الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: تفسير آيتي سورة التوبة من كتاب الله
حذرنا الله سبحانه في كتابه من الاستهزاء به سبحانه أو برسوله أو بآياته ، وحكم بالكفر على من فعل ذلك في سورة التوبة في موضعين منها، وإليك هؤلاء الآيات وأقوال بعض المفسرين سلفا وخلفا فيها:
1-
آية التوبة (65 ، 66) :
قال الله تعالي " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " آية
التوبة 66،65
سبب النزول:
ذكر الشيخ مقبل الوادعي في كتاب الصحيح المسند من أسباب النزول صـ 122 طـ دار ابن حزم - مكتبة دار القدس الطبعة الثانية:
عن عبد الله بن عمر قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس يوما: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء - أي النبي وأصحابه - لا أرغب بطونا ولا أكذب ألسنة ولا أجبن عند اللقاء ، فقال رجل في المجلس: كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله ، فبلغ ذلك النبي ونزل القرآن قال عبد الله: فأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله تنكبه الحجارة ويقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ،
ورسول الله يقول (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون) فأنزل الله هذه الآية علي رسوله.
والحديث رجاله رجال الصحيح إلا هشام بن سعد فلم يخرج له مسلم إلا في الشواهد ، وأخرجه الطبري من طريقه ، وله شاهد بسند حسن عند ابن أبي حاتم من حديث كعب بن مالك.
أقوال بعض المفسرين في هذه الآية:
قال ابن حزم (1) في كتاب الفِصَلِ 3 / 245:
(1) الفِصَلُ في الملل والأهواء والنحل لأبي محمد على بن أحمد المعروف بابن حزم الظاهري (ت. 465 هـ) طـ. دار الجيل بيروت
فَنَصَّ - أي الله سبحانه وتعالى أن الاستهزاء بالله أو بآياته أو برسول من رسله كفر مخرج من الايمان ، ولم يقل عز وجل أني عَلِمْتُ أن فى قلوبكم كفرا بل جعلهم كفارا بنفس الاستهزاء.
قال الإمام القرطبي (1) في تفسيره 4 / 524:
قال القاضي أبو بكر بن العربي (أحد أئمة المالكية) : لا يخلو أن يكون ما قالوا من ذلك جدا أو هزلا وهو كيفما كان كفر ، فإن الهزل بالكفر كفر لا
(1) تفسير القرطبي لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت 671 هـ) طـ. دار الحديث مصر
خلاف فيه بين الأمة.
قال البغدادي (1) في تفسيره 2 / 320:
الاستهزاء بالله كفر والإقدام عليه يُوجِبُ الكفر.
قال البيضاوي (2) في تفسيره 1/ 411:
(1) تفسير علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم البغدادي المشهور بالخازن (ت. 725) طـ دار الكتب العلمية
(2)
تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل لناصر الدين أبي سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي - (ت. 791 هـ) - طـ. دار الكتب العلمية بيروت
قد أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول والطعن فيه بعد إظهاركم الإيمان.
قال الشوكاني (1) في تفسيره 2 / 377:
أي قد أظهرتم الكفر بما وقع منكم من الاستهزاء المذكور بعد إظهاركم الإيمان.
قال القاسمي (2) في تفسيره 4 / 162:
(1) تفسير فتح القدير للإمام محمد بن علي بن محمد الشوكاني - (1172- 1255هـ) طـ. دار إحياء التراث العربي - بيروت
(2)
تفسير القاسمي لعلامة الشام محمد جمال الدين القاسمي - (ت 1322 هـ) طـ. مؤسسة التاريخ العربي بيروت.
ولئن سألتهم عن إتيانهم بتلك القبائح المتضمنة للاستهزاء ليقولن في الاعتذار: إنه لم يكن عن القلب حتي يكون نفاقا وكفرا ، بل ندخل هذا الكلام لترويح النفس ونمزح ، فرد الله تعالي عليهم " قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون " أي في ترويحكم ومزاحكم ولم تجدوا لها كلاما آخر ، لا تشتغلوا باعتذاراتكم الكاذبة ، فالنهي عن الاشتغال به وإدامته؛ إذ أصله وقع قد أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول والطعن فيه باستهزائكم بمقالكم بعد إظهاركم الإيمان.
قال في الاكليل - أي الإمام السيوطى -: قال الكيا: فيه دلالة على أن اللاعب والجاد في إظهار كلمة الكفر سواء وأن الاستهزاء بآيات الله كفر. انتهى من كلام القاسمي رحمه الله
قال السعدي (1) في تفسيره 1 / 442:
فإن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر مخرج من الدين؛ لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسوله والاستهزاء بشئ من ذلك مناف لهذا الأصل
(1) تفسير تيسير الكريم الرحمن للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - (ت. 1376) - طـ جمعية إحياء التراث الإسلامي.
ومناقض له أشد المناقضة.
قال المراغي (1) في تفسيره 4 / 124 - 125:
إنك إن سألتهم عن أقوالهم هذه يعتذرون عنها بأنهم لم يكونوا فيها جادين ولا منكرين ، بل هازلين لاعبين للتسلي والتلهي ، وكانوا يظنون أن هذا عذر مقبول لجهلهم أن اتخاذ الدين هزوا ولعبا كفر محض ، فقال الله لنبيه: قل لهم إن الخوض واللعب في صفات الله وشرعه وآياته المنزلة استهزاء به؛ إذ
(1) تفسير المراغي للدكتور أحمد مصطفى المراغي أستاذ الشريعة واللغة كلية دار العلوم - مصر - طـ دار الكتب العلمية بيروت
كل ما يلعب به فهو مستخف به وكل مستخف به فهو مستهزأ به ، وقصارى ذلك ألم تجدوا ما تستهزأون به في خوضكم ولعبكم إلا الله وآياته ورسوله فقصرتم ذلك عليهما ، فهل ضاقت عليكم سبل القول فلم تجدوا ما تخوضون فيه وتلعبون غير هذا؟ ثم بعدئذ تظنون أن معاذيركم بمثل هذا تُقْبَلُ وتُدْلونَ بها بلا خوف ولا خجل.
قال أبو بكر الجزائري (1) في تفسيره 2 / 390:
لا تعتذروا ، إن الاستهزاء بالله والرسول والكتاب كفر مخرج من الملة.
(1) أيسر التفاسير للشيخ أبي بكر الجزائري - طـ دار السلام
2-
آية التوبة (74)
قال الله عز وجل " يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم " آية التوبة: 74
قال ابن حزم فى كتاب الفِصَلِ 3 / 244
فَنَصَّ - أي الله سبحانه وتعالى أن من الكلام ما هو كفر.
قال البغوي (1) 2 / 308:
(1) تفسير البغوي لأبي محمد الحسين بن محمد مسعود الفراء البغوي الشافعي (ت. 516 هـ) طـ دار المعرفة بيروت.