الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الرد على النصارى في ادعائهم ألوهية المسيح عليه السلام]
كما يزعم النصارى أن الحواريين أفضل من الأنبياء، وأن الله يخاطبهم أعظم مما خاطب به موسى بن عمران وكل ما أمعن المسلم النظر في أمرهم وجد عندهم من الكذب والضلال والجهل مما لا يعلمه إلا الله وهم أكفر من النصارى من وجه والنصارى أكفر منهم من وجه.
والمقصود هنا أن يقال للنصارى: اللاهوت الذي تدرعه ناسوت المسيح هو الرب القديم الأزلي الجامع الأقانيم أو هو صفة من صفاته؟ إذ ليس إلا الرب القديم الموصوف بالحياة والعلم والقدرة وكل من القولين يبطل مذهبهم فإن قالوا هو الرب القديم الأزلي لزم أن يكون المسيح هو الرب القديم الأزلي ولا يكون ابنًا ولا يقعد عن يمين الله ويكون فيه أقنوم الحياة والوجود والعلم والقدرة والنصارى يلمزون من يقول ذلك، وإن قالوا إنه صفة من صفاته كما يقولون إن المتدرع به أقنوم الكلمة
فجوابهم من وجهين أحدهما أن الصفة لا تفارق الموصوف وتحل بغيره لا صفة المخلوق ولا صفة الخالق وهذا معلوم بصريح العقل وقد تقدم بطلان تمثيلهم بشعاع الشمس.
الثاني أن الصفة نفسها ليست إلهًا يخلق ويرزق ويغفر ويرحم. كيحيى بن عدي النصراني الذي رد على أبي عيسى الوراق وأمثاله قد يمثلون ذلك بقول القائل زيد الكاتب الحاسب فهو وزيد الطبيب* فيجعل له مع كل صفة حكمًا غير حكمه مع الصفة الأخرى ويقال لهم معلوم أن الله تعالى له الأسماء الحسنى كالرحيم والعزيز والعليم والقدير فالمسمى واحد وله الأسماء الحسنى ولهذا
[التعليق]
* المثال المذكور هنا يشكو من السقط والتحريف، وصوابه ما في «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح» (3/231) حيث قال شيخ الإسلام: «
…
ولا ينجيكم من هذا اعتذار من اعتذر منكم، كيحيى بن عدي ونحوه، حيث قالوا: هذا بمنزلة قولك: زيد الطبيب الحاسب الكاتب، ثم تقول: زيد الطبيب وزيد الحاسب وزيد الكاتب» .
الاسم صفة وحكم ليست للاسم الآخر والمسمى واحد فالأسماء تجتمع في مسمى الذات وتتنوع في مسمى الصفات وأن كل اسم يدل على معنى الآخر بطريق التلازم لذات إذا حلت بمحل تبعتها الصفات كلها ومن المعلوم أن الصفة الواحدة لا تحل في محل دون سائر الصفات ولا دون الذات فلو قال قائل زيد الطبيب حل في هذا المحل دون زيد الحاسب أو الكاتب في المثال المذكور مفتريًا* فكذلك من قال أن أقنوم الكلمة حل بالمسيح دون أقنوم الوجود والحياة كان كذابًا مفتريًا فهم مشركون مفترون جاهلون وهم أعظم الطوائف فرية على رب العالمين. والله سبحانه أعلم وأحكم والحمد لله وحده وصلواته على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا..
تمت
[التعليق]
* كذا في الأصل. ولعل الصواب: (كان مفتريًا) .