الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
باب المقدمات:
مقدمة الطبعة الجديدة:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد؛ فهذه هي الطبعة الجديدة لكتابي "حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة"، وهي تختلف عن سابقاتها بزيادات مهمة في جوانب عديدة، أهمها تلك الزيادة في الأحادث وآثار السلف الدالة على أن وجه المرأة وكفيها ليس بعورة، فمثلًا هناك زيادة خمسة أحاديث "من صفحة 70 – 72"، حيث أصبح عدد الأدلة ثلاثة عشر دليلًا بدلًا من ثمانية أدلة في الطبعات السابقة، وكذلك أضفنا في هذه الطبعة عددًا من أهم الآثار السلفية الدالة على ذلك، يجدها القارئ "في صفحة 96 – 103"
وأهم من ذلك كله تلك الصفحات التي ألحقناها بـ "ص 51 – 53" وبينا فيها دقة نظر ابن عباس ومن تبعه من الصحابة والمفسرين في تأويل قوله
تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ، وأن المراد الوجه والكفان، والمعنى: إلا ما ظهر عادة بإذن الشارع وأمره. فلا يرد حينئذ الاعتراض أو الإشكال الذي كنت أوردته على تفسير ابن جرير والقرطبي هناك، فراجعه فإنه مهم جدًّا، وفيه بيان أن الفضل في التنبه لهذا يعود إلى الحافظ ابن القطان الفاسي في كتابه الجامع النظر في أحكام النظر، وذلك من بركة الاستمرار في البحث وطلب العلم للوصول إلى الحق مما اختلف فيه الخلق.
وهناك زيادة تحت عنوان "فائدة مهمَّة""ص144 – 117" حول خطورة استخدام الخادمات الكافرات في بيوت المسلمين.
وكذلك الزيادة من "ص 121 – 123" حول بعض ألوان ثوب المرأة، والتي قد تعتقد بعض النساء أنها من الزينة، وهي ليست كذلك، والأدلة عليها
…
بالإضافة إلى العديد من الزيادات المعلولة والمختصرة، يجدها القارئ مبثوثة في مواقع مختلفة، حسبما يقتضيه البحث والتدقيق العلمي.
ومن ناحية أخرى؛ فإن هناك فقرات كانت في الطبعات السابقة في الهامش، فرأينا في هذه الطبعة أن تنقل إلى المتن؛ لأهميتها وضرورة إبرازها؛ كالمادة الموجودة من صفحة "74 – 79" تحت عنوان:"إبطال دعوى أن هذه الأدلة كلها كانت قبل فرضية الحجاب"، بالإضافة إلى فقرات متفرقة نقلت من الهامش إلى المتن حسبما رأينا أن المصلحة تقتضي ذلك.
هذا، وقد شرعت منذ مدة ليست بالقصيرة –ربما قاربت السنتين- بكتابة مقدمة لهذه الطبعة الجديدة، اضطرت من خلالها أن
أتعرَّض لبعض الذين تناولوا كتابي هذا –أو بالأحرى قولي بأن وجه المرأة وكفيها ليسا بعورة- تناولوا بالنقد غير العلمي، والمصحوب بالتجريح كأني أنتصر لهذا الرأي متَّبعًا فيه هواي، ولا سلف لي فيه! فبدأت باستعراض أدلتهم وردودهم، وتتبع أقوالهم وشبهاتهم واحدة واحدة غالبًا، كما عُنيتُ بالرد على الشيخ التويجري عناية خاصة في كتابه:"الصارم المشهور"؛ لأنه كبيرهم في ذلك ومن أسبقهم! وأحيانًا أرد عليهم ردًّا عامًّا، وهذا حينما يكون الدليل واضحًا لا لبس فيه ولا غموض.... وهكذا، حتى وجدتني قد تجمع عندي ما يزيد على مائة صفحة بخط يدي من الحجم الكبير، أي أنه لو أتممته ونسقته؛ لقارب حجمه هذا الكتاب –الأصل- أو يزيد، مما جعل أمر إلحاق هذا الذي تجمع تحت اسم مقدمة الطبعة الجديدة لهذا الكتاب أمرًا غير مناسب من جوانب عديدة، منها أن حجمه سيزيد إلى الضعف، ومنها –وهو الأهم- تلك البحوث المتخصصة النادرة التي تناولتها بالبحث، فرأيت بعد نظر وتفكير أن أفصل هذا الذي كتبته عن هذه المقدمة، وأن أخرجه كتابًا مستقلًا؛ ليكون بيانًا للناس، ولعله –إن شاء الله- يكون هكذا أنفع لهم، وأسهل تداولًا، وسميته:
"الرَّد المفحم على من خالف العلماء وتشدد وتعصب، وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب، ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحب".
ولكن يبدو لي أنه لا بد هنا من أن أحصر أهم أخطاء المخالفين المتشددين بالقدر المستطاع من الإيجاز، فأقول:
أولًا: فسَّروا الإدناء في آية الجلابيب الآتية بتغطية الوجه، وهو
خلاف أصل هذه الكلمة في اللغة، وهو: التقرب؛ كما في كتب اللغة، وكما أفاده العلامة الراغب الأصبهاني في المفردات، ثم قال:
ويقال: دانيت بين الأمرين: أدنيت أحدهما من الآخر.
ثم ذكر الآية، ويكفي في ذلك حجة أن ابن عباس ترجمان القرآن فسرها بذلك، فقال:
تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به؛ أي: لا تستره.
وسيأتى تخريجه قريبًا، وأن ما احتجوا به مما ينافيه؛ لا يصح عنه.
ثانيًا: فسّروا الجلباب بأنه الثوب الذي يغطي الوجه، ولا أصل له في اللغة أيضًا، بل هو ينافي تفسير العلماء بأنه الثوب الذي تلقيه المرأة على خمارها، ولم يقولوا: على وجهها، حتى الشيخ التويجري نفسه حكي هذا التفسير عن ابن مسعود رضي الله عنه وغيره من السلف، وهو الذي كنت ذكرته في الكتاب كما سيأتي ص83.
ثالثا: أصروا جميعًا على أن الخمار غطاء الرأس والوجه! فزادوا تفسيره الوجه من عند أنفسهم؛ ليجعلوا آية: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} حجة لهم، وهي عليهم؛ لأن الخمار لغة غطاء الرأس فقط، وهو المراد كلما جاء ذكره مطلقًا في السنة؛ كأحاديث المسح على الخمار وقوله صلى الله عليه وسلم:
"لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار"1.
1 وسيأتي تخريجه.
بل هذا الحديث يؤكد بطلان تفسيرهم؛ لأن المتشددين أنفسهم –فضلًا عن أهل العلم- لا يستدلون به على شرطية ستر المرأة لوجهها في الصلاة، وإنما الرأس فقط:{فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} .
ويزيده تأكيدًا تفسيرُهم لقوله تعالى في آية "القواعد": {أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} بالجلباب، فقالوا: فيجوز للقاعدة أن تظهر أمام الأجانب بخمارها كاشفة وجهها، صرح بذلك أحد فضلائهم، أما الشيخ التويجري؛ فيشير إلى ذلك ولا يفصح! كما هو مشروح في موضعه من "الرد المفحم".
وقد تتبعت أقوال العلماء سلفًا وخلفًا في كل الاختصاصات، فرأيتهم أجمعوا على أن الخمار غطاء الرأس، وسميت ثمة أكثر من عشرين عالِمًا، وفيهم بعض الأئمة والحفاظ، ومنهم أبو الوليد الباجي المتوفى "474 هـ"، وزاد هذا في البيان، فقال جزاه الله خيرا:
"ولا يظهر منها غير دور وجهها".
رابعا: ادعى الشيخ التويجري الإجماع على أن وجه المرأة عورة، وقلده في ذلك كثير ممن لا علم عنده وفيهم بعض الدكاترة! وهي دعوى باطلة، لم يسبقه أحد إليها، وكتب الحنابلة التي تفقه عليها –فضلًا عن غيرها- كافية للدلالة على بطلانها، وقد ذكرت هناك في الرد كثيرًا من عباراتهم؛ مثل عبارة ابن هبيرة الحنبلي في كتابه الإفصاح، وفيها أن مذهب الأئمة الثلاثة أنه ليس بعورة؛ قال:
"وهو رواية عن الإمام أحمد".
وقد رجح هذه الرواية كثير من الحنابلة في مصنفاتهم كابْني قدامة
وغيرهما، ووجه ذلك صاحب المغني بقوله:
"لأنَّ الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء".
ومنهم العلامة ابن مفلح الحنبلي الذي قال فيه ابن قيِّم الجوزية:
"ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مُفلح".
وقال له شيخه ابن تيمية:
"ما أنت ابن مفلح، بل أنت مفلح".
وهنا أرى لزامًا عليّ أن أبادر إلى نقل كلام هذا المفلح إلى القرّاء؛ لما فيه من العلم والفوائد العديدة، التي منها تأكيد بطلان دعوى الشيخ التويجري، ومنها موافقة كلامه رحمه الله ومن ذُكِرَ معه من العلماء الأعلام لصحة ما اخترته في هذه المسألة سابقًا ولاحقًا.
قال في كتابه القيم "الآداب الشرعية" –وهو من مراجع الشيخ التويجري، الأمر الذي يدل على أنه على علم به، ولكنه يكتم الحقائق العلمية عن قراء كتابه، ثم يدعي خلافها! - قال المفلح رحمه الله:
هل يسوغ الإنكار على النساء الأجانب إذا كشفن وجوههن في الطريق؟
ينبني "الجواب" على أن المرأة هل يجب عليها ستر وجهها، أو يجب غض النظر عنها؟
في المسألة قولان:
قال القاضي عياض في حديث جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري. رواه مسلم1:
"قال العلماء رحمهم الله تعالى:
وفي هذا حُجَّة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها، وإنما ذلك سنة مستحبة لها، ويجب على الرجل غض البصر عنها في جميع الأحوال؛ إلا لغرض شرعي. ذكره الشيخ محيي الدين النووي ولم يزد عليه".
ثم ذكر المفلح قول ابن تيمية الذي يعتمد عليه التويجري في كتابه: "ص170" ويتجاهل أقوال جمهور العلماء، وقول القاضي عياض، وموافقة النووي عليه، ثم قال المفلح:
فعلى هذا؛ هل يشرع الإنكار؟ ينبني على الإنكار في مسائل الخلاف، وقد تقدم الخلاف فيه.
فأما على قولنا وقول جماعة من الشافعية وغيرهم: أن النظر إلى الأجنبية جائز من غير شهوة ولا خلوة؛ فلا ينبغي الإنكار".
قلت: وهذا الجواب يلتقي تمامًا مع قول الإمام أحمد، رحمه الله ورضي عنه:
"لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه"2.
1 وسيأتي في الكتاب مع تخريجه.
2 "الآداب الشرعية""1/ 187".
قلت: وهذا لو كان الحق معه؛ فكيف إذا كان مبطلًا مكابرًا مضللًا، إن لم نقل: مكفِّرًا؟! فقد قال التويجري في كتابه: "ص 249":
"ومن أباح السفور للنساء يعني به سفور الوجه فقط، واستدلَّ على ذلك بمثل ما استدل به الألباني؛ فقد فتح باب التبرج على مصراعيه، وجرّأ النساء على ارتكاب الأفعال الذميمة التي تفعلها السافرات الآن"!
وفي مكان آخر "ص233": "إلى الإلحاد في آيات الله! ".
كذا قال أصلحه الله وهداه؛ فماذا يقول في ابن المفلح والنووي والقاضي عياض وغيرهم من المقدسيين ومن سبقهم من الجمهور الذين هم سلفي فيما ذهبت إليه؟!
خامسًا: اتفاق التويجري ومن معه من المتشددين على تأويل الأحاديث الصحيحة حتى لا تتعارض مع رأيهم! كما فعلوا بحديث الخثعمية، وقد تلونوا في إبطال دلالته على وجوه مضحكة مبكية، رَدَدْتُها هناك، وأحدها سيأتي في الكتاب "ص 64" مع إبطاله، ومع ذلك فلا تزال طائفة منهم يصرون عليه، وهو زعمهم أنها كانت محرمة! وهم يعلمون أن إحرامها لا يمنعها من السدل على وجهها! والتويجري يسلم تارة بأنها كانت سافرة، ولكنه يعطل دلالته بقوله:
"ليس في دليل على أنها كانت مستديمة لكشفه"!
يريد أن الريح كشفت عن وجهها، وفي هذه اللحظة رآه الفضل بن العباس!!
فهل يقول هذا عربي يقرأ في الحديث: "فأخذ الفضل ينظر يلتفت إليها، وفي الرواية الأخرى: "فطفق ينظر إليها وأعجبه حسنها"؟!
أليست هذه مكابرة ولها قرنان بارزان؟!
وتارة يؤوله بالنظر إلى قدِّها وقوامها!!
إلى غير ذلك من التأويلات الباطلة التي بينا بطلانها مع ذكر أحاديث أخرى تأولوها على هذا النحو، رددناها هناك.
سادسًا: تواطؤهم على الاستدلال بالأحاديث الضعيفة والآثار الواهية؛ كحديث ابن عباس في الكشف عن العين الواحدة، مع علمهم بصعفة المبين في الكتاب "ص 88" ضمن الجواب عنه، بل قد ضعفه أحدهم.
إلى غير ذلك من الأحاديث التي فصلت القول بضعفها هناك، ومن أهمها حديث:
"أفعمياوان أنتما؟! ".
فقد تتابعوا على تقويته تقليدًا للتويجري، وهذا لغيره، وعلى الاحتجاج به على تحريم نظر المرأة إلى الرجل ولو كان أعمى! مع أنه ضعيف عند المحققين من الحفاظ كالإمام أحمد والبيهقي وابن عبد البر، ونقل القرطبي أنه لا يصح عند أهل الحديث، وعلى ذلك جرى كثير من الحنابلة من المقادسة وغيرهم، وهو الذي يقتضيه علم الحديث وأصوله؛ كما هو مبين في "الإرواء""6/ 210".
ومع ذلك كله تجرأ الشيخ عبد القادر السندي –مسايرة منه للشيخ التويجري وغيره- فزعم أن إسناده صحيح! ففضح بذلك نفسه، وكشف به عن جهله أو تجاهله –للأسف- لأن فيه مجهولًا لم يروِ عنه غير واحد، مع مخالفته لأولئك الأعلام، وقد جاء في تأييد زعمه –على خلاف ما عهدناه عنه- بالعجب العجاب من التدليس والتضليل والتقليد وكتم العلم والإعراض عن قواعده مما لا يخطر في بال أحد، وهذا كلُّه مشروح هناك في نحو أربع صفحات كبار، ومن ذلك تجاهله أنه معارض لحديث فاطمة بنت قيس، وإذنه لها بالنزول في دار ابن أم مكتوم الأعمى، وهى ستراه حتمًا، وعلل ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله لها:
"فإنك إذا وضعت خمارك؛ لم يرك".
وفي رواية للطبراني عنها قالت:
"وأمرني أن أكون عند ابن أم مكتوم؛ فإنه مكفوف البصر، لا يراني حين أخلع خماري".
وثمة أحاديث أخرى واهية حشرها التويجري في كتابه، وقد ذكرت هناك على سبيل المثال عشرًا منها، وفيها بعض الموضوعات!
سابعًا: تهافتهم على تضعيف بعض الأحاديث الصحيحة والآثار الثابتة عن الصحابة، وتجاهلهم الطرق المقوية لها، أو تضعيفها من بعضهم تضعيفًا شديدًا؛ كحديث عائشة في المرأة إذا بلغت:"لم يصلح أن يُرَى منها إلا وجهها وكفَّاها"؛ فقد أصروا على الاستمرار في تضعيفه؛ يقلد الجاهل فيهم من لا علم عنده! مخالفين في ذلك من قواه من حفاظ الحديث
كالبيهقي والذهبي؛ كما كنت ذكرت ذلك عنهما في الكتاب كما سيأتي "ص 57 – 59"، وتجاهل أكثرهم طرقه، ومنهم بعض الأفاضل، بل صرح التويجري "ص 236" أنه لم يأت إلا من حديث عائشة، وقد رأى بعينه في الموضع المشار إليه من الكتاب طريقين آخرين: أحدهما: عن أسماء بنت عميس، والآخر: عن قتادة مرسلًا بسند صحيح عنه. وقلده في ذلك كثير من المقلدة، وفيهم بعض النسوة كمؤلفة ما سمته:"حجابك أختي المسلمة" ص33، كما تجاهلوا تقوية من ذكرنا من الحفاظ وغيرهم كالمنذري والزيلعي والعسقلاني والشوكاني، وتنطع بعضهم ممن يظهر نفسه أنه من العارفين بهذا العلم الشريف –وفي مقدمتهم الشيخ السندي- فادعوا شدة ضعف بعض رواته؛ لكي يفروا من قاعدة تقوية الضعيف بمثله؛ موهمين ومدلسين على القراء أنه لا موثق لهم، ولا يستشهد بهم، ومنهم عبد الله بن لَهيعة؛ مخالفين في ذلك طريقة علماء الحديث في الاستشهاد به، ومنهم الإمام أحمد وابن تيمية رحمة الله عليهما، كما تجاهلوا جميعًا أن العلماء، ومنهم الإمام الشافعي يقوون الحديث المرسل إذا عمل به أكثر العلماء، وقد عملوا بهذا الحديث كما تقدم، ويأتى في الكتاب، يضاف إلى ذلك مقويات أخرى:
الأول: أنه رُوِيَ عن قتادة بسنده عن عائشة.
الثاني: أنه جاء من طريق أخرى عن أسماء.
الثالث: أنه عمل به هؤلاء الرواة الثلاثة:
أما قتادة؛ فقد قال في تفسير آية الإدناء: "أخذ الله عليهنَّ أن
يُقَنِّعْنَ على الحواجب"؛ يعني: وليس على وجوههن كما قال الطبري:
ب- وأما عائشة؛ فقالت في المحرمة:
"تُسدِل الثوب على وجهها إن شاءت".
رواه البيهقي بسند صحيح.
قلت: فتخيير عائشة المحرمة في السدل دليل واضح على أن الوجه عندها ليس بعورة، وإلا لأوجبت ذلك عليها كما يقول المخالفون، ولذلك كتم قولها هذا عن قرائهم جمهور هؤلاء المؤلفين المتشددين، وفي مقدمتهم التويجري، وتعمد حذفها من رواية البيهقي هذه مؤِّلف:"فصل الخطاب"! وله أشياء أخرى من هذا القبيل بينتها هناك.
والشاهد أن هذا الأثر الصحيح عنها مما يقوي حديثها المرفوع، وهذا مما جهله القوم أو تجاهلوه، وأحلاهما مرٌّ!
ج- وأما أسماء؛ فقد صح أن قيس بن أبي حازم رآها امرأة بيضاء موشومة اليدين كما سيأتي في الكتاب مخرجًا، وذلك من فوائد هذه الطبعة.
الرابع: أثر ابن عباس المتقدم "ص6".
"تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به".
ومثله تفسيره لآية الزِّينة: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالوجه والكفين كما تقدم أيضًا، ويأتي في الكتاب "ص59".
ومعه أثر ابن عمر أيضًا مثله.
ولا بد لي بهذه المناسبة من التنبيه على حقيقة مرة للعبرة والتعريف
والتذكير بالحكمة القائلة: الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف الرجال. ذلك أن الشيخ التويجري في الوقت الذي يصر فيه على رفض حديث عائشة هذا مع ما له من الشواهد منها حديث قتادة المرسل؛ فإنه يقبل حديثًا آخر لها فيه: أنها انتقبت.... وفيه أنها قالت في صفية ونساء الأنصار "يهودية بين يهوديات"! وسنده أيضًا، ومتنه منكر جدًّا كما ترى، ومع ذلك فإن الشيخ يقويه بقوله "ص181":
وله شاهد مرسل"، ثم ذكره من مرسل عطاء!
وفي إسناده كذاب!
فليتأمل القراء الفرق الكبير بين هذا الشاهد الموضوع وبين الشاهد الصحيح للحديث الأول عن قتادة مع الشواهد الأخرى له، ثم ليقل: لماذا قبل التويجري حديث عائشة هذا ورفض ذاك؟!
الجواب: لأن المقبول فيه الانتقاب –مع أنه لا يفيد الإيجاب- والمرفوض ينفيه! فإذن الشيخ لا ينطلق فيما يذهب إليه –هنا- من القواعد العلمية الإسلامية، وإنما من –مثل- القاعدة اليهودية: الغاية تبرر الوسيلة! والله المستعان.
ثامنًا وأخيرًا: من عجائب بعض المتأخرين من الحنفية المقلدين وغيرهم أنهم –تقليدًا منهم لأئمتهم- يتفقون معنا على المخالفين المتشديين، لكنهم سرعان ما يتفقون معهم على أئمتهم! وذلك أنهم اجتهدوا –وهم المقلدون- فقيدوا مذهب الأئمة فقالوا: بشرط أمن الفتنة؛ يعنون: فتنة الرجال بالنساء، ثم غلا أحد الجهلة من المقلدة المعاصرين
فنسب هذا الشرط إلى الأئمة أنفسهم! فنتج من ذلك عند بعض من لا علم عنده إلا التحطيب والتحويش: أن لا خلاف بين الأئمة والمخالفين!
وليس يخفى على الفقيه حقًّا أن الشرط المذكور باطل يقينًا؛ لأنه يعني الاستدراك على رب العالمين؛ ذلك لأن الفتنة بالنساء لم تحدث فيما بعد حتى نوجد لها حكمًا خاصًّا لم يكن من قبل، بل إنها كانت في عهد التشريع، وما قصة افتنان الفضل بن العباس بالمرأة الخثعمية وتكراره النظر إليها ببعيدة عن ذاكرة القراء الكرام.
ومن المعلوم أن الله تعالى لما أمر الرجال والنساء بغض الأبصار، وأمر النساء بالحجاب والتستر أمام الرجال؛ إنما جعل ذلك سدًّا للذريعة ودرءًا للفتنة، ومع ذلك لم يأمرهن عز وجل بأن يسترن وجوههن وأيديهن أمامهم، وأكد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في القصة المشار إليها بعدم أمره المرأة أن تستر وجهها، وصدق الله القائل:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} .
والحقيقة أن الشرط المذكور إنما ذكره العلماء –ومنهم مؤلف الفقه على المذاهب الأربعة ص12- في نظر الرجل إلى وجه المرأة، فقالوا: يجوز ذلك بشرط أمن الفتنة، وهذا حق؛ بخلاف ما فعله المقلدة، فكأنهم استلزموا أن تستر المرأة وجهها وجوبًا، ولا تلازم؛ فإنهم يعلمون أن الشرط المذكور –بحق- لازم أيضًا على النساء، فلا يجوز لهن النظر إلى وجه الرجال إلا إذا أمنت الفتنة؛ فهل يستلزمون منه أن يستر الرجال أيضًا وجوههم عن النساء درءًا للفتنة كما كانت تفعل بعض القبائل المعروفين بـ "الملثمين"؟!
ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليها إذا خشيت أن تصاب بأذى من بعض الفساق لإسفارها عن وجهها: أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعًا للأذى والفتنة؛ لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة، بل يقال: إنه يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع الجلباب من رأسها من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين من رئيس لا يحكم بما أنزل الله كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد.
أما أن يجعل هذا الواجب شرعًا لازمًا على كل النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات؛ فكلَّا ثم كلَّا، وصدق الذي قال:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} .
هذه هي أهم أخطاء المخالفين المتشديين التي رأيت أنه لا بد من ذكرها هنا مع الاختصار قدر الاستطاعة؛ لصلتها القوية بالكتاب كما هو ظاهر.
ثم ختمت الرد المفحم بالتذكير بأن التشدد في الدين –مع نهي الشارع الحكيم عنه- لا يأتي بخير، ولا يمكن أن يخرج لنا جيلا من الفتيات المسلمات يحملن الإسلام علمًا وتطبيقًا بتوسط واعتدال، لا إفراط فيه ولا تفريط، لا كما بلغني عن بعض الفتيات الملتزمات في بعض البلاد العربية، أنهن لما سمعن بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين"؛ لم يتجاوبن معه، وقلن: ننتقب ونفدي!! وما كان هذا منهن إلا لما يقرع مسامعهن من التشديد في وجوههن!
إنني لا أستطيع أن أتصور أن مثل هذا التشديد –وهذا واحد من أمثلة لديَّ- يمكن أن يخرج لنا نساء سلفيات بإمكانهن أن يقمن بكل ما تطلبه حياتهن الاجتماعية المشروعة، على نمط ما كان عليه نساء السلف الصالح، ولا بأس من ذكر نماذج صالحة منهن، مع تخليص الروايات؛ اكتفاء بسوقها بألفاظها مخرجة هناك، فمنهن:
أم شريك الأنصارية التي كان ينزل عليها الضيفان؛ كما في الحديث الآتي في الكتاب "ص66".
وامرأة أبي أسيد التي صنعت الطعام للنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه يوم دعاهم زوجها أبو أسيد يوم بنى بها، فكانت هي خادمهم وهي العروس.
وأسماء بنت أبي بكر التي كانت تخدم الزبير زوجها: تعلف فرسه، وتكفيه مؤنته، وتسوسه، وتنقل النوى على رأسها من أرض الزبير، وهي على بعد ثلثي فرسخ "أكثر من ثلاثة كيلو مترات"، وتدق النوى.
والمرأة الأنصارية التي استقبلت النبي صلى الله عليه وسلم، وبسطت له تحت النخيل، ورشت حوله، وذبحت له طعامًا، فأكل هو وأصحابه.
وعائشة وأم سليم اللتان كانتا تحملان القرب وتسقيان القوم؛ وكما سيأتي "ص40".
والرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ التي كانت تنفر مع نساء من الأنصار، فيسقين القوم، ويخدمنهم ويداوين الجرحى، ويحملن القتلى إلى المدينة.
وفي حديث آخر نحوه، وفيه: أنهن كن يعطين من الغنيمة.
وأم عطية التي غزت معه صلى الله عليه وسلم سبع غزوات؛ تخلفهم في رحالهم، وتصنع لهم الطعام، وتداوي الجرحى، وتقوم على المرضى.
وأم سليم أيضًا التي أخذت يوم حنين خنجرًا، فقال أبو طلحة: يا رسول الله! هذه أم سليم معها خنجر، فلما سألها صلى الله عليه وسلم؟ قالت: اتَّخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه! فجعل صلى الله عليه وسلم يضحك.
وجرى الأمر على هذا المنوال بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذه أسماء بنت يزيد الأنصارية قتلت يوم اليرموك سبعة من الروم بعمود فسطاطها.
ومثلها نساء خالد بن الوليد؛ فقد رآهن عبد الله بن قرط في غزوة الروم مشمرات يحملن الماء للمهاجرين.
وهذه سمراء بنت نهيك الصحابية رآها أبو بلج عليها درع1 غليظ وخمار غليظ، بيدها سوط، تؤدب الناس، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.
إلى غير ذلك من النماذج الرائعة المبثوثة في كتب السير والتاريخ، ولكنني التزمت الصحة فيما ذكرت، وهي كلها واضحة الدلالة على أن هذه
1 الدرع هنا فيما يبدو لي هو الجلباب؛ ففي كتب اللغة: درع المرأة: قميصها. وذكروا من معاني القميص: الجلباب. انظر مادة الجلباب والدرع والقميص في النهاية والقاموس والمعجم الوسيط.
الخدمات والبطولات ما كانت لتصدر من هذه النسوة الفاضلات لو كن متزمِّتات يرين أن الوجه والكفين من العورة؛ كتلك الفتيات! ذلك أمر بدهي فيما أرى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رباهن على الحنيفية السمحة السهلة.
وهذا هو الذي نريده من إخواننا المشايخ وكل داعية إلى الإسلام: أن يكونوا مصداق قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، وقوله:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} ، حذرين من الوقوع في الغلو المنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم:"إياكم والغلو في الدين؛ فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين"1.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشدِّدوا على أنفسكم؛ فإنما هلك من قبلكم بتشددهم على أنفسهم، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات"2.
مذكرًا –والذكرى تنفع المؤمنين- أن تحقيق ذلك لا يمكن إلا بنبذ التعصب المذهبي، ودراسة السنة والسيرة النبوية الصحيحة من قول وفعل وتقرير، مع الاهتمام بمعرفة ما كان عليه السلف من أمور يصدق علينا –كما صدق عليهم- قول رب العالمين: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
1 انظر تخريجه في الصحيحة 1283.
2 وقد وصلت أخيرًا إلى أنه صحيح، وخرجته في الصحيحة 3694.
تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .
هذا، وقد بدا لي وأنا صدد تحضير مادة "الرد المفحم" أن أستبدل اسم الكتاب "حجاب المرأة المسلمة
…
" بـ"جلباب المرأة المسلمة
…
"؛ لما بينهما من الفرق في الدلالة والمعنى؛ كما كنت استظهرت ذلك في الكتاب كما سيأتي "ص83"؛ ولأن موضوع الكتاب ألصق بهذا الاسم دون ذاك، فبينهما عموم وخصوص، فكل جلباب حجاب1، وليس كل حجاب جلبابًا كما هو ظاهر، وشجعني على ذلك أنني رأيت المخالفين خلطوا بينهما كما بينته في البحث الثاني من الرد المفحم، واستشهدت على ذلك بقول ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"فآية الجلابيب عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن".
ولذلك فقد انشرح صدري لنشره الآن بهذا العنوان:
"جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة".
سائلين الله تبارك وتعالى التوفيق لما يحبه ويرضاه.
وقد قام بنشره صهري الكريم نظام سكجها صاحب المكتبة الإسلامية جزاه الله خيرًا، وللتاريخ أقول: إنه وحده يملك حق طبعه ونشره على هذه الحلة الجميلة التي تحلى بها لأول مرة.
1 وهذا كان المسوغ للتعبير به عن الجلباب أحيانًا، ثم رجعت عنه دفعًا للالتباس، وقد وقع فيه صاحب عودة الحجاب!
وسابقًا كنت أعطيت حق طبعه الطبعة الثانية لصاحب المكتب الإسلامي زهير الشاويش، واستمر في طبعه على الأوفست عدة طبعات، وقفت على السادسة منها، وقد سقط منها السطر الأول من "الصفحة 49"، ولا أدري إذا كان مستمرًا في طبعه، رغم أني أنذرته بأن لا يعيد طبع شيء من كتبي، لا صفًّا جديدًا، ولا تصويرًا، لما ظهر لي بعد هجرتي إلى عمان من إخلاله بالأمانة العلمية والمادية وحق الصحبة –لا أقول: حق المشيخة التي يدعيها لي- مما لا مجال لذكره في هذه المقدمة، وحسب القراء الكرام مثال واحد على ذلك: أنه قرن اسمه مع اسمي في تحقيق كتاب التنكيل، وليس له فيه ولا حرف واحد من التحقيق، ثم طبعه –دون علمي طبعًا- بهذا التزوير ونشره على الناس! ولقد كان أحد المشهورين بطبع الكتب سرقة في مصر قد سطا على الكتاب، وزور فيه اسْمًا آخر لعالم معاصر متوفَّى قرنه محققًا معي! فغار منه صاحبنا القديم!، فقرن اسمه الكريم معه ومعي، كل ذلك تغيير شكل من أجل الأكل! فلينظر القارئ الكريم أيهما شر؟
وقد فصلت القول في صنيعهما هذا في مقدمة الطبعة الجديدة لـ "التنكيل" نشر مكتبة المعارف في الرياض، وله من مثل هذا الشيء الكثير والكثير جدًّا مما هو مبسوط في مقدمات الكتب التالية:"صحيح الكلم الطيب" الطبعة الجديدة، مكتبة المعارف، "صفة الصلاة" الطبعة الجديدة للمكتبة نفسها، "مختصر صحيح مسلم" للمنذري الطبعة الجديدة للمكتبة الإسلامية، "مختصر صحيح البخاري" المجلد الثاني، وقد صدر حديثًا بهمة دار ابن القيم – الدمام.
خاتمة:
ثم إنني لما عزمت على وضع هذه المقدمة؛ كان الإخوة الذين نضَّدوا حروف الكتاب في "مركز دار الحسن لصف الكمبيوتر" قد قدموه إلينا مخرجا، منتظرين منا أن نقدم إليهم المقدمة لينضدوها أيضًا ويضموها إلى الكتاب، ولكني بسبب الاضطرار المذكور في أول المقدمة تبين لي أن الكتاب نشره، ولذلك وجدت نفسي ألحق بالكتاب المنضد والمخرج فوائد جديدة أخرى غير التي كانت نضجت من قبل، كنت أعثر عليها في أثناء تحضير "الرد"، ولا تسمح نفسي إلا أن أطلع القراء عليها، أفعل هذا وأنا ذاكر أن مثل هذا الإلحاق –والكتاب مخرج- مما لا يستسيغه المنضدون، من أجل ذلك فإنني أقدم اعتذاري إلى الإخوة الأفاضل القائمين على المركز مرتين: لهذا الإلحاق أولًا، ولا سيما وقد بلوا منا بنحوه سابقًا فتحملونا جزاهم الله خيرًا، ولهذا التأخير الذي لا عهد لنا ولا لهم بمثله ثانيًا، ولكنه مشيئة الله وقدره، فنعتذر إليهم، والعذر عند كرام الناس مقبول.
وآخر دعوانا {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
عمَّان 5 محرم 1412هـ
محمد ناصر الدين الألباني