المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

القيام بهذه المسئولية. وهم متفقون على أنَّه لو كان أحدهما غير - تلبيس مردود في قضايا حية

[صالح بن حميد]

الفصل: القيام بهذه المسئولية. وهم متفقون على أنَّه لو كان أحدهما غير

القيام بهذه المسئولية.

وهم متفقون على أنَّه لو كان أحدهما غير صالح لذلك فلا يجوز أن يتولى الحضانة أو الوصاية.

[تعدد الزوجات]

تعدد الزوجات جاء في التساؤلات أنَّ من مظاهر تفوق جنس على آخر قبول تعدد الزوجات مع تحريم تعدد الأزواج. وإيضاح الموقف من جهتين:

أولهما:

أنَّ اختلاف الجنس البشري إلى ذكرٍ وأنثى ترتب عليه اختلاف في الطبائع والقدرات وهذا الاختلاف الذي لا ينكر لا يجوز أن يكون دليلًا على تفوق جنس على آخر كما قررناه في الكلام على المساواة.

ص: 82

ثانيهما:

جاءت الشريعة الإسلامية بإباحة تعدد الزوجات لأنَّه منسجم مع مجموعة تعاليمها وهو منسجم كذلك مع الطبيعة البشرية في كلٍ من الذكر والأنثى.

أما أنه منسجم مع عموم تعاليم الشريعة فلأنها حرمت الزنا وشددت في تحريمه ثم فتحت بابًا مشروعًا من وجه آخر ألا وهو النكاح، وأباحت التعدد فيه، ولا شك أنَّ المنع من تعدد الزوجات يدفع إلى الزنا لأنَّ عدد النساء يفوق عدد الرجال ويزداد الفرق كلما نشبت الحروب، وفي وقتنا الحاضر تنوعت الأسلحة بحيث تقضي على المتحاربين بالعشرات بل المئات في هجمة واحدة أو طلقة مدفعية واحدة بل ينال ذلك حتى غير المتحاربين، فقصر الزواج على امرأة واحدة يؤدي

ص: 83

إلى بقاء عدد كبير من النساء دون زواج وحرمان المرأة من الزواج وبقاؤها عانسًا ينتج سلبيات كبيرة من الضيق النفْسي وبيع الأعراض وانتشار السفاح وضياع النسل.

ومن جهة أخرى فإنَّ الرجل والمرأة مختلفان من حيث استعدادهما في المعاشرة، فالمرأة غير مستعدة كل وقت للمعاشرة ففي الدورة الشهرية مانع قد يصل إلى عشرة أيام أو أسبوعين كل شهر وفي النفاس مانع هو في الغالب أربعون يومًا والمعاشرة في هاتين الفترتين محظورة شرعًا وفي حال الحمل قد يضعف استعداد المرأة في ذلك، أما الرجل فاستعداده واحد طوال الشهر والعام فإذا مُنِعَ الرجل من الزيادة على الواحدة كان في ذلك حمل على الزنا في أحوال كثيرة.

ومما سبق يكون التشريع قد قدَّر الغرائز حق

ص: 84

قدرها حسب الظروف من نقص الرجال وزيادة عدد النساء والأحوال التي تعترض المرأة فتقلل من استعدادها واستجابتها.

ومقصد آخر من مقاصد الزواج وهو حفظ النوع الإنساني واستمرار التناسل البشري وتكوين الأسرة المستقرة فإذا تزوج امرأة عقيما ولم يبح له أن يتزوج غيرها فقد تعطلت الوظيفة عن أداء غرضها وتعطل الغرض من الزواج، وإذا كان ذلك كذلك فإنَّ بقاءها معه والإذن له بالزواج من أخرى خير من طلاقها ليتزوج أخرى ابتغاء الولد.

ثم إنَّ قدرة الرجل على الإنجاب أوسع بكثير من قدرة المرأة، فالرجل يستطيع الإنجاب إلى ما بعد الستين من العمر أما المرأة فيقف الإنجاب عندها في حدود الأربعين سنة، فلو حُرِّمَ على

ص: 85

الرجل الزيادة على الواحدة لتعطلت وظيفة النسل أكثر من نصف العمر.

هذه هي النظرة في إباحة الشريعة للتعدد جاءت لدفع ضرر ورفع حرج ولتحقيق المساواة بين النساء ورفع مستوى الأخلاق.

ونحن أهل الشريعة نعلم أنَّ القوانين الوضعية الأوروبية لم تعترف بهذا بل إنَّها جعلته محل تَنَدُّرٍ واستهجان ومجال طعن على الإسلام.

ولكننا بدأنا نلمس ظهور بعض القبول في نفوس مفكريهم ودعاة الإصلاح منهم، وبخاصة مع انتشار الحروب المدمرة وتَرَمُّلِ الأعداد الكبيرة من النساء وزيادة أعداد النساء على الرجال.

ويكفي برهانًا لنا وردًا عليهم انتشار الخليلات فيما بينهم إذ يكون للرجل عدد من الخليلات يشاركن زوجته رجولته وعطفه وماله بل

ص: 86

قد يكون لإحداهن في هذا كله أكثر من نصيب الزوجة.

يضم إلى ذلك شيوع الزنا وما ترتب عليه من أمراض وكثرة أبناء السفاح وقتل الأجنة في بطون الأمهات.

بل لقد بنوا علاقاتهم الجنسية على فوضى رهيبة فأولاد الزنا ولقطاء الفواحش تتفاحش نسبتهم حتى قاربوا في بعض أقطارهم نسبة الأولاد الشرعيين.

وحينما يرفعون عقيرتهم في النيل من تشريع التعدد فإنَّ تنقل الرجل عندهم بين لفيف من النساء أمر مفهوم مقبول في أمزجتهم الفاسدة وقد ذكرت امرأة كندي - رئيس أمريكا السابق - أنَّه كان لزوجها بين / 200 إلى 300 / صديقة.

وطبقة الصعاليك عندهم يستطيعون السطو على المئات من النساء فما بالك بمن فوقهم.

ص: 87

والرجل عندهم يدور بين جيش من العشيقات دون حرج فإذا دار بين بضع زوجات داخل سياج من الأخلاق المحكمة والعيشة الكريمة وضع في قفص الاتهام بل الحرام.

إنَّ " جورج كلمنصو " نمر السياسة في فرنسا في وقته / 1841 - 1939 م / وأحد رجالات أوربا المعدودين له عندهم في السياسة قدم راسخة وتغلب على خصوم كثير حظي بهذه المنزلة الدولية عندهم مع استفاضة خبثه وشهرته في نسبة الخنا إليه وكل ذلك لم يخدش شيئا من عظمته عندهم.

لقد كان له ثمانمائة عشيقة وكان له أربعون ابنًا غير شرعي. ويقال: إنَّه عندما علم أنَّ زوجته الأمريكية خانته نهض عند منتصف الليل ورماها في الشارع تهيم على وجهها في الليل البهيم. وتعجبوا لماذا حرَّم هذا الرجل على غيره ما استباحه

ص: 88

لنفسه؟ . ويقول بعض المعلقين على هذه القصة: كلمنصو - مثل كل الذئاب البشرية - من أكثر الناس احتقارًا للمرأة ولم يقل أحد في المرأة أسوأ ولا أبشع مما قاله هو سواءً على فراش اللهو أو على فراش المرض (1) .

بقي أن نشير في خاتمة هذا الحديث إلى أنَّ الشريعة حين أباحت التعدد اشترطت فيه وجوب العدل بين الزوجات في السكن والنفقة وكل مظاهر العلاقات، وإذا لم يقم بالعدل أو خشي الظلم فإنَّه لا يجوز له أن يقدم على الزواج من أخرى.

كما أنَّه لا يجوز أن يتزوج الرجل بأكثر من أربع وهذا تحديد ظاهر لفوضى التعدد التي كانت سائدة في عصور الجاهلية. وأخيرًا فإنَّ التعدد لمن استطاع العدل بين الزوجات جائز مشروع وليس بواجب متحتم.

(1) صحيفة الأهرام 13 / 9 / 1979 م للكاتب أنيس منصور.

ص: 89