المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تشديد الشارع في الكذب - حقيقة التأويل - ط أطلس

[عبد الرحمن المعلمي اليماني]

الفصل: ‌تشديد الشارع في الكذب

‌تشديد الشارع في الكذب

أما الكذب على الله عز وجل، بأن تخبر عن الله ما لا علم لك به، ومنه الكذب على رسوله في أمور الدين، فقد نص القرآن على أنه من أشد الكفر، وقد أوضحنا هذا في رسالة "العبادة"، بما لا مزيد عليه.

وأما الكذب في غير ذلك، ففي الصحيحين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» .

زاد مسلم بعد قوله ثلاث: «وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم» .

وفيهما: [عن] عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» .

ص: 24

وروي من حديث أبي أمامة، وسعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يطبع المؤمن على الخلال كلها، إلا الخيانة والكذب» .

ص: 25

وإذا تدبرت وجدت الأمور المذكورة كلها تدور على الكذب، فمن كان إذا وعد أخلف فإنه يكذب في وعده، فيقول: سأفعل وهو يريد أن لا يفعل! والخائن موطّن نفسه على الكذب، يقال له: عندك كذا أو فعلت كذا؟ فيقول: لا.

ومن كان إذا عاهد غدر فهو كالوعد، بل لو كانت نيته عند المعاهدة أن يفي ثم غدر لكان كاذبا، لأن حقيقة المعاهدة أنه سيفي حتما، بخلاف الوعد، فإن العادة كالقاضية بأن مراده أنه سيفعل إذا لم يعرض له ما يغير رأيه.

وأما الفجور في الخصومة فمعناه: أنه يفتري على خصمه ويبهته بما ليس فيه، وذلك هو الكذب

وحسبك أن الإنسان المعروف بالكذب قد سلخ نفسه من الإنسانية، فإن من يعرفه لم يعد يثق بخبره فلا يستفيد الناس منه شيئا، ومن لم يعرفه يقع بظنه صدقه في المفاسد والمضار، فأنت ترى أن موت هذا الرجل خير للناس من حياته. وهبه يتحرى من الكذب ما لا يضر فإنه لا يستطيع ذلك، ولو استطاعه لكان إضراره بنفسه إذ أفقدها ثقة الناس به، على أن الكذبة الواحدة كافية لتزلزل ثقة الناس به.

ص: 26