المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - منهج الكتاب وأسلوبه: - تحفة المودود بأحكام المولود - ط عطاءات العلم - المقدمة

[ابن القيم]

الفصل: ‌3 - منهج الكتاب وأسلوبه:

يَكادُ يُوجَدُ في سِوَاه؛ مِنْ نُكَتٍ بَدِيعَةٍ من التَّفسيرِ، وأحَادِيثَ تدعُو الحاجةُ إلى مَعْرِفَتِهَا وعِلَلِهَا والجَمْعِ بين مُخْتَلِفِهَا، ومسائلَ فقهيَّةٍ لا يَكادُ الطالبُ يَظْفَرُ بها، وفوائدَ حِكميَّة تشتدُّ الحاجةُ إلى العلمِ بها».

ثم وصفَه وأبان عن مكانته فقال: «فهو كتابٌ ممتعٌ لقارئهِ، مُعْجِبٌ للنَّاظرِ فيه، يَصْلحُ للمَعَاشِ والمعَادِ، ويحتاجُ إلى مضمونهِ كلُّ من وُهِبَ له شيءٌ من الأولادِ. ومِنَ الله أستمدُّ السَّدادَ، وأسألُ التَّوفيقَ لِسُبُلِ الرَّشادِ، إنّه كريمٌ جَوادٌ» .

‌3 - منهج الكتاب وأسلوبه:

يجد الدارس لكتاب «تحفة المودود بأحكام المولود» أن المؤلف سلك منهجًا وصفيًا استقرائيًا نقديًا مقارنًا. فهو منهج وصفي يستند إلى التحليل باستقراء الجزئيات وتصنيفها وترتيبها، مع التوثّق والتأكّد من صحة نسبة الأقوال ومناقشتها، وما يكتنفها من شرح وتفسير.

وهو أيضًا منهج استنباطي يستخدم القواعد الأصولية والفقهية واللغوية، وينطلق من الجزئيات إلى الكليّات و الحقائق العامة.

وهو كذلك منهج مقارن يقابل الآراء و الأقوال ببعضها ويوازن بينها ليرجّح ما يراه القويّ الراجح منها. وبذلك تكاملت لدى المصنف أنواع المنهج العلمي في البحث.

ص: 37

وأما أسلوب الكتاب؛ فهو ما عهدناه في سائر كتبه و مؤلفاته

(1)

، فهو يمتاز بالوضوح في العبارة، و البعد عن الجفاف والتعقيد، ينتقل من حكم أصل إلى حكم فرع، إلى إشارات تربوية وتحضيض على الطاعات وتحذير من المخالفات، ويمزج هذا كله بروحانية عالية وشفافية فائقة، يقرأ القارئ فيه صفحات طويلة دون أن يقف عند كلمة أو عبارة تحتاج إلى شرح أو إيضاح، إلا ما كان أقل من القليل.

كما يمتاز بقوة الحجة والدليل، وتنوع وسائل الاستنباط؛ فهو يقدم الحجة تلو الأخرى من القرآن الكريم و السنة النبوية والآثار المروية والإجماع و القياس، ويمزج ذلك بالحكمة التشريعية والتعليل. وهذا الاعتداد بالأدلة الشرعية لم يقف حاجزًا بينه وبين الاستفادة من كتب غير المسلمين في الطب و التشريح و الغذاء فيما نقله عن «بقراط» و «جالينوس» مثلاً، مع تعقيبه على بعض النقول والآراء.

كما يمتاز بالروح الإصلاحية التي تشيع في أبواب الكتاب وفصوله، وفي تعقيبه على كثير من المسائل و الآراء و المذاهب، حيث كتبه بروح الداعية المصلح و فكره، ومزج بين الحكم الفقهي والإرشاد و التوجيه.

(1)

وانظر ما كتبه الشيخ بكر أبو زيد عن منهج المؤلف في البحث والتصنيف في كتابه «ابن قيم الجوزية: حياته، آثاره، موارده» ص 85 - 128.

ص: 38

ويتميز بميزة أخرى ــ كسائر كتبه ــ وهي البعد عن التعصب المذهبي و الهجوم على الآخرين من المخالفين، فرغم اعتداده بمذهب الإمام أحمد وعنايته بنصوصه في كل المسائل التي عرضها، فإنه يعرض آراء العلماء بإنصاف واستيعاب، وقد يناقشها بأدب وعلم، وقد يرجح بعضها ويعلن ذلك الترجيح. ولا ضير في أن يوافقه القارئ في هذا الترجيح أو ذاك أو يخالفه فيهما أو في أحدهما، فباب العلم و الترجيح باب واسع لا يضيق بأصحابه، و ما ينبغي محاربة التعصب للرأي بتعصب آخر.

هذا، وقد نجد في الكتاب استطرادات تدعو إليها الحاجة أحياناً، كما قد تدعو إليها المناسبة، وفي هذا وذاك فائدة للقارئ، أشار إليها المصنف في كتابه واعتذر عنها، كقوله عقب استطراد في فصل عقده لوقت تسمية المولود

(1)

: «وهذا فصلٌ معترض يتعلَّق بوقت تسميةِ المولود، ذكرناه استطرادًا، فلنرجع إلى مقصود الباب» .

وفي موضع آخر عقد فصلاً «فيما يُستحبُّ من الأسماء وما يُكره منها» واستطرد فيه استطرادات مفيدة، ثم قال

(2)

: «وهذا بابٌ طويل عظيمُ النفع، نبَّهْنا عليه أدنى تنبيه، والمقصودُ ذكرُ الأسماء المكروهةِ

(1)

ص 162.

(2)

ص 182.

ص: 39