المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب "فعلت وفعلت باختلاف المعنى - تحفة المجد الصريح في شرح كتاب الفصيح

[اللبلي]

الفصل: ‌باب "فعلت وفعلت باختلاف المعنى

‌باب "فعِلت وفعَلت باختلاف المعنى

"

مقصوده بهذا الباب ذكر الاختلاف بين [هاتين] الصيغتين في المعنى، مع اختلافهما في البناء، وإن [كانتا] من أصل واحد.

قوله: "نقهت الحديث مثل: فهمت".

قال الشيخ أبو جعفر: قد فسره ثعلب، فأغنى عن تفسيره، وكذلك فسره غيره، قال التدميري: كأنه والله تعالى أعلم لما فهمه بعد جهله كان في ذلك بمنزلة من صح جسمه بعد سقمه، فهما في معنى واحد، إلا أنه فرق بينهما إذا كان أحدهما للجسم، والآخر للنفس.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال أيضا: نقهت الحديث بفتح القاف، عن أبي عبيد في المصنف، وعن يعقوب في الإصلاح.

وحكى اللغتين أيضاً اللحياني في نوادره، وقال يقال: قد نقهت حديثك بالكسر أنقه نقها ونقوهاً، ونقهت حديثك أنقه نقوهاً.

وحكى المرزوقي في مصدر نقه بالكسر: نقاهة، وفي الصفة فيه: ناقه، ونقه.

ص: 364

ويقال: نقهت بفتح القاف، ولكل واحد منهما وجه في القياس، فمن قال: نقهت بالكسر، أخرجه على بناء علمت، ومن قال: نقهت بالفتح، ألحقه ببناء دريت وشعرت: كذا قال الزمخشري في معناهما في شرحه لهذا الكتاب.

ويقال: فهمت الحديث فهْما وفهَما، بتسكين الهاء وتحريكها بالفتح، واسم الفاعل: فهم لا غير.

وقوله: "نقهت من المرض".

في معناه قولان: قيل إذا بدأ فيه البرء، كذا قال القزاز. وقال ابن درستويه: برأت، ولذلك جاء على وزنه لما كان في معناه، قال: كما جاء نقهت الحديث بالكسر على وزن فهمت لما كان في معناه.

ويقال أيضاً نقهت بالكسر.

والمصدر منه: نقه بالتحريك، ومن المفتوح: نقوه.

ويقال: نقه الرجل من مرضه، وبرئ، وبرأ، وبرا بغير همز، واسخات، واصخات بالصاد، وتقشقش، وبل، وأبل، واستبل، واطرغش، وغسق، واخطف، وطرغش، وتطشى، وافرنقع، وأسوي، وانسل، وأفاق، وأفصم، واحرنشم.

وقوله: "وقررت به عينا أقر".

أي: سررت فخرج من عيني ماء قرور، وهو البارد، وهي ضد أسخن الله عينه، ومعنى سخنت عينه، أي: أبكاه الله، فخرج من عينيه دمع حار، لأن دمع البكاء حار، فإذا قلت: قر الله عينك، فكأنك دعوت له بخروج ذلك الدمع، أي: فرحت وسررت، فهو مأخوذ من القرور، وهو الماء البارد.

وقيل معنى قرت عينك، أي: لا طمحت إلى ما يفزعك ويروعك، وسكنت إلى رؤية أحبابك، فهذا مأخوذ من القرار.

وقيل معنى أقرّ عينك: أنام الله عينك، [و] المعنى صادف

ص: 365

/سروراً أذهب سهره فنام.

قال الزمخشري: قررت به عيناً، [وقررنا به عيناً] وإن شئت عيوناً. قال: وتقول: قرة عين، وإن شئت قرأت عين، كل واحد في ما هذا سبيله يسد مسد الجمع.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال: قد قَرَّت عيني تقر، وتقر، عن أبي علي في فعلت وأفعلت، قال: ويقال: أقر الله عينك، وأقر ألله بعينك، بزيادة الباء.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال أيضاً: قررت بالفتح، حكى اللغتين فيها: الكسر والفتح، أبو عبيد في المصنف، والجوهري، ويعقوب في الإصلاح، وكراع في المجرد، والمطرز في الياقوت. قال المطرز: والكسر أفصح.

وحكى جميعهم عدا المطرز في المصدر: قُرة، بضم القاف، وقروراً.

وزاد ابن عديس وقرة بفتح القاف.

قأل الشيخ أبو جعفر: وانتصب عيناً على التمييز، وهذا من باب ما

ص: 366

نقل عنه الفعل، كان في الأصل قرت عينه، فلما جعل الفعل لصاحب العين أشبه المفعول به فنصب.

وقوله: "وقررت في المكان أقر".

قال الشيخ أبو جعفر: معناه ثبت وسكنت، عن أبن درستويه. قال: ولذلك جاء على (فعلت) بفتح أوله وثانيه، وهو من القرار، والقرار: المستقر.

هال الشيخ أبو جعفر: وحكى أبو عبيد في المصنف عن الكسائي قررت بالمكان، بكسر القاف، قال: وهي لغة أهل الحجاز، وقررت بالفتح أجود.

وحكاها أيضا يعقوب في الإصلاح عن الفراء، وحكاها أيضاً الجوهريوابن التياني، وابن القطاع. وحكاها أيضاً المطرز في الياقوت، وابن سيدة في المحكم، وقالا: وقررت بالفتح أعلى.

ص: 367

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى اللغتين أيضاً أبو عبيد في فعل وأفعل، وقالا: وخفف بعض العرب / فقالوا: قرت وقرت، كما قالوا: ظَلت وظِلت.

قال الشيخ أبو جعفر: قال ابن عديس: واستقر، وتقار، وأقر فيه.

وحكى أيضاً في [المصدر] قراراً، وقروراً، وقراً، وتقرة، قال: والأخرية شاذة.

قال الشيخ أبو جعفر: وقال كراع في المجرد: ويقال للرجل: قرقار، بالكسر، أي: قرواسكن.

وقوله:" وقنع الرجل: إذا رضي، قناعة".

قال الشيخ ابو جعفر: القناعة الرضا بما رزقت، حكاه المطرز عن ثعلب. وحكاه أيضاً ابن التياني، والجوهري، وأنشد ابن التياني:

فَاقْنع بِمَا قَسَمَ الإلهُ فإنمَّا

قَسَمَ المعائش بيننا علَاّمُها

ص: 368

وأنشد أيضاً هو والجوهري:

فمنهم سعيدٌ أخذٌ بنصيبه

ومنهم شقِيُّ بالمعيشة قانعُ

وحكى ابن التياني عن ابن دريد أنه قال: ومن دعائهم: (نسأل الله القناعة، ونعوذ به من القنوع). ويقال: رجل قنع من قوم قنعين، وقنيع من قوم قنيعين، عن ابن التياني، وعن ابن سيدة في المحكم. وزاد ابن سيدة وقنعاء. قالا: ورجل قانع. ابن سيدة: من قوم قنع. قالا: وامرأة قنيعة. ابن سيدة: وقنيع. قالا: من نسوة قنائع. ابن التياني: وقنعاء.

وقالا: والمصدر قنع وزاد ابن التياني عن قطرب: وقنعان، قال: وقنوع / وقنعان، بضم القاف فيهما عن أبي مسحل.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال: رجل قنعان يرضى باليسير، حكاه الكراع في المجرد، وابن سيدة في المحكم. وحكى ابن سيدة أيضا، وابن التياني: رجل قُنعان، ومقنع.

ص: 369

وزاد ابن سيدة وقنعاني: إذا كان يقنع بهم، وينتهي إلى رأيهم، وكلها لا تثنى ولا تجمع ولا تؤنث، قال ابن سيدة [وربما] ثني وجمع، وأنشد

وبايعتُ ليلى في الخَلاء ولم يَكُنْ

شهُوُدي علَى ليلى عُدُولُّ مَقَانِع

وقال ابن التياني: وفلان قنعان لي، أي: رضي إن أخذه بكفالة أو، بدمٍ وأنشد:

فَبُؤ بأمرئ أُلفيِتَ لسْتَ كمثله

وإن كنتُ قُنْعَاناً لمن يطلبُ الدَّما

وحكى ابن سيدة عن ثعلب، واللحياني في نوادره: ورجل قنعن منهاة، أي: يُقنع برأيه، و [ينتهي] إلى أمره.

وقوله: "وقنع قنوعاً: إذا سأل".

قال الشيخ أبو جعفر: قيل سأل كما قال [ثعلب] وتعرض للطلب، وقيل:

ص: 370

[ذل في السؤال] عن ابن سيدة في المحكم، قال هو، وغيره: وفي التنزيل: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} فالقانع: الذي يسأل، والمعتر: الذي يتعرض ولا يسأل.

وقال ابن خالويه: القانع من قولك: قنع، والمعتر من قولك: اعتره: إذا تعرض للسؤال ولا يسأل، غير أنه يمر باللحم فيقول: ما أسمن هذا اللحم! وما أطيب هذا الخبز!.

قال ابن سيدة: وقيل القُنوع: الطمع.

قال الشيخ / أبو جعفر: وقال المطرز: وقد استعمل القنوع في معنى القناعة.

قال ابن سيدة في المحكم: وهي قليلة، حكاها ابن جني، وأنشد:

أيذْهَبُ مالُ الله في غير حَقِّهِ

ونعطشُ في أطلالِكُم ونجوُعُ

ص: 371

أنَرضَى بهذا منكُمُ ليس غيرهُ

ويُقْنِعُنا ما ليس فيه قُنُوع

وأنشد أيضا:

وقالوا قد زُهيت فقلتُ كلَاّ

ولكنِّي أَعزَّني الُقُنوع

وكذا ذكر ابن الأنباري في كتاب الأضداد، فقال: وربما تكلموا بالقنوع في معنى القناعة، والاختيار ما قدمنا ذكره، فمنه قول بعضم:

فلم أرَ عزاً كالقُنُوع لأهله

وأنْ يُجمْلَ الإنسانُ ما عاش في الطلب

وقال آخر:

ثِقْ بالإله ورُدَّ النَّفس عن طمع

إلى القُنُوع ولا تحسُد أخا ألمال

وقال آخر:

من قَنِعتْ نفسُه ببلُغَتها

أضحى عزيزاً وظل ممتنعاً

لله دَرُّ القُنُوع من خلقٍ

كَمْ مِنْ وضيع به قد ارتفعا

قال الشيخ أبو جعفر: وقال الجوهري وابن القطاع في أفعاله،

ص: 372

واللفظ واحد: وقال بعض أهل العلم: إن القنوع قد يكون بمعنى الرضا، والقانع بمعنى الراضي، وهو من الأضداد وأنشد:

وقالوا قد زهيت ..............

............... البيت

/ وأنشد الجوهري للبيد:

فمنهم سعيد أخذٌ بنصيبه

.......... البيت وقد تقدم.

قال: وفي المثل: "خير الغنى القنوع، وشر الفقر الخضوع".

قال الجوهري: ويجوز أن يكون السائل سُمي قانعا، لأنه يرضى بما يعطى قل أو كثر، ويقبله ولا يرده، فيكون معنى الكلمتين راجعاً إلى الرضا.

وقوله: "ويقنع فيهما جميعاً".

قال الشيخ أبو جعفر: وإنما كان ذلك لأجل حرف الحلق.

وقوله: "ولبست [الثوب] ألبسه"

ص: 373

قال الشيخ أبو جعفر: معناه معروف، قال ابن درستويه: هو بمنزلة اكتسيت، عام في كل شيء من اللباس وغيره، يقال: لبست [ثوبي، وخاتمي، وسلاحي، وسراويلي، وعمامتي، وغير ذلك مثل: لبست] أيامي، ولبست عمري، ونعمتي، وأهلي، قال الله تبارك وتعالى:{هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ} قال: وجاء على فعلت كما كان ضده على فعلت، وهو [عريت].

قال الشيخ أبو جعفر: لا أذكر الآن في لبست الثوب إلا الكسر.

ويقال في المصدر: لبس بضم اللام، ولباس بكسرها؛ عن ابن عديس وابن درستويه وغيرهما.

وقال القزاز: واللباس واللبوس والملبس: ما يلبس، قال: واللبوس أيضاً: الدرع من قوله عز وجل: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ} قال:

ص: 374

ومن اللباس قول الراجز:

البسْ لكلِّ حالة لَبُوسَها

إمّا نَعِيمَها وإمَّا بُوسَها

قال: وثوب لبيس، أي: ملبوس، ومُلاءة لبيس، وجمع لبيس: لُبُسٌ.

قال الشيخ أبو جعفر: وقال ابن الأعرابي في نوادره: واللابس واللبوس: الرجل اللبوس الثياب بعينها.

/وقوله: "ولبست عليهم الأمر ألبسه"

قال الشيخ أبو جعفر: معناه خلطته وسترته، عن غير واحد. قال ابن درستويه: ولذلك جاء على مثالهما.

قال أبو حاتم في لحنه: ولا يقال: لبست عليك الأمر، بالتشديد، إنما هو لبست، بالتخفيف وفتح الباء، قال: والمصدر اللبس، بإسكان الباء وفتح اللام، و [لا] يقال: اللبس بالتحريك.

وقال صاحب الواعي: لبسته تلبيساً: إذا عميته عليه، قال: وكذلك فسر قوله تبارك وتعالى: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} .

ص: 375

قال: وفي هذا الأمر لُبسة: إذا كان ليس بواضح، قال: وفي الحديث: "فجاء الملك فشق عن قلبه، قال: فخشيت أن يكون قد ألبس [بي": أي خو] لطت من قولك في رأيه لبس، أي: اختلاط واشتباه.

قال الشيخ أبو جعفر: قال ابن درستويه: وأصل الفعلين واحد، يعني لبست الثوب ولبست الأمر، لأنهما جميعا من التغطية والاختلاط، لأن ستر الأمر تغطية له، ولبس الثياب تغطية للبدن، ولكن خولف بين الأمثلة للفرق بينهما.

وقوله: "لسبت العسل، ونحوه، إذا لعقته". لسب

قال الشيخ أبو جعفر: قد فسره ثعلب، ويقال أيضاً: التسبتُ، عن المرزوقي، قال: ولو قيل في الملعقة: الملسبة، لجاز.

وحكى المطرز قال: أخبره ثعلب عن ابن الأعرابي أنه يقال: لسبت العسل، والضحك، والشهد، والسعابيب، والجلس، والطرم، والضرب، واللواص والأرْي.

ص: 376

قال الشيخ أبو جعفر: وقال محمد / بن أبان في كتابه العالم: ومن أسماء العسل المزج، والشور، والذوب، والذواب على وزن فعال، والنسيل، والنسيلة، وجنى النحل، ولعاب النحل، وريق النحل ومجاج النحل، والشهدة، والسلوى، و. .. ، قال ويقال: الطرم بالكسر، والطرم بالفتح.

قال الشيخ أبو جعفر: قال يعقوب في الإصلاح عن يونس: أهل العربية يقولون: الشَهد، وأهل الحجاز يقولون: الشٌهد بالضم. قال: والعسل يذكر ويؤنث، فيقولون: هذه عسلة، يريدون بذلك هذه طائفة من العسل، كما يقولون: لحمة، قال: وتصغر على [هذه] عسيلة، قال: ويجمع العسل: أعسالاً، وعسولاً، وعسلاً، وعُسلاناً، [يريدون] بذلك الضروب، كما يقال: التمور.

ص: 377

قال الشيخ أبو جعفر: والعسل بفتح السين لفظ مشترك، يطلق على ما قدمنا ذكره، والعسل - أيضاً بالفتح - مصدر عسلت الطعام: إذا جعلت فيه عسلاً، والعسل أيضاً مصدر عسل الله العبد: إذا حببه إلى الناس، وفي الحديث "إذا أراد الله بعبد خيراً عسله" عن ابن السيد في مثلثه.

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى ابن هشام ونقلته من خطه عن ابن سراج أنه يقال: العسل، بالتسكين، ولم أر أحداً من النحويين حكاه مما رأيته إلا من طريق ابن سراج، مع بحثي عنه.

وقوله: "ولبسته العقرب تلسبه، لسباً فيهما جميعاً".

قال الشيخ أبو جعفر: أي لسعته.

وفي مستقبل لَسّب لغتان: وتَلسبُ، وتَلسِبُ بضم السين وكسرها، / عن اليزيدي في نوادره، وعن أبي حاتم في تقويمه.

ص: 378

ويقال: لسبته ولزبته، بالزاي والسين، حكاه كراع في المجرد، والقزاز عن قطرب.

قال الشيخ أبو جعفر: قال المطرز في ياقوته: ويقال للذي تلسع به: الإبرة.

وقال ابن سيدة في المحكم: زنابة العقرب وزنابها كلتاهما إبرتها التي تلدغ بها، بتقديم النون على الباء. قال: واللسع لما ضرب بمؤخره، واللدغ لما كان بالفم، يقال: لسعته الهامة تلسعه لسعاً، ولسعته.

قال الشيخ أبو جعفر: وكذا قال ابن التياني، والقزاز: أن اللسع لا يكون إلا بالذنب، يقال: لسعته العقرب، والزنبور، والنحل. قالا: وزعم أعرابي أن من الحيات ما يلسع بلسانه كما يلسع العقرب بالحُمة، وليست لها أسنان.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال: لدغته العقرب، ولسبته، وأبرته، وركعته، وكوته، عن أبي عبيد في المصنف، وعن المطرز في كتابيه، وزاد المطرز: ولسعته، وشحطته.

ص: 379

وقال أبو عبد الله بن الأعرابي في ألفاظه: ووشعته، وقضمته، وعثته، وأكلته.

وقال ابن خالويه في كتابة أطرغش: ونهسته، ونكزته، ونشطته.

قال ابن درستويه: وغرزته. وقال المطرز في الياقوت: ويقال لسمها: الحُمة، والحَمة.

قال الشيخ أبو جعفر: ولم أر أحدا من اللغويين حكى في الحُمة التثقيل إلا المطرز، وقد قال أبو حاتم في كتاب الحشرات: الميم من الحُمة خفيفة، والعوام يُشددونه.

/ قال الشيخ أبو جعفر: قال المطرز: ويقال لبيتها: السك، قال: وهي العقرب والعقربة، والشبدع، والشبدعة، وشبوة لا تصرف، والشوشب، والفصعل، والفرضخ، وأم العريط، وتمرة لا تصرف.

ص: 380

قال الشيخ أبو جعفر: قال ابن سيدة: والعقرب من الهوام يكون للذكر والأنثى بلفظ واحد، وقد يقال للأنثى: عقربة، والعقربان والعقربان، بالتخفيف والتشديد: الذكر منها، أنشد أبو عبيد:

كأنَّ مَرْعَى أمَّكم إِذ غَدتْ

عقربَةٌ يكومُها عُقْرُبانْ

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى ابن التياني عن كراع االعقربان بالتشديد: دويبة، ولم يصفها.

وقال عن صاحب العين: العقربان مخففة الباء دويبة يقال هو دخال الأذن. وقال عن أبي حاتم: العقربان بضم العين والراء هو هذه الطويلة الشقراء الكثيرة القوائم، يسميه أهل البصرة دخالة الأذن، ذات قوائم كثيرة، وأنشد:

تَبِيْتُ [تدهده] القرآن حَولِي

كَأَنَّكَ عِنْدَ رأسي عُقْربان

ص: 381

قال: وليس بذكر العقارب، قال: وقد قال ناس: العقربان ذكر العقارب، والأنثى عقرب، ولم أر العلماء يقولون ذلك.

قال الشيخ أبو جعفر: وقال اللحياني في نوادره: العُرقبان: دابَّة من دواب الأرض يقال إنة دخًّال الأذن.

قال الشيخ أبو جعفر: وقد يستعار اللسع فيقال: لسع فلان فلاناً بلسانه: إذا قرضه، وإنَه للسعة، أي: قراضة للناس بلسانه، عن ابن التياني.

وقال ابن سيدة في / المحكم ويقال: لَسِيعٌ: ملسوع، وكذلك الأنثى، والجمع لسعى ولسعاء، كقتلى وقتلاء.

وقال القزاز، والكراع: قال أعرابي في كلام له: "في التجارب لسب العقارب".

وحكى القزاز أيضاً، وابن التياني عن ابن دريد أنه قال: ومنه قول بعض السلف لرجل ذكر رجلاً عنده بسوء فسجع في كلامه، فقال: أراك سجاعاً لساعاً، أما علمت أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه نضنض لسانه ثم قال:"هذا أوردنى الموارد".

ص: 382

وقال ابن التياني عن صاحب العين: يقال للذي يقرض الناس: إنه لتدب عقاربه.

وقوله:" وأسيت على الشيء: إذا حزنت عليه، آسى أسى".

قال الشيخ أبو جعفر: قد فسره ثعلب، وكذا فسره غيره، قال الله تبارك وتعالى:{لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} .

وهو مما أخذ عليه إدخاله في هذا الباب، لأن هذا الباب إنما هو موضوع لـ (فعلت) و (فعلت) من لفظ واحد، وأسيت ليس من لفظ أسوت، لأن أسيت من ذوات الياء، وأسوت من ذوات الواو، فكان حقه أن لا يأتي إلا بأسيت بكسر السين مع أسيت بفتحها، ليكونا جميعاً من ذوات الياء، أو من ذوات الواو.

فكان الأستاذ أبو علي يقول: أسيت يحتمل أن يكون من ذوات الياء، ويحتمل أن يكون من ذوات الواو، لأن القبيلين يكونان مع الكسرة، وقولهم: رجل [أسوان] أي: حزين، يدل على أنه من ذوات الواو، فهو إذا

ص: 383

محتمل الأمرين.

قال الشيخ أبو جعفر: وليس أسيانُ بمعناه مانعاً عن أن / يكون من ذوات الواو، لأنهم قالوا: غديان للمتغدي، وأصله الواو، ولكنهم لمَّا قالوا: تغديت، فقلبوا الواو ياء قلبوها في النعت كذلك، وهذه العلة موجودة في

[أسي] وأسيان.

ويمكن أن يقال: إنما أدخله في هذا الباب لأنه راعى اللفظ، بدليل أنه يقال: أسوت الجرح، وأسيته، فذكر أسيت علي الشيء: إذا حزنت عليه، ليعلم الفرق بينه وبين أسيت الجرح الذي حكيناه.

ولم يذكر أسيت الجرح مع أسيت على الشيء، وكذا كان حقه أن يذكره معه لأن أسوت أفصح منه، فلذلك ذكر أسوت ولم يذكر أسيت الذي هو [في] معناه. واكتفى بمعرفة الفرق بينهما بذكر أسيت على الشيء.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال في الصفة: رجل أس، وأسوان، وأسيانُ، عن الكراع في المجرد.

وحكى اللحياني في نوادره رجل أسوان، وأسيان، أي: حزين،

ص: 384

وقوم أُساوَى، وأسايا.

وقوله:"وأسوت الجرح، وغيره: إذا أصلحته آسوه أسواً".

قال الشيخ أبو جعفر: قد فسره ثعلب أيضاً. قال ابن السيد في مثلثه، وابن القطاع في أفعاله: يقال: أسوت الجرح والمريض وأسيته أسواً: عالجتها.

وأنشد ابن السيد:

* أرفق من أسوِ الطَّبيب الآسي*

أي: من علاج الطبيب المعالج.

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى يعقوب في الإصلاح في مصدر أسوت الجرح: أساً، وأنشد:

/عنده البِر والتُّقى وأسا الجر

ح وحمل لمضلع الأثقال

ص: 385

قال الشيخ أبو جعفر: قال صاحب الواعي عن الأصمعي: إن أساً في البيت أصله أسو، يقال: أساه يأسوه أسواً: إذا داواه، قال: فالأسو والأسا مثل: اللغو واللغا.

قال صاحب الواعي: ورواه أبو عمرو وإسا بكسر الهمزة، وأصله عنده [إساء]، وهو الدواء الذي يداوى به الجرح. ثم قال ابن السيد: وتقول العرب: "فلان يشج مرة، ويأسو أخرى" وأنشد:

*يد تشجُّ وأخرى منك تأسُوني*

وأنشد أيضاً للحطيئة:

لَمَّا بَداَ لي مِنْكُمْ عَيبُ أنفسكُمْ

ولم يَكُن لِجراحي مِنْكُمُ آسِي

قال:. يقال: أسوت بين القوم وأسيت أسياً وأسواً: أصلحت

وأنشد:

ص: 386

وقلت لصاحبنا يا حليـ

ـم إنَّك لم تأسُ أسْواً رفيقا

قال: وأسَيتُ له من اللَّحم أسياً: أبقيت، لا يقال فى غيره.

قال الشيخ أبو جعفر: والصفة منه آس، والأصل: آسو، فصارت الواو ياء لانكسار ما قبلها.

وقوله: "وحلا الشيء في فمي يحلو، وحلي بعيني يحلى، حلاوة فيهما جميعاً"

قال الشيخ أبو جعفر: أمَّا حلا الشيء في فمي فمعروف المعنى، وأما حلي بعيني فمعناه: حسن في عيني، وهي مستعارة في العين، أعني الحلاوة، لأنها مذوقة، والعين ليست مما تذوق، بل هي للإبصار، فنسبة الحلاوة للعين مستعارة كما بينا.

وقال /: تكون الحلاوة بالذوق والنظر والقلب، فيقال: رجل حلو، وامرأة حلوة: إذا حلت بعينك، ورجل حلو الشمائل، (هو حلو فيهما جميعا)، وقوم حلوون.

ص: 387

قال الشيخ أبو جعفر: قال اللحياني في نوادره: يقال للرجل: إنه لحلو، وانه لمر، وأنشد:

وإنِّي لحلو تَعْتَرينِي مَرَارة

وانِّي لصعبُ الرأسِ غيرُ ذَلُول

قال الشيخ أبو جعفر: قال القزاز: وقد فرقوا بينهما، فقالوا: حلا الشيء في فمي يحلو [وحلي] بعيني وقلبي يحلى.

قال الشيخ أبو جعفر: قال ابن جني في المحتسب: اختاروا [البناء] للفعل [حلا] على فعَل فيما كان لحاسة الذوق لتظهر في الواو، [و] على فعِل في حلِي يحلَى لتظهر الياء والألف، لأنهما خفيفتان ضعيفتان إلى الواو: لأن حاسة النظر أضعف من حاسة الذوق.

قال الشيخ أبو جعفر: ما أبرد هذا التعليل وأسخفه!

وقال يعقوب في الإصلاح: يقال حلي بعيني [وبصدري، وفي عيني وفي صدري، وحلا بعيني] يحلو. فلم يفرق بينهما لأنهما من أصل واحد، [ومن] فرق بينهما في اللفظ ليدل على اختلاف المعنيين.

ص: 388

وحَلِيَ ياؤها منقلبة عن الواو، وإنما صارت كذلك لانكسار ما قبلها كقولهم: شهي من الشهوة.

ومثل قولهم في حلا [و] حلي قولهم: علا في الدرج [و] علي في المكارم. وحكى ابن سيدة في المخصص عن أبي زيد أنه قال: ليس حلي من حلا في شيء، هذه لغة على حدتها، كأنها مشتقة من الحلي الملبوس، لأنه حسن في عينك كحسن الحلي.

/ قال الشيخ أبو جعفر: وحكى القزاز أيضاً هذا ولم ينسبه، وكان الأستاذ أبو علي يرد هذا القول، ويقول: الذي يفسده قولهم في مصدره: حلاوة، ولم يقولوا: حلاية.

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى ابن عديس في كتاب الصواب ونقلته من خطِّه، أنه يقال: حلا الشيء وحلي وحلو بالكسر والفتح والضم، واحلولى ضد مر، وحلى الشيء، واستحلاه، وتحلاه، واحلولاه.

قال الشيخ أبو جعفر: قال اللحياني في نوادره: ويقال أيضاً: حلت الجارية في عيني وبعيني، وهي تحلو حلاوة، وأنشد:

وَقَولُكَ للشِّيِء الذي لا تَنَالهُ

إذا مَا حَلا في العين يَا لَيت ذَا ليا

ص: 389

قال: ويقال أيضاً: [احلولت] الجارية [تحلولي] احليلاء بعيني وفي عيني، وبقلبي وفي قلبي، وهي تحلا حلاوة.

قال الشيخ أبو جعفر: وقال القزاز: ويقال: حلي فلان بخير يحلى حلى وحلي لنفسه أمراً: استانقه.

وحلى فم الصبي يحلى حلى: إذا خرج به الحلى، وهو بثر يخرج في أفواه الصبيان.

وقوله: "حلاوة فيهما جميعاً".

قال الشيخ أبو جعفر: يقال: حلاوة، وحلو، عن ابن سيدة في المحكم، وعن القزاز. وزاد ابن سيدة: وحلوان.

وقوله: "وعرِج الرجل يعرَج: إذا صار أعرج، وعرَج يعرُج: إذا غمز من شيء أصابه".

قال الشيخ أبو جعفر: قال ابن سيدة في المحكم: العرج، والعرجة: الضلع، والعرجة أيضاً: موضع العرج من الرجل.

قال الشيخ أبو جعفر: يقال منه: عرج بكسر الراء لا غير: إذا صار

ص: 390

أعرج، عن صاحب الواعي، وعن ابن سيدة في المحكم، قالا: وعرَج، وعرُج، وعَرِج، بالفتح والضم والكسر، [وتعارج] مشى مشية الأعرج من غير عرج.

وقال صاحب الواعي: العُرُوج في الصعُود، والعرجُ في العلة.

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى ابن سيدة في العلة: عرجاناً وزاد ابن التياني وعُروجاً.

قال صاحب الواعي: وعرج بالفتح: إذا صعد في الأدرجة، ويقال في مستقبله: يعرج بضم الراء، وقال كراع في المجرد: ويعرج بالكسر لغة هذيل. وقال المرزوقي: ومصدره العروج.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال في الصفة: رجل أعرج من قوم عرج، وعُرجان، عن صاحب الواعي، وعن ابن سيدة قالا: وأعرج الرجل: جعله أعرج.

قال صاحب الواعي: وامرأة عرجاء، والجمع عرج، قال: والعرجاء: الضبع، ولا يقال للذكر أعرج، قال: فأما قولهم: الضبعة العرجاء،

ص: 391

فمن كلام العرب، وإنما العرج خلقة فيها، فجعل هذا لها اسماً لا نعتا، والجمع عرج.

وقوله: "وعرج يعرج: إذا غمز من شيء أصابه".

قال الشيخ أبو جعفر: ومصدره العروج، والعرجان. وأصله الميل، ومنه التعريج، ومنعرج الوادي.

ويعني بـ"غمز": تمايل في مشيته كمشية الأعرج.

قال الشيخ/ أبو جعفر: وقال ابن هشام ونقلته من خطه: كان حق ثعلب أن لا يذكر هذا الفعل - يعني عرج - لأنه من المقيس، ثم قال حاكياً عن الكسائي: ما كان علي أن أفعل وفعلاء من غير ذوات التضعيف فإن الماضي منه على (فَعِل) نحو: عرج يعرج فهو أعرج، وعرجاء، وصلع يصلع فهو أصلع، وصلعاء، وقرع يقرع فهو أقرع، وقرعاء، وكذلك ما أشبهه إلا خمسة أحرفٍ جاءت على (فعُل) و (فعِل)، بضم العين وكسرها في الماضي، وهي: أدم وأدم، وحمق وحمِق، وخرَق وخرُق، وسمُر وسمِر، وعجف وعجف، وقالوا: رعُن وعجُم، ولم يسمع رعن ولا عجم.

قال الشيخ أبو جعفر: كذا رأيته بخطه ورأيتُ يعقوب في الإصلاح

ص: 392

قد حكى عن الكسائي ما هذا لفظه، قال يعقوب حاكياً عن الكسائي: وما كان على أفعَل وفَعْلاء من غير تضعيف، فإن الكسائي قال يقال فيه: فعِل يفعَل إلا ستة أحرف فإنها جاءت على فعُل: الأسمر، والآدم، والأحمق، والأخرق، والأرعن، والأعجف، يقال: قد سمر، وأدم، ورعن، وخرق، وحمق، وعجف.

قال يعقوب قال الأصمعي: والأعجم أيضاً يقال: عجم.

قال يعقوب: وقال الفراء: يقال عجف وعجف، وحمُق وحمِق، وسمُر وسمِر - قال: وقالت قريبة الأسدية: قد اسمار - وقد خرق وخرق.

قال يعقوب: وقال أبو عمر: يقال: أدمُ وآدم، وسمُر وسمِر.

قال الشيخ أبو جعفر: هذا لفظ يعقوب في الإصلاح، وقال أبو عبيد في المصنف حاكيا أيضاً عن الكسائي: كل شيء من أفعل/ وفعلاء من غير الألوان فإنه يقال منه: قد (فعُل يفعُل) كقولك من الأعرج: قد عَرِج يعرَج إلا

ستة أحرف فإنه يقال منها: [فعل يفعل] مثل: الأسمر، والآدم، والأحمق، والأخرق، والأرعن، والأعجَف.

قال أبو عبيد: وقال الأصمعي: والأعجم أيضاً: عجُم.

ص: 393

قال الشيخ أبو جعفر: وهذا أيضاً لفظ أبي عبيد، وحكايته عن الكسائي يخالف ما حكاه ابن هشام عن الكسائي أيضاً.

قال الشيخ أبو جعفر: وكان الأستاذ أبو على يقول في رد كلام ابن هشام: [كان حق ثعلب أن لا يذكر عرج] لأنه من المقيس. قال: لا يلزم ذلك، لأنه يمكن أن يكون ذكره لمكان عرج الذي معناه: غمز، إذا كان غرضه في الباب الفرق بين ما يقال فيه (فعِل) بكسر العين وبين ما يقاله فيه (فعَل) بفتحها، مما اتفقت الحروف فيهما.

وقوله: "ونذرت النذر أنذره أنذره".

قال الشيخ أبو جعفر: أي: قلت لله على أن أفعل كذا وكذا [إن] وقع كذا. وقيل معنى نذرت على نفسي: أوجبت، قاله صاحب الواعي.

قال القزاز: النذر هو أن يجعل على نفسه لله تعالى فعلاً من أفعال الخير ملتزم الوفاء به، ومنه قوله جل وعز:{أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ} وجمعه نذور.

وقال صاحب الواعي: لو قال قائل: علي أن أتصدق بدين لم يكن ناذراً، ولو قال: عليّ إن شفي الله مريضي، أو رد على غائبي، صدقة دينار كان ناذراً. فالنذر ما كان وَعداً على شرْط، وكل ناذرٍ واعد وليس كل واعدٍ ناذراً.

ص: 394

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى ابن القطاع في/ المصدر نذراً، ونذراً، بالسكون والتحريك.

وقوله: "ونذرت بالقوم أنذر: إذا علمت بهم فاستعددت لهم".

قال الشيخ أبو جعفر: وأنذرت غيري، فأنا منذر، ونذير.

قال الزمخشري: لا يكون الإنذار إلا [إعلام بشيء] فيه خوف، ولذلك سميت الأنبياء منذرين، لأنهم أخبروا العباد بالقيامة والنار ليحذروا ما يؤديهم إليها، فكل من أعلمك شيئاً يخاف منه فهو نذير ومنذر، وقال [قتادة] في قوله تعالي:{وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ} : أراد به الشيب، وقال الشاعر وقصد هذا المعنى:

ص: 395

فقلت الشَّيبُ من نُذُر المنايا

ولستُ مُسوِّداً وجهَ النَّذير

وحكى القزاز واليزيدي في المصدر، وكراع في المجرد: نذيراً، بتحريك الذال. وحكى ابن طريف نذارة بكسر النون.

وقوله: "وعمر الرجل منزله، وعمر المنزل".

قال الشيخ أبو جعفر: عمر الرجل منزله يعمره عمارة فهو عامر، والمنزل المعمور، منه قوله تبارك وتعالى:{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ} .

قال المرزوقي: وعامر أيضاً، وقال: والرجل لا يكون إلا عامراً.

ويقال: عمرت المكان بالفتح كما حكاه ثعلب، وعمرت بالمكان بالكسر: أقمتُ، عن ابن السيد في مثلثه.

وحكى أبو عبيد في المصنف عن أبي يزيد أنه يقال: عمر الله بك منزلك، وأعمره، ولا يقال: أعمر الرجل منزله، بالألف.

وحكى أبو علي في فعلت وأفعلت: عمر الله بك منزلك، وأعمر الله بك منزلك، بمعنى واحد.

ص: 396

قال الشيخ أبو جعفر: وعمَرْتُ المنزلَ، وعمَر هو، من الألفاظ [التي] سووا [فيها] / بين المتعدي وغير المتعدي، وقد تقدم الكلام عليها، فجاء اللازم والمتعدي بلفظ وواحد، ولهذا يقال: بلد عامر، قال الشاعر:

ومَا فَرْحَةٌ الا سَتُعْقبُ تَرْحَةً

وما عامرٌ إلا وشيكاً [سيَخْرَبُ]

واستعمر المنزل: إذا استرم وافتقر إلى العمارة، قال المرزوقي: واستعمرته المنزل فعمره.

قال ابن السيد في مثلثه: وزعم قطرب أنه يقال: عمُر المكان بالضم، ولا أحفظ ذلك عن غيره، وأنشد:

إلى أرضِ الحُبابِ نَقلْتُ قومي

لأعمُرَهاَ وما عمُرت زَمَانا

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى ابن التياني عن قطرب، فقال عنه: يقال: عمِر المنزل، وعمُر المنزل.

ص: 397

وقوله: "وعمِر الرجل: إذا طال عمره".

قال الشيخ أبو جعفر: قال الجوهري: عمر بالكسر يعمر عمراً، وعمراً على غير قياس، لأن قياس مصدره التحريك، أي: عاش زماناً طويلاً.

قال الشيخ أبو جعفر: وأنشد ابن سيدة في المخصص، وابن التياني:

وعَمِرتُ حَرساً قبل مُجْرَى داحسٍ

لو كان للنَّفس اللجُوج خُلُودُ

قال ابن التياني عن صاحب العين: وعمره الله تعميراً. قال ثابت في لحنه: وأعمرك، أي: أطال عمرك. وحكى ابن التياني عن الفراء: طال عمرك، وعمرك، بفتح العين وضمها، قال: وعمرك أيضاً بضمتين. وحكى هذه اللغات أيضاً صاحب الواعي وغيره.

ص: 398

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى هذه اللغات أيضاً المطرز في كتاب غريب أسماء الشعراء، وزاد فقال:[ويقال]: أطال عمرك/ بفتح العين والميم.

وقال صاحب الواعي، والجوهري: ولا يستعمل في القسم إلا مفتوحاً.

قال الشيخ أبو جعفر: قد حكى يونس في نوادره عن أبي زيد أنه يقال: لعمري بضم العين.

وحكى أبو زيد في كتابه حيلة ومحالة: لعمري، بفتح العين والميم.

وقوله: "وسخن الماء".

قال الشيخ أبو جعفر: معناه معروف من السخونة، وهي الحرارة.

قال القزاز: السخن: الحار من كل شيء، وطعام سخاخين: إذا كان حاراً.

قال الشيخ أبو جعفر: وسخين أيضاً عن مكي.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال في الماضي: سخَن، بالفتح كما حكاه ثعلب، وسخُن بالضم عن ابن قتيبة في الأدب، وابن درستويه، قالا:

ص: 399

والأجود سخَن بالفتح. وحكى اللغتين أيضاً صاحب كتاب العالم، وابن القطاع في أفعاله، وقطرب في كتاب الأزمنة، واللحياني في نوادره، وابن سيدة في المخصص، وكراع في المجرد، وزادوا: وسخن بالكسر، قال كراع: والكسر لغة هوازن.

قال الشيخ أبو جعفر: قال صاحب كتاب العالم، وابن سيدة: يقال: سخنته، قالا: ويقال: سخن الشيء وسخن، سخونة، وسخانة، وسخنة، وسُخناً، وَسخناً.

قال الشيخ أبو جعفر: قال القزاز: وسخوناً. وقال صاحب كتاب العالم، وابن سيدة: وماء سَخين، وسِخين، ومسخن وسخاخين.

قال الشيخ أبو جعفر: وحكاه أيضاً سيبويه، وكراع في المجرد.

قال كراع: وليس لسُخاخين في الكلام/ مثال، قال

ص: 400

الزمخشري: اتفق [على] ذاك الكوفيون والبصريون

وحكى ابن عديس في كتاب الصواب ونقلته من خطه، وذكره ابن سيده أيضًا: سخن وضخن، بالسين والصاد.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال: يوم ساخن، وسخن، وسخنان بسكون الخاء، عن اللحياني في نوادره، وعن صاحب كتاب العالم، وعن صاحب الواعي، وعن ابن سيدة، وعن الكراع في المجرد.

وزاد اللحياني، وصاحب كتاب العالم، وابن سيدة:(وسخنان) بسكون الخاء مع [فتح] السين. وزاد صاحب كتاب العالم، وابن سيدة:(وسخاخن، وسخاخين)، وقالا واللحياني: وليلة سخنانة بفتح الخاء، وسخنانة بالتسكين.

قال صاحب كتاب العالم، وابن سيدة: وسخنة، وساخنة.

قال الشيخ أبو جعفر: وحكي عن ابي زيد إني لأجد سخنة بالتحريك، وسَخْنَةً، وسِخْنَةً، بفتح السين وكسرها مع التسكين، وسخناء ممدود، أي: سخانة من حر أو حمى.

ص: 401

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى جميع هذا أيضًا أبو حاتم في كتابه "تقويم المفسد" وقيده بما ذكرناه.

قال القزاز: وتقول: شربت سخونا بفتح السين: وهو كل شي تشربه حارًا مثل: الحساء وغيره.

وقوله: «وسخنت عين الرجل، بكسر الخاء» .

قال الشيخ أبو جعفر: معناه حزنت وبكت، و [معناها]: حميت، عن ابن درستويه، قال: ولذلك جاء على [مثالها].

وقال القزاز: سخنت العين: إذا لم تنم، قال وقيل: إذا حون صاحبها، لأن دمع الحزن حار، وقيل: إذا لم تستقر.

قال الشيخ/ أبو جعفر: قال ابن الأعرابي في نوادره: سخنت عينه، بالكسر لا غير، تسخن سخنة.

وقال الزمخشري في شرحه: أهل الحجاز يقولون: سخن الماء وسخنت عينه، بالضم فيهما جميعًا، وتميم يقولون: سخن الماء بالضم، وسخنت عينه بالكسر تسخن بالفتح، قال الشاعر:

ص: 402

فَتَسْخَنُ عينُه عند التَّنَائي

وتَسْخَنُ عينُه عند التَّلَاقِي

قال مكي: ورجل سخين العين.

وقوله: «وأمر القوم: إذا كثروا» .

قال الشيخ أبو جعفر: والأمرة: الزيادة، على وزن بركة، عن الزمخشري.

ومنه قول أبي سفيان بن حرب، وقد وصف له قيصر صفة النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له: إنه يملك ما تحت قدمي، قال: فقال أبو سفيان: أمر أمر محمد، أي: كبر وعظم، عن المطرز في ياقوته.

وقال الجوهري عن أبي عبيدة: أمرته بالمد، وأمرته، لغتان بمعنى كثرته.

قال الجوهري: ومنه الحديث: «خير المال مهرة مأمورة، أو سكة مأبورة» ، أي: كثيرة النتاج والنسل.

قال الشيخ أبو جعفر: وقال ثعلب على ما حكاه عنه المطرز: السكة: الطريقة من النخل، فإذا كانت من غير النخل فهي الأنبوب.

ص: 403

قال الشيخ أبو جعفر: قال الجوهري: وإنما قيل: "مهرة مأمورة" للازدواج، والأصل مؤمرة على وزن مفعلة، كما قال [صلى الله عليه وسلم] للنساء":"ارجعن مأزورات غير مأجورات" وإنما هو موزورات من الوزر، فقال: مأزورات على لفظ مأجورات ليزدوجا.

قال الشيخ/ أبو جعفر: ومن أمثال العرب: "من قل ذل، ومن أمر قل ". ومنه قراءة من قرأ: ?أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} بكسر الميم، أي كثرناهم.

قال ثعلب على ما حكاه عنه المطرز في الياقوت: هي قراءة ضعيفة في العربية: لأن فعلنا لا يتعدى إلا في حروف معدودة، قال: وأنشد أبو نصر

ص: 404

عن الأصعمي:

أمِرُون ولَاّدونَ كُلَّ مُبَاركٍ

طَرِفُون لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ

قال: ومن قرأ "أمَرنْا مُتْرَفِيْهَا" فمعناه: أكثرنا، ومن قرأ "أمَّرْنا مُتْرَفِيْهَا" أي: جعلناهم كلهم أمراء، ومن قرأ "أمَّرْنا مُتْرَفِيْهَا" أي: أمرناهم بالطاعة ففسقوا، ويكون أيضًا بمعنى أمرنا، وقد جاء عن العرب أمرنا وأمرنا بمعنى واحد.

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى ابن القطاع في افعاله: أمر الشيء أمرا، وأمرا: كثر.

ص: 405

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال في المصدر: أمر، وأمرة، عن ابن السيد في المثال، قال: وهو أمر، وأنشد لزهير:

والإثمُ مِنْ شَرِّ ما يُصَالُ به

والبِرٌ كالغيثِ نَبْتُهُ أَمِرْ

وقال كراع في المجرد: والاسم الإمْرُ، قال ويقال: زرع إمر وأمر: كثير

وقوله: «وأمر علينا فلان أي: ولي» .

قال الشيخ أبو جعفر: وأمر أيضًا صار أميرًا، بضم الميم، حكاه سيبويه، والجوهري.

قال الجوهري/ والأنثى أميرة، وأنشد:

وَلَو جَاءوُا بِرَمْلَةَ أَوْ بِهِنْدٍ

لَبَايَعْنا أمِيرةَ مُؤْمِنِينا

وقال ابن السيد في المثلث: [أمر] الرجل بضم الميم: إذا تعجب من/ إمرته.

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى ابن التياني، والجوهري في المصدر

ص: 406

:إمرة مثل: سدرة، وزاد ابن التياني وأمرًا.

وقوله: «ومللت الشيء في النار أمله ملا» .

قال الشيخ أبو جعفر: قال القزاز: معناه دفنته في الجمر، والجمر هو الملة، وكل شيء تمله في الجمر فهو مملول، قالوا: إنما قيل للحفرة التي تجعل فيها النار: ملة، لمعاودة النار إياها مرة بعد مرة.

قال أبو مسحل في نوادره: وهذه خبزة مملولة، وخبزة مليل.

قال: إلا أن امتللت يكون بمعنى احترقت، فيكون لازمًا ومتعديًا، نحو ازداد، واستاق، واهتاج، وأنشد:

فظَل الإماءُ يَمْتَلِلْنَ حُوارَها

ويُسعْى علينا بالسَّديِفِ المسَرْهَدِ

السَّديف: السنام، والمسرهد: المقطع

قال المرزوقي: وبعض الناس يحملون ململته الحمى على الفراش أيضًا فتململ على هذا، ويقول: أصله مللته، قال: وأصحابنا

ص: 407

البصريون يجعلونه على حدة، وإن كان مؤديًا لمعناه، كرقرقت ورققت.

وقال مكي: الملل الجمر، ويقال للرماد الحار أيضًا: المل، والملة: موضع الخبزة، ومنه يقال: هو يتململ على فراشه، يعني: إذا كان قلقا يتضور عليه، ولا يستقر، كأنه على ملة.

قال الشيخ أبو جعفر: وفي الحديث: "إن لي قرابات أصلهم ويقطعونني، وأعطيهم ويكفرونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلى، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن دمت/ على ذلك فكأنما تسفهم المل".

أي: فكأنما تسفي في وجوههم الملة.

قال الهروي: الملة التراب المحمى بالنار، وتسفهم من السفوف. وقال الهروي أيضًا معناه: إذا لم يشكروك فإن إعطاءك إياهم حرام عليهم، ونار في بطونهم.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال: مللت الشيء في النار، وأمتللته: إذا مللت الشيء لنفسك، كما يقال: طبخت واطبخت، وقدرت واقتدرت، وشويت واشتويت، عن الزمخشري.

وقوله: «ومللت من الشيء أمل» .

ص: 408

قال الشيخ أبو جعفر: معناه سئمت وضجرت منه، عن غير واحد.

قال ابن دستوريه: ولذلك جاء على مثاله.

[وقيل إنه يرجع إلى المعنى الأول، كأنه تحرق قلبك صحبته].

ويقال في المصدر: ملل، وملال، عنه، وعن ابن طريف، وعن القزاز. وزاد القزاز وملالة. وحكى جميع المصدر ابن القطاع.

قال المرزوقي: ورجل ملول [للمبالغة].

وقوله: «وأسن الرجل يأسن: إذا غشي عليه من ريح البئر»

قال الشيخ أبو جعفر: يعني إذا شم ريح الماء الأسن، وشم نفس بئر فغشي عليه، عن ابن خالويه.

قال التدميري: وهو مأخوذ من الماء الأسن، وهو المتغير، فكأنه لما شم رائحته غشي عليه.

ص: 409

قال الشيخ أبو جعفر: وقال الشاعر:

قَدْ أَتْرُكُ مُصفرًا أَنَامِلُهُ

يَميلُ في الرُّمحِ مَيلَ المائحِ الأَسِنِ

ويقال أيضًا: وسن بالواو، حكاها يعقوب، وعبد الحق اللغوي، وغيرهما.

قال التدميري: وكأنه - والله تعالى أعلم - مأخوذ من الوسن/ الذي هو ابتداء النعاس، لأن الغشي أيضًا شبيه بالنوم.

وقوله: «وأسن يأسن، ويأسن»

قال الشيخ أبو جعفر: قد تقدم الكلام عليه في باب (فعلت) بفتح العين.

وقوله: «وعمت في الماء أعوم عومًا»

قال الشيخ أبو جعفر: [وعيامة] قال ابن التياني: العوم: السباحة، والسفينة تعوم، وكذلك الإبل في سيرها، ويسمى الفرس السابح [عوامًا، وهو يعوم في جريه]، والنجوم تعوم.

ص: 410

وقوله: «وعمت إلى اللبن أعيم عيمة وأعام أيضًا»

قال الشيخ أبو جعفر: قال ابن التياني عن أب حاتم: معنى عام إلى اللبن: اشتهاه ولم يجده، قال ويقال/ عام يعيم عيمة، وعيما، ورجل عيمان، وامرأة عيمى، وقوم عيام بكسر العين، وعيامي، أي: عطاش إلى اللبن، وقال عن الكلابيين: العيمان الذي كان يشرب اللبن [فـ] فقده، فهو يعام إليه عيمة. وهي الشهوة إلى اللبن لمن اعتاده.

قال يعقوب: ويدعى على الرجل فيقال: ما لم آم وعام! فمعنى آم: هلكت امرأته، وعنى عام: هلكت ماشيته، فهو يعام إلى اللبن.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال: عمت إلى اللبن، فأنا أعيم وأعام، عيمة وعيومًا، عن الفراء في كتابه البهي.

قال الشيخ أبو جعفر: وزاد ابن القطاع وعيامًا.

قال الشيخ أبو جعفر: وقد أخذ على ثعلب إدخاله في هذا الباب

ص: 411

عمت في الماء مع عمت على اللبن، لأن هذا/ الباب إنما هو موضوع لذكر اللفظنين اللتين هما متفقتان في الحروف مختلفتان في المعنى، وعمت بالضم وعمت بالكسر أصلهما [فعلت] بفتح العين، وهما منقولان من فعل العين إلى فعل بكسر العين.

وأيضًا فإن عمت بالضم من الواو لأنه من العوم، وعمت بالكسر من الياء بدليل قولهم في مصدره: عيمة وعيما، فهما مختلفا الحروف باختلاف المعنى.

وكذلك قوله: «أعام وأعيم» أما أعام فعلى القول إن عمت منقول من فعلت بفتح العين إلى فعلت بكسرها فهو خطأ؛ لأنه لا يكون الماضي مفتوحًا والمستقبل مفتوحًا بغير موجب، اللهم إلا إن لم يكن عمت بالكسر منقولاً من فعلت بفتح العين إلى فعلت، بل يكون أصله فعلت بكسر العين غير منقول من بناء آخر، فيكون ذكره أعام حينئذ صحيحًا، ويكون ذكره أعيم خطأ؛ لأنه لا يكون الماضي مكسورًا والمستقبل كذلك، إلا في حروف معدودة. وهذا الذي ذكره ثعلب من قوله:«أعام، وأعيم» إنما يجوز على أن يكون في عمت بالكسر لغتان: احدهما فعلت بكسر العين، فيكون أعام في [المستقبل] على هذه [اللغة]. ويكون أعيم على لغة من كان

ص: 412

أصل عمت عنده بالفتح. فإن كان أراده فكان يجب عليه أن يبينه ويوضحه.

قال الشيخ أبو جعفر: ويقال: أعام زيد بمعنى: عام، حكاه ابن خالويه.

وقوله: «وعجت إليكم [أعوج] أي: ملت،

وعجت بكلامه/ أعيج، وشربت دواء

فما عجت به، أي: ما انتفعت به»

قال الشيخ أبو جعفر: وهذا أيضًا قد أخذ عليه فيه لما قدمنا عمت وعمت، لأن عاج يعوج عين الفعل منه واو، وعاج يعيج عين الفعل منه ياء، فأصلهما مختلفان في البنية، وهذا الباب إنما هو لما اتفق في الحروف واختلف في البنية والمعنى، فظهر بهذا كله أن كلام ثعلب خطأ في الموضعين.

ويقال: عجته فعاج كما [يقال]: رجعته فرجع، [وجبرته، فجبر]. ويقال أيضًا: عجته فانعاج وعاج بمعنى واحد، كما يقال سجم وانسجم، وهبط وانهبط.

قال الشيخ أبو جعفر: ومعنى ما عجت بكلامه، أي: لم أصدقه، ولم أرض به، قاله ثعلب في نوادره.

قال الشيخ أبو جعفر: وكذا قال اللحياني في نوادره فقال: لم أعج

ص: 413

بكلامه، أي: لم أرض به، والعيج الرضا

وقال صاحب الواعي: العيج هو الاكتراث بالشيء، تقول: ما عجت به، أي: ما اكترثت به، وما عجت بقول فلان، أي: لم أكترث به ولم أباله، قال: وقال الخليل: لو قيل: يعيج به عيجوجة لكان صوابَا.

وقال ابن خالويه: ما عجت بكلامه، أي: ما انتفعت به. وقال ابن التياني عن أبي زيد: شربت ماء ملحًا فما عجت به، أي: لم أرو منه.

وقال اليزيدي في نوادره: عجت بخبره، فأنا أعيج به عيجًا، ومعيجًا، ومعاجًا: وهو أن تصدق بخبره، أو تفرح به.

قال الشيخ أبو جعفر: قال اللحياني في نوادره: ما أعيج بكلامه عيوجًا، بالضم والكسر، وأنشد:

/أَلَمَّ خيالُ تُكْتَمَ ليت شِعْرِي

مَتَى عِوَجٌ إليها وانثناء

وعيوجًا، قال ويقال: عجنا إلى فلان أشد العياج، والعووج.

وقال ابن التياني: وبنو دبير يقولون: ما اعوج به عووجًا.

قال الشيخ أبو جعفر: وحكى هذا أيضًا يعقوب عن الفراء فقال عنه: وبنو أسد يقولون: ما أعوج بكلامه، أي: ما التفت إليه، أخذوه من عجت الناقة.

وقال الفراء في كتاب المصادر له: عجت إليه أعوج عياجًا، وربما قيل/ عوجًا، وعوجًا أيضًا.

ص: 414