الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: في أحاديث تؤكد أن كلام الله مسموع
فانظروا إلى ما كان عليه الأئمة المهديين والفرق بينهم وبين غيرهم من المتعصبين من أهل زماننا على موافقة أغراضهم ومخالفتهم لها، لكونهم انعطفوا على حب الدنيا وزخارفها، والتحبب إلى رؤساء أعصارهم حملهم1 على هذه الأمور المستبشعة فباعوا المقطوع بالمظنون ولقد أحسن الشاعر حيث يقول:
عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى
…
ومن يشتري دنياه بالدين أعجب
ونحن من ديننا: التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث المشهورين ونؤمن بجميع أحاديث الصفات، لا نزيد على ذلك شيئاً، ولاننقص منه شيئاً، كحديث قصة الدجال وقوله فيه:
" وإن ربكم ليس بأعور "2.
وكحديث النزول إلى السماء الدنيا3.
وكحديث الاستواء على العرش4، وإن القلوب بين إصبعين من أصابعه5
1 في الأصل: جهلهم.
2 رواه البخاري (3057) ومسلم (169) .
3 رواه البخاري (1145) ومسلم (758) .
4 رواه البخاري (7404) ومسلم (2751) .
5 رواه مسلم (2654) .
وإنه يضع السموات على أصبع والأرضين على أصبع1، ونقول بتصديق حديث المعراج2 وبصحيح مافيه من الروايات وندين أن الله مقلب القلوب.3 وما أشبه هذه الأحاديث جميعها كما جاءت بها الرواية من غير كشف عن تأويلها، وأن نمرها كما جاءت.
وأن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ونقول: إن الله يجيء يوم القيامة كما قال تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [الفجر:22] وإن الله يقرب من عباده كيف يشاء لقوله تعالى {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق:16] وقوله: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى*فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم:8-9] وأشباه ذلك من آيات الصفات، ولا نتأولها ولا نكشف عنها بل نكف عن ذلك كما كف عنه السلف الصالح.
ونؤمن بأن الله على عرشه كما أخبر في كتابه العزيز ولا نقول هو في كل مكان، بل هو في السماء، وعلمه في كل مكان لايخلو منه مكان كما قال:{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك:16] وكما قال: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر:11] .
وكما جاء في حديث الإسراء إلى السماء السابعة:" ثم دنا من ربه ".
وكما في حديث سوداء أريدت أن تعتق، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:" أين ربك؟ " فقالت: في السماء فقال:" اعتقها فإنها مؤمنة "4.
وأمثال ذلك كثير في الكتاب والسنة، نؤمن بذلك ولا نجحد شيئاً من ذلك.
1 رواه البخاري (4811) ومسلم (2786) .
2 رواه البخاري (7517) ومسلم (162) .
3 رواه البخاري (6617) .
4 رواه مسلم (537) .
وقد روت الثقات عن مالك بن أنس أن سائلاً سأله عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَ} [طه:5] فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.1
فيا إله السموات والأرضين، ويا خالق الخلق أجمعين، أنت المطلع على البواطن وأنت الرقيب على كل خالق وساكن، أسألك أن تغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم.
فهذا: آخر ما أردنا ذكره من هذا المختصر من معتقد مصنفه، مما ذكره في كتابه كتاب" غاية المرام في مسألة الكلام" للشيخ أبي العباس أحمد بن الحسن الأرموي الشافعي، وهو الذي عليه الجمهور من السلف والخلف.
وهذا الذي ذكرناه جميعه من كلام الشيخ أبي العباس الأرموي – رحمه الله.
1 رواه اللالكائي في" شرح أصول الاعتقاد"(664) والصابوني في" عقيدة السلف"(1/110-111) وأبو نعيم في" الحلية"(6/325-326) والدارمي في" الرد على الجهمية"(ص: 280) وابن عبد البر في" التمهيد"(7/151) والبيهقي في"الاعتقاد"(ص:408) بأسانيد لا يصح منها شيء.
ثم نشرع
في كلامنا نحن
وهو القسم الثاني فيما نذكره فيما وضعناه في كتابنا المعروف"بالتبيان في آداب حملة القرآن" فلنذكر من الباب الأول أخباراً في فضيلة تلاوة القرآن وحملته فهي كثيرة جداً فمن جملتها:
عن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلي الله عليه وسلم قال:" إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين " 1 رواه مسلم.
وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف [ولكن] ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف "2 رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وعن عبد الله بن مسعود أيضاً قال:" اقرءوا القرآن. إن الله لا يعذب قلباً وعى القرآن، وإن هذا القرآن مأدبة الله، فمن دخل فيه فهو آمن ومن أحب القرآن فليبشر"3.
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه "4 رواه مسلم.
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم
1 رواه مسلم (218) .
2 رواه الترمذي (2910) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
3 رواه البخاري في" خلق أفعال العباد"(ص:87) وابن أبي شيبة (30079) والدارمي (3319) و03320) .
قلت: صحح الحافظ بن حجر إسناده في" الفتح"(9/79) .
4 رواه مسلم (804) .