المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب التاسع: شروط الأخذ بالحديث الضعيف - تحقيق القول بالعمل بالحديث الضعيف

[عبد العزيز العثيم]

الفصل: ‌الباب التاسع: شروط الأخذ بالحديث الضعيف

والنفس لا تطمئن عند العمل إلا بالحديث الذي ثبتت صحته، لا بما لم يكن كذلك.

ولا يمكن أن نتصور أن شيئاً من الفضائل والمستحبات والترغيب والترهيب حصلت الغفلة عنه حتى لا يقدر له الوصول إلينا من طريق صحيح أو حسن لذاته أو لغيره الذي هو أدنى درجات القبول. ويتفرد بروايته ضعيف لا يعتمد على روايته إذا تفرد مع الجهود التي بذلها خيار هذه الأمة تجاه السنة المطهرة تحملاً وأداءً وجمعاً وتدويناً وتمحيصاً حتى ميز الصحيح من السقيم.

هذا مع عدم سلامة الشروط من المآخذ الآتي بيانها إن شاء الله تعالى.

ص: 54

‌الباب التاسع: شروط الأخذ بالحديث الضعيف

شروط الأخذ بالحديث الضعيف

الشرط الأول:

وما شرطوه من كون الحديث الضعيف في فضائل الأعمال وما في معناها لا يسوّغ ذلك العمل به لأنه لا ينبغي أن يكلف أو يتكلف المسلم العمل بشيء لم تصح نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. والعامل بذلك الخبر لم يعمل به إلا رجاء ما يترتب على عمله ذلك من الفضل العظيم ولو تجرد الخبر من ذلك الثواب لما عمل به، فما الذي يدل على حصول ذلك الثواب إذا لم يثبت ذلك الخبر.

ولا فرق بين فضائل الأعمال وبين غيرها، إذ أن فضائل الأعمال من المستحب وهو من الأحكام الخمسة ويقع فيها خلاف بين العلماء كما هو معلوم.

قال شيخ الإسلام:" وكذلك ما عليه العلماء من العلماء بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ليس معناه إثبات الإستحباب بالحديث الذي لا يحتج به فإن الإستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي. ومن أخبر عن الله عز وجل أنه يحب عملاً من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله عز وجل كما لو ثبت الإيجاب أو التحريم. ولهذا يختلف العلماء في الإستحباب كما يختلفون في غيره بل هو أصل الدين المشروع"1

وقال الشوكاني فيما تقدم2: "أن الأحكام الشرعية متساوية الأقدام لا فرق بينها، فلا يحل إثبات شيء منها إلا بما تقوم به الحجة وإلا كان من التقول على الله عز وجل بما لم يقل".

وقال الشاطبي:"ولو كان من شأن أهل الإسلام أخذ الأحاديث عن كل من جاء بكل ما جاء لم يكن لانتصابهم للتعديل والتجريح معنى مع أنهم قد أجمعوا على ذلك ولا كان

1 الفتاوى: 18/ 65، 68.

2 انظر ص 43.

ص: 54

لطلب الإسناد معنى يتحصل، فلذلك جعلوا الإسناد من الدين ولا يعنون حدثني فلان عن فلان مجرداً، بل يريدون ذلك لما تضمنه من معرفة الرجال الذين يحدث عنهم حتى لا يسند عن مجهول ولا مجروح ولا متهم إلا عمن تحصل الثقة بروايته لأن روح المسألة أن يغلب على الظن من غير ريبة أن ذلك الحديث قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم لنعتمد عليه في الشريعة ونسند إليه الأحكام، والأحاديث الضعيفة الإسناد لا يغلب على الظن أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها فلا يمكن أن يسند إليها حكم فما ظنك بالأحاديث المعروفة الكذب"1.

ثم ذكر بعد ذلك بأن الراسخين في العلم لا يفرقون بين أحاديث الأحكام وفضائل الأعمال فيشترطون في أحاديث الأحكام الصحة ولا يشترطون ذلك فيما عداها2.

الشرط الثاني:

وأما ما اشترطوه من كون ضعفه غير شديد، فلا يعين على العمل به، لأنه ما دام بهذه الصفة لا يغلب على الظن أنه صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم وما لم يكن كذلك فنحن بغنية عنه لأن في أحاديث المقبولة ما يكفي عن ذلك. ومما يؤيد أن ما ورد في هذا الخبر غير صحيح تفرد هذا الضعف به مع المبالغة في حفظ السنة وتتبع طرق أحاديثها وجمعها وتدوينها.

قال الشاطبي آنفاً: "وروح المسألة أن يغلب على الظن من غير ريبة أن ذلك الحديث قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم لنعتمد عليه في الشريعة، ونسند إليه الأحكام. والأحاديث الضعيفة الإسناد لا يغلب على الظن أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها فلا يمكن أن يسند إليها حكم فما ظنك بالأحاديث المعروفة الكذب".

الشرط الثالث:

أن يكون الحديث مندرجاً تحت أصل عام وهذا غير مسلّم، لأن بعض البدع تندرج تحت أصل عام، ومع ذلك فهي غير مشروعة، وهي التي يسميها الإمام الشاطبي بالبدعة الإضافية3.

والحديث الضعيف لا ينهض لإثبات شرعيتها لأن العمل بالحديث الضعيف الداخل تحت أصل عام إما أن يكون مساوياً في الحكم لذلك الأصل أو لا وذلك بأن يكون فيه زيادة ترغيب لذلك العمل فإن كان مساوياً أوفيه الزيادة المذكورة كان العمل لذلك الأصل

1 الاعتصام: 1/ 224- 225.

2 الاعتصام: 1/ 228.

3 الاعتصام: ا/224.

ص: 55

لا الحديث الضعيف إلا اللهم ما توجده تلك الزيادة من الإنبعاث إلى ذلك العمل.

وان لم يكن مساوياً بأن زاد على الأصل بحد أو قيد أو عدد فكيف يقال بأن العمل فيه لذلك الأصل كصيام نصف من شعبان1 لأن الصيام ثابت بأدلة صحيحة لكن تحديده وتعين ذلك اليوم والشهر إنما أخذ من هذا الحديث الضعيف فلا يجوز العمل به.

فظهر بهذا أنه لا يجوز التقدير والتحديد بحديث ضعيف في فضائل الأعمال كالصلاة في وقت معين على وجه معين بقراءة معينة مع أن ذلك كله داخل تحت أصل شرعي لكن هذه القيود والحدود والمقادير زائدة بذلك الحديث الضعيف فلا يجوز الأخذ بها بخلاف ما لو كان الحديث الضعيف مساوياً في الحكم لحديث صحيح2.

وسأذكر مثالاً على ذلك من كلام شيخ الإسلام وإن كان مثاله محل نظر صحة وضعفاً كما سيأتي بيانه قال مثال ذلك: "من دخل السوق فقال لا إله إلا الله كان له كذا وكذا"3.

1فضل صوم هذا اليوم وارد في حديث لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أخرجه ابن ماجة (إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ليلة النصف من شعبان. 1/444) قال: حدثنا الحسن بن علي الخلال ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن آبي سبرة عن إبراهيم بن محمد عن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فان الله عز وجل ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر لي فاغفر له ألا من مسترزق فأرزقه ألا من مبتلى فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر ".

قال البوصيري (مصباح الزجاجة 2/ 10) :" هذا إسناد فيه ابن أبى سبرة واسمه أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبى سبرة قال أحمد وابن معين يضع الحديث " وقال ابن حجر:" رموه بالوضع "(التقريب 623) .

وأخرجه من وجه آخر بلفظ آخر ابن الجوزي (الموضوعات 2/ 130) وحكم عليه بالوضع وقال:" إسناده مظلم "، ثم قال:" وفيه محمد بن مهاجر قال ابن حنبل: يضع الحديث ".

2 راجع الفتاوى: 18/ 67.

3 هذا مبنى على أن الحديث ضعيف وليس كذلك لما يأتي:

أخرجه الترمذي! (الدعوات، باب ما يقول إذا دخل السوق. تحفة الأحوذي 4/ 240) وابن ماجة (التجارات، باب الأسواق ودخولها 2/ 752) والطيالسى (منحة المعبود 1/253) وأحمد (المسند: 1/ 47) والبزار (المسند 58) وابن السني (عمل اليوم والليلة ص 77) من طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار مولى آل الزبير.

وأخرجه أبو نعيم (أخبار أصبهان 2/ 180) من طريق هشام بن حسان عن عمرو.

وأخرجه أبو الشيخ (طبقات المحدثين لوحه 66 ترجمة إسحاق بن إسماعيل) وابن أبى حاتم (العلل 2/ 181) من طريق عمران ابن مسلم عن عمرو بن دينار.

وذكر الدارقطني (العلل 1/ لوحه 64) بأنه رواه عن عمرو بن دينار سماك بن عطية وحماد بن سلمة.

ولفظ الحديث من مسند الطيالسى: قال: حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من دخل سوقا من هذه الأسواق فقال لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحي عنه ألف ألف سيئة وبني له قصر في الجنة ".

قلت: مداره في جميع الطرق المتقدمة على عمرو بن دينار وهو ضعيف (التقريب: 421) .

قال أبو حاتم لما سئل عن هذا الحديث:" منكر جداً لا يحتمل سالم هذا الحديث"(العلل 2/ 171) .

ص: 56

= وذكر البزار بأنه رواه عمرو بن دينار قهرمان دار آل الزبير ولم يتابع عليه (المسند 58) .

قال الدارقطني بعد أن ذكر الاختلاف على عمرو:" ويشبه أن يكون الاضطراب فيه من عمرو بن دينار لأنه ضعيف قليل الضبط"(العلل 1/64) .

قلت: قول البزار ولم يتابع عليه محل نظر كما سيأتي بيانه إلا إن كان البزار يشير بالتفرد إلى ما في حديث عمرو بن دينار من الاختلاف عن متون حديث من تابعه وذلك أن في حديث محمد بن واسع وعمر بن محمد بن زيد ورفع له ألف ألف درجة بدل بنى له قصر في الجنة.

وبعد أن ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على سالم وعلى الراوي عنه عمرو بن دينار وعلى الراوي عن عمرو الذي هو هشام ذكر بأنه رواه المهاجر بن حبيب وأبو عبد الله الفراد عن سالم عن أبيه عنه موقوفاً. وأنه رواه عمر بن محمد بن زيد فقال حدثني رجل من أهل البصرة مولى قريش عن سالم:" ثم قال فرجع الحديث إلى عمرو بن دينار وهو ضعيف الحديث لا يحتج به "(العلل ا/ لوحة 64) .

وكلامه هذا يشير إلى أن هذا الرجل البصري الذي روى عنه عمر بن محمد هو عمرو بن دينار وان الحديث عن عمر مرفوعا مداره على عمرو بن دينار لأن مهاجر بن حبيب حسن الحديث (الثقات لابن حبان 7/ 525) فلو كان من طريقه مرفوعاً لما جعل مدار الحديث على عمرو وأما أبو عبد الله الفراء فلم اعرفه. ولم يشر إلى رواية محمد بن واسع لا في العلل ولا في الإفراد.

والعبد الفقير إلى عفو ربه اللطيف يقول:" لم يعد الحديث إلى عمرو بن دينار لأنه رواه عن سالم محمد بن واسع عند الترمذي (الدعوات باب ما يقول إذا دخل السوق تحفة الأحوذى 4/ 240) والدارمى (الاستئذان، باب ما يقول إذا دخل السوق 2/293) والبخاري (التاريخ الكبير 9/50) والحاكم (المستدرك 1/538) وأبو نعيم (حلية الأولياء: 2/ 355 ترجمة محمد بن واسع) وهو ثقة (التقريب 511) فلولا أن الراوي عنه الذي هو أزهر بن سنان ضعيف (التقريب 97) لكان الحديث صحيحاً من طريقه أو لو وجد له متابع لكان كذلك.

وقد رواه عن سالم أيضا عمر بن محمد بن زيد عند الدارقطني (الإفراد والحاكم (المستدرك 1/538) * وعمر بن محمد ثقة (التقريب 417) لكن في سنده عند الحاكم عبد الوهاب بن الضحاك أبو الحارث الحمصي متروك كذبه أبو حاتم (التقريب 368) وشيخة إسماعيل بن عياش مخلط في غير أهل بلده وقد رواه عن غير أهل بلده (التقريب 109) . إلا أنه روى عن عمر بن محمد من طريق آخر رجاله كلهم ثقات. فقد رواه عن عمر بن محمد عبد الله بن وهب ورواه عنه أبو همام الوليد بن شجاع وهو ثقة (التقريب 582) وعنه الحافظ محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي أبو العباس السراج (تذكرة الحافظ ص 731) وعنه الحافظ الحسين بن علي أبو علي شيخ الحاكم (تاريخ بغداد 8/72 وتذكرة الحافظ ص 902) لكنه ادخل فيه واسطة بين عمر بن محمد وبين سالم فقال عمر بن محمد حدثني رجل من أهل البصرة. ولولا هذا لأصبح الحديث صحيحاً من هذا الوجه.

* رواية عمر بن محمد بن زيد ساقطة من النسخة المطبعة وقد أخرجها الحاكم عنه من طريقين كما سيأتي بيانه. راجع نسخة المخطوطة الأزهرية (رقم 634) الجزء الأول 246/ 1، ب.

ولعل الرجل المبهم هو عمرو بن ديناركما تقدم ولولا ما في طريق عمر بن محمد الأول من شدة الضعف لقلت أن عمر سمع هذا الحديث أولا بواسطة هذا الرجل ثم سمعه بعد ذلك من سالم لأنه روى عن سالم في الصحيحين ذكر ذلك الحاكم (راجع نسخة المخطوطة 1/246/ 1، ب) وهو من عائلة عمر بن الخطاب كما هو معروف. أو أنه سمعه أولا من سالم ثم سمعه بعد ذلك من هذا الرجل فحدث به على الوجهين قاصدا- بذكر هذا الرجل- الإشارة إلى أنه رواه معه عن سالم غيره.

ولعلل الدارقطني لما قال فعاد الحديث إلى عمرو بن دينار غفل عن رواية محمد بن واسع دل على هذا قوله في الإفراد عقب حديث عمر بن محمد غريب من حديث عمر بن محمد عن سالم عن أبيه عن جده وإنما يعرف هذا من حديث عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم ولم يأت في كلامه في الكتابين ذكر لرواية محمد بن واسع- وطريق عمرو بن دينار مع طريق محمد بن واسع كافيان في جعل الحديث حسنا لغيره. والله اعلم.

وله شاهدان من حديث عبد الله بن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.

فحديث عبد الله بن عمر أخرجه الحاكم (المستدرك 1/ 539) من طريق مسروق بن المرزبان عن حفص بن غياث عن هشام ابن حسان عن عبد الله بن دينار. قال الحاكم:" هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ". وقال الذهبي:" مسروق بن المرزبان ليس بحجة ".

== وأخرجه من طريق آخر العقيلي (الضعفاء الكبير 3/ 304) وابن عدي (الكامل 5/1745) والحاكم (المستدرك 1/ 539) وذلك من طريق عمران بن مسلم المكي. قال الذهبي قال البخاري عمران منكر الحديث (راجع التاريخ الكبير 6/ 419 والمستدرك 1/ 539) .

وحديث ابن عباس أخرجه ابن السني (عمل اليوم والليلة 77) وفيه نهشل بن سعيد متروك (التقريب 566) والضحاك بن مزاحم لم يلق ابن عباس (المراسيل لابن أبى حاتم94) .

ص: 57

لأن ما اشتمل عليه هذا الحديث ثابت بأحاديث أخر صحيحة، لأن استحباب الذكر ثابت وكونه في السوق يؤخذ من استحباب ذكر الله عند الغافلين كما جاء في الحديث، ذكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء بين الشجر اليابس1.

إذا عمل به مع قطع النظر عن الثواب المذكور لأن رجاء ذلك الثواب مع سعة فضل الله وعظيم رحمته يحتاج إلى ما يؤكد صحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الاستدلال على رجاء ذلك الثواب بحديث: "من بلغه عن الله شيء....".

فسبق بيان أنه لم يثبت في هذا الباب شيء.

ولشيخ الإسلام كلام يوضح ما ذكرت من أن الحديث الضعيف له حالتان:

الأولى: أن يحمل في طواياه ثواباً لعمل ثبتت مشروعيته بدليل شرعي فهذا يجوز العمل به بمعنى، أن النفس ترجو ذلك الثواب.

قال رحمه الله: "أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي وروي في فضله حديث

1 يدل صنيع الشيخ رحمه الله على أن الحديث صحيح وليس كذلك لما يأتي:

أخرجه الحسن بن عرفة في جزئه (الحديث 45) ومن طريقه أخرجه ابن عدي (الكامل 5/ 1745) وأبو نعيم (حلية الأولياء 6/ 181 ترجمة عمران القصير) والبيهقي (شعب الإيمان 1/137 باب الإيمان بوجوب محبة الله عز وجل، فصل في إدامة ذكر الله عز وجل والخطابي (غريب الحديث 1/77) .

واللفظ للحسن قال: حدثنا يحي بن سليم الطائفي قال سمعت عمران بن مسلم وعياد بن كثير يحدثان عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ذاكر الله في الغافلين مثل الذي يقاتل عن الفارين، وذاكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر الذي قد تحاث ورقه من الصريد "- قال يحي بن سليم: يعنى بالصريد: البرد الشديد- وذاكر الله في الغافلين يغفر الله عز وجل له بعدد كل فصيح وأعجم. قال: فالفصيح بنو آدم والأعجم: البهائم وذاكر الله في الغافلين يعرفه الله عز وجل مقعده من الجنة".

وأخرجه من طرق أخرى عن يحي بن سليم عن عمران البيهقي في شعب الإيمان (1/137) وابن عساكر (الأحاديث الضعيفة 671) ومداره في جميع هذه الطرق على عمران بن مسلم المكي وهو منكر الحديث قاله البخاري (التاريخ الكبير 6/ 419 وراجع الكامل 5/ 1745) . وقد قال البخاري:" من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه. وقد قرن به عباد بن كثير، ولا يصلح للمتابعة لأنه أسوأ حالا منه إذ أنه متروك ". قال أحمد:" روى أحاديث كذب "(التقريب 290) .

وقال ابن عدي:" وهذا عندي قد حمل يحيى بن سليم حديث عباد بن كثير على حديث عمران بن مسلم فجمع بينهما وعمران خير من عباد ".

وضعف الحديث العراقي (المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج الأحياء1/ 294) ورمز له السيوطي بالضعف (فيض القدير: 3/ 559) .

ص: 58

لا يعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقاً ولم يقل أحد من الأئمة أن يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف ومن قال هذا فقد خالف الإجماع"1.

الحالة الأخرى: أن يتضمن عملاً لم يثبت بدليل شرعي يظن بعض الناس أنه مشروع فهذا لا يجوز العمل به لأن اعتقاد موجبه ومقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي2.

وقال ابن تيمية مبيناً مراد العلماء القائلين بالعمل بالحديث الضعيف: "وإنما مرادهم بذلك أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يحبه الله أو مما يكرهه الله بنص أو إجماع كتلاوة القرآن والتسبيح والدعاء والصدقة والعتق والإحسان إلى الناس وكراهة الكذب والخيانة ونحو ذلك فإذا روي حديث في فضل بعض الأعمال المستحبة وثوابها وكراهة بعض الأعمال وعقابها فمقادير الثواب والعقاب وأنواعه إذا روي فيها حديث لا نعلم أنه موضوع جازت روايته والعمل به بمعنى أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف من ذلك العقاب كرجل يعلم أن التجارة تربح لكن بلغه أنها تربح ربحاً كثيراً فهذا إن صدق نفعه وإن كذب لا يضره"3.

قلت: إلا أن هذا لا يقصر العمل بالأحاديث الضعيفة على شدة الإندفاع إلى العمل أو الإنكفاف عنه فحسب وإنما يعني أمراً آخر وهو رجاء ذلك الثواب الذي ينتفع به

= وقد وهم المناوي (فيض القدير 3/ 559) في جعل عمران راوي الحديث (القصير البصري) ولعله تبع في ذلك أبا نعيم، إذ أن أبا نعيم أورد هذا الحديث في ترجمة القصير، والدارقطني إذ قال:" وقد قيل أن عمران بن مسلم هذا ليس بعمران القصير ذكره أبو عيسى محمد بن سورة الحافظ عن البخاري وهو عندي عمران القصير والله اعلم "(العلل 4/ لوحة 58) قلت: والحق أنهما اثنان ذلك مكي وهذا بصري، وقد فرق بينهما البخاري وابن أبي حاتم ويعقوب بن سفيان وابن أبي خيثمة والعقيلي وابن عدي والذهبي (راجع التهذيب: 8/138 وميزان الاعتدال: 3/242 والجرح والتعديل: 6/ 304) ولا سلف للدارقطني ولا اعتمد على شيء في ذلك.

وقد ذكر الأئمة هذا الحديث في ترجمة (المكي) منهم ابن عدي والذهبي وحكموا عليه بالضعف، جاعلين علته عمران بن مسلم المكي.

وإيراد أبي نعيم هذا الحديث في ترجمة عمران القصير وهم ولعل منشأ هذا الوهم إضافة عمران في السند عنده إلى القصير وهذا إما وهم منه أو من شيخه أو شيخ شيخه ومما يؤكد الوهم في ذلك أن الحديث مخرج من طريق الحسن بن عرفة عنده وعند جميع من تقدم ذكره ولم يرد عند غيره إضافة عمران إلى القصير.

ولو كان واحداًً لما حكم عليه البخاري بمنكر الحديث كما تقدم ثم يخرج له في صحيحه (راجع هدي الساري 2/ 200) .

والحديث أخرجه أيضاً ابن صهري في اماليه وابن النجار وابن شاهين في الترغيب (كنز العمال: 1/ 430) ولم أقف على أسانيدها.

وقد قال ابن شاهين:" هذا حديث صحيح الإسناد، حسن المتن، غريب الألفاظ ". فان كان من غير هذا الطريق فلعله كما قال وإلا فقد عرفت ضعف هذا الطريق. والله أعلم.

1 الفتاوى: 1/ 251.

2 الفتاوى: 18/ 65، 68.

3 الفتاوى: 18/ 66.

ص: 59

العامل إن كان صدقاً ولا يضره إن كان كذباً لكن النفس لم تندفع لذلك العمل إلا رجاء عظيم ثوابه فما الذي دل على ذلك الثواب وهو من الأمور المغيبة التي لا تعرف إلا من طريق الخبر فيبقى الأمر لذلك الخبر الذي صدقه العامل برجاء ما فيه من الثواب فيكون له في ذلك نصيب من الكذب الذي ينبغي للمؤمن أن يحتاط لنفسه لئلا يقع فيه ولا ينبغي له أن يعمل أو يصدق إلا بما غلب على ظنه صحة نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. والعامل الذي يرجو ثواباً لم يرد في حديث صحيح لو سئل لماذا عملت بهذا؟ لأشار إلى هذا الثواب ناسباً إياه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك لو رغب غيره للعمل به سيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيذكر الحديث المتضمن لذلك.

وشريعة الله كاملة لا تحتاج إلى شيء عليها.

قال تعلى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ

} 1 فنحن بغنى عن هذا الحديث الضعيف أما ما لم يكن حديثاً كأن يكون من الإسرائيليات أو من المنامات أو أقوال السلف أو وقائع حصلت جاز ذكره في الترغيب والترهيب والترجيه والتخويف إذا علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع لانتفاء الخطر المذكور آنفاً عنه ولقوله صلى الله عليه وسلم: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" أخرجه البخاري2 فلو لم يكن في التحديث عنهم فائدة لما رخص في ذلك3.

وللإِمام الشاطبي كلام فيه حسم لهذا الموضوع قال: "أن العمل المتكلم فيه إما أن يكون منصوصاً على أصله جملة وتفصيلاً أو لا يكون منصوباً عليه لا جملة ولا تفصيلاً أو يكون منصوصاً عليه جملة لا تفصيلاً".

فالأول: لا إشكال في صحته، كالصلوات المفروضات والنوافل المرتبة لأسباب وغيرها، وكالصيام المفروض، أو المندوب على الوجه المعروف، إذا فعلت على الوجه الذي نص عليه من غير زيادة ولا نقصان، كصيام عاشوراء أو يوم عرفة والوتر بعد نوافل الليل، وصلاة الكسوف. فالنص جاء في هذه الأشياء صحيحاً على ما شرطوا، فثبتت أحكامها من الفرض والسنة والإستحباب، فإذا ورد في مثلها أحاديث ترغيب فيها، أو تحذير من ترك الفرض منها، وليست بالغة مبلغ الصحة، ولا هي أيضاً من الضعف بحيث لا يقبلها أحد، أو كانت موضوعة لا يصح الإستشهاد بها، فلا بأس بذكرها والتحذير بها والترغيب، بعد ثبوت أصلها من طريق صحيح.

1 سورة: المائدة، الآية:3.

2 صحيح البخاري أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل (فتح الباري 6/ 496) .

3 الفتاوى: 18/ 66.

ص: 60

والثاني: ظاهر أنه غير صحيح، وهو عين البدعة. لأنه لا يرجع إلاّ لمجرد الرأي المبني على الهوى، وهو أبدع البدع وأفحشها، كالرهبانية المنفية عن الإسلام، والخصاء لمن خشي العنت، والتعبد بالقيام في الشمس، أو بالصمت من غير كلام أحد. فالترغيب في مثل هذا لا يصح، إذ لا يوجد في الشرع، ولا أصل له يرغب في مثله، أو يحذر من مخالفته.

والثالث: ربما يتوهم أنه كالأول من جهة أنه إذا ثبت أصل عبادة في الجملة، فيسهل في التفصيل نقله من طريق غير مشترط الصحة. فمطلق التنفل بالصلاة مشروع، فإذا جاء ترغيب في صلاة ليلة النصف من شعبان1 فقد عضده أصل الترغيب في صلاة النافلة. وكذلك إذا ثبت أصل صيام، ثبت صيام السابع والعشرين من رجب2 وما أشبه ذلك. وليس كما توهموا، لأن الأصل إذا ثبت في الجملة لا يلزم إثباته في التفصيل، فإذا ثبت مطلق الصلاة لا يلزم منه إثبات الظهر والعصر أو الوتر أو غيرها حتى ينص عليها على الخصوص. وكذلك إذا ثبت مطلق الصيام لا يلزم منه إثبات صوم رمضان أو عاشوراء أو شعبان أو غير ذلك، حتى يثبت بالتفصيل بدليل صحيح. ثم ينظر بعد ذلك في أحاديث الترغيب والترهيب بالنسبة إلى ذلك العمل الخاص الثابت بالدليل الصحيح وليس فيما ذكر في السؤال شيء من ذلك، إذ لا ملازمة بين ثبوت القيام الليلي والنهاري في الجملة، وبين قيام ليلة النصف من شعبان بكذا وكذا ركعة يقرأ في كل ركعة منها بسورة كذا على الخصوص كذا وكذا مرة. ومثله صيام اليوم الفلاني من الشهر الفلاني، حتى تصير تلك العبادة مقصودة على الخصوص ليس في شيء من ذلك ما يقتضيه مطلق شرعية التنفل بالصلاة أو الصيامِ والدليل على ذلك أن تفضيل يوم من الأيام أو زمان من الأزمنة بعبادة يتضمن حكماً شرعياً فيه على الخصوص، كما ثبت لعاشوراء مثلاً، أو لعرفة أو لشعبان مزية على مطلق التنفل بالصيام، فإنه ثبت له مزية على الصيام مطلق الأيام. فتلك المزية اقتضت مرتبة في الأحكام أعلى من غيرها لا تفهم من مطلق مشروعية الصلاة النافلة، لأن مطلق المشروعية يقتضي

1هذا العمل مأخوذ من حديث علي رضي الله عنه وقد سبق مع الحكم عليه وروى أيضا من حديث أبي هريرة قال بن الجوزي فيه موضوع وفيه جماعة مجهولون (الموضوعات: 2/129) .

2صوم هذا اليوم مروي عن انس بن مالك رضي الله عنه أخرجه هناد النسفي في جزئه من فوائده من طريق الزهري عن أنس قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم:" بعثت نبياً في السابع والعشرين من رجب فمن صام ذلك اليوم كان له كفارة ستين شهراً " أورده الحافظ ابن حجر في كتابه تبيين العجب بما ورد في فضل رجب ص 28 وقال:" سنده منكر "- وروى فضل صوم هذا اليوم عن ابن عباس وأبي هريرة موقوف عليها ذكر ذلك الحافظ (تبيين العجب ص 18،28) وقد قال في مطلع كتابه (ص 3) :" لم يرد في فضل رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروى الحافظ، وجميع الأحاديث الواردة في فضل شيء منه أو في فضله إما ضعيفة أو موضوعة ". وقال الحافظ:" وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب أو في فضل صيامه أو صيام شيء منه صريحه فهي على قسمين ضعيفة وموضوعة ".

ص: 61

الحسنة بعشر أمثالها - إلى سبعمائة ضعف في الجملة. وصيام يوم عاشوراء يقتضي أنه يكفر السنة التي قبله، فهو أمر زائد على مطلق المشروعية، وما يفيد له مزيد في الرتبة، وذلك راجع إلى الحكم.

فإذا هذا الترغيب الخاص يقتضي مرتبة في نوع من المندوب خاصة، لأن من رجوع إثبات الحكم إلى الأحاديث الصحيحة بناء على قولهم: إن الأحكام لا تثبت إلا من طريق صحيح والبدع المستدل عليها بغير الصحيح لا بد فيها من الزيادة على المشروعات كالتقييد بزمان أو كيفية مَّا. فيلزم أن تكون أحكام تلك الزيادات ثابتة بغير الصحيح، وهو ناقض إلى ما أسسه العلماء.

ولا يقال: إنهم يريدون أحكام الوجوب والتحريم فقط. لأنا نقول: هذا تحكم من غير دليل، بل الأحكام خمسة. فكما لا يثبت الوجوب إلا بالصحيح فإذا ثبت الحكم فاستسهل أن يثبت في أحاديث الترغيب والترهيب، ولا عليك. فعلى كل تقدير: كل ما رغب فيه إن ثبت حكمه ومرتبته في المشروعات من طريق صحيح فالترغيب بغير الصحيح مغتفر. وإن لم يثبت إلا من حديث الترغيب، فاشترط الصحة أبداً، وإلا خرجت عن طريق القوم المعدودين في أهل الرسوخ. فلقد غلط في هذا المكان جماعة ممن ينسب إلى الفقه. ويتخصص عن العوام بدعوى رتبة الخواص. وأصل هذا الغلط عدم فهم كلام المحدثين في الموضعين، وبالله التوفيق.

الشرط الرابع: وأما قولهم أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. فعدم نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يغلب على الظن أنه قال ذلك أمر مسلّم به وموافق للحق لكن هل يتصور الجمع بين عدم اعتقاد ثبوته والعمل به؟!

لأن الإنبعاث إلى العمل به متسبب عن ذلك الخبر، وقائم عليه. فإذا لم يعتقد ثبوته فلماذا يعمل به؟ والحالة هذه وكل عامل بمثل هذا لو سئل عن الدافع إلى ذلك العمل لم يتردد عن الإشارة إلى هذا الحديث. ولو لم يرد فيه حديث لم يعمل به. فهل يمكن أن يقول زيد لعمر وحرك يدك أو رجلك على شكل كذا وكذا ويكون لك من الثواب كذا وكذا فهل يصدقه بذلك ويعمل بما قال؟! وهو يعلم أن ما قاله هو من قبل نفسه، وإن صدقه في ذلك فلا مرية في اختلال عقله.

ص: 62

واشتراط هذا الشرط قد يكون نظرياً لا عملياً لأنه لا يمكن كما قلت تصور الجمع بين عدم الإعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله وبيّن العمل به. وإذا أفتى العلماء بمثل ذلك أو عملوا لا يتوقون عدم الإعتقاد مثال ذلك ما قاله الإمام البيهقي في حديث أبي هريرة في سترة المضلي وفيه:" فإن لم تكن معه عصاً فليخططْ خطً".

قال بعد أن ذكر الإختلاف في سنده وأنه لم يرد إلا من هذا الوجه قال:" واحتج الشافعي رحمه الله بهذا الحديث في القديم ثم توقف فيه في الجديد "فقال في كتاب البويطي: "ولا يخط المصلي بين يديه خطاً إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فليتبع وكأنه عثر على ما نقلناه من الإختلاف في إسناده. ولا بأس به في مثل هذا الحكم إن شاء الله"1.

تعقيب على ما تقدم:

قال عجاج الخطيب: "وقد يقال أن ثبوت الفضائل والترغيب فيها لا يلزمه حكم، فحين يروى خبر ضعيف في ثواب أمر من الأمور الثابت استحبابها والترغيب فيه أو في فضائل بعض الصحابة رضي الله عنهم لا يلزم من هذا الخبر ثبوت حكم فنقول هذا لا خلاف فيه من حيث عدم إثبات حكم في الفضائل ولكن الخلاف والكلام في رواية الضعيف والعمل به عامة"2.

والقول بالعمل في الأحاديث الضعيفة بالشروط المتقدمة نظري لا عملي بالنسبة لجماهير الناس لأنه من أين لهم تمييز الحديث الضعيف من الضعيف جداً ومن أين لهم تمييز ما يجوز العمل به منه مما لا يجوز. وكيف يجمعون بين العمل وبين عدم اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؟! ومن أين يعرفون أنه داخل تحت أصل كذا وكذا إلى غير ذلك.

فيرجع الأمر إلى منع العمل بالحديث الضعيف مطلقاً، كما ذهب إليه أهل القول الأول وهو ظاهر قول ابن حبان في كتابه المجروحين. أن ما روى الضعيف وما لم يرو في الحكم سيان3.

والعامل بالحديث الضعيف يخشى عليه من مشاركة الكذابين بالإثم الوارد في حق من فعل ذلك لأنه صدق ذلك بعمله.

قال الحافظ ابن حجر: "وليحذر المرء من دخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "من حدث عني

1 السنن الكبرى: 2/ 271.

2 أصول الحديث 349.

3 المجروحين: 1/327 ترجمة سعيد بن زيد بن فائد.

ص: 63