الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتركُ المحرماتِ والمكروهاتِ، وإحلالُ الحلالِ وتحريمُ الحرامِ (1).
وهذه الواجباتُ والمحرماتُ؛ بل والمستحباتُ والمكروهاتُ؛ على درجات متفاوتة تفاوتًا كثيرًا.
وبهذا= يتبيَّنُ أنه
لا يصحُ إطلاقُ القولِ بأنَّ العملَ شرطُ صحةٍ أو شرطُ كمالٍ؛ بل يحتاجُ إلى تفصيل
؛ فإنَّ اسمَ «العملِ» يشملُ: عملَ القلبِ وعملَ الجوارحِ، ويشملُ الفعلَ والتركَ، ويشملُ الواجباتِ التي هي أصولُ الإسلامِ الخمسةِ وما دونها، ويشملُ تركَ الشركِ والكفرِ وما دونهما من الذنوب.
- فأمَّا تركُ الشركِ وأنواعِ الكفرِ والبراءةُ منها؛ فهو شرطُ صحةٍ لا يتحقق الإيمان إلا به.
(1) انظر تقرير المؤلف لمذهب أهل السنة في الإيمان وأدلته وفروع مسائله: «شرح العقيدة الطحاوية» ص 214 ـ 236، و «توضيح مقاصد الواسطية» ص 202 ـ 210، و «توضيح المقصود في نظم ابن أبي داود» ص 138 ـ 166، و «شرح القصيدة الدالية» ص 96 ـ 98، و «إرشاد العباد إلى معاني لمعة الاعتقاد» ص 80 ـ 82، و «شرح كشف الشبهات» ص 95 ـ 99، و «شرح نواقض الإسلام» ص 11، و «تعليقات على المخالفات العقدية في فتح الباري» رقم 3، و 46، وغيرها.
- وأما تركُ سائرِ الذنوبِ؛ فهو شرطٌ لكمالِ الإيمانِ الواجب.
- وأما انقيادُ القلب ـ وهو إذعانُه لمتابعةِ الرسول صلى الله عليه وسلم، وما لابدَّ منه لذلك مِن عملِ القلب؛ كمحبةِ الله ورسولِه، وخوفِ الله ورجائه ـ،
- وإقرارُ اللسان ـ وهو: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله ـ؛ فهو كذلك شرطُ صحةٍ لا يتحقق الإيمان بدونهما.
- وأمَّا أركانُ الإسلام بعدَ الشهادتينِ؛ فلَمْ يتَّفقْ أهلُ السنةِ على أنَّ شيئًا منها شرطٌ لصحةِ الإيمانِ؛ بمعنى: أنَّ تركَه كفرٌ، بلِ اختلفوا في كفرِ مَن ترك شيئًا منها، وإنْ كان أظهر وأعظم ما اختلفوا فيه: الصلوات الخمس؛ لأنها أعظمُ أركانِ الإسلام بعد الشهادتين.
ولِما وَرَدَ في خصوصها ممَّا يدل على كفرِ تارك الصلاة؛ كحديث جابر بن عبد الله {قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بينَ الرجلِ وبين الشركِ والكفر= تركُ الصلاة» . أخرجه مسلم في «صحيحه» وغيره (1).
(1) مسلم (82)، وأبو داود (4645)، والترمذي (2619) ـ وصححه ـ، والنسائي (471)، وابن ماجه (1078).
وحديث بُرَيْدةَ بن الحُصَيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها= فقد كفر» . أخرجه أصحاب «السنن» (1).
- وأما سائرُ الواجبات بعد أركانِ الإسلام الخمسة؛ فلا يختلفُ أهلُ السنة أنَّ فعلَها شرطٌ لكمال إيمان العبد، وتركَها معصيةٌ لا تخرجه عن الإيمان.
وينبغي أن يُعلم أنَّ المراد بـ «الشرط» هنا: معناه الأعم، وهو: ما تتوقف الحقيقة على وجوده، سواء كان ركنًا فيها أو خارجًا عنها، فما قيل فيه هنا: إنه شرطٌ للإيمان= هو مِنَ الإيمان (2).
وهذا التفصيل كلُّه على مذهب أهل السنة
(1) الترمذي (2621) ـ وقال: حسن صحيح غريب ـ، والنسائي (470)، وابن ماجه (1079)، وصححه: ابن حبان (1454)، والحاكم في «المستدرك» (11)، وقال ابن تيمية في «شرح العمدة» 2/ 65، وابن القيم في «الصلاة» ص 68:«على شرط مسلم» ، وصححه ـ أيضًا ـ جمعٌ من المتأخرين.
(2)
فالمؤلف عبَّر بـ «الشرط» عن «الشرط» و «الركن» معًا؛ لأنهما يتفقان في أن كلَّ واحد منهما يتوقف وجود ماهية الشيء عليه، لكن الركن داخل في الماهية؛ كالركوع للصلاة، والشرط خارج عنها، كالوضوء لها.
انظر: «جامع المسائل» 3/ 317، و «شرح مختصر الروضة» 3/ 227.