الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي هذه السنة خرجت الجردة نهار السبت السابع والعشرين من ذي القعدة، وصار عليها سردار يعقوب باشا المتولي على مدينة حلب، وقد ذكر له سيرة مرضية وعدل بالرعية.
قال الشيخ أحمد البديري: وقد قلت في هذا العام، وهو عام 1154 هذا المواليا في حق من أظهر الكذب والأراجيف التي قدمنا ذكرها، حيث قلت:
من كثر كذب الروافض دبّ فينا الشيب
…
ما يعلموا الكذب أنه من شروط العيب
من جهة الزلزلة قالوا كلام الريب
…
هم الملاعين صاروا يعلموا بالغيب
غيره:
في ليلة السبت خامس عشر في محرم
…
مالو لقول الروافض زور ومحرّم
من جهة الزلزلة النوم تحرم
…
من نام تحت السقوفة يا أخي بالليل
شم الهوى بين أطرافه بيتحرم
غيره
يا ناس كذب الروافض شاع في الأقطار
…
وصيّرونا نسا نقعد بوسط الدار
ينزل عليهم غضب واحد أحد قهار
…
روّعوا الخلق في هل زلزلة يا ناس
همو حمير اليهود جوا سقر في النار
غيره
بثبوت إن الرافض يوم الحشر يا أخيار
…
حمير للركب للخاخان والجوقار
راموا دسيسة بجلّق عمت الأقطار
…
في ليلة السبت قالوا الزلزلة بتصير
هل يعلم الغيب إلا الواحد القهار
غيره
في ليلة السبت قالوا الزلزلة بتصير
…
والطفل من عجبها بين الورى بتحير
أسألك يا رب بمن جا للأنام بشير
…
تمسح روافض أهل الشام يا معبود
واحرق آباهم وغوّر كورهم والبير
قد قالت الناس كذبة ما سمعناها
…
أنهار الشام يا أخي ينقع ماءها
تجري طعام بدال الماء مجراها
…
فاختية ورز أصفر ولحم سمين
قوموا انظروا للكبب والسمن غطّاها
غيره
سمعت واحد يقول يا أخي قساطلكم
…
هي عاطلة تاقوم معكم أعاونكم
لأن أدهان ها الألوان تساعدكم
…
وتخبوها لأيام الغلا والقحط
لا يحبسوها الكبب في دربها عنكم
غيره
في سنة أربع مع الخمسين يا سادات
…
سمعت أخبار ما سمعت بها عادات
زادوا بإسرافهم ما سمعوا الكلمات
…
الكل لله والأعمال بالنيات
غيره
استغفر الله ربي باعث الأرزاق
…
واحد مهيمن تجد كلها إطلاق
وامدح المصطفى هو صفوة الخلاق
…
يغفر لكم ومعكم أحمد الحلاق
سنة 1155
ثم دخلت سنة 1155 وأولها يوم الخميس وهو أول المحرم. وبعد خمسة أيام كان أول آذار. وفي تلك الأيام ظهر كوكب وصار يطلع كل ليلة من جهة الشرق من نصف الليل إلى طلوع الفجر، وله ذنب طويل، ومكث أياماً ثم غاب. وقد عمل بعضهم تاريخاً يتضمن تاريخاً لدخول هذه السنة وهي:
نحمد الله الذي أوهبنا
…
حسن عام وحبانا بالكرم
هلّ هذا العام يا قوم انظروا
…
لفظة التاريخ فألاّ يغتنم
فاضرعوا لله في إتمامه
…
بنجاح إنكم خير أمم
وابشروا يا أمة الهادي الذي
…
خصه الله بفضل وحكم
فضل ربي عمّنا تكرمة
…
ليس يحصى شكر هاتيك النعم
وكذا كل الورى قد عمهم
…
لطفه سبحانه باري النسم
وخصوصا عصبة الشام التي
…
هي للأبدال مأوى ملتزم
كيف والسادات قد حلّوا بها
…
سرّهم عمّ لسهل وأكم
فاشكروا الله على عام أتى
…
أظهر التاريخ حفظاً ونعم
وكان دخول جوقدار سليمان باشا الوزير ابن العظم سنة 1155 في يوم السبت الواقع في رابع وعشرين من شهر محرم من السنة المذكورة. وفي يوم الثلاثاء السابع والعشرين من المحرم أقبل كتّاب الحج الشريف. وثارت في اليوم المذكور ريح شديد يومين وليلتين قلعت أشجاراً كثيرة وهدمت أماكن لا تحصى، ووقع فرع عظيم من شجرة الخرنوبة التي في الحضرة على رأس غلام مراهق فمات لوقته ورجلين آخرين فهشّمهم، وسكن الريح بوقته.
وفي يوم الاثنين ثالث صفر من السنة المذكورة دخل الحاج الشامي إلى دمشق، ودخل سليمان باشا العظم ثاني يوم. وكان صحبته يعقوب باشا سردار الجردة المنفصل عن حلب. وكان الحج في تلك السنة بأمن وأمان ورخاء ورخص، غير أن الباشا ذهب بين الحرمين من قبا وخرج من جبل عرفات من عند قبة النور، وآب راجعاً من الطريق الذي جاء منه علي باشا.
قال البديري: وفي ذلك العام تأخر مجيء الفرمان المقرر على سليمان باشا عظم زاده فلغطت الأراذل والأسافل بالقول والفعل وأظهروا بدعاً كثيرة من محض الحرام، ولا زالوا على تلك الأحوال حتى جاء الفرمان، وكان دخوله صبيحة رابع جمادى الثانية من السنة المذكورة، وكان القاضي بالشام عبد الوهاب أفندي الملقب أبا زاده. وفي ذلك العام أمر فتحي أفندي ابن القلانسي الدفتري في تعمير طريق الصالحية، فقلب بلاطه وعمر صفته وأصلح حاله مع الناس.
وفي غرة رجب المبارك من السنة وهي سنة 1155 جاءتنا جارية مباركة، وكنا قد اشترينا لنا منزلاً جديداً في محلة التعديل، وكنا في ضيق فقلنا: لعل بقدومها يحصل لنا الفتح والفاتحة، فسميناها صالحة، جعلها الله تعالى فالحة.
وفي 22 من جمادى الثانية عمل حضرة سليمان باشا العظم ديوانا، وجمع فيه الأفندية والأغاوات، وأخرج خطاً شريفاً بالعدل والتفتيش على المفسدين في دمشق من الإنكشارية، وطلب رؤساء الميدان وهم الأغاوات للحضور، فأبوا وأرسلوا له يسألونه ما يريد، فأرسل يطلب منهم سنة عشر رجلاً من الأشقياء الذين يسمونهم باصطلاحهم زرباوات، فأرسلوا له يقولون له: نحن لا نقدر على إلقاء القبض عليهم فدونك وإياهم. فبالحال أزال عنهم كدكاتهم، ووجّهها على غيرهم وأعطى أسماءهم للدلاّل، وأمره أن ينادي في شوارع الشام أن هؤلاء الستة عشر دمهم مهدور ولا جناح على من قتلهم وغيرهم في أمن وأمان من سليمان باشا. ففرحت الناس أجمعين، لأنهم كانوا من أعظم المفسدين. وثاني يوم قتلت الدالاتية رجلاً إنكشارياً، فهربت الناس وسكّرت دمشق الشام. فسأل الباشا عن ذلك، فقيل له إن بعض الموصلية والبغّادة الذين كانوا قبقول وطردوا في زمن عثمان باشا المحصل حين قتلوا بعض الإنكشارية مرادهم الآن يعملوا فتن. فأمر منادياً ينادي أن لا يبقى بعد ثلاثة أيام أحد من الموصلية والبغادة والقبقول، وكل من بقي منهم يصلب وماله ينهب.
وفي 24 من جمادى من هذه السنة دخل القاضي محمد أفندي الملقب بفندق زاده، ونزل في الصالحية، وكان الباقي من مدة القاضي القديم أربعة. وبعد إتمامهم باشر القاضي الجديد وظيفته في المحكمة.
وفي عشية ليلة الثلاثاء ثالث رجب من هذه السنة ارتحل سليمان باشا طالباً قتال الظاهر عمر حاكم قلعة طبرية ومعه عسكر عظيم أكثره دالاتية، وأخذ معه القنابر واللغمجية والطوبجية الذين جاءوا من اصطنبول بطلب منه، ثم وصل إليها وحاصرها حصاراً شديداً، وأرسل حضرة سليمان باشا يطلب من أهل الشام سلالم. فأرسلوا له ما طلب، وبعد مدة أرسل يطلب فعّالة وبساتنية ويكون معهم مرور ومساحي ومجلاف، فأرسل جميع ما طلب إليه. ولم يزل محاصراً القلعة، وهو يضرب عليها بالمدافع والقنابر، ولم يؤثر فيها، وقد ساعدته الدروز وأهل نابلس ونائب القدس خليل آغا ابن أبو شنب وعرب بني صخر وعرب السقر مع قعدان بن ظاهر السلامة. وقد ضيقوا على أهل القلعة الحصار. لكن أخبر بعض أهل طبرية بأن المحصورين بالقلعة ما حصل لهم ضيق لأن مؤنهم كثيرة، وقيل إن باب القلعة يفتح في وقت مخصوص، وبعض الناس تغدو إليهم وتروح بما يطلبون. وقد قبض على ذخيرة مرسلة لهم، وذلك بأن أهل دير حنا وفيها أخو الظاهر عمر أرسل لأخيه كتاباً مع شخص، وأرسل ذخيرة بارود وخلافها مع أشخاص، فألقى رجل من عسكر سليمان باشا القبض على الشخص الذي معه المكتوب، وذلك بعد تفتيشه وجد الكتاب موضوعاً في نعله؛ فأخذ حضرة الباشا الكتاب وقرأه وقرّره فأقر بالنجدة والذخيرة المرسلة لأخي الظاهر عمر، فحالاً أمر سليمان باشا بقتله، وأرسل جماعة للقوم الذين معهم الذخيرة فأخذت منهم، وقتلوا غالبهم، وقطعت رؤوسهم، وأرسلها سليمان باشا إلى إسلامبول، وشدّد الحصار، وأرسل سليمان باشا لأخي الظاهر عمر الذي في دير حنا يقول له: إذا فرغنا من أخيك جئنا إن شاء الله إليك. وستأتي تتمة فتحها إن شاء الله تعالى.
وكان هلال رمضان في هذه السنة نهار الاثنين وأثبت بعد العشاء، وأشعلت القناديل في سائر مآذن الشام، وضربت مدافع الإثبات في منتصف الليل، وحصل للناس زحمة في حركة السحور، حتى فتحت دكاكين الطعام ليلاً كالخبازين والسمّانين.
وفي تاسع رمضان المذكور هطلت أمطار غزيرة على عامة البلاد ولله الحمد. وغرق مركب بساحل صيدا بتلك المدة، وكان قادماً من مصر وفيه أرزاق كثيرة، عوّض الله أصحابها خيراً، قيل إنه غرق في نوء قاسم كوى. وجاءت الصرة من إسلامبول يوم الجمعة، وجاءت الخزنة السلطانية من مصر يوم السبت ثالث عشر من رمضان، وقد تأخرت عن وقتها، وكان صنجقها عمر بك.
وجاءت البلطجية من إسلامبول نهار الاثنين في الشهر المذكور ومع ذلك حضرة سليمان باشا العظم في حصار طبرية، وقد شدّد على أهلها كما يأتي.
وفي يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من هذا الشهر شهر رمضان توفي الرجل الصالح الحاج أحمد الحلاق بن حشيش، كان رجلاً صالحاً رأى العجائب لأنه كثير السايحة، وكان حسن المعاشرة والوداد، وكان حلاقاً لفرد زمانه وقطب أوانه الشيخ عبد الغني النابلسي قدّس سره، وكان يحلق أيضاً للشيخ مراد أفندي النقشبندي الكسيح، ولعمدة مذهب السادة الشافعية شيخنا محمد العجلوني ولأمثالهم، وكان يحلق مجاناً للفقراء من طلبة العلم وغيرهم. ومن صلاحه وتقواه أنه ما وضع يده على مريض إذا رمد وقرأ ما تيسر إلا شفاه الله وعافاه. قال مؤرخها الحلاق الشيخ أحمد البديري: وكان صاحب الترجمة أستاذي ومعلمي في صنعة الحلاقة، ومنه حصل لي الفتوح والبركة، رحمه الله تعالى.
وثاني يوم الأربعاء توفي الشيخ مصطفى المغربل، وكان رجلاً ديناً أخذ الطريق من الأستاذ الشيخ يوسف الطباخ.
وفي تلك الأوقات اشتد الغلاء في سائر الأشياء سيما المأكولات، مع وجود الأغلال وغيرها، فمن عدم تفتيش الحكام صار البياعون يبيعون بما أرادوا غير أن الغنم كان قليلاً جداً فصار الجزارون يذبحون الجاموس والجمل والمعز، فصار يباع رطل اللحم الشامي بثلاثين مصرية، ورطل إلية الغنم بقرش وربع، والبيض كل ثنتين بمصرية، والسمن رطل وأوقتين بقرش، والثوم رطله بثلاثين مصرية، ورطل الخبز بأربع مصاري وبخمسة مصاري وبأكثر. وقد كان بثلاث مصاري ونصف. فبقدوم شهر رمضان المبارك غلت الأسعار حتى الخضر، فقد كان قبل رمضان الكوسا كل مائة بمصرية، فلما هلّ رمضان صار خمسة وأربعة بمصرية، والباذنجان كل رطلين بمصرية، فصار كل رطل بمصريتين، واللحم عدم، وكل ذلك من عدم تفتيش الحكام.
وكان نهار عيد الفطر يوم الأربعاء، وقد صمناه ثلاثين يوماً بإكمال العدة، فدخل العيد، ولم يأت حضرة والي الشام سليمان باشا من الدورة، بل هو للآن مقيم على حصار قلعة طبرية.
وفي يوم السبت رابع شوال جاء تبشير رسمي من حضرة سليمان باشا بفتوح قلعة طبرية، فضربت المدافع وعملوا الزينة ودقت الطبول والزمور.
وثاني يوم الأحد دخل حضرة سليمان باشا العظم إلى دمشق، فسبق كخيته والعسكر، وترك على قلعة طبرية على أغابن الترجمان، وعنده بعض العسكر والفعالة، وأمره أن لا يقدم دمشق حتى يخرّبها بعد إخراج أهلها منها.
قال المؤرخ: وبلغني أن سبب فتحها أنه لما اشتد الحصار على أهلها، وقد قلّ الزاد من عندهم ولم يتمكنوا من جلب قوت مما قد أحاط بهم من العساكر والعربان وأنه بعد ضرب المدافع والقنابر أمر حضرة سليمان باشا بحفر خنادق ولغم طوله مئتان وثمانون ذراعا، ولما بلغهم ذلك ضاقت عليهم الدنيا وازداد فزعهم، أرسل الظاهر عمر المحصور شيخ طبرية إلى عمر بك صنجق الخزنة المصرية التي تأتي للدولة العلية بهيئة وافرة ليتوسط بالصلح بينه وبين حضرة سليمان باشا، وكان ذلك قبل وصوله ووصول الخزنة لدمشق. فلما وصلت سار عمر بك، ودخل على حضرة سليمان باشا حاكماً بمصر. وكان عمر بك رجلاً وقوراً كبير السن، وقال له: يا حضرة الوزير، أنا رجل كبير السن بمنزلة والدك، وإن كنت من جملة خدمك، وداخل على جاهك في الصلح بينك وبين عبد نعمتك ودولتك الظاهر عمر شيخ طبرية والصفح من شيم الكرام، وأنتم الكرام لا سواكم. فأجابه حضرة الباشا بأنه يصير خير إن شاء الله تعالى. ولما كان ثاني أيام العيد، عيد الفطر اشتد على أهل طبرية الأمر، وزاد عليهم الحصر، خرجوا إلى أعلى الأسوار رافعين أصواتهم ينادون حضرة علي آغا الترجمان، ولما قرب منهم قالوا له: لك الأمان ادخل الباب فأخذ الإذن من الباشا ودخل الباب. وكان حضرة سليمان باشا قد أدركه السفر إلى الحاج، فدخل علي آغا إلى قلعة طبرية فتلقّوه كذا المشايخ ومعهم الظاهر عمر، فوقعوا على قدميه وصاروا يبكون حواليه، وعملوا له عشرة أكياس، ليدخل بينهم وبين حضرة سليمان باشا بالصلح، ثم خرجت النساء والأطفال والشيوخ يبكون وينتحبون فرقّ لهم، وسار طالباً حضرة الباشا، فلما وصل إليه وقع على قدميه، ووعظه بالحلم والإشفاق، وذكر له فضائل محاسن الأخلاق، فرقّ قلبه وأجاب سؤاله فلما علم المحصورون وتحققوا أن حضرة الباشا عفاعنهم وصفح خرجت النساء والرجال والأطفال، وفي رقابهم المحارم وعليهم الذل رافعين أكفّ الضراعة بالمسكنة، وضاجّين بالأدعية له وللسلطان الأعظم، ودفعوا لحضرته مئتا كذا كيس من المال بعدما أخذ ابن الظاهر عمر رهينة وأتى إليه إلى الشام، وأرسل جماعة لهدم القلعة وإبادتها.
قال المؤرخ: هكذا حدّث بذلك علي آغا شاطر باشي، وقد نقلت لنا على غير هذا الوجه. والله أعلم بحقيقة الحال.
وفي يوم الجمعة عاشر شوال من هذه السنة توفي الحسيب النسيب السيد عبد الله بن عجلان نقيب السادة الأشراف بالشام، ودفن بمدفنهم في سوق الغنم لضيق جامع المرادية، وكان يومئذ معزولاً عن النقابة وهي على ابن أخيه السيد علي أفندي. وفي ذلك اليوم عزل السيد علي أفندي عن النقابة، ووجهت على السيد محمد أفندي بن الشيخ عبد القادر الكيلاني، وفي ذلك اليوم أيضاً عزل حامد أفندي ابن العمادي عن وظيفة الإفتاء ووجهت إلى ابن عمه محمد أفندي ابن العمادي.
قال المؤرخ رحمه الله: وفي ليلة السبت حادي عشر شوّال توفيت والدتي في الثلث الأول من الليل، رحمها الله وعفا عنها وبرّد مضجعها، وقد فارقت الدنيا وأنا بين رجليها نائم، وكانت من القانتات العابدات تصلّي نوافل الليل، ولها أوراد، إلى آخر ما قال.
وفي ذلك الشهر من هذه السنة بعد صلاة الجمعة خرج المحمل الشريف مع الوزير الخطير سليمان باشا بن العظم. وثاني يوم السبت جاء الحج الحلبي ومعه ألف وسبع مئة عجمي. وفي عشرين شوال خرج الحج، من البلد شيئاً فشيئاً. وقبل سفر الوزير سليمان باشا عمل ديواناً وأحضر الأعيان، وأظهر الفرمان الذي فيه قتل الزرباوات أي المفسدين من الإنكشارية، وقال لمن حضر: هذا الفرمان الذي أمره مفوض لنا قد ألغيناه وعفونا عنهم، وعُدّ ذلك من حسناته.
وكان أول يوم فصل الشتاء في هذه السنة من يوم الأربعاء تاسع وعشرين شوال وهو يوم دخول المزيرباتية، وأقام الباشا في المزيريب أربعة أيام ورحل في اليوم الخامس، وشال الحج عرب بني صخر وقد كان كل شيء رخيص من جميع البضائع ماعدا المعموك، والشعير المدّ بنصف وقرش، وقد رجع من الغلمان خلق كثير، وأمطرت السماء مطراً غزيراً يوم مجيء المزيرباتية بعد أن قنطوا، فاستبشرت عموم الخلق وحمدوا الباري على لطفه.