المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث - العلم: - جهود أئمة الدعوة السلفية بنجد في التصدي للعنف والإرهاب من خلال الدعوة إلى فقه إنكار المنكر

[صالح بن عبد الله الفريح]

الفصل: ‌المطلب الثالث - العلم:

‌المطلب الثالث - العلم:

لا شك أن من أهم الأسس التي يقوم عليها أي عمل يُراد له النجاح: العلم؛ إذ هو من أهم الأسس التي تحقق ذلك للعمل، ولا سيما في أمر الدعوة إلى الله تعالى، وخاصة في جانب إنكار المنكر لخطورة هذا الأمر؛ ولأجل ذلك جاءت وصايا وتوجيهات أئمة الدعوة السلفية بنجد، تحمل في طياتها الكثير عن العلم في جوانب مختلفة، تصب كلها في الوصول إلى أداء أكمل في جانب الدعوة إلى الله عمومًا، وإنكار المنكر خصوصًا، فمن ذلك ما يأتي:

1-

بيان أن من أهم وأخطر أسباب الغلو والتطرف هو الجهل حيث يوقع في الخطأ في الفهم؛ ويدفع إلى بناء تصورات غير صحيحة، وعليها تنبني تصرفات منحرفة توقع فظائع الأمور (1) .

(1) انظر: رسالة للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية:(4 / 372) .

ص: 21

2-

ولأجل القضاء على الغلو والتطرف وما يتبعهما من الإرهاب كان لا بد من الاهتمام بالعلم وتعليم الناس عامة، والممارسين للعمل الدعوي بخاصة، إذ من المؤكد أنه يرفع كفاءة القائم بالإنكار إذا ما طبق مفردات العلم على أرض الواقع، وهذا أمر معلوم؛ إذ فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف ينكر وفق الأصول المعتبرة شرعًا؛ من لم يتعلمها، ولا يعرف منها شيئًا، يقول الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب بعد رسالة له ضمنها أصولًا مهمة في إنكار المنكر مبينًا أثر الجهل بها:". . . فالله الله العمل بما ذكرت لكم والتفقه فيه فإنكم إن ما فعلتم صار إنكاركم مضرة على الدين "(1) ، ولقد سلك أئمة الدعوة السلفية بنجد سبلًا كثيرة للرفع من قدرة الناس المعرفية وإيصال العلم إليهم بكل الوسائل والأساليب، فمن ذلك:

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 25) .

ص: 22

أ) مخاطبة من له الإمامة وولاية الأمر بوجوب الاهتمام بتعليم الناس، والتأكيد على إرسال من يعلمهم أمور دينهم، يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ للإمام فيصل بن تركي:" وعلى الإمام - وفقه الله - أن يبعث للدين عمالًا كما يبعث للزكاة عمالًا ليعلموهم دينهم. . . "(1)، ويقول في رسالة أخرى:". . . وكذلك يجب على الإمام النظر في أمر العلم وترغيب الناس في طلبه وإعانة من تصدى للطلب. . . "(2)، ويقول الشيخ محمد بن عبد اللطيف ومجموعة من العلماء في بيان أهمية نشر العلم ودور الإمام في ذلك:" إن مما أوجب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على من ولي الأمر نشر العلم وإقامة الدين. . . "(3) .

(1) رسالة له، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية:(4 / 380) .

(2)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(9 / 27) .

(3)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 321) .

ص: 23

وقد كان أئمة الدعوة السلفية من الحكام يبذلون في هذا الأمر الشيء الكثير حيث يرسلون الدعاة إلى مختلف البلدان ليقوموا بدورهم في التعليم والتوجيه، يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في رسالة منه لأحد طلبة العلم متضمنة تكليفه بالقيام بواجب التعليم بأمر الإمام عبد الرحمن الفيصل (1) :". . . وقد أجمع الرأي والمشورة على إلزامك بالدعوة إلى الله والتذكير بدينه. . . وهذا خط الإمام عبد الرحمن وأهلك فلا تجاوب بلا ولن. . . "(2)، ويقول في رسالة موجهة لأمير من الأمراء:". . . والواصل إليك ولدنا علي بن سليم (3) بتدبير الإمام بتذكير أهل الإسلام وحثهم على الثبات والتمسك بدين الله. . . "(4) .

ويقول الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ ومجموعة معه من العلماء في بيان جهد الإمام في ذلك: ". . . والإمام - وفقه الله - وأعانه مهتم لهذا الأمر، وقد بعث لأكثر القبائل دعاة يعلمونهم أمر دينهم. . . "(5) .

(1) هو عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، ولي الحكم بعد وفاة أخيه سعود، ولم تطل فترة حكمه في أول ولاية له، ثم ولي بعد وفاة أخيه عبد الله، وانتهت الدولة السعودية الثانية بخروجه من الرياض عام 1309هـ. ملوك آل سعود، سعود بن هذلول:(1 / 40) .

(2)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(9 / 84، 85) .

(3)

هو الشيخ علي بن عبد العزيز بن سليم، تلقى العلم عن أئمة الدعوة السلفية بنجد، ولي القضاء في الخليج، وانتفع به خلق. انظر: واقع الدعوة إلى الله في الدولة السعودية الثانية، صالح بن عبد الله الفريح:(238) هامش، رسالة علمية في مرحلة الدكتوراه، جامعة الإمام، قسم الدعوة.

(4)

رسالة له، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية:(4 / 272) .

(5)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 321) .

ص: 24

ب) جعل التعليم إلزاميًا على مجموعة من كل بلد حيث يتكفل الإمام بنفقاتهم، ويُفرغون لطلب العلم وتلقيه؛ ليقوموا بدورهم في تعليم قومهم بعد ذلك، وهو منهج سلكه الإمام سعود بن عبد العزيز، يقول رحمه الله في رسالة له:". . . وأنتم خابرون أني قد لزمت على كل أمير ناحية يخص على خمسة عشر أو أكثر أو أقل من أهل بلدانه؛ ويلزمهم طلب العلم؛ لأنه أمر ضروري. . . ولا أعذر كل أمير ناحية إلا عنده أناس مخصوصين، ويلزمهم طلب العلم، ويكتب لنا أسماءهم في ورقة ونوصلهم - إن شاء الله - ما يعاونهم على معيشتهم. . . "(1) .

ج) التأكيد على طلبة العلم القيام بواجبهم في تعليم الناس وبذل ما رزقهم الله من علم وفهم، وفي ذلك يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ:"فالواجب على من أعطاه الله شيئًا من العلم أن يبذله للطالبين، وأن يقوم بما أوجبه الله تعالى عليه من النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم. . . "(2) . ويقول الشيخ عبد اللطيف في تأكيد ذلك على بعض طلابه: ". . . ونشر العلم وبيان السنة من أوجب الواجبات وأفضل الطاعات. . . "(3) .

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(9 / 12) .

(2)

رسالة له، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية:(4 / 423) .

(3)

رسالة له، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية:(3 / 307) .

ص: 25

3-

التأكيد على أهم قضية في منهجية تلقي العلم وهي: كيفية التلقي، فليس المراد بطلب العلم هو أن يجمع منه شيئًا لا يفهمه ولا يدركه، بل القضية هي الفقه والفهم قبل الحفظ، ولأجل ذلك كان أئمة الدعوة السلفية يؤكدون على المنهجية الصحيحة في طلب العلم وتلقيه، وفي ذلك يبين الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري أن الواجب على طلبة العلم أن يأخذوا العلم عن أهله، ولا يعتمدوا على مجرد أفهامهم أو التلقي عن الكتب فقط، ويؤكد أن ذلك غير نافع (1)، وفي بيان ذلك يقول الشيخ عمر بن سليم:". . . أن الذي يستغني بمجموعة التوحيد أو يقلد من يقرأها وهو لا يعرف معناها قد وقع في جهل وضلال بل يجب عليه الأخذ عن علماء المسلمين. . . "(2) . ويقول الشيخ سعد بن عتيق: " وأعظم أسباب السلامة الهرب من سبل أهل الغي والفساد واقتباس نور الهدى من محله والتماس العلم النافع من حملته وأهله وهم أهل العلم والدين. . . "(3) .

(1) انظر: رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 309، 310) .

(2)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 314) .

(3)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 304) .

ص: 26

ولا شك أن من لا يتلقى العلم عن العلماء هو على خطر عظيم، إذ إنهم يتعلقون بألفاظ تلك الكتب ويغيب عن كثير منهم معانيها (1) ، ومما يزيد الأمر بلاءً أن هذا الصنف لا يسأل العلماء فيما خفي عليه من المعاني فلا يظهر له المقصود لا بفهمه ولا باستفساره فيبقى في جهل وضلال وهو يظن أنه على علم، وفي هذا يقول الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ والشيخ عبد الله العنقري:". . . فأما من تعلق بظواهر ألفاظ من كلام العلماء المحققين ولم يعرضها على العلماء بل يعتمد على فهمه وربما قال حجتنا مجموعة التوحيد أو كلام العالم الفلاني وهو لا يعرف مقصوده بذلك الكلام فإن هذا جهل وضلال. . . إذا عُرف هذا يتبين أن الذي يدعي أنه يستغني بمجموعة التوحيد عن الأخذ عن علماء المسلمين مخطئ. . . "(2) . ويقول الشيخ عمر بن سليم في وصف هذا البلاء: ". . . فأما من رغب عن سؤال العلماء أو قال حجتنا الكتاب الفلاني أو مجموعة التوحيد أو كلام العالم الفلاني وهو لا يعرف مقصوده بذلك فإن هذا جهل وضلال. . . "(3)، ويُبين الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ أن وجود الكتب وحدها لا يكفي بل يجب أن يؤخذ العلم عن عالم رباني فيقول: ". . . وإن كانت

(1) رسالة للشيخ عمر بن سليم، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 314) .

(2)

رسالة لهما، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 297، 298) .

(3)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 314) .

ص: 27

الكتب موجودة فهي لا تغني ما لم يساعده التوفيق وتؤخذ المعاني والحدود والأحكام عن عالم رباني " (1) .

(1) رسالة له، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية:(3 / 80) .

ص: 28

4-

الزهد بالأخذ عن العلماء من أهم أسبابه فقد الثقة بهم لأجل أهواء وشبهات وحسد تدفع إلى الطعن بهم، ولأجل ذلك جاء تحذير أئمة الدعوة السلفية من الطعن في علماء المسلمين الصادقين لأن ذلك يوجد الفجوة ويزيدها بين العلماء وطلبة العلم والعامة؛ الأمر الذي ينعكس سلبًا على طلبة العلم؛ حيث يصدهم الشيطان بمكره عن التلقي من العلماء، ويزين الطعن فيهم، واتهامهم بالتهم الباطلة، وقذفهم بالأوصاف القبيحة؛ لتزداد الفجوة مما يحرم طلبة العلم من الاستفادة من أولئك العلماء وما رزقهم الله من العلم النافع فيبقون في ضلالتهم وجهلهم ويحسبون أنهم على شيء، يقول الشيخ عمر بن سليم:" ومن كيد الشيطان أيضًا الذي صدهم عن تعلم العلم وطلبه واتهام علماء المسلمين وسوء الظن بهم وعدم الأخذ عنهم وهذا سبب لحرمان العلم. . . "(1) . ويقول الشيخ محمد بن عبد اللطيف والشيخ عبد الله العنقري في التحذير من ذلك: " ومما أدخل الشيطان على بعض المتدينين اتهام علماء المسلمين بالمداهنة وسوء الظن بهم وعدم الأخذ عنهم، وهذا سبب لحرمان العلم النافع، والعلماء هم ورثة الأنبياء في كل زمان ومكان فلا يُتلقى العلم إلا عنهم. فمن زهد في الأخذ عنهم

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 314) .

ص: 29

، ولم يقبل ما نقلوه فقد زهد في ميراث سيد المرسلين. . . والعلماء هم الأمناء على دين الله فواجب على كل مكلف أخذ الدين عن أهله كما قال بعض السلف: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. . . " (1) .

وليست الخطورة في حرمان العلم فحسب بل تتعداه إلى أمور من أخطرها:

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 297) .

ص: 30

أ) أن تجاوز الأدب مع العلماء في وصفهم بما لا يليق من الذنوب العظام، ولا يجوز لمسلم الوقوع فيها فهي غيبة لورثة الأنبياء الموقعين عن رب العالمين ولذا حذر أئمة الدعوة من ذلك يقول الشيخ سعد بن عتيق:". . . ومن ذلك ما وقع من غلاة هؤلاء من اتهام أهل العلم والدين ونسبتهم إلى التقصير وترك القيام بما وجب عليهم من أمر الله سبحانه وتعالى وكتمان ما يعلمون من الحق ولم يدر هؤلاء أن اغتياب أهل العلم والدين والتفكه بأعراض المؤمنين سم قاتل وداء دفين وإثم واضح مبين. . . "(1)، ويوضح رحمه الله أن الوقوع في هذا دلالة ظاهرة على جهل فاعله وسبب مباشر لموت قلبه فيقول:". . . الوقوع في أهل العلم والدين وإساءة الظن بهم ونسبتهم إلى ترك ما أوجب الله عليهم من الدعوة إلى الله والنصح لأئمة المسلمين وعامتهم. . . هذا من جهلهم وعدم مبالاتهم بما يقعون فيه من الغيبة لأهل العلم وثلبهم إياهم وذمهم وانتقاصهم ومن وقع في أهل العلم بالعيب والثلب ابتلاه الله بموت القلب. . . "(2) ، وهؤلاء لم يراعوا حق العلماء ولا عظيم قدرهم ولا رفيع منزلتهم ولم يحفظوا لهم سابقتهم في الإسلام وما بذلوه لطلب العلم وفي هذا الصدد يقول الشيخ سعد بن

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 302) .

(2)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 304) .

ص: 31

عتيق: ". . . والتماس العلم النافع من حملته وأهله وهم أهل العلم والدين الذين بذلوا أنفسهم في طلب الحق وهداية الخلق متى صاروا شهودًا لهم بالهداية والعدالة، وصانوا أنفسهم عن صفات أهل الغي والضلالة. . . "(1) .

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 304) .

ص: 32

ب) ومما يتبع هذا الأمر التأكد قضية خطيرة وهي أن الطاعن في العلماء يعتاض عنهم بمن يوافق هواه من الجهلة الذين لا دراية لهم بأحكام الشريعة على الحقيقة ممن علم شيئًا وغابت عنه أشياء، الذين يتزيّون بزيّ العلماء والعلم والعلماء منهم براء فهم يخبطون خبط عشواء في جهالة وضلالة عمياء (1) ، وهؤلاء يفسدون عقائد الناس ويضلونهم بغير علم، يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ:". . . وهل حدث الشرك في الأرض إلا برأي أمثال هؤلاء المخالفين الذين يظهرون للناس في زي العلماء وملابس الصلحاء وهم من أبعد الخلق عما جاءت به الرسل. . . "(2)، ويقول أيضًا:". . . وأخبرتكم أن هذا من أكبر الوسائل وأعظم الذرائع إلى ظهور الشرك ونسيان التوحيد، وأن من أعظم ذلك وأفحشه ما يصدر من بعض من يظنه العامة من أهل العلم وحملة الدين وما يصدر منهم من التشبيه والعبارات التي لم يتصل سندها ولم يعصم قائلها وبهذا ونحوه اتسع الخرق. . . "(3) .

(1) انظر: رسالة للشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 297) .

(2)

رسالة له، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية:(3 / 224) .

(3)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 146) .

ص: 33

ويؤكد الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ على التحذير من اللجوء إلى من لا يعرف عنهم رسوخ العلم وثبوت القدم فيه ممن تظاهروا بالعلم وهم لا يملكون الفقه الذي يؤهلهم لتوجيه الناس وتعليمهم لا سيما في القضايا المشكلات فيقول: ". . . ينبغي لمن قصده الخير والدعوة إلى الله التوقع في الأمور والتثبت وعدم الطيش والعجلة والحرص على الرفق والملاطفة في الدعوة فإن في ذلك خيرًا كثيرًا وينبغي له أن يعرف من له قدم صدق ومعرفة راسخة فيسأله ويستفتيه، ولا ينظر إلى الأشخاص ولا من ليس له بصيرة. . . وأقل الأحوال إذا لم يحصل للعبد ذلك أن يقتصر على نفسه. . . "(1) .

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 41) .

ص: 34

وأساس البلاء عند هؤلاء أنهم يهرفون بما لا يعرفون، يتكلمون في المعضلات ويعالجون أكبر الملمّات، وهم لا يملكون من العلم اسمه ولا رسمه، وهؤلاء هم القائلون على الله بغير علم، ولذا كان أئمة الدعوة السلفية يتصدون بكل قوة، ويحذرون بكل وسيلة من سلوك هذا المنهج، يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في التحذير من ذلك:". . . والقول على الله بلا علم والخوض في دينه من غير دراية ولا فهم فوق الشرك واتخاذ الأنداد معه. . . "(1) ، ويتجاوز دورهم الإفسادي ذلك، فهم من أعظم أسباب التفرق والخلاف والشقاق، يقول الشيخ عمر بن سليم محذرًا:" ومن الأمور التي زينها الشيطان التفرق والاختلاف في الدين وسبب ذلك كلام أهل الجهل بأحكام الشرع، فلو سكت الجاهل سقط الاختلاف والكلام في دين الله بغير علم، وخوض الجاهل بمسائل العلم قد حرمه الله تعالى في كتابه حيث يقول: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (2) "(3) ، ويقول

(1) رسالة له، ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية:(3 / 171) .

(2)

سورة الأعراف: آية (33) .

(3)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 314) .

ص: 35

الشيخ سعد بن عتيق: " ومن أعظم أسباب التفرق والاختلاف والعدول عن طريق الحق والإنصاف ما وقع من كثير من الناس من الإفتاء في دين الله بغير علم والخوض في مسائل العلم بغير دراية ولا فهم "(1) .

ولخطورة هذا الأمر فقد وردت عباراتهم في رسائلهم تحذر من القول على الله بغير علم ولا سيما عند ظهور هذا البلاء (2) .

ج) التأكيد على أهمية فقه حقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا سيما لطلبة العلم، فليس المراد معرفة وجوبها فقط؛ بل الأهم معرفة كيفية الأداء الأمثل لهما، ولا سيما قضية إنكار المنكر، وفي هذا يقول المجدد محمد بن عبد الوهاب:". . . وأهل العلم يقولون: الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحتاج إلى ثلاث: أن يعرف ما يأمر به وينهى عنه، ويكون رفيقًا فيما يأمر به وينهى عنه، ويكون صابرًا على ما جاءه من الأذى في ذلك. وأنتم محتاجون للحرص على فهم هذا والعمل به، فإن الخلل ما يدخل على صاحب الدين إلا من قلة العمل بهذا أو قلة فهمه. . . . . . فالله الله في العمل بما ذكرت لكم والتفقه فيه فإنكم إن ما فعلتم صار إنكاركم مضرة على الدين. . . "(3) .

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 301) .

(2)

من ذلك: رسالة للشيخ عبد الله العنقري، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 308، 309) .

(3)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 25) .

ص: 36

ويقول الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ: ". . . وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يستقيم إلا بالبصيرة والمعرفة التامة. . . "(1)، فإذا لم يكن له معرفة وعلم فيرشده الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ بقوله:". . . أن يعرف من له قدم صدق ومعرفة راسخة فيسأله ويستفتيه، ولا ينظر إلى الأشخاص ولا من ليس له بصيرة "(2)، فإذا لم يكن ذلك فالواجب عليه كما يرشد الشيخ أيضًا:" أن يقتصر على نفسه "(3) ، ليسلم ويُسلم منه.

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 41) .

(2)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 41) .

(3)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 41) .

ص: 37