عن الهمداني، عنه شجاع الهُذلي، عن ابن المؤمّل الأنباريّ فقال: هو محمد بن محمد بن عُبيد اللَّه بن المؤمّل البزّاز، أبو طاهر. حدَّث عن: إسماعيل الورَّاق، وأحمد بن محمد الدِّوسيّ الأنباريّ، وكان صالِحًا دَيِّنًا صدوقًا.
مات سنة إحدى وخمسين.
قال السِّلفيّ: أنا عنه أبو البركات بن الوكيل، عن ابن ماسي.
34-
محمد بْن مُحَمَّد بْن عَليّ بْن أَبِي تمّام3:
أبو منصور الهاشميّ الزَّينبيّ، أخو أبي نصر محمد، وطرّاد.
سمع: عيسى بن الجرَّاح.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا.
مات بواسط في آخر السَّنة، وقال أبو علي بن السَّكَن: لقبه كمال الدين.
1 تاريخ بغداد "3/ 227"، وفيه:"عبد الله بن المؤمل".
2 في تاريخ بغداد "3/ 237".
3 تاريخ بغداد "3/ 237"، والأنساب "6/ 346".
4 في تاريخه.
قلت: روى عنه أهل واسط.
35-
منصور بن النُّعْمان:
أبو القاسم الصيمَري، ثُمّ المصريّ.
سَمِعَ: القاضي أبا الحسن الحلبيّ، وغيره.
روى عنه، أبو عبد اللَّه الحُميدي.
توفِّي رحمه الله فِي ذِي القعدة.
حرف النّون:
36-
نَصْر بن أبي نصر1:
أبو منصور الطوسيّ المقرئ.
حدَّث بِصُور وسكنها.
عن: عبد الرَّحمن بن أبي نصْر، وغيره.
روى عنه: ابنه إسماعيل بن نصر.
حرف الياء:
37-
يوسف بن هلال2:
أبو منصور البغداديّ، الصَّيْرَفيّ.
صاحب التَّميميّ.
روى عن: عيسى بن الوزير.
وفيَّات سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة:
حرف الألِف:
38-
أَحْمَد بن الحسين:
أبو الحسين التميمي السلماسي.
1 تاريخ دمشق "36/ 570".
2 تاريخ بغداد "14/ 328".
توفِّي بآمِد.
قال أُبَيّ النرْسي: ثنا ببغداد عن أبي طاهر المُخلّص.
39-
أَحْمَد بن عُبيد اللَّه بن فَضَال1:
أبو الفتح الحلبيّ الموازينيّ.
الشّاعر المعروف بالماهر.
روى عَنْهُ من شِعره: أبو عَبْد اللَّه الصُّوريّ، وأبو القاسم النَّسيب. فمن شعره:
يا من له سيف لحظٍ
…
يدبّ فيه المَنون
ومَن لجسمي وقلبي
…
منه ضنًى وشُجون
ما فكرتي في فؤادٍ
…
سَبَته منك الْجُفون
وإنّما فكرتي في
…
هواك أين يكون؟
وله بيت مفرد:
إذا امتطى قلمٌ يومًا أنامِلَهُ
…
سدَّ المفاقرَ واستولى على الفِقَر
ويندُر هكذا للماهر أبيات فائقة، وكان موازينيًّا بحلب، ثُمَّ ترك الصَّنعة وأقبل على الشِّعر، ومدح الملوك والَأُمراء.
ولهُ وقد أجاد:
برغمي أن أُعنَّفَ فيك دهرًا
…
قليلًا همُّهُ بِمُعنّفيهِ
وأن أرعى النُّجومَ ولَسْتَ فيها
…
وأن أطأ التراب وأنتَ فيه
40-
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى:
أبو الفرج الملحميّ الْأصبهانيّ.
سمع: عُبَيْد اللَّه بن يعقوب بن جميل.
روى عنه: سعيد الصيرفي، وغيره.
1 مختصر تاريخ دمشق "3/ 148، 149"، والعبر "3/ 227".
41-
أَحْمَد بن نجا:
أبو طاهر البغداديّ البزَّاز المقرئ.
سمع: أبا أَحْمَد الفَرَضي، وابن رزقوَيْه، وجماعة.
وعنه: أبو بكر الخطيب في تاريخه، ومسعود بن ناصر السجْزي، وأُبَيّ النَّرسي، وغيرهم.
42-
إبراهيم بن محمد بن زيد:
أبو أَحْمَد الأموي الكوفي.
قال أُبَيّ النرسي: ثقة. ثنا عن: ابن غزال، وابن حُطيط.
حرف الباء:
43-
بابيّ بن أبي مسلم بابيّ1:
أو يأتي بمُثَنّاه؛ كذا وجدته بمُثنّاه وليس بشيء، وصوابه بابيّ بلا همز وبالتّثقيل.
أبو منصور الجبلي الفقيه.
قال أُبَيّ: كان من أصحاب الشّيخ أبي حامد، سمعنا منه ببغداد.
وقال غيره: ولي قضاء ربع الكرْخ، وكان من أئمّة الشّافعيّة. روى الحديث عن ابن الجُندي.
حرف الجيم:
44-
جعفر بن الحسين بن يحيى:
أبو الفضل الدّقَّاق.
توفِّي بمصر فِي ربيع الأخر.
حرف الحاء:
45-
الْحَسَن بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن:
1 تاريخ بغداد "7/ 136"، والكامل في التاريخ "10/ 13"، والبداية والنهاية "12/ 85".
أبو منصور الشّيبانيّ.
توفِّي في رمضان عن بضعٍ وثمانين سنة.
رُمِيَ بالكذب.
46-
الحَسَن بْن عليّ بْن أبي طَالِب:
أبو منصور الهَرَوي الكرابيسيّ الأديب.
توفِّي في رمضان.
روى عن: زاهر بن أَحْمَد الفقيه، وأبي حامد النُّعيمي.
47-
الحسن بن محمد:
أبو عليّ الجارزيّ.
راوي كتاب "الجليس والَأنيس" عن مُصنِّفه المعافى بن زكريا الجريريّ.
روى عنه الكتاب: أبو العزّ بن كادِش.
مات في ربيع الأوّل.
48-
الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم:
أَبُو عَلِيّ اللّبّاد.
توفِّي بأصبهان، وهو من شيوخ سعيد بن أبي رجا.
49-
الحسين بن محمد:
أبو يَعلى الخبّاز المقرئ.
سمع: أبا طاهر المخلّص.
وعنه: أبو عليّ بن البنَّاء.
50-
الحسين بن الحسن بن الحسين بن أبي محمد الحسن بن عبد اللَّه بن حمدان1:
ناصر الدّولة أبو علي التغلبي الأمير، أمير دمشق.
1 سير أعلام النبلاء "18/ 335، 336"، والنجوم الزاهرة "5/ 13-15".
ولي أمرها للمصْريين.
ولي دمشق سنة خمسين وأربعمائة، وسار سنة اثنتين وخمسين إلى حلب، فجرت بينه وبين بني كِلاب وقعة الفُنيدق بظاهر حلب، فكُسِر ابن حمدان، وأفلت مُنْهَزِمًا جريحًا، وأُسر سائر عسكره، وراح إلى مصر، فجرت له خُطوب وحُروب ذُكرت في الحوادث.
وولي بعده هذا.. وهو:
حرف السِّين:
51-
سُبُكْتِكين1:
أبو منصور التُّركيّ.
ولي دِمشق من قِبَل صاحب مصر في سنة اثنتين وخمسين، فبقي بها ثلاثة أشهر ونِصف ومات.
وكان قِبَل الولاية مُقيمًا بدمشق.
روى عن: السَّكَن بن جُميع.
وعنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وغيره.
حرف الضَّاد:
52-
ضياء بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب2:
أَبُو عبد اللَّه الهرويّ الخيَّاط.
سكن بغداد، وحدَّث عن: عمر بن شاذران القَرميسيني، وعيسى الديَنَوري، وعليّ بن أَحْمَد بن غسّان المصريّ.
قال الخطيب3: كتبت عنه، وسماعه صحيح.
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "9/ 207".
2 تاريخ بغداد "9/ 346".
3 في تاريخه.
حرف الطّاء:
53-
طاهر بن عليّ بن محمد بن ممُّويه:
أبو الفتح الْأصبهانيّ.
سمع: أَبَا عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ، وإبراهيم بن خُرشيد قُولَه.
وعنه: سعيد بن أبي رجا، وغيره.
حرف العين:
54-
عالي بن عثمان بن جِني1:
أبو سعد بن أبي الفتح النحوي ابن النَّحويّ.
عاش إلى هذا العام، وانقطع خبره.
ذكره ابن ماكولا فقال: كان قد سمع من المَرْجَّى "مسند أَبِي يَعلى".
قَالَ ابن عساكر: وحدث بصور عَن: المرجى، وعيسى بن الوزير، وتمَّام الرَّازيّ.
روى عنه: أَبُو نصر عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن ماكولا، ومكّي الرُّميلي، وأحمد الرُّويدشتي.
55-
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بُندار2:
أبو محمد البغداديّ المقرئ الحذَّاء، المعروف بابن الخفَّاف.
سمع: أبا الحسين بن المُظفَّر، وأبا حفص بن الزّيّات، وأبا بكر الورَّاق، وأبا حفص بن شاهين.
قال الخطيب3: كتبتُ عنه، وكان سماعه صحيحا.
توفِّي في المحرَّم وله خمسٌ وثمانون سنة.
وقال ابن خَيرون: كان يكذب في القراءات.
1 الإكمال لابن ماكولا "2/ 585"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "11/ 245".
2 تاريخ بغداد "10/ 146"، وميزان الاعتدال "2/ 499"، ولسان الميزان "3/ 355".
3 في تاريخه.
56-
عبد الباقي بن أبي غانم الشّيرازيّ1:
ذكرهُ أُبَيّ النَّرْسيّ فقال: وَرَدَ الخَبَر بوفاته، وكان ينفرد برواية كتاب يعقوب بن شيبة الحافظ بكماله.
57-
عبد الجبَّار بن عليّ بن محمد بن خُشكان2:
الَأستاذ أبو القاسم الإسَفرائيني، المُتَكلّم الأصم المعروف بالْإِسكاف. فقيه إمام أشعريّ، من تلامذة أبي إسحاق الإسفَرائيني، ومن المبرَّزين في الفتوى، زاهد عابد قانت كبير الشّأن، عديم النَّظير، قرأ عليه إمام الحرمين أبو المعالي الأصول.
وقد سمع من: عبد اللَّه بن يوسف الْأصبهانيّ، وجماعة.
توفِّي في ثامن وعشرين صفر.
روى عنه: أبو سعيد بن أبي ناصر، وغيره.
ويُعرف بأبي القاسم الْإِسكاف.
58-
عبد الرّزاق بن محمد بن يزداد الْأصبهانيّ:
قال: ثنا يونس بن أحمد بن خير سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
روى عنه: أبو عليّ الحدَّاد.
مات فِي ذي القعدة.
59-
عَبْد الواحد بْن مُحَمَّد بن عثمان:
أبو الحسن المجاشعيّ.
عن: إسماعيل بن الحسن الصّرْصريّ.
وعنه: أبو عليّ البَرَدانيّ، وأُبَيّ النَّرْسيّ.
60-
عُبيد اللَّه بْن أحْمَد بْن عَلِيّ3:
أَبُو الفضل الصيرفي البغدادي.
1 تاريخ بغداد "11/ 91".
2 المنتخب من السياق "342"، وفيه:"حسكان".
3 تاريخ بغداد "10/ 388"، وغاية النهاية "1/ 455".
قرأ القرآن على أبي حفْص الكتَّانيّ، وسمع منه، ولعلَّهُ آخِر من قرأ عليه.
توفِّي في ذي الحجّة.
وقد روى الحديث عن: المُخلص، وابن أخي ميمي.
وكان بارعا في معرفة القراءات.
61-
عدنان بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن شيبان:
أبو الحسن البرجي1.
من طلبة الحديث بأصبهان.
سمع: أبا عَبْد اللَّه بْن مَنْده، وغيره.
رَوَى عَنْهُ: سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وقال: كان من عباد اللَّه الصّالحين، مؤذِّن الجامع.
62-
عليّ بن أَحْمَد بن الرّبيع:
الْإِمام أبو الحسن السّبكبائيّ.
من أهل ما وراء النَّهر.
تُوُفّي في يوم عرفة.
روى عن: أبي سَعْد الْإِدريسيّ.
روى عنه: عُبيد اللَّه بن عُمَر الكشّانيّ، وعلي بن عثمان الخراط، وعلي بن عالم الفاغي الصكاك.
توفي الصكاك سنة إحدى عشرة.
63-
علي بن أحمد بن محمد بن حامد البزاز:
سمع: أبا حفص بن شاهين.
وعنه: جعفر السراج، وغيره.
توفِّي في ربيع الآخر.
1 البرجي: نسبة إلى قرية برج، وهي من قرى أصبهان. الأنساب "2/ 132".
64-
علي بن حُميد بن علي بن محمد بن حُميد بن خالد1:
أبو الحسن الذُّهلي، إمام جامع همذان، ورُكن السُّنَّة بها، والمشار إليه في الورع والديانة.
روى عن: أبي بكر بن لال، وابن تركان، وعبد الرَّحمن بن أبي اللَّيْث، وابن جانجان، وأبي بكر محمد بن أحمد ابن عبد الوهاب الإسفَرائيني الحافظ، ويوسف بن أحمد بن كج، وأبي عمر بن مهدي، وأبي العباس أحمد بن محمد البصير، وحَمد بن عبد الله الأصبهاني، وخلق كثير.
قال شيرويه: ما أدركته، وحدَّثني عَنْه يوسف الخطيب وعامَّة كهولنا، وكان صدوقًا ثِقةً، أمينًا ورِعًا، جليل القدْر، محتشِمًا. عُنِيَ بهذا الشّأن، رأيت أختي بعد موتها فقلت لها: ما فعل أبو الحسن بن حُميد؟ قالت: طار مع الحواريّيّن في الهواء.
وُلِدَ سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
وتوفِّي في ثاني عشر جُمَادَى الأولى، وقبره يُزار ويُتبرك به. وقد رثاه بعضهم.
حرف الميم:
65-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَليّ2:
أبو عبد اللَّه بن أبي سَعْد القزوينيّ المقرئ، نزيل مصر مِنْ صِباه.
قرأ بدمشق عَلَى أبي الحسن بن داود الداراني لابن عامر، وعلى الحسن بن سليمان الأنطاكيّ النّافعيّ3 للسُّوسّي، وعلى أبي الفَرَج محمد بن أَحْمَد بن أبي الجود للدُّوريّ، وعلى طاهر بن غَلبون "بالتّذكرة".
روى بمصر كتاب "التّذكرة" عن مُصنِّفها أبي الحسن طاهر بن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون.
1 سير أعلام النبلاء "18/ 100، 101"، وشذرات الذهب "3/ 289".
2 العبر "3/ 228"، ومرآة الجنان "3/ 74".
3 نسبة إلى قراءة نافع "المشتبه في أسماء الرجال 2/ 665".
وحدَّث عن: عبد الوهّاب الكِلابي، وأبي الحسن عليّ بن محمد الحلبيّ، وميمون بن حمزة الحسيني، ومحمد ابن أَحْمَد بن جابر التّنيسيّ، وغيرهم.
وكان من المذكورين بالقراءات بمصر.
روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ، وأبو الحسن يحيى بن عليّ الخشَّاب، وقرأ عليه القرآن هو وأبو عليّ الحسن ابن خَلَف بن بَلِّيمة، ومحمد بن أَحْمَد بن حمّوشة القَلْعيّ، وأبو عبد اللَّه الرّازيّ في مشيخته.
وتوفِّي في ربيع الآخر.
66-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه:
أَبُو الحسين البَصْريّ الزاهد المعروف بالزوْبج.
سمع: أبا عامر الهاشمي، وعلي بن القاسم الشَّاهِد، وأبا عمر بن مهديّ، وابن المُتيّم، وابن الصّلْت الأهوازيّ.
وخرَّج لهُ أبو بكر الخطيب جزءًا سمعه أبو الفضل بن خَيْرون، وجعفر السَّرّاج، وابن الطُّيوريّ.
وقد روى عنه أبو بكر الخطيب في مُصنَّفاته.
وتوفِّي بآمد في ثاني رجب.
67-
محمد بْن عَبْد اللَّه بْن عُبَيْد اللَّه1:
أَبُو الحسين البغداديّ المؤدّب.
كان مقرئًا ثقة، ضريرًا.
مات في المحرَّم عن تسعين سنة.
سمع: الدّارَقُطْنيّ، وعمر بن شاهين، والمخلّص.
كتبت عنه، قاله الخطيب.
وقد قرأ على أبي حفص الكتاني.
1 تاريخ بغداد "5/ 476، 477".
68-
محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن محمد بْن الحسن1:
أبو بكر الكرابيسيّ السِّمْسار الزَّاهد.
ويعرَف بالحافظ السّيوفيّ2.
توفِّي بِنَيْسَابوُر في ربيع الآخر.
سمع: محمد بن الفضل بن محمد بن خُزيمة.
روى عنه: زاهر بن طاهر الشَّحّاميّ.
69-
محمد بن عبد الوهَّاب بن محمد3:
أبو طاهر بن الشَّاطر العلويّ الكاتب، نقيب الطالبيين ببغداد.
سمع: أبا حفص بن شاهين، وأبا الحسن الحربيّ، وابن المنتاب.
قال الخطيب: كتبنا عنه، وكان صدوقًا.
توفِّي في ربيع الأوّل.
70-
مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن عُمْرُوس4:
أبو الفضل البغداديّ الفقيه المالكيّ.
قال الخطيب5: انتهت إليه الفتوى ببغداد.
وسمع: أبا حفص بن شاهين، وأبا القاسم بن حَبابة، والمخلّص، وغيرهم.
روى عنه: الخطيب، وغيره.
وكان من القرَّاء المجوِّدين رحمه الله.
1 المنتخب من السياق "46، 47".
2 في المنتخب "السيوئي".
3 تاريخ بغداد "2/ 383".
4 تاريخ بغداد "2/ 339، 340"، والمنتظم "8/ 218"، وسير أعلام النبلاء "18/ 73-75"، والبداية والنهاية "12/ 86".
5 في تاريخه.
ذكره ابن عساكر في الأشاعرة1.
توفِّي في أول العام وله ثمانون سنة.
قال أبو إسحاق الشّيرازيّ: كان فقيهًا أُصوليّا صالِحًا.
وقال النَّرْسيّ: كان صالِحًا، ممن انتهى إليه مذهب مالِك ببغداد.
71-
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عليّ2:
القاضي أبو سَعْد الحنفيّ، أحد علماء نَيْسابور.
توفِّي في هذا العام تقريبًا.
روى عن: أبي الحسن العَلَويّ.
روى عنه: زاهر الشَّحّاميّ.
72-
محمود بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن ماشاذة:
أبو منصور الْأصبهانيّ، الأديب.
سمع ببغداد: أبا القاسم بن حبابة.
روى عنه: سعيد بن أبي الرَّجاء، وغيره.
الكُنَى:
73-
أبو محمد بن النَّسَويّ3:
صاحب الشّرطة ببغداد، اسمه الحسن بن أبي الفضل.
كان صارمًا فاتِكًا مَهيبًا ظلومًا، قيلَ: إنَّهُ كان يقتل النّاس ويأخذ أموالهم أيّام هَيْج الشُّطّار ببغداد، وشُهد عليه بذلك عند القاضي أبي الطَّيّب، فحكم بقتله، فصانع بمبلغ، فسلم.
1 في "تبيين كذب المفتري "264، 265".
2 المنتخب من السياق "52".
3 الكامل في التاريخ "10/ 12"، والنجوم الزاهرة "5/ 68".
وكان من دُهاة زمانه، وقد اتَّفق مرَّةً السُّنّة والرَّافضة ببغداد على قتله، واصطلحوا على ذلك.
وسَلِمَ وطال عمره.
وفيَّات سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة:
حرف الألِف:
74-
أحْمَد بْن سَعيد بْن أَحْمَد بْن نفيس1:
أبو العبَّاس المصريّ المقرئ.
أصْلُهُ مِنْ طرابُلُسَ الغرب، انتقلت إليه رئاسة الْإِقراء بديار مصر، وكان عالي الْإِسناد.
وقد قرأ على: أبي أحمد السامري، وأبي الطيب ابن غَلْبون، وأبي عدِيّ عبد العزيز بن عليّ الْإِمام، وجماعته.
وفاق قُرَّاء الأمصار بعلُوِّ الْإِسناد.
وقد سمع من: علي بن الحسين الأنطاكيّ، وأبي القاسم الجوهري مصنَّف "مُسْنَد المُوَطأ" وغيرهما.
قرأ عليه: أبو القاسم الهُذلي، وأبو القاسم عبد الرّحمن بن الفحّام، وأبو الحسن بن بَلِّيَمة، وأبو الحسين الخشَّاب، وآخرون كثيرون من المشارقة والمغاربة.
وحدَّث عنه: جعفر بن إسماعيل بن خَلَف الصِّقّليّ، وعبد الغنيّ بن طاهر الزعفراني، ومحمد بن أحمد الرّازيّ، وآخرون.
قال أَحْمَد بن عمر البَّاجيّ: سمعت أحمد بن نفيس المقرئ الضرر يقول: قرأت عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ألف ختمة.
قلت: ابن نفيس هذا آخر اسمه:
75-
أَحْمَد بن عبد العزيز بن نفيس المقرئ2:
1 المعين في طبقات المحدثين "131"، وشذرات الذهب "3/ 292"، وغاية النهاية "1/ 56، 57".
2 غاية النهاية "1/ 69".
بقي إلى حدود الخمسمائة، قرأ على الكازرينيّ.
وأمَّا المُتَرجِم فتوفِّي في رَجَب، وقد جاوز التِّسعين، وذُكر أنَّ أبا عَمْرو الدّانيّ قرأ عليه.
76-
أَحْمَد بن مروان بن دُوستك1:
الَأمير نصر الدَّولة الكُرْديّ، صاحب ميّافارقين وديار بكر.
ملك البلاد بعد أن قتل أخاه أبا سعيد منصورًا في قلعة الهَتَّاخ2.
وكان عالي الهِّمّة، كثير الحزم، مُقبِلًا على اللذّات، عادِلًا في رعيّتِه.
وقيل: لم تَفُتْه صلاة الصُّبح3 مع انهماكه على اللَّهو، وكان له ثلاثمائة جارية يخلو كلّ ليلة بواحدة، وخلَّف عِدّة أولاد.
وقد قصده الشُّعراء ومدحوه.
وَزَرَ له أبو القاسم الحسين بن عليّ بن المغربيّ صاحب الرسائل، والديوان والتصانيف.، وكان وزير خليفة مصر فانفصل عنه، وقَدِمَ على نصر الدولة فوزر له مرتين، ووزر له فخر الدولة أبو نصر بن جَهير، ثم انتقل بعده إلى وزارة بغداد4.
ولم يزل على سعادته ووفور حشمته، ولقد أرسل إلى السلطان طُغرلبك تحفا عظيمة، من جملتها: الجبل الياقوت الذي كان لبني بُويه، وكان اشتراه من الملك أبي منصور بن جلال الدولة، وأرسل معه مائة ألف دينار سوى ذلك.
وكانت رعيته معه في بُلهنية من العيش، حتى إنَّ الطّيور كانت تخرج من القرى فتُصاد، فأقرّ أن يطرح لها القمح من الأهراء، فكانت في ضيافته طول عمره، إلى أن تُوُفّي رحمه الله في شوَّال، ودُفِن بظاهر ميّافارِقين. وعاش سبعًا وسبعين سنة.
وكانت سلطنته إحدى وخمسين سنة.
وملك بعده ولده نظام الدولة أبو القاسم نصر بن أحمد5.
1 المنتظم "8/ 222، 223"، وسير أعلام النبلاء "18/ 117-120"، والبداية والنهاية "12/ 87".
2 الهتاخ: قلعة حصينة في ديار بكر قرب ميافارقين "معجم البلدان "5/ 392".
3 تاريخ الفارقي "171".
4 تاريخ الفارقي "181".
5 تاريخ الفارقي "177".
77-
إبراهيم بن عليّ بن تميم1:
أبو إسحاق القيروانيّ، الشاعر المعروف بالحُصري.
كان شباب القيروان يجتمعون عنده، وسار شِعره، وله ديوان مشهور، وله كتاب "زهو الآداب"، وله كتاب "المصون في سرّ الهوى المكنون".
وله:
أورد قلبي الرَّدا
…
لامُ عِذَارٍ بدا
أسودٌ كالكُفْرِ في
…
أبيضَ مثل الهُدا
وقال ابن بسّام في "الذّخيرة": إنّه توفِّي سنة ثلاثٍ وخمسين.
وقال غيره: توفِّي سنة خمسين.
وهو ابن خالة أبي الحسن عليّ الحُصْريّ الشّاعِر2.
حرف الحاء:
78-
الحسين بن عيسى3:
أبو علي الكلبي، قاضي مالقة.
حجَّ وسمع من: أَبِي ذرٍّ الهَرَويّ، وأبي الحسن محمد بن إبراهيم الحوفيّ النَّحْويّ.
وكان عالِم مالقة المُشار إليه، ورئيسها.
روى عنه: أبو المطرِّف الشِّعْبيّ، وأبو عبد اللَّه بن خليفة.
79-
الحسين بن مُبَشِّر4:
أبو عليّ المُزكّيّ الكتّانيّ الدمشقي المقرئ.
1 سير أعلام النبلاء "18/ 139"، ومعجم المؤلفين "1/ 64".
2 وفيَّات الأعيان "1/ 55".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 142".
4 غاية النهاية "1/ 249"، وتهذيب تاريخ دمشق "4/ 364، 365".
حدّثَ عن أستاذه في القراءات محمد بن يونس الْإِسكاف، وعبد الرَّحمن بن أبي نصر، وعليّ بن بُشْرَى العطَّار.
روى عنه: نجا بن أَحْمَد، وعليّ بن طاهر النَّحْويّ.
قال الكتَّانيّ: توفِّي في ذي القعدة، وأقام خمسين سنة يقرئ في الجامع، وكان ديِّنًا ثِقةً، على مذهب الْإِمام أَحْمَد.
80-
حمْد بن محمد بن عبد اللَّه:
الفقيه أبو الفَرَج.
عن: أبي جعفر الأَبْهَريّ، وابن مَنْدَهْ.
مات في شعبان. كان مُتكلّمًا.
حرف الصَاد:
81-
صالح بن الحسين:
أبو منصور البُرُوجِرديّ1، يُعْرَف بابن دوذين الفقيه.
قدِم في هذه السَّنة هَمَذَان، فحدَّث عَن شعيب بن عليّ، وأبي القاسم الصَّرْصَريّ، وأبي محمد بن زكريّا البيِّع، وابن رزقوَيْه.
وكان ثقةً زاهدًا.
روى عنه: عبدوس الهَمَذَانيّ، وغيره.
حرف العين:
82-
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَسْكويه2:
أبو بكر النَّيْسَابُوريّ.
1 البروجردي: نسبة إلى بروجرد من بلاد الجبل على ثمانية عشر فرسخًا من همذان "الأنساب "2/ 174".
2 تاريخ بغداد "1/ 146"، والمنتخب من السياق "287".
سمع: أَحْمَد بن محمد الخفّاف القَنْطريّ، ومحمد بن أَحْمَد بن عبدوس.
كتب عنه: الخطيب1، وغيره.
83-
عبد الرَّحمن بن غَزو بن محمد بن يحيى2:
أبو مسلم النّهاونديّ العطّار.
قَدِمَ هَمَذان في هذا العام، فحدَّث بها عن: ابن زنبيل النَّهَاوِنْديّ، وعبد الرَّحمن الْإِمام، وأبي أَحْمَد الفرَضي، وأبي الحسن الرَّفّاء، ومحمد بن بكران الرّازيّ، وأبي الحسن بن فراس العَبْقَسِيّ، وحمزة بن العبَّاس الطَّبَرِيّ، وخلقٌ سواهم.
وقع لنا جزء من حديثه من رواية جعفر الهَمَذَانيّ.
قال شيروَيْه: كان صدوقًا ثِقة، سمع منه العطَّار، وحدَّثني عنه أبو بكر الْإِخباريّ.
قلت: روى عنه ولده أبو طاهر المُطهّر، وأبو الفتح المُظفّر بن شجاع الهَمَذَانيّ.
قال السِّلفيّ: سمعت ولده المُطهّر يقول: توفِّي سنة 454.
84-
عَبْد الواحد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم بن يحيى بن مَنْدَهْ3:
أبو أَحْمَد الْأصبهانيّ المُعَلِّم.
حدَّث عن: عبيد الله بن جميل بـ"مسند أَحْمَد بن منيع".
حدَّث به عنه سعيد بن أبي الرّجاء في سنة خمسين؛ سمعه منه.
وقد حدَّث عن: أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن أَحْمَد بن جِشنِس، وأبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وأبي بكر مُحَمَّد بْن أحْمَد بْن الفضل بْن شَهْريار، وعبد اللَّه بن عمر بن الهيثم، وغيرهم.
وعنه: أبو عَليّ الحداد، وسعيد بن أبي الرجاء.
1 في تاريخ بغداد.
2 العبر "3/ 229"، وسير أعلام النبلاء "18/ 96، 97".
3 العبر "3/ 229"، وسير أعلام النبلاء "18/ 95، 96".
قال أبو القاسم بن مَنْدَهْ: توفِّي عبد الواحد بن أَحْمَد البقّال المعروف بكُله في صفر.
85-
عثمان بْن محمد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد بْن صالِح1:
أبو عمرو الْأصبهانيّ الخلَّال.
حدَّث بمُسْنَد أَحْمَد بن مَنِيع، عن عُبَيْد اللَّه بن جميل، عن جدِّهِ، عنه.
روى عن: أبي عبد اللَّه بن أبي نُوَاس، وعبد اللَّه بن عمر المذكِّر.
روى عنه: يحيى بن منده، وسعيد بن أبي الرجاء، وغيرهما.
86-
علي بن إسحاق:
والد الوزير نظام الملك.
مات ببلْخ في رجب من السنة.
87-
علي بن الحسين بن جابر:
أبو الحسن التنيسي الفقيه.
توفِّي في شوال. وهو راوي نسخة فُلَيح عن محمد بن عليّ النّقّاش.
88-
عليّ بن رضوان بن عليّ بن جعفر2:
أبو الحسن المصْريّ، صاحب المصنّفات.
من كبار الفلاسفة الْإِسلاميين، وله دار بمدينة مصر في قصر الشَّمع تُعرَف بدار ابن رضوان، وقد تهدَّمت.
قال عن نفسه: كانت دلالة النُّجُوم في مَوْلِدي تدُلُ على أنَّ صنعتي الطّبّ، فلمَّا بلغت عشر سنين سكنتُ القاهرة، وأجهدتُ نفسي في التَّعليم، فلمَّا بلغت أخذت في الطِّبّ والفلسفة، وكنتُ فقيرًا، فكنتُ أتكسَّبُ بالتَّنْجيم، ومرَّة بالطِّبّ، ومرّة بالتعليم، ولم أزل في غاية الاجتهاد في التّعليم إلى السنة الثانية والثلاثين فاشتهرت بالطب،
1 التقييد لابن نقطة "400".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 105، 106"، وشذرات الذهب "3/ 291"، وكشف الظنون "1596"، ومعجم المؤلفين "7/ 94".
وحصَّلت منه إلى أن كسبت منه أملاكًا وأنا في السِّتّين.
وكان أبوه خبَّازًا، ولم يزل يشتغل إلى أن تميَّز، وله صارت السُّمعة العظيمة، وخدم الحاكم صاحب مصر، فجعله رئيس الأطبَّاء، وطال عمره، وأدرك الغلاء قبل الخمسين وأربعمائة، فكان عنده ترْبية، وقيلَ: إنّها أخذت له نفائس وذهبًا كثيرًا، وهُرّبت، فتغيَّر حاله واضطّرب.
وكان كثير الردِّ على أرباب فنِّه، وعنده سفهٌ في بحثه وتشنيع.
ولم يكن له شيخ، بل أخذ من الكُتُب، وألَّف كتابًا أنَّ تحصيل الصناعة من الكُثُب أوفق من المُعلِّمين، وغلا في ذلك. وكانت وفاة عليّ بن رضوان في هذه السَّنة؛ سنة ثلاثٍ وخمسين.
وكان يرجع إلى دينٍ وتوحيد، فإنَّهُ قال: أفضل الطَّاعات النّظر في الملكوت، وتمجيد المالك لها، ومن رُزِقَ ذَلِكَ فقد رُزق خير الدُّنيا والَآخرة، وطُوبَى لَهُ وحُسن مآب.
وقد شرح عدة كتب لجالينوس، وله مقالة في دفع المضار بمصر عن الأبدان، وكتاب في أنَّ حال عبد اللَّه بن الطَّيّب حال السوفسطائية، وكتاب "الانتصار" لأرسطوطاليس، و"تفسير ناموس الطب" لأبقراط، كتاب "المعاجين والأشربة"، و"تذكرة في إحصاء عدد الحُميات"، و"رسالة في الأورام"، و"رسالة في علاج داء الفيل"، و"رسالة في الفالج"، و"كتاب مسائل جرت بينه وبن ابن الهيثم" المذكور في صدور الثّلاثين في المجرّة والمكان، وكتاب في "الأدوية المفردة"، و"رسالة في بقاء النفس بعد الموت"، و"مقالة في فضل الفلسفة"، و"مقالة في نُبوة مُحَمَّد رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَنْ التَّورية والفلسفة"، ومقالة في حدوث العالم، و"مقالة في توحيد الفلاسفة"، وكتاب في "الرَّد على ابن زكريا الرازي في العلم الإلهي"، و"إثبات الرسل"، و"مقالة في التّنبيه على حِيل المُنَجّمين" ويصف شرفها، "مقالة في جُمَل السياسة".
وقد تركت أكثر ممّا ذكرت من تصانيفه التي ساقها ابن أبي أُصيبعة1.
1 في عيون الأنباء "566، 567".
89-
عليّ بن محمد بن يحيى بن محمد1:
أبو القاسم السُّلَميّ الحُبَيْشيّ، المعروف بالسُّمْيَساطيّ2.
واقف الخانقاه، وقبره بها.
روى عن: أبيه، وعبد الوهَّاب الكِلابيّ.
ولجدِّه سماع من عثمان بن محمد الذهبي.
وكان أبو القاسم متقدما في علم الهندسة، وعلم الهيئة3.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وإبراهيم بن يونس المقدسي، وأبو القاسم النسيب، وأحمد بن المسلم الهاشمي، وأبو الحسن بن سعيد، وأبو الحسن بن قبيس المالكي، وجماعة.
وولد بعد السبعين وثلاثمائة.
قال الكتاني: توفِّي في ربيع الآخر، ودُفن بداره، ووقفها على الصوفية، ووقف علوَّها على الجامع، ووقف أكثر نعمته4.
وحدَّث عن عبد الوهاب "بجزء ابن خُريم"، و"بالموطأ"، وعن والده "بجزء ابن زبّان"، وكان يذكر أنَّهُ وُلِدَ في رمضان سنة أربعٍ وسبعين.
90-
عمر بن أَحْمَد بن الواثق5:
أبو محمد الهاشميّ.
سمع: محمد بن يوسف بن دوست العلاف، وأبا طاهر المخلّص.
قال الخطيب: كتبتُ عَنْه، وكان صدوقًا.
وقال غيره: يُعرف بابن الغريق.
توفِّي في شوال.
1 سير أعلام النبلاء "18/ 71، 72"، وشذرات الذهب "3/ 291".
2 السميساطي: نسبة إلى سميساط، وهي من بلاد الشام "الأنساب "7/ 153".
3 الإكمال "7/ 141، 142".
4 مختصر تاريخ دمشق "18/ 170".
5 تاريخ مختصر بغداد "11/ 276".
91-
عُمَر بْن محمد بْن عليّ1:
أبو طاهر بن رادة2 الأصبهاني الخرق الدَّلّال.
سمع: أبا بكر بن المقري، وأبا عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وأبا عَمْر السُّلميّ.
وعنه: سَعِيد بْن أَبِي الرَّجاء، والحسين بْن عَبْد الملِك الخلّال.
وكان أُميّا لَا يكتب.
حرف القاف:
92-
قريش بن بدران بن مقلّد بن المسيّب العُقَيْليّ3:
الَأمير أبو المعالي صاحب الموصِل.
ولِيها عشر سنين.
وقد ذكرنا أنّهُ ذبح عمَّهُ قرواشًا في مجلسه4، ثُمّ إن قريشًا قام مع البساسيريّ سنة خمسين، ونهب دار الخلافة، وكان موته بالطّاعون وله إحدى وخمسون سنة، وقام بعده ولده شرف الدَّولة أبو المكارم مسلم بن قُرَيْش، فاستولى على ديار ربيعة ومُضَر، وملك حلب، وأخذ الحمل من بلاد الرّوم.
وكان حاصر دمشق وكاد أن يأخذها.
حرف الميم:
93-
محمد بن إبراهيم بن وهب القيسيّ الطُلَيطُليّ5:
حجّ، ولقي أبا الحسن بن جَهْضَم، وأبا ذر الهرويّ فأخذ عنهما، وأقبل على التجارة وعمارة ماله.
1 الأنساب "5/ 91".
2 في الأنساب: "زاده".
3 الكامل في التاريخ "10/ 17"، والعبر "3/ 230".
4 في سنة 444هـ، "وفيات الأعيان".
5 الصلة لابن بشكوال "2/ 537".
94-
مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن قُورتش1:
أبو عبد اللَّه قاضي سرقُسطة.
حجّ وكتب عن: عتيق بن إبراهيم القَرَوِيّ، وأبي عمران الفاسيّ، وجماعة.
روى عنه: ابنه أبو محمد، وأبو الوليد الباجيّ.
وكان ثقةً ضابطًا، راويةً للعِلم.
وممّن روى عنه: أبو محمد بن حَزْم.
95-
محمد بن الحسن بن عليّ2:
الَأستاذ أبو بكر الطّبريّ المقرئ.
من كبار القرَّاء بخُراسان.
سمع الكثير، وحدَّث عن: أبيه طاهر بن خُزَيْمَة، وأبي محمد المخلديّ، والجوزقيّ، وجماعة.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ، وإسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ.
وكان من كبار أصحاب أبي الحسين الخبَّازيّ، وكان يُصلِّي في مساجد ثلاثة كل يوم في مسجد، والناس يتنقلون معه من مسجد إلى مسجد ليسمعوا تلاوته لِطِيب نغمته وحُسْن قراءته.
وقد أملى مُدَّة.
96-
محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن محمد بن جعفر3:
أبو سَعْد بن أبي بكر النَّيْسَابُوريّ الكَنْجَرُوذيّ الفقيه الأديب النَّحويّ الطّبيب الفارس، شيخ مشهور.
قال عبد الغافر4: له قَدَم في الطِّب والفروسيّة وأدب السلاح.
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 537"، وفيه:"فورنش".
2 المنتخب من السياق "52، 53".
3 العبر "3/ 230"، وسير أعلام النبلاء "18/ 101، 102"، وشذرات الذهب "3/ 291".
4 في المنتخب من السياق "44".
كان بارع وقته لاستجماعه فنون العلم. أدرك الأسانيد العالية في الحديث والَأدب، وأدرك ببغداد أئِمّة النّحو.
وحدَّث عن: أبي عَمْرو بن حَمْدان، وأبي الحسين أَحْمَد بن محمد البَحْيريّ، وأبي سعيد بن محمد بن بِشر البَصْريّ، وشافع بن محمد الْإِسْفَرائِينيّ، وأبي بكر محمد بن محمد الطَّرازيّ، وأبي بكر أَحْمَد بن الحسن بن مهران، وأحمد بن محمد البالويّ، وأحمد بن الحسن المروانيّ، وأبي أَحْمَد الحاكم، والحسين بن علي التميمي حسينك، وأبي الحسين بن دهثم الطّرَسُوسيّ، وأبي سعيد عبد اللَّه بن محمد الرّازيّ، وطبقتهم.
وسمع منه الخلق سنين، وختم بموته أكثر هذه الرّوايات، وله شِعرٌ حَسَن.
قلت: روى عنه: إسماعيل بن عبد الغافر الفارسيّ، وأبو عبد الله الفرّاوي، وعبد اللَّه السيدي، وتميم بْن أَبِي سَعِيد الْجُرْجَانيّ، وزاهر بن طاهر، وعبد المنعم بن الشّيريّ.
قال عبد الغافر بن إسماعيل: وقد أجاز لي جميع مسموعاته وخطَّهُ عندي، وهو مما أعتدُّ به وأُعِدُّهُ من الاتفاقات الحسنة.
قلت: توفِّي بِنَيْسَابُور في صفر، وقد سمعت جملةً من عواليه بالْإِجازة.
97-
محمد بن محمد بْن يحيى بْن الْحُسَيْن بْن أحْمَد بْن عَلِيّ بْن عاصم1:
الَأستاذ أبو عبد اللَّه الجوريّ.
قال عبد الغافر2: شيخ مستور ثقة، عالم من أولاد العلماء، بيتهم بيت العلم والصّلاح، سمَّعه أبوه الأستاذ أبو عَمْرو من يحيى بن إسماعيل الحربيّ، وتوفّي فجأة في سابع عشر ذي القعدة.
وقال عليّ بن محمد في "تاريخ جرجان": سمع الحسن بن أَحْمَد المَخْلَديّ، وأبا الحسين أَحْمَد بن محمد الخفّاف، وأبا بكر الجوزقيّ؛ وذكر جماعة.
قال: وخرج لنفسه الفوائد.
1 تاريخ بغداد "3/ 232"، والمنتخب من السياق "42".
2 في المنتخب وفيه تحرف "الجوري" إلى "الخوري".
98-
المعزّ بن باديس1:
قيل: توفِّي في هذا العام، وقيل: توفِّي سنة أربعٍ كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وفيَّات سنة أربع وخمسين وأربعمائة:
حرف الألِف:
99-
أَحْمَد بن إبراهيم بن موسى بن أحمد بن منصور2:
أبو سعد المقري النَّيْسَابُوريّ الشّاماتيّ.
عُرفَ بابن أبي شمس.
له أربعون حديثًا سمعناها.
روى عن: أبي بكر الجوزقي، أبي محمد المخلديّ، وأبي طاهر محمد بن الفضل بن خُزمة، وأبي نُعَيْم عبد الملك بن الحسن الْإِسْفَرَائيِنيّ، وأبي القاسم بن حبيب المُفسِّر.
ورحل من نَيْسَابُور، فسمع بهراة من القاضي أبي منصور الأزديّ.
روى عنه: أبو المظفّر عبد المنعم بن القُشَيْريّ، وزاهر بن طاهر الشَّحّاميّ، وغير واحد، وأحمد بن محمد بن صاعد القاضي.
قال عبد الغافر3: شيخ فاضل مشهور، ثقة، عالم بالقراءات، متصرِّف في الأمور، اختاره المشايخ لنيابة الرّئاسة بِنَيْسَابُور مُدّة لحسن كفاءته، وفصله بالتّوسط بين الخصوم.
عقد مجلس الْإِملاء، وأملى سنين.
ومات في شعبان، وله نحوٌ من ثمانين سنة.
وقد سمع كتابه "الغاية" من أبي بكر بن مهران في القراءات.
1 انظر ترجمته في وفيات سنة "454هـ" برقم "124".
2 العبر "3/ 231"، وسير أعلام النبلاء "18/ 122"، وشذرات الذهب "3/ 292".
3 في المنتخب من السياق "96، 97".
100-
إبراهيم بْن العبّاس بْن الحَسَن بْن العبّاس بْن الحسن بن أبي الجنّ الحُسَيْنيّ1:
أبو الحسين، قاضي دمشق وخطيبها نيابةً عن قاضي القضاة بمصر أبي محمد القاسم بن النُّعمان قاضي المُستنصِر العُبَيْدي.
روى بالْإِجازة عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي كامل الأطرابُلُسيّ.
روى عنه: ابنه أبو القاسم النّسيب.
توفِّي في شعبان عن ستّين سنة.
حرف الباء:
101-
بكر بن عيسى بن سعيد2:
أبو جعفر الكِنْديّ القُرْطُبيّ الزّاهِد.
روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، ومحمد بن عتّاب.
قال أبو عليّ الغسناني: هو شيخي ومُعلِّمي، وأحد من أنعم اللَّه عليّ بصُحْبته، اختلفت إليه نحو خمسة أعوام في تعلُّم الفقه والَأدب، لم تر عيني قط مثله نُسكًا وزهدًا وصيانة، وانقباضًا عن جميع أهل الدُّنيا.
توفِّي رحمه الله في رجب.
حرف الثّاء:
102-
ثََمال بن صالح بن الزَّوْقَلِيّة3:
الَأمير مُعِزّ الدّولة أبو علوان الكِلابيّ رئيس بني كِلاب.
تملَّك حلب وغيرها، وكان بطلًا شجاعًا حليمًا كريمًا، أغنى أهل حلب بماله وعمَّهم بأفضاله، وأحسن إلى العرب.
1 أخبار مصر لابن ميسر "2/ 14"، والنجوم الزاهرة "5/ 85".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 115".
3 الكامل في التاريخ "10/ 24"، والبداية والنهاية "12/ 88".
عزله صاحب مصر المُسْتَنْصِر ثمّ ردّه، وكان الفُضلاء يقصدونه ويأخذون جوائِزَهُ.
توفِّي في ذي القعدة، وقبل ذلك بيسير كانت الوقعة المذكورة بينه وبين الرُّوم، ونُصِرَ عليهم، وقَتَل منهم خلقًا.
حرف الحاء:
103-
الْحَسَن بْن عليّ بْن مُحَمَّد بن الحسن1:
أبو محمد الجوهريّ الشّيرازيّ، ثم البغدادي المقنعي.
مسند العراق، بل مُسنِد الدُّنيا في عصره.
سمع: أبا بكر القَطيعي، وأبا عبد اللَّه العسكريّ، وعليّ بن لؤلؤ، ومحمد بن أَحْمَد بن كَيْسان، وأبي الحسن محمد بن المُظَفَّر، وعبد العزيز بن جعفر الخِرقيّ، وأبي عمر بن حَيَّوَيْهِ، وأبي بكر بن شاذان، والدَّارَقُطْنيّ، وخلقًا سواهم.
وأملى مجالس كثيرة.
وحدَّث عن القَطيعيّ بمُسْنَد العَشَرة، وبِمُسْنَد أهل البيت من "مُسْنَد أَحْمَد".
قال الخطيب2: سمعته يقول: ولدتُ في شعبان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وكان ثقةً أمينًا، كتبنا عنه.
قلت: وروى عنه: أبو نصر بن ماكولا الحافظ، وأبو الغنائم محمد بن علي الترسي، ومحمد بن عليّ بن عيَّاش الدَّبّاس، وأبو عليّ البردانيّ، وقراتكين بن الأسعد، وأبو المواهب أَحْمَد بن محمد بن مُلوك، وشجاع الذُّهلي، وهبة اللَّه بن الحُصين، وأبو غالب أَحْمَد بن البنَّا، وأبو بكر قاضي المارستان، وهو آخر من سَمِعَ منه.
وآخر من رَوَى عنه بالْإِجازة أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن خَيْرون.
توفِّي في سابع ذي القعدة.
1 تاريخ بغداد "7/ 393"، والأنساب "3/ 379"، وسير أعلام النبلاء "18/ 68-70"، والبداية والنهاية "12/ 88".
2 في تاريخ بغداد "7/ 393".
وقيل لَهُ المقنعيّ؛ لَأنَّه كان يَتَطَيْلَس1 ويلتف بها من تحت عنكه2.
104-
الحسن بن إبراهيم بن الفُرَات:
أبو البركات.
توفِّي في صفر بمصر.
حرف الخاء:
105-
خَلَف بن أَحْمَد بن بطَّال3.
أبو القاسم البكريّ البَلَنْسيّ.
روى عن: أبي عبد الله بن الفخَّار، وأبي عبد الرَّحمن بن جحّاف القاضي، ومحمد بن يحيى الزَّاهد، وغيرهم.
حدَّث عنه: أبو داود سليمان بن نجاح المقرئ، وأبو بحر سُفْيان بن العاص.
قال ابن خَزْرَج: لقيته بإشبيليّة سنة أربعٍ وخمسين، وكان فقيهًا أصوليًّا من أهل النَّظر والاحتجاج بمذهب مالك.
قلت: توفِّي كهلًا بعد هذا.
حرف الزّاي:
106-
زُهير بن الحَسَن بن عليّ4:
أبو نصر السّرخسيِّ الفقيه.
قرأ الفقه ببغداد على: أبي حامد الإسفرائيني.
وبرع في الفقه، وكان إليه المرجوع في المذهب.
وقد روى الكثير.
1 أي: يلبس الطيلسان.
2 هكذا في الأصل، ولعل الصحيح "حنكه".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 170، 171".
4 الأنساب "5/ 56"، والكامل في التاريخ "10/ 30"، وسير أعلام النبلاء "18/ 134، 135"، والبداية والنهاية "12/ 90".
سمع من: زاهر بن أَحْمَد السَّرخسيّ، وأبي طاهر المخلص، وغيرهما.
وسمع "سنن أبي داود" من أبي عمر الهاشميّ، وطال عمره، وصار مُقَدّم أصحاب الحديث بسرخس.
قال أبو سعد السَّمعانيّ1: لقيتُ من أصحابه أبا نصر محمد بن أبي عبد اللَّه بِسَرخس.
وقد قال بعض الفقهاء: ما رأينا أحسن من تعليقة أبي نصر عن أبي حامد، لازمه ستّ سنين.
وقيل: إنَّهُ توفِّي سنة خمسٍ وخمسين في شوَّال، وسنة أربع أشهُر.
عاش بضعًا وثمانين سنة.
حرف السِّين:
107-
سَعْد بن أبي سَعْد محمد بن منصور2:
أبو المحاسن الْجُولَكيّ3، توفِّي في رجب بأستِراباذ، وهو ابن بنت الْإِمام أبي سعد الْإِسماعيليّ.
وُلِدَ سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، وتفقَّه، ورأس في أيام والده بعد الأربعمائة وهو أمرد، ودرَّس الفقه.
وكان رئيسًا محتشمًا عالمًا محققًا، تخرّج به جماعة.
وقد روى عن: جدّه أبي نصر، ووالده، وأبي بكر العدسيّ، وأبي محمد الكارزيّ4.
قُتِلَ مظلومًا شهيدًا بأَسْتِراباذ -رحمه اللَّه تعالى.
108-
سِيْد بن أحمد بن محمد5:
1 في الأنساب "5/ 56".
2 المنتظم "8/ 228"، والمنتخب من السياق "241"، والبداية والنهاية "12/ 88".
3 الجولكي: نسبة إلى جولك الغازي البكراباذي "الأنساب "3/ 375".
4 الأنساب "3/ 377".
5 الصلة لابن بشكوال "1/ 228".
أبو سعيد الغافقيّ، نزيل شاطبة.
شيخ مسند.
سمع من: أبي محمد الأصيليّ، وأبي عمر بن المُكوي.
وكان من أهل الضَّبط والَأدب.
أخذ عنه أبو القاسم بن مُدبر كتاب البخاري.
حرف الطاء:
109-
طاهر بن أَحْمَد بن بابشاذ1:
أبو الحسن الجوهري المصري النحوي، مصنّف "المقدمة" و"شرح الْجُمَل".
كان صاحب ديوان الْإِنشاء بمصر، وله حلقة إشغال بجامع مصر، ثُمَّ تزهَّد وانقطع.
ورَّخه القفْطيّ.
وقال غيره: توفِّي سنة تسعٍ وستِّين، وأراه أشبه فسأُكَرّره.
110-
طُغْرُلْبَك السُّلطان2:
مات بالرّيّ، وعُمل عزاؤه في دار الخلافة ببغداد في رمضان.
وهذا غَلَطٌ، إنَّما تُوُفّي سنة خمسٍ كما سيأتي.
حرف العين:
111-
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حَسِنكويه3:
أبو بكر النيسابوري.
سمع أبا الحسين الخفّاف.
1 انظر ترجمته في وفيَّات سنة "469هـ" برقم "288".
2 ستأتي ترجمته برقم "133".
3 تقدَّمت ترجمته برقم "82".
112-
عبد اللَّه بن المُظفّر بن محمد بن ماجه:
أبو الفتح الْأصبهانيّ النّاقد.
عن: ابن مَنْدَهْ.
مات في المُحرَّم.
113-
عبد الرحمن بن أَحْمَد بن الحسن بن بُندار1:
أبو الفضل العِجلي الرّازيّ المقرئ، الزَّاهِد الْإِمام.
أصله من الرّيّ، وَوُلِدَ بمكّة، وكان يتنقَّل من بلدٍ إلى بلد. كان مُقرِئًا جليل القدْر.
قال أبو سَعْد في "الذَّيْل": كان مُقرِئًا فاضلًا، كثير التصانيف، حسن السيرة، زاهدًا متعبِّدًا، خَشِنَ العيْش، منفردًا عن النَّاس، قانعًا، أكثر أوقاته يُقرئ ويُسمع.
وكان يسافر وحده ويدخل البراري.
سمع بمكَّة: أَحْمَد بن فِراس، وعليِّ بن جعفر السَّيْرَوانيّ شيخ الحرم، وأبا العبّاس الرَّازيّ.
وبالرّيّ: أبا القاسم جعفر بن فَنّاكي، وبنَيْسابور: أبا عبد الرّحمن السُّلمي، وبطوس: أَحْمَد بن محمد العمّاريّ، وبنَسا: محمد بن زهير بن أخطل النَّسويّ، وبجُرجان: أبا نصر محمد بن الْإِسماعيليّ، وبأصبهان: أبا عبد اللَّه ابن منده؛ وبأبرقوه2: الحسنين بن أَحْمَد القاضي، وببغداد: أبا الحسن الحمّاميّ، وبِسارية3، وتُستَر، والبصرة، والكوفة، وحرَّان، والرُّها، وأَرَّجَان، وكازَرُون4، وفَسا5، وحمص، ودمشق، والرّملة، ومصر، والْإِسكندريّة.
1 المنتخب من السياق "308"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1128"، وسير أعلام النبلاء "18/ 135-138"، وشذرات الذهب "3/ 293".
2 أبرقوه: بليدة بنواحي أصبهان على عشرين فرسخًا منها. "معجم البلدان "1/ 169".
3 سارية: مدينة بطبرستان. "معجم البلدان "1/ 169".
4 كازرون: مدينة بفارس بين البحر وشيراز. "معجم البلدان "4/ 429".
5 فسا: مدينة بفارس. "معجم البلدان 4/ 260".
وكان من أفراد الدَّهر عِلمًا وورعًا.
سمع منه جماعة من الأئِمّة كأبي العبّاس المستغفريّ، وأبي بكر الخطيب، وأبي صالح المؤذّن.
وثنا عنه: محمد بن عبد الواحد الدّقّاق، والحسين بن عبد الملك الخلّال، وفاطمة بنت محمد البغداديّ.
قلت: وروى عنه أيضًا: أبو عليّ الحدّاد، وأبو سهل بن سَعْدَوَيْه.
وقرأ عليه بالرّوايات الحدَّاد، وقرأ عليه لنافع نصر بن محمد الشّيرازيّ، شيّخٌ تلا عليه السِّلَفيّ.
قال بن عساكر1: قرأ عَلَى أبي الحسن عليّ بن داود الدَّارانيّ بحرف ابن عامر، وعلى أبي عبد اللَّه المجاهديّ.
وسمع بمصر من: أبي مسلم الكاتب.
وقال عبد الغافر الفارسيّ2: وكان ثِقةً جوَّالًا إمامًا في القراءات، أوحد في طريقته، وكان الشّيوخ يُعظِّمونه.
وكان لَا يسكن الخوانق3، بل يأوي إلى مسجدٍ خَراب، فإذا عُرف مكانه تركه، وكان لا يأخذ من أحدٍ شيئًا، وإذا فُتِح عليه بشيء آثر به غيره.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: قرأ عليه القُرآن جماعة، وخرج من عندنا إلى كرْمان فحدَّث بها، ومات بها في بلد أوشير في جُمَادَى الأُولى سنة أربعٍ وخمسين.
قال: وبلغني أنَّهُ وُلِدَ سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. ثِقَةٌ ورِعٌ مُتَدَيِّن، عارف بالقراءات والرّوايات، عالم بالَأدب والنّحو، وهو أكبر من أن يدُل عَلَيْهِ مِثلي، وهو أشهر من الشَّمس، وأضوأ من القمر، ذو فنونٍ من العلم.
وكان مهيبًا منظورًا، فصيحًا، حسن الطَّريقة، كبير الوَزْن.
1 في تاريخ دمشق.
2 في المنتخب من السياق "308".
3 الخوانق: مفردها: خانقاه، وهي رباط الصوفية.
قلت: وسمع بدمشق من عبد الوهَّاب الكِلابيّ؛ وبسامِرّاء من: ابن يوسف الرّفّا راوي "الموطَّأ" عن الهاشميّ، عن أبي مُصْعَب.
قال السِّلفيّ: سمعت أبا البركات عبد السَّلام بن عبد الخالق بن سَلَمَة الشِّيرازيّ بمَرَند يقول: اقتدى أبو الفضل الرّازيّ في الطّريقة بالسَّيْرَوَانيّ شيخ الحرم، وحدَّث عنه وصحبه، وصحب الشّيروانيّ أبا محمد المرتعِش، وصحب المُرْتَعِشُ الجُنيد، وهو صحب السَّقطيّ، وهو معروفًا، وهو داود الطائيّ، وهو حبيبًا العجميّ.
وقال ابن عساكر1: أنبأنا أبو نصر عبد الحكيم بن المُظفّر من الكَرْج: أنشدني الْإِمام أبو الفضل الرَّازيّ لنفسه:
أخي إنَّ صِرف الحادثات عجيبُ
…
ومن أيقظته الواعظاتُ لَبِيبُ
وإنَّ اللّيالي مفنِياتٌ نفوسَنا
…
وكُلٌّ عليهِ للفَنَاءِ رقيبُ
أيا نَفْسُ صَبْرًا فاصطِبَارُكِ راحةٌ
…
لكُلِّ امرئٍ منها أخيّ نصيبُ
وله مُضمّنًا فيها:
إذا ما مضى القرْن الّذي أنت فِيهُمُ
…
وخُلِّفت في قرنٍ فأنتَ غريبُ
وإنّ امرءًا قد سار سبعين حَجّةً
…
إلى منهلٍ من وِرْده لقريبُ
البيتان مُضمّنان.
وقال أبو عبد الله الخلّال: أنشدنا أبو الفضل لنفسِه:
يا موتُ ما أجفاكَ من زائِرٍ
…
تنزل بالمرء على رغمِهِ
وتأخذ العذراء من خِدرها
…
وتأخذ الواحد من أُمِّهِ
قال الخلّال: خرج الْإِمام أبو الفضل من أصبهان متوجّهًا إلى كرْمان، فخرج النَّاس يُشيِّعونه، فصرفهم وقصد الطريق وحده وقال:
إذا نحنُ أدلجنا وأنت إمامنا
…
كفى لمطايانا بذكراك حاديا2
قرأت على أبي الفضل الأسديّ: أخبرك ابن خليل، أنا الخليل الدّاراني، أنا أبو
1 في تاريخ دمشق "22/ 308".
2 تاريخ دمشق "22/ 308"، وسير أعلام النبلاء "18/ 137".
عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد الدّقاق قال: وَرَدَ علينا الشّيخ الْإِمام الأوحد أبو الفضل عبد الرَّحمن بن أَحْمَد الرّازيّ، لقاه الله رضوانه، وأسكنه جنابه.
وكان إمامًا من الأئِمّة الثِّقات في الحديث والرّوايات والسُّنَّة والقراءات، وذِكره يمْلأ الفم، ويُذرف العَيْن. قَدِمَ أصبهان مِرارًا، الأولى في أيّام ابن مَنْدَهْ، وسمع منه، سمعت منه قطعة صالحة. وكان رجلًا مَهيبًا، مَديد القامة، وليًّا من أولياء اللَّه، صاحب كرامات.
طوَّف الدُّنيا مُفيدًا ومُستفيدًا.
ثُمَّ ذكر الدَّقَاق شيوخه وباقي ترجمته.
وقال الخلّال: كان أبو الفضل الرّازيّ في طريق، وكان معه قليل من الخبز، وشيء يسير من الفانيذ، فقصده جماعة من قطاع الطريق، وأرادوا أن يأخذوه، فَدَفَعَهُم بعصاه، فقيل لهُ في ذلك، فقال: إنّما منعتهم لأنَّ الّذي كانوا يأخذوهُ مِنّي كان حلالًا. ورُبّما كنت لا أجد مثله حلالًا1.
ودخل كرْمان في هيئةٍ رثّة، وعليه أخلاقٌ وأسمال، فحُمل إلى الملك وقالوا: هو جاسوس، فقال الملك: ما الخبر؟ قال: تسألني عن خبر الأرض أو خبر السّماء؟ فإن كنت تسألني عن خبر السّماء، فـ {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] ، وإن كنت تسألني عن خبر الأرض، فـ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] .
فتعجَّب الملك من كلامه وأكرمه، وعرض عليه مالًا فلم يقبله2.
114-
عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن مالك3:
أبو القاسم الغسَّاني الأندلُسيّ البَجَّانيّ اللُّغَويّ.
روى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ، وغيره.
أرّخه ابن بَشكُوال.
1 معرفة القراء الكبار "1/ 419".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 138".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 336".
115-
عَبْد الرَّحْمَن بْن غزْو بن محمد بن حامد بن غزو1:
هذا موضعه، وقد تقدَّم في الماضية فليحوَّل.
116-
عبد الرّحمن بن المُظفّر بن عبد الرحمن بن محمد2:
أبو القاسم السُّلَميّ المصريّ الكحَّال النَّحْويّ.
قال السِّلَفيّ: كان ليِّنًا في الحديث على ما ذكروا، واللَّه يعفو عنه.
قلت: روى عَنْ: أَبِي بَكْر أَحْمَد بْن محمد المُهندِس، وغيره.
روى عنه: أبو زكريّا البخاريّ، والرّازيّ في مشيخته، وغير واحد.
توفِّي بمصر في ربيع الأوّل.
117-
عمر بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حسن بْن شاهين3.
أبو حفص الشّاهينيّ الفارسيّ، مُسنِد تلك الدّيار.
وعاش نيِّفًا وتسعين سنة.
وعنده حديث عُتيبة بعُلُوٍّ، سمعه في سنة372 من ابن جابر بسماعه من محمد بن الفضل البَلْخيّ.
سمع بسَمَرْقَنْد: أبا بكر محمد بن جعفر بن جابر، وأبا عليّ إسماعيل بن حاجب الكُشاني، وأبا سعد الْإِدريسيّ الحافظ.
قال الحافظ أبو سَعْد4: روى عنه أهل سَمَرْقَنْد، وله أوقاف كثيرة، ومعروف، مات في ذي القعدة.
قلت: روى على بن أَحْمَد الصّيرفيّ عنه، وغيره.
118-
عمر بن عُبَيْد الله بن يوسف بن حامد5:
1 تقدَّمت ترجمته "83".
2 ميزان الاعتدال "2/ 591"، ولسان الميزان "3/ 439".
3 الأنساب "7/ 272"، وسير أعلام النبلاء "18/ 127".
4 في الأنساب "7/ 272".
5 الصلة لابن بشكوال "2/ 399-401"، وسير أعلام النبلاء "18/ 219، 220"، وشذرات الذهب "3/ 293"، وطبقات الحفاظ "432".
أبو حفص الذُّهلي الزَّهْرَاويّ القُرْطُبيّ الحافظ.
روى عَن القاضي أبي المُطَّرِّف بن فُطيس، وعبد الوارث بن سُفْيان، وأبي محمد بن أسد، وأبي الوليد بن الفَرَضيّ، وأبي عبد اللَّه بن أبي زَمَنين، وسَلَمة بن سعيد، وأبي المطرّف القنازعيّ، وعبد السّلام بن السّمح الزَّهْرَاويّ، وأبي القاسم بن عُصفور، وخلقٌ كثير بقُرْطُبة وإشبيليّة والزَّهْراء.
وكتب إليه بالْإِجازة الفقيه أبو الحسن القابِسيّ، وكان معتنيا بنقل الحديث وسماعه وجَمْعِهِ.
روى عنه: محمد بن عَتّاب، وابناه أبو محمد وأبو القاسم، وأبو مروان الطُّبْنيّ1، وأبو عمر بن مهديّ المقرئ، قال: وكان خيِّرًا مُتصاوِنًا، ثقة، قديم الطَّلب.
وحدَّث عنه أيضّا أبو عليّ الغسّانيّ.
وذُكر أنّه اختلط في آخر عمره.
قال ابن بَشكوال2: أنا عنه أبو مُحَمَّد شيخنا.
وقال لي: إنَّ أبا حفص لحقته في آخر عمره خَصاصة، فكان يتكفّفّ النّاس.
وقرأت بخط أبي مروان الطُّبني: أخبرني أبو حفص قال: شددتُ في البيت ثمانية أحمال كُتُب لَأخرِجها إلى مكان، فلم يتم لي العزم، حتى انْتَهَبَنا البربر.
توفِّي في نِصف صَفَر، وكان مولده في صفر أيضًا سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وكان مُسنِد أهل الأنْدَلُس في زمانه مع ابن عبد البرّ.
حرف الميم:
119-
محمد بن أَحْمَد بن مطرِّف3:
أبو عبد اللَّه الكتّانيّ القرطبي المقري الطُّرفي.
1 الطبني: هذه نسبة إلى طبن: بلدة بالمغرب. "الأنساب 8/ 212".
2 في الصلة "2/ 400".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 538".
روى عن: القاضي يُونُس بْن عَبْد اللَّه، وأبي مُحَمَّد بن الشَّقّاق.
وقرأ بالرّوايات على مكّي، واختصَّ به، وبرع في القراءات. وكان صاحب ليلٍ وعبادة.
قال ابن بشكوال: أنا عنه أبو القاسم بن صواب بجميع ما رواه، وغيره من شيوخنا، ووصفوه بالمعرفة والجلالة وكثرة الدُّعابة والمُزاح وحُسن الباطن.
توفِّي رحمه الله في صفر عن ستٍّ وستّين سنة.
120-
محمد بن سلامة بن جعفر بن عليّ1:
القاضي أبو عبد اللَّه القُضاعي، الفقيه الشّافعيّ، قاضي مصر ومُصنِّف كتاب "الشِّهاب".
سمع: أبا مسلم محمد بن أَحْمَد الكاتب، وأحمد بن ثَرْثال، وأبا الْحَسَن بْن جَهْضَم، وأبا مُحَمَّد بْن النحاس، وخلقًا بعدهم.
روى عنه: الحُميدي، وأبو سعد عبد الجليل السّاويّ، ومحمد بن بركات السَّعِيديّ، وسهل بن بشر الإسفرائيني، وأبو عبد الله الرّازيّ في مشيخته، وأبو القاسم النسيب، وجماعة كثيرة من المغاربة.
قال الأمير ابن ماكولا2: كان متفنِّنًا في عِدّة علوم، ولم أر بمصر من يجري مجراه.
وقال غيث الأَرْمَنَازيّ: كان ينوب في الحُكم بمصر، وله تصانيف، منها "تاريخ مختصر" في خمسة كراريس، من مبتدأ الخلق إلى زمانه، وله كتاب "أخبار الشّافعيّ".
وقال غيره: له "معجم شيوخه"، وكتاب "دستور الحُكْم" كتب عنه الحُفّاظ كأبي بكر الخطيب، وأبي نصر بن ماكولا.
وقال الفقيه نصر المقدسيّ: قَدِمَ علينا أبو عبد اللَّه القضاعي رسولًا صُور من
1 الكامل في التاريخ "10/ 23"، والعبر "3/ 223"، وسير أعلام النبلاء "18/ 92، 93"، وشذرات الذهب "3/ 293".
2 الإكمال "7/ 147".
المصريين إلى بلد الرّوم، فذهب ولم أسمع منه، ثم إنِّي رويتُ عنه بالْإِجازة1.
وقال الحبَّال: توفِّي في ذي الحجّة بمصر.
وقال السِّلفي2: كان من الثقات الأثبات، شافعيّ المذهب والاعتقاد، مرضيّ الْجُملة.
قلت: قد روى عن شيخٍ لقيه بالقُسْطَنْطِينيّة لمّا ذَهَبَ إليها رسولًا3.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَامَةَ، عَنْ هِبَةِ اللَّه بْنِ عَلِيٍّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَرَكَاتٍ السَّعِيدِيُّ، أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّه بْنُ سَلَامَةَ الْقُضَاعِيُّ، أَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ، ثَنَا الْبَغَوِيُّ، ثَنَا شَيْبَانُ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ حَمْزَةَ الْعَطَّارُ، ثَنَا الحسن، عن عمران ابن حُصين، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَطْل الْغَنِيِّ ظُلم، وَمَسْأَلَةُ الْغَنِيِّ شينٌ فِي وَجْهِهِ، ومَسْأَلَةُ الْغَنِيِّ نَارٌ"4.
كَتَبَ عَنْهُ أَهْلُ بَلَدِهِ.
121-
محمد بن عَبْدَة بن مَلّة الهَرَويّ:
البزّاز.
شيخٌ مُسِنّ. سَمِعَ: أبا محمد بن حَموَيْه السَّرْخَسيّ، وأبا حامد النُّعَيْمِيّ.
122-
محمد بن محمد بن عليّ5:
أبو الحسين البغداديّ الشُّرُوطيّ.
حدَّث عن: المُعَافَى الجريريّ، وأبي القاسم بن حبابة.
قال الخطيب: لم يكُن ديّنًا، كان يترفَّض.
123-
محمد بن محسّن بن قريش6:
1 تاريخ دمشق "38/ 3".
2 في معجم السفر "2/ 376".
3 طبقات الشافعية الكبرى للسبكي "3/ 62".
4 "حديث صحيح": مختصر بلفظ: $"ومسألة الغني شين في وجهه يوم القيامة" رواه أحمد، وصحَّحه الألباني "5871"، صحيح الجامع، ورواه القضاعي في مسنده "1/ 60".
5 تاريخ بغداد "3/ 238"، ولسان الميزان "5/ 371".
6 تاريخ بغداد "3/ 313".
أبو البركات البغداديّ الزّيّات.
سمع: المخلّص.
124-
المُعِزّ بن باديس بن منصور بن بُلُكِّين بن زِيريّ الحِميري الصِّنْهاجي1:
سلطان إفريقية وما والاها من المغرب.
كان الحاكم صاحب مصر قد لقَّبه "شرف الدّولة"، وأرسل إليه خلْعة وسِجلًا في سنة سبعٍ وأربعمائة، وعاش إلى هذا الوقت، واشتُهِرَ اسمه.
وكان رئيسًا جليلًا عالي الهِّمّة، مُحِبًّا للعلماء، من بيت إمرةٍ وحشمة، انتجعه الأدباء ومدحوه، وكان شيخًا جوّادًا.
وكان مذهب أبي حنيفة ظاهرًا بإفريقيّة، فحمل المعِز أهل مملكته على الاشتغال بمذهب مالك، وحسم مادة الخِلاف في المذاهب، وخلع طاعة المصريين، وخطب للإمام القائم بأمر اللَّه أمير المؤمنين، فكتب إليه المُستَنْصِر العُبيدي يتهدّده، فما فكّر فيه. فجَهَّز لحربه جيشًا من العُرْبان، فأخربوا حصون بَرْقَة وإفريقيّة، وافتتحوا قطعةً من بلاده، وتعب بهم، واستوطنوا برقة إلى الآن. ولم يُخطب لبني عُبيد بعد ذلك بإفريقيّة.
وكان مولده في سنة ثمانٍ وتسعين وثلاثمائة.
وتوفِّي في شَعْبان من بَرَصٍ أصابه، ورثاه شاعره الحسن بن رشيق القيروانيّ، ومات بالمهديَّة عند ولده تميم، وكان قد نَزَحَ من القيروان إلى المهدية من العَرَب.
125-
منيع بن وثَّاب2:
الَأمير أبو الزَّمَّام النُّميري، مُتَوَلِّي حرَّان والرِّقّة.
فارس شجاع جوّاد.
توفِّي في جُمَادَى الآخرة بعد الصرع.
1 الكامل في التاريخ "9/ 355"، وسير أعلام النبلاء "18/ 140، 141".
2 الكامل في التاريخ "9/ 233".
وفيَّات سنة خمس وخمسين وأربعمائة:
حرف الألِف:
126-
أَحْمَد بن محمود بن أَحْمَد بن محمود1:
أبو طاهر الثقفيّ الْأصبهانيّ المؤدِّب.
وهو الجدّ الأعلى ليحيى الثّقفيّ.
قال الحافظ أبو زكريا بن مَنْدَهْ: سمع كتاب "العَظَمَة" من أبي الشّيخ بن حيَّان، وكان يقول: سمعتُ من أبي الشّيخ، فلم يظهر سماعه إِلَّا بعد موته. وقد وُلد في سنة ستين وثلاثمائة.
قال: وهو شيخٌ صالح ثقة، واسع الرّواية، صاحب أصول. حسن الخط مقبول، متعصّب لَأهل السُّنَّة.
حدَّث عن: أبي بكر بن المقرئ، وأبي أَحْمَد بن جميل، وأبي مسلم عبد الرحمن بن شَهذل، وأبي علي الخلقاني، وأبي عبد الله بْن مَنْدَه، وعبد اللَّه بْن أبي القاسم، وغيرهم، إلا أني كرهت ذكرهم لكثرتهم.
وسافر إلى الري، وسمع "مُسْنَد الرَّويانيّ"، ولكن ظهر سماعه له بعد موته، وكذا ظهر سماعه في كتاب "العظَمة" بعد موته بقليل.
قلت: سماعه لمسند الرُّويَّانيّ من جعفر بن فنّاكيّ.
روى عنه: يحيى بن مَنده، وسعيد بن أبي الرجاء، وأبو عبد الله الخلال، ومحمد بن محمد القطَّان، وسهل بن ناصر الكاتب، وخلْق.
توفِّي في ربيع الأوَّل.
127-
أحمد بْن محمد بن تهيون:
أبو بكر الفارسيّ الصوفيّ الحافِظ، يُقال له: بلبل.
سمع: أبا الحسين بن فراس بمكّة، وأبا عبد اللَّه الجُرجاني بأصبهان، مات بشيراز في سنة خمس وخمسين.
1 العبر "3/ 234، 235"، وسير أعلام النبلاء "18/ 123، 124"، وشذرات الذهب "3/ 296".
قال يحيى بن مَنْدَهْ: سمعت أبا القاسم بن عليّ: سمعت أبا بكر، وأثنى عليه، يقول: كتبتُ عن ألف شيخ، وخرَّجتُ عن كُلِّ شيخٍ حديثًا.
128-
إبراهيم بن منصور بن إبراهيم بن محمد1:
أبو القاسم السُّلمي الكَرّانيّ الْأصبهانيّ، المعروف بسبْط بحْرُوَيه.
وكرَّان محلَّة بأصبهان.
روى "مُسْنَد أبي يَعْلَى" عن أبي بكر بن المقري.
روى عنه: الحسين بْن عَبْد الملك الخلّال، وسعيد بْن أَبِي الرّجاء، وجماعة.
قال يحيى بن مَنْدَهْ في تاريخه: كان رحمه الله صالحًا عفيفًا، ثقيل السَّمع، مات في ربيع الأوّل2.
سمع من أبي بكر "مسنَد أبي يَعلى"، وكتاب "التّفسير" لعبد الرّزّاق.
مولده سنة اثنتين وستِّين.
129-
إسحاق بن عبد الرّحمن بن أَحْمَد بن إسماعيل3:
أبو يَعلى النَّيْسَابُورِيّ، الواعظ المعروف بالصّابونيّ.
صاحب الأجزاء الفوائد العشرة الّتي سمعناها، وهو أخو الأستاذ أبي عثمان.
سمع: أبا سعيد عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الوهَّاب الرّازيّ، وأبا طاهر بن خُزيمة، وأبا محمد المَخْلَديّ، والخفّاف، وأبا مُعاذ الشّاه، وأبا طاهر المخلّص، وأبا محمد عبد الرَّحمن بن أبي شُريح، وطائفة سواهم.
روى عنه: عبد العزيز الكتّانيّ لمّا قَدِمَ دمشق مع أخيه، وكان ينوب عن أخيه في الوَعْظ.
قال ابن عساكر: ثنا عنه: زاهِر، والفرّاويّ، وهبة اللَّه السّيديّ، وعُبيد اللَّه بن محمد البيهقي.
1 الأنساب "10/ 378"، وسير أعلام النبلاء "18/ 73"، وشذرات الذهب "3/ 296".
2 التقييد لابن نقطة "189".
3 الأنساب "8/ 6"، وسير أعلام النبلاء "18/ 75، 76"، والعبر "3/ 235"، وشذرات الذهب "3/ 296".
قال عبد الغافر بن إسماعيل1: هو شيخٌ ظريفٌ، ثِقة، على طريقة الصّوفيّة، سمع بِنَيْسَابُور، وهَرَاة، وبغداد، وتُوُفّي في رَبيع الآخر.
وقال غيره: توفِّي في تاسع ربيع الأوّل، وكان مولده سنة 375.
130-
إسماعيل بن خف بن سعيد بن عمران2:
أبو الطاهر الأنصاريّ الأندلّسيّ المقرئ.
مُصَنِّف "العنوان" في القراءات.
قرأ على عبد الجبَّار بن أَحْمَد الطَّرَسُوسيّ بمصر، وسكنها وتصَّدر للإقراء.
أخذ عنه: جُماهر بن عبد الرّحمن الفقيه، وأبو الحسين الخشَّاب، وابنه جعفر بن إسماعيل بن خَلَف.
وكان مع براعته في القراءات إمامًا في النَّحْو، اختصر كتاب "الحجّة" لأبي علي الفارسي، وتوفِّي مُسْتَهَل المحرّم.
حرف الخاء:
131-
خَلَف بن أَحْمَد بن الفضل3:
أبو القاسم الحَوْفيّ المصريّ الحَنَفيّ.
سمع: عليّ بْن محمد بْن إِسْحَاق الحلبيّ، وأحمد بن ثرثال، والحافظ عبد الغنيّ، وأبا محمد النّحّاس.
وانتقى عليه: أبو نصر الشّيرازيّ.
روى عنه: الحُمَيْديّ، وأبو نصر بن ماكولا، وعليّ بن الحسين الفرَّاء، وغيرهم.
وليس هو بالحوفيّ صاحب "الْإِعراب"، ذاك تقدَّم ذِكره.
وهذا توفِّي في هذه السنة أو بعدها بقليل.
1 في المنتخب من السياق "159".
2 الصلة لابن بشكوال "105"، ومعجم الأدباء "2/ 273"، وكشف الظنون "123، 141"، ومعجم المؤلفين "2/ 268".
3 الجواهر المضية "4/ 169"، والطبقات السنية رقم "843".
حرف الصَّاد:
132-
صالح بن محمد بن أَحْمَد بن أبي الفيَّاض العِجَليّ الدِّينَوَريّ:
أبو الفتح.
حدَّث في هذه السّنة بهَمَذَان عن: جدّه أبي أحمد الحسن بن إبراهيم بن أبي عمران، ومحمد بن أَحْمَد بن موسى الرّازيّ، وحمْد بن عبد اللَّه الْأصبهانيّ، وأبي العبَّاس البصير، وأبي بكر بن لال، وجماعة كثيرة.
قال شيروَيْه: لم يُقضَ لي السَّماع منه، وثنا عنه: الخطيب، وابن البصريّ، وأبو العلاء الحافظ.
حرف الطَّاء:
133-
طُغرلبك بن ميكائيل بن سُلْجُوق بن دَقَّاقّ1:
السُّلطان الكبير رُكن الدّين أبو طالب، أول ملوك السَّلجُوقيّة.
وأصلهم من برِّ بُخَارَى، وهم من قومٍ لهم عدد وقوَّة وشوكة، كانوا لا يدخلون تحت طاعة سُلطان، وإذا قصدهم من لَا طاقة لهم به دخلوا المفاوز والبراري، وتحصّنوا بالرّمال، فلمَّا عبر السُّلطان محمود إلى ما وراء النّهر وجدَ زعيم السَّلْجُوقيّة قويّ الشّوكة، فاستماله وتألَّفه، وخدَعه حتّى أقدمه عليه، ثُمَّ قبض عليه، واستشار الأعيان في كبار أولئك، فأشار بعضهم بتفريقهم، وأشار آخرون بقطع هاماتهم ليبطُل رَمْيُهُم، ثُمَّ اتّفق الرّأي على تفريقهم في النَّواحي، ووضع الخراج عليهم، فدخلوا في الطَّاعة، وتهذَّبوا، وطمع فيهم النّاس وظلموهم، فانفصل منهم ألفا بيتٍ، ومضوا إلى كَرْمَان، وملكها يومئذٍ بهاء الدولة بْن عَضُد الدولة بن بُوَيْه، فأكرمهم، وتوفِّي عن قريب، وهذا بعد الأربعمائة. فخافوا من الدَّيْلَم فقصدوا أصبهان ونزلوا بظاهرها، وصاحبها علاء الدّولة بن كاكَوَيْه، فرِغَب في استخدامهم، فكتب إليه السُّلطان محمود بن سُبُكتِكين يأمره بحربهم، فاقتتل الفريقان، وقُتل بينهما عدد، فقصد الباقون أذربيجان.
1 المنتظم "8/ 233، 234"، والكامل في التاريخ "10/ 26-28"، وسير أعلام النبلاء "18/ 107-111"، والبداية والنهاية "12/ 89".
وانحاز الذين بخراسان إلى جبل خوارزم، فجرّد السُّلطان جيشًا، فتبعوهم في تلك المفاوز، وضايقوهم مُدَّة سنتين، ثُمّ قصدهم السُّلطان محمود بنفسه، ولم يزل حتَّى شتتهم، ثُمّ تُوُفّي، فقام بعده ابنه مسعود، فاحتاج إلى تكثير الجند، فكتب إلى الطائفة التي بأَذْرَبَيْجَان ليتوجّهوا إليه، فقَدِمَ عليه ألف فارس، فاستخدمهم ومضى بهم إلى خُراسان، فسألوه في أمر الباقين الّذين شتّتهم أبوه، فراسلهم وشرط عليهم الطَّاعة، فأجابوه إلى الطَّاعة، ورتَّبهُم كما رتبهم والده أوَّلًا.
ثم دخل مسعود بن محمود بلاد الهند لاضطراب أحوالها عليه، فحلَت للسَّلْجُوقيّة البلاد فعاثوا.
وجرى هذا كلُّه وطُغْرُلْبَك وأخوه داود ليسا معهم، بل في أرضهم بنواحي بُخَارَى، وجرت بين صاحب بُخارى وبينهم وقعة عظيمة، قُتل فيها خَلْقٌ كَثِيرٌ من الفريقين، ثُمّ كاتبوا مسعودًا وسألوه الأمان والاستخدام، فحبس رُسُلَهُم وجرَّد جيشّا لمواقعة مَنْ بخُراسان منهم، فالتقوه، وقُتِل منهم مقتلة كبيرة، ثُمّ إنّهم اعتذروا إلى مسعود، وبذلوا الطَّاعة لَهُ، وضمنوا له أخذ خوارزم من صاحبها، فطيَّب قلوبهم، وأطلق الرُّسُل، وأرسل إليهم زعيمهم الّذي اعتقله أبوه أوّلًا، فوصل طُغَرْلُبَك وداود إلى خُراسان في جيشٍ كبير، واجتمع الجميع.
وجرت لهم أمور طويلة إلى أن استظهروا وملكوا الريَّ في سنة تسع وعشرين وأربعمائة1، ثُمّ ملكوا نَيْسَابُور في سنة ثلاثين. وأخذ داود مدينة بلْخ وغيرها2، واقتسموا البلاد، وضعُف عنهم السّلطان مسعود، فتَحَيَّز إلى غَزْنة.
وكانوا في أوائل الأمر يخطبون له ويُدارونه حتَّى تمكَّنوا، ثُمّ راسلهم الخليفة، فكان رسوله إليهم قاضي القُضاة أبو الحسن الماوَرْدي.
ثُمَّ إنَّ طُغرلبك طوى الممالك، وملك العراق في سنة سبعٍ وأربعين وأربعمائة، وعَدَلَ في النَّاس.
وكان حليمًا كريمًا مُحافِظًا على الصَّلوات في جماعة، يصوم الخميس والاثنين، ويَعمر المساجد، ويُكثر الصدقات.
1 انظر تاريخ البيهقي "579".
2 تاريخ البيهقي "601".
وقد سيَّر الشَّريف ناصر بن إسماعيل رسولًا إلى مَلِكة الرّوم، فاستأذنها الشَّريفُ في الصَّلاة بجامع القُسْطَنْطِينّيّة جماعة، فأذِنَت له، فصلَّى وخطب للَأمام القائم، وكان رسول المُستنصِر خليفة مصر حاضرًا، فأنكر ذلك، وكان ذلك من أعظم الأسباب في فساد الحال بين المصريين والرُّوم.
ولمَّا تمهّدت البلاد لطُغْرُلْبَك سيَّر إلى الخليفة القائم يخطب ابنته، فشقَّ ذلك على الخليفة واستعفى، ثُمَّ لم يجد بُدًّا فزوَّجه بها. ثُمّ قدِم بغداد في سنة خمسٍ وخمسين، وأرسل يطلبها، وحمل مائة ألف دينار برسم نقْل جهازها، فعُمل العُرس في صَفَر بدار المملكة، وأُجلست على سرير مُلبَّس بالذَّهب، ودخل السُّلطان إليها فقبَّل الأرض بين يديها، ولم يكشف البرقُع عن وجهها إذ ذاك، وقدَّم لها تُحَفًا، وخَدَم وانصرف فرِحًا مسرورًا1، وبعث إليها بعُقدين فاخرين، وخُسرواني ذهب، وقطعة ياقوت كبيرة.
ثمّ دخل من الغد فقبَّل الأرض، وجلس مقابلها على سريرٍ ساعة، وخرج وبعث لها جواهر وفُرجيّة نسيج مُكلَّلَة باللُّؤْلؤ، ومخنقة منسوجة باللُّؤْلؤ، وفعل ذلك مرَّةً أخرى أو أكثر، والخليفة صابرٌ متألِّم، ولكنَّهُ لم يُمتَّع بعد ذلك، فإنَّهُ توفِّي بعد ذلك بأشهر في رمضان بالرّيّ، وعاش سبعين سنة.
وحُمل تابوته فدُفِنَ بمرو عند قبر أخيه داود، وقيل: بل دُفِنَ بالرّيّ.
وانتقل مُلْكُهُ إلى ابن أخيه ألْبِ أرسلان.
وأمَّا زوجته هذه فعاشت إلى سنة ست وتسعين وأربعمائة. هذا من "تاريخ شمس الدّين بن خلِّكان"2.
قلت: وأخوه داود هو جَغربيك.
وقد ذكر ابن السَّمعانيّ أنَّ السُّلطان مسعود بن محمود بن سُبُكتكين قصد بجيوشه طُغْرُلْبَك وجَغْربيك، فواقعهم في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، فانكسر بنواحي دندانقان، وتحيَّز إلى غَزْنة مُنْكَسِرًا3، وتملّك آل سَلْجوق البلاد وقسّموها، فصارت
1 وفيات الأعيان "5/ 66، 67".
2 وفيات الأعيان "5/ 64-67".
3 زبدة التواريخ "45".
مَرْو وسرْخَس وبلْخ إلى باب غَزْنة لجغربيك، وصارت نَيْسابور وخوارزم لطُغرلبك، ثمّ سار طُغرلبك إلى العراق وملك الرّيّ وأصبهان وغير ذلك.
وكان موصوفًا بالحلم والدّيانة، ولم يولَد لهُ ولد.
ومن كرمه أنَّ أخاه إبراهيم يَنَال أسر بعض ملوك الرُّوم لمّا حاربهم، فبذل في نفسه أموالًا، فامتنع وبعث به إلى طُغرلبك، فبعث نصر الدّولة صاحب ديار بكر يشفع في فكاكه، فبعثه إلى نصر الدّولة بغير فداء، فأرسل ملك الرّوم إلى طُغرلبك ما لم يُحمل مثله في الزَّمن القديم، وذلك ألف وخمسمائة ثوب من الثياب المفتخرة، وخمسمائة رأس، ومائتيّ ألف دينار، ومائة لَبِنَة فضّة، وثلاثمائة شَهْريّ، وألف عَنْزٍ بيض الشُّعُور، سُود القرون. وبعث إلى نصر الدّولة عشرة أُمَنَاء مِسك1.
مرَّ في الحوادث من أخبار طُغرلبك أيضًا.
حرف العين:
134-
عَبْد اللَّه بْن يَحْيَى بْن المدبّر2:
أبو الفضل الوزير.
تُوُفّي بمصر.
سمع: أبا محمد بن النّحّاس.
135-
عبد الرّزاق بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب.
أَبُو طاهر الشّاهد الْأصبهانيّ.
سمع: أبا إسحاق بن خُرشيد قُولَه.
روى عنه: أبو عليّ الحدّاد، وغيره.
مات في المُحرَّم.
136-
عبد الوهّاب بن محمد بن أَحْمَد:
أبو القاسم بن أبي عبد الله البقال الأصبهاني.
1 الكامل في التاريخ "10/ 28".
2 أخبار مصر لابن ميسر "2/ 14".
روى عن: أبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ.
وعنه: أبو عليّ الحدّاد أيضّا.
137-
عطاء بن أَحْمَد بن جعفر:
أبو الحسن الهرويّ الكِسائي.
حدَّث في هذه السَّنة بِبُخَارى.
روى عن: عَبْد الرَّحمن بْن أَبِي شُريح، وأبي عمر بن مهديّ الفارِسِيّ.
138-
عليّ بن الخَضِر بن سليمان بن سعيد السُّلَمِيّ1:
أبو الحسن الصُّوفيّ الورّاق الدّمشقيّ المحدِّث.
روى عن: عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وتمَّام الرّازيّ، والحسين بن أبي كامل الأطرابلسي، وصَدَقة بن الدلم، وأبي الحسن بن جهضم، وخلق كثير.
روى عنه: علي بن أحمد بن زهير، والمشرف بن مُرَجّا، وعلي بن محمد بن شجاع، وسهل بن بشر، وعبد المنعم بن الغَمْر الكلابي، وجماعة.
وسمع منه أبو الحسن بن قُبيس الغساني، ولم يظهر سماعه منه إلا بعد موته.
قال ابن عساكر2: قال الكتّانيّ: صنَّفَ كُتُبًا كثيرة، وخلَّطَ تخليطًا عظيمًا، ولم يكن هذا الشَّأن من صنعته.
مات في جُمَادَى الآخرة، وروى أشياءً ليست له بسماعٍ ولا إجازة.
139-
عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ بْن محمد بن يوسف3:
أبو الحسن الأزْديّ المُهَلَّبِيّ القُرْطُبِيّ، ويُعرف بابن الأستِجيّ.
شيخٌ مُسنِد.
روى عن: أبي محمد بن أسد، وأبي عمر بن الجَسور، وأبي الوليد بن الفَرضي.
1 ميزان الاعتدال "3/ 126"، ولسان الميزان "4/ 227، 228".
2 في تاريخ دمشق "29/ 140".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 415".
قال ابن خَزْرَج: كان نافِذًا في العلوم، قديم العناية بطلب العِلْم، شاعرًا مطبوعًا، بليغ اللسان، حَسَن الخطّ، صنَّفَ كُتُبًا كثيرة في غير فنّ.
وُلِدَ سنة 377، وتوفِّي في ذي القعدة.
وكان قد خرَّف قبل موته بيسير.
140-
العلاء بن عبد الوهّاب بن أَحْمَد بن عبد الرّحمن بن سعيد بن حزم بن غالب الأموي1:
مولاهم الفارسي الأصل الأندلسي، أبو الخطّاب بن أبي المغيرة. وأحمد جده هو ابن عمّ الْإِمام أبي محمد بن حَزْم الظّاهريّ.
قال الحُمَيْديّ: كان من أهل العِلم والذّكاء والهِمَّة العالية في طلب العِلم. كتب بالَأندلُس فأكثر.
رحل إلى المشرق فاحتفل في الجمع والرّواية، ودخل بغداد.
وحدَّث عَن: أبي القاسم إبراهيم بن محمد الأُصيليّ، وعن: محمد بن الحسين الطَّفّال، وأبي العلاء بن سليمان المَعَرّيّ.
أخذ عنه: أبو بكر الخطيب وهو من شيوخه، وجعفر السّرّاج.
ومات عند وصوله إلى وطنه.
قال ابن الأكفانيّ: توفِّي سنة خمسٍ وخمسين.
وذكر ابن حَيَّان أنَّ أبا الخطَّاب هذا امتُحِنَ في رحلته بضروبٍ من المِحَن لم تُسمع لَأحدٍ قبله.
وجمع من الكُتُب ما لم يجمعه أحد.
قال: وتوفِّي بالمريَّة في شوَّال سنة أَرْبَعٍ وخمسين، ومولده سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.
ومات شابًّا.
1 جذوة المقتبس للحميدي "317"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "20/ 50".
حرف الفاء:
141-
فارس بن الحسن بن منصور1.
أبو الهيجاء البَلْخيّ، ثُمّ الدّمشقيّ.
صنَّف كتابًا في سيرة أمير الجيوش أنوشْتَكِين.
سمع منه: عبد العزيز الكتّانيّ شيئًا.
حرف الميم:
142-
محمد بن إبراهيم بن موسى بن عبد السّلام2:
أبو عبد اللَّه شُقَّ الليل الأنصاريّ الطُّلَيِطُليّ.
سمع: أبا إسحاق بن شَنْظير، وصاحبه أبا جعفر بن ميمون، وأكثر عنهما.
وروى عن: أبي الحسن بن مصلح، والمنذر بن المنذر، وجماعة كثيرة.
وحجَّ فأدرك بمكَّة أبا الحسن بن فِراس العَبْقَسيّ، وعُبَيْد اللَّه السَّقطيّ، وابن جهضم، وكتب عنهم.
وبمصر عن: أبي محمد بن النَّحّاس، وعبد الغنيّ الحافظ، وابن ثرثال، وابن منير، وجماعة.
وكان فقيهًا إمامًا متكلِّمًا، عارفًا بمذهب مالك، حافظًا للحديث، متقنًا، بصيرًا بالرّجال والعِلَل، مليح الخط، جيّد المشاركة في الفنون، وكان نَحْويًّا شاعرًا مُجِيدًا، لُغَوِيًّا ديّنًا فاضلًا، كثير التَّصانيف، حُلْو العبارة.
توفِّي بطَلَبِيرة في منتصف شعبان -رحمه الله تعالى.
وولد في حدود الثمانين وثلاثمائة.
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "20/ 250".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 539، 540"، وكشف الظنون "2/ 1452"، وسير أعلام النبلاء "18/ 129، 130".
143-
محمد بن بيان بن محمد1:
الفقيه الكازَرُونيّ الشّافعيّ.
سكن آمد، وتفقّه به جماعة، ورحل إليه الفقيه نصر المقدسيّ وتَفَقَّه عليه.
ثم قَدِمَ دمشق حاجًّا، فحدَّث بها، وحدَّث عن: أَحْمَد بن الحسين بن سهل بن خليفة البلديّ، والقاضي أبي عمر الهاشميّ، وأبي الفتح بن أبي الفوارس، وابن رزقويه، وغيرهم.
روى عنه: الفقيه نصر، وإبراهيم بن فارس الأزديّ، وأبو غانم عبد الرزَّاق المعرّيّ، وعبد اللَّه بن الحسن بن النَّحّاس.
قال ابن عساكر2: حدَّثني ضبَّة بن أَحْمَد أنَّهُ لقيه وسمع منه.
قلت: وذكر ابن النّجار أنَّ أبا عليّ الفارِقيّ قرأ عليه القرآن، وأنّه توفِّي سنة 455.
144-
محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد3:
أبو الفضل التميميّ البَغْداديّ، ابن عم رزق اللَّه.
سمع من: أبي طاهر المخلّص، وابن الصّلت، وجماعة.
قال الحُمَيْدِيّ: كذلك من رِزْق اللَّه بن عَبْد الوهاب ابن عمّه.
خرج إلى القيروان في أيَّام المُعزّ بن باديس، فدعاه إلى دولة بني العبَّاس، فاستجاب له.
ودخل الأندلس فحظي عند ملوكها بأدبه وعلمه.
وتوفِّي بطليطلة في شوال.
وقيل: كان يكذب.
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "22/ 53"، وسير أعلام النبلاء "18/ 171، 172"، وكشف الظنون "1/ 1"، وهدية العارفين "2/ 71".
2 في تاريخ دمشق "27/ 219".
3 جذوة المقتبس للحميدي "73، 74".
ولهُ شِعرٌ رائقٌ، فمنه:
أَيَنْفَعُ قَوْلِي أَنّني لَا أُحِبُّهُ
…
ودَمْعِي بِمَا يُمْلِيهِ وجْدي يكتبُ
إذا قُلْتُ للواشين لَسْتُ بعاشقٍ
…
يَقُولُ لَهُمْ فَيْضُ المَدَامِعِ يكذبُ
وله:
يا ذا الّذي خطَّ الْجَمَال بوجْهِهِ
…
سَطْرَيْنِ هَاجَا لوْعة وَبَلابِلا
ما صَح عندي أنّ لحظَكَ صارمٌ
…
حتّى لبستَ بعارِضَيْك حَمَائِلا
145-
محمد بن محمد بن جعفر1:
العلَّامة أبو سعيد النَّاصحيّ النَّيسَابُوريّ.
أحد الأئِمّة الأعلام، ومن كِبار الشّافعيّة.
تفقَّه على أبي محمد الْجُوَيْنيّ، وسمع من: ابن مَحْمِش، وعبد اللَّه بن يوسف بن مامَوْيه.
ومات كهلًا. وكان عديم النَّظير علمًا وصلاحًا وورعًا.
146-
محمد بن محمد بن حمدون2:
أبو بكر السُّلميّ النَّيْسَابوريّ.
سمع من: أبي عمرو بن حمدان، وهو آخر من حدَّث عنه.
وعن: أبي القاسم بِشر بن ياسين.
وسمع أيضًا من: أبي عَمْرو الفُراتيّ.
سمع منه الأكابر والَأصاغر.
قال عبد الغافر: كانوا يخرجون إلى قريته3، فيجمعون بين الفرجة والسَّماع منه. أنبا عنه والدي، وزاهر بن طاهر.
1 المنتخب من السياق "63".
2 المنتخب من السياق "51، 52"، وسير أعلام النبلاء "18/ 98"، وشذرات الذهب "3/ 296".
3 وهي: بشتنقان.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ تَمِيمٌ الجُرجاني، وَغَيْرُهُمْ.
وَوَثَّقَهُ عَبْدُ الْغَافِرِ، وَقَالَ: توفِّي فِي ثانِي عَشَرَ الْمُحَرَّمِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ: أَنَا عَبْدُ الْمُعِزُّ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ: أَنَا زَاهِرُ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدُونَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحِيرِيُّ، أَنَا أبو يَعلى، أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ:"قَالَ اللَّه عز وجل: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبْتُهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا لَهُ عَشْرَ حَسَنَات، إِلَى سَبْعِمَائَةِ ضِعفٍ، وَإِذَا همَّ عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ أَكْتُبْهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً"1.
147-
محمد بن المضفر بن عبد اللَّه بن المظفَّر بن نحرير2:
أبو الحسين البغداديّ الخِرقي الشّاعر المشهور، النَّديم.
صاحب النثر والمعاني البديعة، والغزل العذْب، والمدح والهجو، ولا يكاد يوجد ديوانه.
روى عنه من شعره: أبو منصور محمد بن أَحْمَد العُكبَري، وأبو زكريَّا التِّبْرِيزِيّ، وأبو الحسين المبارك بن الطُّيُوريّ، وشُجاع الذُّهلي، وأبو المعالي عثمان بن أبي عمامة، وغيرهم.
قال التِّبْرِيزيّ: أنشدنا ابن نحرير، وكان قد أنشد جلال الدَّولة بن بُوَيْه ثلاثة شُعَراء أحدهم أعمى، وابن نحرير أعور، فأعطى الأعمى صلةً، ولم يُعطِهِما شيئًا، فقال ابن نحرير:
خدمت جلال الدّولة بن بهاء
…
وعلّقتُ أمالي به ورجائي
وكُنّا ثلاثًا من ثلاث قبائل
…
من العُورِ والعميانِ والبُصَرَاءِ
فلم يحظَ منَّا كُلُّنا غيرُ واحدٍ
…
كأنّ لَهُ فضلًا على الشعراء
1 حديث صحيح، أخرجه مسلم "204/ 128" عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري "6491" عن ابن عباس، وأحمد "1/ 310".
2 وفيَّات الأعيان "6/ 193، 194".
فقالوا ضريرٌ وهو موضع رحمةٍ
…
وثَمّ له قومٌ من الشُّفَعَاءِ
فقلت على التَّقْدير لي نصف ما به
…
وإن أنصَفوا كنَّا من النُّظَرَاءِ
فإن يُعط للعُميان فالدّاء شاملٌ
…
وإن يعط للَأشعارِ أين عطائي؟
وقال أبو منصور محمد بن أَحْمَد بن النَّقّور: أنشدني ابن نحرير لنفسه:
تولًّع بالعشق حتَّى عشق
…
فلمَّا استقلَّ به لم يُطقْ
فحين رأى أَدْمُعًا تُسْتَهَلُّ
…
وأبصر أحشاءه تحترقْ
تمنَّى الْإِفَاقَةَ مِنْ سُكْرِهِ
…
فلم يستطعها ولمّا يفقْ
رأى لُجّةَ ظنّها موْجةً
…
فلمَّا توسَّط فيها غرقْ
وقال أبو نصر عبد اللَّه بن عبد العزيز: أنشدنا ابن نحرير لنفسه:
ولْما انْتَبَه الوَصْلُ
…
ونامت أعيُن الهَجْرِ
ووافقت ضَرة البَدْرِ
…
وقد لَينها ضُرِّي
شَرِبْنَا الخَمْرَ مِنْ طَرفٍ
…
ومن خدٍّ ومِنْ ثَغْرِ
وقُلْنَا قد صفا الدَّهْرُ
…
وغابت أنجُمُ الغَدْرِ
دَهَتْنَا صَيْحَةُ الدِّيكِ
…
ووافت غُرة الفجرِ
فقامت وهي لَا تدري
…
إلى أين ولا أدري
فيا ليت الدُّجَى طال
…
وكان الطُّولُ من عُمريّ
ومن شعره:
لساني كتومٌ لَأسراركم
…
ولكنّ دمعي لسريّ مُذيع
فلولَا دموعي كتمتُ الهوى
…
ولولَا الهوى لم تكُن لي دموع
كتمتُ جوى حبُّكم في الحَشَى
…
ولم تدْر بالسِّرِ مِنِّي الضُّلوع
148-
المُظفَّر بْن محمد بْن عليّ بْن إسماعيل بْن عَبْد الله بْن ميكال1:
1 المنتخب من السياق "449".
الَأمير أبو شجاع ابن الأمير أبي صالح النَّيْسَابوريّ.
من بيت الْإِمرة والحِشْمة، ترك الرِّئاسة ولبس المُرقَّعة وتصوَّف، ونظر في العِلم.
وسمع من: أَبِي الْحُسَيْن الخفّاف، ويحيى بْن إِسْمَاعِيل الحربي، وأبي بكر بن عَبْدُوس. وحدَّث.
توفِّي نصف رجب.
149-
منصور بن إسماعيل بن أَحْمَد بن أبي قُرة1:
القاضي أبو المظفَّر الهَرَويّ، الفقيه الحنفيّ، قاضي هَرَاة وخطيبها ومُسْنِدها.
روى عن: أبي الفضل بن خميروَيْه، وأبي الحسن أَحْمَد بن عيسى الغَيزاني، وزاهر بن أَحْمَد السرخسي.
توفِّي في ذي القعدة عن قريب تسعين سنة.
وهو آخر من روى عن ابن خَميرُوَيْه.
وهذا الغَيزاني روى عن: أبي سعد يحيى بن منصور الهَرَوِيّ، وتوفِّي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.
حرف الهاء:
150-
هارون بن طاهر بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن ماهلة:
أبو محمد الهمداني الأمين.
روى عَنْ: أَبِيه، وأبي بَكْر بْن لال، وابن بشار، وابن تركان. وعن: صالح بن أحمد الحافظ بالإجازة.
قال شيروَيْه: صدوق ثقة.
توفِّي في ذي الحجة.
قلت: هو آخر من روى عن صالح.
1 النجوم الزاهرة "5/ 74".
حرف الياء:
151-
يحيى بن زيد بْن يَحْيَى بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عيسى بن الشّهيد زيد بن عليّ بن الشّهيد الحسين، سِبط رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1:
أَبُو الحُسَيْن الحُسَيْنيّ الزَّيدي، قاضي دمشق.
روى عن: أبي عبد اللَّه بن أبي كامل، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصر.
رَوَى عَنْهُ: أبو بكر الخطيب، وأبو طاهر الحِنّائيّ، وأبو الحسن بن الموازيني.
قال الكتّانيّ: توفِّي الشريف معتمد الدَّولة ذو الجلالتين في ذي الحجّة، وهو يومئِذٍ ناظر أموال العساكر بدمشق -رحمه الله تعالى.
وفيَّات سنة ست وخمسين وأربعمائة:
حرف الألِف:
152-
أَحْمَد بن عبد الواحد بن الحسن بن عيسى:
أبو نعيم السُّكّريّ. فِي جُمَادَى الأُولى.
153-
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمر بن ديزكة2:
أبو الطَّيّب الْأصبهانيّ التَّاجر، الرجل الصالح.
سمع: أبا بكر المقري.
روى عنه: الحداد، وغيره.
أرّخه ابن مَنْدَهْ.
حرف الحاء:
154-
الْحَسَن بْن عَبْد الرَّحمن بْن الخصيب:
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "27/ 261".
2 التقييد لابن النقطة "172، 173".
أبو عليّ الكرَّانيّ الْأصبهانيّ.
155-
الحسن بْن مُحَمَّد بْن عليّ بْن مُحَمَّد1:
الحافظ أبو الوليد البَلْخيّ الدَرْبَنْدِيّ.
روى عَنْ: أَبِي عَبْد اللَّه محمد بْن أَحْمَد، وغُنْجار، وأبي الحسين بن بِشْران، وعبد الرّحمن بن أبي نصر التّميميّ الدّمشقيّ، وأبي القاسم بن ياسر الجَويري، وأبي عيسى بن شاذان، وأبي القاسم الحُرفي، وخلقٌ كثير.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وعيد العزيز الكتّانيّ، وهما أقدم طلبًا منه، وأبو عليّ الحدَّاد، وطاهر النَّحّاميّ، والفرّاويّ، وعبد المنعم بن القُشَيْريّ، وآخرون.
وتوفِّي بسَمَرْقنَدْ في رمضان.
أخبرنا أَحْمَدَ بْنَ هِبَةِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي رَوْح: أنا زاهر، أنا أبو الوليد الحسن بن محمد بن عليّ، أنا أبو القاسم الحسن بن محمد الأنباريّ، ثنا محمد بن أحمد بن المسور، ثنا المقدام بن داود بن عيسى، فذكر حديثًا2.
قال ابن النَّجّار: كان رديء الخط، ولم يكن لهُ كبير معرفة، غير أنّهُ مُكثِر، واسع الرِّحلة، صدوق.
سمع ببَلْخ عليِّ بن أَحْمَد الخُزاعي، وبِنَيْسَابُور يحيى بن المُزكِّيّ، والحِيري، وبهراة أبا منصور الأَزْدِيّ، وبأصبهان، وهَمَدَان، والَأهواز.
156-
الحسين بن أَحْمَد بن علي:
أبو عبد اللَّه الأَبْهريّ الشّافعيّ.
حدَّث في هذا العام بهمدان عن: حمْد بن عبد اللَّه، وأحمد بن محمد البصير، والحسين بن الحسن النعماني، وأبي الحسن السامري، وأبي أحمد الفَرضي، وأبي بكر لال، وجماعة.
قال شيرويه: كان فقيها فاضلا صدوقا، روى عنه أحمد عمر البيع، وكهولنا.
1 معجم البلدان "2/ 449"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1155، 1156"، وسير أعلام النبلاء "18/ 297، 298".
2 انظر سير أعلام النبلاء "18/ 298".
157-
الحسين بن أحمد بن الحسين بن حي التُّجَيْبي القرطبي:
أخذ علم العدد والهندسة عن محمد بن عمر بن برغوث، وصنَّف زيجًا مُختَصرًا، ولحق باليمن، وتقدَّم عند أميرها، ونفذه رسولًا إلى العراق.
158-
حَيْدَرَة بن مَنْزُو بن النُّعمان1:
الَأمير أبو المُعلَّى الكُتامي المغربيّ.
ولي إمرة دمشق بعد هروب أمير الجيوش عنها، فوصلها في سنة ستٍّ وخمسين، ثُمّ عُزل بعد شهرين بالَأمير دُرّي المستنصريّ.
حرف السّين:
159-
سِراج بن عبد اللَّه بن محمد بن سراج2:
أبو القاسم الأمويّ، مولاهم الأندلُسِيّ، قاضي الجماعة بقُرْطُبَة.
سمع من أبي محمد الأصيليّ "صحيح بخاري" بفَوْتٍ يسير إجازة له.
وسمع من: أبي عبد محمد بن زكريّا بن برطال، وأبي محمد بن سَلَمَة، وأبي المطرّف عبد الرّحمن بن فُطيس، وغيرهم.
وولي القضاء في سنة ثمانٍ وأربعين، وإلى أن توفِّي، فلم تُنع عليه سقطة، ولا حُفظت له زلَّة.
وكان فقيهًا صالحًا حليمًا على منهاج السَّلَف.
توفِّي في شوَّال عن ستٍّ وثمانين سنة.
حمل عنه جماعة من العلماء.
حرف العين:
160-
عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الذهبي3:
1 أمراء دمشق في الإسلام "28"، واتعاظ الحنفا "2/ 270".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 226، 227"، وسير أعلام النبلاء "18/ 178، 179".
3 تاريخ حلب للعظيمي، بتحقيق زعرور "346".
الَأَزْديّ الأندلُسيّ، الطّبيب الفيلسوف. كان كلِفًا بالكيمياء، مجتهدًا في طلبها.
وصنَّفَ مقالةً في أنَّ الماء لَا يعدو.
توفِّي ببلْنِسية في جُمَادى الآخرة.
161-
عبد اللَّه بن موسى بن سعيد الأنصاريّ1:
أبو محمد الطُّلَيْطُليّ، ويُعرف بالشّارِقيّ.
سمع بقرطبة من: يونس بن عبد اللَّه، وأبي محمد بن دحّون، وأبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، وجماعة كثيرة.
وحجَّ وسَمِعَ ورجع إلى وطنه.
وكان زاهدًا عابدًا رافضًا للدُّنيا، يجلس للناس ويُذكِّرهم ويأمُرهم بالمعروف، ويُعلّمهم، ويتواضع لهم، ويصبر على أخلاقهم، ويقنع باليسير من السّترة والقوت.
توفِّي في شوَّال.
162-
عبد الجبَّار بن فاخر بن مُعَاذ:
أبو المعالي السِّجْزي.
توفِّي في شعبان.
163-
عبد العزيز بن أَحْمَد2:
شمس الأئِمّة الحلْوائي أبو مُحَمَّد، مفتي بُخَارى وعالمها.
تفقَّه على القاضي أبي عليّ الحُسَيْن بن الخضر النَّسَفيّ.
وحدَّث عن: عبد الرَّحمن بن الحُسين الكاتب، وأبي سهل أَحْمَد بن محمد بن مكِّي الأَنْماطيّ، وطائفة من شيوخ بُخَارى.
تفقّه عليه، وسمع منه أئِمّة، منهم: شمس الأئِمّة أبو بكر محمد بن أبي سهل السَّرْخَسيّ، وفخر الْإِسلام عليّ، وصدر الْإِسلام أبو اليُسر محمد ابنا محمد بن الحُسَيْن البزْدَوي، والقاضي جمال الدّين أبو نصر أَحْمَد بن عبد الرّحمن، وشمس
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 277-279".
2 "الأنساب 4/ 194"، وسير أعلام النبلاء "18/ 177، 178".
الأئِمّة أبو بكر محمد بن عليّ الزَّرَنْجَرِيّ، وآخرون سمَّاهم أبو العلاء الفَرضي، ثم قال: مات بِبُخارى في شعبان سنة ستٍّ، ودُفِنَ بمقبرة الصُّدور.
وقد ذكره السّمعانيّ في كتاب "الأنساب"1 فقال: عبد العزيز بن أَحْمَد بن نصر بن صالح، شمس الأئمّة البخاريّ الحَلْوائيّ -بفتح الحاء- إمام أهل الرأي ببخارى في وقته.
حدَّث عن: غُنجار، وصالح بن محمد، وأبي سهل أحمد بن محمد الأنماطي.
توفِّي بكش، حُمل إلى بخارى سنة ثمانٍ أو تسعٍ وأربعين.
وذكره النخشبي في "معجمه" فقال: شيخ عالم بأنواع العلوم، معظم للحديث، غير أنّهُ يتساهل في الرّواية2.
مات في شعبان سنة 52.
قلت: سنة ستٍّ أصحّ، فإنّه بخط شيخنا الفَرضي.
164-
عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم الحافظ3: النخْشبي4، ونخْشب هي نَسَف.
سمع: جعفر بن محمد المستغفريّ، وأبا طالب بن غَيْلان، وأبا طاهر بن عبد الرَّحيم، وجماعة كثيرة بأصبهان، ودمشق، وبغداد، وخُراسان.
روى عنه: أبو القَاسِم بْن أبي العلاء، وسهْل بْن بِشر الدّمشقيّان، وجماعة.
وكان من كبار الحُفّاظ، خرج لجماعة وتوفِّي كهلًا، ولم يَرْوِ إِلَّا اليسير.
ودخل أصبهان سنة ثلاثٍ وثلاثين فسمع من: أصحاب الطَّبراني.
وسمع من: أبي الفرج الطَّناجِيريّ، ومحمد بن الحسين الحرّاني، وأبي منصور السوّاق، والصوري.
1 الأنساب "3/ 193، 194".
2 الأنساب "4/ 194".
3 معجم البلدان "1/ 175"، والعبر "3/ 237"، وسير أعلام النبلاء "18/ 267، 268"، وشذرات الذهب "3/ 297".
4 النخشي: نسبة إلى نخشب، وهي بلدة من بلاد ما وراء النهر. "الأنساب "12/ 59".
وانتقى على القاضي أبي يَعلى خمسة أجزاء.
وقال يحيى بن مَنْدَهْ: كان واحد زمانه في الحفظ والْإِتقان، لم نر مثله في الحفْظ في عصرنا، دقيق الخط، سريع الكتابة والقراءة، حسن الأخلاق1.
توفِّي بنَخْشَب سنة سبعٍ وخمسين.
وقال ابن عساكر2: تُوُفِّي سَنَة سِتٍّ وخَمْسين بِنَخْشَب، وقيل: بِسَمَرْقَند.
وقال ابن السَّمعانيّ: سألت إسماعيل بن محمد الحافظ عن عبد العزيز النَّخْشَبيّ، فجعل يُعظِّمهُ ويُعظِّم أمره جدًّا، ويقول: ذاك النَّخْشَبيّ، ذاك النَّخْشَبيّ، وكان كبيرًا حافظًا، رحل الكثير3.
165-
عبد الكريم بن محمد بن إِسْمَاعِيل بن عمر بن سَبَنك:
أبو الفضل البَجَليّ.
سمع جدَّهُ وابن الصَّلْت، وعنه ابن بدران الحلْواني، وابن كادش.
وكان من علماء الشَّافعيَّة.
توفِّي في ربيع الْأَوَّل.
166-
عَبْد الواحد بن عَليّ بن بَرْهان4:
العُكْبري النُّحْويّ أبو القاسم.
بقية الشّيوخ العالِمين بالعربية والكلام والَأنساب.
سمع: أبا عبد اللَّه بن بطَّة، إِلَّا أنَّهُ لم يروِ شيئًا عنه. قاله الخطيب5.
وقال: كان مُضْطلِعًا بعلوم كثيرة، منها: النَّحو، واللغة، والنسب، وأيام العرب، والمتقدمين، وله أنسٌ شديد بعلْم الحديث.
1 تذكرة الحفاظ "3/ 1157"، وسير أعلام النبلاء "18/ 268".
2 في تاريخ دمشق "24/ 259".
3 تذكرة الحفاظ "3/ 1156"، وسير أعلام النبلاء "18/ 267".
4 تاريخ بغداد "11/ 17"، والكامل في التاريخ "10/ 42"، وسير أعلام النبلاء "18/ 124-127"، والبداية والنهاية "12/ 92".
5 في تاريخ بغداد "11/ 17".
وقال ابن ماكولا1: ابن برهان من أصحاب ابن بطَّة، سمع منه حديثًا كثيرًا، وأخبرني أبو محمد بن التَّميميّ أنّ أصل ابن بطَّة "بمعجم البَغَويّ" وقع عنده، وفيه سماع ابن بَرْهان، وأنَّهُ قرأهُ عليه لولديه.
قال ابن ماكولا2: ذهب بموته عِلم العربيّة من بغداد، وكان أحد من يعرف الأنساب، ولم أرَ مثله، وكان فقيهًا حنفيًّا قرأ الفِقه، وأخذ الكلام عن أبي الحسين البَصْريّ، وتقدَّم فيه، وصار صاحب اختيار في عِلم الكلام.
وقال ابن الأثير3: له اختيار في الفقه، وكان يمشي في الأسواق مكشوف الرَّأس، ولا يقبل من أحدٍ شيئًا، مات في جُمَادَى الآخرة، وقد جاوز الثَّمانين، وكان يميل إلى مذهب مرجئة المُعتَزَلة، ويعتقِد أنَّ الكُفّار لَا يخلَّدون في النّار4.
قال ياقوت الحمويّ في "تاريخ الأُدَباء"5: نقلت من خط عبد الرّحيم بن النّفيس بن وهْبان قال: نقلت من خط أبي بكر محمد بن منصور السَّمعانيّ: سمعت المبارك بن عبد الجبَّار الصّيرفيّ: سمعت أبا القاسم بن بَرهان يقول: دخلتُ على الشَّريف المرَتَضَى في مرضِهِ، فإذا قد حوَّل إلى الحائط، فسمعته يقول: أبو بكر وعمر وليا فعدلا، واستُرحِمَا فرَحِمَا، أفأنا أقول: ارتدّا بعد أن أسلما؟ قال: فقمت وخرجت، فما بلغت عَتَبة الباب حتَّى سمعت الزَّعقة عليه.
167-
عبد الواحد بن محمد بن مَوْهَب6:
أبو شاكر التجَيْبي القَبْري، ثُمّ القُرْطُبيّ.
نزيل بَلَنسية.
سمع من: أبي محمد الأصيلي، وأبي حفصٍ بن نابل، وأبي عمر بن أبي الحُباب، وغيرهم.
1 في الإكمال "1/ 246، 247".
2 في الإكمال "1/ 247".
3 في الكامل "10/ 42".
4 تاريخ ابن الوردي "1/ 371".
5 الاسم بالمشهور "معجم الأدباء".
6 الصلة لابن بشكوال "2/ 384، 385"، وسير أعلام النبلاء "18/ 179، 180".
وكتب إليه أبو محمد بن أبي زيد، وأبو الحسن القابسيّ بالْإِجازة. ولي القضاء والخطبة ببلَنْسية.
قال فيه الحُميدي1: فقيه مُحَدِّث، أديب خطيب، شاعر.
ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وتُوُفِّي في ربيع الآخر.
قلت: وأظُنُّه آخر من حدَّث عن ابن أبي زيْد.
كتب عنه: أبو عليّ الغسَّانيّ، وغيره.
وهو خال أبي الوليد الباجيّ، وقد سكن أيضًا شاطبة مُدَّة.
ولهُ شِعرٌ رائق، فمنه:
يا رَوْضَتي ورِيَاضُ النَّاس مجدِبة
…
وكوكبي وظلامُ اللّْيِلِ قد ركدا
إن كان صرْف اللَّيالي عنكِ أبعدني
…
فإن شَوْقي وحُزني عنكِ ما بُعدا
وكان أبوه قد ارتحل وتفقَّه على ابن أبي زيد، والقابسي، هو الّذي أخذ الْإِجازة منهما لولده أبي شاكر هذا.
168-
عليّ بْن أَحْمَد بْن سَعِيد بْن حزْم2 بْن غالب بن صالح بن خَلَف بن مَعْدَان بن سُفْيان بن يزيد:
مولى يزيد بْنِ أَبِي سُفْيَان بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ الأمويّ، الفارسيّ الأصل، ثمّ الأندلسيّ القُرْطُبيّ.
الْإِمام أبو محمد.
وجدُّه خَلَف أوَّل من دخل الأندلس.
وُلد أبو محمد بقرطبة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
وسمع من: أبي عمر أَحْمَد بن الجَسور، ويحيى بن مسعود، ويونس بن عبد اللَّه القاضي، وضُمام بن أَحْمَد القاضي، ومحمد بن سعيد بن نبات، وعبد الله بن ربيع
1 في جذوة المقتبس "290".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 415-417"، وسير أعلام النبلاء "18/ 184-212"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1146-1155"، والبداية والنهاية "12/ 91، 92".
التَّميميّ، وعبد اللَّه بن محمد بن عثمان، وأبي عمر أَحْمَد بن محمد الطلمَنْكي، وعبد الرّحمن بن عبد اللَّه بن خالد، وعبد اللَّه بن يوسف بن ناميّ، وجماعة.
روى عنه: أبو عبد اللَّه الحُميدي، وابنه أبو رافع الفضل، وجماعة.
وروى عنه بالْإِجازة: أبو الحسن شُريح بن محمد، وغيره.
وأول سماعه من ابن الجَسور في حدود سنة أربعمائة1.
وكان إليه المنتهى في الذَّكاء والحِفظ وكثرة العِلم، كان شافعيِّ المذهب، ثم انتقل إلى نفي القياس والقول بالظَّاهِر، وكان متفنِّنًا في علوم جمَّة، عاملًا بعلمه، زاهدًا بعد الرِّئاسة الّتي كانت لَأبيه، وله من الوزارة وتدبير المُلك.
جمع من الكُتُب شيئًا، ولا سيِّما كُتُب الحديث.
وصنّف في فقه الحديث كتابًا سمّاه "الْإِيصال إلى فهْم كتاب الخِصال الجامعة مُجمل شرائع الْإِسلام في الواجب والحلال والحرام والسُّنَّة والْإِجماع"، أورد فيه قول الصَّحابة فَمَن بعدهم في الفِقْه، والحُجَّة لكل قول، وهو كتاب كبير2.
وله كتاب "الْإِحكام لَأصول الأحكام" في غاية التَّقَصّي.
وكتاب "الفِصَل في المِلل والنِّحَل".
وكتاب "إظهار تبديل اليهود والنَّصارى للتوراة والإنجيل وبيان تناقض ما بأيديهم مما لا يحتمله التّأويل"، وهو كتاب لم يُسبق إليه في الحُسن.
وكتاب "المُجلّى في الفِقْه" مُجَلَّد.
وكتاب "المُحلَّى في شرح المجلَّى" في ثمانية أسفار في غاية التَّقصّي.
وله كتاب "التّقريب لحدِّ المنطق والمدخل إليه" بالَألفاظ العامّية والَأمثلة الفقهيّة.
وكان شيخه في المنطق محمد بن الحسن المَذحِجي3 القرطبي المعروف بابن
1 جذوة المقتبس "308".
2 في خمسة عشر ألف ورقة. "سير أعلام النبلاء 18/ 193".
3 المذحجي: نسبة إلى مذحج، وهي قبيلة من اليمن "الأنساب 11/ 212".
الكتاني1، وكان شاعرًا طبيبًا، مات بعد الأربعمائة2.
قال الغزالي رحمه الله: قد وجدت في أسماء اللَّه كتابًا ألَّفه أبو محمد بن حزم الأندلُسيّ يدل على عِظم حِفظه وسَيَلان ذِهْنِه3.
وقال أبو القاسم صاعد بن أَحْمَد: كان ابن حزمٍ أجمع أهل الأندلُس قاطِبة لعلوم الْإِسلام، وأوسعهم معرفة مع توسُّعُه في علم اللِّسان، ووفور حظّه من البلاغة والشِّعر، والمعرفة بالسّير والَأخبار. أخبرني ابنه الفضل أنَّهُ اجتمع عنده بخط أبيه محمد من تأليفه نحو أربعمائة مُجَلَّد، تشتمل على قريبٍ من ثمانين ألف ورقة4.
وقال الحُمَيْدِيّ5: كان ابن حَزْم حافِظًا للحديث وفِقْهِهِ، مُسْتَنْبِطًا للَأحكام من الكِتاب والسُّنَّة، متفنِّنًا في علوم جمَّة، عاملًا بعلمه. وما رأينا مثله فيما اجتمع له مع الذّكاء، وسُرْعة الحِفْظ، وكَرَم النَّفس والتَّديُّن، وكان لهُ في الآداب والشِّعر نَفَس واسِع، وباعٌ طويل، وما رأيت من يقول الشِّعر على البديه أسرع منه. وشِعره كثير، جمعته على حروف المُعْجَم.
وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر، مدبِّر دولة المؤيّد باللَّه بن المُستنصِر، ثم وزر للمُظفّر بن المنصور، ووزر أبو محمد للمستظهر باللَّه عبد الرّحمن بن هشام، ثمّ نبذ هذه الطّريقة، وأقبل على العلوم الشَّرعيّة، وعُني بعلم المنطق، وبرع فيه، ثمّ أعرض عنه وأقبل على علوم الْإِسلام حتّى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالَأندلس قبله6.
وقد حط أبو بكر بن العربيّ في كتاب "القواصم والعواصم" على الظّاهريّة فقال: هي أُمَّة سخيفة، تسوَّرَت على مرتبةٍ ليست لها، وتكلَّمَت بكلامٍ لم تفهمه، تلقَّفوه من أخوانهم الخوارج حين حكِّم عليٌّ يوم صفّين، فقال: لَا حُكم إِلَّا لِلَّه، وكانت أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلمّا عُدت وَجَدتُ القَوُل بالظاهر قد ملَأ به
1 جذوة المقتبس "45"، والوافي بالوفيات "2/ 348".
2 وفيَّات الأعيان "3/ 426".
3 تذكرة الحفاظ "3/ 117"، وسير أعلام النبلاء "18/ 187"، ولسان الميزان "4/ 201".
4 الصلة "2/ 416"، وسير أعلام النبلاء "18/ 187"، ولسان الميزان "4/ 199".
5 في الجذوة "308، 309".
6 معجم الأدباء "12/ 237، 238".
المغرب سخيفٌ كان من بادية أشبيليّة يُعرف بابن حزم، نشأ وتعلَّق بمذهب الشّافعيّ، ثم انتسب إلى داود، ثم خلع الكُل، واستقلَّ بنفسه، وزعم أنه إمام الأمة، يضع ويرفع، ويحكُم ويُشرّع، ينسب إلى دين اللَّه ما ليس فيه، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرًا للقلوب عنهم، وخرج عن طريق المشبَّهة في ذات اللَّه وصفاته، فجاء فيه بطَوامٍّ، واتَّفق كونه بين قومٍ لَا بصر لهم إِلَّا بالمسائل، فإذا طالبهم بالدّليل كاعوا1، فتضاحك2 مع أصحابه منهم، وعضَّدتهُ الرِّئاسة بما كان عنده من أدب، وبشُبَهٍ كان يَورِدُها على الملوك، فكانوا يحملونه ويَحْمُونَهُ بما كان يُلقي إليهم من شُبَه البِدَع والشرع، وفي حين عودي من الرِّحلة ألفيتُ حضرتي منهم طافحة، ونار ضلالهم لافحة، فقاسيتهم مع غير أقران، وفي عدم أنصارٍ، إلى حسادٍ يطأون عَقِبي، تارةً تذهب لهم نفسي، وأخرى ينكسر لهم ضرسي، وأنا ما بين إعراضٍ عنهم، أو تشغيبٍ بهم، وقد جاءني رجلٌ بجزءٍ لابن حزم سماه " نكل الْإِسلام"، فيه دواهي، فجرَّدتُ عليه نواهي، وجاءني آخر برسالة في اعتقاد، فنقضتها برسالة "الغُرّة"، والَأمر أفحش من أن يُنقض. يقولون: لَا قول إِلَّا ما قال اللَّه، فإنَّ اللَّه لم يأمُر بالاقتداءِ بأحدٍ، ولا بالاهتداء بهدْي بشر، فيجب أن تتحقق أنه ليس بهم دليل، إنَّما هي سخافَةُ في تهويل، فأوصيكم بوصيّتين: أنْ لَا تستدِلّوا عليهم، وأن تطالبوهم بالدّليل، فإنّ المُبتَدِع إذا استدللت عليه شَغّب عليك، وإذا طالبته بالدَّليل لم يجد إليهِ سبيلا.
فأمَّا قولهم: لَا قول إِلَّا ما قال اللَّه، فحق، ولكن أرِني ما قال اللَّه. وأمَّا قولهم: لَا حُكم إِلَّا للَّه، فغير مُسَلَّمٍ على الْإِطلاق، بل من حُكْم اللَّه أن يجعل الحُكْمَ لغيره فيما قاله وأخبر به. صحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"وَإِذَا حاصرْت أَهْلَ حصنٍ فَلَا تُنزلهم عَلَى حُكْمِ اللَّه، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا حُكْمُ اللَّه، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حْكُمِكَ"3.
وَصَحَّ أَنَّهُ قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وسنة الخلفاء "4 الحديث.
1 كاعوا: جبنوا.
2 في سير أعلام النبلاء "18/ 189""فيتضاحك".
3 حديث صحيح، أخرجه مسلم "1731"، وأبو داود "26112".
4 حديث صحيح، أخرجه أحمد "4/ 127"، وأبو داود "4607"، والترمذي "2676"، وابن ماجه "43"، والدارمي "1/ 44"، وصحَّحه الألباني في السنن.
قال اليسع بن حزم الغافقي، وذكر أبا محمد بن حزم فقال: أمَّا محفوظه فبحرٌ عُجاج، وماءٌ ثجاج، يخرج من بحره مَرْجان الحِكَم، وينبت بثَجّاجه أَلْفَافُ النِّعم في رياض الهِمم، لقد حفظ علوم المُسلمين، وأُربي على أهل كل دين، وألَّف "المِلل والنِّحل". وكان في صباه يَلْبس الحرير، ولا يرضى من المكانة إِلَّا بالسّرير، أنشد المُعتمد فأجاد، وقصد بَلَنسية وفيها المظفّر أحد الأطواد.
حدثني عنه عمر بن واجب قال: بينما نحن عند أبي بِبَلَنْسِيَة، وهو يُدرِّس المذهب، إذا بأبي محمد بن حَزْم يَسْمَعُنا، ويتعجَّب ثُمّ سأل الحاضرين عن سؤال من القدريّة جُووِب عليه، فاعترض فيه، فقال لهُ بعض الحُضّار: هذا العلم ليس من مُنْتَحَلاتِك، فقام وقعد، ودخل منزله فعكف، وكَفَ منه وابلٌ فما كَفَّ. وما كان بعد أشْهُرٍ قريبة حتَّى قصدنا إلى ذلك الموضِع، فناظر أحسن مُناظرةً قال فيها: أنا أتبع الحقّ وأجتهِد، ولا أتقيَّد بمذهبٍ1.
وقال الشّيخ عزّ الدّين بن عبد السَّلام: ما رأيتُ في كُتُب الْإِسلام في العِلم مثل "المجلّى" لابن حَزم، و"المغني" للشّيخ الموفَّق2.
قلت: وقد امتُحن ابن حزم وشرّد عن وطنه، وجرت له أمور، وتعصَّب عليه المالكيَّة لطول لسانه ووقوعه في الفقهاء الكبار، وجرى بينه وبين أبي الوليد الباجيّ مُنَاظرات يطول شَرْحها.
ونفرت عنهُ قلوب من النَّاس لحطِّه على أئِمَّتِهم، وتخطئته لهم بأفجّ عبارة، وأقطّ محاورة.
وعملوا عليه عند ملوك الأندلس، وحذّروهم منه ومن غائلته، فأقْصته الدّولة وشرّدتهُ عن بلاده، حتى انتهى إلى بادية لَبلة، فتوفِّي بها في شعبان ليومين بقيا منه.
وقيل: توفِّي في قَرْيةٍ له.
1 سير أعلام النبلاء "18/ 190، 191"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1148"، ولسان الميزان "4/ 199".
2 في سير أعلام النبلاء "المحلى".
3 هو الإمام أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أحْمَد بْن مُحَمَّد بْن قدامة المقدسي الدمشقي المتوفَّى سنة 620هـ.
4 لبلة: قصبة كورة بالأنلدس. "معجم البلدان 5/ 10".
قال أبو العبَّاس بن العَرِيف1: كان يُقال: لِسَان ابن حَزْم وسَيْفُ الحَجَّاج شقيقان2.
وقال أبو الخطَّاب بن دِحْيَة: كان ابن حَزْم قد بَرَص من أكل اللُّبَان، وأصابتهُ زَمَانَة، وعاش رحمه الله اثنتين وسبعين سنة إِلَّا شهرًا3.
قال أبو بكر محمد بن طرخان بن بُلْتِكين: قال لي الْإِمام أبو محمد عبد الله بن محمد العربي: توفِّي أبو محمد ابن حَزْم بقريته، وهي على خليج البحر الأعظم، في جُمَادَى الأولى سنة سبعٍ وخمسين.
وقال أبو محمد بن العربيّ: أخبرني أبو محمد بن حزم أنَّ سبب تعلُّمُه الفِقه أنَّهُ شهِد جنازة، فدخل المسجد، فجلس ولم يركع، فقال له رجل: قم صلِّ تحيَّة المسجد، وكان قد بلغ سِتًّا وعشرين سنة.
قال: فقمت فركعت، فلمَّا رجعنا من الصَّلاة على الجنازة ودخلت المسجد بادرت بالركوع، فقيل لي: اجلس اجلس، ليس ذا وقت صلاة -يعني: بعد العصر، فانصرفت وقد خُزيت.
وقلت للَأُستاذ الّذي ربَّاني: دُلَّني على دار الفقيه أبي عبد اللَّه بن دحّون، فقصدته وأعلمته بما جرى عَلَيّ، فدلّني على "موطأ" مالك، فبدأتُ عليه قراءة من ثاني يوم، ثُمّ تتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحو ثلاثة أعوام، وبدأتُ المُناظرة.
ثم قال ابن العربيّ: صحِبْتُ ابن حَزْم سبعَةَ أعوام، وسمعتُ منه جُمَيْع مُصَنَّفاته، سوى المجلَّد الأخير من كتاب "الفِصَل"، وهو سِتّ مُجلَّدات، وقرأنا عليه من كتاب "الْإِيصال" أربع مُجلَّدات في سنة ستٍّ وخمسين، وهو أربعة وعشرون مُجلَّدًا، ولي منه إجازة غير مرَّة4.
وقال أبو مروان بن حيَّان: توفِّي سنة ست وخمسين وأربعمائة.
1 هو: أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الصنهاجي الأندلسي المتوفَّى سنة 536هـ.
2 وفيَّات الأعيان "1/ 169".
3 تذكرة الحفاظ "3/ 1150"، وسير أعلام النبلاء "18/ 198".
4 معجم الأدباء "12/ 240-243"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1150، 1151"، وسير أعلام النبلاء "18/ 199"، ولسان الميزان "4/ 199".
ثم قال: كان رحمه الله حامل فنون من حديثٍ وفِقْهٍ وجَدَلٍ ونَسَبٍ، وما يتعلَّق بأذيال الأدب، مع المُشاركة في أنواع التّعليم القديمة من المنطِق والفلسفة.
ولهُ كُتُب كثيرة لم يخلُ فيها من غَلطٍ لجُرأته في التسوّر على الفنون، لا سيما المنطِق، فإنَّهم زعموا أنَّهُ زلَّ هُناك، وضلَّ في سلوك تلك المسائل، وخالف أرسُطْوطاليس واضعَه مخالفة مَنْ لم يَفْهَم غَرَضَه، ولا أرتاض، ومال أوّلًا إلى النظر على رأي الشّافعيّ، وناضل عن مذهبه حتَّى وُسم بِهِ، فاستُهدف بذلك لكثير من الفُقَهاء، وعِيب بالشُّذُوذ، ثم عدَل إلى قول أصحاب الظّاهر، فنقَّحه وجادل عنه، وثَبُتَ عليه إلى أن مات.
وكان يحمل علمه هذا، ويُجادل مَنْ خَالَفَهُ على استرسالٍ في طباعه، وبذْل لَأسراره، واستنادٍ إلى العهد الّذي أخذه اللَّه تعالى على العُلماء {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] ، فلم يكُ يلطف صَدْعَه بما عنده بتعريض ولا بتدريج، بل يصَكُّ به معارضة صكَّ الجَندل، ويُنْشِقهُ إنشاق الخردل، فتنفر عنه القلوب، وتوقع به النّدوب، حتى استُهدِف إلى فقهاء وقته، فتمالئوا عليه، وأجمعوا على قتلِه، وشنَّعوا عليه، وحذَّروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامَّهم عن الدُّنُو منه، فطَفِقَ المُلوك يُقصونه عن قُرْبِهم، ويسيِّرونه عن بلادهم، إلى أن انتهوا به منقطع أثره بلده من بادية لَبلة، وهو في ذلك غفير مرتدعٍ ولا راجع، يبثُّ علمه فيمن ينتابه من بادية بلده من عامَّة المُقتبسين، فهم من أصاغر الطَّلبة الّذين لا يخشون فيه الملامة، يُحدّثهم، ويُفقّههم، ويُدارسهم.
كمل من مُصَنَّفاته وِقر بَعِير، لم يَعْدُ أكثَرُها عَتَبَة باديته لزُهْدِ الفُقهاء فيها، حتَّى لَأُحرِق بعضها بإشبيليّة ومُزِّقت علانية.
وأكثر معايبه -زعموا عند المنْصِف له- جهله بسياسة العِلم الّتي هي أعوص، وتخلُّفه عن ذلك على قوّة سَبْحِهِ في غماره، وعلى ذلك فلم يكن بالسَّليم من اضطراب رأيه، ومغيب شاهد علمه عند لقائه، إلى أن يُحرّك بالسُّؤال، فينفَجِر منه بحر علمٍ لَا تُكَدِّرُهُ الدِّلاء.
وكان مِمّا يزيد في سيِّئاته تشيُّعهُ لَأمراء بني أُميَّة ماضيهم وباقيهم، واعتقاده لصحة إمامتهم، حتى نسِبَ إلى النصب لغيرهم1.
1 معجم الأدباء "12/ 427-249"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1151، 1152"، وسير أعلام النبلاء "18/ 200، 201".
ألى أن قال: ومن تواليفه: كتاب "الصّادع في الرّد على من قال بالتَّقليد".
وكتاب "شرح أحاديث المُوطَّأ".
وكتاب "الجامع في صحيح الحديث باختصار الأسانيد"، وكتاب "التخليص والتّلخيص" في المسائل النّظريّة، وكتاب "مُنْتَقَى الْإِجماع"، وكتاب "كشف الالتباس لما بين أصحاب الظاهر وأصحاب القياس".
قلت: ذكر في الفرائض من "المُحَلَّى" أنَّهُ صَنَّف كتابًا في أجزاءٍ ضخمة في ما خالف فيه أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ جمهور العلماء، وما انفرد به كل واحدٍ منهم، ولم يُسبق إلى ما قاله.
ومن أشعاره:
هل الدَّهر إِلَّا ما عرفْنَا وأدركْنا
…
فجائِعُهُ تَبْقَى ولذّاته تَفْنَى
إذا أَمْكَنَتْ فيه مَسَرَّةُ ساعةٍ
…
تَوَلَّت كمرِّ الطَّرْفِ واستَخْلَفَتْ حُزنا
إلى تبِعاتٍ في المَعاد وموقفٍ
…
نودُّ لَدَيْهِ أنَّنَا لم نَكُنْ كنَّا
حصلنا على همٍّ وإثمٍ وحسْرةٍ
…
وفاز الّذي كنَّا نَلَذُّ بِهِ عَنا
حنَيِنٌ لما ولَّى وشُغلٌ بما أتى
…
وهمٌّ لِما نَخْشَى فعيشك لا يَهنا
كأنَّ الَّذي كنّا نسُرّ بِكَوْنِهِ
…
إذا حقَّقَتْهُ النَّفْسُ لفظٌ بلا معنى
وله يفتخر:
أنا الشُّمْس في جوِّ العلوم منيرةٌ
…
ولكنّ عَيْبي أنْ مَطْلَعِيَ الغرْبُ
ولو أنّني من جانب الشَّرقِ طالِعٌ
…
لجَدَّ عليَّ مَا ضَاعَ مِنْ ذِكْرى النَّهْبُ
ولي نَحْوَ أكنافِ العراقِ صَبابةٌ
…
ولا غَرو أن يستوحِشَ الكِلَف الصّبُّ
فإنْ يُنزل الرّحْمَنُ رحْلي بَيْنهمْ
…
فحينئذٍ يبدو التأسُّف والكَرْبُ
هنالك يُدري أنَّ للبُعْدِ قِصَّةٌ
…
وأنَّ كَسَادَ العِلمِ آفَتُهُ القُرْبُ
فواعَجَبًا مَنْ غابَ عنهم تشوّقوا
…
له، ودُنُوّ المَرِء من دارهم ذنب2
1 الأبيات في سير أعلام النبلاء "18/ 206، 207".
2 الأبيات في الجذوة "310"، وسير أعلام النبلاء "18/ 208، 209" ما عدا البيت الآخير.
وله:
مُنَايَ مِنَ الدُّنيا عُلُومٌ أبُثُّهَا
…
وأنْشُرُها في كُلِّ بَادٍ وحَاضِرِ
دعاءٌ إلى القُرْآنِ والسُّنن الّتي
…
تَنَاسَى رجالٌ ذِكْرَها في المحاضرِ1
وله وهو يماشي ابن عبد البرّ، وقد أقبل شابٌّ مليح، فأعجب ابن حزم، فقال أبو عمر: لعلّ ما تحت الثّياب ليس هناك.
فقال بديهًا:
وذي عَذَلٍ فيمن سباي حُسْنُهُ
…
يُطيل مَلَامي في الهوى ويقولُ
أيَنْ حُسْنِ وَجْهٍ لَاحَ لَمْ تَرَ غَيْرَهُ
…
ولَمْ تدر كيف الْجِسْمُ أَنْتَ قَتِيلُ
فقلتُ لَهُ: أسرفْت في الّلَوْمِ فَاتَّئِدْ
…
فعندي ردٌّ لو أشاءُ طَوِيُلْ
ألم تر أنني ظَاهِرِيٌ وأنَّني
…
على ما بدا حتّى يقوم دليل2
وله:
لا يشتمنَّ حاسِدي إن نكبةٌ عَرَضَت
…
فالدّهرُ ليس على حالٍ بمُترَّكِ
ذو الفضل كالتبر طورًا تحت منفعةٍ
…
وتارةً في ذُرى تاجٍ على ملك
ومن شعره يصف ما أحرق المُعتضد بن عبَّاد له من الكُتُب:
فإن تحرِقوا القِرْطَاس لَا تُحرِقوا الّذي
…
تضمّنه القِرْطَاس، بل هو في صدري
يَسيرُ معي حيث استقلَّتْ رَكَائِبي
…
وينزلُ إنْ أَنْزَل ويُدفَن في قبري
دَعُونِي مِن إحرَاقِ رقٍّ وكاغدٍ
…
وقولوا بعلمٍ كَيْ يَرَى النَّاسُ مَنْ يَدْرِي
وإلا فَعُودُوا في المَكَاتِبِ بدْأةً
…
فَكَم دُونَ ما تبغونَ لِلَّهِ مِن سِتْرِ
كذاك النَّصَارى يحرقون إذا عَلَت
…
أَكُفُّهُمُ القُرْآن في مُدُنِ الثَّغْرِ
وقد ذُكر لابن حزم قول من قال: أجلّ المُصنَّفات "المُوَطَّأ"، فأُنكِر ذلك، وقال: أَوْلَى الكُتُب بالتّعْظيم "الصحيحان"، وكتاب سعيد بن السكن، و"المنتقى" لابن
1 البيتان في الجذوة "310"، والصلة "2/ 417"، وسير أعلام النبلاء "18/ 206".
2 الأبيات في معجم الأدباء "12/ 243، 244"، ووفيات الأعيان "3/ 337".
الجارود، و"المنتقى" لقاسم بن أَصْبَغ، ثم بعد هذه الكُتُب "كتاب أبي داود"، و"كتاب النَّسائي"، و"مصنّف قاسم بن أصبغ"، و"مصنّف الطحَاوي"، و"مسند البزّاز"، "ومسند ابن أبي شيبة"، و"مسند أحمد"، "ومسند ابن راهويه"، و"مسند الطيالسي"، و"مسند أبي العباس النسوي"، و"مسند ابن سنْجر"، و"مسند عبد الله بن محمد المسندي"، و"مسند يعقوب بن شيبة"، و"مسند ابن المديني"، و"مسند ابن أبي غرزة"، وما جرى مجرى هذه الكُتُب التي أُفرِدت لكلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صِرفًا، وللفظه نصًّا، ثم بعد ذلك الكُتُب الّتي فيها كلامه عليه السلام، وكلام غيره، مثل:"مُصّنَّف عبد الرزّاق"، و"مصنف ابن أبي شيبة"، و"مصنَّف بقيّ من مَخْلد"، وكتاب محمد بن نصر المَرْوَزيّ، وكتابيّ ابن المُنْذِر الأكبر والَأصغر، ثمّ مصنَّف حمّاد بن سَلَمَة، ومُصَنَّف سعيد بن منصور، ومُصّنَّف وكيع، ومصنّف الفِريابي، و"موطأ" مالك، و"موطأ" ابن أبي ذئب، و"موطأ" ابن وهْب، و"مسائل" أَحْمَد بن حنبل، وفقه أبي عُبَيْد، وفقه أبي ثور1.
ولَأبي بكر أَحْمَد بن سليمان المروانيّ يمدح ابن حزم رحمه الله:
لمَّا تحلَّى بخُلْقٍ
…
كالمِسْكِ أو نشر عودِ
نجلُ الكرام ابن حَزْمٍ
…
وَفَاقَ في العِلْمِ عُودِي
فتواه جدَّد ديني
…
جَدْوَاهُ أَوْرَقَ عُودي
أَقُولُ إذ غبت عنه:
…
يا سلعة السَّعدِ عُودي
كملتْ.
169-
عَلِيّ بْن الْحَسَن بْن عَلِيّ بْن أَبِي الفضل الكَفْرطَابيّ2:
ثمّ الدّمشقيّ.
حدَّث عن: عبد اللَّه بن محمد الحنَّائيّ.
روى عنه: أبو الفضائل الحسن بن الحسن.
1 سير أعلام النبلاء "18/ 202".
2 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 219".
170-
عليّ بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عَبادل1:
أبو الحسن الأنصاريّ الْإِشبيليّ.
قرأ القرآن بقُرْطُبَة على: أبي المطرِّف القنازِعي.
وحجَّ وسمع بمصر من: أبي محمد بن النَّحّاس، وغيره.
وكانت له معرفة بالحديث ورجاله.
وولد سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
171-
عمر بن أَحْمَد بن سبسوَيه التّاجر:
أبو الفتح الْأصبهانيّ.
مات في رمضان.
172-
عميد المُلك2:
أبو نصر الكُنْدريّ الوزير.
اسمه: محمد بن منصور. سيأتي.
حرف القاف:
173-
قُتُلمش بن إسرائيل بن سَلْجُوق3:
شهاب الدّولة سليمان، جدّ ملوك الرُّوم إلى دولة الظَّاهر.
كانت له قلاع وحصون بعراق العجم، وعصى على ابن عمّه الملك ألْبَ أرسلان، فتواقعا بنواحي الرّي في هذا العام، وانجلت المعركة، فوُجد قُتُلمش ميِّتًا. قيل: إنَّهُ مات خوفًا وهلعًا، فاللَّه أعلم، فبكى السُّلطان عليه وتألَّم له، وجلس للعزاء، فسلّاه وزيره نظام المُلك.
وكان قُتُلمش يتعانَى النُّجوم وأحكامها.
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 415".
2 سيأتي برقم "179".
3 الكامل في التاريخ "10/ 36، 37"، وسير أعلام النبلاء "18/ 117، 113"، والبداية والنهاية "12/ 90"، وشذرات الذهب "3/ 301".
حرف الميم:
174-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد أَحْمَد بن حَسْنُون1:
أبو الحسين بن النَّرْسيّ البغداديّ.
سمع: أبا بكر محمد بن إسماعيل الورَّاق، وأبا الحسن الحربيّ، وابن أخي ميميّ، وطبقتهم ببغداد؛ وعبد الوهَّاب بن الحسن الكِلابيّ، وغيره بدمشق.
روى عنه: الخطيب، وقال2: كان ثقة من أهل القرآن، وُلِدَ سَنَة سبعٍ وستين وثلاثمائة، وتوفِّي في صَفَر.
وقال ابن عساكر: ثنا عَنْه أَبُو بكر قاضي المرِستان، وأبو غالب بن البنَّا، وأبو العِز بن كادِش.
قلت: سمعنا مشيخته بإجازة الكِندي، بسماعه من القاضي، عنه.
175-
محمد بن عليّ بن عبد الملك بن شبابة:
أبو بكر الدّينوريّ البغداديّ القارئ.
سمع: أبا القاسم إسماعيل بن الحسن الصَّرصَريّ، وجماعة.
وعنه: أبو العزّ بن كادش، وجماعة.
176-
محمد بن عليّ بن محمد بن صالح3:
أبو عبد الله الدّمشقيّ المطرّز النَّحْويّ.
مصَنِّف "المُقدِّمة" المشهورة.
سمع من: تمام الرازي، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وأبو القاسم النَّسيّب.
قال الكتَّانيّ: توفِّي في ربيع الأوَّل، وكان أشعريّ المذهب مُقرِئًا نحويًّا.
1 تاريخ بغداد "1/ 356"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1154"، وسير أعلام النبلاء "18/ 84، 85".
2 في تاريخه "1/ 356".
3 شذرات الذهب "3/ 301"، ومعجم المؤلفين "11، 50".
177-
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بن أحمد بن حبيب1:
أبو سعيد الخشَّاب النَّيْسَابِوُرِيّ الصفَّار.
تُوُفّي في ذي القعدة. قال عبد الغافر الفارسي: وكان محدثًا مفيدًا، من خواص خدَّام أبي عبد الرّحمن السُّلميّ، وكان صاحب كُتُب. صار بُندار كُتُب الحديث بنَيْسابور، وأكثر أقرانه سماعًا وأصولًا. قد رزقه اللَّه الْإِسناد العالي، وجمع الأبواب، وأسمع الصّبيان. وهو من بيت حديث وصلاح.
وُلِدَ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.
وسمع من: أبي محمد المَخْلدي، وأبي الحسين الخفَّاف، والسُّلَميّ.
وحدَّثني من أثِق به أنَّ أبا سعيد أظهر سماعه من أبي طاهر بن خُزيمة بعد وفاة أبي عثمان الصَّابونيّ، فتكلَّم أصحاب الحديث فيه، وما رضوا ذلك منه، واللَّه أعلم بحاله.
وأمَّا سماعه من غيره فصحيح، وقد أجاز لي مَرويّاته. وأنا عن جماعةٌ منهم: الوالد، وأبو صالح المُؤذِّن، وأبو سعد بن رامش، وغيرهم.
قلت: وآخر من روى عنه: زاهر الشَّحّاميّ.
تُوُفِّي فِي ذِي القِعْدَة.
178-
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن يوسف بن جميل2:
أبو عبد اللَّه الطَّرَطُوسيّ3 المعروف بابن السُّناط.
إمام جامع دمشق.
روى عن: عبد الرحمن بن أبي نصر يسيرًا.
179-
محمد بن منصور بن محمد4:
1 الأنساب "5/ 120"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1154"، وسير أعلام النبلاء "18/ 150، 151"، ولسان الميزان "5/ 307"، وشذرات الذهب "3/ 301".
2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية""39/ 22"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 122".
3 في تاريخ دمشق ومختصره "الطرسوسي".
4 المنتظم "8/ 238، 239"، والكامل في التاريخ "10/ 31-34"، وسير أعلام النبلاء "18/ 113-115"، والبداية والنهاية "12/ 92، 93".
الوزير عميد المُلك، أبو نصر الكُنْدري1، وزير السُّلطان طُغرلْبك.
كان أحد رجال الدَّهر شهامةً وكتابةً وكرمًا.
قُتل بمَرو الرُّوذ في ذي الحجّة، وكان قد قطع مذاكِره ودَفَنَها بخُوارزم لأمرٍ وقع له، فلمَّا قتلوه حملوا رأسه إلى نَيْسَابُور، نَسْأَلُ اللَّه العافية.
وقد سمَّاه أبو الحسن محمد بن الصابي في "تاريخه"، وعليّ بن الحسن الباخَرْزي في "دمْية القصر": منصور ابن محمد.
وقال أبو الحسن الهَمَدَانيّ في كتاب "الوزراء": أبو نصر محمد بن محمد بن منصور.
وكُندُر قَرْيَة مِن نَوَاحي نَيْسَابُور، بها وُلد سنة خمس عشرة بها.
وتفقَّه لَأبي حنيفة، وتأدَّب، ثم صحب رئيسًا بنَيْسابور، فاستخدمه في ضياعه، ثم استنابه عنه في خدمة السُّلطان طُغرلْبك، فطلبه منه، فوصل في خدمته، وصار صاحب خبرة، ثُمّ ولاه خُوارَزم، وعظُم جاهه.
وعصى خُوارَزم، ثم ظفر به السُّلطان، ونقم عليه أنَّهُ تزوَّج امرأة ملك خُوارَزم فخصاه، ثمّ رقّ له فداواه وعوفي. واستوزره وله إحدى وثلاثون سنة.
وقدِم بغداد، وأقام بها مُدَّة، ولقَّبهُ الخليفة "سيِّد الوزراء".
ونال من الجاه والحُرمة ما لم ينلْه أحد.
وكان كريمًا جوَّادًا، متعصِّبًا لمذهبه، مُعتزليًّا مُتكلِّمًا، له النظْم والنَّثر، فلمّا مات طُغرلبك وتسلطن ابن أخيه ألْبُ أرسلان أقرَّه على وزارته قليلًا، ثم عزله، واستوزره نظام المُلك.
ومن شِعره في غلامٍ له:
أنا في غَمْرة حُبِّهِ
…
وهو مشغولٌ بلعبهْ
صانه اللَّه فما أكثر
…
إعجابي بعجبهْ
لو أراد الله نفعًا
…
وصلاحًا لمحبهْ
1 الكندري: نسبة إلى كندر من نواحي نيسابور. "الأنساب "10/ 482، 483".
تُفلت رقّة خدّيه
…
إلى قسوة قلبهْ
وقال أبو الحسن الهَمَذَانيّ في "تاريخه": إنَّ ابنة الْإِعرابيّ المُغنْية المشهورة وجوْقتها غنَّت عميد المُلك، فأطربته، فأمر لها بألف دينار، وأمر لَأولئك بألف دينار، وفرَّق في تلك الليلة أشياء، فلمَّا أصبح قال: كفَّارة ما جرى أن أتقرَّب بمثل ذَلِكَ، فتصدَّق بألفيّ دينار1.
وقال أبو رجاء: أنشد عميد المُلك عند قتله:
إن كان بالنَّاس ضيقٌ عن مُنافستي
…
فالموتُ قد وسَّع الدُّنيا على النَّاسِ
مَضَيْتُ والشَّامِتُ المَغْبُونُ يَتْبَعُني
…
كُلٌّ بكأس المنايا شاربٌ حاسي2
وقيل: إنَّهُ قال للتُّركيّ الّذي جاء لكي يقتله: قُل للسُّلطان ألْبِ أرسلان: ما أسعدني بدولة آل سَلجوق، أعطاني طُغرلبك الدُّنيا، وأعطاني ألْبُ أرسلان الآخرة.
وكانت وزارته ثمان سنين وثمانية أشهر، وزر لَأَلْب أرسلان شهرين وعزله، فتوجَّه إلى مَرْو الرَّوْذ في صَفَر سنة سبعٍ وخمسين، ومعه زوجته وابنته، أَوْلَدها قبل أن يُخصى، وأخذ ألْبُ أرسلان ضياعه جميعها والاته وغلمانه، وكانوا ثلاثمائة مملوك. ثمّ كتب له بمائتيّ دينار في الشَّهر، وتركه قليلًا، ثم أرسل إليه من قتله صَبْرًا، وحَمَل إليهِ رأسه، وله نيّفٌ وأربعون سنة.
قلت: ويُقال إنَّ غُلامين دخلا عليه ليقتلاه، فأذنا له، فودَّع أهله، وصلَّى ركعتين، فأرادا خنقه فقال: لستُ بلصٍّ، وشرط خرقةً من كُمِّهِ وعصب عينيه فضربوا عنقه، وكان مُتعصِّبًا يقع في الشّافعيّ.
180-
مُحَمَّد بْن هِبَة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحسين3:
الْإِمام أبو سهل ابن جمال الْإِسلام أبي محمد الموفّق ابن القاضي العلّامة أبي عمر البَسْطاميّ ثمّ النَّيْسَابُوريّ.
ذكره عبد الغافر فقال4: سلالة الْإِمامة، وقُرَّة عين أصحاب الحديث، انتهت
1 سير أعلام النبلاء "18/ 114".
2 البيتان في: الكامل في التاريخ "10/ 32، وسير أعلام النبلاء "18/ 114".
3 المنتخب من السياق "71، 72"، وسير أعلام النبلاء "18/ 142، 143".
4 في المنتخب "71".
إليه زعامةُ الشّافعيّة بعد أبيه، فأجراها أحسن مَجْرى، ووقعت في أيّامه وقائع ومحَن للَأصحاب، وكان يقيم رسْم التَّدريس، لكنَّهُ كان رئيسًا ديّنًا ذكيّا صيِّنًا قليل الكلام.
وُلِدَ سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
وسمع من مشايخ وقته بخُراسان، والعراق، مثل النصْروبي، وأبي حسَّان المزكّيّ، وأبي حفص بن سرور.
وكان بيتهم مجمع العلماء ومُلتقى الأئِمّة، فَتُوُفّي أبوه سنة أربعين، فاحتفَّ به الأصحاب، وراعوا فيه حقَّ والده، وقدّموه للرئاسة. وقام أبو القاسم القُشيْريّ في تهيئة أسبابه، واستدعى الكُلّ إلى متابعته، وطلب من السُّلطان ذلك فأُجيب، وأرسل إليه الخِلع، ولقّب بأبيه جمال الْإِسلام، وصار ذا رأيٍ وشجاعة ودهاء، فظهر له القَبول عند الخاصّ والعامّ، حتّى حسده الأكابر وخاصموه، فكان يخصمهم ويتسلَّط عليهم، فبدا له خُصُوم، واستظهروا بالسُّلطان عليه وعلى أصحابه، وصارت الأشعريَّة مقصودين بالْإِهانة والطَّرْد والنَّفْيّ، والمنع عن الوعظ والتَّدريس، وعُزلوا عن خطابة الجامع.
ونبغ من الحنفيّة طائفة شربوا في قلوبهم الاعتزال والتَّشَيُّع، فخيَّلوا إلى وليّ الأمر الْإِزراء بمذهب الشَّافعيّ عمومًا، وتخصيص الأشعريَّة، حتّى أدَّى الأمر إلى توظيف اللعنة عليهم في الجُمع، وامتدَّ الأمر إلى تعميم الطَّوائِف باللعن في الخُطَب.
واستعلى أولئك في المجامع، فقام أبو سهل أبلغ قيامٍ، وتردّدَ إلى العسكر في دفع ذلك، إلى أن ورد الأمر بالقبض على الرّئيس الفُرَاتيّ، والقُشَيْرِيّ، وأبي المعالي بن الْجُوَيْنيّ، وأبي سهل بن الموفّق، ونَفْيهم ومنْعهم عن المحافل، وكان أبو سهل غائبًا إلى بعض النَّواحي، ولمَّا قُرئ الكِتاب بنفْيهم أُغرى بهم الغاغة والَأوباش، فأخذوا بأبي القاسم القُشيري والفُراتي يجُرونهُما ويستَخِفّون بهما، وحُبسا بالقُهُندر.
وكان ابن الْجُوَيْنيّ أحسّ بالَأمر، فاختفى وخرج على طريق كرْمان إلى الحجاز، وبقيا في السّجن مُفتَرِقين أكثر من شهر، فتهيَّأ أبو سهل من ناحية باخَرْز، وجمع من شاكريّته وأعوانه رجالًا عارفين بالحرب، وأتى بابن البلد، وطلب تسريح الفُرَاتيّ والقُشيري، فما أُجيب، بل هُدِّد بالقبض عليه، فما التفت، وعزم على دخول البلد ليلًا، والاشتغال بإخراجهما مُجاهرة ومُحاربة.
وكان مُتولّي البلد قد تهيَّأ للحرب، فزحف أبو سهل ليلًا إلى قرية له على باب البلد، وهيَّأ الأبطال، ودخل البلد مُغافصَةً إلى داره، وصاح من معه بالنّعرات العالية، ورفعوا عقائرهم، فلمّا أصبحوا تردّدت الرُّسُل والنُّصحاء في الصُّلح، وأشاروا على الأمير بإطلاق الرئيس والقُشيري، فأبى وبرز برجاله، وقصد محلّة أبي سهل، فقام واحد من أعوان أبي سهل واستدعى منه كفاية تلك النّائرة إيّاه أصحابه، فأذِن لهم، فالتقوا في السُّوق، وثبُت هؤلاء حتى فرغ نشاب أولئك، ثم حمل هؤلاء عليهم فهزموهم إلى رأس المربَّعة، وهمُّوا بأسر الأمير، وسبّوه وردّوه مجروحًا أكثر رجاله، مقتولًا منهم طائفة، مسلوبًا سلاح أكثرهم، ثمّ توسَّط السَّادة العلويّة، ودخلوا على أبي سهل في تسكين الفتنة، وأخرجوا الْإِثنين من الحبس إلى داره، وباتوا على ظَفَر. وأحبَّ الشّافعيَّة أبا سهل.
ثمَّ تشاور الأصحاب بينهم، وعلموا أنَّ مخالفة السُّلطان قد يكون لها تَبِعَة، وأنّ الخصوم لَا ينامون، فاتّفقوا على مهاجمة البلد إلى ناحية أَسْتُوا، ثُمَّ يذهبون إلى الملك، وبقي بعض الأصحاب بالنَّواحي مُتَفَرِّقين، وحُبس أبو سهل في قلعة طورك أشْهُرًا. ثمّ صودِرً وأُبِيعتْ ضِيَاعُهُ، ثم عُفي عنه، وأُحيل ببعض ما أُخذ منه، ووُجّه إليها، فخرج إلى فارس، وحصَّل شيئًا من ذلك، وقصد بيت اللَّه فحجَّ ورجع، وحسُن حاله عند السُّلطان، وأذِن له في الرُّجوع إلى خُراسان، وأتى على ذلك سُنون إلى أن تبدَّل الأمر، ومات السُّلطان طُغرلبك، وتسلطن أبو شجاع ألْبُ أرسلان، فحظي عنده، ووقع منه موقعًا أرفع مِمَّا وقع أبوه من طُغرلبك. ولاح عليه أنه يستوزره، ففُصد سرًا، واحتيل في إهلاكه، ومضى إلى رحمة اللَّه في هذا العام، وحُمل تابوته إلى نَيْسَابور، وأظهر أهلها عليه من الجَزَع ما لم يُعهَد مثله، وبقيت النّوائح عليه مُدَّة بعده.
وكانت مراثيه تُنْشَد في الأسواق والَأزِقّة، وبقيت مُصيبته جرْحًا لَا يندمِل، وأفضت نوبة القبول بين الأعوام إلى نجله، ولم يبق سواه أحد من نسله.
وكان إذا حضر السلطان البلد يقدِّم له أبو سهل وللَأمراء من الحلواء والَأطعمة المُفتخرة أشياء كثيرة، بحيث يتعجَّب السُّلطان والَأعوان.
ولقد دخل إليه يوم تلك الفِتنة زوج أخته الشَّريف أبو محمد الحسن بن زيد شفيعًا في تسكين النَّائِرة، فنثر على أقدامه ألف دينار، واعتذر بأنّه فاجأه بالدخول.
اختصرتُ هذا من "السّياق" لعبد الغافر.
وذكر غيره أنَّ ألْبَ أرسلان بعثه رسولًا إلى بغداد، فمات في الطَّريق.
181-
المحسّن بن عيسى بن شهفيروز1:
أبو طالب البغداديّ الفقيه الشّافعيّ.
توفِّي ببغداد في رمضان.
وقد حدَّث عَن المُعافى بن زكريّا الجريريّ، وأبي طاهر المخلّص.
وفيات سنة سبع وخمسين وأربعمائة:
حرف الألف:
182-
أحمدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحسن2.
أبو الحسين الطَّرائفيّ الدّمشقيّ.
سمع: تمَّام بن محمد الرّازيّ، وعبد الرَّحمن بْن أَبِي نصر.
رَوَى عَنْهُ: الخطيب، وعبد اللَّه بن الأكفانيّ.
183-
أَحْمَد بْن عبد العزيز بْن أَحْمَد3:
أبو بَكْر بن الأطروش القُدُوريّ، البغداديّ المقرئ.
قرأ القراءات على: أبي الفَرَج النَّهْرَوانيّ، وأبي الحسن الحماميّ.
وسمع من: أبي الحسن بن الصلت، والسوسَنجِردي، وطائفة.
قرأ عليه: هبة اللَّه بن الطّبر.
وحدَّث عنه: رفيقه أبو عليّ بن البنَّا، والمختار بن سعيد، وأبو محمد عبد اللَّه بن الأبنُوسيّ.
قال أَحْمَد بن خَيْرون: وُلِدَ سنة 381، وتوفِّي في جمادى الآخرة.
1 تاريخ بغداد "13/ 157".
2 تاريخ دمشق "التيمورية""2/ 492"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "3/ 151".
3 غاية النهاية "1/ 69، 70".
184-
أَحْمَد بن القاسم بن ميمون بن حمزة:
الشَّريف أبو إبراهيم الحُسيْنيّ المِصريّ.
توفِّي في هذه السَّنة أو بعدها، وكان يجتهِد بمصر في نشر السُّنّة.
روى عن جدّه، وعن أبي الحسن الحَلَبِيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو عبد اللَّه الحُميدي، ومحمد بن أَحْمَد الرّازيّ، وعلي بْن المؤمَّل بْن غسَّان الكاتب، وعلي بن الحُسَين الفرّاء، وأبو الحسن بن المُشَرِّف الأنماطيّ.
185-
إسماعيل بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن فيلة:
أبو القاسم المَدِينيّ.
مات في ربيع الآخر بأصبهان.
حرف السّين:
186-
سعيد بن أبي سعيد أَحْمَد بن محمد بن نُعيم بن أَشْكاب1:
الشّيخ أبو عثمان الصُّوفيّ، المعروف بالعيّار.
حدَّث عن: أبي الفضل عُبيد اللَّه بن محمد الفاميّ، والحسن بن أَحْمَد المَخْلدي، وأبي طاهر بن خُزَيْمة، والخفَّاف.
وحدَّث "بصحيح البُخاريّ" عن محمد بن عمر بن شبّويه، وقد سمعته في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة2.
وقد انتقى له البَيْهَقيّ، وخرَّج لهُ موافقات.
روى عنه: أبو عبد اللَّه الفرَّاويّ، وأبو القاسم الشّحّاميّ، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسيّ.
وحدَّث بأصبهان فروى عنه: غانم بن أَحْمَد الجُلودي، وفاطمة بنت محمد البغداديّ، والحسين بن طلحة الصَّالحانيّ، وعتيق بن حُسيْن الرُّوَيْدشتيّ، وغيرهم3.
1 الإكمال "6/ 287"، والمنتخب من السياق "236"، والعبر "3/ 241"، وسير أعلام النبلاء "18/ 86-88"، وميزان الاعتدال "2/ 140".
2 التقييد لابن نقطة "289".
3 التقييد "289".
قال عبد الغافر1: سمع بمرْو "صحيح البُخاريّ" من أبي عليّ الشَّبَوي.
قلت: وسمع بهُراة من عبد الرّحمن بن أبي شُريح.
وتوفِّي بغَزنة في ربيع الأوَّل.
وقال السِّلفيّ: سمعت أبا بكر محمد بن منصور السِّمعانيّ يقول: سمعت صالح بن أبي صالح المؤذّن يقول: كان أبي سيِّئ الرّأي في سعيد العيَّار ويتكلَّم فيه، ويطعن فيما رُوَى عَن بِشر الْإِسْفِرَائِينيّ خاصَّة2.
قلت: ولهذا لم يُخرّج له البَيْهَقِيّ عن بِشر شيئًا، وسماعه منه ممكن، فقد ذكر الحافظ ابن نُقطة أنَّ مولده في سنة خمسٍ وأربعين وثلاثمائة3، وعلى هذا يكون قد عُمّر مائة وثلاث عشر سنة.
وفي الْجُملة فهو مِمَّن عُمّر، فإنَّهُ رحل بنفسه إلى مَرْو سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة كما ذكرنا، واللَّه أعلم.
قال فضل اللَّه بن محمد الطُّبْسِيّ: كان الشَّيخ سعيد العيَّار شيخًا بهيًّا طريفًا، من أبناء مائة واثني عشرة سنة.
ذكِر أنَّهُ كان لا يروي شيئًا، فرأى بدمشق رؤيا حملته على رواية مسموعاته، وهي أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قال: فأردت أن أسلِّم، فتلقّاني أبو بكر برسالة رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ لا تروي أخباري وتنشرها؟
قال: فأنا منذ ذلك أطوف في البلدان وأروي مسموعاتي4.
قال غيث الأَرْمَنَازيّ: سألتُ جماعة لِمَ سُمِّيَ العيَّار؟ قالوا: لَأنَّهُ كان في ابتدائه يسلك مسالك العيَّارين.
وقال ابن طاهر في "الضُّعفاء" له: يتكلَّمون فيه لروايته كتاب "اللُّمَع" عن أبي نصر السَّرّاج، وكان يزعم أنَّهُ سمع "الأربعين" لابن أسلم مِن زاهر السرخسي5.
1 في المنتخب من السياق "236".
2 التقييد "289"، وفيه زيادة:"وذكر ابن السمعاني قصة ذهبت على".
3 التقييد "289".
4 تاريخ دمشق "15/ 369، 370" مختصر تاريخ دمشق "9/ 282".
5 تاريخ دمشق "15/ 370".
وقال محمد بن عبد الواحد الدَّقّاق: روى العيَّار عن بِشر بن أَحْمَد، وبِئس ما فعل؛ أفسد سماعاته الصّحيحة بروايته عنه.
حرف العين:
187-
عبد الصَّمَد بن أبي عبد اللَّه الحسين بن إبراهيم:
الْأصبهانيّ الجمَّال، أبو نصر.
توفِّي في ربيع الأوَّل.
روى عن: أبي مسلم بن أبي جعفر بن المَرْزُبَان الأَبْهَريّ، عن أبيه، عن الحَزُورُّيّ.
روى عنه: أبو عليّ الحدَّاد، وغيره.
وسماعه نازل بمرَّة، وما أدري كيف لم يسمع عاليا.
188-
عبد العزيز بن محمد1:
أبو عاصم النَّخْشَبِيّ الحافِظ.
توفِّي في هذا العام في قول يحيى بن مَنْدَهْ.
وفي سنة ستٍّ في قول غيره؛ وقد تقدَّم.
189-
عبد الملِك بن زيادة اللَّه بن علي بن حسن2:
التَّمِيميّ ثمّ الحمّانيّ، أبو مروان الطُّبْنيّ.
من بيت علمٍ ودين، أصلهم من طُبْنَة من عمل إفريقيّة.
سمع بقرطبة من: محمد بن سعيد بن نبات، ويونس بن عبد اللَّه بن مغيث، وأبي المطرف القنازعي، ومكي ابن أبي طالب، وطائفة.
وله رحلتان إلى المشرق.
سمع من: أبي الحسن بن صَخْر، وطبقته.
1 تقدمت ترجمته برقم "164".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 360-363".
وكان ذا عناية تامَّة بالحديث، وكان أديبًا لُغويًّا شاعِرًا.
عاش سِتِّين سنة، وقُتِلَ في داره في ربيع الآخر -رحمه اللَّه1.
190-
عبد الواحد بن محمد:
أبو القاسم النصريّ الْأصبهانيّ البقَّال.
روى عن: محمد بن أَحْمَد بن جَشْنِس.
توفِّي في رجب. قاله أبو القاسم بن مَنْدَهْ.
191-
عُبَيد اللَّه بْن عليّ بْن عُبَيد اللَّه:
الشّيخ أبو المعالي الجيرُفْتِيّ2، المعروف بالعالِم.
192-
عليّ بن إبراهيم بن جعفر بن الصَّبّاح:
أبو طالب الأَسَدِيّ الهمدانيّ المزكّيّ.
روى عَنْ: أَبِيه، وأبي بَكْر بْن لال، وابن خيران، وشعيب بن علي، وأبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وجماعة.
قال شيرويه: كان ثقة صدوقا، وحدَّثني عنه أبو الفضل القُومسانيّ.
توفِّي في سادس المُحرَّم، ووُلِدَ في سنة 361.
حرف الفاء:
193-
الفضل بْن محمد بْن إبراهيم.
روى عن: أبي العبَّاس الأَسَديّ.
مات في ربيع الأوّل، قاله عبد الرَّحمن بن مَنْدَهْ.
حرف الميم:
194-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن علي3:
1 الصلة "2/ 362، 363".
2 الجيرفتي: نسبة إلى جيرفت، وهي إحدى بلاد كرمان. "الأنساب "3/ 408، 409".
3 تاريخ بغداد "1/ 356"، والكامل في التاريخ "10/ 49".
أبو الحسين بن الأبنوسيّ البَغْداديّ.
سمع: أبا القاسم بن حَبَابَة، وأبا حفص عمر بن إبراهيم الكتاني.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان سماعه صحيحا1.
195-
محمد بن علي2:
أبو بكر الحداد.
بغدادي زاهد صالح، كبير القدر، فقيه حافظ "مختصر الخرقي".
وكان قوَّالًا بالحق، نهَّاءً عن المُنكر.
توفِّي في شوَّال من السَّنة، وشيَّعه خلائق.
حكى عنه الخطيب في ترجمة دَعْلَج.
196-
موحِّد بن عليّ بن عبد الواحد بن الموحّد3:
أبو الفرج بن البَرِّيّ الدَّمشقيّ.
سمع: عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي نصْر.
روى عنه: أبو بكر الخطيب.
وله إخوة ذكرهم الأمير ابن ماكولا بالفتح.
قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: كذا ذكرهم الأمير في باب بَرّي -بفتح الباء، يعني أنه بالضم.
وفيَّات سنة ثمان وخمسين وأربعمائة:
حرف الألف:
197-
أحمد بن الحسين بن علي بن موسى4:
1 تاريخ بغداد "1/ 356".
2 تاريخ بغداد "8/ 389".
3 الإكمال "1/ 401"، وتاريخ دمشق "التيمورية""43/ 516".
4 المنتظم "8/ 424"، ومعجم البلدان "1/ 538"، وسير أعلام النبلاء "18/ 163-170"، والبداية والنهاية "12/ 94"، وشذرات الذهب "3/ 304، 305".
الْإِمام أبو بكر البَيْهَقِيّ الخِسْروجِرْدِيّ، مصنِّف "السُّنن الكبير"، و"السنن الصغير"، و"السنن والآثار"، و"دلائل النبوة"، و"شعب الإيمان"، و"الأسماء والصِّفات"، وغير ذلك.
كان واحد زمانه، وفرد أقرانه، وحافظ أوانه، ومن كبار أصحاب أبي عبد اللَّه الحاكم.
أخذ مذهب الشَّافعيّ عَن أبي الفتح ناصر بن محمد العُمَرِيّ المَرْوَزِيّ، وغيره.
وبرع في المذهب.
وكان مولده في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة1.
وسمع الكثير من: أبي الحسن محمد بن الحسين العلويّ، وهو أكبر شيخ له.
ومن: أبي طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، أبي عبد اللَّه الحافظ الحاكم، وأبي عبد الرَّحمن السُّلَميّ، وأبي بكر بن فُورَك، وأبي عليّ الرُّوذَباريّ، وأبا بكر الحِيَرِيّ، وإسحاق بن محمد بن يوسف السّوسيّ، وعليّ بن محمد بن عليّ السَّقّاء، وأبي زكريّا المزكّيّ، وخلقٌ من أصحاب الأصم.
وحجّ فسمع ببغداد من: هلال الحفَّار، وأبي الحسين بن بِشْران، وعبد اللَّه بن يحيى السُّكَريّ، وأبي الحسين القطَّان، وجماعة.
وبمكّة من: أبي عبد اللَّه بن نظيف، والحسن بن أَحْمَد بن فِراس.
وبالكوفة من: جَنَاح بن نذير المحاربيّ، وغيره.
وشيوخه أكثر من مائة شيخ.
لم يقع له "جامع التِّرْمِذِيّ"، ولا "سُنَن النَّسائيّ"، ولا "سُنَن ابن ماجه"، ودائرته في الحديث ليست كبيرة، بل بورِك له في مرويّاته، وحسن تصرُّفه فيها؛ لحذقه وخبرته بالَأبواب والرِّجال.
روى عنه جماعة كثيرة، منهم: حفيده أبو الحسن عُبَيْد اللَّه بن محمد بن أبي بكر، وأبو عبد الله الفراوي، وزاهر ابن طاهر الشّحّاميّ، وعبد الجبَّار بن محمد الحواريّ، وأخوه عبد الحميد بن محمد، وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسيّ، وعبد الجبَّار بن عبد الوهاب الدهان، وآخرين.
1 في الكامل في التاريخ "10/ 52" مولده سنة "387هـ".
بَعُدَ صِيتُهُ، وقيل: إنّ تصانيفه ألف جزء، سمعها الحافظان ابن عساكر، وابن السَّمعانيّ من أصحابه.
وأقام مُدَّة بِبَيْهَق يصنِّف كُتُبَه، ثم إنّه طُلِبَ إلى نَيْسَابور لِنَشْر العلم بها فأجاب، وذلك في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، فاجتمع الأئِمَّة وحضروا مجلسه لقراءة تصانيفه.
وهو أوَّل من جمع نصوص الشّافعيّ، واحتجَّ لها بالكتاب والسُّنّة.
وقد صنَّف "مناقب الشَّافعيّ" في مجلد، و"مناقب أَحْمَد" في مُجلَّد، وكتاب "المدخل إلى السُّنن الكبير"، وكتاب "البعث والنُّشور" في مُجلَّد، وكتاب "الزُّهد الكبير" في مُجَلّد وسط، وكتاب "الاعتقاد" في مُجلَّد، وكتاب "الدَّعوات الكبير"، وكتاب "الدّعوات الصغير"، وكتاب "التّرغيب والتّرهيب"، وكتاب "الآداب"، وكتاب "الْإِسراء"، وله "خلافيّات" لم يُصَنَّف مثلها، وهي مُجلَّدان، وكتاب "الأربعين" سمعته بعلوٍّ.
قال عبد الغافر1: كان على سيرة العُلماء، قانِعًا من الدُّنيا باليسير، متجمِّلًا في زُهْدِهِ وورعه، عاد إلى النّاحية في آخر عُمْرِه، وكانت وفاته بها، وقد فاتني السَّماع منه لغيبة الوالد، ولانتقال الشّيخ آخر عمره إلى النّاحية، وقد أجاز لي.
وقال غير عبد الغافر: قال إمام الحَرَمَيْن: ما من شافعيٍّ إِلَّا وللشافعيّ عليه منَّة إلّا البيهقي، فإنَّ له على الشّافعيّ مِنّة لتصانيفه في نْصُرة مذهبه2.
قلت: كانت وفاته رحمه الله في عاشر جُمَادَى الأُولَى بنَيْسَابُور.
ونُقِل تابوته فدُفِنَ بِبَيْهَق3، وهي ناحية كَحْوران، على يومين من نَيْسَابور وخسروجِرْد أُمّ تلك النّاحية4.
198-
أَحْمَد بن محمد5:
أبو العبَّاس الشّقّانيّ الحسنويّ الصُّوفيّ المُتكلِّم.
1 في المنتخب من السياق "104".
2 المختصر في أخبار البشر "2/ 186".
3 التقييد "138، 139".
4 الأنساب "2/ 381".
5 المنتخب من السياق "107".
ذكره عبد الغافر فقال: واحد عصره في حالته وورعه وزهده، وتبحُّره في علم الأصول.
تخرَّج به جماعة، وكان قانِعًا باليسير.
199-
إبراهيم بن محمد بن موسى1:
الْإِمام أبو إسحاق السَّرَوِيّ2، الفقيه الشَّافعيّ، من أهل سارية.
قدِمَ بغداد في صباه، وسمع بها من: أبي حفص الكتَّانيّ، وأبي طاهر المخلّص، وتفَقَّه على الشّيخ أبي حامد.
وأخذ الفرائض عن: ابن اللبَّان.
وصنَّف في المذهب وأُصُوله، وصار شيخ تِلك النَّاحية.
ووَلِيَ قضاء سارية مُدّة.
ويُقال له: المُطَهَّريّ نسبةً إلى قرية مُطَهَّر -بفتح الهاء وطاء مُهْمَلة.
روى عنه: مالك بن سنَّان، وغيره.
توفِّي في صَفَر عن مائة سنة، "من الأنساب" للسَّمعانيّ ومن "الذَيْل" لهُ.
حرف الحاء:
200-
الحسن بن غالب بن المبارك3:
أبو عليّ البغداديّ.
شيَخ مُسِنٌّ، توفِّي في رمضان، وقد روى عن جماعة.
قال أبو الفضل بن خَيْرُون: حدَّث عن جماعة لم يوجد له عنهم ما يُعوَّل عليه، كأبي الفضل الزُّهريّ، ومحمد بن أَحْمَد المُفيد. وحدَّث "بمُختصر الخِرقيّ" في الفقه، عن ابن سمعون، ولم يكن سماعه، وواقَفْتُهُ، وجَرَتْ لي معه نوب، وأقرأ بقراءات عن
1 الأنساب "11/ 372"، وسير أعلام النبلاء "18/ 147، 148".
2 السروي: نسبة إلى سارية مازندران. "الأنساب 7/ 75".
3 تاريخ بغداد "7/ 400"، وميزان الاعتدال "1/ 516، 517"، والبداية والنهاية "12/ 94"، ولسان الميزان "2/ 243".
إدريس بن عليّ، ووقِّف عليها وتاب منها، وكُتِبَ عليه محضر.
وقال الخطيب1: كتبنا عنه، وكان له سمْت وظاهر صَلاح، وأقرأ بما خَرَقَ به الْإِجماع فاستُتِيب.
قلتُ: روى عنه: أبو غالب بن البنَّا، وأبو بكر محمد بن عبد الباقيّ، وغيرهما.
وقرأ عليه بالرّوايات أَحْمَد بن بدران الحَلْوَانيّ.
201-
حمزة بن فَضَالة:
أبو أَحْمَد الهَرَويّ.
سمع: عَبْد الرَّحمن بْن أَبِي شُريْح، وأبا مُعاذ شاه بن عبد الرّحمن.
حرف الخاء:
202-
الخضر بن الفتح2:
أبو القاسم الدّمشقيّ الصُّوفيّ.
سمع من: تمَّام الرّازيّ، وأبي نصر بن الجبّان.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْر الخطيب، ونجا بْن أَحْمَد.
حرف العين:
203-
عبد اللَّه بن موسى3:
أبو محمد الأنصاريّ الطُليطُليِّ الزَّاهِد، المعروف بالشَّارقيّ.
روى عن: يونس بن عبد اللَّه، وأبي عمر الطَّلَمَنْكِيّ، وطبقتهما.
وحجَّ، وكان من العلماء العاملين، ذا وَرَعٍ وتعبُّد وتألُّه وتواضُع ونَفْع للخلق رحمه الله.
1 في تاريخه.
2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية""12/ 508"، وتهذيب تاريخ دمشق "5/ 165".
3 تقدمت ترجمته برقم "161".
204-
عبد الله ابن الْإِمام أبي عمر يوسف بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد البَرّ1:
أبو محمد النِّمريّ الأندلُسيّ.
روى عن: أبيه، وأبي العبّاس المهديّ.
وكان من أهل الأدب البارع والبلاغة الرَّائعة.
ولهُ شِعرٌ حَسَن.
205-
عبد الرَّزّاق بن عمر بن موسى بن شَمَة2:
أبو الطَّيّب الْأصبهانيّ التّاجر.
حدَّث عن: أبي بكر بن المقري بكتاب "السُّنَن" لَأبي قرَّة الزَّبِيديّ.
روى عنه: غانم بن خالد3، وفاطمة بنت ناصر، وأحمد بن الفضل سيروَيْه، وسعيد بْن أَبِي الرجاء، والحسين بْن عَبْد الملك، وغيرهم.
ومات في جُمَادَى الآخرة.
وشمة -بالفتح والتخفيف: قيده الحسين الخلال، وابن عساكر. وقيل: شِمَة -بكسر أوّله- كذا بخط أبي العلاء العطّار.
206-
عَبْد العزيز بْن مُحَمَّد بْن الحُسين بْن الفضل4:
أبو القاسم القطان.
سمع: أبا طاهر المخلّص، وعُبَيْد اللَّه بن أَحْمَد الصّيدلانيّ.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان صدوقًا.
توفِّي في ربيع الأوَّل.
207-
عُبَيْد اللَّه بن عبد الله بن هشام5:
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 279".
2 العبر "3/ 242"، وسير أعلام النبلاء "18/ 149، 150"، وتذكرة الحفاظ "3/ 1135".
3 التقييد "420".
4 تاريخ بغداد "10/ 469".
5 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "15/ 332".
أبو القاسم العَنْسيّ1 الدَّارانيّ.
سمع: عبد الرّحمن بن أبي نصر، والحسين بن أبي كامل الأطرابُلُسيّ.
روى عنه: أبو بكر الخطيب2، وعبد الكّريم بن حمزة.
توفِّي في ربيع الأوَّل.
208-
عليّ بن إسماعيل3:
أبو الحسن المُرسيّ اللُّغَويّ، المعروف بابن سِيدَه.
مُصنِّف "المُحْكَم"4 في اللُّغة، ولهُ كتاب "المُخَصّص"، وكتاب "الأنيق في شرح الحماسة" عشرة أسفار، وكذا المُحْكم مقداره.
وله كتاب "العالِم في اللُّغة على الأجناس" يكون نحو مائة مُجلَّد، بدأ بالفَلَك، وختم بالذَّرَّة، وله كتاب "شاذّ اللُّغة" في خمس مُجلَّدات.
أخذ عن أبيه، وعن: صاعد بن الحسن البغداديّ.
قال أبو عمر الطَّلَمَنْكيّ: دخلت مُرْسِية فتشبَّث بي أهلها ليسمعوا عليَّ غريب المصنَّف، فقلت: انظروا لي من يقرأ لكم، وأمسك أنا كتابي، فأتوني برجلٍ أعمى يُعْرَف بابن سِيدَه، فقرأه عليَّ كله، فعجبت من حفظه، وكان أعمى ابن أعمى5.
وقال الحُمَيْديّ6: إمام في اللُّغة والعربيّة، حافظًا لهما، على أنَّهُ كان ضريرًا، وقد جمع في ذلك جموعًا، وله مع ذلك في الشَّعر حظٌّ وتصرُّف. مات بعد خروجي من الأندلُس.
وورَّخه القاضي صاعد بن أَحْمَد7 وقال: بلغ ستين سنة أو نحوها.
1 العنسي: نسبة إلى عنس بن مالك بن أدد بن زيد. "الأنساب "9/ 79".
2 في موضح أوهام الجمع "2/ 317".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 144، 145"، والبداية والنهاية "12/ 95".
4 هو "المحكم المحيط الأعظم".
5 الصلة "2/ 417، 418".
6 في جذوة المقتبس "311".
7 طبقات الأمم "119".
وذكره الْيَسَع بن حَزْم، فذكر أنَّهُ كان يفضل العجم على العرب، هو رأي الشُّعوبيَّة.
وحطَّ عليه السُّهَيْليّ في "الرَّوْض الأُنُف"، فَقَالَ: إنَّهُ يعثر في "المُحْكَم" وغيره عَثَرَاتٍ يَدْمَى منها الأَظَلُّ1، ويدحض دحضات تخرجه إلى سبيل مَنْ ضَلّ، بحيث أنَّهُ قال في الْجِمار: هي الّتي تُرمى بعَرَفة، وكذا يهمُّ إذا تكلَّمَ في النَّسَب، وقال أبو عمر بن الصَّلاح الشافعيّ: أضرّت به ضرارته.
قلت: ولكنَّه حجّةٌ في اللُّغة، موثّقٌ في نقلها، لم يكن في عصره أحد يدانيه فيها.
ولهُ شِعرٌ رائق، وكان مُنْقَطِعًا إلى الأمير أبي الجيش مجاهد العامريّ، فلمَّا تُوُفّي حَدَثت لَأبي الحَسَن نَبْوَة في أيَّام إقبال الدّولة، فهرب منه، ثمّ عمل فيه أبياتًا يستعطفه يقول فيها:
ألا هل إلى تقبيل راحتك اليُمْنَى
…
سبيلٌ فإنَّ الأمن من ذاك واليُمْنَا
وإن تتأكَّد في دَمي لك نِيَّةٌ
…
تصدَّق فإني لَا أحبّ له حَقْنا
فيما مَلِكِ الأملاك إنّي مُحّومٌ
…
على الوِرْدِ لَا عَنْهُ أُذَادُ ولا أُدْنَى
ونِضْوِ هُمُوم طَلَّحَتْه طِيَاته
…
فلا غارِبًا أبقيت منه ولا متْنا
إذا ميتة أرضتك منها فَهَاتِها
…
حَبْيِبٌ إلينا ما رضيت به عنّا2
وهي طويلة، ووقع بها الرِّضى عنه.
209-
عليّ بْن أَبِي طَالِب محمد بْن عليّ بن عطية الملكي:
أبو الحسن.
وله مصنَّف "قوت القلوب".
سمع: أباه، وأبا طاهر المُخلّص.
210-
عمرو بن عبد الرحمن بن أحمد:
1 الأظل: بطن الإصبع.
2 الأبيات في جذوة المقتبس "311، 312"، ومعجم الأدباء "12/ 234، 235".
أبو الحكم الكَرْمَانيّ، الأندلسيّ القُرْطُبِيّ، صاحِب الهندسة.
كان إمامًا لَا يُشَقّ غباره في عِلم أوقليدس ودقائقة.
رحل إلى المشرق، وأخذ بحرَّان عن فُضلائِها، ثم رجع وسكن مدينة سَرَقُسْطَة، وجلب معه رسائل إخوان الصّفاء.
ولهُ يدٌ طولى في الطب، والجرح، والبط. وعمر، عاش تسعين سنة.
ومات سنة ثمانٍ هذه، وهو من تلامذة سلمة المرجيطيّ.
حرف الغين:
211-
غانم بن أبي سهل عمرو بن أَحْمَد بن عمر الْأصبهانيّ: الصّفّار الفقيه.
حرف الفاء:
212-
فَرَج الزَّنْجانيّ1:
الزَّاهد المعروف بفَرَج أخي.
من كبار الصالحين بتلك الديار، هو الذي لبسنا خوقة السَّهرَوَرديّ من طريقه.
قال السِّلفيّ: سمعتُ أَبَا حَفْص عُمَر بْن محمد بن عمّوَيْه السَّهْرورديّ ببغداد يقول: قُدِّمْتُ إليه وأنا ابن أربع سِنين.
قال: ومات سنة ثمان وخمسين رحمه الله.
حرف القاف:
213-
قاسم بن محمد بن سليمان بن هلال2:
أبو محمد القيسيّ الطُّلَيْطُليّ.
روى عن: عبدوس بن محمد، وأبي إسحاق بن شنظير، وأبي جعفر بن ميمون،
1 طبقات الأولياء لابن الملقن "495".
2 الصلة لابن بشكوال "2/ 472، 473".
وسعيد بن نصر، وابن الفَرَضيّ، ويونس بن عبد اللَّه القاضي، وجماعة.
وحجَّ فأخذ عن: أبي الحسن بن جَهْضَم وهو في عَشْر التّسعين، وأبي ذَرّ، وغيرهما.
وعُنِيَ بالعلم مع زهدٍ وصلاة وخَشْية.
كتب بخطِّه الكثير، وكان ثِقَةً إمامًا في السُّنَّة، سيفًا على أهل الأهواء، صليبًا في الحقّ.
توفِّي فِي رجب.
حرف الميم:
214-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بن عبَّاد1:
القاضي أبو عاصم العَبَّاديّ الهَرَوِيّ، الفقيه الشّافعيّ.
تفقّه على القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ بهَرَاة، وعلى القاضي أبي عمر البِسْطَاميّ بنَيْسَابُور.
وكان إمامًا دقيق النَّظر، تنقَّل في النَّواحي، وصنَّف كتاب "المبسوط"، وكتاب "الهادي"، وكتاب "أدب القاضي".
وله مصنَّف في "طبقات الفقهاء".
أخذ عنه: أبو سعد الهَرَويّ2 وغيره.
ومات في شوَّال عن ثلاثٍ وثمانين سنة.
وكان من أعيان الشافعية، رَوى الحديث عَنْ: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل القراب، وغيره.
رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أبي صالح المؤذن.
1 سير أعلام النبلاء "18/ 180، 181"، والعبر "3/ 243"، وشذرات الذهب "3/ 306"، ومعجم المؤلفين "9/ 10".
2 وفيات الأعيان "4/ 214".
215-
محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد1:
القاضي أبو يعلى ابن الفراء البغدادي الحنبلي، كبير الحنابلة.
وُلِدَ في أول سنة ثمانين وثلاثمائة.
وسمع: أبا الحسن الحربيّ، وإسماعيل بن سُوَيْد، وأبا القاسم بن حبابة، وعيسى بن الوزير، وابن أخي ميميّ، وأبا طاهر المخلّص، وأم الفتح بنت أَحْمَد بن كامل، وأبا الطَّيّب بن منْتاب، وابن معروف، وجماعة.
وأملى مجالس.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وابنه القاضي أبو الحسن محمد، وأبو الخطَّاب الكلوذانيّ، وأبو الوفاء بن عقيل، وأبو غالب بن البنَّاء، وأخوه يحيى بن البنَّاء، وأبو العز بن كادش، وأبو بكر قاضي المَرِسْتان.
وآخر من روى عنه أبو سَعْد أَحْمَد بن محمد بن عليّ الزَّوْزَنيّ الصّوفيّ فيما علِمت.
وروى عنه من القدماء أبو علي الأهوازي، وبين وفاته ووفاة هذا تسعون سنة.
قال الخطيب2: ولَأبي يَعْلى تصانيف على مذهب أَحْمَد، ودرَّسَ وأفتى سنين كثيرة، وولي القضاء بحريم دار الخلافة.
وكان ثِقة. وتُوُفّي في شهر رمضان.
ذكره ابنه أبو الحسين في كتاب الطَّبقات له، فقال: كان عالِم زمانه، وفريد أوانه، وفريد عصره، ونسيج وحده، وقريع دهره. وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدِّين والدُّنيا المحلّ السَّاميّ، والحظّ الرفيع عند الْإِمامين القادر والقائم، وأصحاب الْإِمام أَحْمَد له يتبعون، ولتصانيفه يدرسون، وبقوله يُفتون، وعليه يُعوِّلون، والفُقَهاء على اختلاف مذاهبهم كانوا عنده يجتمعون، ولمقاله يسمعون، وبه ينتفعون.
1 تاريخ بغداد "2/ 256"، والأنساب "9/ 256"، والأنساب "9/ 246"، وسير أعلام النبلاء "18/ 89-91"، والبداية والنهاية "12/ 94، 95".
2 في تاريخ بغداد "2/ 256".
وقد شُوُهِدَ له من الحال ما يُغْني عن المثال، لا سيما مذهب الْإِمام أَحْمَد، واختلافات الرّوايات عنه، وما صحَّ لديه منه، مع معرفته بالقرآن وعلومه، والحديث، والفتاوى، والْجَدَل، وغير ذلك من العلوم، مع الزهد والورع، والعفة القناعة، والانقطاع عن الدُنيا وأهلها، واشتغاله بالعِلْم ونشره.
وكان أبوه أحد شهود الحضرة1، قد درس على الفقيه أبي بكر الرّازيّ مذهب أبي حنيفة، وتوفِّي سنة تسعين، وكان سِنّ الوالد إذ ذاك عشر سنين إِلَّا أيَّامًا، وكان وصيه رجل يعرف بالحربي يسكن بدار القَزّ، فنقله من باب الطَّاق إلى شارع دار القَزّ، وفيه مسجد يُصلِّي فيه شيخ يُعرف بابن مفرحة المقرئ يُقرئ القُرآن، ويُلَقِّن العبارات من مُختصر الخِرَقِيّ، فلقَّن الوالد ما جرت عادته، فاستزاده، فقال: إنْ أردت الزِّيادة فعليك بالشّيخ أبي عبد اللَّه بن حامد، فإنَّهُ شيخ الطَّائِفة، ومسجده بباب الشَّعير، فمضى الوالِد إليه، وصحبه إلى أن توفِّي ابن حامد سنة ثلاث وأربعمائة، وتفقَّه عليه.
ولمَّا خَرَج ابن حامد إلى الحج سنة اثنتين وأربعمائة سأله محمد بن عليّ على مَنْ ندرس؟ وإلى مَنْ نجلس؟ فقال: إلى هذا الفتى. وأشار إلى الوالد.
وقد كان لابن حامد أصحابٌ كُثُر2، فتفرَّس في الوالد ما أظهره اللَّه عليه.
وأوَّل سماعه للحديث سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة من السُّكّريّ، ومن موسى بن عيسى السَّرّاج، وأبي الحسن عليّ بن معروف.
وسمَّى جماعة، ثم قال: ومن أبيه، ومن القاضي أبي محمد بن الأكفانيّ، ومن أبي نصر بن الشّاه.
وسمع بمكَّة، ودمشق، وحلب3.
قلت: سمع بدمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر التَّميميّ4.
قال: ولو بالَغْنَا في وَصْفِهِ لكُنَّا إلى التّقصير فيما نذكُرُه أقرب؛ إذ انتشر على
1 طبقات الحنابلة "2/ 194".
2 في "طبقات الحنابلة""2/ 195"، "كثيرون".
3 طبقات الحنابلة "2/ 196".
4 تاريخ دمشق "37/ 399".
لسان الخطير والحقير ذِكْرِ فضله، قصده الشّريف أبو عليّ بن أبي موسى دفعات ليشهد عند قاضي القُضاة أبي عبد اللَّه بن ماكولا، ويكون ولد القاضي أبي عليّ أبو القاسم تابعًا له، فأبى عليه، فمضى الشَّريف إلى أبي القاسم بن بِشْران، وسأله أن يشهد مع ولده، وقد كان ابن بِشْران قد ترك الشّهادة، فأجابه.
وتُوُفّي الشّريف أبو عليّ سنة ثمانٍ وعشرين، ثم تكرَّرت سؤالات ابن ماكولا إلى الوالد أن يشهد عنده، فأجاب، وشهد كارِهًا لذلك1.
وحضر الوالد دار الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة مع الزَّاهِد أبي الحسن القزوينيّ؛ لفسادِ قولٍ جرى من المُخالِفين لما شاع في كتاب "إبطال التأويل"، فخرج إلى الولد الاعتقادي القادري في ذلك يعتقده الوالد، وكان قبل ذلك قد التمس منه حمّل كتاب "إبطال التأويل" ليُتَأمَّل، فأُعيد إلى الوالد وشُكِر لهُ تصنيفه.
وذكر بعض أصحاب الوالد أنَّهُ كان حاضرًا في ذلك اليوم فقال: رأيتُ قارئ التَّوقيع الخارج من القائم بأمر اللَّه قائمًا على قدميه، والمُوافق والمُخالِف بين يديه، ثم أُخِذت في تلك الصَّحيفة خطوط الحاضرين من العلماء على اختلاف مذاهبهم، وجُعِلت كالشَّرط المشروط، فكتب أوَّلًا القزوينيّ: هذا قول أهل السُّنَّة، وهو اعتقاديّ، وكتب الوالد بعده، والقاضي أبو الطَّيّب الطَّبَريّ، وأعيان الفقهاء بين موافقٍ ومخالف.
قال: ثمّ توفِّي ابن القزوينيّ سنة اثنتين وأربعين، وحضره عَالَم كثير، فجرت أمور، فحضر الوالد سنة خمسٍ وأربعين دار الخلافة، فجلس أبو القاسم عليّ ابن رئيس الرُّؤساء، ومعه خلق من كبار الفقهاء، فقال أبو القاسم على رءوس الأشهاد: القرآن كلام اللَّه، وأخبار الصَّفات تمر كما جاءت، وأصلح بين الفريقين2.
فلمَّا تُوُفّي قاضي القُضاة ابن ماكولا راسل رئيس الرُّؤساء الوالد ليلِي القضاء بدار الخلافة والحريم، فأبى، فكرَّر عليه السؤال، فاشترط عليهم أن لا يحضر أيَّام الموكِب، ولا يقصد دار السُّلطان، ويستخلف على الحريم فأُجيب.
وكان قد ترشَّح لقضاء الحريم أبو الطَّيّب، ثم أُضِيف إلى الوالد قضاء حران وحلوان، فاستناب فيهما.
1 طبقات الحنابلة "2/ 197".
2 طبقات الحنابلة "2/ 198".
وقال تلميذه عليّ بن نصر العُكْبَريّ:
رفع اللَّه رايةَ الْإِسلام
…
حين رُدَّت إلى الأجلّ الإمام
التقي النقي ذي المنطق الصا
…
ئب في كلّ حجّةٍ وكلام
خائفُ مُشفقٌ إذا حضر الخصما
…
ن يخشى من هَوْل يوم الخصام
في أبيات1.
ولم يزل جاريا على سديد القضاء وإنفاذ الأحكام حتَّى توفِّي.
ولو شرحنا قضاياه السَّديدة كانت كتابًا قائِمًا بنفسه.
وقد قرأ القُرآن بالقراءات العشر، ولقد حضر النَّاس مجلسه وهو يُملي الحديث على كُرسيِّ عبد اللَّه ابن إمامنا أَحْمَد، فكان المُبلِّغون عنه والمستملون ثلاثة: خالي أبو محمد، وأبو منصور الأنباريّ، وأبو عليّ البَرَدَانيّ.
وأخبرني جماعة ممن حضر الْإِملاء أنهم يسجدوا على ظهور النَّاس، لكثرة الزَّحمة في صلاة الجمعة، وحُزر العدد بالَألوف، وكان يومًا مشهودا2.
وحضرتُ أنا أكثر أماليه.
وكان يُقسّم ليله أقسامًا: قسم للمنام، وقسم للقيام، وقسم لتصنيف الحلال والحرام3.
ومن شاهد ما كان عليه من السَّكينة والوقار، وما كسا اللَّه وَجْهَهُ من الأنوار، شهد له بالدّين والفضل ضرورة.
وتفقَّه عليه: أبو الحسن4 البغداديّ، والشَّريف أبو جعفر الهاشميّ، وأبو الغنائم بن الغباريّ، وأبو عليّ بن البنَّا، وأبو الوفاء بن القوَّاس، وأبو الحسن النّهريّ، وأبو الوفاء بن عَقِيل، وأبو الحسن بن جدَّا5 العُكْبَرِيّ، وأبو الخطَّاب الكلوذاني، وأبو
1 الأبيات في طبقات الحنابلة "2/ 199، 200".
2 طبقات الحنابلة "2/ 201، 202".
3 طبقات الحنابلة "2/ 203".
4 في طبقات الحنابلة "2/ 204": "أبو الحسين".
5 في طبقات الحنابلة "2/ 205": "زفر".
يَعْلى الكَيَّال1، وأبو الفرج المقدسيّ، ثم سمَّى جماعة.
قال: ومصنَّفاته كثيرة، فمنها:"أحكام القُرآن"، و"مسائل الإيمان" و"المعتمد"، و"مختصره"، و"المقتبس"، و"عيون المسائل"، و"الرد على الأشعرية"، و"الرد على الكرامية"، و"الرد على المجسمة"، و"الرد على السالمية"، و"إبطال التأويلات لأخبار الصفات"2، و"مختصره"، و"الانتصار" لشيخنا أبي بكر، و"الكلام في الاستواء"، و"الكلام في حروف المعجم"، وأربع مُقدّمات في أصول الديانات، و"العمدة" في أصول الفقه، و"مختصره"، و"الكفاية" في أصول الفقه، و"مختصرها"، و"فضائل أَحْمَد"، وكتاب "الطِّبّ"، وكتاب "اللبّاس"، وكتاب "الأمر بالمعروف"، و"شروط أهل الذمة"، و"التوكل"، و"ذمّ الغناء"، و"الاختلاف في الذبح"، و"تفضيل الفقر على الغنى"، و"فضل ليلة الجمعة على ليلة القدر"، و"إبطال الحيل"، و"المجرد في المذهب"، و"شرح الخرقي"، وكتاب "الراويتين"، وقطعة من "الجامع الكبير"، و"الجامع الصغير"، و"شرح المذهب"، و"الخصال"، و"الأقسام"، وكتاب "الخلاف الكبير".
وقد حمل النَّاس عنه علمًا كثيرًا، وهو مستغنٍ باشتهار فضله عن الإطناب في وصفه.
توفِّي فصلى عليه أخو أبي القاسم، فقيل: إنَّهُ لم يُرَ في جنازة بعد جنازة أبي الحسن القَزْوِينيّ الْجَمْعُ الّذي حضر جنازته.
وسمعت أبا الحسن النَّهريّ يقول: لمَّا قَدِمَ الوزير ابن دارست عبرتُ أبصرته، ففاتني الدرس، فلما قلتُ للقاضي: يا سيّدي تتفضَّل، وتُعيد لي الدَّرس، فقال: أين كنت؟ قال: مضيت أبصرت ابن دارس.
فقال: وَيْحُك، تمضي وتنظر للظَّلْمَاء؟ وعنَّفني3.
قال: وكان ينهانا دائمًا عن مُخالطة أبناء الدُّنيا، وعن النَّظر إليهم والاجتماع بهم، ويأمُر بالاشتغال بالعِلم ومجالسة الصّالحين.
سمعتُ خالي عبد اللَّه يقول: حضرت مع والدك في دار رئيس الرُّؤساء بعد مجيء طُغْرُلْبَك، وقد أنفذ إليه غير مرَّة ليحضِر، فلمَّا حضر زاد في إكرامه وأجلسه
1 في طبقات الحنابلة ابن الكيال.
2 الكامل في التاريخ "10/ 52".
3 طبقات الحنابلة "2/ 222".
إلى جانبه، وقال له: لم يزل بيت المُسلِمة وبيت الفرَّاء مُمتَزِجين، فما هذا الانقطاع؟
فقال له القاضي: رُوِيَ عن إبراهيم الحربيّ أنَّه استزاره المُعتّضِد، وقرَّبه وأجازه، فرصد جائزته، فقال له: أكتم مجلسنا، ولا تُخبِر بما فعلنا بك، ولا بما قابلتنا.
فقال: لي إخوان لو علموا باجتماعي بك هجروني.
قال: فقال له رئيس الرُّؤساء كلامًا أسرَّهُ إليه، ومدَّ كُمَّهُ، فتأخَّر القاضي عنه، وسمعته يقول: أنا في كفايةٍ ودِعة.
فقلت له: يا سيِّدنا ما قال لك؟ قال: قال لي: معي شُويّ1 من بقيّة ذلك الْإِرث المُستطاب، وأُحِبُ أن تأخُذه، فقلت: أنا في كفاية.
سمعتُ بعض أصحابنا يحكي، قال: لما حَصُبَ القائم وعُوفِيَ، حضر الشّيخ أبو منصور بن يوسف عند الوالد، وقال له: لو سهل عليك أن تمضي إلى باب القرية لتهنِّئ الخليفة بالعافية.
فمضى إلى هُناك، فخرج إليه الحاجب، ومعه جائزة سنِّيّة، وعرَّفه شُكْرَ الْإِمام لسَعْيِه، وتبرُّكه بدعائه، وسأله قبول ذلك.
قال: فَوَاللَّه ما مسَّها، ولا قبِلها.
سمعتُ جماعة من أهلي أنَّ في سنة إحدى وخمسين وقع النَّهب بالجانب الغربيّ، انتقل الوالد، وكان في بيته خُبْزٌ يابس، فنقله معه، وترك نقل رَحْله، لتعذُّر من يحمله، فكان يقتات منه، وقال: هذه الأطعمة اليوم نُهُوبٌ وغُصُوب، ولا آكُل من ذلك شيئًا. فبقي ما شاء اللَّه يتقوَّت من ذلك الخُبز اليابس، ولحقه منه مرض2.
وكان الوالد يختم في المسجد في كلِّ ليلة جمعة ويدعو، ما أخل بهذا سنين عديدة إِلَّا لعُذر.
ولعلَّ يقول ناظِرٌ في هذا: كيف استجاز مدح والده؟ فإنَّما حَمَلَنا على ذلك كثرة قول المُخالفين، وما يُلْقون إلى تابعيهم من الزُّور والبُهْتان، ويتخرَّصون على هذا الإمام من التحريف والعدوان.
1 في طبقات الحنابلة "2/ 223""معي شيء".
2 طبقات الحنابلة "2/ 223".
أنشدني بعض أصحابه، فقال:
من اقتنى وسيلةً وذُخْرا
…
يرجو بها مَثُوبةً وأَجْرا
فحجَّتي يوم أوافي الحشرا
…
معتقدي عقيدة ابن الفرّا1
قال أبو الحسين: اعلم، زادنا اللَّه عِلمًا ينفعنا به، وجعلنا مِمَّن آثر الآيات الصّريحة، والَأحاديث الصحيحة، على آراء المُتَكلِّمين، وأهواء المتكلفين، وأنَّ الّذي دَرَجَ عليه سائر السَّلَف التَّمسُّك بكتاب اللَّه، واتِّباع سُنَّة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ما روي عن الصَّحابة، ثم عن التّابعين والخالفين لهم من علماء المُسلمين الْإِيمان والتَّصديق بكلِّ ما وصف اللَّه به نَفْسَهُ، أو وصفه به رسوله، مع ترك البحث والتَّنْقير، والتّسليم لذلك، من غير تعطيلٍ ولا تشبيهٍ ولا تفسيرٍ ولا تأويل، وهي الطَّائفة المنصورة، والفرقة النَّاجية، فهُم أصحاب الحديث والَأثر، والوالدُ تابِعُهم.
هم خلفاء الرّسول، وورثة حكمته، بهم يلحق التَّالي، وإليهم يرجع الغالي، وهم الّذين نبذهم أهل البِدَع والضَّلال أنَّهُم مُشَبِّهَةٌ جُهَّال.
فاعتقد الوالد وسَلَفهُ أنَّ إثبات الصِّفات إنَّما هُوَ إثبات وجود لَا إثبات تحديد وكيفيَّة، وأنّها صفات لا تُشبه صفات البرّيّة، ولا يُدْرَك حقيقةُ عِلمها بالفِكر والرَّويّة2.
فالحنبليّة لَا يقولون في الصِّفات بتعطيل المُعطِّلة، ولا بتشبيه المُشبِّهين، ولا بتأويل المُتأوّلين.
بل مذهبهم حقٌّ بين باطِلَيْن، وهدًى بين ضلالتين، إثبات الأسماء والصِّفات، مع نفي التّشبيه والَأدوات، على أنَّ اللَّه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .
وقد قال الوالد في أخبار الصِّفات والمذهب في ذَلِكَ قبول هذه الأحاديث على ما جاءت به، غير عدول عنه إلى تأويلٍ يُخالِف ظاهرها، مع الاعتقاد بأنَّ الله سبحانه بخلاف كل شيء سواه.
1 طبقات الحنابلة "2/ 226"، وفيه:"معتقدي لمذهب ابن الفرا".
2 طبقات الحنابلة "2/ 208".
وكل ما يقع في الخواطر من تشبيه أو تكييف، فاللَّه يتعالى عن ذلك، واللَّه ليس كمثله شيء، لَا يوصف بصفات المخلوقين الدالة على حدثهم، ولا يجوز عليهم ما يجوز عليهم من التَّغيير، ليس بجسمٍ، ولا جوهر، ولا عَرَض، وإنَّهُ لم يزل ولا يزال، وصفاته لا تُشْبِه صفات المخلوقين.
قلت: لم يكُن للقاضي أبي يَعْلَى خِبرَةٌ بعلل الحديث ولا برجاله، فاحتجَّ بأحاديث كثيرة واهية في الأصول والفُروع لعدم بصره بالَأسانيد والرِّجال.
وقد حطَّ عليه صاحب الكامل فقال: هو مصنِّف كتاب الصِّفات، أتى فيه بكل عجيبة، وترتيب أبوابه يدل على التجسيم المحض، تعالى اللَّه عَن ذَلِكَ.
وأمَّا في الفقه ومعرِفة مذاهب النَّاس، ومعرفة نصوص أَحْمَد رحمه الله واختلافها، فإمام لَا يُدرَك قراره -رحمه اللَّه تعالى1.
216-
مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن:
أَبُو بَكْر بن أبي الحسن الْأصبهانيّ الكرّانيّ المعدّل.
مات في شوَّال.
217-
محمد بن عليّ:
218-
محمد بن الفضل بن جعفر:
أبو سعد التَّمِيميّ الهَمَدَانيّ، المعروف بابن أبي اللَّيْث.
روى عن: أبي بكر بن لال، وأبي بكر الشّيرازيّ، وابن تُرْكان، وطاهر بن ماهلة، وجماعة.
قال شيروَيْه: كان صدوقًا.
ومات في ذي الحجّة.
219-
محمد بن وهب بن محمد الأندلُسيّ:
الفقيه المعروف بنوع الغافقي.
له درية علمًا وقراءة، توفي في رمضان.
1 تاريخ دمشق "22/ 120".
وفيَّات سنة تسع وخمسين وأربعمائة:
حرف الألِف:
220-
أَحْمَد بن سعيد بن محمد بن أبي الفيَّاض1:
أبو بكر الأندلُسيّ الأستجيّ.
سمع ببلده من: يوسف بن عَمْرو.
وبالمَرِيّة من: أبي عمر الطَّلَمَنْكيّ، والمُهلَّب بن أبي صُفْرَة.
وله تاريخ على الأخبار.
وعاش قريبًا من ثمانين سنة.
221-
أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مَهْران:
أبو العبَّاس الْأصبهانيّ.
سمع "جُزء لُوَيْن" من ابن المَرْزُبان الأَبْهَرِيّ.
وعنه: أبو عليّ الحدّاد.
222-
أَحْمَد بن عبد الباقي بن الحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن طَوْق2:
أبو نصر المَوْصِلِيّ.
حدَّث بالموصِل، وبغداد عن: نصر المُرَجَّى، وعبد اللَّه بن القاسم الصوَّاف.
قال الخطيب: كتبت عنه، وكان ثقة.
قال لي: وُلِدت سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.
وتوفِّي بالموصل في رمضان.
قلت: روى عنه ابن خميس.
223-
أَحْمَد بن مُغِيث بن أَحْمَد بن مُغيث3:
1 الصلة لابن بشكوال "1/ 60".
2 تاريخ بغداد "4/ 272"، وشذرات الذهب "3/ 307".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 60"، وإنباء الرواة "1/ 135".
أبو جعفر الصدقي الطليطلي.
كان من أهل البراعة والفهم والرئاسة في العِلم، متفنِّنًا عالِمًا بالحديث وعِلَلَه، وبالفرائِض، والحِساب، واللُّغة، والنَّحو، ولهُ يدٌ طولى في التَّفسير.
ولهُ كتاب المُقْنِع في عقد الشّروط.
روى عن: أبي بكر خَلَف بن أَحْمَد، وأبي محمد بن عبَّاس.
وكان كَلِفًا بجمع المال.
توفِّي في صَفَر عن ثلاثٍ وخمسين سنة.
224-
أَحْمَد بن منصور بن خَلَفة حمّود1:
أبو بكر المغربيّ، ثمّ النّيسابوريّ، وبها وُلِد.
سمع من: أبي طاهر محمد بن الفضل بن خُزَيْمة، وأبي مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن محمد الصيرفي، وأبي بكر الجوزقي.
وحدَّث عن الْجَوْزَقِيّ بكتاب "المُتَّفَق" بفوتٍ لهُ فيه.
قال عبد الغافر بن إسماعيل2: أمَّا شيخنا أبو بكر المغربي البزاز أخو خَلَف فشيخٌ نظيف، طاف به وبأخيه أبوهما الشّيخ منصور على مشايخ عصره، فسمع الكثير، وجمع لهُ الفوائد.
سمع منهُ الأئِمَّة الكبار، ورزِقَ الرّواية سنين، وعاش عيشًا تقيًّا.
توفِّي سنة اثنتين وستين وأربعمائة. هكذا قال.
وقال غيره: تُوُفِّي سنة ستيّن.
وقال أبو القاسم بن منده: توفي في رمضان سنة تسعٍ وخمسين.
قلت: روى عنه: أبو عبد الله الفرواي، وزاهر الشَّحّاميّ، وعبد الرَّحمن بن عبد اللَّه البحيري، وعبد الغافر الفارسي، وآخرون.
1 التقييد لابن نقطة "183، 184"، وسير أعلام النبلاء "18/ 94، 95".
2 في التقييد "184".
حرف الحاء:
225-
الحسين بن محمد بن إبراهيم بن الحسين1:
أبو القاسم الحنّائيِّ الدِّمَشقيّ المعدّل، صاحب الأجزاء الحنّائيّات العشرة التي خرَّجها لهُ النَّخشُبيّ.
قال النّسيب: سألتُ الشّيخ الثِّقة الدَّيِّن الفاضل أبا القاسم الحنَّائيّ المُحدِّث عن مولده، فقال: في شوال سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة2.
وقال ابن ماكولا3: كتبت عنه، وكان ثقةً، وهو منسوب إلى بيع الحنَّاء.
وقال الكتَّانيّ: توفِّي في جُمَادَى الأولى، وهو آخر من حدَّث عَنِ الْحَسَن بْن محمد بن درسْتُوَيه.
ودُفِن على أخيه عليّ بمقابر باب كَيْسان، وكانت له جنازة عظيمة ما رأينا مثلها من مُدَّة4.
قلت: روى عن: عبد الوهَّاب الكِلابيّ، وابن درستُوَيْه، وعبد اللَّه بن محمد الحنائي، ومحمد بن أحمد بن عثمان ابن أبي الحديد، وتمَّام الرّازيّ، ومحمد بن عبد الرَّحمن القطَّان، وأبي الحسن بن جَهْضَم، وجماعة.
روى عَنْه: أبو سعد السَّمّان، ومات قبله، وأبو بكر الخطيب، ومكّيّ الرُّمَيْليّ، وسهل بن بِشر، وعبد المنعم بن عليّ الكِلابيّ، وأبو القاسم النسيب، وهبة اللَّه بْن الأكْفَانيّ، وأبو طاهر محمد، وأبو الحسين عبد الرحمن ابناه، وأبو الحسين بن المَوَازِينِيّ، وطاهر بن سهل بن بِشْر، وعبد الكريم بن حمزة، وأبو الحسن بن سعيد الدِّمشقيِّون، وثعلب بن جعفر السّرّاج، وآخرون.
226-
الحسن بن عليّ بن وَهْب5:
أبو عليّ الدّمشقيّ الصوفي المقرئ، العبد الصالح.
1 العبر "3/ 245"، وسير أعلام النبلاء "18/ 130، 131".
2 تاريخ دمشق "29/ 185".
3 في الإكمال "3/ 60".
4 تاريخ دمشق "29/ 185".
5 الإكمال "4/ 494"، ومختصر تاريخ دمشق ابن منظور "7/ 54".
روى عن: محمد بن عبد الرّحمن القطّان.
وعنه: أبو نصر بن ماكولا، وهبة اللَّه بن الأكفانيّ.
توفِّي في جُمَادى الأُولى.
حرف الخاء:
227-
الخِضر بن منصور الدّمشقيّ1:
الضّرير، ويُعرف بابن الحبَّال.
سمع: عبد الرَّحمن بن أبي نَصْر، وعقيل بن عبْدان.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وهبة اللَّه بن الأكفانيّ.
حرف السّين:
228-
سعيد بن عُبَيْدة بن طَلْحة2:
أبو عثمان العَبْسيّ، خطيب إشبيليّة.
وُلِدَ سنة خمسٍ وستين وثلاثمائة، وصَحِبَ أبا بكر الزُّبيْديّ وأكثر عنه وعن غيره.
وحجَّ، ورحل سنة ثمان عشرة وأربعمائة.
وكان من أهل الذَكاء والثِّقة.
توفِّي في شعبان.
229-
سعيد بن محمد بن الحسن المَرْوَزِيّ الْإِدريسي3:
إمام جامع صُور وخطيبها.
توفِّي أيضًا في شعبان.
1 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية""12/ 512"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "8/ 77".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 222، 223".
3 الإكمال "4/ 421"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "10/ 8".
حدَّث عن: أَحْمَد بن فِراس العَبْقَسِيّ وأبي الحسين بن بِشْران المُعدّل، وجماعة.
روى عنه: مكّيّ الرُّمَيْليّ، وأجاز لهِبَةِ اللَّه بن الأكفانيّ1.
حرف الصَّاد:
230-
صاعد بن منصور بن محمد بن محمد الهَرَوِيّ الأَزْديّ:
قاضي هَرَاة وابن قُضاتها.
صار زعيم أصحاب الحديث بهَرَاة، وهو ابن عمّ راوي التِّرْمِذيّ أبي عامر محمود بن القاسم.
حرف العين:
231-
عالي بن أبي الفتح عثمان بن جِنِّي2:
أبو سعد الموصليّ.
سمع من: نصر المُرَجِّي بالموصِل، وعيسى بن الوزير ببغداد،
وسكن صُور.
روى عنه: ابن ماكولا، ومكّي الرُّميليّ، وأبو زكريّا التِّبْرِيزِيّ،
وكان أديبًا فاضلًا.
أخذ عن أبيه، وهو صحيح السَّماع.
مات بصَيْداء سنة ثمانٍ أو تسعٍ وخمسين، ولهُ ثمانون سنة.
232-
عبد الجّليل بن مخلوف:
الْإِمام أبو محمد المالكيّ.
أفتى بمصر، ودرَّس أربعين سنة.
روى السِّلفيّ وفاته في هذه السنة، عن شخص فاضل رآه.
1 النجوم الزاهرة "5/ 79".
2 تقدمت ترجمته في وفيات سنة "452هـ" برقم "54".
قال: وصلَّى عليه رفيقه الفقيه عبد الحقّ بن محمد بن هارون السّبْتِيّ.
قال: وفيها مات عبد الحق هذا ببيت المقْدِس.
قال: وفيها مات الفقيه أبو إسحاق الأشِيريّ الفقيه.
233-
عبد الصَّمد بن محمد بن تميم بن غانم التّميميّ1:
أبو الفتح الدّمشقيّ إمام جامع دمشق.
سمع: عبد اللَّه بن محمد الحِنَّائيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي نْصر.
رَوَى عَنْهُ: ابن بنته هبة اللَّه بن الأكفانيّ.
وتوفِّي في المُحرَّم.
234-
عبد الكريم بن عليّ2:
أبو عبد اللَّه التّميميّ، المعروف بابن السُّنّي.
بغداديّ.
روى عن: ابن زَنْبور الورَّاق، والقاضي أبي محمد الأكفانيّ.
قال الخطيب3: صدوق، كثير التِّلاوة.
235-
عُبَيْد اللَّه بن محمد بن ميمون:
أبو طاهر الأسديّ، قاضي الكوفة.
ثقة، انتخب عليه أبو الغنائم محمد بن عليّ النَّرْسيّ.
سمع من: محمد بن عبد اللَّه الْجُعَفيّ، وطبقته.
236-
عليّ بن بكار4:
أبو الحسن الصوريّ الشاهد.
1 تاريخ دمشق "التيمورية""24/ 147".
2 تاريخ بغداد "11/ 82"، والمنتظم "8/ 247".
3 في تاريخه.
4 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "17/ 218".
رحل وسمع من: أبي الحسن بن السِّمْسَار، وابن الطبيرز، وصالح بن أَحْمَد المَيَانِجِيّ، وأبي ذرٍّ الهرويّ.
وعنه: مكّيّ الرُّميليّ، وسهل بن بِشر، وغيرهما.
237-
عليّ بن الحسن بن عمر الزُّهْريّ الثَّمَانِينيّ1.
الرّجل الصّالح.
روى عن: أبي خازم بن الفرَّاء، وأبي القاسم الحِنّائيّ.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، ونَصْر المقدسيّ مع جلالتهما.
238-
عليّ بن الخِضر العثمانيّ الدّمشقيّ2:
الحاسب أبو الحسن، صاحب التّصانيف في الحساب.
روى عن: رشأ بن نظيف، ومحمد بن عبد الرَّحمن بن أبي نصر وجمع وفيات مشايخ.
روى عنه: أخوه لأمه الحسن بن الحسن الكلابي الماسح، وأبو بكر الخطيب، وهو أحد شيوخه.
توفِّي في شوّال.
239-
عليّ بْن محمد بْن الحسن بن يزداد3:
القاضي أبو تمام الواسطي، مسند أهل واسط.
حدث عن: أبي الحسين محمد بن المُظفّر، وأبي الفضل الزُّهْريّ، وغيرهما.
وتُوُفّي في شوّال، ولعلَّهُ عاش تسعين سنة أو نحوها.
قال الخطيب4: تقلَّد قضاء واسط مُدَّة، وكان مُعتزليا.
روى عنه: أبو القاسم السَّمرقنديّ بالإجازة.
1 تاريخ بغداد "5/ 245"، والأنساب "117".
2 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية""29/ 138".
3 تاريخ بغداد "12/ 103"، وسير أعلام النبلاء "18/ 212، 213"، ولسان الميزان "4/ 261".
4 في تاريخه.
حرف الفاء:
240-
الفضيل محمد بن الفُضَيْل:
أبو عاصم الفُضَيْليّ الهَرَوِيّ.
سمع: أبا منصور محمد بن محمد الأَزْديّ، وأبا طاهر محمد بن محمد بن محمِش.
روى عنه: ابنه إسماعيل.
حرف الميم:
241-
محمد بن أَحْمَد بن عَدْل1:
أبو عبد اللَّه الأمويّ الأندلُسيّ الطُّلَيْطُلِيّ.
سمع من: عبد اللَّه بن ذَنّين، وعبد الرَّحمن بن عبَّاس.
وكان ثقةً عابدًا خاشعًا خائفًا.
وكان يعظ النّاس.
242-
محمد بن إسماعيل بن أَحْمَد بن عمرو2:
القاضي أبو عليّ الطُّوسيّ، المعروف بالعراقيّ؛ لطول إقامته بالعراق، ولظُرفه.
ولي قضاء طوس مُدَّة، وكان من كبار الشّافعيّة وأئِمّتهم.
لهُ شُهرة بخُراسان.
سمع من: أبي طاهر المخلّص، وتفقَّه على: أبي حامد الْإِسْفَرائينيّ، وأبي محمد البافيّ.
وناظر بجرجان في مجلس أبي سَعْد الْإِسماعيليّ.
أخذ عنه جماعة.
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 541".
2 المنتظم "8/ 247"، والبداية والنهاية "12/ 96"، وفيه:"محمد بن إسماعيل بن محمد".
243-
محمد بن الحبيب بن طاهر بن عليّ بن شمَّاخ1:
أبو عليّ الغافقيّ. من أهل غافق.
سمع: بقُرْطُبة من يونس بن عبد اللَّه، ومكّيّ، وأبي محمد بن الشّقّاق، وجماعة.
وحجَّ سنة إحدى وعشرين، فأخذ بمصر عن القاضي عبد الوهَّاب المالكيّ، وسمع منه كتاب "التَّلقين" لهُ.
ولقي بمكَّة أبا ذَرّ.
وكان من أهل الدّين والتواضع والطّهارة والَأحوال الصَّالحة.
قال ابن بَشْكُوال: أنا عنه أبو مُحَمَّد بن عتّاب بجميع ما رواه عن عبد الوهَّاب.
توفِّي فجأة بغافق في رمضان.
244-
محمد بن عبد اللَّه بن عُمَر:
أبو بكر العدويّ العُمَريّ الهرويّ الفقيه التّاجر.
سمع: أبا محمد بن أبي شُرَيْح.
روى عنه: زاهر الشّحّاميّ.
245-
مُحَمَّد بْن عَليّ بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن مِهْرَبْزُد2:
أبو مسلم الْأصبهانيّ، الأديب المفسِّر النّحوي المُعتزليّ.
قال يحيى بن مَنْدَهْ في "تاريخه": إنَّه صنَّف "التَّفسير"، وحدَّث عن أبي بكر بن المقري، وكان عارفًا بالنحو، غاليا في مذهب الاعتزال، وهو آخر من حدَّث بأصبهان عن ابن المقري.
مات في سنة تسع وخمسين.
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 541".
2 سير أعلام النبلاء "18/ 146، 147"، ولسان الميزان "5/ 297، 299"، وشذرات الذهب "3/ 307"، ومعجم المؤلفين "11/ 49، 50".
زاد غيره: في جُمَادى الآخِرة.
وقال محمد بن عبد الواحِد الدَّقّاق: سألته عن مولده فقال: في سنة ست وستين وثلاثمائة.
قلت: وله تفسير في عشرين مُجَلَّدًا، وكان به بمصر نُسخة للشَّرَف المُرْسيّ.
وآخر من حدَّث عنه إسماعيل بن عليّ الحمّاميّ الْأصبهانيّ، روى عنه "جزء مأمون"، وغيره.
حرف النُّون:
246-
نجيب بن عمَّار1:
أبو السَّرايا بن أبي فراس الغَنَوِيّ.
شاعر رئيس، كان أبوه مُتَولِّي الرَّقّة.
سمع: أبا محمد بن نَصْر، وغيره.
وعنه: ابن الأكفاني.
وفيَّات سنة ستين وأربعمائة:
حرف الألِف:
247-
أَحْمَد بن سعيد2:
أبو جعفر اللَّوْزَنكيّ3، الفقيه المالكّيّ، مُفتي طُلَيْطُلَة.
امتحنه المأمون رئيس طليطلة هو ووالد ابن مُغِيث، وولد ابن أسد، وثلاثة آخرين، وُشِي بهم عنده بالتُّهمة على سُلْطانه، فاستدعاهم مع قاضيهم أبي زيد القُرْطُبيّ، وقيَّدهم، فهمَّت العامَّة بالنُّفور إلى السِّلاح، فبذل السّيف فيمن أعلن سِلاحًا، فسكنوا. واستُبيحت دُور المذكورين المُمْتحَنِين ونهبت، وذلك في هذا العام، وسجنوا.
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "26/ 122".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 64، 65"، وسير أعلام النبلاء "18/ 174، 175".
3 في الصلة "اللورانكي".
وسُجِن الوزير ابن غصْن الأديب1 مُصَنِّف كتاب "المُمْتَحِنين" من عهد آدم إلى زمانه من الأنبياء والصِّدّيقين والعلماء.
واتُّهِمَ بالسَّعي بالمذكورين ابن الحديديّ، وحاز رئاسة البلد وحده. فمات المأمون، وولي بعده حفيده القادر، والَأمر في البلد لابن الحديديّ، فقيل للقادر في شأنه، فأخرج أضداده، وقتلوا ابن الحديديّ، وطافوا برأسه، ومعهم ابن اللَّوْزَنْكِيّ وقد أَضَرَّ.
ولعلَّهُ بقي إلى بعد السَّبعين، فاللَّه أعلم.
248-
أَحْمَد بن الفضل بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن جعفر2:
أبو بكر الباطِرقانيّ3 المقرئ الْأصبهانيّ الأُستاذ.
قال يحيى بن مَنْدَهْ: كتب الكثير عن أبي عبد اللَّه بن مَنْدَهْ، وإبراهيم بن خُرشِيد قُولَه، وعبد اللَّه بن جعفر، وأبي مسلم بن شهدل، وأحمد بن يوسف الثَّقفيّ، والحسن بن محمد بن يَوَه.
وهو كثير السَّماع، واسع الرِّواية، دقيق الخطّ.
قرأ القُرآن على جماعة من الأئِمَّة القُدَماء، وصنَّف كتاب "الشَّواذ"، وكتاب "طبقات القُرَّاء".
وقال لي: وُلِدْتُ سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.
وتوفِّي في ثاني وعشرين صَفَر.
ذكره عمِّي يومًا، والحافظ عبد الغنيّ النَّخْشَبِيّ وجماعة حاضرون، فقال عبد الغني: صنَّف مستندًا ضمَّنه ما اشتمل على صحيح البُخاريّ إِلَّا أنَّهُ كتب أكثره من الأصل ثُمَّ ألحقه الإسناد.
1 هو أبو مروان عبد الملك بن غصن الحجاري، من أهل وادي الحجارة "انظره في جذوة المقتبس "402، 403".
2 الأنساب "2/ 41"، وسير أعلام النبلاء "18/ 182، 183"، وشذرات الذهب "3/ 308"، ومعجم المؤلفين "2/ 45".
3 الباطرقاني: نسبة إلى باطرقان، وهي إحدى قرى أصبهان. "الأنساب 2/ 40".
وهذا ليس من شرط أصحاب الحديث وأهله.
ثم قال يحيى: تكَّلم في مسائل لا يسع الموضوع ذكرها، لو اقتصر على التَّحديث والْإِقراء كان خيرًا له1.
وهذا يدُل على أنَّه ثقةُ فيما روى، وإنَّما نُقِم عليه الكلام.
روى عنه: أبو عليّ الحدَّاد، وقرأ عليه بالرّوايات، وسعيد بْن أَبِي الرجاء، والحسين بْن عَبْد الملِك الخلال، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق وأحمد بن الفضل المهاد، وشبيب بن محمد بن حورة2، وأبو الخير عبد السلام ابن محمد الحسناباذيّ، وجماعة سواهم.
وحدَّث عنه من القُدَماء: الحافظ عبد الغنيّ النَّخْشَبيّ، والقاضي أبو عليّ الوَخْشيّ.
وقد أمَّ بجامع أصبهان الكبير بعد أبي المظفّر بن شبيب.
قال أبو عبد اللَّه الدَّقّاق في رسالته: ولم أرَ شيخًا بأصبهان جمع بين علم القُرآن والقراءات والحديث والرّوايات، وكثرة كتابته وسماعه أفضل من أبي بكر الباطِرْقانيّ.
وكان إمام الجامع الكبير، حَسَن الخُلُق والهيئة والمنظر والقراءة والدِّراية.
ثقة في الحديث.
249-
أَحْمَد بن محمد بن عيسى بن هلال2:
أبو عمر بن القطَّان القُرْطُبِيّ المالكيّ، رئيس المُفْتين بقُرْطُبة.
وُلِدَ سنة تسعين وثلاثمائة.
وروى عن: أبي بكر التُّجَيْبيّ، ويونس بن عبد اللَّه القاضي، وأبي محمد بن الشَّقّاق، وأبي محمد بن دحّون، وناظر عندهما.
وكان فريد عصره بالَأندلُس حفظًا وعِلمًا واستِنْباطًا ومعرِفَةً بأقوال العلماء.
1 معجم الأدباء "4/ 102".
2 في "سير أعلام النبلاء 18/ 182""جورة" و"في الأنساب 2/ 41": "خورة".
3 الصلة لابن بشكوال "1/ 61، 62"، وسير أعلام النبلاء "18/ 305، 306".
صدمتهُ ريحٌ فخرج من قُرْطُبَة يُريد حمَّة المريّة، فتوفِّي بكورة باغة لسبعٍ بقين من ذي القعدة1.
وقد قدمه المُسْتَظْهِر للشورى سنة أربع عشرة وأربعمائة علي يد قاضيها عبد الرّحمن بن بِشْر.
أَحْمَد بن منصور2:
تقدَّم.
حرف الثَّاء:
250-
ثابت بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن خُبَيْش:
أبو روح السَّعْدِيّ الهرويّ الأزديّ، محدِّث هراة ونسَّابتها.
سمع: عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح، وأباه، وأبا سعد الزُّهْريّ.
روى عنه: الخطيب محمد بن عبد اللَّه الهَرَوِيّ الواعظ، وغيره.
توفِّي فِي ربيع الأخر.
حرف الحاء:
251-
الْحَسَن بن أبي طاهر بن الحسن3:
الْإِمام أبو عليّ الخُتَليّ، الفقيه الشَّافعيّ القاضيّ.
روى عن: العارف أبي سعيد فضل اللَّه المَيْهَنيّ شيئًا يسيرًا.
روى عنه: عبد العزيز الكتَّانيّ، وقال: توفِّي أبو علي الخُتّليّ إمام جامع دمشق في شعبان سنة ستين وأربعمائة.
252-
الحسن بن عليّ بن مكّيّ بن إسرافيل بن حماد:
1 الصلة "1/ 62".
2 تقدَّمت ترجمته برقم "224".
3 تاريخ دمشق "مخطوطة التيمورية""9/ 464"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "6/ 343، 344".
لإمام أبو عليّ الحمّاديّ النّسفيّ الفقيه الحنفيّ، أحد الأعلام، كان حنيفيًّا فانتقل إلى مذهب الشَّافعيّ.
رحل وسمع بِنَيْسَابُور أبا نُعَيْم عبد الملك بن الحسن الْإِسفرائينيّ، وإسماعيل بن محمد حاجب الكشَّانيّ.
وعمِّر دهرًا.
قال ابن السَّمعانيّ: ثنا عنه الحسين بن الخليل.
253-
حنْبَل بن أَحْمَد بن حَنْبَل1:
أبو عبد الرحمن الفارسيّ البيِّع، نزيل غَزْنَة.
ذكره عبد الغافر فقال: شيخٌ مشهور معروف، له الثّروة الظاهرة، والنّعمة الوافرة.
سمع بنيسابور: الحكم، وابن مَحْمِش، وأبا عبد الرَّحمن السُّلَمِيّ، والَأستاذ أبا سَعْد الزَّاهِد، وأبا بكر الحِيَرِيّ، وجماعة من شيوخ هَرَاة وبُسْت.
وحدَّث بغَزْنَة.
حرف الخاء:
254-
خديجة بنت محمد بن عليّ الشَّاهْجَانيَّة2:
البغداديّة الواعظة.
كانت امرأة صالحة، كتبت عن ابن سمعون بعض أماليه بخطِّها.
ووُلِدَت سنة ستٍّ وسبعين وثلاثمائة.
قال أبو بكر الخطيب3: حدَّثتنا، وكانت صالحة صادقة.
توفِّيت في المحرَّم.
1 المنتخب من السياق "212، 213".
2 تاريخ بغداد "14/ 446"، والمنتظم "8/ 250"، والعبر "3/ 246"، وشذرات الذهب "3/ 308".
3 في تاريخ بغداد.
حرف الدَّال:
255-
دُرّي المُستنصريّ1:
شهاب الدّولة.
قدِم دمشق أميرًا عليها لصاحب مصر بعد عَزْل حَيْدَرة، ثُمّ عُزِل بعد قليل، وولي الرَّملة، فقُتل في ربيع الآخر.
حرف العين:
256-
عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمان2:
أبو محمد المَعَافِريّ الطُّلَيْطُلِيّ، المعروف بابن المؤذِّن.
روى عن: أبي عمر الطلمنكي.
وكان عالمًا دينًا محدثًا مقرئًا.
كتب الكثير، وسمع النَّاس منه.
257-
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ3:
أبو الحسين الصَّيْداويّ الوكيل، ويُعْرَف بابن المُخّ.
سمع من أبي الحُسَيْن بن جميع بعض معجمه.
روى عنه: أبي بكر الخطيب، وابن ماكولا، وعمر بن حسين الصُّوفيّ، وغيث الأرمنازيّ.
حدَّث في هذه السَّنة بصُور وانقطع خبره.
258-
عبد الخالق بن عبد الوارث:
أبو القاسم السُّيُوريّ، المغربيّ المالكيّ.
خاتمة شيوخ القيروان، كان آيةً في معرفة المذهب، بل في معرفة مذاهب العلماء، زاهدًا صالحًا.
تفقَّه عليه جماعة، وطال عمره.
1 أمراء دمشق في الإسلام "31".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 279، 280".
3 الإكمال لابن ماكولا "7/ 215"، والأنساب "515".
259-
عبد الدَّائم بن الحُسين بن عُبَيْد اللَّه1:
أبو الحسن وأبو القاسم الهلاليّ الحَوْرَانيّ، ثمّ الدّمشقيّ.
هو آخر من سمع مِن عَبْد الوهّاب الكِلابيّ.
روى عَنْهُ: أبو بكر الخطيب، وعمر الرؤاسيّ، وهبة اللَّه بن الأكفانيّ، وطاهر بن سهل الْإِسْفَرائينيّ، وثعلب بن السرَّاج، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وآخرون.
تُوُفّي في شعبان عن ثمانين سنة.
260-
عَبْد المَلِك بْن مُحَمَّد بْن يوسف2:
أَبُو منصور البغداديّ، الملقَّب بالشّيخ الأجلّ، سِبط أبي الحسن أَحْمَد السَّوسَنْجِرْديّ.
سمع: أبا عمر بن مهديّ، وأبا محمد بن البيّع، وابن الصُّلت الأهوازيّ.
روى عنه ابناه.
وقال الخطيب3: كان أوحد وقته في فعل الخير ودوام الصَّدقة والَأفضال على العُلماء، والنَّصرة لَأهل السُّنَّة، والقمع لَأهل البِدَع.
وتوفِّي في عَشْر السَّبعين.
وقال ابن خيرون: توفِّي في المحرَّم، ودُفِن عند جدِّه لَأُمِّه، وحضره جميع الأعيان، وكان صالحًا عظيم الصّدقة مُتَعَصِّبًا لَأهل السُّنّة، وقد كفى عامَّة العُلماء والصلحاء رحمه الله.
قلت: كان له صورة كبيرة عند الخليفة وحُرْمة زائدة، وكان رئيس بغداد وصدرها في وقته، مع الدّين والمروءة والصَّدَقات الوافرة، وقد استوفى أبو المظفر في "المرآة"4 أخباره.
1 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "14/ 182"، والعبر "3/ 247".
2 تاريخ بغداد "10/ 434"، وسير أعلام النبلاء "18/ 333، 334"، والبداية والنهاية "12 97"، والنجوم الزاهرة "5/ 82".
3 في تاريخ بغداد "10/ 434".
4 أي: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي.
قال أُبَيّ النَّرْسيّ: رأيتُ في جنازته خلقًا لم أر مثلهم قطّ كثرةً.
261-
عَبْد الوهَّاب بن مُحَمَّد بن عَبْد الوَهَّاب بن عبد القدُّوس1:
أبو القاسم الأنصاريّ القُرْطُبيّ المقرئ.
رحل وقرأ بالرّوايات على: أبي عليّ الأهوازيّ، وأبي القاسم الزَّيْدِيّ، وابن نفيس.
وسمع من: أبي الحسن بن السِّمْسار.
وكان خطيبًا بليغًا مُجوِّدًا للقراءات، بصيرًا بها، عارفًا بطرقها. رحل النَّاس إليه.
مات في ذي القعدة وقد قارب السِّتّين، وقيل سنة إحدى فيحرَّر.
262-
عُبَيْد اللَّه بن محمد بن مالك2:
أبو مروان القُرْطُبِيّ، الفقيه المالكيّ.
روى عن: حاتم بن محمد، وأبي عمر بن خضر، وأبي بكر بن مغيث، وكان حافِظًا للفقه والحديث والتّفسير، عالمًا بوجوه الاختلاف بين فقهاء الأمصار، متواضعًا كثير الورع، مجاهدًا مبتذلًا في لباسه، لهُ مُغَلٌّ يسيرٌ من سُمّاق وعِنبٌ يُنتَفع به.
ومن محفوظاته: كتاب "معاني القُرآن" للنحّاس، ولهُ مصنَّف "مُختَصر في الفقه"، وله كتاب "ساطع البرهان" في سِفْر، قال ابن بشكوال: قرأته على أبي الوليد بن طَرِيف، وقرأه على مؤلِّفه مرَّات.
تُوُفِّي في جُمَادَى الأولى، ولهُ ستُّون سنة.
263-
عليّ بْن مُحَمَّد بْن جعفر الطُّرْيثِيثيّ:
أبو الحسن، المعروف باللحساني، ويقال: اللحسائي.
يروي عن: أبي مُعَاذ شاه بن عبد الرّحمن الهَرَويّ، وأبي الحسين الخفّاف، ومحمد بن جعفر الماليني.
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 381"، ومعجم المؤلفين "6/ 229".
2 الصلة لابن بشكوال "1/ 303، 304"، ومعجم المؤلفين "6/ 245".
وعنه: زاهر الشَّحّاميّ، ومنصور بن أَحْمَد الطُّرَيْثِيثيّ.
ولا أعلم متى تُوُفّي، لكن حدث في هذا العام.
وقع لي حديثه بعُلُوٍّ.
264-
عمر بن الحسن بن عبد الرحمن1:
أبو حفص الهَوْزَنيّ الْإِشبيليّ.
روى عن: محمد بن عبد الرحمن العوَّاد، وأبي القاسم بن عصفور، وابن الأحدب، وأبي عبد الله بن الباجيّ، وغيرهم.
وحجَّ وأخذ عن: أبي محمد بن الوليد المالكيّ بمصر، وكان ذكيّا ضابطًا متفنِّنًا في العلوم.
وُلِد سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وقتله المُعتَضِد باللَّه عبّاد ظُلمًا بقصر إشبيليّة في ربيع الآخر، ذبحه بيده، ودُفِنَ بثيابه بالقصر من غير غُسلٍ ولا صلاة -رحمه اللَّه تعالى.
حرف الميم:
265-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن أحمد بن محمد بن منصور:
أبو غالب بن العتيقيّ.
حدَّث بدمشق عن: أبيه، وأبي عمر بن مهديّ.
روى عنه: هبة اللَّه بن الأكفانيّ، وغيره.
266-
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن البطر:
القارئ أبو الفضل الضّرير، أخو أبي الخطَّاب نصر.
روى عن: أبي عمر بن مَهْديّ، وأبي الحسن بن رزقويه، وأبي الحسين ابن بشران.
وبإفادته سمع أبو الخطاب.
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 402".
روى عنه: أبو السُّعود أَحْمَد بن المُجْلي.
وكان من أعيان قُرَّاء الألحان، وكان يُصلّي بالْإِمام القائم الصّلوات.
267-
محمد بن أَحْمَد بن أبي العلاء:
أبو منصور السَّدوسيّ الصّيدلانيّ الكوفيّ.
قال أُبَيّ النَّرسيّ: حدَّثنا عن ابن غزال.
268-
محمد بن الحسن بن عليّ1:
أبو جعفر الطُّوسِيّ، شيخ الشّيعة وعالمهم.
تُوُفّي بالمشهد المبارك، مشهد أمير المؤمنين رضي الله عنه، في المحرَّم، ولَأبي جعفر الطُّوسيّ تفسير كبير عشرون مُجلَّدة، وعِدَّة تصانيف مشهورة، قَدِمَ بغداد وتعيِّن، وتفقَّه للشّافعيّ، ولزم الشّيخ المُفيد مُدَّة، فتحوَّل رافضيَّا.
وحدَّث عن هلال الحفَّار.
روى عنه ابنه أبو عليّ الحسن.
وقد أُحْرِقت كتبه غير مرة، واختفى لكونه ينقص السَّلف2.
وكان ينزل بالكَرْخ، ثمّ انتقل إلى مشهد الكوفة.
269-
محمد بْن عبد اللَّه بْن مَسْلَمة3:
أبو بكر التُّجَيْبيّ، الملقَّب بالمظفّر، صاحب بطليوس، ويعرف بن الأفطس.
كان أديبًا جمَّ المعرفة، جمَّاعةٌ للكُتُب، لم يكن ملوك الأندلس يفوقه في الأدب.
وله كتاب "التّذكرة" في عِدَّة فنون، خمسين مُجَلَّدًا.
ورَّخه ابن الأبَّار.
1 الكامل في التاريخ "10/ 58"، وسير أعلام النبلاء "18/ 334، 335"، والبداية والنهاية "12/ 97"، ولسان الميزان "5/ 135"، ومعجم المؤلفين "9/ 202".
2 الكامل في التاريخ "10/ 58".
3 الوافي بالوفيات "3/ 323"، ومعجم المؤلفين "10/ 246".
270-
محمد بْن علي بْن محمد بْن موسى1:
أبو بكر السُّلَميّ الدّمشقيّ الحدَّاد.
روى عن: أبي بكر بن الحديد، وعبد الرحمن بن عمر بن نَصر، والحسين بْن أَبِي كامل الأطْرَابُلُسيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن نصر، وطائفة كبيرة.
روى عنه: أبي بكر الخطيب، وعمر الرّواسيّ، وابن ماكولا، وهبة الله بن الأكفاني، وآخرون.
قال الكتاني: توفِّي في رمضان.
قال: وكان يكذب، يدعي شيوخا ما سمع منهم بجهل، حدَّث عن ابن الصَّلت المُجبِر، فقيل له في ذلك، فقال: كان مسجده عندنا. وذاك لم يبرح بغداد.
271-
مُحَمَّد بْن عَلي بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بن رجاء بن أبي العَيْش2:
الَأطرابُلُسيّ الْجُمَحيّ، أبو العَيْش القاضي.
حدَّث عن: منير بن أحمد بن الخلال، وأبي محمد بن النَّحّاس، وأبي عبد الله بن أبي الأَطْرَابُلُسِيّ.
وولي قضاء صيداء.
روى عنه: عمر الرُّواسيّ، ومكّي الرُّمَيْلِيّ.
توفِّي في شعبان.
272-
محمد بن محمد:
أبو سعيد أميرجة الهَرَوِي الواعظ.
حدَّث عن: القاضي أبي منصور الأزديّ، ويحيى بن عمَّار.
سمع منه جماعة.
273-
محمد بن موسى بن فتح3:
1 ميزان الاعتدال "3/ 660"، ولسان الميزان "5/ 315".
2 معجم البلدان "2/ 492".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 542".
أبو بكر الأنصاريّ البَطَلْيُوسيّ، المعروف بابن القرّاب.
سمع بقرطبة من: عبد الوارث بن سُفْيان، وأبي محمد الأصيليّ، وخلف بن القاسم، وجماعة.
وكان عالِمًا بالَآثار والَأخبار، متفنِّنًا في العلوم، ديِّنًا مُنعزِلًا.
روى عنه: أبو عليّ الغسَّانيّ.
توفِّي ببطليوس في جمادى الآخرة.
274-
ملحم بن إسماعيل بن مُضَر الضَّبيّ:
أبو مُضَر الهَرَويّ.
توفِّي بهراة، وكان عالي الْإِسناد.
قد سمع من: الخليل بن أَحْمَد السِّجْزيّ، وغيره.
روى عنه: محمد بن إسماعيل الفضيليّ، وطائفة.
275-
منتجع بن أَحْمَد بن محمد بن المنتجع:
أبو طاهر الكاتب.
توفِّي بأصبهان.
يروي عن: أبي عَبْد اللَّه بْن مَنْدَهْ.
روى عَنْهُ: أبو عليّ الحدَّاد.
حرف الياء:
276-
يحيى ابن الأمير إسماعيل بن عبد الرحمن بن عامر بن ذي النُّون1:
أبو زكريا المأمون الهوَّاريّ الأندلُسيّ.
تغلَّب أبوه على طُليْطُلَة سنة بضعٍ وعشرين وأربعمائة، وذلك أنَّهُم خلعوا طاعة بني أُميَّة، فرأس عليهم إسماعيل، ثم مات سنة خمسٍ وثلاثين، فولي الأمر بعده ولده الميمون خمسًا وعشرين سنة.
1 الكامل في التاريخ "9/ 288، 289"، وسير أعلام النبلاء "18/ 220، 221".
ثم ولي بعده يحيى القادر ولده، فاشتغل بالخلاعة واللَّعِب، وهادنَ الفرنج، وصادر الرَّعيَّة، واستعمل الرُّعَاع، فلم تزل الفرنج تطوي حصونه حتَّى تغلَّبت على طُلَيْطُلَة في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة، تأخَّر هو إلى بَلَنْسِيَةَ.
ومن أخبار المأمون أنّهُ أراد أن يستعني بالفرنج على أخذ المدن والحصون، فكتب إلى ملك الفرنْج الّذي من ناحيته أنْ تعال إليَّ في مائةٍ من فرسانك والقني في مكان كذا.
ثمَّ سار للقيه في مائتيّ فارس، وجاء ذلك في ستَّة آلاف، فأمرهم أن يكمنوا، وقال: إذا رأيتمونا قد اجتمعنا، فأحيطوا بنا، فلمَّا اجتمعا أحاط بهم السِّتة آلاف، فلمَّا رآهم المأمون سُقِطَ في يده واضطرب، فقال له الفرنْجيّ: يا يحيى، وحقِّ الْإِنجيل ما كنتُ أظُنُّكَ إِلَّا عاقِلًا، أنت أحمقُ خَلْقِ اللَّه تعالى، خرجت إليَّ في هذا العدد القليل، وسلَّمت إليَّ مُهْجَتك بلا عهدٍ، ولا بيننا دين، فَوَحَقِّ الْإِنجيل لَا نجوت منِّي حتى تُعْطينيّ ما أشترطه.
قال المأمون: فاشترِطْ واقْتَصِد.
قال: تُعطيني الحصن الفلانيّ، والحصن الفُلانيّ، وسمَّى حصونًا، وتجعل لي عليك مالًا كل عام.
ففعل المأمون ذلك، وسلَّم إليه الحصون، ورجع بشرِّ حال، وتراكم الخذلان عليه، ولا قوّة إِلَّا باللَّه.
تُوُفّي سنة ستِّين.
277-
يحيى بن صاعد بن محمد1:
قاضي القُضاة، أبو سَعْد ابن القاضي أبي سعيد ابن القاضي عماد الْإِسلام أبي العلاء النَّيْسابوريّ الحنفيّ.
ولد سنة إحدى وأربعمائة.
وسمع من جدِّه، وولي قضاء الرِّيّ بعد نيسابور.
1 المنتخب من السياق "484، 485".
وقد خرج له الفوائد، وأملى سنين، وكان من وجوه القضاة والأئمة الرؤساء.
روى عنه: ابن أخيه قاضي القُضاة محمد بن أَحْمَد بن صاعد.
وتوفِّي بالرّيِّ في ربيع الأوّل.
ذكر المُتَوَفّين تقريبًا في هذا الوقت:
حرف الألِف:
278-
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بن بلال المُرْسيّ النَّحويّ1:
صاحب "شرح غريب المصنّف" لأبي عبيد، و"شرح إصلاح المنطق" لابن السُّكّيت، كان يُقرئ النَّاس العربيّة بالَأندلُس.
قال ابن الأبَّار: توفِّي قريبًا من سنة ستين وأربعمائة.
279-
أَحْمَد بن عليّ بن هارون بن البُنّ2:
أبو الفضل السّامريّ الأديب، من رؤساء الشّيعة وفُضلائهم.
سمع: الحسن بن محمد بن الفحَّام، وعليّ بن أَحْمَد الرَّفّاء السّامرييّن.
أخذ عنه: أبو بكر الخطيب، وأبو نصر بن ماكولا، وأبو الكرم فاخر، ومحمد بن هلال بن الصَّابئ.
280-
أَحْمَد بن منصور بن أبي الفضل:
الفقيه أبو الفضل الضُّبَعيّ السَّرخسيّ الهوذيّ3 الشَّافعيّ.
من أقارب خارجة بن مُصْعَب الضّبعيّ -بضادٍ مُعَجَّمة.
قدِمَ بغداد شابًّا فتفقَّه على: أبي حامد الْإِسْفَرَائينيّ.
وسمع بها، وبخُرَاسان من طائفة.
وكان بارعًا مناظرًا واعظًا، كبير القدر.
1 الوافي بالوفيات "7/ 361"، وكشف الظنون "108"، ومعجم المؤلفين "2/ 66".
2 الإكمال لابن ماكولا "1/ 265"، والمشتبه في أسماء الرجال "1/ 95".
3 الهوذي: نسبة إلى هوذ، وهو بطن من عذرة، وهو الهوذ بن عمرو بن الأحباب. "الأنساب 12/ 354".
قال أبو الفتح العيَّاضيّ في "رسالته": وأبو الفضل الهوذيّ في الفقه ما أثبته، وعن مجلس النَّظر ما أنظره، وعلى المنبر ما أفصحه.
وقال ابن السّمعانيّ: حدَّث بِسَرْخَس بسُنَن أبي داود، عن القاضي أبي عمر الهاشميّ1.
وكانت ولادته تقريبًا في سنة سبعين وثلاثمائة.
قلت: أتوهمه بقي إلى حدود الخمسين وأربعمائة.
281-
أَحْمَد بن محمد بن الهيصم:
أبو الفَرَج.
من أماثل أولاد أبيه فضلًا وورعًا وزُهدًا ووعظًا، خرج من خُراسان إلى غَزْنَة، فدرّس بها مُدّة، ووعظ، ثُمّ عاد إلى خُراسان وروى الحديث وخرَّج.
وكان حادّ الفراسة، قويّ الفِكْر.
توفِّي سنة نيِّفٍ وخمسين، وكان أبوه من كبار علماء زمانه، ومن أئِمّة السُّنّة، إِلَّا أنَّهُ من الكرّاميّة، نسأل اللَّه السلامة.
282-
أَحْمَد بن عبد الرحمن بن مَنْدُوَيْهِ2:
أبو عليّ الْأصبهانيّ، صاحب "الرّسائل الأربعين في الطِّبّ".
وله كتاب "الجامع المُختصر" في الطِّب، وكتاب "القانون الصّغير" المُلقَّب بـ"الكافي في الطِّب"، وكتاب "المُغيث" في الطِّب، وغير ذلك.
283-
إبراهيم بن مسعود:
أبو إسحاق التُّجَيْبِيّ الزاهد، المعرف بالْإِلْبِيريّ.
كان من أهل غُرْنَاطة.
روى عن: أبي عبد الله بن أبي زمنين.
1 هو القاسم بْن جعفر بْن عبد الواحد بْن العباس الهاشمي، قاضي البصرة، وبها حدَّث بسنن أبي داود، توفِّي سنة414هـ، "تاريخ بغداد 12/ 451، 452".
2 الوافي بالوفيات "7/ 53-55"، وكشف الظنون "573، 849-853".
وكان شاعِرًا مُجَوِّدًا، لهُ في الحِكم والمواعظ.
روى عنه: عبد الواحد بن عيسى، عمر بن خلف الإلبيريان.
284-
إبراهيم بن الحسين بن حاتم بن صولة:
أبو نصر البغدادي البزاز، نزيل مصر.
روى عن: أبي أحمد بن أبي مسلم الفَرَضِيّ.
روى عنه: هبة اللَّه بن عبد الوارث الشِّيرازيّ، ومحمد بن أَحْمَد الرَّازيّ، وابنه عليّ بن إبراهيم.
حرف الثّاء:
285-
ثابت بن أسلم بن عبد الوهّاب1:
أبو الحسن الحلبيّ، أحد علماء الشّيعة.
وكان من كبار النُّحاة، صنَّف كتابًا في تعليل قراءة عاصم وأنَّها قراءة قُريش.
وكان من كبار تلامذة أبي الصلاح، وتصدَّر للإفادة بعده، وتولَّى خزانة الكُتُب بحلب، فقال مَنْ بحلب من الْإِسماعيليّة: إنَّ هذا يُفسِد الدَّعوة.
وكان قد صنَّف كتابًا في كشف عوارهم، وابتداء دعوتهم، وكيف بُنِيت على المخاريق.
فحُمِل إلى صاحب مصر فأمر بصَلْبِه، فصُلِبَ، فرحمه اللَّه ولعنَ من صلبه، وأُحْرِقت خزانة الكُتُب الّتي بحلب، وكان فيها عشرة آلاف مُجلَّدة من وقف سيف الدّولة بن حمدان، وغيره.
حرف الحاء:
286-
الحسين بن أَحْمَد بن علي2:
أبو نصر النيسابوري القاضي.
1 سير أعلام النبلاء "18/ 176"، ومعجم المؤلفين "3/ 99".
2 المنتخب من السياق "200".
سمع: أبا الحسين الخفَّاف.
روى عنه: زاهر الشَّحّاميّ، وغيره.
287-
حَيْدرة بن الحسين1:
الَأمير مُعتَز الدَّولة أبو المكرَّم، الملقَّب بالمؤيّد.
ولي إمرة دمشق سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، فبقي عليها إلى سنة خمسين، ثم عُزِلَ، ثم ولي بعده أمير الجيوش بدر.
روى عن الحسين بن أبي كامل الطَّرَابُلُسيّ.
وعَنْه: الخطيب، والنَّسيب.
288-
حَيْدَرَة بن مَنْزُو بن النُّعمان2:
الَأمير أبو المعلّى الكُتّاميّ.
ولي إمرة دمشق بعد هرب أمير الجيوش عنها، فحكم بها شهرين في سنة ست وخمسين.
وعُزِلَ بدري المُستَنْصِريّ.
حرف الرَّاء:
289-
رئيس العراقين أبو أَحْمَد النَّهَاوِنْديّ:
ورُتبته دون رُتبة الوزارة بقليل.
جلس للمظالم بنفسه، وأباد المُفسِّرين من بغداد، واطَّرح كل راحةٍ إِلَّا النّظر في مصالح المسلمين، حتى أمن النَّاس، وصار الرجال والنِّساء يمشون بالليل والنهار مطمئنين ببغداد.
وكفى أذى العجم عن النَّاس، وأقام الخُفراء وضبط الأمور، وأقام العدل، ونادى بأنَّ السُّلطان قد ردَّ المواريث إلى ذوي الأرحام. فاتَّفق موت إنسانٍ له بنت خلَّف ثلاثة آلاف دينار، فأخبروه، فقال: ردوا عليها النصف الآخر.
1 تاريخ دمشق "التيمورية""11/ 2"، وتهذيب تاريخ دمشق "5/ 22".
2 ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي "92، 96"، وتهذيب تاريخ دمشق "5/ 25".
وضرب للنَّاس الدراهم، وأبطل قراضة الذهب، ورفع بعض المكوس، فاتصلت الألسن بالدُّعاء له.
وكانت سيرته تشبه سيرة عميد الجيوش.
وعُمرت بغداد من الجانبين بهمته وقيامه، وقبض على أمير اللص وغرقه، وأراح الناس منه.
وكان يهجم دور النّاس نهارًا ويأخذ أموالهم، وكان يؤدي إلى عميد العراق كل يومٍ دينارًا، وعميد العراق هو الّذي غرَّقه البساسيريّ، فدخل أميرك على صَيْرَفيّ وأخذ كيسه، فاستغاث الصَّيْرَفيّ، فلم يشعُر إِلَّا بأميرك وقد قبض على يده، وقال: ما لك؟ أنا أخذنه من بيتك، ولكنّ فيه ذَهَب زغل، ولا أفكك إلى عميد العراق.
فخاف وقال: أنت في حِلٍّ منه فدعني، وهو يقول: واللَّه ما أُفارقك، فسألت النَّاسُ أميرَك، ودخلوا عليه حتّى أخذ خمسة دنانير منها ومضى.
حرف الزَّاي:
290-
زاهر بن عطاء النَّسويّ:
سمع: أبا نعيم الْإِسْفَرَائِينيّ، وعنه: زاهر.
حرف السِّين:
291-
سَعِيد بْن محمد بْن محمد:
أبو عثمان النَّيسابوريّ.
عن: الخفّاف.
وعنه: زاهر.
292-
سعيد بن منصور بن مِسْعَر بن محمد بن حمدان1:
أبو المُظَفَّر القُشَيْريّ النّيْسَابوريّ المؤدِّب، الصائغ.
ثقة، صين.
1 المنتخب من السياق "235، 2360".
سمع من: أبي طاهر بن خُزَيْمة، وغيره.
وتُوُفّي في شعبان سنة نيفٍ وخمسين.
روى عنه: أبو سعد عبد الواحد بن القُشَيْريّ، وزاهر الشَّحّاميّ.
حرف الصَّاد:
293-
صخر بْن مُحَمَّد1:
أبو عُبَيْد الطُّوسيّ الحاكم.
عن: أبي الحسن العَلَويّ، وعنه: زاهر.
حرف العين:
294-
عائشة بنت القاضي أبي عمر البَسْطَاميّ2.
سمعت: الخفَّاف، وغيره.
روى عنها: زاهر في "مَشْيَخَتِه".
295-
عبد الرّحمن بن إسحاق:
أبو أَحْمَد العامريّ النَّيْسَابُوريّ.
شيخُ مسِنٌّ.
سمع من: أَحْمَد بن محمد الخفَّاف.
رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذن، وغيره.
296-
عبد الرحمن بن إسماعيل بن جَوْشن3.
أبو المُطرِّف الطُّليْطُليّ، الحافظ.
عن: عبدوس بن محمد، وفتح بن إبراهيم، وخَلَف بن القاسم، وأبي المطرف القنازعي، وخلق.
1 المنتخب في السياق "258".
2 المنتخب في السياق "404".
3 الصلة لابن بشكوال "2/ 336".
وعنه: الطبني، والزَّهْراويّ.
وكان ثقة مكثرًا، عارفًا بالَآثار وأسماء الرّجال.
297-
عَبْد الرَّحْمَن بْن عليّ بْن أَحْمَد بْن أبي صادق1:
الَأستاذ أبو القاسم النَّيْسَابُوريّ، إمام عصره في الطَّبّ بخُراسان.
له: شرح "فصول بُقْرَاط".
قد حدَّث به في سنة ستين وأربعمائة.
وكتبه في غاية الجودة، وكان شديد العناية بكتب جالينُوس، وقد اجتمع بابن سينا، وأخذ عنه.
وله "شرح مسائل حنين"، و"شرح منافع الأعضاء" لجالينوس، أجاد فيه ما شاء، وغير ذلك، وجمع تاريخًا.
298-
عليّ بن الحسين2:
أبو نصر بن أبي سَلَمَة الصُّيْداويّ الورَّاق المُعدّل:
روى عن: أبي الحسين بن جُمَيْع.
وعنه: الخطب، ومكي الرميلي، وأبو طالب عبد الرحمن بن محمد الشيرازي.
299-
علي بن عبد الله بن أحمد3:
أبو الحسن بن أبي الطيب النيسابوري.
كان رأسا في تفسير القرآن، له التفسير الكبير في ثلاثين مجلدة، و"الأوسط" في إحدى عشرة مجلدة، و"الصغير" ثلاث مجلدات.
وكان يملي ذلك في حفظه، ولم يخلف من الكتب سوى أربع مجلدات، إلا أنَّهُ كان من حفَّاظ العِلم، وكان ذا ورع وعبادة.
1 المنتخب من السياق "316".
2 تاريخ بغداد "1/ 256"، ومعجم البلدان "3/ 437".
3 سير أعلام النبلاء "18/ 173، 174"، ومعجم المؤلفين "7/ 130".
قِيلَ: إنَّهُ حُمِلَ إلى السُّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين، فلمَّا دخل جلس بغير إذن، وأخذ في رواية حديثٍ بلا أمر، فأمر السُّلطان غلامًا فلكمه لكلمة أطرشته، وكان ثمَّ مَنْ عرَّف السُّلطان منزلته من الدين والعلم، فاعتذر إليه، وأمر له بمالٍ فامتنع، فقال السُّلطان: يا هذا، إنَّ للملك صَوْلَة، وهو محتاجٌ إلى السِّياسة، ورأيتك تعدَّيت الواجب، فاجعلني في حِلّ.
قال: اللَّه بيننا بالمِرصاد، وإنَّما أحضرتني للوعظ وسماع أخبار الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وللخشوع، لَا لإقامة قوانين المُلْك، فخجل السُّلطان وعانقه1.
ذكره ياقوت في "تاريخ الأدباء" وقال: مات في شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة بسانْزُوار.
300-
عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ2:
أَبُو الْحَسَن الزوزني البحائي، الأديب.
شيخ فاضل عالم، وهو والد القاضي أبي القاسم.
حدَّث عن: محمد بن أَحْمَد بن هارون الزَّوَزْنِيّ، عن أبي حاتم بن حبَّان.
ذكره عبد الغافر مُختَصرًا.
وروى عنه: هبة اللَّه بن سهل السِّيّديّ، وزاهر بن طاهر، وتميم بن أبي سعيد.
وحدَّث في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.
وهو راوي كتاب "الأنواع والتَّقاسيم".
301-
عليّ بن محمد بن عليّ بن المُصَحّح3:
أبو الحسن بالبكري الدّمشقيّ.
عن: عبد الرّحمن بن أبي نصر.
وعنه: هبة اللَّه بن الأكفانيّ، وأبو محمد بن السمرقندي.
1 معجم الأدباء "13/ 274، 275".
2 المنتخب من السياق "382".
3 مختصر تاريخ دمشق لابن منظور "18/ 162، 163".
302-
عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَلِيّ:
أَبُو الْحَسَن بن الدُّوريّ.
عن: عبد الرَّحمن بن أبي نصر. روى عنه "جزء ابن أبي ثابت".
سمعه منه: عمر الرُّواسيّ، وأبو محمد بن السَّمَرْقَنْديّ، وغيرهما.
303-
عمر بن شاه بن محمد1:
أبو حفص النَّيْسابوريّ الصَّوّاف، مُقرئ مُسْنِد.
سمع من: محمد بن أَحْمَد بن عبدوس المُزَكّيّ.
روى عنه: إسماعيل بن المؤذِّن.
حرف الميم:
304-
محمد بن أَحْمَد2:
أبو عبد اللَّه المَرْوَزيّ الفقيه الشَّافعيّ، المعروف بالخِضَريّ.
كان يُضْرَب به المثل في قوَّة الحِفظ وقِلَّة النِّسيان، وكان من كبار أصحاب القَفَّال.
وله في المَذهب وجوه غريبة نقلها الخُرَاسانيّون.
وقد رُوِيَ أنَّ الشَّافعيّ صحَّح دلالة الصبيّ على القِبلة، وكان ثقة في نقله، وله معرفة بالحديث.
ونسبته إلى الخِضْر بعض أجداده.
توفِّي في عَشْر الثمانين.
305-
محمد بن بيان بن محمد3:
الفقيه الكازَرُونيّ الشافعي.
1 المنتخب من السياق "368".
2 الإكمال لابن ماكولا "3/ 252"، وسير أعلام النبلاء "18/ 172، 173"، وتاريخ الخلفاء "423"، وشذرات الذهب "3/ 82".
3 تقدمت ترجمته برقم "143".
سكن آمِدْ.
تقدَّم في سنة 455.
306-
محمد بن الحسن بن عبد الرّحمن بن عبد الوارث الرّازيّ1:
أبو بكر.
سمع بمصر: أبا محمد عبد الرّحمن بن النَّحّاس، وبأصبهان من: أبي نُعَيْم الحافظ، وبالَأندلُس من: أبي عمرو الدَّانيّ.
وكان صالحًا مُتواضِعًا حليمًا.
حدَّث عَنْهُ: أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ، وأبو محمد بن حَزْم، وأبو الوليد الباجيّ.
قال الحُمَيْديّ: سمعنا منه.
ومات غريقًا بعد الخمسين وأربعمائة بالَأندلس.
307-
محمد بن الحُسين بن يحيى بن سعيد بن بِشْر:
الفقيه أبو سَعْد الهمذانيّ الصَّفّار، مفتي همذان.
روى عن: أبي بكر بن لال، وابن تركان، وأبي بكر أَحْمَد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبي القاسم الصرصري، والشيخ أبي حامد الإسفرائيني، وأبي أحمد الفرضي، وأبي عمر بن مهدي، وجماعة كثيرة.
قال شيرويه: أدركته ولم يقض لي السَّماع منه، وكان ثقة.
ويُقال: جُنَّ في آخر عمره، وكان يعرف الحديث.
وُلِدَ سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.
قلت: وتوفِّي سنة إحدى وستِّين فِي جُمَادَى الأولى.
308-
مُحَمَّد بْن عَلِيّ بْن محمد بْن عليّ بن تَوْبة2:
أبو طاهر البُخاريّ الزَّرّاد.
1 جذوة المقتبس للحميدي "50"، وفيه:"محمد بن الحسن الوارث الرازي".
2 الأنساب "6/ 261"، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور "23/ 117"، وفيه:"بويه".
سمع: أبا عبد اللَّه الحسين..1 الحليميّ، وأبا نصر الكلاباذيّ، وعليّ بن أَحْمَد الخُزَاعيّ ببُخارى، وسمع أبا نصر الحبَّان بدمشق.
روى عنه: أبو القاسم بن أبي العلاء المصّيصيّ، ومُحيي السُّنَّة الحسين بن مسعود البَغَويّ، وجماعة.
309-
محمد بن عليّ بن الحَسَن بن عليّ2:
أبو بكر بن البرّ، وهو لقب جدّ أبيه عليّ التميميّ، الصِّقليّ الدَّار القيروانيّ الأصل، اللُّغويّ، أحد أئِمَّة اللُسان.
روى عن: أبي سعد المالينيّ، وغيره.
أخذ عنه العربيّة والَأدب: عبد الرحمن بن عمر القصدريّ، وعبد اللَّه بن إبراهيم الصَّيْرَفيّ، وعبد المنعم بن الكماد، والعلامة عليّ بن القطَّاع، وأبو العرب الشّاعر.
وكان حيًّا في سنة تسعٍ وخمسين وأربعمائة.
وكان يتعاطى المُسْكِر.
310-
محمد بن محمد بن عليّ3:
الفقيه أبو سعد النَّيْسابوريّ الحنفيّ الوكيل.
سمع من: يحيى بن إسماعيل الحربيّ، وأبي الحسن العلوي، غيرهما.
روى عنه: زاهر الشَّحّاميّ، وإسماعيل الفارسيّ.
311-
محمد بن محمد بن الحاكمي4:
أبو الفضل الحاتميّ الجويني، محدِّث رجال.
سمع: أبا نعيم عبد الملك الإسفرائيني، وأبا الحسن العلويّ، وأبا عبد اللَّه الحاكم، وحدَّث.
1 بياض في الأصل.
2 إنباه الرواة "3/ 210"، وبغية الوعاة "1/ 178، 179".
3 المنتخب من السياق "52" رقم "100".
4 المنتخب من السايق "63".
312-
محمد بن الفرج بن عبد الوليّ1:
أبو عبد الله بن أبي الفتح الطُّلَيْطُليّ الصوَّاف المحدِّث.
رحل وسمع بالقيروان ومصر من: حسن بن القاسم القُرَيْشيّ، ومحمد بن عيسى بن مناس، وأبي محمد بن النَّحّاس المصريّ.
وبمكَّة من: أَحْمَد بن الحسن الرَّازيّ.
ومنه: الحُمَيْدِيّ.
سمع منه "صحيح مسلم"، وقال: كان صالحًا ثقة. توفِّي بمصر بعد الخمسين.
313-
محمد بن سعيد:
أبو عبد اللَّه المَيُورقيّ، الفقيه الأُصُوليّ.
ذكره الأبَّار فقال: حجَّ صُحْبَةَ عبد الحق الصِّقَلّيّ، فقدم أبو المعالي الجويني مكة، فلزماه وحلا عنه تواليفه، ثم صدرا إلى مَيُورقة، وقعد أبو عبد اللَّه للإشغال، فلمَّا دخلها أبو محمد بن حزم كتب هذا إلى أبي الوليد الباجيّ، فسار إليه من بعض السَّواحل، وتظافرا معًا، ناظرا ابن حزم، ففمهاه وأخرجاه، وهذا إليه مبدأ العداوة بين ابن حَزْم والباجيّ.
314-
محمد بن العبَّاس2:
أبو الفوارس الصَّرْيِفِينيّ الأوَانيّ3 المقرئ.
قرأ القرآن ببغداد لعاصم على أبي حفص الكتَّانيّ صاحب ابن مجاهد، قرأ عليه أبو العز القلانسيّ بأوانًا لَأبي بكر عن عاصم.
ورواها أبو العلاء العطَّار، عن أبي العز في القراءات له.
315-
محمد بن عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّه بْن عليّ بن الحسن4:
1 جذوة المقتبس للحميدي "85-87".
2 غاية النهاية "2/ 158".
3 الأواني: نسبة إلى أوانا، وهي قرية على عشرة فراسخ من بغداد عند صريفين على الدجلة. "الأنساب "1/ 379".
4 المنتخب من السياق "61، 62".
شرف السّادة أبو الحسن العلويّ الحسينيّ البَلْخيّ، صاحب النَّظْم والنَّثْر.
قدِم رسولًا في سنة ستٍّ وخمسين من السُّلطان ألْبِ أرسلان، ومدح الْإِمام القائم.
روى عنه: شجاع الذُّهْليّ، وأبو سَعْد المَرْوَزيّ من شِعْره.
316-
محمد بن أبي سعيد بن شرف1:
أبو عبد اللَّه الجذاميّ القيرواني، أحد فحول شعراء المغرب.
روى عن: أبي الحسن القابسيّ، وغيره.
وله تصانيف أدبيّة.
قال ابن بَشْكُوال: أنبا عنه ولده الأديب أبو الفضل جعفر بن مُحَمَّد بالْإِجازة.
317-
محمود بن عبد اللَّه بن عليّ بن ماشاذة2:
أبو منصور الْأصبهانيّ المؤدّب.
لهُ ذُرّيّة محدِّثون.
حجّ وسَمِعَ علي بن جعفر السِّيروانيّ شيخ الحرم بمكَّة، وأبا القاسم بن حبابة ببغداد.
روى عنه: سعيد بن أبي الرّجاء الصَّيْرَفيّ.
ثم وجدتُ وفاة هذا، ورَّخها يحيى بن مَنْدَهْ في صَفَر سنة اثنتين وخمسين.
تقدَّم.
حرف الهاء:
318-
هبة اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الحُسَين العلوي3:
أبو البركات بن أبي الحسن.
سمع: أبا عليّ الرُّوذباريّ، وغيره. روى عنه: زاهر الشحامي.
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 604".
2 تقدمت ترجمته برقم "72" في وفيات سنة "452هـ".
3 المنتخب من السياق "475".
حرف الياء:
319-
يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سَوَادة1:
أبو القاسم الهُذَليّ المقرئ البَسْكريّ، وبَسْكرة بُليدة بالمغرب2.
أحد الجوَّالين في الدُّنيا في طلب القراءات.
لَا أعلم أحدًا رحل في طلب القراءات، بل ولا الحديث، أوسع من رحلته، فإنَّهُ رحل من أقصى المغرب إلى أن انتهى إلى مدينة فَرْغَانة، وهي من بلاد التُّرك.
وذكر أنه لقي في هذا الشأن ثلاثمائة وخمسة وستين شيخًا.
ومن كبار شيوخه: الشريف أبو القاسم عليّ بن محمد الزَّيْدِيّ، قرأ عليه بحرَّان.
وقرأ بدمشق على: أبي عليّ الأهوازيّ، وبمصر عَلَى: تاج الأئِمّة أَحْمَد بن عليّ بن هاشم، وإسماعيل بن عمر، والحدّاد. وبحلب على: إسماعيل بن الطّبر.
وبغيرها على: مهديّ بن طرادة، والحسن بن إبراهيم المالكيّ مصنِّف الرّوضة.
وببغداد على أبي العلاء الواسطيّ.
وروى عن: أبي نُعَيم الحافظ، وجماعة.
وصنَّف كتاب "الكامل في القراءات المشهورة والشّواذ"، وفيه خمسون رواية، ومن أكثر من ألف طريق.
روى عنه هذا الكتاب أبو العز محمد بن الحسين القَلَانِسِيّ، وحدَّث عنه: إسماعيل بن الأخشيد السِّرّاج.
وكان في ذهني أنَّهُ توفِّي سنة ستِّين أو قريبًا منها.
وقد قال ابن ماكولا: كان يدرس علم النّحو ويفهم الكلام.
وقال عبد الغفار فيه3: الضرير، فكأنه أضرّ في كبره.
1 الصلة لابن بشكوال "2/ 680"، ومعجم البلدان "1/ 422"، والعبر "3/ 260"، وشذرات الذهب "3/ 324".
2 انظر "الأنساب "2/ 219، 220".
3 في المنتخب من السياق "490".
وقال: من وجوه القُرَّاء ورءوس الأفاضل، عالم بالقراءات.
بعثه نظام الملك ليعقد في المدرسة للإقراء، فقعد سِنِين وأفاد، وكان مقدَّمًا في النَّحو والصَّرف، عارِفًا بالعلل.
كان يحضر مجلس أبي القاسم القُشَيْريّ، ويقرأ عليه الأُصُول. وكان أبو القاسم القُشَيْريّ يراجعه في مسائل النَّحْو ويستفيد منه.
وكان حضوره في سنة ثمانٍ وخمسين إلى أن تُوُفّي.
الكُنَى:
320-
أبو حاتم القزوينيّ1:
العلّامة محمود بن الحسن الطَّبريّ، الفقيه الشّافعيّ المُتكلّم.
ذكره الشِّيخ أبو إسحاق فقال: ومنهم شيخنا أبو حاتم المعروف بالقَزْوِينيّ، تفقَّه بآمل على شيوخ البلد، ثم قدِمَ بغداد، حضر مجلس الشّيخ أبي حامد ودرَسَ الفرائض على ابن اللّبّان، وأصول الفقه على القاضي أبي بكر الأشعريّ.
وكان حافِظًا للمذهب والخلاف، صنَّف كُتُبًا كثيرة في الخلاف والَأصول والمذهب، ودرس ببغداد وآمُل، ولم أنتفع بأحد في الرِّحلة كما انتفعت به وبأبي الطِّيّب الطبريّ.
توفِّي بآمُل.
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: أَنَا جَعْفَر الهَمَذَاني، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفي، ثَنَا أَبُو الفرج محمد بن أبي حاتم القزوينين إِمْلَاءً بِمَكَّةَ: أَنْبَأَ أَبِي بِآمُلَ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّاتِلِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، أَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدٍ الأَعْلَى: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، سَمِعَ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، لكن شرِّقوا أو غرِّبوا"2.
1 سير أعلام النبلاء "18 128"، ومعجم المؤلفين "12/ 158".
2 حديث صحيح، متَّفَق عليه؛ أخرجه البخاري "394"، ومسلم "264"، وأبو داود "9"، والترمذي "8".