المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشرط الثامن: "أن لا يكون لباس شهرة - جلباب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: ‌الشرط الثامن: "أن لا يكون لباس شهرة

‌الشرط الثامن: "أن لا يكون لباس شهرة

" 1:

لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارًا"2.

1 وهو كل ثوب يقصد به الاشتهار بين الناس، سواء كان الثوب نفيسًا يلبسه تفاخرًا بالدنيا وزينتها، أو خسيسًا يلبسه إظهارًا للزهد والرياء. وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" "2/ 94":

"قال ابن الأثير: الشهرة ظهور الشيء، والمراد أن ثوبه يشتهر بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم فيرفع الناس إليه أبصارهم، ويختال عليهم بالعجب والتكبر".

2 أخرجه أبو داود "2/ 172"، وابن ماجه "2/ 278-279"، من طريق أبي عوانة عن عثمان بن المغيرة عن المهاجر عنه.

وهذا إسناد حسن كما قال المنذري في "الترغيب""3/ 112"، ورجال إسناده ثقات كما قال الشوكاني.

قلت: وهم من رجال البخاري؛ غير المهاجر، وهو ابن عمرو الشامي، "ووقع =

ص: 213

...................................................................................

= في "نيل الأوطار": "البسامي"، وهو تحريف"، وقد وثقه ابن حبان "5/ 428 و7/ 486"، وروى عنه جماعة من الثقات.

ثم أخرجاه من طريق شريك عن عثمان به؛ دون قوله: "ثم ألهب فيه نارًا".

وكذلك أخرجه أحمد "رقم 5664 و6345"، وعزاه المنذري في "مختصره" رقم "3871" للنسائي أيضًا، وقال المناوي:

"إنه عنده في "الزينة".

قلت: ولم أجده فيه من "سننه الصغرى"، فالظاهر أنه في "الكبرى" له.

ثم طبع كتابه "السنن الكبرى"، وهو في "زينته""5/ 460/ 9560".

وللحديث شاهد من حديث أبي ذر مرفوعًا بلفظ:

"من لبس ثوب شهرة أعرض الله عنه حتى يضعه متى وضعه".

أخرجه ابن ماجه، وأبو نعيم في "الحلية" "4/ 190-191" من طريق وكيع ابن محزر الناجي: حدثنا عثمان بن جهم عن زر بن حبيش عنه. وقال أبو نعيم:

"تفرد به وكيع".

قلت: وهو لا بأس به كما قال أبو حاتم وغيره، لكن شيخه عثمان بن جهم لم يرو عنه إلا وكيع هذا كما في "الميزان"، فهو في عداد المجهولين، وإن أورده ابن حبان في "الثقات""7/ 202" على قاعدته، ومنه نعلم أن قول البوصيري في "الزائد" "ق218/ 1":

"إسناده حسن". غير حسن، إلا إن كان يريد أنه حسن لغيره، فسائغ، ولعله لذلك أورده المقدسي في "الأحاديث المختارة". والله أعلم.

وأخرج البيهقي "2/ 273" من طريق كنانة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشهرتين: أن يلبس الثياب الحسنة التي ينظر إليه فيها، أو الدنية أو الرثة التي ينظر إليه فيها. =

ص: 214

وإلى هنا ينتهي بنا الكلام على الشروط الواجب تحققها في ثوب المرأة وملاءتها وخلاصة ذلك:

أن يكون ساترًا لجميع بدنها؛ إلا وجهها وكفيها، على التفصيل السابق، وأن لا يكون زينة في نفسه، ولا شفافًا، ولا ضيقا يصف بدنها، ولا مطيبًا، ولا مشابها للباس الرجال ولباس الكفار، ولا ثوب شهرة.

فالواجب على كل مسلم أن يحقق كل هذه الشروط في ملاءة زوجته وكل من كانت تحت ولايته لقوله صلى الله عليه وسلم:

"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

والله عز وجل يقول:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6] .

= وإسناده صحيح، لكنه مرسل، فإن كنانة هذا تابعي، وهو ابن نعيم، وقد روى الطبراني نحوه من حديث ابن عمر بسند فيه متهم بالوضع. انظر:"ضعيف الجامع""6/ 36".

قال الشوكاني:

"والحديث يدل على تحريم لبس ثوب الشهرة، وليس هذا الحديث مختصًّا بنفس الثياب، بل قد يحصل ذلك لمن يلبس ثوبًا يخالف ملبوس الناس من الفقراء ليراه الناي فيتعجبوا من لباسه ويعتقدوه. قاله ابن رسلان.

وإذا كان اللبس لقصد الاشتهار في الناس، فلا فرق بين رفيع الثياب ووضيعها، والموافق لملبوس الناس والمخالف، لأن التحريم يدور مع الاشتهار، والمعتبر القصد، وإن لم يطابق الواقع".

ص: 215

أسأل الله تعالى أن يوفقنا لاتباع أوامره، واجتناب نواهيه.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

دمشق 9/ 5/ 1371 هـ.

وكتب: محمد ناصر الدين الألباني

أبو عبد الرحمن

ص: 216