المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسلكه التربوي والأخلاقي - ثمر الثمام شرح «غاية الإحكام في آداب الفهم والإفهام»

[محمد السنباوي الأمير]

الفصل: ‌مسلكه التربوي والأخلاقي

في إهدال مقام الشيخ، بل هو العكس، فانظر إليه في مقدمة كتابه " مطلع النيرين " وهو يذكر مسألة رفعت للشيخ العدوي في الكلام على القدرتين، خط أصلَها ودفعها للأمير يتمم طرزها، فيقول الأمير:

(دفع إليَّ مسوَّدَةَ الجواب التي نمقتْها يدُهُ الكريمة، وأفادني أموراً باللسان من عباراته النظيمة، وأمرني بضمِّ ذاك لذلك فامتثلتُ للخدمة

، وحيثُ سمعتَ أيها الألمعي الأديب، والسمدعي اللوذعي اللبيب لفظَ:" أقول " أو " قلت " .. فذلك كغيره للشيخ نفسه، وكلما استحسنَهُ طبعُك الكريم وذهنك المستقيم .. فهو منه وإليه، وغيره ناشىء عن قصوري في جمعي، أو سوءِ تحملي لديه) (1).

‌مسلكه التربوي والأخلاقي

كان علامتنا الأمير رحمه الله كما تصفه كتب الترجمات - رقيق القلب، لطيف المزاج، ينزعج طبعه من غير انزعاج، يكاد الوهم يؤلمه، وسماع المنافر يوهنه ويسقمه (2)، وكل هذا وصْفٌ يدل على نبْلٍ في الطبع وصفاء في الروح.

وهو على إمامته في علوم العربية والأصلين، بل وعلوم الشريعة عموماً .. كان أميرَ قلم أدبي بَليل، ونفْس رقيقة شفافة، وصاحب لُطف وظَرْف ممزوج بالتواضع والأدب.

(1) مطلع النيرين (ص 5)، وانظر ترجمة المؤلف لشيخه العدوي في كتابنا هذا (ص 122).

(2)

عجائب الآثار (7/ 422).

ص: 23

ولعل مسلكه التربوي الأخلاقي كان من أهم العوامل لتكوين هذه الشخصية العلمية الأدبية الفذَّة.

فقبل أن يجري عليه القلم طابت أنفاسه بصحبة أهل العرفان، وزكت نفسه بزكي نفوسهم، فما زال يتقلب في روضاتهم، ويحظى بأريج ورودهم وأورادهم.

يحدثنا رحمه الله عن ذلك فيقول: (أول من أخذ علي العهد في ذلك - أي: تلقين الذكر - ولقنني: الأستاذ الحفني، بمقتضى أخذه في طريقة الخلوتية، عن السيد مصطفى ابن كمال الدين البكري الشامي صاحب " ورد السحر " وغيره، وذلك قبل بلوغي، ثم تلقنت من جماعة كثيرة، منهم شيخنا العدوي على طريق الشناوية أواخر عمره، ومنهم شيخنا الشهاب الجوهري في الطريقة الشاذلية، وأجازني أن أجيز بها، قال:

ونرويها من طرق، منها طريق القطب مولاي عبد الله الشريف المسلسلة بالأقطاب (1).

ثم سرد أسانيده للسادة الوفائية الشاذلية، والعيدروسية، والنقشبندية، بل - كما قال - وجميع طرق السادة الصوفية (2).

وقد قال عند ختم " ثبته " بكتب القوم: (وإنما أخرناها لأنها الزبدة والمنتهى، فإن الشريعة علم الشرع، والعلوم الآلية وسائلُ لفهمه،

(1) سد الأرب (ص 263)، وكلٌّ من شيخه المحدث السقاط والعلامة التاودي ابن سودة من رؤوس الشاذلية.

(2)

سد الأرب (ص 265).

ص: 24