الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمنى: تمنى الشيء أراده: وحدث نفسه بما يكون وما لا يكون. وتمنى: سأل ربه: وفي الحديث: اذا تمنى أحدكم فليستكثر. وتمنى الكتابَ: قرأه. ينسخ: يبطل. يحكِم: يجعلها محكمة مثبتة. في مرية: في شك. يوم عقيم: منفرد لا شبيه له. مهين: مذل.
إن اغلى أُمنية لأي رسولٍ أو نبيّ هي ان يعرف الناسُ حقيقةَ رسالته ويفهموها ويدركوا أهدافها ليهتدوا بها، فلا حزنْ أيها الرسول من محاولاتِ هؤلاء الكفارِ أربابِ الأطماع، فقد جرت الحوادثُ من قبلك مع كلِّ رسولٍ ونبيّ من أنبيائنا أنه كلما قرأ عليهم شيئاً يدعوهم به الى الحقّ تدّى له شياطينُ الانس المتمردون لإبطال دعوته وتشكيك الناس فيما يتلوه. وذلك لكي يَحولوا دون تحقيق أُمنيته في إجابة دعوته، فينسخُ الله ما يدبّرون، ثم يثّبت شريعته وينصر رسله، ويجعل آياتهِ محكَمةً لا تقبل الردّ. انه عليم باحوال الناس ومكايدهم، حكيم في أفعاله يضع كل شيء في موضعه.
وجاء في كثير من التفاسير روايةٌ منسوبة الى ابن عباس، ان النبي صلى الله عليه وسلم تلا على قريش سورةَ النجم، ولما بلغ قوله تعالى:{أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى وَمَنَاةَ الثالثة الأخرى} ألقى الشيطانُ في تلاوة الرسول: «تِلك الغرانيقُ العُلى، وإنّ شفاعتَهن لتُرتَجى» . فلمّا سمعتْ قريش ذلك فرِحوا به. ولما سجد الرسول سجد المسلمون والشمركون جميعا بسجوده. . . . فنزلت هذه الآية والآياتُ الثلاث التي بعدها.
وهذه الرواية مكذوبة لا اصل لها ولم تردْ في كتاب من الكتب الموثوقة، وليس لها سند صحيح. بل إنها من وضع الكذّابين المشككين في الدين.
وقد كذّبها العلماء. . . قال القاضي عياض في الشفاء: ان هذا لم يُخرجه أحد من أهل الصح، ولا رواه ثقةٌ بسندٍ سليم متصل.
وقال أبو بكر البزّار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل.
وقال الفخر الرازي في تفسيره: هذه الرواية باطلة موضوعة عند اهل التحقيق.
وقال الامام ابو بكر البَيْهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل.
وهذه السورة مدنية فكيف نوفق بينها وبين سورة النجم وهي مكية ومن اوائل ما نزل بمكة! ولا أعتقد بصحة ما يقوله بعض المفسرين أن هذه الآيات
52
، 53، 54، 55 من سورة الحج مكية، فإنهم قالوا إنها مكية حتى توافقَ هذه الروايةَ الباطلة.
إن الشيطان ليجدُ الفرصة مهيّأة أمامه ليلقي الفتنةَ في نفوس أوليائه الذين في قلوبهم مرضٌ من نفاقٍ او انرحاف، والقاسية قلوبهم من الكفار المعاندين، فيجدون في مثل هذه الأقوال مادةً للجدَل والشقاق والتمردِ على أحكام الله.
اما الذين أوتوا العلمَ والمعرفة فتطمئنّ قلوبهم إلى بيان الله وحكمه الفاصل، فيزيدهم إيماناً وعلما بأن ام يقوله الأنبياء والرسل هو الحقّ المنزل من عند الله.
ثم بين الله حُسن مآلهم وفوزَهم بالسعادة الأبدية فقال:
{وَإِنَّ الله لَهَادِ الذين آمنوا إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}
ان الله ليهدي الذين آمنوا إلى تأويل ما تشابَهَ من الدّين، وينسَخ ما ألقاه الشياطين من الفتن، فلا تلحقُهم حَيرة، ولا تعتريهم شُبهة، ولا تُزلزِل أقدامهم تُرَّهاتُ المبطِلين.
ذلك شأنُ الذين كفروا مع القرآن كله، فهم لا يزالون في شكٍّ منه، فلا مطمع في إيامنهم، ولا زوالِ الشك من قلوبهم،. . سوف يستمرون على شكّهم في القرآن حتى يأتيَهم الموتُ فجأةً أو يأتيهم عذاب يوم القيامة، العذابُ العقيم الذي لا شبيه له.
في ذكل اليوم يكون المثل: لله وحده، فلا مُلك لأحدٍ، والحكم يومئذٍ لله وحده، يحكم بينهم بالحق. والناس في ذلك اليوم فريقان: فريق في الجنة هم الذين آمنوا وعملوا الصلاحات يتنعمون في جنات النعيم، وفريق في الجحيم هم الذين كفروا وكذّبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين.
مدخَلا يرضونه: الجنة. بغى عليه: اعتدى عليه، ظلم.
بعد ان ذكر اللهُ أن المُلك له يوم القيامة، وانه يحكم بين عباده المؤمنين والكافرين - ذكَر هنا وعدَه الكريم للمهاجرين في سبيله بالجنَة، ثم بين أنه ينصر الذين يُضْطَرّون إلى مفارقة أوطانهم في سبيله، والذين يُعتدى عليهم، وجميعَ المظلومين، وذكر بعض آياته التي تتجلّى في صفاحات الكون ونواميس الوجود.
الذين تركوا أوطانهم، وفارقوا أهلَهم وعشيرتهم، حفاظاً على عقيدتهم وابتغاءَ رِضوان الله، ثم قُتلوا في ميدان الجهاد، أو ماتوا على فراشِهم - لهم عند الله رزقٌ أكرمُ من كل ما تركوا في ديارهم. هذا وعدٌ من الله لهم بالعوض الكريم وهو خير الرازقين.
ثم بيّن هذا الرزقَ الحسن بقوله:
{لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ الله لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ}
وهذاه تعهّدٌ من كريم بأن يُدخلهم الجنة، ويحقّقَ لهم ما يرضونه، ويكرِمهم بما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت، ولا خَطَرَ على قلب بشر. وإنه عليم بما وقع عليهم نم ظلمٍ وأذى، وبما يرضي نفوسهم ويعوّها، حليمٌ يمهِل، ثم يوفَى الظالمَ والمظلومَ الجزاء الأوفى.
ذلك شأننا في مجازاة الناس، لا نظلِمهم شيئا. والذي يقتصّ ممن جنى علي، ويجازيه بمثل اعتدائه عليه دون زيادة، ثم اعتُدي عليه بعد ذلك، فإن الله ينصره على من تعدّى عليه. واللهُ كثير العفو والمغفرة، فهو يستُرُ هفواتِ عباده الطائعين ويعفو عنهم.
{ذلك بِأَنَّ الله يُولِجُ الليل فِي النهار وَيُولِجُ النهار فِي الليل وَأَنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ}
ذلك النصر الذي ينصره الله لمن بُغي عليه هيِّن على الله، لأنه قادر على كل شيء، ومن آياتِ قدرته البارزه هيمنتُه على العالَم، فيداول بين الليل والنهار، بأن يزيد في أحدِهما ما يُنْقِصُه من الآخر، فتصير بعض ظلمة الليل مكانَ ضوء النهار، وعكس ذلك. والقادرُ على هذا الكون، قادرٌ على نصر المظلومين. وهو مع تمام قُدرته سميعٌ لقول المظلوم بصيرٌ بفعل الظالم، لا يغيب عنه شيء.
ذلك الاتصاف بكمال القدرة، والتصرّف المطلق في الكون، إنما هو لأن الله هو الحق الذي لا اله معه غيره، وأن ما يعبده المشركون من الأصنام هو الباطل، وهو العليُّ لا سلطان فوق سلطانه، وهو الكبير الذي وسع كل شيء قدرةً وعلما ورحمة.
الم تتبصرّ ايها القاعل بما ترى حولك من مظاهر قدرة الله، فهو الذي ينزل الماءَ من السماء فيُحيي به الأرضَ فتنبت أنواعاً مختلفة من النبات بديعةَ الألوان والأشكال تسرّ الناظرين، انه تعالى لطيف يصِل عِلمه الى الدقيق والجليل، خبير بمصالح خلقه ومنافعهم.
{لَّهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض وَإِنَّ الله لَهُوَ الغني الحميد}
كل ما في السموات والأرض وما في هذا الكون مِلكٌ له، يتصرف فيه كما يشاء، فما به سبحانه حاجةٌ الى من في السماء والأرض. . انه الغنيُّ عن الجميع، وهو المحمود على نِعمه المشكور عليها من جميع خلقه.
قراءت
قرأ ابن عامر: ثم قتّلوا بتشديد التاء. والباقون: ثم قتلوا بالتخفيف، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عارم وأبو بكر: وان ما تدعون من دونه بالتاء والباقون: ما يدعون بالياء.
المنسك: موضع العبادة، والشريعة والمنهاج. ناسكون: عابدون فيه، ملتزمون به. والناسك: العابد، والنسك العبادة.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُم. . . .}
ألا تنظرُ أيها العاقل الىمظاهر قدرة الله، كيف يسرَّ للناس جميعا الانتفاعَ بالأرض وما فيها، وهيّأ لهم البحرَ تجري فيه السفنُ بمشيئته، وسيّرَ هذه الأجرامَ السماوية بنظام محكَم لا يختل، وامسك كل ما في السماء ان تقع على الارض، وذلك بقدرته!!
لقد تجلَّتْ مشيئة الله ورأفته بالعباد بان هيّأ غلافاً جوياً يحتوي على العناصر الغازية التي لا غنى للحياة عنها، كما يحمي سكانَ الأرض من الإشعاعات الكونية وأسرابِ الشهب والنيازك التي تَهيم في الفضاء، وتتساقق. وعندما تدنو من الارض تحترق في جوّها العلوي قبل ان تصل الى سحط الأرض.
ومن رحمته تعالى بنا أن سقوط النيازك الكبير التي تدمر سطح الأرض نادرُ الحدوث جداً، وهو يتم في الأماكن الخالية من السكان، وفي هذا تأييدٌ وتصديق لقوله تعالى:
{وَيُمْسِكُ السمآء أَن تَقَعَ عَلَى الأرض إِلَاّ بِإِذْنِهِ إِنَّ الله بالناس لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} .
كَم في هذا الكون وهذه الارض من قوة؛ وكم من ثرورة سخّرها الله لهذا الانسان؟ والانسانُ غافل عن قدرة الله ونعمه التي لا تحصى.
{وَهُوَ الذي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ}
وهو الذي أنعم عليكم بهذه الحياة بعد أن كنتم تراباً، ثم يُميتكم حين تنقضي آجالكم، ثم يحييكم يومَ القيامة للحساب والجزاء، فيلقى كلٌّ حسابه.
ثم بيّن طبيعة الانسان التي فَطِرَ عليها بقوله: {إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ} أي أن الانسان مع كل هذه الدلائل والنعم يظل شديد الجحود بالله وبعمه عليه.
{لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ. . . .}
لقد جعلنا لأهل كل دين من الأديان شريعةً خاصة يعملون بها، ومنهجاً يسيرون عليه ويعبدون الله به، فلا ينبغي للمشركين من قومك أن ينازعوك في أمر هذا الدين. . . فاثُبتْ أيها الرسول على دِينك، ولا تلتف لمجادلتهم واستمرَّ في الدعوة الى ربِّك كما أمرك. إنك تسير على هدى من ربكم مستقيم، وشريعة توصل الى السعادة.
{وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} .
وإن أصرّ هؤلاء المشركون على المجادلة، فأعرض عنهم وقل لهم: اللهُ أعلم بأعمالكم: إن الجدل يجدي مع القلوب المستعدّة للهدى، لا مع القلوب التي تصر على الضلال، فلا ضورة الضاعة الوقت والجهد معهم.
{الله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}
دعْهُم في غيّهم يا محمد، فقد انْذرتَ، وقل له: الله هو الذي يحكم بين الناس جميعاً يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون. وعندها يتبين المحقّ من المبطِل، فيثيب المهتدي، ويعاقب المضليّن.
ألم تعلم أيها الرسول ان الله يحكم بعلمٍ كامل، وهو محيطٌ بكل ما بكل ما في السماء والأرض، لا يندُّ عنه سبب، ولا تخفى عليه خافية في العمل والشعور. . . . كلّ ذلك ثابتٌ عنده في لوحٍ محفوظ، واثباتُه وحفظه يسيرٌ عليه كل اليسر.
سلطانا: حجة، برهانا. نصير: ناصر، معين. يسطون: يبطشون. يستنقذوه: يخلّصوه. يصطفي: يختار.
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً. . . .} .
وأعجبُ شيء ان هؤلاء المشركين يعبدون أوثاناً واشخاصاً ولا يعبدون الله، مع أن هؤلاء الذين يعبدونهم لم ينزل بهم كتاب من الله ولم يقم دليلٌ على أنهم آلهة. . . . ليس لهؤلاء الظالمين ناصرٌ يوم القيامة ولا معين.
{وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الذين كَفَرُواْ المنكر. . . .} .
وهؤلاء الجاحِدون لا يناهضون الحُجَّة بالحجةِ، وإنما يلجأون الى العنف والبطش، فإذا تُليتْ عليهم آياتنا الواضحة تلحظ في وجوهِهم الحَنَقَ والغيظ. بل يحاولون البطشَ بالدّذين يتلُون عليهم هذه الآيات.
ثم بين الله أن هذا الغيظَ الكمين في نفوسهم ليس بشيء إذا قِيسَ بما سيلاقونه من العذابِ يوم القيامة فقال:
{قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذلكم. . . .} .
قل لهم ايها النبي: هل أخبركم بشرِّ من غيظِكم وبطشكم؟ إنه النارُ التي وعدَ الله الكافرين أمثالكم يوم القيامة، وبئس المصير.
{ياأيها الناس ضُرِبَ مَثَلٌ فاستمعوا لَهُ. . . .} .
يعلن الله في هذه الآية على الناس جميعاَ ضعفَ هذه المعبودات المزيفة، فهي عاجزة عن خَلق ذباب واحد على حقارته، بل اعجب من ذلك انها عاجزةٌ عن مقاومة الذباب. فلو سلبم شيئا لما استطاعوا ان يخلصوا ذلك الشيء منه. وما اضعف الذي يهزم امام الذباب! فكيف يليق بانسان عاقل أن يعبد تلك الأوثان ويلتمس النفع منها! ويختم الله تعالى هذه الآية بعبارة ناطقة للحقيقة:{ضَعُفَ الطالب والمطلوب} .
ما أضعف الطالب وهو تلك الآلهة، وما أضعف المطلوب وهو الذباب!
{مَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}
ما عرفَ هؤلاء المشركون الله حق معرفته، ولا عظّموه حق تعظيمه، حين اشركوا به في العبادة اعجز الاشياء، وهم يرون آثار قدرته وبدائع مخلوقاته.
{الله يَصْطَفِي مِنَ الملائكة رُسُلاً وَمِنَ الناس إِنَّ الله سَمِيعٌ بَصِيرٌ}
اقتضت ارادة الله تعالى وحكمته ان يختار من الملائكة رسُلا يبلّغون الانبياءَ الوحي، ويختار من البشر رسلا، ليبلّغوا شرعه الى خلقه، فكيف يعترض المشركون على من اختاره رسولاً اليهم؟ انه تعالى سميعٌ لأقوال عباده بصيرٌ بهمن فيعلم من يستحقّ ان يختار منهم لهذه الرسالة.
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور}
يعلم سبحانه مستقبل احوالهم وماضيَها، فهو يسمع ويرى ويعلم عِلماً شاملاً لا يندّ عنه حاضرا ولا غائب، وإليه وحدَه الأمور كلّها، فهو الحَكَم الأخير، وله السيطرة والتدبير.
وجاهِدوا في الله: في سبيل الله. اجتنابكم: اختاركم. من حرج: من ضيق بتكليفكم ما يشق عليكم. شهيدا: شاهدا. واعتصِموا بالله: استعينوا به وتمسكوا بدينه.
{ياأيها الذين آمَنُواْ اركعوا واسجدوا وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وافعلوا الخير لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
يا أيها الذين آمنوا: لا تلتفتوا إلى تضليل الكفار، واعبدوا الله بإقامة الصلاة كاملة، وافعلوا الخير الذي أمركم بفعله من صِلة الأرحام ومكارم الاخلاق والاستقامة التامة كي تكونوا من المصلحين السعداء وتنالوا رضوان الله.
السجدة: عند قوله تعالى {واسجدوا} : قال بعض العلماء إنه يُسنُّ للقارىء والمستمع ان يسجد عند تلاوتها، منهم ابنُ المبارك والشافعي واحمدن وقال بعضهم لا يُسنّ السجود لأنها للصلاة فقط ومنهم: الحسنُ البصري وسعيد بن المسيّب، وسعيد بن جُبير وسفيان الثوري وأبو حينفة ومالك.
{وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ. . . .} .
وجاهدوا في سبيل الله إعلاءً لكلمته ونشرِ دينه حتى تنتصرواعلى أعدائكم وشهواتكم، فإن الله تعالى اختاركم صنر دينه، وجعلكم أمة وسطاً، ولم يكلّفكم في شرعه ما يشقُّ عليكم، ويسرّ عليكم ما يعترضكم من المشقات التي لا تطيقونها بما جعله لكم من انواع الرُخَص. فتمسّكوا بهذا الدين القويم، فهو دين أبيكم إبراهيم الذي سماكم المسلمين.
من قبلُ في الكتب السابقة، وفي هذا القرآن الكريم، فكونوا كما سماكم وانصروا الله ينصركم. . ليكون الرسول شاهداً عليكم بانكم عملتم بما بلّغكم، وتكونوا شهداء على الأمم السابقة بأن رسُلها بلّغوها. فاذا كان الله قد خصكم بهذه الميزات كلها، فمن الواجب علكيم ان تقابلوها بالشكر والطاعة له، فتقيموا الصلاة على أتم وجوهها، وتؤدوا الزكاة، وتتوكلوا على الله وتعتصموا به في كل اموركم، وهو ناصركم، فنعم المولى ونعم النصير.