الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسواحل وَأخذ عَن أجلاء لَقِيَهُمْ من الْعلمَاء الْأَعْلَام وَضبط وَقيد ورحل إِلَى الْحَرَمَيْنِ وفَاق فِي الْعُلُوم النقلية والعقلية ثمَّ تدير بندر الشحر فاشتهر بهَا وَعلا صيته وَأَقْبل عَلَيْهِ أَهلهَا وعظموه وأجلوه وَولى بهَا مشيخة التدريس بِالْمَدْرَسَةِ السُّلْطَانِيَّة فدرس فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَأفَاد وانتفع بِهِ خلق كثير وَولى خطابة الْجَامِع ثمَّ ولي الْقَضَاء وَجمع بَين أَطْرَاف الرياسة والمراتب وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ من صُدُور الْعلمَاء الْأَعْلَام وَكَانَت وَفَاته ببندر الشحر فِي صفر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَألف
(حرف الصَّاد الْمُهْملَة)
السَّيِّد صَادِق بن أَحْمد بن مُحَمَّد مير بادشاه الْحَنَفِيّ مفتي مَكَّة الْعَالم الْعَلامَة كَانَ من أجلاء فضلاء الدَّهْر ذَا فنون كَثِيرَة أَخذ بِمَكَّة عَن عُلَمَاء عصره وَله أجازة من الإِمَام مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر النَّحْوِيّ يرى الْحَنَفِيّ الْمصْرِيّ وَولي إِفْتَاء الْحَنَفِيَّة بِمَكَّة وذاع فَضله وسما قدره وجده مير بادشاه الْمَذْكُور صَاحب الْحَاشِيَة على الْبَيْضَاوِيّ من كبار أهل التَّحْقِيق وَكَانَت وَفَاة السَّيِّد صَادِق يَوْم الْأَحَد سَابِع عشر شعْبَان سنة تسع وَسبعين وَألف وَتُوفِّي ذَلِك الْيَوْم مَعَه من الْأَعْيَان الشَّيْخ المجذوب عَلان بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عَلان الصديقي الشَّافِعِي وَالسَّيِّد مُحَمَّد هَاشم بن علوي المهدلي
صَالح بن أَحْمد الشَّيْخ الإِمَام الْمَعْرُوف بالبلقيني الْمصْرِيّ شيخ الْمحيا بِالْقَاهِرَةِ وَابْن شَيْخه الشهَاب الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى علاّمة الْمُحَقِّقين كَانَ من كبار الْعلمَاء والزهاد وَله الْقدَم الراسخة فِي التصوف وَفقه الشَّافِعِي والمعقولات بأسرها أَخذ عَن أَبِيه وَغَيره وشاع أمره وقصده النَّاس للتلقي عَنهُ وَكَانَ يقرىء شرح القطب وحواشيه من الْمنطق وَهُوَ فِي شكل عُرْيَان الرَّأْس فِي غَالب الْأَوْقَات وَلم يزل فِي إِفَادَة واجتهاد بِالْعبَادَة إِلَى أَن توفّي وَكَانَت وَفَاته بِمصْر فِي إِحْدَى الجمادين سنة خمس عشرَة بعد الْألف عَن نَحْو ثَمَانِينَ سنة والبلقيني بِضَم أَوله نِسْبَة لبلقينة من غربية مصر
صَالح بن إِسْحَاق الشرواني الأَصْل القسطنطيني الْمَعْرُوف بظهوري وَإِسْحَاق زَاده قَاضِي قُضَاة مصر وَأحد فضلاء الْعَصْر الَّذِي اتّفقت على فَضله كلمة الكملة وَكَانَ من حَسَنَات الرّوم وأدبائها لم يخرج مِنْهَا فِي عصرنا هَذَا من يعادله فِي الْفضل ورقة الطَّبْع وحلاوة الْمنطق ونزاهة النَّفس إِلَّا الْقَلِيل وَكَانَ من شفوف طبعه مغرماً بمنادمة الْأَصْحَاب ومذاكرة الْأَدَب ومناقلة الْأَخْبَار وَكَانَ عَالما بأيام النَّاس والأنساب والتواريخ وَكَانَ يحفظ من الشّعْر وَالْأَخْبَار شَيْئا كثيرا وَله مصنفات
حَسَنَة الأسلوب تدل على زِيَادَة تبحره مِنْهَا بعض تعليقات على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَله رسائل كَثِيرَة لم يبيض مِنْهَا شَيْئا من سَواد مسوداته وأشعاره بالتركية ومنشآته سائرة مرغوبة وَكَانَ مغرماً بالكيمياء وعملها وَله مهارة كُلية فِي تَحْقِيق علمهَا وَألف فِيهَا مؤلفات وأتلف عَلَيْهَا مَالا كثيرا وَكَانَ أَكثر اشْتِغَاله فِي الْعُلُوم على الْمولى مُحَمَّد الْكرْدِي الشهير بمنلا جلبي قَاضِي الْقُضَاة بِالشَّام الْآتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى ولازم من الْمولى عبد الله بن عمر معلم السُّلْطَان عُثْمَان أَبوهُ الْآتِي ذكره أَيْضا وَحج فِي صُحْبَة وَالِده لما ولي قَضَاء مَكَّة فِي سنة خمسين وَألف ثمَّ عَاد إِلَى الرّوم ودرس بمدارس قسطنطينية إِلَى أَن ولي الْمولى شيخ الْإِسْلَام يحيى بن عمر المنقاري الْفتيا وراجت فِي زَمَنه بضَاعَة الأفاضل وَصدر مِنْهُ الامتحان للمدرسين فَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة مِمَّن ظَهرت فضيلته وَبَانَتْ مزيته وَشهد لَهُ بِالْفَضْلِ فصيره مدرساً بمدرسة أياصوفية ثمَّ ولاه الْمدرسَة السليمانية وَأعْطى رُتْبَة دَار الحَدِيث وَمِنْهَا صَار قَاضِيا بينكى شهر برتبة قَضَاء الشَّام ثمَّ ولي قَضَاء بروسة ثمَّ مصر وَبهَا توفّي وَهُوَ قَاض وَكَانَت وَفَاته فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَألف عَن اثْنَتَيْنِ وَخمسين سنة رَحمَه الله تَعَالَى
صَالح بن عبد الْقَادِر الخلوتي الكبيسي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي ثمَّ الْحَنَفِيّ كَانَ فَاضلا صَالحا أَخذ طَرِيق الخلوتية عَن الشَّيْخ أَحْمد بن عَليّ بن سَالم الْمُقدم ذكره وَلزِمَ الْعِبَادَة والأوراد وَحصل فِي التصوف معرفَة ونظم الشّعْر لَكِن لم أَقف من نظمه على شَيْء حَتَّى أثْبته لَهُ وَكَانَت وِلَادَته فِي أَوَاخِر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَأَرْبَعين وَألف وَتُوفِّي يَوْم الْجُمُعَة ختام شهر رَمَضَان سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَألف وَدفن بمقبرة الفراديس
صَالح بن عَليّ الصَّفَدِي الْحَنَفِيّ مفتي الْحَنَفِيَّة بصفد كَانَ فَقِيها فَاضلا حسن التَّحْرِير رَحل فِي مبدأ أمره إِلَى الْقُدس وَأخذ بهَا عَن الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى مُحَمَّد العلمي ثمَّ رَحل إِلَى الْقَاهِرَة وتفقه بهَا على الْحسن الشُّرُنْبُلَالِيّ والشهاب الشَّوْبَرِيّ الْمُقدم ذكرهمَا وَأخذ الحَدِيث وَغَيره عَن الشَّيْخ سُلْطَان وَالشَّمْس البابلي وَغَيرهمَا وَرجع إِلَى وَطنه فدرس وَأفَاد وَألف وَله من التآليف الشهيرة كِتَابه بغية المبتدى فِي اخْتِصَار متن الْكَنْز ثمَّ سكن عكة وَكَانَ يُفْتِي بهَا إِلَى أَن مَاتَ ابْن عَمه أَبُو الْهدى فِي سنة خمس وَخمسين وَألف وَكَانَ مفتي الْحَنَفِيَّة بصفد فوجهت الْفَتْوَى بهَا إِلَيْهِ وانتقل إِلَيْهَا وسكنها وَلم يزل مفتياً بهَا إِلَى أَن مَاتَ فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
القَاضِي صَالح بن عمر بن القَاضِي سعد الدّين بن الْعلم أَخُو الشَّيْخ مُحَمَّد العلمي الصُّوفِي الْمَشْهُور الْآتِي ذكره كَانَ قدم إِلَى دمشق وَولي بهَا نِيَابَة قَضَاء الْمَالِكِيَّة بمحكمة الميدان حِين كَانَ عَمه القَاضِي فَخر الدّين عُثْمَان بِدِمَشْق متخلياً عَن نِيَابَة الحكم بمحكمة الْبَاب وَشرع فِي طَرِيق الزعماء فسعى لِابْنِ أَخِيه الْمَذْكُور فِي نِيَابَة الْمَالِكِيَّة بمحكمة السويقة الْمَذْكُورَة وَكَانَ لَهُم تعلقات بالقدس فَلم يقدر على الْإِقَامَة بِدِمَشْق فَكَانَ يتوطن بالقدس وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى الشَّام لزيارة أَخِيه الشَّيْخ مُحَمَّد وخاله الْعَلامَة مُحَمَّد بن عَليّ مدرس الشبلية الْآتِي ذكرهمَا وَكَانَ بَينه وَبَين الشَّيْخ عَليّ بن مُحَمَّد القلعي الْقُدسِي نزاع بِسَبَب وقف سَيِّدي أَحْمد الثَّوْريّ فاتفق أَن مَاتَ ذَاك فِي شعْبَان غَرِيبا فِي قَرْيَة من قرى سَيِّدي عَليّ بن عليل وَمَات هَذَا فِي رَابِع عشر شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ بعد الْألف غَرِيبا فِي الرملة
صَالح بن مُحَمَّد بن عبد الله بن أَحْمد الْخَطِيب ابْن مُحَمَّد الْخَطِيب ابْن مُحَمَّد الْخَطِيب ابْن إِبْرَاهِيم الْخَطِيب التُّمُرْتَاشِيّ الْغَزِّي الْحَنَفِيّ ابْن الإِمَام الْكَبِير صَاحب التَّنْوِير فِي الْفِقْه الْآتِي ذكره الإِمَام ابْن الإِمَام كَانَ فَاضلا متبحراً بحاثاً وَله إحاطة بِفُرُوع الْمَذْهَب أَخذ عَن وَالِده ورحل إِلَى مصر وَأخذ عَن علمائها وتصدر فِي ذَلِك الْقطر بعد وَفَاة أَبِيه ونفع النَّاس فِي الْفَتَاوَى وَألف التآليف النافعة فِي الْفِقْه وَغَيره مِنْهَا حَاشِيَة على الْأَشْبَاه والنظائر الَّتِي سَمَّاهَا زواهر الْجَوَاهِر وَله منظومة فِي الْفِقْه وَشرح تحفة الْمُلُوك وَشرح ألفية وَلَده مُحَمَّد الْآتِي ذكره فِي النَّحْو الَّتِي أَولهَا
(قَالَ مُحَمَّد هُوَ ابْن صَالح
…
أَحْمد رَبِّي الله خير فاتح)
وَله شرح النقاية سَمَّاهُ الْعِنَايَة وَشرح تَارِيخ شيخ الْإِسْلَام سعدي المحشى وَله رسائل كَثِيرَة مِنْهَا رِسَالَة فِي سيدنَا مُحَمَّد وأخيه هَارُون عليهما السلام ورسالة فِي علم الْوَضع وترسلاته وأشعاره وافرة مطبوعة وقفت لَهُ على هَذِه الأبيات كتب بهَا إِلَى الْخَيْر الرَّمْلِيّ فِي صدر رِسَالَة وَقد استحسنتها فأثبتها لَهُ وَهِي قَوْله
(إِن جزت عَن رَملَة لي ثمَّ إِنْسَان
…
حبر همام لَهُ علم وإحسان)
(فِي الْعلم نعمانه فِي الْجُود حاتمه
…
وَمَاله فيهمَا ضد وأفران)
(وَالْخَيْر أَوله وَالْخَيْر شيمته
…
وَالدّين قيد لَهُ فِي الْعلم إِمْكَان)
(قَالُوا هُوَ الْبَحْر قلت الْبَحْر ذُو غرق
…
قَالُوا هُوَ الْبَدْر لَا يعروه نُقْصَان)
(قَالُوا هُوَ اللَّيْث قلت اللَّيْث ذُو حمق
…
قَالُوا هُوَ الشَّمْس قلت الشَّمْس ميزَان)
(قَالُوا هُوَ السَّيْف قلت السَّيْف ذُو كلل
…
وَرُبمَا جَاءَ مِنْهُ صَاح عدوات)
(قَالُوا فَمَا هُوَ قل لي قلت قد جمعت
…
فِيهِ الْخِصَال وزادت فِيهِ عرفان)
(أَخُوهُ شمس بِهِ ضاءت مَنَازِله
…
وصدره بعلوم الله رَيَّان)
(ليثان حبران فِي آجام معرفَة
…
يروي بانداهما للْعلم ظمآن)
(
…
قد جَاءَ للرملة البيضا وَقد درست
…
فِيهَا الْعُلُوم وفيهَا لَاحَ طغيان)
(فجدد الْعلم فِيهَا واستنار بِهِ
…
عرش الْعُلُوم وفيهَا زَاد إِيمَان)
وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ من أجلاء الْعلمَاء وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي فِي سنة خمس وَخمسين بعد الْألف
صَالح بن مُحَمَّد بن صَالح بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن يس الدجاني الْمَقْدِسِي كَانَ من أهل الْفضل وَالْأَدب وبيتهم بالقدس بَيت علم وتصوف خرج مِنْهَا نامر كثير من الْمَشَاهِير وجدهم أَحْمد بن عَليّ أحد أَصْحَاب سَيِّدي عَليّ بن مَيْمُون وَصَاحب سَيِّدي مُحَمَّد بن عراق وَكَانَ من كبار الصُّوفِيَّة فِي زَمَنه وَله تَرْجَمَة وَاسِعَة فِي الْكَوَاكِب السائرة للنجم الْغَزِّي ذكر فِيهَا أَشْيَاء من مناقبه وأحواله وَصَالح هَذَا ولد بالقدس وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ على أَبِيه مُحَمَّد الْآتِي ذكره فِي أَنْوَاع الْعُلُوم ونظم ونثر وَكَانَ مَقْبُول الشيمة لطيف الطَّبْع حسن الْعشْرَة خلوقا متوددا وَكَانَت وَفَاته فِي سنة خمس وَخمسين وَألف
صَالح بن نصر الله وَيعرف بِابْن سلوم بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد اللَّام الْحلَبِي رَئِيس أطباء الدولة العثمانية ونديم السُّلْطَان مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم سيد الْأَطِبَّاء والحكماء وَوَاحِد الظرفاء والندماء أظهر فِي فنون الطِّبّ كل معنى غَرِيب وركها بمقدمات حسه كل تركيب عَجِيب فأنتج اسْتِخْرَاج الْأَمْرَاض من أوكارها وَكَانَ كل طَبِيب يعجز عَن إظهارها كَانَ للطفة إِذا جس نبضا يُعْطِيهِ روح الْأَرْوَاح وَيفْعل لرقته فِي النُّفُوس ماذ تَفْعَلهُ الراح وَهَذَا التَّعْرِيف لغيري احتجته فَفِي مَحَله أدرجته ولد بحلب وَنَشَأ بهَا وَأخذ عَن أكَابِر شيوخها واشتغل بالعلوم الْعَقْلِيَّة وجد فِي تَحْصِيلهَا حَتَّى برع وَغلب عَلَيْهِ علم الطِّبّ وَكَانَ حسن الصَّوْت عَارِفًا بالموسيقى صارفا أوقاته فِي الملاذ ومسالمة أَبنَاء الْوَقْت ثمَّ تولى مشيخة الْأَطِبَّاء بحلب وَلم يزل على تِلْكَ الْحَالة حَتَّى رَحل إِلَى الرّوم واختلظ بكبرائها واشتهر أمره بَينهم ونما حَظه حَتَّى وصل خَبره إِلَى السُّلْطَان فاستدعاه وَأَعْجَبهُ لطف طبعه فصيره رَئِيس الْأَطِبَّاء وَأَعْطَاهُ رُتْبَة قَضَاء قسطنطينية وقربه وَأَدْنَاهُ وَبلغ من الإقبال
ونفوذ الْكَلِمَة مبلغا رفيعا وَكَانَ فِي حد ذَاته أعجب من رؤى وَسمع فِي لطف البداهة والنكتة والنادرة وَله رِوَايَة فِي الشّعْر وَالْأَخْبَار وَاسِعَة وَكَانَ ينظم الشّعْر وَلم أر لَهُ الا هَذَا الْمَقْطُوع وَقد جَاءَ فِيهِ بمضمون لطيف وَهُوَ
(سقاني من أَهْوى كلون خدوده
…
مدا مَا يرى سر الْقُلُوب مذاعا)
(ومذ شَبَّبَ الإبريق فِي كأس حاننا
…
أَقَامَت دراويش الْحباب سَمَاعا)
وَألف فِي الطِّبّ تأليفا لطيفا سَمَّاهُ برْء سَاعَة وسمت همته فِي اقتناص شوارد المكرمات حَتَّى نفع بجاهه كثيرا من أهل دائرته ومدحه شعراء الْعَصْر وَأحسن مَا رَأَيْت من مدائحه قصيدة مدحه بهَا صاحبنا المرحوم عبد الْبَاقِي بن أَحْمد السمان الدِّمَشْقِي مستهلها
(بذكرك بعد الله يستفتح الذّكر
…
فَمَا لسواك الْآن نهى وَلَا أَمر)
(وباسمك يسترقى السقيم فيشتفى
…
بِهِ ويسح الْغَيْث أَو يبطل السحر)
(وَلَو لقن الشَّيْخ المريد حُرُوفه
…
تجلت لَهُ الْأَنْوَار وانكشف السّتْر)
(ولور قموافي راية الْجَيْش رسمه
…
لجاء على آثارها الْفَتْح والنصر)
(وَمَا الْمجد إِلَّا صُورَة أَنْت روحها
…
كَمَا أَنْت معنى لَفظه الْكَوْن والدهر)
(وَمَا الْخَيْر إِلَّا مِنْك أوفيك أَو لَدَى
…
جنابك أَو من شِئْت واليمن واليسر)
(جنابك مَسْعُود وبابك كعبة
…
تَطوف بهَا الآمال تسبيحها الشُّكْر)
(تكَاد ترى خلق الفعال حَقِيقَة
…
إِذا عدت ذَا سقم فعادلة الْعُمر)
(إِذا جدت بالدنيا جَمِيعًا لآمل
…
تَقول لَهُ عد ثَانِيًا وَلَك الْعذر)
(إِذا مَا تَلا أوصافك الغر مادح
…
يُقَال أفيمن همه الْحَمد وَالْأَجْر)
(وَقد حزت مجدا يحسر الطّرف دونه
…
وتعنو لَهُ الأفلاك أَو تسْجد الزهر)
(وسعدا مكينا الوحوى الْبَدْر بعضه
…
تنْزع عَن نقص وَلم يكسف الْبَدْر)
(وَأُوتِيت مَا لم يُؤْت لُقْمَان بعضه
…
فَأَنت بِجمع الْفضل بَين الورى وتر)
(وجودا يكَاد الْبَحْر يشبه فيضه
…
وهيهات أَن يحْكى مواهبك الْبَحْر)
مِنْهَا
(أمولاي إقبالا لعبد تَوَجَّهت
…
إِلَيْك بِهِ الآمال وصلته الشُّكْر)
(إِذا مَا جرى ذكراك فِي مجْلِس غَدا
…
يمِيل كَمَا النشوان مَالَتْ بِهِ الْخمر)
(وَيبْخَل بالتصريح بِاسْمِك غيرَة
…
وحبا وإجلالا وَإِن علم الْأَمر)
(وَهل تختفي الشَّمْس المنيرة فِي الضُّحَى
…
ويكتم نور الْبَدْر أَو يستر الْفجْر)
وَكَانَت وَفَاته بينكي شهر وَهُوَ فِي خدمَة السُّلْطَان فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَألف
صَالح الرُّومِي الْمَعْرُوف بدرس عَام القسطنطيني الْمُحَقق الشهير أحد من أَدْرَكته فَرَأَيْت الْفضل مُشْتَمِلًا بِهِ وَهُوَ أحد نَوَادِر الدَّهْر فِي الْفضل والإتقان وَتَحْقِيق الْعُلُوم والفضلاء الرّوم تهافت بَالغ على الْوُصُول إِلَيْهِ والإقتباس مِمَّا لَدَيْهِ وَهُوَ فِي نفس الْأَمر عَجِيب الصَّنْعَة فِي تَقْرِيره وتفهيمه جَار على طَريقَة محققي الْعَجم والأكراد فِي مُرَاعَاة آدَاب الْبَحْث وَكَانَت لَهُ فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة مهارة كُلية بِحَيْثُ لَا يشق فِيهَا غباره وَقد ولد بقسطنطينية وَبَلغنِي أَنه كَانَ فِي ابْتِدَاء أمره مزيناً ثمَّ حبب إِلَيْهِ الطّلب فجد واجتهد وَصرف شطرا عَظِيما من عمره فِي الِاشْتِغَال حَتَّى بهر وَمهر وَجلسَ مجْلِس التدريس فأكبت عَلَيْهِ الطّلبَة وَمَا برحوا فِي زِيَادَة واعتناء بِهِ ثمَّ سلك طَرِيق الموَالِي فدرس بعدة مدارس وَلما قدمت قسطنطينية من أدرنة فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ صادفته مدرساً بِإِحْدَى مدرستي زَكَرِيَّاء برتبة موصلة الصُّحُف وَكَانَ إِذْ ذَاك يقرى كتاب مُغنِي اللبيب لِابْنِ هِشَام فيحضره جمع كثير من الأفاضل ثمَّ انْتقل إِلَى إِحْدَى الْمدَارِس الثمان فدرس فِيهَا شرح المواقف على مُقْتَضى شَرط واقفها وَكَانَ لَهُ فِي بَيته دروس خَاصَّة وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس إِحْدَى الثمان وَكَانَت وَفَاته يَوْم الاربعاء رَابِع عشر رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَألف
صَالح باشا الموستاري نَائِب الشَّام كَانَ فِي الأَصْل من خدمَة الْوَزير مصطفى باشا الْمَعْرُوف بالفراري ورد فِي خدمته إِلَى دمشق وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى مصر حَاكما بهَا ثمَّ بعد أَن عزل مخدومه عَن مصر صَحبه إِلَى الرّوم وَصَارَ ضَابِط الْجند الشَّامي وَورد إِلَى دمشق فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَألف وَلم يحصل لَهُ حَظّ تَامّ لوُجُود صولة الْجند فِي ذَلِك الْوَقْت ثمَّ بعد زَوَال بَعضهم نفذت كَلمته وَلما ولي الْوَزير أَحْمد باشا الْفَاضِل نِيَابَة الشَّام جعله قَائِما مقَامه إِلَى أَن قدم إِلَيْهَا فصيره كتنداه وَلما ولي الوزارة الْعُظْمَى جعله أَمِيرا خور السُّلْطَان ثمَّ جعله ضَابِط الْجند بقسطنطينية وسافر فِي خدمَة الْوَزير إِلَى سفر إيران فاتفق أَنه اسْتشْهد نَائِب الشَّام الْوَزير مصطفى باشا القليلي فَوجه إِلَيْهِ مَكَانَهُ وَأرْسل متسلماً من قبله وَأقَام هُوَ فِي السّفر السلطاني وَأمر بعمارة خَان حسية ووكل فِي الْعِمَارَة وَالصرْف جمَاعَة من أهل دمشق فعمروه ووسعوه ثمَّ أَمر بعمارة خَان السبك فعمروه عمَارَة لَطِيفَة وقلدوا فِي بُنْيَانه ببنيان عمَارَة
القطيفة من السُّوق وَالْجَامِع وَالْحمام والعمارة وَوَقع هَذَا الخان فِي موقعه وَاتفقَ لَهُ تواريخ عديدة بِالْعَرَبِيَّةِ والتركية وأجودها التَّارِيخ الَّذِي صنعه الْأَمِير المنجكي رَحمَه الله تَعَالَى وَذَلِكَ قَوْله
(صَالح للخير لما أَن بني
…
مخلصا خَانا بِفعل متقن)
(وَهُوَ وَالِي الشَّام من أضحى لَهُ
…
حسن ذكر فِي جَمِيع الألسن)
(قَالَ دَاعِي الْبر بشرى أَرخُوا
…
فِي سَبِيل الله خَان قد بنى)
وَكَانَ ذَلِك فِي سنة خمس وَسبعين وَألف ثمَّ عمر واله بأَمْره الْحمام خَارج بَاب الْجَابِيَة بِملَّة القماحين ورتب عشرَة أَجزَاء بالجامع الْأمَوِي تجاه رَوْضَة سيدنَا يحيى عليه السلام وَشرط نظارة وَفقه لمفتي دمشق وَكَانَ يحب الْعلمَاء ويجالس الصلحاء وَكَانَت وَفَاته بِمَدِينَة صوفية فِي سنة سِتّ وَسبعين وَألف والموستاري بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْوَاو وَالسِّين الْمُهْملَة وَبعدهَا تَاء مثناة من فَوق وَألف وَرَاء نِسْبَة إِلَى بَلْدَة مَشْهُورَة فِي دَائِرَة بوسنة
السَّيِّد صبغة الله بن روح الله بن جمال الله البروجي الشريف الْحُسَيْنِي النقشبندي نزيل الْمَدِينَة المنورة الْأُسْتَاذ الْكَبِير الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى كَانَ أحد أَفْرَاد الزَّمَان فِي المعارف الإلهية وَله الْيَد الطُّولى فِي أَنْوَاع الْفُنُون وَله الْحَاشِيَة الْمَشْهُورَة على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَهِي مَشْهُورَة فِي بِلَاد الرّوم وَله مصنفات غَيرهَا مِنْهَا كتاب بَاب الْوحدَة ورسالة إراءة الدقائق فِي شرح مرْآة الْحَقَائِق ورسالتان فِي الصَّنْعَة الجابرية ورسالة فِي الجفر وَمَا لَا يسع المريد تَركه كل يَوْم من سنَن الْقَوْم وتعريب جَوَاهِر الْغَوْث ولد بِمَدِينَة بروج بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْوَاو ثمَّ جِيم مَدِينَة بِالْهِنْدِ وَأَصله من أصفهان انْتقل جده مِنْهَا إِلَى الْهِنْد وَسكن بِالْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَة وَأخذ فِي الْهِنْد عَن الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى وجيه الدّين الْعلوِي الْهِنْدِيّ تلميذ الشَّيْخ مُحَمَّد الْغَوْث البسطامي وتأدب بِهِ وأكمل عِنْده الطَّرِيق وَأَجَازَهُ للإرشاد فَأقبل عَلَيْهِ النَّاس وَبعد صيته وَعظم أمره عِنْد مُلُوك الْهِنْد إِلَى الْغَايَة لما شاهدوه من غزير علمه وزهده وورعه مَعَ عدم تردده إِلَى أحد من أعيانها وَعدم قبُوله الْعَطاء من السُّلْطَان وَغَيره إِلَّا نَادرا ثمَّ رَحل إِلَى الْحجاز وَحج فِي سنة خمس بعد الْألف وَأقَام بِالْمَدِينَةِ يدرس للطلبة ويربي المريدين وانتفع بِهِ الجم الْغَفِير أَجلهم السَّيِّد الأمجد ميرزا توفّي بِالْمَدِينَةِ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَألف وَدفن
بِالبَقِيعِ وَالسَّيِّد أسعد الْبَلْخِي وَالشَّيْخ أَحْمد الشناوي الْمُقدم ذكرهمَا وَالشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْهِنْدِيّ توفّي بِالْهِنْدِ وَالشَّيْخ محيي الدّين الْمصْرِيّ والملا شيخ بن الياس الْكرْدِي نزيل الْمَدِينَة والملا نظام الدّين السندي نزيل دمشق وَجَمَاعَة لَا يُمكن ضبطهم وَكَانَ مشتغلا بالتدريس والتحرير ويلازم الصَّلَوَات الْخمس بِالْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد النَّبَوِيّ عِنْد الشباك الشَّرْقِي من الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة وَكَانَ لَهُ شهامة وسخاء مفرط فَرُبمَا أرسل إِلَيْهِ من أقاصي الْبِلَاد وأدانيها فِي دور السّنة مِقْدَار مائَة ألف قِرْش فَلَا يبْقى مِنْهَا شَيْئا ويصرفها على الْفُقَرَاء وَكَانَ لَهُ أَحْوَال وخوارق فِي بَاب الْولَايَة عَجِيبَة جدا حكى عَنهُ تِلْمِيذه الملا نظام الدّين الْمَذْكُور قَالَ لما كنت فِي خدمته تذكرت لَيْلَة وطني وَأَهلي فغلبني الْبكاء والنحيب فَفطن بِي الْأُسْتَاذ فَقَالَ لي مَا يبكيك فَقلت قد طَالَتْ شقة النَّوَى وَزَاد بِي الشوق إِلَى الوطن والأهل وَكَانَ ذَلِك بعد صَلَاة الْعشَاء بهنيئة فَقَالَ لي ادن مني فدنوت من السجادة الَّتِي يجلس عَلَيْهَا فَرَفعهَا فتراءت لي بلدتي وسكني ثمَّ لم أشعر إِلَّا وَأَنا ثمَّة وَالنَّاس قد خَرجُوا من صَلَاة الْعشَاء فَسلمت وَدخلت إِلَى دَاري وَاجْتمعت بأهلي تِلْكَ اللَّيْلَة وأقمت عِنْدهم إِلَى أَن صليت مَعَهم الصُّبْح ثمَّ وجدت نَفسِي بَين يَدي الْأُسْتَاذ انْتهى ويروى عَنهُ أَحْوَال غير هَذِه وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ كَبِير الشَّأْن سامي الْقدر مَشْهُور بِالْولَايَةِ وَكَانَت وَفَاته فِي سادس عشري جُمَادَى الأولى سنة خمس عشرَة بعد الْألف وَدفن ببقيع الْغَرْقَد وقبره ظَاهر يزار ويتبرك بِهِ رَحمَه الله تَعَالَى
الملاصفي الدّين بن مُحَمَّد الكيلاني نزيل مَكَّة المشرفة الشَّافِعِي الأديب الطَّبِيب فريد عصره كَانَ أعجوبة فِي الذكاء والفهم اشْتغل بِالطَّلَبِ حَتَّى أتقن الْعُلُوم الْعَرَبيَّة والمنطق ثمَّ تعانى الطِّبّ حَتَّى رَأس فِيهِ وَأخذ بِمَكَّة عَن عبد الرؤوف الْمَكِّيّ عدَّة عُلُوم وروى عَنهُ كثيرا وَله مؤلفات عديدة فِي الطِّبّ وَغَيره وَشرح القصيدة الخمرية لِابْنِ الفارض شرحاً حسنا وَجعله باسم الشريف حسن بن أبي نمي وَأَجَازَهُ عَلَيْهِ إجَازَة عَظِيمَة وَكَانَ يحسن إِلَيْهِ وانتفع بِهِ جمَاعَة فِي الطِّبّ وَغَيره ويحكى عَنهُ فِي الطِّبّ غرائب مِنْهَا أَنه مر عَلَيْهِ بِجنَازَة بعض الطرحاء الْفُقَرَاء فَدَعَا بِهِ وَأخذ من دكان بعض العطارين شَيْئا نفخه فِي أنف الطريح فَجَلَسَ وعاش مُدَّة فتعجب النَّاس من ذَلِك وَسَأَلَهُ بعض أَصْحَابه عَن ذَلِك فَقَالَ رَأَيْت أقدامه واقفة فَعلمت أَنه حَيّ وَمِنْهَا أَن بعض التُّجَّار كَانَ يطعن فِيهِ وَيتَكَلَّم عَلَيْهِ فَلَمَّا بلغه أرسل بعض
الْفُقَرَاء بِغُصْن من نَبَات لَهُ رَائِحَة طيبَة فَلَمَّا شمه التَّاجِر انتفخ بَطْنه وَعجز الْأَطِبَّاء الموجودون عَن علاجه فاضطر إِلَى صَاحب التَّرْجَمَة فَأرْسل إِلَيْهِ واستعطفه فَأعْطَاهُ سفوفاً من ذَلِك النَّبَات فَعُوفِيَ مِمَّا بِهِ وَنَظِير ذَلِك مَا وَقع لِابْنِ البيطار الْمَشْهُور أَن بعض معاصريه امتحنه عِنْد السُّلْطَان فجَاء للسُّلْطَان بنبات وَقَالَ إِذا طلع إِلَيْك ابْن البيطار مره أَن يشم من هَذَا الْمحل يتَبَيَّن لَك مَعْرفَته وجهله فَلَمَّا طلع إِلَيْهِ أمره أَن يشمه من الْمحل الْمعِين فشمه مِنْهُ فرعف لوقته رعافاً شَدِيدا فقلبه وَشمه من الْجَانِب الآخر فسكن رعافه لوقته ثمَّ قَالَ للسُّلْطَان مر الَّذِي جَاءَ بِهِ أَن يشمه من الْموضع الأول فَإِن عرف أَن فِيهِ الْفَائِدَة الْأُخْرَى فَهُوَ طَبِيب وَإِلَّا فَهُوَ متشيع بِمَا لم يُعْط فَلَمَّا طلع أمره بشمه من الْموضع فرعف رعافاً شَدِيدا فَقَالَ لَهُ اقطعه فعجز وحار فِي أمره وَكَاد أَن يهْلك فَأمره أَن يقلبه ويشمه فَفعل فَانْقَطع رعافه فَمن يَوْمئِذٍ زَادَت مكانة ابْن البيطار عِنْد السُّلْطَان وَمِنْهَا أَن بعض أَوْلَاد الشريف حسن أَصَابَته عِلّة فَأمر صفي الدّين أَن يعْمل لَهُ كوفية من العنبر فَفعل لَهُ فَزَالَتْ الْعلَّة وأصابت تِلْكَ الْعلَّة بعض الرّعية فَفعل لَهُ كوفية من ضفع الْبَقر فَعُوفِيَ فَقيل لَهُ أَلَيْسَ عِلّة الرجلَيْن وَاحِدَة فَقَالَ نعم وَلَكِن ولد الشريف نَشأ على الرَّائِحَة الطّيبَة فَلَو عملت لَهُ من الضفع لزادت علته وَالْآخر بعكسه فداوينا كلا بِمَا يُنَاسِبه وَكَانَ يَأْمر من مرض أَن يخرج من مَكَّة ولوالي المنحنى لِأَن هَوَاء مَكَّة فِي غَايَة الِاعْتِدَال لَكِن رَائِحَة البالوعات تفسده وَلِهَذَا بنى بَيْتا بالمحصب يسكنهُ من بِهِ مرض وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ من أَعَاجِيب الدُّنْيَا وَكَانَت وَفَاته فِي سنة عشر بعد الْألف
السَّيِّد صَلَاح بن أَحْمد بن عز الدّين بن الْحُسَيْن بن عز الدّين بن الإِمَام الْحسن ابْن الإِمَام عز الدّين بن الْحسن بن عَليّ بن الْمُؤَيد بن جِبْرِيل بن الْمُؤَيد بن أَحْمد بن يحيى ابْن أَحْمد بن يحيى بن يحيى بن النَّاصِر بن الْحسن بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن النَّاصِر بن أَحْمد بن الْهَادِي يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن الْمثنى بن الْحسن السبط بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ ابْن أبي الرِّجَال نَشأ هَذَا السَّيِّد على الْأَدَب والبلاغة وَكَانَ صَدرا فِي مجَالِس الكبراء مقدّماً حسن التَّعْبِير مولده فِي خَامِس شهر ربيع الأول سنة خمس عشرَة وَألف بدار الإِمَام شرف الدّين بِصَنْعَاء الْيمن الْمُسَمّى بدار الْعلف عِنْد مَسْجِد مَحْمُود لِأَنَّهُ قد كَانَ ملكه السَّادة من أَخْوَاله الْأُمَرَاء آل المؤيدي وَله من الْأَشْعَار فِي كل معنى مِنْهَا قَوْله
يمدح السَّيِّد مُحَمَّد بن الْحسن بن الإِمَام الْقَاسِم
(بنفسي وَمَالِي خير ملك من الورى
…
وأقومهم بِالْحَقِّ فِي كل موقف)
(رأى حزن يَعْقُوب يساور مهجتي
…
فَأعْطى لَهُ من حسنه حسن يُوسُف)
(فَإِن منحته شكر دَاوُد همتي
…
فَمَا منحت من وَاجِب فعل منصف)
(فَمن حلم إِبْرَاهِيم حلم مُحَمَّد
…
وَمن طبع إِسْمَاعِيل علم أَن يَفِي)
(صبور كأيوب خطيب كَأَنَّهُ
…
شُعَيْب أَخُو القَوْل الْبَهِي المفوق)
(كريم كيحيى لم يهم بريبة
…
طَبِيب كعيسى كم بِهِ مدنف شفي)
(كإدريس صدّيق عَزِيز كصالح
…
برهط كرام دافعي كل مُسْرِف)
(فيا رب ذِي الْخلق الْعَظِيم مُحَمَّد
…
بِهِ وبهم نج المليك وَشرف)
(وزد فِي بَقَاء عمر نوح وأوله
…
كملك سُلَيْمَان لجان ومعتفي)
(وصل على من قد ذَكرْنَاهُ أَنهم
…
هم خير هاد فِي البرايا ومقتفي)
وَرَأَيْت فِي بعض أَخْبَار عُلَمَاء الْيمن أَن لصَاحب التَّرْجَمَة مؤلفات مفيدة وأجوبة شهيرة مِنْهَا شرح الْفُصُول فِي علم الْأُصُول للسَّيِّد الْعَلامَة صارم الدّين إِبْرَاهِيم بن الْوَزير وَهُوَ من أَقَاربه يَعْنِي أَن صَاحب التَّرْجَمَة من أَقَاربه قَالَ القَاضِي الْحُسَيْن المهلا فِي وَصفه أَنه من أصدقاء وَالِدي وَأهل مودته وَأرْسل وَهُوَ بجبل رازح من أَعمال صعدة كتابا إِلَى صَاحب لَهُ بِأبي عَرِيش يُسمى بصديق ابْن مُحَمَّد وافتتحه بقول أبي مُحَمَّد بن سارة
(يَا من تعرض دونه شحط النَّوَى
…
فاستشرفت لحديثه أسماعي)
(لم تطوك الْأَيَّام عني إِنَّمَا
…
نقلتك من عَيْني إِلَى أضلاعي)
فَأَجَابَهُ وَالِدي النَّاصِر نِيَابَة عَن صديق بقوله
(وافى المشرف رائق الإبداع
…
من سيد ندب كريم مساعي)
(أضحى لأشتات الْفَضَائِل جَامعا
…
حَتَّى اجْتَمعْنَ لَدَيْهِ بِالْإِجْمَاع)
(يجْرِي بميدان الطروس أَعِنَّة الأقلام
…
بالتكميل للإبداع)
(أيلم بِي سقم الْفِرَاق وَكتبه
…
فِيهَا نسيم الْبُرْء للأوجاع)
(وَصديقه صدّيق ابْن مُحَمَّد
…
يكبو إِذا مَا همّ بالإسراع)
(مَا ابْن اللَّبُون يصول صولة بازل
…
فِيهِ قُصُور عَن طَوِيل الباع)
(فانعم وَدم مُتَمَكنًا متملكاً
…
لشوارد الْأَشْعَار والأسجاع)
(من ذَاك للود الْقَدِيم وَحفظه
…
كصلاح الشهم الْجَلِيل يُرَاعِي)
(لَا زلت فِي غرف العلى متوئا
…
مِنْهَا على أَمَاكِن وبقاع)
(تهدي إِلَى الْأَبْصَار أَزْهَر خطكم
…
وجواهر الْأَلْفَاظ للإسماع)
فَأَجَابَهُ صَاحب التَّرْجَمَة بقوله
(أسرعت فِي نيل الصَّوَاب وَلم تزل
…
مذ لَاحَ شخصك فِيهِ ذَا إسراع)
(وسبقت أهل الشّعْر لما قُمْت فِي
…
حصل السباق بِهِ طَوِيل الباع)
(وبهرت أَرْبَاب القريض فَصَارَ كالتمتام
…
من فِي النُّطْق كالقعقاع)
(وكشفت من سر البلاغة أوجها
…
كَانَت من قبيل لقاك خلف قناع)
(وأجبت شعرًا قلته متمثلا
…
بجوابك الشافي لَا إِلَّا قناعي)
(أودعته نكت البديع فحارت
…
الأفكار فِي الإبداع والإيداع)
(صدّقت أَرْبَاب البلاغة إِذْ أَتَت
…
وحفظت إِذْ نسيب وَكنت الواعي)
(وجمعت يَا صدّيق كل لَطِيفَة
…
حَتَّى لطفت وفزت بِالْإِجْمَاع)
(وَنزلت من أهل الْفَضَائِل كلهم
…
بمنازل الْأَبْصَار والإسماع)
(هَذَا لديك النَّاصِر الأواه وَالْهَادِي
…
بن عُثْمَان أَبُو الإسجاع)
(قد أرصداً من سحر شعرهما لمن
…
يهواك كل براعة ويراع)
(فَإذْ حباك الدّرّ بِالْوَزْنِ امْرُؤ
…
كالوا لَهُ عَن درّهم بالصاع)
(وَإِذا دنا شبْرًا إِلَيْك مواصل
…
منحوه من لقياك ألف ذِرَاع)
(فضلا حباك بِهِ الْإِلَه ونعمة
…
وَالله يحبو من يشا ويراعي)
(وإليكما عَمَّن يوزع قلبه
…
البرحا فَخُذُوا سمع عَن الْأَوْزَاعِيّ)
(قد كنت عقت الشّعْر ثمَّ أَتَيْته
…
وأجبته إِذْ كنت أَنْت الدَّاعِي)
(ليلوح عنْدك صدق قولي إِنَّمَا
…
نقلتك من عَيْني إِلَى أضلاعي)
فَأَجَابَهُ النَّاصِر الْمَذْكُور عَنْهَا بقوله
(انطق فعندك للقريض دواعي
…
قد جَاءَ من شعر الْهمام دواعي)
(وسعى صَلَاح فِي صَلَاح قريحتي
…
وجزى بِعشر الصَّاع ألف صَاع)
(قد كَانَ بِي ألم لنصف اسْمِي فمذ
…
وافي أَتَى بالضدّ من أوجاعي)
(أَعنِي الْكتاب مطرزاً بجواهر
…
يقْضِي على الْأَيَّام بالإقلاع)
(لافض فَور جلّ جليل قَالَهَا
…
لفتى قَلِيل بضَاعَة ومتاع)
(مَا كَانَ من ثدى الفصاحة راضعاً
…
لَكِن تعاطاها بِغَيْر رضَاع)
(فَلِذَا يرى وَقت السباق مقصراً
…
فاعذر فَتى فِيهَا قصير الباع)
(قد شاع سابغ نعْمَة الله الَّتِي
…
أسدى لكم فِي الْآل والأشياع)
(ونظمت يَا بَحر الغلوم فرائداً
…
نظمت لكم سحبان فِي الأتباع)
(واستعبد الْملك ابْن حجر شعركم
…
لَو عَاشَ لم يقدر على مصراع)
(واقرّ كتاب الْأَنَام بأهم
…
رق لرق رائق الأسجاع)
(من آل أَحْمد لم يزل يوليهم
…
الْخيرَات فِي جبل سما وبقاع)
(فلذاك عز الدّين وانتشر الْهدى
…
إِذْ كَانَ عز الدّين أكْرم ساعي)
(أبدى صلاحاً لَاحَ من أثوابه
…
نور بدا فِي عَارض هماع)
(أَحْيَا بِهِ الأرباء والأدبا مَعًا
…
من كل دَان أَو بعيد بقاع)
(لَا سِيمَا الْهَادِي الْأَجَل وَمن لَهُ
…
ود أكيد والمحب الدَّاعِي)
(فَأَبُو عَرِيش فاق بلدان الورى
…
إِذْ صرت راقماً اسْمه برقاعي)
(شرفتموه إِذْ مدحتم أَهله
…
بمدائح عَن خاطر مطواع)
(ونعتم صدّيقه بصديقكم
…
عطفا وتأكيداً بِغَيْر نزاع)
(من لم يكن عَن ودّكم بدل لَهُ
…
فلرفعه قد صَار بِالْإِجْمَاع)
(يَكْفِيهِ فجرا مَا جرى من مدح من
…
فاق الورى لطفاً وَحسن طباع)
(لَا منّ أَن أَحْبَبْت آل مُحَمَّد
…
فهم الْأمان لنا من الأفزاع)
وَمِمَّا قَالَه صَاحب التَّرْجَمَة يُخَاطب القَاضِي الْعَلامَة مطهر بن عَليّ الضمدي وَقد طلب عَارِية كتاب إِيثَار الْحق على الْخلق
(آثرونا يَا صَاح بالإيثار
…
كي يكون الْبلُوغ للأوطار)
(عجلوا عجلوا جزيتم بِخَير
…
فَلهَذَا الْكتاب طَال انتظاري)
وَهِي من أَبْيَات وَأجَاب القَاضِي عَنْهَا بِأَبْيَات رائقة مطْلعهَا
(قسما بالعقول والإنظار
…
وَبِمَا ضمنت من الْأَسْرَار)
وَله غير ذَلِك وَكَانَت وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة سبعين وَألف
القَاضِي صَلَاح الدّين بن زين العابدين القَاضِي الصَّالح الباعوني كَانَ من الْفُضَلَاء المعروفين والكملاء الموصوفين وَكَانَ صَاحب أَخْلَاق حَسَنَة وشمائل رائقة وَكَانَ مُقيما بصالحية دمشق وَولي نيابتها مدّة مستطيلة وَكَانَ وَالِده زين
العابدين الْمَذْكُور جمانا فِي المحكمة عِنْده وَكَانَ لَهُ حديقة بالصالحية يُقيم فِيهَا ويجتمع عِنْده شعراء ذَلِك الْعَصْر ويتذاكرون الْأَدَب مِنْهُم إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الأكرمي الْمُقدم ذكره فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَنْفَكّ عَنهُ وَله فِيهِ مدائح مِنْهَا قَوْله وَقد نظم هَذِه الأبيات فِي حديقته الْمَذْكُورَة وَهِي قَوْله
(لم أنس مجمع أنسنا
…
فِي رَوْضَة القَاضِي الصّلاح)
(رب العوارف واللطائف
…
والمكارم والسماح)
(مولى طليق الْوَجْه عِنْد الْعَالمين
…
سموح رَاح)
(لله حسن مقامنا
…
إِذْ نَحن فِي الْبسط السراح)
(تتفاوض السحر الْحَلَال
…
ونعتفي جد المزاح)
(ونفوسنا سكرى التنعم
…
وَالسُّرُور بِغَيْر رَاح)
(فِي ظلّ روض عَمه
…
نفح الازاهر والأقاح)
(حَيْثُ النسيم الرطب قد
…
أرسى على المَاء الفراح)
(وَالطير تشدو فِي الغصون
…
بِطيب ألحان صِحَاح)
(وفواكة الأغصان تنثر فِيهِ
…
من كل النواحي)
(حييت يَا يَوْم الجنينة
…
كل غادية وَرَاح)
(من يَوْم أنس لم يكدر
…
صَفوه واش ولاحي)
(مَا أنسى لَا أنسى اجتماعي
…
فِيك بالغر الصَّباح)
(تَغْدُو علينا الطَّيِّبَات من
…
الغدو إِلَى الرواح)
(لَا زَالَ صاحبنا الصّلاح
…
يؤم فِي حَال الصّلاح)
(وَبَقِي مدى الْأَيَّام فِي
…
حرز السَّلامَة والنجاح)
(مَا غردت ورق الحمائم
…
فِي الْمسَاء وَفِي الصَّباح)
وَكَانَت وَفَاة القَاضِي صَلَاح الدّين فِي ثَالِث عشر محرم سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَألف وَدفن بسفح قاسيون
السَّيِّد صَلَاح الدّين بن عبد الْخَالِق بن يحيى بن الْمهْدي بن إِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي الحجاف القاسمي الحسني الحبوري الإِمَام الْعَلامَة الْجَلِيل الشَّأْن كَانَ مفننا فِي عُلُوم كَثِيرَة وَله تآليف مَشْهُورَة مِنْهَا شرح تَكْمِلَة الْأَحْكَام فِي علم الطَّرِيقَة وأجوبة مسَائِل مَشْهُورَة ونظمه أَسِير من مثل فِي بِلَاد الْيمن وَله ديوَان شعر مدون
تلقيت خَبره من مَجْمُوع الْأَخ الْفَاضِل مصطفى بن فتح الله سلمه الله تَعَالَى وَأنْشد لَهُ من شعره قَوْله يمدح الإِمَام الْمُؤَيد بِاللَّه مُحَمَّد بن أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَنْصُور بِاللَّه الْقَاسِم ابْن مُحَمَّد بن عَليّ
(بأفعاله يسمو الْكَرِيم ويشرف
…
وَيذكر مَا بَين الْأَنَام وَيعرف)
(وَقد يسْعد الله امْرأ مَعَ هَذِه
…
بأسلاف صدق بالمكارم تُوصَف)
(فيجتمع الْمجد التليد وطارف
…
فَلَا الأَصْل مَذْمُوم وَلَا الْفَرْع مقرف)
(ألم تَرَ أَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد
…
بنى شرفا يحظى بِنَبِيِّهِ ويزلف)
(فَلم يكنف الْمولى الْمُؤَيد بِالَّذِي
…
بنى بل بنى مجدا يزِيد ويضعف)
(أَلَيْسَ لَهُ أَيَّام وَالِده من المواقف
…
مَا لم يحكها قطّ موقف)
(بِهن اسْتَفَادَ الدّين رونق وَجهه
…
وَكَانَ تبدي وَجهه وَهُوَ أكاف)
(عَشِيَّة جلّ الْخطب وَالْأَرْض أظلمت
…
وأضحت قُلُوب النَّاس وَهِي ترجف)
(وخان الرِّجَال الصَّادِقين ثِيَابهمْ
…
وَقل امْرُؤ من وصمة الذل يأنف)
(وأرعشت الْأَيْدِي فَلم يغن صارم
…
وَلم ينك قطّ السمهري المثقف)
(وَقد شَمل النَّاس الْبلَاء فلاحق
…
بِأَرْض ومستدن لما يتخوف)
(ومدت إِلَى الله الأكف عواتق
…
لطمن خدودا والمدامع ذرف)
(هُنَالك رد الله فِي الدّين روحه
…
بِهِ وتلافاه وَقد كَاد يتْلف)
(وأرسى بِهِ الدُّنْيَا وَمَا فَوق ظهرهَا
…
وَكَانَت بِمن فِيهَا تميد وترجف)
(إِلَى غير هَذَا من مواقفه الَّتِي
…
بهَا الدّين أضحى شَمله يتألف)
(وَقَامَ بِأَمْر الْمُسلمين فَأحْسن
…
الْخلَافَة إِذْ لَا مثله قطّ يخلف)
(فَبَايعهُ مِمَّن يشار إِلَيْهِم
…
يحار إِذا استنزفتها لَيْسَ تنزف)
(نحارير لَو شاؤا وَقد شَاءَ بَعضهم
…
لقد ألفوا فِي كل فن وصنفوا)
(فَمَا فاتنا من قَاسم غير وَجهه
…
وَلم يفتنا نائل وَتعطف)
(ورفق وبر وانطلاق وَرَحْمَة
…
وَبشر وتقريب لنا وتلطف)
(وَعلم وإنصاف وحلم على أَذَى
…
ممض يخلي عِنْده الْحلم أحنف)
(ثمال الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين لم يزل
…
أبالهم يحنو عَلَيْهِم ويرأف)
(لَهُم قطرت غلظ لَهُ من صَنِيعه
…
إِلَيْهِم وَشعر فِي الرؤس مسرهف)
(مجالسه عاف يفاد وعالم
…
يُفِيد وَسيف فِي القراب ومصحف)
(ونهمته استنباط حكم دَلِيله
…
قَضِيَّة عقل أَو قِيَاس مؤلف)
(أَو السّمع لَا التَّقْلِيد أذذاك منهو
…
وَكَانَ بنيق بَين قطريه تفنف)
(وَمَا زَالَ للعافي غياثاً وملجأ
…
ومنتجعاً يؤوي إِلَيْهِ ويؤلف)
(أمولاي يَا من وَصفه فَاتَ قدرتي
…
وَقصر عَنهُ ذَا النظام المؤف)
(أهنيك بالعيد الْأَغَر الَّذِي لَهُ
…
خَصَائِص لَا تحصي بهَا أَنْت أعرف)
(وفيت بِمَا وَفِي الْخَلِيل بهَا لمن
…
براك فَأَنت المخبت المتحنف)
(وأحييت مَعْلُومَات شهرك بِالَّذِي
…
يسن ومعدوداته لَا تكلّف)
(وَصليت قربت النسائك خَالِصا
…
لمولاك لَا تزهى وَلَا تتغطوف)
(فشاركت إِذْ وفيت للعيد حَقه
…
رجَالًا أهلوا محرمين وعرّفوا)
(يباهي بهم رب السَّمَاء جمَاعَة الملائك
…
بعد الْعَصْر سَاعَة وقفُوا)
(لَهُم دعوات لَا تردّ وَرَنَّة
…
مذكرة بالنحل حِين يرفرف)
(سَأَلت الْعَظِيم الأيد وَالْملك الَّذِي
…
لَهُ قطعُوا عرض الفلاة وأوجفوا)
(بِمن فيهم من صَالح وَبِمَا دعوا
…
وَمَا مسحوا الْأَركان تِلْكَ وطوّفوا)
(يهينك مَا أولاك تنفك سالما
…
إِلَيْك خطوب الدَّهْر لَا تتطرف)
(ويحميك مَا هَب النسيم وغردت
…
أصيلاً حمامات على الأيك هتف)
(وَإِنِّي وأصحابي مَعًا بعد هَذِه
…
سيجمعنا ذَاك الجناب المشرف)
(نوافي إِلَيْهِ بعد لأي كأننا
…
رذايا عقيب الواردات تخلف)
(وننشدك الْبَيْتَيْنِ لَا ناظرين فِي
…
عوامل علم النَّحْو كَيفَ تصرف)
(وَلَكِن لما قد جَاءَ أخوة يُوسُف
…
إِلَيْهِ فَأَنت الْيَوْم لَا شكّ يُوسُف)
(إِلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ رمت بِنَا
…
خطوب المنى والهرجل المتعسف)
(ومض زمَان يَا ابْن مَرْوَان لم يدع
…
من المَال إِلَّا مسحة أَو مخلف)
(وهاك نظاما زانه وصفك الَّذِي
…
يكرم شعرًا حازه ويشرف)
(يميزه الذَّوْق السَّلِيم وَحسنه
…
يدق على فهم الغبي ويلطف)
(فكم ناقد للشعر مبلغ علمه
…
هُوَ الْوَزْن وَاللَّفْظ الْكثير المرصف)
(وَلم يدر مَا الْمَعْنى البليغ لجهله
…
وَلَا الْمَقْصد الغث الركيك المزيف)
(وَمَا السِّرّ إِلَّا فِي معَان مصونة
…
عليهنّ ستر لم يزحزحه مغدف)
(وَمثل أَمِير الْمُؤمنِينَ مُمَيّز
…
مطل على تِلْكَ الْمَقَاصِد مشرف)
(فَيعرف للعلق النفيس فَضِيلَة
…
بهَا يزدري القَوْل اللَّطِيف الملفلف)
(فدونك يَا مولَايَ مَا هُوَ خَالِد
…
وَمَا دونه فَإِن من المَال متْلف)
(يسير مسير الْبَدْر والبدر قَاصِر
…
وينقله بَحر ورعن وصفصف)
(ويسطر بالأقلام فِي كل دفتر
…
بِهِ يتحف السمار لَيْلًا ويطرف)
(مقَال امرىء مَا قَالَ فِي غير قَاسم
…
ونجليه مدحاً والأمور تكشف)
(وَمَا قلت فِي سُلْطَان جور قصيدة
…
أَبى الله ينهاني التقى وَالتَّعَفُّف)
(وَقد صان وَجْهي الله عَن قصد غَيرهم
…
إِذا سَأَلَ السُّؤَال يَوْمًا فألحفوا)
وَهَذَا آخرهَا وَكَانَت وَفَاة السَّيِّد صَاحب التَّرْجَمَة فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَألف بجبرو من أَرض الْيمن رَحمَه الله تَعَالَى
القَاضِي صَلَاح الدّين الْمَعْرُوف بالكوراني الْحلَبِي مولداً وتربة شيخ الْأَدَب ومركز دائرته بقطر الشَّهْبَاء وَكَانَ رَئِيس الْكتاب بمحكمة قَاضِي قضاتها وَله أَخ اسْمه تَاج الدّين كَانَ يتَوَلَّى النِّيَابَة بهَا وَالْقَاضِي صَلَاح الدّين هَذَا من مشاهير الأدباء لَهُ شعر مطبوع ونظم مَصْنُوع مَعَ مُشَاركَة فِي فنون عديدة وخبرة بمفاهيم عَجِيبَة وَهُوَ من المكثرين فِي الشّعْر فَلَيْسَ لأحد من أَبنَاء عصره عشر مَاله من الشّعْر وناهيك بِمن لم يخل بَيَاض يَوْم وَلَا سَواد لَيْلَة من تبييض وتسويد وَلم يبْق أحد يتوسم فِيهِ النجابة إِلَّا مدحه أَو راسله أَو طارحه إِلَى أَن صعد درج الثَّمَانِينَ ورقى التسعين وَذكره البديعي فَقَالَ فِي وَصفه شَاعِر إِن ذكر المجيدون فَهُوَ الْوَاحِد الْكَامِل ونائران وصف المنتمون إِلَى الْآدَاب فَهُوَ القَاضِي الْفَاضِل وَمن محَاسِن إنشائه مَا كتبه إِلَى السَّيِّد أَحْمد بن النَّقِيب الْحلَبِي الْمُقدم ذكره ملغزا فِي اسْم عندليب وَهُوَ أَيهَا الشريف الْفَاضِل واللطيف الْكَامِل قد تمسكت الأحباء بأرج أعتابك وَتمسك الألباء بأهداب آدابك وخلصت المشكلات بالتلخيص ولخصت المعضلات بالتخليص وملكت الاستعارات فأعرت مَا ملكت وسبكت الْكِنَايَات فأنكيت بِمَا سبكت وانعقدت على عفتك الخناصر وَقيل للخائن إِلَى الخناصر وَكَيف تَنْصَرِف عَن سَلامَة الطَّبْع وَالصّفة وفيك اجْتمع الْوَزْن والمعرفة وَقد ارْتَاحَ الصّلاح إِلَى خفض الْجنَاح لديك وعول عَلَيْك وَطلب أَن يعْذر وَيُقَال فِيمَا أَطَالَ وَقَالَ مَا اسْم بالظرف مَوْصُوف على أَنه بعض الأحيان مظروف وَإِن قلت ظرف مَكَان فَهُوَ فِي حيّز الْإِمْكَان ويضاف إِلَيْهِ ظرف الزَّمَان على أَنه
من وصف الآرام اللَّاتِي هم المرام أَو على أَنه أنالك كَمَا لي أَن أعرف كمالك وتصحيف شطره الأول وَالثَّانِي جيد لَا غيد وَإِن قلت أَسد فَهُوَ للإيضاح لَيْث أَسد وَإِن شِئْت قلت مَوضِع لبث القلائد من الصُّدُور أَو مَا اسْترق من رمل الصخور وَإِن أردْت الْمجَاز فالخمر من صروفه وَإِن أردْت الْحَقِيقَة فظرفه من مظروفه وَكَيف يخفى وأوله اسْم سَنَام الْأَنْعَام وثانيه حَيَوَان فِي الْبَحْر الْعَام وثالثه اسْم امْرَأَة ذَات سمن من ورابعه شجر ذوفين وخامسه اسْم نَاحيَة من نواحي الْبِقَاع وسادسه اسْم رجل كثير الوقاع على أَن أَوله وَالثَّالِث وَالرَّابِع ينبي عَن قلب سقط الزند الْوَاقِع وَالثَّانِي وَالثَّالِث عَن أطيب الْعرف نافت وَهُوَ نديم الْمُلُوك فِي الْقُصُور وخديم ربات الشنوف فِي الْخُدُور حقير المقدرا جليل الِاعْتِبَار وأقواله مُؤثرَة فِي مثل قلب عنتر مَعَ أَنه صَغِير ضَعِيف الجثمانية مغتر فَهَل يخفى بعد شرح هَذِه الْأُمُور وَلَكِن الخفاء فِي شدَّة الظُّهُور فجد مجيباً مجيداً لَا بَرحت مُفِيدا سعيداً فَأَجَابَهُ ملغزاله فِي بازي بقوله راسلتني لأبرح عِنْد عندليب الفصاحة صادحاً على رياض مراسلتك وقمر البراغة لائحاً من أفق أفلاك عبارتك وَحمى الْفضل محمياً بسمهري أقلامك وجيد الْأَدَب محلى بدر وعقود نظامك وَإِن لي قريحة قريحة بصروف حوادث الزَّمن وفكرة جريحة من معاناة خطوب هَذِه المحن وأدرت على سَمْعِي من سلاف ألفاظك مَا هُوَ عِنْدِي أرق من نسيم الصِّبَا وَأهْديت إِلَى فكرتي من نفائس صنائعك مَا ذَكرتني بِهِ زمَان اللَّهْو وَالصبَا وأتحفتني ببدائع مَا احمر الْورْد إِلَّا خجلاً من بهجتها وَلَا اصْفَرَّتْ الصَّهْبَاء إِلَّا حسداً لما شاهدته من استيلائها على الْعقل وسطوتها لَا غرو أَنَّهَا صدرت من قس الفصاحة وقاضيها الْفَاضِل وَأَتَتْ من رَئِيس هَذِه الصِّنَاعَة وأمامها الْمشَار إِلَيْهِ بالأنامل فادخرتها تحفة للوارد والصادر ورقتا بقلم الْفِكر على لوحة الخاطر فأماطت النقاب وأزالت الْحجاب عَن اسْم مطرب مَا زَالَ يغرد فِي الرياض بَين الأفنان ويحرك بِصَوْتِهِ الشجي مَا سكن فِي خاطر الولهان ويتعشق الْوُرُود لشبهها بخدود الملاح ويراقبها مراقبة المهجور فِي الاغتياق والاصطباح طالما جنى عَلَيْهِ لِسَانه فحبسوه وضيقوا عَلَيْهِ وَمن عجب أمره أَنه لم يحبس إِلَّا لزِيَادَة حبه وَشدَّة الْميل إِلَيْهِ صحف النّصْف الأول مِنْهُ تَجدهُ عبدا عَن الْخدمَة لَا يحول وَإِذا شِئْت قلت عيد بالمسرة والهناء مَوْصُول
وَرُبمَا أظهر لَك غيداء ممنعة الْحجاب وَأبْدى لَك بقلب بعضه عذب الرضاب واحذف ثلثا مِنْهُ نجده عِنْدِي مَوْجُودا كَمَا أَن ذَلِك الثُّلُث الْمَحْذُوف مَا زَالَ مني فِي هوى الحسان مفقوداً وَإِن صحفت ثلثه وقلبته قلب كل أرتك لديعاً بعقرب السالف أَو قلبتها قلب بعض أبدت لَك اسْم شَاعِر من شعراء الزَّمن السالف وَإِن صحفت نصفه الْأَخير قلت ليته من هَذَا التَّصْحِيف خَالص فَإِنَّهُ يظْهر لَك ليثاً ترتعد مِنْهُ الفرائص وَرُبمَا ظهر لَك بأوله ورابعه وخامسه أَنه على الْمقَام وبثانيه وثالثه وخامسه ندى عرف يحسن مِنْهُ الختام فأجبر جَابر هَذِه كسر هَذَا الْجَواب وألق عَلَيْهِ من أكسير قبولك مَا يرفع بِهِ عِنْد بني الْآدَاب وَلَقَد عَن لي أَن أعول على جنابك وأسأل من شرِيف أعتابك عَن اسْم يعرف بالشجاعة تقر لَهُ أَبنَاء جنسه بِالطَّاعَةِ تخدمه الْمُلُوك والأعيان وتتبعه فِي المهامه الفرسان وموضوع وَهُوَ مَحْمُول وعزيز مَعَ أَنه مُقَيّد مغلول طالما سَطَا على عدوه فَأوردهُ الْحمام ونال من أراقة دَمه المرام وَمَعَ ذَلِك فَهُوَ يُؤثر بِمَا لَدَيْهِ وَهُوَ جَائِع وَيفْعل وَلَا يَقُول وَهَذَا من اشرف الطبائع رباعي مَعَ أَن نصفه حرف من حُرُوف الهجاء وَإِن صحف كَانَ حرفا يسْتَعْمل عِنْد الطّلب والرجاء وَإِن حذفت أخيره وصحفت الْبَاقِي ظهر لَك أَنه أحد العناصر وبتصحيف آخر من غير حذف يَبْدُو لَك أحد أَسمَاء الْقَادِر القاهر مظلوم مَعَ أَنه إِن لوحظ نصفه الْأَخير كَانَ فِي زِيّ ظَالِم وَرُبمَا أشعر بتصحيفه وَحذف ثَانِيه أَنه برىء من جَمِيع الْمَظَالِم فبالذي شيد بك دعائم الْأَدَب والكمال وجلى بفكرك فنهب كل اشكال إِلَّا مَا أوضحت مشكله وبينت خفيه ومقفله لَا بَرحت بَنو الْآدَاب ترد حِيَاض آدابك الدافقة ويجنون من أزاهر رياض فضائلك الفائقة مَا ترنم عندليب على فنن وحرك بشجوه من كل مغرم مَا سكن انْتهى قَالَ السَّيِّد أَحْمد بن النَّقِيب الْمَذْكُور فِي تَرْجَمَة صَاحب التَّرْجَمَة وَكَانَ بِالْقربِ من ضريح المرحوم يَعْنِي وَالِده السَّيِّد مُحَمَّد عدَّة أَشجَار من الْعنَّاب فشاهدت يَوْمًا أَغْصَانهَا المخضرة تزهو بثمارها المحمرة فأتبعت الْحَسْرَة بالحسرة وَلم أملك سوابق الْعبْرَة وجادت الطبيعة بِأَبْيَات على البديهة وَهِي
(وقائلة والدمع فِي صحن خدها
…
يفِيض كهطال من السحب قد همى)
(أرى شجر الْعنَّاب فِي الْبقْعَة الَّتِي
…
بهَا جدث ضم الشريف المعظما)
(لَهُ خضرَة المرتاح حَتَّى كَأَنَّهُ
…
على فَقده مَا إِن أحس تألما)
(وأغصانه فِيهَا ثمار كَأَنَّهَا
…
بحمرتها تبدي السرُور تلوما)
(وَلَو أنصفت كَانَت لعظم مصابه
…
ذوت واكفهرت حيرة وتندما)
(فَقلت لَهَا مَا كَانَ ذَاك تهاونا
…
بِمَا نالنا من رزئه وتهضما)
(وَلكنهَا لما وَضعنَا بِأَصْلِهِ
…
غديراً بأنواع الْفَضَائِل مفعما)
(بَدَت خضرَة مِنْهُ تروق وحزنه
…
كمين فَلَا تستفظعيه توهما)
(وَمَا احْمَرَّتْ الأثمار إِلَّا لأننا
…
سقيناه دمعاً كَانَ أَكْثَره دَمًا)
فَوقف الكوراني على ذَلِك فَقَالَ أبياتاً مِنْهَا
(فيا شجر الْعنَّاب مَالك مثمر
…
سُرُورًا وَلم تجزع على سيد الْحمى)
(على رمسه أورقت تهتز فرحة
…
وتدلى إِلَيْهِ كل غُصْن تمنما)
(أهذي أَمَارَات المسرة قد بَدَت
…
أما لحزن قد أبكاك من دونه دَمًا)
وَمِنْهَا على لِسَان الْعنَّاب
(نعم فرحتي أَنِّي مجاور سيد
…
نما حسبا فِي عصره وتكرما)
(وحضرته روض من الْجنَّة الَّتِي
…
زهت بضجيع كَانَ بِالْعلمِ مغرما)
(أتعجب بِي إِذْ كنت فِي جنب رَوْضَة
…
وحقي فِيهَا أَن أقيم والزما)
(كعادة أَشجَار الرياض فَإِنَّهَا
…
تمكن فِيهَا الأَصْل وَالْفرع قد نما)
(وَقد قيل فِي الأسماع إِن كنت سَامِعًا
…
خُذ الْجَار قبل الدَّار إِذْ كنت مُسلما)
(أما سَار من دَار الفناء إِلَى البقا
…
وَأبقى ثَنَاء بالجميل مُعظما)
(وَمن كَانَ بعد الْمَوْت يذكر بالعلى
…
فبالذكر يحيا ثَانِيًا حَيْثُ يمما)
(فَقلت لَهُ يهنيك طيب جوره
…
وحياك وسمى الْغَمَام إِذا همى)
(لتسقط أثماراً على جنب قَبره
…
ليلقطها من زَارَهُ وترحما)
(فواعجباً حَتَّى النَّبَات زها بِهِ
…
فَحق لنا عَن فَضله أَن نترجما)
(فَلَا زَالَت الأنواء مغدقة على
…
ثرى قَبره مَا ناح طير وزمزما)
وَمِمَّا اشْتهر لَهُ قَوْله فِي دُخان التبغ
(لقد عنفونا بالدخان وشربه
…
فَقلت دعوا التعنيف فَالْأَمْر أحوجا)
(أَلا إِن صل الْغم فِي غَار صدرنا
…
عصانا قد خنا عَلَيْهِ ليخرجا)
الصل الْحَيَّة السَّوْدَاء وَمن شَأْنهَا أَنَّهَا إِذا عصيت فِي وَكرها دخن عَلَيْهَا التخرج وللصلاح أَيْضا وَفِيه وَهُوَ معنى حسن
(لَو لم تكن أَيدي إِلَّا كارم لجة
…
مَا كَانَ فِي أطرافها الغليون)
والغليون أطلق على سفينة معهودة بَين الْعَوام وعَلى آلَة يوضع فِيهَا ورق التبغ وَيشْرب وَكِلَاهُمَا غير لغَوِيّ وَهُوَ فِي اللُّغَة اسْم للقدر وَفِيه يَقُول عبد الْبر الفيومي صَاحب المنتزه مَعَ احْتِمَال الغليون للمعنى اللّغَوِيّ
(غليوننا لقد غلا
…
مَا فِيهِ وَالْمَاء يفور)
(فِي مهجتي ومقلتي
…
دخانه أضحى يَدُور)
وللصلاح معمي باسم أَحْمد وَهُوَ قَوْله
(فُؤَادِي محا عَن لوح خاطره الْهوى
…
فأثبته صدغ لَهُ قد تسلسلا)
وَله باسم عمر
(تساقط در من سَحَاب مسيره
…
إِلَى تَاج روض قل وَمَا كَانَ مُنْقَطع)
وَله باسم يُوسُف
(إِذا صَحَّ تَقْبِيل على خَال خدّه
…
أحاول شَيْئا مِنْهُ فِي دَاخل الشفه)
وَمن غرامياته قَوْله
(أَيْن فصل الرّبيع أَيْن الشَّبَاب
…
يئست من رُجُوعه الأحباب)
(غادرته مواقع أعدمته
…
فشارب الرّبيع رغماً سراب)
(خرس العندليب فِيهِ وأضحى
…
صَاحب النُّطْق فِي رباه الْغُرَاب)
(لَو علمنَا أَن الزَّمَان خؤون
…
فِيهِ تنأى عَن اللقا الْأَصْحَاب)
(لشفينا من اللِّقَاء قلوباً
…
لم يرعها من الزَّمَان انقلاب)
(لَكِن الْمَرْء لَا يزَال غفولاً
…
بَين هَذَا وَبَين ذَاك حجاب)
وَله غير ذَلِك وَكَانَت وَفَاته بحلب فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَألف
صنع الله بن جَعْفَر شيخ الْإِسْلَام ومفتي التخت العثماني فِي عهد السُّلْطَان مُحَمَّد وَولده السُّلْطَان أَحْمد الإِمَام الْكَبِير الْفَقِيه الْحجَّة الْخَيْر كَانَ فِي وقته إِلَيْهِ النِّهَايَة فِي الْفِقْه والإطلاع على مسَائِله وأصوله وفتاواه مدونه شهيرة خُصُوصا فِي بِلَاد الرّوم يعتمدون عَلَيْهَا ويراجعون مسائها فِي الوقائع وَكلهمْ متفقون على ديانته وتوثيقه واحترامه وَقد درس بالمدارس الْعلية حَتَّى انْتهى أمره إِلَى أَن صَار قَاضِي قسطنطينية فِي رَجَب سنة ألف وَنقل بعد أَيَّام قَليلَة فِي الشَّهْر الْمَذْكُور إِلَى قَضَاء الْعَسْكَر بأناطولي وَبَقِي فِيهِ إِلَى شَوَّال سنة إِحْدَى وَألف فَنقل إِلَى قَضَاء
روم إيلي ثمَّ فِي أثنا جُلُوس السُّلْطَان مُحَمَّد تقاعد بوظيفة أَمْثَاله وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث بعد الْألف ثمَّ ولي الْإِفْتَاء بعد وَفَاة الْمولى سعد الدّين بن حسن جَان فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَألف وعزل فِي صفة سنة عشر وَألف ثمَّ أُعِيد ثَانِيًا فِي ثَانِي عشري رَجَب سنة إِحْدَى عشرَة وعزل بعد إِحْدَى وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ أُعِيد ثَالِثا فِي عَاشر الْمحرم سنة ثَلَاث عشرَة وعزل فِي ربيع الآخر سنة خمس عشرَة ثمَّ أُعِيد رَابِعا فِي رَجَب من هَذِه السّنة وعزل فِي صفر سنة سبع عشرَة وَاتفقَ لَهُ فِي إِحْدَى هَاتين الْأَخِيرَتَيْنِ أَن وَالِدَة السُّلْطَان كَانَت رجت من ابْنهَا تَوْجِيه الْفتيا للْمولى مُحَمَّد بن سعد الدّين فَأخذ الْقَلَم وَكتب التَّوْجِيه وَدفعه إِلَيْهَا فرأته كتب مَكَان الِاسْم صنع الله فراجعته ثَلَاث مَرَّات وَفِي الْجَمِيع يجْرِي الْقَلَم بصنع الله وَهُوَ يعْتَذر عَن ذَلِك بِأَنَّهُ عَن غير قصد فَفِي الثَّالِثَة قَالَت لَهُ اعْتمد على مَا كتبت وَليكن الموجه إِلَيْهِ صنع الله فَأرْسل الْخط الشريف إِلَى صَاحب التَّرْجَمَة وصيره مفتياً وَهَذِه الاتفاقية غَرِيبَة جدّاً وَحكى أَنه مرّة وجهت الْفَتْوَى إِلَى رجل أَبَاهُ الْقَوْم فأشاروا إِلَى صَاحب التَّرْجَمَة بِأَن يطْلبهَا لنَفسِهِ فَقَالَ كَيفَ يكون ذَلِك فَقَالُوا تبْعَث إِلَى السُّلْطَان تطلب مِنْهُ ذَلِك فَقَالَ لَا حَاجَة بِنَا إِلَى أَن نرسل أحدا ونطلب ذَلِك بالواسطة ونطلب وَنحن مستقرون فِي مَكَاننَا فَلم تمض هنيئة إِلَّا وسلحدار السُّلْطَان جَاءَهُ بالتقليد وَلما عزل فِي الْمرة الْأَخِيرَة أَرَادَ الْحَج فورد الشَّام يَوْم الْأَرْبَعَاء مستهل شهر رَمَضَان سنة تسع عشرَة وَكَانَ منزوياً قل أَن يجْتَمع بِأحد وَكَانَ إِمَام الْمَقْصُورَة الشَّافِعِي يُصَلِّي الْعشَاء فِي أول الْوَقْت وَيُصلي بعده الإِمَام الْحَنَفِيّ فَقَالَ يُصَلِّي الْحَنَفِيّ أَولا لِأَنَّهُ على مَذْهَب السُّلْطَان وروجع فِي ذَلِك فَلم يفعل فصلى إِمَام الْحَنَفِيَّة أَولا ثمَّ إِمَام الشَّافِعِيَّة فِي لَيْلَة الْجُمُعَة لَيْلَة عيد الْفطر وَكَانَ قدم مَعَه صهره زوج ابْنَته قَاضِي الْقُضَاة بِالشَّام نوح بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ فأبرم ذَلِك وَبَقِي الْأَمر على ذَلِك مُدَّة ثمَّ بَطل الشَّافِعِي الْمُرَتّب من صَلَاة الْعشَاء وَبَقِي الْحَنَفِيّ وَحده وَأهل جيلنا لم يدركوا إِلَّا الْحَنَفِيّ وَحده وَكَانَ أَحْمد بن شاهين مدح صَاحب التَّرْجَمَة بقصيدة تقدم طرف من خَبَرهَا فِي تَرْجَمَة البوريني وَذكرنَا مطْلعهَا وَهُوَ
(حيّ الْمنَازل بالنقافز رَود
…
فالرقمتين فعهدنا الْمَعْهُود)
فَعَن لي أَن أثبت مِنْهَا هُنَا بعض أبياتها لحسنها وَبعد المطلع
(وَأنزل فَإِن ثرى معافرة الْهوى
…
ليجل عَن وَطْء المهاري الْقود)
(واحبس مطيك دون منعرج اللوى
…
سطراً صَحِيفَته بَيَاض البيد)
(وأفض فديتك فِي الحَدِيث كَأَنَّهُ
…
نظم الْعُقُود فَأَنت جيد عقيد)
(واستفت غادية الصِّبَا هَل صافحت
…
حوذان أفنية المهاة الرود)
(وتحرشت بالأقحوان يَنُوب عَن
…
برد بفيها كالخباب برود)
(وتلطفت حَتَّى انبرت بخبائها
…
وَهنا تسر لبانة المعمود)
(وسرت بلَيْل بَين أتراب لَهَا
…
كَالْعَيْنِ من سرب الظباء الغيد)
(فتناوشت طرزاً وبثت عنبراً
…
وتلاعبت بذوائب وقدود)
(من كل سَاحِرَة الْعُيُون لحاظها
…
يسبين كل متيم مجهود)
(أسفرن بَين ذوائب أسبلنها
…
كالزهر تشرق فِي اللَّيَالِي السود)
(لم أُنْسُهَا من بَينهُنَّ وَقد أَتَت
…
سدراء فِي حلى لَهَا وبرود)
(تختال من شرخ الشبيبة وَالصبَا
…
زهواً كخود البانة الأملود)
(ونضت كَمَا شَاءَت وَشاء لي الْهوى
…
عَن رَوْضَة من نرجس وورود)
(فَنَهَضت مسلوب الحشاشة مقسمًا
…
إِلَّا وطِئت محاجري وخدودي)
(بتنا وأثلثنا العفاف وبيننا
…
عتب كمبسمها ونظم عقودي)
(سامرتها وَاللَّيْل شَاب عذاره
…
كبياض خطّ شيب بالتسويد)
(تَشْكُو صبابتها وأشكو صبوتي
…
شكوى العميد من الْهوى لعميد)
(حَتَّى بدا فلق الصَّباح كَأَنَّهُ
…
من وَجه صنع الله بَحر الْجُود)
(مفتي الْأَنَام وَسيد الْعلمَاء من
…
أَلْقَت إِلَيْهِ أزمة التَّقْلِيد)
(الْمُفْرد الْعلم الَّذِي أَوْصَافه
…
جلت عَن التَّعْرِيف والتحديد)
(باهت دمشق الرّوم مُنْذُ تشرفت
…
بورود هَذَا الطالع المسعود)
(كل الموَالِي ثمَّ كالأيام إِذْ
…
أضحى هُنَا مِنْهَا كَيَوْم الْعِيد)
(مولى الموَالِي دَعْوَة من خَادِم
…
دَاع لعز علاك بالتخليد)
(أجريت فِي مسراك بحراً زاخراً
…
غصت بفائضه عراص البيد)
(وحملت نوحًا فِي سفينة شَرعه
…
حَتَّى اسْتَوَت بِدِمَشْق فَوق الجودي)
(فجلا ظلام الظُّلم عَنْهَا واكتست
…
أنوار صبح الْعدْل والتوحيد)
من جُمْلَتهَا
(مَاذَا أَقُول وَأَنت صنع الله من
…
قد خص فِي الآراء بالتسديد)
(إِن الَّذِي يَرْجُو لفضلك غَايَة
…
ليروم شَيْئا لَيْسَ بالموجود)
(وَلَئِن مدحتك بِالَّذِي هُوَ مُمكن
…
من طَاقَة الْمَخْلُوق يَا ذَا الْجُود)
(فَلَقَد رسفت بفكرة قد أوشكت
…
تثنى عَلَيْك لشاعر مَعْدُود)
(وإليكها عذراء مل يَد المنى
…
تصف البراعة وَهِي بكر قصيد)
مِنْهَا
(فِي كل بَيت من بديع بَيَانهَا
…
غرر لديك على الحسود شُهُود)
(إِن يصدح الْبَازِي على عذباتها
…
فخراً فَبِي لَا عَن أبي وجدودي)
(هِيَ جنَّة المأوى بمدحك سَيِّدي
…
تزدان لَا بشقائقٍ وورود)
(لَا زلت قطب مدَار أفلاك العلى
…
فِي أنعم ومسرة وسعود)
(مَا حبرت وشياً يراعة بارعٍ
…
وجنى ثمار الْمَدْح فكر مجيد)
ثمَّ حج وَرجع من طَرِيق الشَّام أَيْضا إِلَى الرّوم وَأقَام بهَا وَلم يل منصباً إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَت وَفَاته فِي حُدُود سنة إِحْدَى وَعشْرين وَألف بعلة البرسام رَحمَه الله تَعَالَى
صنع الله بن محب الله بن مُحَمَّد محب الدّين بن أبي بكر تَقِيّ الدّين بن دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْخَالِق بن عبد الرَّحْمَن المحبي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ عمي شَقِيق وَالِدي وَكَانَ لي مَكَان وَالِدي فَإِن أبي سَافر إِلَى بِلَاد الرّوم وعمري إِحْدَى عشرَة سنة فتقيد بِي ورباني وأقدمني على الطّلب وَجعل أهم أمره أَمْرِي وَكَانَ جزاه الله تَعَالَى عني خيرا برا بِي شفوقاً عَليّ مرِيدا لي كل خير عَاجل وآجل وَمَا عَاهَدت مِنْهُ لَحْظَة مَا إساءة أَو مقتاً بل كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يألم لما آلم مِنْهُ وينشرح لما أنشرح لَهُ بل يغْضب لغضبي ويرضى لرضائي وعَلى كثير من مناهجه فِي التودد نهجت وعَلى آدابه وَحسن طويته درجت وَكَانَ بل الله ثراه بوابل الغفران لطيف الطَّبْع حمولاً فَاضلا كَامِلا طارحاً للتكلف حسن الْعشْرَة متودداً وَكَانَ أَبوهُ فيحياته يُحِبهُ كثيرا فربى عَزِيزًا مكرماً وَلما مَاتَ أَبوهُ كَانَ عمره عشر سِنِين فرباه أبي وتقيد بِهِ وَكَانَ لَهُ إِلَيْهِ محبَّة لم أرها من أحد وَلم أسمع بِمِثْلِهَا وَكَانَ هُوَ كَذَلِك وَكَثِيرًا مَا كنت أسمعهُ يَقُول أَرْجُو الله تَعَالَى أَن لَا يريني يَوْم موت أخي وأكون أَنا السَّابِق عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ حَتَّى قدر الله أَنه مَا رأى يَوْم مَوته لَكِن لَا لمَوْته قبله بل لِأَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا فِي بِلَاد الرّوم وَقد اشْتغل بِالْعلمِ كثيرا فِي مباديه فَقَرَأَ على الشَّيْخ أَحْمد القلعي وعَلى شَيخنَا النَّجْم الفرضي وعَلى غَيرهمَا وناب فِي الْقَضَاء بمحاكم دمشق كالكبرى وَالْقِسْمَة والميدان والعونية وَصَارَ نَائِبا بالقدس فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَألف ثمَّ إِنَّه سَافر إِلَى الرّوم وَصَارَ قَاضِيا بحمص وَرجع إِلَى الشَّام وَكَانَ بِالشَّام إِذْ ذَاك شيخ
علوان وَكَانَ كثيرا مَا يخرج من حمص إِلَى حماة لزيارته فخطر لَهُ خاطر فِي طلب الْعلم فاسشار أَبَاهُ فَقَالَ لَهُ أَبوهُ اذْهَبْ إِلَى شيخك سَيِّدي أبي الْوَفَاء وَانْظُر إِلَى مَا يُشِير بِهِ عَلَيْك وَأي مَدِينَة يَأْمُرك بِالسَّفرِ إِلَيْهَا وَطلب الْعلم بهَا فسافر إِلَى الشَّيْخ وقص لَهُ قصَّته وَمَا قَالَ لَهُ أَبوهُ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَبُو الْوَفَاء اذْهَبْ موقف حماة فهناك مجذوب قف أَمَامه وَقل لَهُ إِن وَفَاء بن علوان يُقْرِئك السَّلَام وَلَا تزد على ذَلِك وَانْظُر مَاذَا يجيبك بِهِ قَالَ فمضيت إِلَيْهِ ووقفت أَمَامه فَلَمَّا أحس بِي رفع إِلَيّ رَأسه فَقلت لَهُ إِن الشَّيْخ وَفَاء ابْن الشَّيْخ علوان يُقْرِئك السَّلَام فَقَالَ حَيَّاهُ الله عَلَيْك وَعَلِيهِ السَّلَام ثمَّ انتصب قَائِما وصفق بيدَيْهِ ونادى بِأَعْلَى صَوته حَيا الله بِلَاد الشَّام فِيهَا الخوخ وَالرُّمَّان فِيهَا زقزق العصفور فِيهَا شيخ بِلَا طرطور وَكرر ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالَ فَرَجَعت وأخبرت الشَّيْخ فَقَالَ لي يَا عبد الْحَيّ اذْهَبْ إِلَى دمشق يحصل لَك الْعلم وَالدُّنْيَا وَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ فَقبل إِشَارَة شَيْخه وسافر إِلَى دمشق وَقَرَأَ بهَا على الْعَلامَة الْعلَا بن عماد الدّين والشهاب أَحْمد الطَّيِّبِيّ ثمَّ لزم أَبَا الْفِدَاء اسماعيل النابلسي ورفيقه الْعِمَاد الْحَنَفِيّ حَتَّى برع ودرس بِالْعَرَبِيَّةِ والتركية وَكَانَ يعرف اللُّغَة التركية معرفَة متقنة وَكَانَ يحب الصَّالِحين ويتردد إِلَيْهِم وسافر إِلَى الرّوم وَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنهُ الْمولى يحيى ابْن زَكَرِيَّاء وَلما ولي قَضَاء الشَّام أَجله وَاتفقَ لَهُ أَنه كَانَ مدرساً بِالْمَدْرَسَةِ الظَّاهِرِيَّة فَأخذ توليتها القَاضِي مُحَمَّد بن الكيال وَكَانَ بالروم انْتَمَى إِلَى الْمولى يحيى الْمَذْكُور وَعَاد فِي خدمته إِلَى دمشق فَوَقع بَينه وَبَين صَاحب التَّرْجَمَة بِسَبَب التَّوْلِيَة وتشاتما ثمَّ ترافعا إِلَى القَاضِي وكل مِنْهُمَا يعْتَمد مَاله عَلَيْهِ من النّظر فَلم ينصف عبد الْحَيّ واشار عَلَيْهِمَا بِالصُّلْحِ فَلَمَّا قَامَ من الْمجْلس دخل على شَيخنَا القَاضِي محب الدّين فاحتشم لَهُ وَغَضب من أَجله ثمَّ التمس شَيخنَا الشهَاب العيثاوي وَبَقِيَّة أهل الْعلم وَتَشَاوَرُوا فِي ذَلِك فَاقْتضى الرَّأْي أَن يجتمعوا فِي الْيَوْم الثَّانِي ويذهبوا إِلَى القَاضِي ويطلبوا مِنْهُ الْخُرُوج من حق ابْن الكيال بالتعزيز فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّانِي اجْتَمَعنَا فَلَمَّا حضر الشَّيْخ عبد الْحَيّ تشكر من الْحَاضِرين وقص علينا رُؤْيا أَنه رأى الشَّيْخ عبد الْقَادِر ابْن حبيب الصَّفَدِي فِي الْمَنَام وَهُوَ فِي بُسْتَان عَظِيم قَالَ فَدخلت عَلَيْهِ فشكوت إِلَيْهِ فَقَالَ لي يَا عبد الْحَيّ أما قَرَأت تأتين فَقلت نعم فَقَالَ أما قَرَأت قولي فِيهَا
(إِن لم تَجِد منصفا للحق كُله إِلَى
…
مولى البرايا وخلاق السَّمَوَات)
قَالَ فَاسْتَيْقَظت وخاطري متبلخ واستخرت الله عَن الِانْتِصَار فجزاكم الله تَعَالَى