الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمهيد نبذة عن الدعوة السلفية بنجد:
في منتصف القرن الثاني عشر الهجري وفي قرية حريملاء التي تقع بنجد كان ظهور النشاط الأولي لدعوة تجديدية تهدف إلى إحياء الإسلام الصحيح في عقول الناس وقلوبهم، وقد تمثلت في الواقع بما قام به الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1) من دعوة الناس إلى مبادئ الإسلام وعلى رأسها توحيد الله والتحذير من الإشراك به إذ هو " أعظم فريضة جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم "(2) ، التي وقع فيه انحراف عظيم حتى تصاغر انحراف المشركين الأولين أمام شرك المتأخرين في أمور، حيث اجتمع لهم الجهل وضعف العقل إذ الأولون أصح عقولًا منهم (3) .
(1) هو الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي من آل مشرف من بني تميم، ولد في العيينة عام خمسة عشر ومائة وألف للهجرة، ونشأ بها وتلقى العلم فيها عن والده، ثم ارتحل لطلبه، نهض بالدعوة السلفية وأبلى فيها بلاءً حسنًا حتى استقام عودها، توفي رحمه الله عام ستة ومائتين وألف للهجرة. علماء الدعوة، عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ:(6) ، ط 1386هـ.
(2)
كشف الشبهات، محمد بن عبد الوهاب:(22) ، طبع ونشر الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية، وكالة الطباعة والترجمة، الرياض، 1413هـ.
(3)
كشف الشبهات، مرجع سابق:(19، 21) .
ولأجل هذا شمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن ساعد الجد قيامًا بواجب الدعوة إلى الله تعالى؛ لكن الأمور لم تأت كما أراد، فواجهته المصاعب يتلو بعضها بعضًا؛ ففي حريملاء كاد يُقتل (1) ، ثم في العيينة تم طرده بسبب دعوته (2) ؛ حتى حط رحله في رحاب الأمير محمد بن سعود (3) الذي لم يتاون في نصر الدعوة والقيام لأجلها ولم يثنه عن مواصلة السير في طريق مناصرة الدعوة ما واجهه في سبيلها من صعوبات كان أبرزها معاداة الجميع له ورميهم إياه عن قوس واحدة، وما تبع ذلك من مقتل ابنيه فيصل وسعود (4) ، لكن ثبت على نصر الدعوة واستمر.
(1) تاريخ نجد للشيخ حسين بن غنام، حرره وحققه: د. ناصر الدين الأسد: (84) ، ط2، 1405هـ / 1985م، دار الشروق، بيروت.
(2)
تاريخ نجد، مرجع سابق:(86) .
(3)
هو محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، الأمير المجاهد، قام بنصر دعوة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب، توفي رضي الله عنه عام 1179هـ في الدرعية. الدرر السنية في الأجوبة النجدية (التراجم)، عبد الرحمن بن قاسم:(12 / 25) .
(4)
تاريخ نجد، مرجع سابق:(98) .
ويعد المؤرخون لقاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود عام 1157هـ (1) ، والبيعة المباركة التي تمت بينهما في الدرعية نقطة الانطلاقة العملية للدولة السعودية في أول أدوارها وهي كذلك الانطلاقة الفعلية للدعوة السلفية بنجد إذ منها بدأت الدعوة تأخذ طابعًا جديدًا متميزًا؛ يظهر في وجودها ضمن كيان قام عليها ولأجلها ويهدف لحمايتها ونشرها، ومن هنا بدأت الدعوة السلفية في نجد تأخذ تميزها، ومما أسهم في ظهورها وبروزها أئمتها الذين يمثلهم مجموعة من الحكام الذين تعاقبوا على إدارة أزمة الأمور في الدولة السعودية، وعلماء كان لهم دورهم البارز في نشر مبادئ الدعوة وأفكارها التي تمثل مبادئ الإسلام وأسسه، كما كان لهم دورهم الفاعل في القيام بواجب الحماية الفكرية لتلك المبادئ العظيمة التي تمثل حقيقة الإسلام، وهؤلاء العلماء هم الذين تتلمذوا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ أو على تلامذته، وانتهجوا الأفكار والمبادئ نفسها التي دعا إليها الشيخ المجدد سواء كانوا من أبنائه وأحفاده أو من غيرهم.
(1) عنوان المجد في تاريخ نجد، عثمان بن عبد الله بن بشر:(1 / 25) ، ط4، 1403هـ، مطبوعات دارة الملك عبد العزيز- الرياض، وتاريخ المملكة العربية السعودية، عبد الله بن الصالح العثيمين:(86) ، (ط5- 1414هـ) .
وهؤلاء الأئمة كانوا فاعلين في الدعوة السلفية بنجد، في أدوار الدولة التي مرت بها، فقد كان من أبرزهم في الدور الأول: المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد العزيز الحصين (1) ، وحمد بن ناصر بن معمر (2) ، والشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (3) ، وغيرهم؛ أما الحكام فقد كان منهم الأمير / محمد بن سعود، ثم ابنه / عبد العزيز (4) ، ثم ابنه / سعود (5) ، ثم ابنه / عبد الله (6) ، وهو آخرهم في الدور الأول. أما الدور الثاني فقد كان منهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (7) ، والشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ (8) ، والشيخ عبد الله أبا بطين (9) ، والشيخ حمد بن علي بن عتيق (10) ، ومن تلامذتهم الشيخ سليمان بن سحمان (11) ، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري (12) ، والشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ (13) ، والشيخ عمر بن محمد بن سليم (14) ، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق (15) ، وغيرهم كثير، وأبرز من ولي الحكم فيه الإمام تركي بن عبد الله (16) ، وفيصل بن تركي (17) ، وعبد الله بن فيصل، وعبد الرحمن بن فيصل، ثم الملك الموحد المجدد عبد العزيز بن عبد الرحمن في الدور الثالث.
(1) هو الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد الحصين، تلقى العلم عن جمع من العلماء على رأسهم مجدد الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كان له دور بارز في الدعوة والتعليم، توفي رحمه الله عام سبعة وثلاثين ومائتين وألف للهجرة. علماء نجد خلال ثمانية قرون، عبد الله بن عبد الرحمن البسام:(3 / 454) ، ط2، 1419هـ، دار العاصمة-الرياض.
(2)
هو الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر، كان فقيهًا محدثًا، ولي قضاء الدرعية وغيرها، ثم ولي القضاء والتعليم في مكة وبها توفي رحمه الله عام 1225هـ. الدرر السنية في الأجوبة النجدية (التراجم)، عبد الرحمن بن قاسم:(12 / 47) .
(3)
هو الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، ولد عام 1165هـ في الدرعية، وتلقى العلم عن جمع من العلماء على رأسهم والده المجدد، خلف والده في القيام بالدعوة، فكان عالم نجد ومفتيها، في إلى مصر عام 1233هـ، وبها توفي رحمه الله عام 1242هـ. علماء الدعوة، عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ:(18) .
(4)
هو عبد العزيز بن محمد بن سعود، ولي الإمارة بعد والده عام 1179هـ، وجمع الله له بين العلم والإمارة، توفي رحمه الله عام 1218هـ في الدرعية. الدرر السنية في الأجوبة النجدية (التراجم)، عبد الرحمن بن قاسم:(12 / 30) .
(5)
هو سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، ولي الأمر بعد والده عام 1218هـ، وكان من طلبة العلم، وله رسائل علمية متميزة، توفي رحمه الله عام 1229هـ. الدرر السنية في الأجوبة النجدية (التراجم)، عبد الرحمن بن قاسم:(12 / 37) .
(6)
هو الأمير عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، ولي الأمر بعد والده عام 1229هـ، في ظل أزمة الحصار وقبض عليه وقتل في تركيا عام 1233هـ رحمه الله. الدرر السنية في الأجوبة النجدية (التراجم)، عبد الرحمن بن قاسم:(12 / 49) .
(7)
هو الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، ولد في الدرعية سنة ثلاث وتسعين ومائة وألف للهجرة، تلقى عن جده وعن جمع من العلماء، جدد الدعوة السلفية مع الإمام تركي بن عبد الله عام أربعين ومائتين وألف للهجرة، توفي رحمه الله في الدرعية سنة خمس وثمانين ومائتين وألف للهجرة. علماء الدعوة، عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ:(40) ، عنوان المجد، عثمان بن بشر:(2 / 41) .
(8)
هو الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن المجدد محمد بن عبد الوهاب، ولد سنة ألف ومائتين وخمس وعشرين للهجرة في الدرعية، وانتقل بعد سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وألف للهجرة إلى مصر مع والده الذي نفي إلى هناك، وفيها تلقى العلم على والده وعاد إلى نجد سنة أربع وستين ومائتين وألف للهجرة، فكان نعم العون لوالده في حياته ثم خليفته بعد موته في الرئاسة الدينية، توفي رحمه الله سنة ثلاث وتسعين ومائتين وألف للهجرة في الدرعية. علماء الدعوة، عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ:(47) .
(9)
هو الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز أبا بطين، ولد عام أربعة وتسعين ومائتين وألف للهجرة، وتلقى العلم عن جمع من العلماء، له جهود بارزة في الدعوة والتعليم، وله عدد من الرسائل العلمية، توفي رحمه الله سنة اثنين وثمانين ومائتين وألف للهجرة في شقراء. الدرر السنية في الأجوبة النجدية (التراجم)، عبد الرحمن بن قاسم:(12 / 75) .
(10)
هو الشيخ حمد بن علي بن محمد بن عتيق، تلقى العلم عن كبار أئمة الدعوة، وسلك نهجهم، كان لا يخشى في الله لومة لائم، توفي رحمه الله عام واحد وثلاثمائة وألف بعد الهجرة. الدرر السنية في الأجوبة النجدية (التراجم)، عبد الرحمن بن قاسم:(12 / 77) .
(11)
هو الشيخ سليمان بن سحمان بن عامر قدم والده من عسير، وفيها نشأ وتلقى العلم، وقد لازم الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ، وأخذ عنه، وهو صاحب قلم سيال، له العديد من الرسائل والمؤلفات، توفي رحمه الله سنة ألف وثلاثمائة وتسع وأربعين للهجرة، ودفن في الرياض. علماء الدعوة، عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ:(87) .
(12)
هو الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن العنقري، ولد في ثرمداء وبها نشأ، ثم انتقل إلى الرياض لطلب العلم على علمائها فلازمهم واستفاد منهم، كان له جهوده في الدعوة والإصلاح، توفي رحمه الله عام ثلاثة وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة في المجمعة. علماء نجد خلال ثمانية قرون، عبد الله البسام:(4 / 265) .
(13)
هو الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ، ولد في عام ثلاثة وسبعين ومائتين وألف للهجرة، وتلقى العلم عن أخيه عبد الله وجماعة من آل الشيخ وغيرهم، ولي القضاء والدعوة والإرشاد في أنحاء مختلفة من المملكة، توفي رحمه الله سنة سبع وستين وثلاثمائة وألف للهجرة. علماء نجد خلال ثمانية قرون، عبد الله البسام:(6 / 134) .
(14)
هو الشيخ عمر بن محمد بن عبد الله بن سليم، من علماء القصيم، ولد فيها عام تسعة وتسعين ومائتين وألف للهجرة، وتلقى العلم فيها على والده الشيخ محمد، وجمع من العلماء، وقد كان له دوره في الدعوة والتعليم، توفي رحمه الله عام اثنين وستين وثلاثمائة وألف للهجرة. علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم، صالح السليمان العمري:(1 / 98) ، ط1، 1405هـ.
(15)
هو الشيخ سعد بن حمد بن علي بن عتيق، أخذ العلم عن والده وسافر في طلبه إلى الهند، انتفع به خلق في دعوته وتعليمه، توفي رحمه الله سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة. الدرر السنية في الأجوبة النجدية (التراجم)، عبد الرحمن بن قاسم:(12 / 93) .
(16)
هو الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، مكنه الله من إعادة الدولة السعودية بعد انقطاع دام سبع سنوات حيث ولي عام 1240هـ، وكان له جهوده في إحياء الدعوة السلفية، توفي رحمه الله عام تسعة وأربعين ومائتين وألف للهجرة بالرياض. ملوك آل سعود، سعود بن هذلول:(1 / 19) ، ط2، 1402هـ.
(17)
هو الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، ولي الحكم بعد مقتل والده أواخر عام تسعة وأربعين ومائتين وألف للهجرة، واستمر حكمه مدة طويلة انتشر خلالها العلم والأمن، وكان له جهود مباركة في ذلك، توفي رحمه الله عام اثنين وثمانين ومائتين وألف للهجرة. ملوك آل سعود، سعود بن هذلول:(1 / 20) .
ولا شك أن أئمة الدعوة السلفية بنجد كان يمثلون وحدة متكاملة تتكون من الحكام والعلماء وكان بينهم توافق عجيب حيث كان كلاهما يكمل دور الآخر (1) ؛ حتى ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في معرض تأكيده على أن كليهما يكمل صاحبه، ولا يمكن أن يصل أداؤهما إلى الدرجة المطلوبة إلا بالتعاون والتعاضد حيث قال رحمه الله:". . . وترى الكل من أهل الدين والأمير ما يعبد الله أحد منهم إلا برفيقه. . . "(2) .
(1) انظر: المطلب الثالث من المبحث الثاني.
(2)
رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 239) .