المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في إثبات الحرف لله تعالى - جزء فيه ذكر اعتقاد السلف في الحروف والأصوات

[النووي]

الفصل: ‌فصل: في إثبات الحرف لله تعالى

قلت: فإشارة ابن عباس إلى أنه لا يجوز العدول عما جاء به الكتاب العزيز، ونطق به السيد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يليق بذي الجلال أن نصفه إلا بما وصف به نفسه، ومن تجاوز ذلك المنهاج، مال بآرائه ومقاييسه عن طريق الحق والسداد، عد من عصابة الجهل وأهل العناد.

وأما ما ذكروه في الثامن: إذا كتب إنسان من القرآن ثم محى ذلك.

قلنا: لا نسلم أن التشويش والانعدام ورد على القديم، بل على ما يصدق عليه أنه محدث، أما الحرف فلا. وقد بينا فيما تقدم ثبوت التغاير بينهما، ثم لو صح ما ذكرتم لزم من انعدام هذه الألف انعدام كل ألف، وذلك باطل بالبديهة الحسية، فإن انمحى ألف كتب في محل لا توجد انمحاء ألف كتبت في محل آخر، ولو كان المحو وارداً على الحرف، لا رتفع الجميع بارتفاع واحد منها، بل هو وارد على أمور خارجية عن حقيقة الحرفية.

ص: 54

والكلمات هي الحروف المتآلفة المفيدة وقال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} [النساء:164] .

قال الأصمعي1 والفراء2 وأبو عبيد القاسم بن سلام3 وغيرهم من أهل اللغة: التأكيد بالمصدر يدل على ارتفاع الواسطة.

فثبت أنه يقال: كلم موسى بكلام سمعه بحاسة أذنه، ولذلك امتن الله عليه

1 الأصمعي، الإمام العلامة الحافظ، حجة الأدب، لسان العرب، أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي الأصمعي، البصري، اللغوي، الأخباري، أحد الأعلام، يقال: اسم أبيه عاصم، ولقبه قريب، ولد سنة بضع وعشرين ومائة، أثنى عليه أحمد بن حنبل في السنة، وقال ابن معين: كان الأصمعي من أعلم الناس في فنه.

وقال الربيع: ما عبر أحد عن العرب بأحسن من عبارة الأصمعي.

وقال أبو داود: صدوق.

وقال المبرد: كان الأصمعي بحراً في اللغة، ولا نعرف مثله فيها، وكان أبو زيد أنحى منه.

مات الأصمعي سنة خمس عشرة ومائتين."سير أعلام النبلاء"(8/469) .

2 الفراء العلامة، صاحب التصانيف، أبو زكريا، يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الاسدي مولاهم الكوفي النحوي، صاحب الكسائي.

قال ثعلب: لولا الفراء لما كانت العربية، ولسقطت، لأنه خلصها، ولأنها كانت تتنازع ويدعيها كل أحد.

وقال ابن الأنباري: لو لم يكن لأهل بغداد والكوفة من النحاة إلا الكسائي والفراء لكفى.

وقال بعضهم: الفراء أمير المؤمنين في النحو.

مات الفراء بطريق الحج سنة سبع ومائتين."سير أعلام النبلاء"(8/434) .

3 أبو عبيد، الإمام الحافظ المجتهد ذو الفنون، أبو عبيد القاسم بن سلام بن عبد الله.

كان أبوه سلام مملوكاً رومياً لرجل هروي، ولد أبو عبيد سنة سبع وخمسين ومائة

قال الإمام أحمد: أبو عبيد ممن يزداد عندنا كل يوم خيراً.

وقال أبو داود: أبو عبيد ثقة مأمون.

وقال أبو قدامة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد أستاذ.

وقال الدارقطني: ثقة إمام جبل. مات أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين بمكة."سير أعلام النبلاء"(9/183) .

ص: 55