الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سابعا: هل يُشْتَرَطُ استحلال القلب
واعتقاده أن السب والاستهزاء بالله ورسوله ودينه حلال لثبوت حكم الله أم لا؟
فإن قلت: إنني عندما أَسُبُّ الدين أو استهزأ به فلا أعتقد ما وراء هذه الكلمة من الطعن في الدين ، ولا أقصد الكفر ، ولم ينشرح صدري به ، ولا أعتقد بأن السب والاستهزاء حلال - وهو ما يسميه العلماء الاستحلال - فهل أعاقب بما أقول؟
اعلم - هداني الله وإياك - أن العبد متي تكلم بالكلمة وهو يعلم أنها في دين الله حرام فإنه يبوء بإثمها وإن لم يعتقد حلها أو جوازها ، وهي المقابل لكلمة النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي عرضناه (لا يري بها بأسا) ؛ لأنه لا تكليف إلا بعد العلم بالحكم وانتبه إلي ما قاله ابن
حزم في كتاب الفِصَلِ 3 / 250 ما نصه:
" فلما أمرنا الله بتلاوة القرآن وقد حكى لنا فيه قول أهل الكفر وأخبرنا أنه لا يرضي لعباده الكفر ، خرج القاريء للقرآن لذلك عن الكفر إلى رضى الله وخرج الشاهد المخبر عن الكافر بكفره عن أن يكون بذلك كافرا إلى رضى الله والإيمان لقول الله " إلا من شهد بالحق وهم يعلمون " ، كما خرج من ثبت إكراهه عن أن يكون بإظهار الكفر كافرا إلى رخصة الله والثبات على الإيمان لقول الله " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " وبقي من أظهر الكفر لا قارئا ولا شاهدا ولا حاكيا ولا مُكْرَهاً
علي وجوب الكفر له بإجماع الأمة علي الحكم له بحكم الكفر وبحكم رسول الله بذلك وبنص القرآن علي من قال كلمة الكفر إنه كافر بذلك ، وليس قول الله " ولكن من شرح بالكفر صدرا " علي ما ظنوه - أي من لم يُكَفِّرْه - من اعتقاد الكفر ، بل كل من نطق بالكلام الذي يُحْكَمُ لقائله عند أهل الإسلام بحكم الكفر لا قارئا ولا حاكيا ولا مكرها فقد شرح بالكفر صدرا بمعني أنه شرح صدره لقبول الكفر المحرم على أهل الإسلام وعلى أهل الكفر أن يقولوه سواء اعتقدوه أو لم يعتقدوه؛ لأن هذا العمل من إعلان الكفر غير الوجوه المباحة في
إيراده وهو شرح الصدر به فبطل تمويههم بهذه الآية (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا) ".
وشرح ذلك:
أن من سب أو استهزأ بالله ودينه ورسوله لا قارئا ذلك في القرآن ولا شاهدا بذلك عند القاضي ولا مُكْرها فأجمعت الأمة على كفره لأن ذلك هو شرح الصدر بالكفر المُحَرَّمُ على المسلم ، لا أن شرح الصدر بالكفر هو أن يقول ذلك لكن قلبه لم يعتقد ذلك أو يستحله.