الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وتأملت فِي رياض حماه
…
وتنسمت مَا بِهِ من عبير)
(فَبَدَا نظم طرسه مَعَ نثر
…
ذِي بَيَان فسر مِنْهُ ضميري)
(دمت يَا أوحد الزَّمَان فريدا
…
فِي أَمَان بِحِفْظ رب خَبِير)
(وَصَلَاة الْإِلَه تترى دواماً
…
مَعَ سَلام على البشير النذير)
وَمن شعره على مَا رَأَيْته مَنْسُوبا إِلَيْهِ قَوْله
(أَمْسَى وَأصْبح من تدكاركم وصبا
…
يرثى لي المشفقان الْأَهْل وَالْولد)
(قد خدّد الدمع خدّي من تذكركم
…
واعتادني المضنيان الوجد والكمد)
(وَغَابَ عَن مقلتي نومي لغيبتكم وخانني المسعدان الصَّبْر وَالْجَلد
…
)
(لاغر وللدّمع أَن تجْرِي غوار بِهِ
…
وَتَحْته المظلمان الْقلب والكبد)
(كَأَنَّمَا مهجتي شلو بمسبعة
…
ينتابها الضاريان الذِّئْب والأسد)
(لم يبْق غير خفيّ الرّوح فِي جَسَدِي
…
فدى لَك الباقيان الرّوح والجسد)
وَكَانَت وِلَادَته بِمَكَّة وَقت الْعشَاء من لَيْلَة الْأَحَد منتصف صفر سنة أَربع عشرَة بعد الأف وَتُوفِّي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لثلاث عشرَة خلون من شعْبَان سنة سبع وَسِتِّينَ وَألف بِالْمَدِينَةِ وَدفن ببقيع الْغَرْقَد وَقيل فِي تَارِيخ وَفَاته
(حنيف الدّين فِي الجنات راقى
…
)
الْمولى حيدر بن إِبْرَاهِيم المنعوت بتاج الدّين الصَّغِير ابْن عبد الله الْحميدِي الْأَصْلِيّ أحد موَالِي الرّوم وَهُوَ أَخُو الْمولى عبد الْوَهَّاب قَاضِي الشَّام الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى أصل وَالِده من بَلْدَة حميد قدم إِلَى قسطنطينة وتوطن بهَا وَهُوَ من عُلَمَاء دولة السُّلْطَان سُلَيْمَان وَله حَاشِيَة على صدر الشَّرِيعَة يرد فِيهَا إعتراضات ابْن الْكَمَال على صدر الشَّرِيعَة وَولد ابْنه حيدر هَذَا بقسطنطينة وَنَشَأ ودأب بهَا حَتَّى تميز بِالْفَضْلِ الباهر وَله من الْآثَار تعليقات على الدُّرَر وَالْغرر ولازم من ابْن جوى ودرس بمدرسة أون قباني ثمَّ أعْطى مدرسة برغوس وَلما تمت مدرسة عَليّ باشا القبودان بطوبخانة فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة أعطيها وَهُوَ أول مدرس بهَا ثمَّ فِي سنة ألف نقل إِلَى مدرسة قلندرخانه ثمَّ نقل إِلَى إِحْدَى الثمان ثمَّ إِلَى مدرسة الشهزاده ثمَّ إِلَى السليمانية ثمَّ ولي قَضَاء حلب فأسكدار ثمَّ بروسة ثمَّ الْقَاهِرَة وَتوجه إِلَيْهَا بحراً فَفِي معبر الْإسْكَنْدَريَّة غرق الْمركب الَّذِي كَانَ فِيهِ وَكَانَت وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْ عشرَة بعد الْألف رَحمَه الله تَعَالَى
(حرف الْخَاء الْمُعْجَمَة)
الشَّيْخ خَالِد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله الْمَالِكِي الْجَعْفَرِي المغربي ثمَّ الْمَكِّيّ صدر المدرسين فِي عصره بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وناشر لِوَاء سنة النَّبِي
والمرجع فِي التَّمْيِيز بَين الْحَلَال وَالْحرَام وَالْحَاوِي شَرّ فِي الْعلم وَالنّسب وَالْجَامِع بَين طرفِي الْكَمَال الغزيزي والمكتسب قَرَأَ فِي الغرب على أجلاء شُيُوخ عارفين وأئمة محققين ورحل إِلَى مصر وَأخذ بهَا الحَدِيث عَن الشَّمْس الرَّمْلِيّ وَالْفِقْه والْحَدِيث والعربية عَن الْعَلامَة سَالم السنهوري الْمَالِكِي وَغَيرهمَا ثمَّ توجه إِلَى مَكَّة وجاور بهَا وتصدر للإفادة وَعنهُ أَخذ جمع من الْعلمَاء وَبِه تخْرجُوا كالعلامة مُحَمَّد عَليّ بن عَلان وَالْقَاضِي الْفَاضِل تَاج الدّين الْمَالِكِي وَغَيرهمَا وَلم يزل قَائِما بأعباء الْعلم وَالْعَمَل حَتَّى دَعَاهُ الله تَعَالَى إِلَيْهِ فَمَاتَ لَيْلَة الْخَمِيس ثامن عشر رَجَب سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَألف ونقلت من تَارِيخ الإِمَام عَليّ بن عبد الْقَادِر الطَّبَرِيّ أَنه اتّفق فِي عَام اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَألف أَن وصلت تذكرة من وَزِير مصر أذذاك بإمامة الْمقَام الْمَالِكِي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام لعَلي بن خَالِد يَعْنِي صَاحب التَّرْجَمَة فباشرها فِي موسم تِلْكَ السّنة مَعَ شركائه فألزمه المترجم بِالْمُبَاشرَةِ فِي نوته فِي جَمِيع السّنة وألزم شُرَكَاء بذلك فَوَافَقُوا وَاسْتمرّ الْحَال إِلَى أَن توفّي فَترك الْمُبَاشرَة بعد وَالِده فِي جَمِيع السّنة إِلَّا فِي الصبخ وَأَيَّام الْمَوْسِم وَصَلَاة التَّرَاوِيح على الْمُعْتَاد
خداوردي بن عبد الله الطاغية أحد كبراء جند الشَّام وَكَانَ متميزا فيهم بالبأس والجراءة والتوسع فِي الدُّنْيَا ونال حظا عَظِيما واشتهرت صولته واستتبع رعاعا وجهالا استخفهم فأطاعوه وَولى سردارية حلب ففتك فِيهَا وَنهب وتعدى واستلب حَتَّى ضجر مِنْهُ أهاليها وحكامها حِين قَامَت الْحَرْب بَينه وَبَين نصوح باشا وَبَينه وَبَين ابْن جانبولاذ وَكَانَ هُوَ وأحفاده قد عاثوا فِي الْبِلَاد وفتنوها وَمِنْه كَانَت نشأة فَسَاد الْعَسْكَر الشَّامي وطغيانهم وَمَا زَالَ بَينهم نَافِذا القَوْل مَقْبُول السمعة إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَت وَفَاته فِي بضع عشرَة وَألف
الشَّيْخ خضر بن حُسَيْن المارديني سبط الْهِنْدِيّ شَارِح الكافية ذكره أَبُو الْوَفَاء العرضي فِي الْمَعَادِن وَقَالَ كَانَ حسن المطارحة لطيف المسامرة عذب الْبَيَان رطب اللِّسَان تدرج فِي دَرَجَات الْكَمَال وترقى فِي معارج الْمجد والإجلال كمن فِي أحناء الْعليا ومعاطف الإرتقا وبطون فحاج الدولة حَتَّى امْتَدَّ بضبعيه على الْجَلالَة والصوله فَصَارَ للحضرة النصوحية مثوى أسرارها وموطن مطالبها
وأوطارها وسويداء أجفانها وَنور إنسانها وروح جسمانها وَحل أرقى مَحل فَصَارَ رابطة العقد والحل فحين زَادَت الرنعة على آمادها انعكست عَلَيْهِ الدَّوَائِر بأضدادها فافترسه نَاب النوب وَلَفظه الدَّهْر فِي هوة سوء المنقلب قدم حلب سنة ثَلَاث عشرَة بعد الْألف وَكَانَ يعرف الألسن الثَّلَاثَة وَله فِيهَا إنْشَاء حسن ونظم وإطلاع على فَضَائِل الْعُلُوم فَسَأَلَ من الْوَالِد يَعْنِي الشَّيْخ عمر العرضي أَن يقرىء أحد تلامذته شرح الكافية للرضى ليسمع فَأمر الْوَالِد الشَّيْخ عبد الْحَيّ القوق سبط البيلوني فَكَانَ يسمع ويتقن تِلْكَ الدُّرُوس ويحتفل بهَا وَيسمع لاخى شرح الْمِفْتَاح للشريف وللفقير فِي شرح الطوالع للأصفهاني وتقرب للوزير نصوح حِين تولى كَفَالَة حلب حَتَّى أحبه وولاه قَائِما بمقام الدفتري وَلما تولى الْوَزير الْمَذْكُور كَفَالَة ديار بكر ثمَّ مَاتَ الْوَزير الْأَعْظَم مُرَاد باشا بهَا وجاءته الوزارة الْعُظْمَى بَعثه الْوَزير نصوح رَسُولا إِلَى بِلَاد الْعَجم للصلح بَين السُّلْطَان أَحْمد والشاه عَبَّاس وَكَانَ من جملَة مَا قَالَ خضر للشاه أهل السّنة يعترضون عَلَيْكُم بكونكم تحرمون طَعَام الْيَهُود وَالنَّصَارَى مَعَ كَونه مُخَالفا للنَّص قَالَ تَعَالَى {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم} فَأمر الشاه الشَّيْخ بهَا الدّين العاملي بِالْجَوَابِ فَكتب رِسَالَة صدرها باسم الشاه وَقَالَ عَنهُ فِي أثْنَاء الْمَدْح شاه عَبَّاس الصفوي الموسوي الْحُسَيْنِي أَرَادَ الْمَنْسُوب إِلَى الشَّيْخ صفي الدّين والى مُوسَى الكاظم وَإِلَى الْحُسَيْن أما نِسْبَة الشاه إِلَى الشَّيْخ صفي الدّين فَلَا شكّ فِيهَا وَأما نسبته إِلَى الْحُسَيْن فَلم تعهد وَذكر أَن استحاق فِي الْأَمَام المرتضى للخلافة وتقدمه على جَمِيع الْآل وَالْأَصْحَاب فَمَا لَا يشك فِيهِ أولو الْأَلْبَاب وَأما تَحْرِيم طَعَام أهل الْكتاب فَأخذ يُجيب بأجوبة كلهَا واهية ثمَّ جَاءَ خضر برَسُول الصُّلْح من جَانب الشاه وَعقد الصُّلْح وَلما توجه الْوَزير نصوح إِلَى قسطنطينة وَصَارَ صَاحب الْحل وَالْعقد عِنْده خضر الْمَذْكُور قيل عَنهُ أَنه قَالَ لبَعض خدام السلطنة أَنا بتدبيري عقدت الصُّلْح وَلَو أسمع كَلَام الْوَزير وتدبيره مَا صَار الصُّلْح فَإِنَّهُ لَا معرفَة لَهُ بِالتَّدْبِيرِ فأسرها فِي نَفسه الْوَزير وولاه دفتر دارية وَأَن وَأخرجه فِي الْحَال من قسطنطينية وَبعث فِي الطَّرِيق وخنقه وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ عَالما كَامِلا عَار فَإِذا خطّ حسن وإنشاء مستحسن قَالَ العرضي وَقد أسمعني بعض أشعار لَهُ فِي الطَّرِيق على نمط تائية ابْن الفارض وَذكر لي أَنه نظم الشافية لِابْنِ الْحَاجِب فِي التصريف وَكَانَ قَتله فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
الشَّيْخ خضر بن عَطاء الله الْموصِلِي نزيل مَكَّة الْعَالم الأديب الْمَشْهُور كَانَ إِمَامًا فِي الْعَرَبيَّة واللغة ومعاني الْأَشْعَار حَافِظًا لكثير مِنْهَا كثير الْعِنَايَة بهَا حسن الضَّبْط مَشْهُورا بمعرفتها وإتقانها هَاجر إِلَى مَكَّة فقطن بهَا وانتظم فِي سلك علمائها وَألف فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة باسم السَّيِّد حسن بن أبي نمى أَمِير مَكَّة كِتَابه الْإِسْعَاف بشرح أَبْيَات القَاضِي والكشاف وَهُوَ كتاب لم تكتحل عين الدَّهْر لَهُ بنظير وَلَا احتوى على مثل أزهار أَلْفَاظه وثمار مَعَانِيه روض نضير وَأَجَازَهُ عَلَيْهِ من المَال ألف دِينَار وَألف باسمه أَيْضا أرجوزة طَوِيلَة فِي فضل أهل الْبَيْت ووقائعهم وَلم يزل مُقيما فِي الْحرم واردا مناهل الْفضل وَالْكَرم حَتَّى رَمَاه عِنْد الشريف وزيره ابْن عَتيق بِأَنَّهُ ينْسب إِلَيْهِ الْمَظَالِم وَيكْتب بذلك إِلَى الرّوم والعجم وَهُوَ مَقْبُول القَوْل عِنْدهم فَأذن لَهُ الشريف فِي إجلائه عَن الْبَلَد الْحَرَام وألزمه بِالْخرُوجِ للْحَال فَخرج مُتَوَجها إِلَى مَدِينَة الرَّسُول وَقد ترنق ورد حَيَاته المغول وَمَا أبعد عَن مَكَّة مرحلَتَيْنِ حَتَّى استولى الْوَزير على دَاره وَنهب جَمِيع مَا فِيهَا ونادى عَلَيْهِ فِي الْأَسْوَاق كَمَا يُنَادي على تركات الْأَمْوَات فَبَلغهُ الْخَبَر فِي أثْنَاء الطَّرِيق فَأصْبح وَهُوَ فِي يم الْهم غريق وفاجأه أَجله قبل وُصُوله إِلَى الْمَدِينَة وَقد ذكره الخفاجي فِي كِتَابيه وَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا وَأنْشد لَهُ من شعره قَوْله مضمنا فِي البرش
(تبدل عَن البرش المبلد بالطلا
…
فعالم أهل البرش غمر وجاهر)
(فَمَا البرش أَن فتشت عَن كنهه سوى
…
دويهية تصفر مِنْهَا الأنامل)
قَالَ وَمِمَّا مدحته بِهِ فِي شبيبتي قبل نوم سيارة همتي وخمود نَار شرتي
(وصبا من كؤس ذكرك سكرى
…
لَك حملتها ثَنَاء وشكرا)
(ولوجدي رقت كطبعك لطفا
…
واستعارت من طيب ذكرك نشرا)
(مَعَك الْقلب حَيْثُمَا سرت يسرى
…
فاسألنه عَن فَذَلِك أدرى)
(من أولي الْعَزْم لي فؤاد كليم
…
فِي الْهوى لَا يزَال يتبع خضرًا)
قلت وَرَأَيْت لَهُ من شعره هَذِه القصيدة مدح بهَا الشريف حسن الْمَذْكُور ومطلعها
(بدر الْمُلُوك أَمِير الْمُؤمنِينَ أَبُو
…
عَليّ الْحسنى السَّامِي بِهِ ساموا)
(خَليفَة الله من دَانَتْ بنصرته
…
وَمَا يَشَاء من الأفلاك أجرام)
(فِي كل نَاد لَهُ صيت يهتم بِهِ
…
فِي كل وَاد عداهُ خشيَة هاموا)
(لَو سَابق الدَّهْر لاستدراك فَائِتَة
…
لرد مِمَّا حواه الدَّهْر أَعْوَام)
(قل للخوارج موتوا فِي ضلالتكم
…
فَإِنَّمَا الدّين عِنْد الله إِسْلَام)
(هَذَا ابْن بنت رَسُول الله طَاعَته
…
فرض وَفِيه لَا نف الدّين إرغام)
(يطيعه من أطَاع الله متقيا
…
وَمن عَصَاهُ عَلَيْهِ النَّص إِلْزَام)
(وَفِي أولى الْأَمر قَول الله حجتنا
…
وهم أَئِمَّتنَا بِالْحَقِّ قد قَامُوا)
(يَا حجَّة الله وَالْحَبل المتين وَمن
…
فِي غير مرضاته الطَّاعَات آثام)
(أَن يمل نَابِغَة الْجِنّ القريض فلي
…
فِي نظم مدحك من جِبْرِيل إلهام)
(فها كها درة بل بَحر فَائِدَة
…
لَدَى الْعُقُول ببذل الرّوح تستام)
(تبقى وَتذهب أشعار ملفقة
…
كغرة فِي جباه الدَّهْر أَو شام)
(وَأسلم وَدم فِي سرُور بل وَفِي دعة
…
مَا قَامَ بِالروحِ بل بِاللَّه أجسام)
وَكَانَت وَفَاته فِي سنة سبع بعد الْألف
خَليفَة بن أبي الْفرج الزمزمي الْبَيْضَاوِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ المولد والمنشأ الشَّافِعِي كَانَ فَاضلا أديبا ذكيا أريبا باهرا فِي الْأَدَب وفنونه قَرَأَ على الإِمَام مُحَمَّد بن عبد الله الطَّبَرِيّ وَالْإِمَام عبد الْقَادِر الطَّبَرِيّ ومنم عاصرهما من المكيين وَمن مؤلفاته رونق الحسان فِي فَضَائِل الحبشان وَمن شعره قَوْله
(زارت معذبتي لَيْلًا وَفِي يَدهَا
…
كاس من الراح تسقيني وأسقيها)
(ريم بقد كَمثل الْغُصْن قامتها
…
مَا الظبي مَا الْبَدْر لَا شَيْء يحاكيها)
(والوصل مِنْهَا عز يزقل نائله
…
هَيْهَات مطلبها عزت مراميها)
(دَامَت على الصد والهجران مذ نشأت
…
ذل الْمحبَّة عز فِي مراقيها)
وَكَانَت وَفَاته فِي ينف وَسِتِّينَ وَألف بِمَكَّة
خَلِيل بن زين الدّين بن خَلِيل بن مَحْمُود بن برهَان الدّين الْمَعْرُوف بالاخنائي الدِّمَشْقِي الْفَقِيه الشَّافِعِي من ذَوي الْبيُوت الْقَدِيمَة بِدِمَشْق وَيُقَال هم أقدم بَيت بهَا لأَنهم من نسل مُعَاوِيَة واتصلوا من عَهده وتفرعوا وأجداده غالبهم قُضَاة الْقُضَاة وصدور الصُّدُور وَلَهُم بِدِمَشْق آثَار كَثِيرَة وأوقاف وتعلقات وخليل هَذَا ولد بِدِمَشْق وَنَشَأ فِي جد واهتمام بتحصيل الْعلم وَقَرَأَ الْكثير وَضبط وَقيد وَأخذ عَن النَّجْم الْغَزِّي وَغَيره وَكَانَ فَاضلا كَامِلا سَاكِنا وقورا وَله مطارحة جَيِّدَة وَرُبمَا نظم الشّعْر لَكِن شعره لَيْسَ بالجيد وَكتب بِخَطِّهِ كتبا كَثِيرَة وَهُوَ فِي الضَّبْط غَايَة وَكَانَت وَفَاته فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
خَلِيل بن عبد الرَّحِيم مفتي الشَّام الشهير بالسعساني لكَون وَالِده كَانَ إِمَامًا بسعسع وَأَصله من بَلْدَة علائية من بِلَاد قرمان وأظن أَن صَاحب التَّرْجَمَة ولد بسعسع وَنَشَأ بِدِمَشْق وَقَرَأَ وساد من حِين شبيبته فسافر إِلَى الرّوم ولازم على قاعدتهم وَلم يزل يسمو بِهِ حَظه إِلَى أَن ولي قَضَاء طرابلس الشَّام مرَّتَيْنِ وَولي قَضَاء قيصرية ثمَّ بعد ذَلِك ولي إِفْتَاء الشَّام وَأعْطى رُتْبَة قَضَاء الْقُدس وَكَانَ مهابا جليل الْقدر عالي الهمة نبيه الذّكر وَفِيه مُرُوءَة وسخاء ومعروف ومتانة وتغلب وعزل عَن الْإِفْتَاء فاستقل بِمنْصب بعلبك على طَرِيق التَّأْبِيد وَلم يزل فِي عز وجاه إِلَى أَن توفّي وَكَانَت وَفَاته نَهَار الْخَمِيس تَاسِع جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَألف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير رَحمَه الله تَعَالَى
خَلِيل باشا ابْن عُثْمَان الْمَعْرُوف بِابْن كيوان أَمِير الْحَاج الشَّامي وَهُوَ أَخُو إِبْرَاهِيم الْمُقدم ذكره فِي حرف الْهمزَة كَانَ من صُدُور دمشق وأعيانها الْمَشْهُود لَهُم بِالرَّأْيِ الصائب والدولة الباهرة وتخول فِي نعم ورفاهية عَيْش وتملك الْأَمْلَاك الْكَثِيرَة وانقاد لَهُ الزَّمن وأحبه أَرْكَان الدولة وملأ صيته بر الشَّام حَتَّى هابه عربانها وَغَيرهم وَكَانُوا يراجعونه فِي مهماتهم وينقادون لأَمره وَلَا يخالفونه فِي حَال من الْأَحْوَال وَقد أسلفنا فِي تَرْجَمَة أَخِيه إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ تفرغ عَن منصبه فِي الْعَسْكَر لِأَخِيهِ خَلِيل هَذَا وَكَانَ لَك ابْتِدَاء ظُهُوره وسافر إِلَى فتح إيوار فِي خدمَة الْوَزير الْأَعْظَم أَحْمد باشا الْفَاضِل سنة خمس وَسبعين وَألف واتصل بِهِ فَأَحبهُ وقربه وَعَاد إِلَى دمشق وَقد رَأس ثمَّ فرغ عَن منصبه لِابْنِ أَخِيه حُسَيْن وَهُوَ على الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى وتقاعد هُوَ بعلوفة فِي خزينة الشَّام مُدَّة إِلَى أَن حدث من الْأَمِير حمد ابْن رشيد أَمِير بادية الشَّام فِي حق الْحجَّاج مَا حدث من النهب والغارة وَفعل الْأَمِير مُوسَى بن تركمان حسن الْآتِي ذكره مَا فعل من الْقَتْل وَاسْتمرّ فِي غيه وضلاله وَأمر الْحَاج فِي اختلال مُدَّة سِنِين وَلم يتَّفق اصلاحه بِحَال حَتَّى عرض ذَلِك على أَرْكَان الدولة فَرَأَوْا من الصَّوَاب تَوْلِيَة خَلِيل باشا هَذَا أَمر الْحَاج فولي الأمرية وَظَهَرت فِيهَا كِفَايَته وأطاعته جَمِيع العربان وَاسْتمرّ ثَلَاث سِنِين وَالْحجاج فِي أَيَّامه مطمئنون فِي بلهنية من الْعَيْش ورخاء وراحة إِلَى أَن توفّي وَهُوَ مُتَوَجّه بهم فِي أول السّنة الرَّابِعَة من تَوليته تمرض يَوْم طلعة الْمحمل وَيُقَال أَن نَائِب الشَّام سقَاهُ سما فَخرج مَعَ الْمحمل وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ فأدركه أَجله بالضمين وَحمل إِلَى المزيريب وَكَانَت
وَفَاته أَوَاخِر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَألف وقبره بالمزيريب ظَاهر وَأَظنهُ مَا جَاوز عمره السِّتين بِكَثِير رَحمَه الله تَعَالَى
الشَّيْخ خير الدّين بن أَحْمد بن نور الدّين عَليّ بن زين الدّين بن عبد الْوَهَّاب الأيوبي العليمي الفاروقي الرَّمْلِيّ الإِمَام الْمُفَسّر الْمُحدث الْفَقِيه اللّغَوِيّ الصرفي النَّحْوِيّ الْبَيَانِي الْعَرُوضِي المعمر شيخ الْحَنَفِيَّة فِي عصره وَصَاحب الفتاوي السائرة وَله غَيرهَا من التآليف النافعة فِي الْفِقْه مِنْهَا حَوَاشِيه على منح الْغفار رد فِيهَا غَالب اعتراضاته على الْكَنْز وحواشيه على شرح الْكَنْز للعيني وعَلى الْأَشْبَاه والنظائر وَله كتابات على الْبَحْر الرَّائِق والزيلعي وجامع الْفُصُولَيْنِ وَله رِسَالَة سَمَّاهَا مَسْلَك الْإِنْصَاف فِي عدم الْفرق بَين مسئلتي السُّبْكِيّ والخصاف الَّتِي فِي الْأَشْبَاه فِي الْقَوَاعِد ورسالة سَمَّاهَا الْفَوْز وَالْغنم فِي مسئلة الشّرف من الام ورسالة فِيمَن قَالَ إِن فعلت كَذَا فَأَنا كَافِر كَانَ أرسل يسْأَله عَنْهَا شيخ الْإِسْلَام يحيى المنقاري مفتي السلطنة الْعلية وَله ديوَان شعر مُرَتّب على حُرُوف المعجم رَأَيْته وانتخبت مِنْهُ بعض مستحسنات من أشعاره فَمن ذَلِك قَوْله فِي الزنبق الَّذِي يُوجد فِي سواحل الْبَحْر الشَّامي وهيئة نواره الْأَبْيَض قِطْعَة وَاحِدَة وَلَيْسَ مُتَفَرقًا كَهَيئَةِ الزنبق الْمُتَعَارف
(وزنبقة قد أشبهت كاس فضَّة
…
بِرَأْس قضيب من زمردة عجب)
(سداسي شكل كل زَاوِيَة بِهِ
…
على رَأسهَا الْأَعْلَى هِلَال من الذَّهَب)
وَقَوله وَهُوَ من بدائعه
(من شَارك الْإِنْسَان فِي اسْمه
…
فحقه قطعا عَلَيْهِ وَجب)
(لذاك من سمى من خلقه
…
مُحَمَّدًا فَازَ بِهَذَا السَّبَب)
وَقَوله متغزلا فِي الْخَال وَقد ذكره فِي مجموعته الَّتِي سَمَّاهَا بمطلب الْأَدَب وَغَايَة الأرب الْمُشْتَملَة على أحد عشر بَابا
(بالخد مِنْهُ شَقِيق جلّ وَاضعه
…
أعيا الورى فهم شامات بحمرته)
(أَقُول هَذَا ولاعي وَلَا عجب
…
قلب الشَّقِيق الَّذِي فِي وسط جنته)
وَسمع قَول أبي الْعَلَاء المعري
(إِذا مَا سمعنَا آدما وفعاله
…
وتزويجه ابنيه بنتيه فِي الْخَنَا)
(علمنَا بِأَن الْخلق من نسل فاحر
…
وان جَمِيع النَّاس من عنصر الزِّنَا)
وَجَوَاب بَعضهم فِي رده بقوله
(لعمرك أما القَوْل فِيك فصادق
…
وَتكذب فِي البَاقِينَ من شط أَو دنا)
(كَذَلِك اقرار الْفَتى لَازم لَهُ
…
وَفِي غَيره لَغْو كَذَا جَاءَ شرعنا)
فَكتب عَلَيْهِ لَا يخفى على الجدلي فَسَادًا كَلَام هَذَا الرَّاد الَّذِي يَأْخُذ بخناقه وَيَقْضِي بسماحة أخلاقه قولي فِي الرَّد عَلَيْهِ
(كذبت بِإِجْمَاع الْأَنَام جَمِيعهم
…
لَا فكك فِيمَا تدعيه من الْخَنَا)
(وَكَيف وَقد فاض الدَّلِيل بحله
…
فَأَنِّي يكون النَّاس من عنصر الزِّنَا)
وَمن شعره قَوْله فِي العذار
(عِنْدَمَا جدّ بالحبيب عذار
…
أظهرت لامه لفتك البريه)
(قَالَت النَّاس عِنْد ذَلِك فِيهِ
…
قمر تِلْكَ لأمه القمرية)
وقولا متغزلا
(مهفهف الْقد مذ كواني
…
بحمرة الخدّ مِنْهُ فِي الْحَيّ)
(فَقلت بِي أَنْت داوني
…
قَالَ آخر الطِّبّ عندنَا الكي)
وَقَالَ متغزلا
(أَمن ذكر جَار بِذَات السّلم
…
أرقت دموعاً جرت كالعنم)
(وَأم هَاجَتْ الرّيح من جَانب
…
بِهِ شادن أهيف قد ألم)
(أتحسب أَن الْهوى مختف
…
ودمعك مِنْهُ جرى وانسجم)
(عجبت لخصر لَهُ ناحل
…
على حمل رد فِيهِ أَنِّي التأم)
(إِذا مارنا بإهتزاز فقد
…
رنا عِنْده هيجان الْأَلَم)
(وَإِن لَاحَ كالظبي لي نافراً
…
فقد جر قلبِي بواو الْقسم)
(فَلَا عجب أَن نأى معرضًا
…
لِأَن الظبا لم تزل فِيهِ لم)
(وأدعى فصيحاً لَدَى عِتْرَتِي
…
وأدعى لَدَيْهِ بداء إِلَيْكُم)
(ترفق بقلب غَدا فِي يَديك
…
رَقِيقا وفوّق بِتِلْكَ الشيم)
(وضاهيت خضرًا لَهُ ناحلاً
…
وَلَا زمني فِي هَوَاء السقم)
(فذب يَا فُؤَادِي بِنَار الجوى
…
فكم قد نهيتك عَن ذَا فَلم)
(أما آن أَن يقْضِي ذَا القلا
…
وَمَا آن مِنْك أَوَان الْكَرم)
وَله غير ذَلِك فنكتفي بِهَذَا الْمِقْدَار وأوقفني صاحبنا الْفَاضِل الأديب إِبْرَاهِيم بن سُلَيْمَان الجينيني الْحَنَفِيّ نزيل دمشق على كراسة ترْجم فِيهَا شَيْخه صَاحب التَّرْجَمَة فَمَا أذكرهُ ملخص مِنْهَا قَالَ سلمه الله تَعَالَى كَانَ مولد شَيخنَا بالرملة وَبهَا نَشأ وَقَرَأَ الْقُرْآن
ثمَّ جوده على الشَّيْخ الْقدْوَة مُوسَى بن حسن الغبي الشَّافِعِي الرَّمْلِيّ وَقَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئا من أبي شُجَاع فِي فقه الشَّافِعِي ولازمه فِي صغره وانتفع بِهِ وشملته بركته ثمَّ رَحل إِلَى مصر صُحْبَة أَخِيه الْكَبِير عبد النَّبِي فِي سنة سبع بعد الْألف وَكَانَ أَخُوهُ الْعَلامَة شمس الدّين تقدمه لمصر لطلب الْعلم وَكَانَ أسن مِنْهُ وَخير الدّين أَصْغَرهم قَالَ وَكَانَ يحدثنا أَنه فِي لَيْلَة دُخُوله إِلَى مصر أحس بالإحتلام فَلَمَّا أصبح طلب من أَخِيه عبد النَّبِي أَن يدْخلهُ الْحمام فَأدْخلهُ ثمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى جَامع الْأَزْهَر وَكَانَ بالجامع من الْأَوْلِيَاء الْمَشْهُورين الشَّيْخ فأيد وَكَانَ مقره دَائِما بِبَاب الْجَامِع وَكَانَ مُعْتَقدًا أهل مصر فِي وقته قَالَ وَعند دُخُول شَيخنَا الْجَامِع أَرَادَ أَن يقبل يَد الشَّيْخ فَايِد فقطب وَجهه فِيهِ وَقَالَ لَهُ رحَ عني وَلم يُمكنهُ من تَقْبِيل يَده فَدخل وخاطره منكسر من ذَلِك وَمكث أَيَّامًا فِي الْجَامِع فَفِي بعض الْأَيَّام كَانَ مارا وَإِذا بالشيخ فَايِد يَقُول تعال يَا شيخ الْإِسْلَام تعال يَا شيخ الْإِسْلَام بِهَذَا اللَّفْظ قَالَ فَمَا عرفت لمن النداء وَإِذا بِهِ يُشِير إِلَيّ فَجئْت إِلَيْهِ وَقبلت يَده فهش لي وَكَانَ بعْدهَا إِذا جِئْت إِلَيْهِ استقبلني وأجلسني وأستنشدني من كَلَام الْقَوْم حَتَّى كنت إِذا أردْت الْقيام لَا يمكنني إِلَّا بعد الْجهد وحصلت لي بركته وَكَانَ يحلق للنَّاس لوجه الله تَعَالَى وَعَلمنِي الحلاقة ووهبني موسين وَحجر مسن وهم عِنْدِي ثمَّ أَرَادَ الِاشْتِغَال بِفقه الشَّافِعِي واشتغل بِهِ أَيَّامًا فشق ذَلِك على أَخِيه وَعَلِيهِ لكَونه كَانَ خَالِي العذار وَلم يرض أَن يُوَافق أَخَاهُ فِي الِانْتِقَال لمَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَلم يرض أَخُوهُ أَن يُوَافقهُ فِي الِاشْتِغَال بِفقه الشَّافِعِي فَشَاور فِي ذَلِك بعض أكَابِر عُلَمَاء الْجَامِع قَالَ فَأَشَارَ لشَيْخِنَا بِأَن يكْتب رقْعَة بواقعة الْحَال ويلقي الرقعة على قبر الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَأَن يجلس هُنَاكَ فَكتب رقْعَة وَتوجه بهَا فألقاها وَجلسَ فَأَخَذته سنة من النّوم فرآى الإِمَام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ يَقُول كلنا على هدى فجَاء وَأخْبر الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ بذلك فَقَالَ لَهُ هَذِه إجَازَة من الإِمَام بِأَن توَافق أَخَاك فِي الْقِرَاءَة على مَذْهَب الإِمَام أبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فَوَافَقَ أَخَاهُ وجد واجتهد ودأب فِي تَحْصِيل الْعُلُوم وَأَخذهَا عَن أَهلهَا وفَاق أَخَاهُ ولازم الشَّيْخ عبد الله بن مُحَمَّد النحريري الْحَنَفِيّ علام الْأَزْهَر فِي فقه الْحَنَفِيَّة وَقَرَأَ عَلَيْهِ شرح الْكَنْز للعيني مرّة وَأُخْرَى لم تتمّ وغالب صدر الشَّرِيعَة وَمثله الْأَشْبَاه والنظائر وَجُمْلَة من شرح الْقطر للْمُصَنف وَجُمْلَة كَبِيرَة من تَبْيِين الْحَقَائِق وَالِاخْتِيَار شرح الْمُخْتَار وَابْن ملك على الْمجمع والسراجية مَعَ شرحها للسَّيِّد وَشرح الرحبية
للشنشوري وَغَيرهَا من الْكتب وَكَانَ أخص مشايخه ولازمه مُدَّة إِقَامَته بِمصْر حَتَّى إِن النحريري كَانَ لَهُ خلْوَة بالبرقوقية فأنزله هُوَ وأخاه فِيهَا وَكَانَ يَأْتِي إِلَيْهِمَا بهَا كثيرا وَكَانَ يَجْعَل لَهما درسا خَاصّا غير درسه الْعَام الَّذِي بِجَامِع الْأَزْهَر وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من أجلاء الْعلمَاء الجنفية الْعَلامَة مُحَمَّد بن مُحَمَّد سراج الدّين الحانوتي صَاحب الفتاوي الْمَشْهُورَة قَرَأَ عَلَيْهِ دروسا من كنز الدقائق وَأَجَازَهُ فِي أواسط الْمحرم سنة تسع بعد الْألف وَقَرَأَ على الشَّيْخ الإِمَام أَحْمد بن مُحَمَّد أَمِين الدّين بن عبد العال فِي تَقْسِيم شرح الْكَنْز للزيلعي وَكتب لَهُ إِجَارَة بِخَطِّهِ وَهُوَ يروي الحَدِيث عَنهُ وَهُوَ عَن وَالِده عَن شيخ الْإِسْلَام زَكَرِيَّا عَن الْحَافِظ ابْن حجر وَقَرَأَ الْأُصُول على الْعَلامَة مُحَمَّد ابْن بنت مُحَمَّد وَقَرَأَ على الشَّيْخ مُحَمَّد بن بنت الشلبي والْحَدِيث عَن الْعَالم الْجَلِيل أبي النجا سَالم السنهوري مُحدث الْأَزْهَر والقراآت على مقري زَمَانه الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن البهني وَأخذ النَّحْو عَن نادرة زمانة أبي بكر الشنواني وَعَن الشَّيْخ سُلَيْمَان ابْن عبد الدَّائِم البابلي وَكَانَ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم اللَّقَّانِيّ رفيقهم على الشنواني إِذا فرغ من قِرَاءَته عَلَيْهِ عمل لَهُ درسا فيحضره أَيْضا وَأقَام بِمصْر بالجامع الْأَزْهَر فِي أَخذ الْعلم سِتّ سِنِين وَحصل كتبا بِخَطِّهِ وَكتب لغيره وَأفْتى وَهُوَ بِجَامِع الْأَزْهَر وَكتب لَهُ أجَازه الشَّيْخ التحريري وَشَيْخه ابْن عبد العال عِنْد توجهه فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث عشرَة وَألف وَقدم بَلْدَة الرملة فِي ذِي الْحجَّة أَوَاخِر هَذِه السّنة وَاجْتمعَ فِي عودة بعلماء غَزَّة وبحاكمها الْأَمِير أَحْمد بن رضوَان فَأكْرمه وَحصل لَهُ مِنْهُ أنعام واعتنى بِهِ وَأقَام بِبَلَدِهِ ثمَّ أَخذ فِي الْأَقْرَاء والتعليم والإفتاء والتدريس وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر واشتهر علمه وَبعد صيته وشاعت فَتَاوَاهُ فِي الْآفَاق ووردت إِلَيْهِ الأسئلة من كل جانت حَتَّى إِنَّه كَانَ لَا يكَاد يفرغ من الأشغال بالفتوى لِكَثْرَة مَا يرد عَلَيْهِ فِيهَا الْجَوْدَة كِتَابَته عَلَيْهَا وَأخذ فِي غرس الكروم ومباشرتها بِيَدِهِ حَتَّى أَنه غرس ألوفا من الْأَشْجَار الْمُخْتَلفَة من الْفَوَاكِه والتين وَالزَّيْتُون وَحصل أملاكا وعقارات غالبها من بنائِهِ وَكَانَ يَأْكُل مِنْهَا وَكَسبه من حل وَلم يتَعَرَّض من الْجِهَات والأوقاف لشَيْء وَفِي ذَلِك يَقُول
(بورك لي فِي المرّ والمسحاة
…
فَمَا هُوَ الملجئ للجهات)
(وَهِي إِذا قَامَ عَلَيْهَا صَدَقَة
…
وللذي فرط نَار محرقة)
وَكَانَت خبراته عَامَّة على أَهله واتباعه وجيرانه بل على أهل بَلَده وانتفعوا بِهِ دينا
وَدُنْيا ورمم كثيرا من جوامعها ومساجدها ومدافن الْأَوْلِيَاء وَحصل من الْكتب شَيْئا كثيرا مَا ينوف عَن ألف ومئتي مُجَلد غالبها من نفائس الْكتب ومشاهيرها من كل علم وَكَانَ عِنْده مِنْهَا نسخ مكررة وانتفع بِهِ خلق لَا يُحصونَ وَكَانَت الوزراء والأمراء والموالي وَالْعُلَمَاء والمشايخ يسعون إِلَيْهِ وعظمت بركته وَعم نَفعه وَكثر أَخذ النَّاس عَنهُ وغالب من أَخذ عَنهُ اكابر النَّاس وأجلاؤهم مِنْهُم الموَالِي وَالْعُلَمَاء الْكِبَار والمفتون والمدرسون وَأَصْحَاب التآليف والمشاهير وقصده النَّاس من الأقطار الشاسعة للأخذ عَنهُ وَطلب الْإِجَازَة مِنْهُ فَمن أَخذ عَنهُ وَلَده الْعَلامَة محيي الدّين الْآتِي ذكره وَمَات فِي حَيَاة وَالِده وَالسَّيِّد الْجَلِيل مُحَمَّد الْأَشْعَرِيّ مفتي الشَّافِعِيَّة بالقدس وَمن أهل الْقُدس الْعَلامَة السَّيِّد عبد الرَّحِيم بن أبي اللطف مفتي الْحَنَفِيَّة بهَا والعلامة مُحَمَّد بن حَافظ الدّين السروري والفاضل يُوسُف بن الشَّيْخ رَضِي الدّين اللطفي خطيب الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمن أهل غَزَّة الْعَلامَة عمر المشرقي مفتي الْحَنَفِيَّة بهَا وَالشَّيْخ عَليّ مفتي الشَّافِعِيَّة وَأخذ عَنهُ غَالب عُلَمَاء دمشق مِنْهُم من رَحل إِلَيْهِ وَمِنْهُم من استدعاه مِنْهُم الْعَالم الْهمام السَّيِّد مُحَمَّد بن السَّيِّد كَمَال الدّين بن حَمْزَة النَّقِيب وَأَوْلَاده الثَّلَاثَة السَّيِّد عب الرَّحْمَن وَالسَّيِّد عبد الْكَرِيم وَالسَّيِّد إِبْرَاهِيم رحم الله مِنْهُم ماضين أولين وَأبقى آخَرين آخَرين والعلامة الْفَقِيه مُحَمَّد عَلَاء الدّين ابْن عَليّ الحصكفي مفتي الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق والعلامة السَّيِّد مُحَمَّد بن عجلَان النَّقِيب وَغَيرهم وَمن أهل الْحَرَمَيْنِ الْعَالم الْعُمْدَة عِيسَى بن مُحَمَّد الثعالبي المغربي نزيل مَكَّة والعلامة الْمُحَقق الْكَبِير مُحَمَّد بن سُلَيْمَان السُّوسِي المغربي نزيل مَكَّة وَفَارِس حلبة البراعة إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الخياري الْمدنِي وَغَيرهم وَمن أهل الرّوم الْفَاضِل الْمَشْهُور اللوذعي مصطفى باشا ابْن المرحوم الْوَزير الْأَعْظَم مُحَمَّد باشا الكوبري وَطلب الْإِجَازَة مِنْهُ لِأَخِيهِ الصَّدْر الْأَعْظَم أَحْمد باشا عِنْد مروره بالرملة فِي شهر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَألف وَمِنْهُم ابْن عَمه الْفَاضِل والمحقق حُسَيْن جلبي وَمن كَانَ فِي صحبتهم من الْفُضَلَاء وقرأوا عَلَيْهِ دروسا فِي الحَدِيث وَالْفِقْه وَالْأُصُول وَأَجَازَ الْجَمِيع وَأخذ عَنهُ من المغاربة الشَّيْخ الإِمَام الْعُمْدَة الرحلة الْمُفَسّر الْمُحدث النَّحْوِيّ صَاحب التصانيف يحيى بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عِيسَى بن أبي البركات شَارِح خَلِيل الجزائري الشاوي المغربي حَال توجهه إِلَى الرّوم وَهُوَ آخر من أجَازه موفيهم الْعَالم الْعَامِل سَيِّدي عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي بكر العياشي والفاضل الْكَامِل