المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أوربا المعاصرة والرقيق] - تلبيس مردود في قضايا حية

[صالح بن حميد]

الفصل: ‌[أوربا المعاصرة والرقيق]

بإطلاق العبيد حالًا، وبالإجماع لم تغيِّر النسبة الشرعيَّة بين المولى والعبد بشيء، بل بعكس ذلك فقد أثبتت حقوق كلٍّ من الفريقين وواجباته ".

وندعو جميع " الآباء البِيض " النصارى والقارئ الكريم ليقارنوا بين تعاليم الإسلام وبين هذه التعاليم.

[أوربَّا المعاصرة والرَّقيق]

أوربَّا المعاصرة والرَّقيق من حقِّ القارئ أن يسأل وهو في عصور النهضة والتَّقدُّم عن رائدة التقدُّم في هذه العصور - كما يقال - ماذا صنعتْ بالرَّقيق؟ ؟ .

عندما اتَّصلت أوربَّا بإفريقيا السوداء، كان هذا الاتِّصال مأساة إنسانيَّة تعرض فيها زنوج هذه القارَّة لبلاء عظيم طِوالَ قرون خمسة، لقد نظَّمت

ص: 63

دول أوربَّا وتفتَّقت عقليَّتها عن طرق خبيثة في اختطاف هؤلاء واستجلابهم إلى بلادهم ليكونوا وقودَ نهضتها، وليكلِّفوهم من الأعمال ما لا يُطيقون، وحينما اكتُشفت أمريكا، زاد البلاء لينوؤا بعبء الخدمة في قارَّتين بدلًا من قارَّة واحدة.

تقول دائرة المعارف البريطانيَّة ج 2 / (779) مادَّة slavery: " إنَّ اصطياد الرقيق من قراهم المحاطة بالأدغال كان يتمّ بإيقاد النار في الهشيم الذي صنعت منه الحظائر المحيطة بالقرية، حتَّى إذا نفر أهل القرية إلى الخلاء تصيدهم الإنجليز بما أعدُّوا لهم من وسائل ".

وعدا من كانوا يموتون بسبب طرق الاصطياد هذه وفي الطريق إلى الشواطئ التي ترسو عليها مراكب الشركة الإنجليزيَّة وغيرها، فإن ثلث

ص: 64

الباقين يموتودن بسبب تغير الطقس، ويموت 45% أثناء الشحن، و 12% أثناء الرحلة، فضَلَا عمَّن يموتون في المستعمرات. . .

ومكثت تجارة الرَّقيق كما أيدي شركات إنجليزيَّة التي حصلت على حقِّ احتكار ذلك بترخيص من الحكومة البريطانيَّة، ثمَّ أطلقت أيدي جميع الرعايا البريطانيين في الاسترقاق، ويقدِّر بعض الخبراء مجموع ما استولى عليه البريطانيون من الرَّقيق واستعبدوه في المستعمرات من عام 1680 - 1786 م حوالي 2130000 شخص.

ومن قوانينهم السوداء في ذلك: مَن اعتدى على سيِّده قُتل، ومن هرب قُطعتْ يداه ورجلاه وكُوي بالحديد المحمى، وإذا أبق للمرَّة الثانية قُتل، ولا أدري كيف سيهرب بعد ما نُكل به

ص: 65

وقُطعتْ رِجلاه؟ ؟

ولكن الذي يبدو أنَّ الجحيم الذي يعيشه أشدُّ عليه من قطع يديه ورِجليه، ممَّا يدعوه إلى محاولة الهرب مرَةً أخرى.

ومِن قوانينهم يحرم التعليم على الرجل الأسود، ويحرم على الملوَّنين وظائف البِيض.

وفي قوانين أمريكا: إذا تجمَّع سبعة من العبيد عد ذلك جريمة، ويجوز للأبيض إذا مر بهم أن يبصق عليهم ويجلدهم عشرين جلدةً.

ونصَّ قانون آخر: أنَّ العبيد لا نفس لهم ولا روح، وليست لهم فطانة ولا ذكاء ولا إرادة، وأنَّ الحياة لا توجد إلَاّ في أذرعهم فقط. والخلاصة في ذلك أنَّ الرقيق من جهة الواجبات والخدمة والاستخدام عاقلَ مسئول يعاقَب عند التقصير،

ص: 66

ومن جهة الحقوق شيء لا روحَ له ولا كيان، بل أذرعة فقط.

وهكذا لم تستفق ضمائرهم إلَاّ في هذا القرن الأخير، وأيُّ منصف يقارن بين هذا وبين تعاليم دين محمَّد صلى الله عليه وسلم الذي مضى له أكثر من 14 قرنًا يرى أنَّ إقحام الإسلام في هذا الموضوع أحقُّ بالمثل السائر:" رمتني بدائها وانسلَّت ".

ص: 67