الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعنى: أنه بنى الفعل للمفعول، وهذا على تعدية خاف إلى مفعولين، أحدهما أسند الفعل إليه، والآخر (أن) بتقدير حرف جر محذوف، فموضع (أن) خفض بالجار المقدر أو في محل نصب، لأنه لما حذف الجار صار الفعل إلى المفعول الثاني، مثل: أستغفر الله ذنباً، وأمرتك الخير (1) .
وقد احتج لقراءة حمزة مكي بن أبي طالب القيسي بقوله: (وحجة قراءة حمزة بضم الياء أنه بنى الفعل للمفعول، والضمير في (يخافا) مرفوع لم يسم فاعله، يرجع للزوجين، والفاعل محذوف، وهو الولاة والحكام، والخوف بمعنى اليقين، وقيل بمعنى الظن) (2) . والمعنى: إلا أن يعلم الزوجان ألا يقيما حدود الله.
وجاء في الفريد في إعراب القرآن المجيد (وقرئ (إلا أن يخافا) على البناء للمفعول، على أن يكون الخلع إلى الحاكم، أي: إلا أن يخافا الزوجين الحاكم، ثم حذف الفاعل وأقيم ضمير الزوجين مقامهما) (3) .
قال أبو حيان: (طعن في هذه القراءة من لا يحسن توجيه كلام العرب، وهي قراءة صحيحة مستقيمة في اللفظ وفي المعنى. . .)(4) .
وأعتقد أن هذه الأدلة كافية على صحة قراءة حمزة، بالإضافة إلى أنها متواترة، قد قرأ بها أفصح الخلق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مثال (5) : قال تعالى: (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً)
(5) .
قرأ حمزة والكسائي بإضافة (مائة) إلى (سنين) ، ولم يضف الباقون (6) .
* التلحين:
(1) ينظر: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 1 / 307
(2)
الكشف عن وجوه القراءات السبع 1 / 295
(3)
الفريد في إعراب القرآن المجيد 1 / 467
(4)
البحر المحيط 2 / 229
(5)
سورة الكهف / 25
(6)
السبعة / 389، 390، والنشر 2 / 310، والكشف عن وجوه القراءات 1 / 58، وينظر: مصحف القراءات العشر المتواترة / 296
خطأ هذه القراءة أبو حاتم، قال أبو حيان:(وأنحى أبو حاتم على هذه القراءة، ولا يجوز له ذلك)(1) ، كما خطأها المبرد في المقتضب، قال:(وقد قرأ بعض القراء بالإضافة فقال: (ثلثمائة سنين) وهذا خطأ في الكلام غير جائز، وإنما يجوز في الشعر للضرورة) (2) .
الرد: سأنقل آراء جهابذة اللغة والنحو والقراءات، ليتبين للقارئ أن تلحين المبرد وغيره ليس من المسلمات التي لا يرد عليها:
قال الفراء: (ومن العرب من يضع السنين في موضع سنة، فهي حينئذ في موضع خفض لمن أضاف)(3) .
وقال المهدوي: (. . . ومن أضاف ولم ينون، فإنه أوقع الجمع موقع الواحد، فبين به كما يبين بالواحد، وأخرج الكلام على أصله، لأن قولك عندي ثلاثون درهماً وما أشبهه معناه: عندي ثلاثون من الدراهم، فكذلك ثلاثمئة سنة، أصلها: ثلاثمئة من السنين، لكنهم استعملوا التفسير بالواحد، وكثر ذلك حتى صار التفسير بالجمع شاذاً. وقد قيل: من نون إنما جاء به على التفسير أيضاً، وذلك أنه لما قال: ولبثوا في كهفهم ثلاثمئة وقع الإبهام عند السامعين هل هي سنون؟ أو أشهر؟ أو أيام؟ فقال: سنين على جهة البيان)(4) .
ولا يختلف رأي مكي بن أبي طالب القيسي عما قاله المهدوي: (وحجة من أضاف أنه أجرى الإضافة إلى الجمع كالإضافة إلى الواحد، في قولك: ثلاث مائة درهم وثلاث مائة سنة، وحسن ذلك، لأن الواحد في هذا الباب إذا أضيف إليه بمعنى الجمع، فحملا الكلام على المعنى، وهو الأصل، لكنه يبعد لقلة استعماله، فهو أصل قد رفض استعماله، وقد منعه المبرد ولم يجزه، ووجهه ما ذكرناه)(5) .
(1) البحر المحيط 7 / 164
(2)
المقتضب 2 / 171
(3)
معاني القرآن 2 / 138
(4)
شرح الهداية 2 / 394
(5)
ينظر: الكشف عن وجوه القراءات 2 / 58