المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الترغيب في السنة والتحذير من البدعة - تعليق مختصر على لمعة الاعتقاد للعثيمين

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌الترغيب في السنة والتحذير من البدعة

‌الترغيب في السنة والتحذير من البدعة

[6]

وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم والاهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"عَلَيْكُم بِسُنَّتي وسُنَّة الخُلَفَاءِ الرَّاشِدين الْمَهديين مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عليها بالنَواجِذِ، وَإِيَّاكُم وَمُحْدَثَاتِ الأُمُور، فإنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالة".

.... الشرح....

والاقتداء بهم في ذلك واجب لقوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح وصححه الألباني وجماعة9.

9 حديث صحيح: أخرجه أحمد في المسند "126/4، 127".

وأبو داود: كتاب السنة: باب في لزوم السنة "4607".

والترمذي: كتاب العلم: باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة "2676".

وابن ماجه: في المقدمة: باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين "42، 43" والدارمي "44/1" وابن حبان "102 - موارد" والحاكم "97/1" وابن أبي عاصم في السنة "ص 17: 20، 29، 30" البيهقي في دلائل النبوة "541/6" وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله "222/1: 224" من حديث العرباض بن سارية أبي نجيح رضي الله عنه. وقد صححه غير واحد من أهل العلم: فقال الترمذي: "حسن صحيح" وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ونقل ابن عبد البر عن أبي بكر أحمد بن عمرو البزار قوله: حديث عرباض في الخلفاء الراشدين صحيح ثابت، ثم قال: وهو كما قال. وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية في غير موضع "309/20" مجموع الفتاوى، وفي اقتضاء الصراط المستقيم "579/2".

أما تصحيح الألباني الذي أشار إليه الشيخ ففي صحيح الجامع الصغير "346/2" وفي تخريج السنة لابن أبي عاصم ص "17: 20"، ص "29، 30".

ص: 39

السنة والبدعة وحكم كل منهما:

السنة لغة: الطريقة. واصطلاحًا: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من عقيدة أو عمل. واتباع السنة واجب لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب: 21] .

وقوله صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُم بِسُنَّتي وسُنَّة الخلفاءِ الرَّاشدين الْمَهْدِيين مِن بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّواجِذ".

والبدعة لغة: الشيء المستحدث. واصطلاحًا: ما أُحْدِثَ في الدين على خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من عقيدة أو عمل.

وهي حرام لقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء: 115] .

وقوله صلى الله عليه وسلم: "وَإِيَّاكُم وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فإنَّ كُلَّ مُحْدَثةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بدعةٍ ضَلالَة".

= *فائدة:

*قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم ص "365" في شرحه لهذا الحديث في الكلام على محدثات الأمور وتعديدها: "وأصعب من ذلك ما أحدث من الكلام في ذات الله وصفاته مما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم-والصحابة والتابعين لهم بإحسان. فقوم نفوا كثيرا مما ورد في الكتاب والسنة من ذلك وزعموا أنهم فعلوه تنزيها لله عما تقتضي العقول تنزيهه عنه، وزعموا أن لازم ذلك مستحيل على الله عز وجل. وقوم لم يكتفوا بإثباته حتى أثبتوا ما يظن أنه لازم له بالنسبة إلى المخلوقين، وهذه اللوازم نفيًا وإثباتًا درج صدر الأمة على السكوت عنها" أ. هـ.

ص: 40

[7]

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم 10.

[8]

وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلاما معناه: قف حيث وقف القوم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفُّوا وهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، فلئن قلتم: حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم، ولقد وصفوا منه ما يشفي، وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم محسر،

10 أثر صحيح: وقد رواه عن ابن مسعود غير واحد من التابعين منهم:

أ- أبو عبد الرحمن السلمي:

أخرجه الدارمي "211" والطبراني في الكبير "8870" والبيهقي في المدخل "204" وابن وضاح في البدع والنهي عنها ص "10" كلهم من طريق الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عنه، وقال الهيثمي في المجمع "181/1": ورجاله رجال الصحيح.

قلت: لكن الإسناد فيه عنعنة الأعمش وعنعنة حبيب بن أبي ثابت وكلاهما مدلس.

ب- إبراهيم النخعي:

أخرجه أبو خيثمة في العلم "54" من طريق العلاء عن حماد عنه وصحح إسناده الألباني حيث قال: "وهذا إسناد صحيح، فإبراهيم وإن كان لم يدرك عبد الله وهو ابن مسعود فقد صح عنه أنه قال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله فهو غير واحد عن عبد الله".

ج- قتادة:

أخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها ص "11" من طريق أبي هلال عنه، وأبو هلال هذا هو محمد بن سليم صدوق وفيه لين أخرج له البخاري في التعاليق.

وبالجملة فأثر ابن مسعود بهذه الطرق صحيح بلا ريب والله أعلم.

ص: 41

وما دونهم مُقصِّر، لقد قصَّر عنهم قوم فجفوا، وتجاوزهم آخرون فغلوا، وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم 11.

[9]

وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي رضي الله عنه: عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال، وإن زخرفوه لك بالقول12.

11 الأثر أورده ابن قدامة في كتابه البرهان في بيان القرآن ص "88، 89" من قول عبد العزيز بن أبي الماجشون ثم قال: "وروي معناه عن عمر بن عبد العزيز".

وقد أورده الحافظ ابن الجوزي في مناقب عمر بن عبد العزيز ص "83، 84"، وأورد الحافظ ابن رجب طرفا منه مع اختلاف يسير في رسالته فضل علم السلف ص "36" وهي قوله:"إن السابقين عن علم وقفوا، وببصر ناقد كفوا، وكانوا هم أقوى على البحث لو بحثوا" أ. هـ يشير بهذا إلى أن سكوتهم كان عن علم وخشية وليس سكوت عجز وعي، وأن توسع من توسع بعدهم لا يدل على أنهم أعلم منهم. وراجع في هذا المعنى فضل علم السلف ص "36: 41".

*كفوا: امتنعوا. بالفضل: بالزيادة. محسر: من الحسر وهو التعب والإعياء. جفوا: من الجفاء وهو التباعد. غلوا: الغلو هو تجاوز الحد.

12 أثر صحيح: أخرجه الخطيب في شرف أصحاب الحديث ص "7" والآجرى في الشريعة ص "58" وعنه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله "114/2" من طريق العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي قال: "أخبرني أبي قال: سمعت الأوزاعي يقول: فذكره".

وهذا إسناد صحيح. وأما قول الحافظ في التقريب "399/1" عن العباس بن الوليد أنه صدوق فمتعقب، فقد وثقه ابن أبي حاتم والنسائي وابن حبان وغيرهم كما في التهذيب "115/5، 116" والجرح والتعديل "216/2" وطبقات الحنابلة "235/1".

والأثر أورده الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء "120/7" وفي العلو للعلي الغفار وصحح الألباني إسناده في مختصره للعلو ص "138".

ص: 42

الشرح....

الآثار الواردة في الترغيب بالسنة والتحذير من البدعة:

1-

من أقوال الصحابة: قال ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل المتوفى سنة 32هـ عن بضع وستين سنة:

اتبعوا أي: التزموا آثار النبي صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقص.

ولا تبتدعوا: لا تحدثوا بدعة في الدين.

فقد كفيتم أي: كفاكم السابقون مهمة الدين حيث أكمل الله تعالى الدين لنبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم} [المائدة: 3] . فلا يحتاج الدين إلى تكميل.

2-

من أقوال التابعين: قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز المولود سنة 63 المتوفى سنة 101هـ قولاً يتضمن ما يأتي:

أ- وجوب الوقوف حيث وقف القوم -يعني بهم- النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما كانوا عليه من الدين عقيدة وعملا؛ لأنهم وقفوا عن علم وبصيرة ولو كان فيما حدث بعدهم خير لكانوا به أحرى.

ب- إن ما أحدث بعدهم فليس فيه إلا مخالفة هديهم والزهد في سنتهم وإلا فقد وصفوا من الدين ما يشفي وتكلموا فيه بما يكفي.

جـ- إن من الناس من قصر في اتباعهم فكان جافيًا ومن الناس من تجاوزهم فكان غاليًا والصراط المستقيم ما بين الغلو والتقصير.

ص: 43

3-

من أقوال تابعي التابعين: قال الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو المتوفى سنة 157هـ عليك بآثار من سلف: الزم طريقة الصحابة والتابعين لهم بإحسان لأنها مبنية على الكتاب والسنة.

وإن رفضك الناس: أبعدوك واجتنبوك.

وإياك وآراء الرجال: احذر آراء الرجال وهي ما قيل بمجرد الرأي من غير استناد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وإن زخرفوه: جملوا اللفظ وحسنوه فإن الباطل لا يعود حقا بزخرفته وتحسينه.

ص: 44

[10]

وقال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي لرجل تكلم ببدعة ودعا الناس إليها: هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي، أو لم يعلموها؟ قال: لم يعلموها. قال: فشيء لم يعلمه هؤلاء أعلمته أنت؟!! قال الرجل: فإني أقول: قد علموها. قال: أفوسعهم ألا يتكلموا به، ولا يدعوا الناس إليه أم لم يسعهم؟ قال: بلى وسعهم. قال فشيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه، لا يسعك أنت؟!! فانقطع الرجل. فقال الخليفة -وكان حاضراً-: لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم.

[11]

وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، والأئمة من بعدهم والراسخين في العلم من تلاوة آيات الصفات وقراءة أخبارها وإمرارها كما جاءت فلا وسع الله عليه.

.... الشرح....

مناظرة جرت عند خليفة بين الأدرمي وصاحب بدعة:

لم أطلع على ترجمة للأدرمي 13 ومن معه ولا أعلم نوع البدعة المذكورة والمهم أن نعرف مراحل هذه المناظرة لنكتسب منها طريقًا لكيفية المناظرة بين الخصوم

13 القصة أخرجها الخطيب في تاريخ بغداد "75/10" ومن طريقه ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص "431: 436" ومن طريقه ابن قدامة في التوابين ص "194" وأخرجها الذهبي في سير أعلام النبلاء "313/11" والآجرى في الشريعة ص "91: 95" وأوردها ابن كثير في البداية والنهاية "335/10"

وقد رويت القصة من طريقين أحدهما مطول والآخر مختصر وقال الحافظ الذهبي بعد ذكر الطريقة المختصرة للقصة: "هذه قصة مليحة وإن كان في طريقها من يجهل ولها شاهد" ثم ذكر لها الطريق المطول.

ويظهر من كلام الشيخ العثيمين -حفظه الله- أن في هذه القصة مبهمات أربعة الأدرمي، والمناظر له، والخليفة الذي حضر المناظرة، والبدعة التي جرت المناظرة بسببها ومن خلال التعرف على شخصية المُنَاظِر تتبين لنا بقية المبهمات =

ص: 45

_________

= الأول: الأدرمي: والذي نستطيع تأكيده أنه مُصَحَّف من الأذرمي واسمه أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن إسحاق الآذرمي روى عن وكيع وابن عيينه وابن مهدي وغيرهم، وروى عنه أبو داود والنسائي ووثقه أبو حاتم والنسائي، ترجمته في التهذيب "4/6، 5" والأنساب للسمعاني "62/1". وهو صاحب القصة المذكورة كما جاء في المصادر التي وردت بها القصة وكما رجح غير واحد من أهل العلم فروى الخطيب في تاريخه "77/10، 78" وابن الجوزي في المناقب ص "436" أن الحافظ أبا بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي حدَّث بهذه المناظرة ثم قال: "الشيخ هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي" أ. هـ.

وقال الخطيب في تاريخه "75/10": وكان هارون الواثق بالله أشخص شيخا من أهل أذنه للمحنة وناظر ابن أبي دُوَاد بحضرته واستعلى عليه الشيخ بحجته فأطلقه الواثق ورده إلى وطنه، ويقال: إنه كان أبا عبد الرحمن الأذرمي أ. هـ.

وقال الحافظ في التهذيب "5/6" بعد أن ذكر كلام الخطيب: قلت القصة مشهورة حكاها المسعودي وغيره، ورواها السياري في الألقاب بإسناد له قال فيه: إن الشيخ المناظر هو الأذرمي هذا أ. هـ.

وقال السمعاني في الأنساب "62/1" في مادة: الأذرمي: بعد الألف وفتح الذال المعجمة وسكون الراء، وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى آذرم، وظني أنها من قرى أذنة بلدة من الثغر منها أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن إسحاق الآذرمي.... ثم ترجم له وذكر مثل كلام الخطيب.

الثاني: المناظر له وهو أحمد بن أبي دُوَاد: القاضي الكبير أبو عبد الله أحمد بن فرج بن حريز الإيادي البصري البغدادي الجهمي عدو أحمد بن حنبل. كان داعية إلى خلق القرآن كانت له منزلة ومشورة عند الخليفة المأمون والمعتصم والواثق وكان إلْبًا على الإمام أحمد يوم المحنة يقول يا أمير المؤمنين اقتله هو ضال مضل، راجع ترجمته في: وفيات الأعيان "81/1" وسير أعلام النبلاء "169/11" والبداية والنهاية "319/10" وشذرات الذهب "93/2".

الثالث: الخليفة الذي حضر المناظرة هو الواثق بالله هارون بن محمد "المعتصم بالله" ابن هارون الرشيد العباسي أبو جعفر من خلفاء الدولة العباسية بالعراق ولد ببغداد وولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة 227هـ فامتحن الناس في خلق القرآن وسجن جماعة، والظاهر أن تاب عن ذلك في آخر عمره كما جاء في سياق روايات القصة التي نحن بصدد الكلام عليها ففي آخرها قال المهتدي بالله ابن الخليفة الواثق بالله:"فرجعت عن هذه المقالة، وأظن أن الواثق رجع عنها منذ ذلك الوقت" أ. هـ.

وقد عنون الحافظ ابن قدامة في التوابين ص "194" لهذه القصة بقوله: توبة الواثق بالله وابنه المهتدي بالله. وقال الحافظ ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد ص "431": وقد روي =

ص: 46

وقد بنى الأدرمي رحمه الله مناظرته هذه على مراحل ليعبر من كل مرحلة إلى التي تليها حتى يفحم خصمه.

المرحلة الأولى: العلم فقد سأله الأدرمي هل علم هذه البدعة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه؟ قال البدعي: لم يعلموها وهذا النفي يتضمن انتقاص النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه حيث كانوا جاهلين بما هو من أهم أمور الدين ومع ذلك فهو حجة على البدعي إذا كانوا لا يعلمونه ولذلك انتقل به الأدرمي إلى:

المرحلة الثانية: إذا كانوا لا يعلمونها فكيف تعلمها أنت؟ هل يمكن أن يحجب الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين علم شيء من الشريعة ويفتحه لك؟ فتراجع البدعي وقال أقوال قد علموها فانتقل به إلى:

المرحلة الثالثة: إذا كانوا قد علموها فهل وسعهم أي: أمكنهم ألا يتكلموا بذلك ولا يدعوا الناس إليه أم لم يسعهم؟ فأجاب البدعي بأنهم وسعهم السكوت وعدم الكلام فقال له الأدرمي: فشيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه لا يسعك أنت فانقطع الرجل وامتنع عن الجواب؛ لأن الباب انسد أمامه.

فصوب الخليفة رأي الأدرمي ودعا بالضيق على من لم يسعه ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه.

وهكذا كل صاحب باطل من بدعة أو غيرها فلابد أن يكون مآله الانقطاع عن الجواب.

= أن الواثق ترك امتحان الناس بسبب مناظرة جرت بين يديه رأى بها أن الأولى ترك الامتحان، ثم ساق القصة بطولها.

الرابع: البدعة التي جرت المناظرة بسببها: هي بدعة القول بخلق القرآن تلك الفتنة الكبرى التي امتحن بسببها أئمة أعلام على رأسهم الإمام الرباني والصديق الثاني أحمد بن حنبل رحمه الله.

وراجع مقدمة الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في تعليقه على لمعة الاعتقاد حيث نبه على هذا التصويب أيضًا بإشارة لطيفة.

ص: 47