المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مثال (2) : قال تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) - تلحين النحويين للقراء

[ياسين جاسم المحيمد]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌تعريف القراءات

- ‌لمحة وجيزة عن نشأة علم القراءات

- ‌أركان القراءة الصحيحة:

- ‌الفرق بين القرآن والقراءة

- ‌من هم القراء السبعة

- ‌القراءات في كتب النحويين

- ‌تلحين النحويين للقرّاء

- ‌من أسباب تلحين النحويين للقراء

- ‌أمثلة من تلحين النحويين للقراء وردود عليها:

- ‌مثال (1) : قال تعالى: (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم)

- ‌مثال (2) : قال تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام)

- ‌مثال (3) : قال تعالى: (أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)

- ‌مثال (4) : قال تعالى: (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله)

- ‌مثال (5) : قال تعالى: (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً)

- ‌مثال (6) : قال تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً)

- ‌مثال (7) : قال تعالى: (ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون)

- ‌مثال (8) : قال تعالى: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه)

- ‌مثال (9) : قال تعالى: (قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين)

- ‌مثال (10) : قال تعالى: (فاستجبنا له ونجينه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين)

الفصل: ‌مثال (2) : قال تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام)

3-

أن الفاصل مقدر التأخير، لأن المضاف إليه مقدر التقديم، لأنه فاعل في المعنى، حتى إن العرب لو لم تستعمل مثل هذا الفصل، لاقتضى القياس استعماله، لأنهم قد فصلوا في الشعر بالأجنبي كثيراً. . . وإذا كانوا قد فصلوا بين المضاف والمضاف إليه بالجملة في قول بعض العرب:(هو غلام - إن شاء الله - أخيك) ، فالفصل بالمفرد أسهل (1) . وهذه الأدلة كافية، مع أن كتب التفسير والنحو مليئة بالشواهد.

‌مثال (2) : قال تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام)

(2) .

قرأ حمزة الزيات الكوفي (والأرحام) ، بالخفض، عطفاً على الضمير المخفوض بالباء، ووقرأ الجمهور (والأرحام) بالنصب (3) .

* التلحين:

أنكر هذه القراءة وحرّم القراءة بها المبرد، حيث قال:(لو صليت خلف إمام يقرأ بالكسر لحملت نعلي ومضيت)(4) .

وضعّفها الزمخشري بقوله: (والجر على عطف الظاهر على المضمر ليس بسديد، لأن الضمير المتصل متصل كاسمه، والجار والمجرور كشيء واحد، فكانا في قولك: مررت به وزيد، وهذا غلامه وزيد، شديدي الاتصال، فلما اشتد الاتصال لتكرره أشبه العطف على بعض الكلمة، فلم يجز. ووجب تكرار العامل، كقولك: مررت به وبزيد)(5) .

(1) ينظر: إعراب القرآن للسفاقسي، مخطوط رقم 222 تفسير، وشرح الكافية الشافية لابن مالك 2 / 979 وما بعدها.

(2)

سورة النساء / 1.

(3)

السبعة / 226، والتيسير / 93، الكشف عن وجوه القراءات 1 375، والنشر 2 / 227، والوافي في شرح الشاطبية / 242

(4)

الكامل في اللغة والأدب 2 / 749.

(5)

الكشاف 1 / 493.

ص: 28

وخطأها الزجاج في معاني القرآن وإعرابه، قال:(فأما الجر في الأرحام فخطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار شعر. وخطأ أيضا في أمر الدين عظيم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحلفوا، بآبائكم) فكيف يكون تتساءلون به وبالرحم على ذا) (1) .

وضعفها نصر بن علي بن محمد الفارسي النحوي، حيث قال:(والأرحام بالخفض، قرأها حمزة وحده، وهو ضعيف، لأنه عطفه على الضمير المجرور بالباء، وهذا يضعف من جهة القياس والاستعمال جميعاً)(2) .

* الرد:

هذه القراءة مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال بصحتها جمع من النحويين واللغويين، منهم: ابن جني، وابن يعيش، وأبو حيان الأندلسي، وابن زنجلة،

وغيرهم.

- يقول ابن جني: (ليست هذه القراءة عندنا من الإبعاد والفحش والشناعة والضعف على ما رآه فيها وذهب إليه أبو العباس،

لحمزة أن يقول لأبي العباس: إنني لم أحمل الأرحام على العطف على المجرور المضمر، بل اعتقدت أن تكون فيه باء ثانية حتى كأني قلت: وبالأرحام، ثم حذف الباء لتقدم ذكرها، كما حذفت لتقدم ذكرها في نحو قولك: بمن تمرر أمر، وعلى من تنزل أنزل، ولم يقل أمرر به، ولا أنزل عليه، لكن حذفت الحرفين لتقدم ذكرهما) (3) .

وقال ابن يعيش: (إن أكثر النحويين قد ضعف هذه القراءة نظرًا إلى العطف على المضمر المخفوض

ثم قال: ويحتمل وجهين آخرين غير العطف على المكني المخفوض: أحدهما: أن تكون الواو واو قسم، وهم يقسمون (بالأرحام) ويعظمونها - وجاء التنزيل على مقتضى استعمالهم، ويكون قوله:(إن الله كان عليكم رقيباً)، جواب القسم. والوجه الثاني: أن يكون قد اعتقدوا أن قبله باء ثانية، حتى كأنه قال وبالأرحام، ثم حذف الباء لتقدم ذكرها (4) .

(1) معاني القرآن وإعرابه 2 / 6.

(2)

الموضح في وجوه القراءات وعللها 1 / 402

(3)

الخصائص 1 / 285.

(4)

شرح المفصل 3 / 78.

ص: 29

وأما أبو حيّان فلا يكتفي بالرد على من ضعّف هذه القراءة، بل يرد عليهم عامة، وعلى ابن عطية خاصة فيقول:(وما ذهب إليه البصريون وتبعهم فيه الزمخشري وابن عطية، من امتناع العطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار، ومن اعتلالهم لذلك غير صحيح. بل الصحيح مذهب الكوفيين في ذلك، وأنه يجوز. . . (1) . وأضاف أبو حيان: (وأما قول ابن عطية: ويرد عندي هذه القراءة

إلى آخر كلامه) ، فجسارة قبيحة منه لا تليق بحاله، ولا بطهارة لسانه، إذ عمد إلى قراءة متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قرأ بها سلف الأمة، واتصلت بأكابر قراء الصحابة، الذين تلقوا القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير واسطة، عثمان، وعلي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأقرأ الصحابة أبي بن كعب رضي الله عنهم، عمد إلى ردها هو بشيء خطر له في ذهنه؛ وهذه الجسارة لا تليق إلا بالمعتزلة كالزمخشري، فإنه كثيراً ما يطعن في نقل القراء وقراءتهم. وحمزة رضي الله عنه أخذ القرآن عن سليمان بن مهران الأعمش، وحمران بن أعين، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وجعفر بن محمد الصادق. ولم يقرأ حمزة حرفاً من كتاب الله إلا بأثر، وكان حمزة صالحاً وربما ثقة في الحديث

) (2) . وبعد هذا البيان لابد لي من كلمة أقولها:

تمسك معظم النحويين بالقاعدة المعروفة لدى البصريين، التي لا تجيز عطف الاسم الظاهر على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض. ولو أنعمنا النظر في القرآن الكريم لرأينا شواهد كثيرة، ورد فيها عطف الاسم الظاهر على الضمير المخفوض دون إعادة الخافض. ولا أدري لم أهملها النحاة! مع أنهم احتجوا بأبيات شعر سمعت عن بعض العرب، وبنصوص من كلام العرب الفصحاء، وكتاب الله قمة الفصاحة والبيان. فمن الشواهد التي وردت في القرآن الكريم:

(1) البحر المحيط 2 / 144 وما بعدها.

(2)

المصدر السابق 3 / 156.

ص: 30

1-

قوله تعالى: (وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام)(1) .

فـ (المسجد) بقراءة الجر معطوف على الهاء في (به) دون إعادة الخافض (2) .

2-

قوله تعالى: (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم)(3) . أجاز الفراء (ت 207 هـ) أن تكون (ما) في موضع خفض، لأنها معطوفة على الضمير المخفوض في (فيهن) أي: يفتيكم الله فيهن وما يتلى عليكم غيرهن (4) .

3-

قوله تعالى: (لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة) . و (المقيمين) عند الكسائي في موضع خفض بالعطف على الكاف في (إليك) ، والتقدير (يؤمنون بالكتب وبالمقيمين الصلاة، وهم الأنبياء، أو الملائكة)(5) . وقيل: هو عطف على الكاف في قوله: (بما أنزل إليك) ، أي يؤمنون بالذي أنزل إليك وإلى المقيمين الصلاة، وهم الأنبياء (6) .

فهذه الآيات جاءت في القراءات السبعة المحكمة، وهذا الذي جعل أبا حيّان يقول عن قراءة حمزة:(ومن ادعى اللحن فيها أو الغلط على حمزة فقد كذب)(7) .

ولذلك كان ابن مالك على صواب تام حين قال في ألفيته مخالفا رأي البصريين، ومؤيدًا قراءة حمزة:

وعود خافض لدى عطف على

ضمير خفض لازما قد جعلا

وليس عندي لازما إذ قد أتى

في النظم والنثر الصحيح مثبتا (8)

(1) سورة البقرة / 217.

(2)

ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد 1 / 454

(3)

سورة النساء / 127.

(4)

معاني القرآن 1/ 290، وينظر الفريد في إعراب القرآن المجيد 1 / 797

(5)

ينظر: الفريد في إعراب القرآن المجيد 1 / 818

(6)

ينظر: البيان في غريب إعراب القرآن 1 / 276، والفريد 1 / 818 ،

(7)

البحر المحيط 2 / 147.

(8)

شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 3 / 239.

ص: 31