المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني - التثبت وعدم العجلة: - جهود أئمة الدعوة السلفية بنجد في التصدي للعنف والإرهاب من خلال الدعوة إلى فقه إنكار المنكر

[صالح بن عبد الله الفريح]

الفصل: ‌المطلب الثاني - التثبت وعدم العجلة:

‌المطلب الثاني - التثبت وعدم العجلة:

التثبت في الأمور وعدم الاستعجال منهج إسلامي متميز؛ يحفظ على المجتمع تماسكه وتآلفه، ويحميه من الأخطاء والزلات التي يتبعها فساد عريض، ولأجل ذلك نبه القرآن الكريم على حكمةٍ من حكم هذا المنهج العظيم فقال جل وعلا:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (1) ، فيندم الفاعل ويتألم المتضرر.

وقد أدرك أئمة الدعوة السلفية بنجد هذا الأمر فأكدوا عليه في رسائلهم وتوجهاتهم، يقول الشيخ محمد عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في هذا الباب:

". . . ينبغي لمن قصد الخير والدعوة إلى الله التوقع في الأمور والتثبت وعدم الطيش والعجلة. . . "(2) .

وينقسم التثبت عند أئمة الدعوة السلفية بنجد من خلال الاستقراء إلى قسمين:

(1) سورة الحجرات: آية (6) .

(2)

رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 41) .

ص: 18

أ) التثبت من أن المنكر قد وقع على الحقيقة؛ إذ لا يكفي أن يذكر ذلك أو أن يتردد في المجالس في إشاعات مغرضة وأقاويل مختلقة، يتناقلها بعض من لا خلاق لهم ولا معرفة لديهم، يقول الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب في هذا الأمر:". . . الواجب عليهم إذا ذكر لهم عن أحد منكر عدم العجلة، فإن تحققوا أتوا صاحبه ونصحوه. . . "(1) .

وفي قوله ترسيخ لهذا الأمر فلا بد من التحقق قبل الإقدام على أي تصرف مترتب على الخبر الذي ورد، فإذا تحقق وثبت صدقه، هنا يأتي دور العمل وهو النصح والإنكار وأما قبل ذلك فلا.

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 26) .

ص: 19

ب) أن يثبت أن هذا الفعل هو من المنكر حقًا، وهذا بالعلم الشرعي الذي لا يتم إلا من خلال معرفة الكتاب والسنة المطهرة، ولذا كان من الواجب المتحتم والمتأكد على من ليس لديه معرفة بالكتاب والسنة، ولا يملك الأهلية لذلك، أن يتريث ويتثبت ولا يستعجل حتى يرجع للعلماء الراسخين في العلم المدركين لمقاصد الشريعة ومعانيها فلا يتجاوزهم، وهذا من الأمور التي كان يؤكد عليها أئمة الدعوة السلفية بنجد حيث يقول الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب في هذا الباب:". . . والإنسان لا يجوز له الإنكار إلا بعد المعرفة، فأول درجات الإنكار معرفتك أن هذا مخالف لأمر الله. . . "(1) . ولتعلق هذا الأمر بمسألة من أهم المسائل التي عُني بها أئمة الدعوة السلفية بنجد فسوف نفرد القول فيها في المطلب الآتي إن شاء الله تعالى.

(1) رسالة له، ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية:(7 / 26) .

ص: 20