الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[توطئة]
توطئة 1 - هذه الأسئلة لم تكن وليدةَ الساعة، ولكنَّها أسئلة وشُبَهٌ قديمة قِدَمَ الهجوم على الإسلام.
وإنَّ المطّلع عليها وعلى أمثالها ممَّا هو مبثوث هنا يدرك أنّ واضعيها على مختلف أعصارهم وأغراضهم لا يريدون الجواب ولا يقصدون تلمُّسَ الحقِّ، ولكنَّهم يُلقونها في وسط ضجيج كبير يثيرونه في عمق المجتمع وفي ساحاته الفكريَّة، ثمَّ ينطلقون بسرعة خاطفة وقد وضعوا أصابعهم في آذانهم؛ خوفًا مِن أن يسمعوا أو يدركوا جوابا سليما، فكأنَّ مبتغاهم إلقاء متفجِّرات موقوتة في أشدِّ الساحات ازدحامًا ثمَّ يفرُّون على عجل قبل أن تنفجر فيصيبهم شيء من شظاياها.
2 -
كم هو جميل أن يتَّفقَ على مُسَلَّمات بين
المتحاورين؛ ليكونَ منها المنطلق وإليها المرد.
ولكن إحساس الباحث أنَّ المقصد من وراء إثارة هذه الأسئلة هو التشكيك وزرع الشبه، بل مِن أجل استعداء الآخرين باسم الانتصار للمرأة، ومحاربة التفرقة العنصريَّة، والدندنة حول المساواة وحقوق الإنسان، وغير ذلك من الدعاوى العريضة، وأنت خبير بأنَّها مبادئ بل دعاوى لها بريقها عند المستضعفين والمغلوب على أمرهم، ولكنَّها عند التحقيق والتدقيق سراب يحسبه الظمآن ماءً، حتَّى إذا جاءه لم يجدْه شيئًا، بل يجد كبيرًا مستكبرَا يحتضن صغيرًا محقورًا يُربِّت على كتفيه ليأكله حالًا أو يحتفظ به ليسمن فيأكله مآلًا، إنَّها شريعة الغاب مغلَّفةٌ بأغلفة رقيقة من القانون والمدنية أفرزتها التقنية المعاصرة في جملة ما أفرزتْه.
3 -
عند الحوار يجب أن يتقرَّر النموذج الأمثل الذي ينبغي أن يحتذى ليكون مرجعًا في التمثيل وهدفًا يُسعى إلى بلوغه.
وحيث إنَّ هذه الأسئلة صدرت من مؤسسة تنصيريَّة اسمها " الآباء البِيض "، فهل تريد هذه المؤسسة أن تكون المبادئ النصرانيَّة هي الأنموذج المحتذَى؟ ، لا أظنُّ ذلك؛ لأنّ الجميع من النصارى وغيرهم يعلم واقعَ النصرانيَّة من خلال كتابها المقدس ومن لخلال ممارسات البابوات والرهبان في الماضي والحاضر، وفي ثنايا إجابتي هذه قد أُلمح إلى نموذج من الانحرافات النصرانيَّة والكنسية.
وإن كانت اليهودية هي الأنموذج، فحقيقة النصرانية وبابواتها وأحبارها ومراجعها يرون أنَّ اليهوديَّة محرفَّة وغير صالحة.
أمَّا إذا كان الأنموذج هو الحضارة الغربيَّة المعاصرة، فما شأن البابوات وأتباعهم بها؟ ، وإن كانوا معجبين بها وعندهم قناعة ليعرضوها على الناس ويدعوهم إليها، فهذه تبعية مخجلة؛ لأنَّ هذه الحضارة - كما يعلم القاصي والداني - من أهمِّ الأسباب المقرّرة في ازدهارها بعدُها عن الكنيسة ورجالاتها، وقد شردت هاربةً منها هروبًا لا رجعَ بعده إلَاّ إذا أرادت هذه الحضارة أن تنتكس في رجعية القرون الوسطى كما يقولون.
أمَّا الكاتب هنا، فلا يرى نموذج هذه الحضارة صالحًا ليكونَ المحتذَى؛ إذ أنَّ فيه انحرافًا ظاهرًا وبؤسًا على البشريَّة يحيط العالم بسببه خوف وإرهاب وتوتُّر وقلقٌ يوشك أن ينتهي إلى تدمير حقيقيٍّ شامل يعمُّ الحضارة وصُنَّاعها، وفيه
غير الانحراف مبادئ جوفاء من حقوق الإنسان والمساواة لا واقع لها، وإن كان لها شيء من الواقعيَّة، فهو مختص بالرجل الأبيض، أمَّا من عداه فليس إلَاّ قانون الغاب أو مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) .
وبهذا يتقرَّر - مع الأسف - أنَّه ليس ثمَّة أرضيَّة مشتركة مقنعة ننطلق منها لنصل إلى نتيجة مقنعة.
4 -
جميع الأسئلة المثارة لا يوجد لها جواب في الديانة النصرانيَّة والعقيدة المسيحيَّة، فكيف تثيرها مؤسسة تنصيريَّة؟ .
فقضايا الرقِّ وقضايا المرأة والحروب المقدَّسة والتفرقة بين معتنقي النصرانية وغيرهم كلها مقررة في الديانة النصرانيَّة، ومن حقِّ القارئ أن يعرف ما هو جواب المسيحيَّة على ذلك.
وحيث إنَّ الجواب بالسلب، فلماذا لا يتركون الدعوة إلى النصرانيَّة لأنها تتبنّىَ كلَّ هذه القضايا المثارة؟ . ولكنَّها أثيرت هذه الأيَّام باعتبارها معايب ونقائص يُقصد منها النيل من الإسلام والمسلمين.
5 -
وأمر أدهى وأمرُّ وهو شعور المطَّلع على هذه الأسئلة بعدم التجرُّد من قِبل واضعيها.
فاتباع الهوى فيها هو المسيطر على مجريات الأسئلة مع تبنِّي أحكام وتصوُّرات مسبَقة لديهم.
6 -
إنَّه ليحزنني أن تكون هذه هي المقدِّمة التي أدخل بها إلى هذا الموضوع وأجوبته، ومع هذا فليعلم كلُّ مطَّلع وليستيقن كلُّ ناظر أنِّي سأبذل قُصارى الجهد في قصد الحقِّ والتِماسه؛ خوفًا من الله عز وجل، ورجاءً فيما عنده، وأداءً
للأمانة، ونُصحًا للبشريَّة كلِّها.
7 -
وأنبِّه المطَّلع الكريم أنَّ هذه الإجابة قصد بها خطاب غير المسلمين ممَّن لا يدينون بالاستدلال بالنصوص الشرعيَّة - كتابًا وسنَّة -، ومِن ثمَّ جاءت المناقشة والحوار أقرب لمخاطبة العقل ومحاورة الفكر، والنظر مِن أيِّ شيءٍ آخر.
على أنَّه قد جرى إيراد حشدٍ من النصوص الشرعيَّة حين اقتضى الأمر ذلك، كما يلحظ في موضوع الرِّقَ وغيره.
وأقول بكلِّ ثقة واعتزاز إنَّ ديني هو الإسلامٍ، وإيماني به لا يتزعزع، والقرآن كلام الله حقيقة، ومحمَّد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو رسول الله إلى الناس كافَّةً، وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام من أنبياء الله ومن أولي العزم من الرسل، والله قد بعث في كلِّ أمَّة رسولًا، والإسلام هو دين
الله الخاتم الذي لا يقبل دينًا غيره.
والله المسُتعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوَّة إلَاّ بالله العليِّ العظيم.
هذا وقد أجريتُ تغييرًا في ترتيب الأسئلة، وصنَّفتُها حسب موضوعاتها، ولم ألتزم ترتيبها الأصليَّ، وسوف أُثبت في آخر الأجوبة مجموعة الأسئلة حسبَ ترتيب واضعيها.