الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فادع أخي بلسان الخضوع والتذلل والمسكنة .. دعاء عبد فقير إلي ما عند ربه تعالى .. محتاجًا إلي فضله وإحسانه .. مقرًا بذنوبه .. خاضعًا خضوع المقصرين .. يرى أنه لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا، بل أن ربه تبارك وتعالى هو مالك النفع والضر .. وهو تعالى الغني عن خلقه وهم الفقراء إليه سبحانه تبارك وتعالى ..
أخي: افهم هذا جيدًا فإنه سر من أسرار الدعاء المستجاب جهله الكثيرون .. فتنبه ولا تكن من الغافلين!
الدعاء المستجاب .. أوقات وأماكن
أخي المسلم: لتفوز بإجابة الدعاء لا بد أن تعلم أن هنالك أوقاتً وأزمنةً وأمكنةً يستجاب الدعاء فيها ..
وهي أوقات وأمكنة .. فاضلة .. مباركة .. فإذا اختلط الدعاء بنفحاتها أخرج لنا أمنية كل مسلم (الدعاء المستجاب! ).
فاستعد أخي لنفحات هذه الأوقات والأمكنة الطاهرة .. فها هي أقدمها إليك .. وفي كل واحدة منها بشارة لأهلها!
* ليلة القدر: وهي الليلة المباركة .. {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1: 3].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على قيامها، ويحي لأجلها العشر الأواخر من رمضان .. فاحرص أخي أن تكون ممن ينالهم خيرها وبركتها ..
* دعاء يوم عرفة: وهو يوم المغفرة، ويوم العتق من النار لمن فاز بالوقوف بتلك الأماكن الطاهرة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة
…
» [رواه الترمذي/ صحيح الترمذي: 3585].
فإذا قدر الله لك أخي شهود ذلك اليوم بتلك الأماكن المباركة فلا تبخلن على نفسك بالدعاء .. فإنه يوم عرض الطلبات على الغني .. من بيده خزائن السماوات والأرض ..
* الساعة التي في يوم الجمعة: وهي ساعة أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء فيها مستجاب ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم قائمٍ يصلي يسأل الله خيرًا إلا أعطاه إياه! » وقال بيده يقللها يزهدها. [رواه البخاري ومسلم].
وقد اختلف العلماء في تحديد هذه الساعة، والذي رجحه الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في فتح الباري، قولين: الأول: ما بين الأذان إلي انقضاء الصلاة.
والثاني: بعد العصر.
ولكن من دعا الله تعالى في هذا اليوم كله كان على أمل كبير في إدراك هذه الساعة.
* الدعاء دبر الصلوات: وهو وقت مبارك .. فاحرص أخي على اغتنامه ..
سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: «جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات» [رواه الترمذي/ صحيح الترمذي 3499].
قال مجاهد رحمه الله: إن الصلاة جعلت في خير الساعات فعليكم بالدعاء خلف الصلوات.
* الدعاء في جوف الليل وآخره: وهو الوقت الذي تنافس الصالحون في إحياء ساعاته .. وهي لحظات يعيش فيها العبد بصفاء مع نفسه ويخلو فيها بمناجاة ربه تبارك وتعالى.
وأعظم ما في تلك اللحظات ما أخبرنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: «تبارك ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلي السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» [رواه البخاري ومسلم].
* الدعاء عند السجود: وهي لحظات شريفة، يكون العبد فيها قريبًا من ربه تبارك وتعالى .. يناجيه مناجاة متضرع إلي مولاه عز وجل ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء» [رواه مسلم].
* الدعاء بعد الوضوء: وهو أيضًا وقت فاضل، إذ أن العبد فرغ من طاعة لله تعالى، وتطهر من الحدثين .. فكان الدعاء بعد ذلك أرجى للقبول والاستجابة ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أِشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين. فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء» [رواه مسلم وأبو داود والترمذي].
* دعاء الصائم والمسافر: الصائم إذا أفطر له دعوة لا ترد! وكذلك المسافر ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر» [رواه البيهقي/ السلسلة الصحيحة: 1797].
* الدعاء بين الأذان والإقامة: وهو أيضًا من الأوقات الجليلة .. إذ أن العبد جلس في بيت من بيوت الله .. طاهرًا .. منتظرًا لأداء طاعة من الطاعات ـ وهي أشرف الطاعات ـ (الصلاة! ) من أجل ذلك كان دعاؤه مستجابًا ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة» [رواه أبو داود والترمذي/ صحيح أبي داود: 521].
* الدعاء عند النداء وعند نزول المطر: النداء غيث للأرواح، والمطر غيث للأبدان، وكلاهما رحمة .. فناسب عند حدوثهما أن تتنزل الرحمة الإلهية! فكان الدعاء مستجابًا عندهما ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثنتان ما تردان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر» [رواه أبو داود والحاكم/ صحيح الجامع: 3078].
* عند الاستيقاظ من النوم والدعاء بهذا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته» [رواه البخاري].
* الدعاء عند المشاعر الطاهرة:
أخي المسلم: إذا قدر الله لك النزول بالبلد الأمين حيث بيته الحرام – زاده الله تشريفًا – وتلك المشاعر الطاهرة؛ فلتكثر من
الدعاء بلا ملل .. فأنت هنالك ـ أخي ـ قريب من الرحمة! فلا تقطعن الدعاء ..
وتطل عليك تلك المشاعر: ابتداءً بالكعبة المشرفة - زادها الله تشريفًا - وهنالك أيضًا: مقام إبراهيم، والصفا والمروة، وزمزم ..
وإذ حللت أرض منى فلا تنس أن تكثر من الدعاء عند الجمرة الصغرى والوسطي ..
وإذا حللت مزدلفة فلا تنس أنت تذكر الله تعالى وتدعوه كثيرًا عند المشعر الحرام ..
أخي المسلم: بقي أن أقول لك: تلك الأوقات، والأماكن جعلها الله تعالى علامات لعباده يتزودون منها لدنياهم وآخرتهم .. فالمحروم حقًا من ضيع تلك الفرص! وغفل عن تلك المنح الإلهية!
أخي: إنها تأتي وتتكرر، ولكنها تمر سريعًا .. والكثيرون غافلون عن خيراتها!
أخي: لو قيل لك: إذا قصدت الموضع الفلاني فستجد كل حاجاتك ومطالبك! ما أظنك تتردد في الذهاب إلى ذلك الموضع!
ولكن العجب أن الكثيرين غفلوا عن دعاء الله تعالى وسؤاله النفع في تلك الأوقات والأماكن الفاضلة!
غافل .. جاهل .. مسكين .. من كان هذا حاله! !
يترك دعاء مالك الملك .. الغني .. من بيده ملكوت كل شيء .. ويلجأ إلى المخلوق .. الضعيف .. الناقص .. الفقير إلى الله تعالى!