المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(1 - 2) الحقيقة والمجاز - خلاصة الأفكار شرح مختصر المنار

[ابن قطلوبغا]

الفصل: ‌(1 - 2) الحقيقة والمجاز

[أقسام الكلام باعتبار استعماله للمعنى]

والقسم (الثالث) من أصل الأقسام (في وجوه): أي طريق (استعمال ذلك النظم) في بيان الحكم بالنظم، (وهو) أي الثالث (أربعة) أي أربعة أقسام.

(1 - 2) الحقيقة والمجاز

(الحقيقة) ومعناه الثابت من حقّ الشيء إذا ثبت، أو المثبتة من حققت الشيء إذا أثبته.

(وهي) في الاصطلاح (اسم لما) أي للفظ (أريد به ما) أي معنى (وضع له) ذلك اللفظ.

(والمجاز) مفعل من الجواز.

(وهو) في الاصطلاح (اسم لما): أي للفظ (أريد به غير ما وضع له) لعلاقة بينهما، كتسمية الشجاع أسداً.

(ومن حكمهما): أي الحقيقة والمجاز (استحالة اجتماعهما مرادين بلفظ واحد) في وقت واحد بأن يكون كل منهما متعلق الحكم، نحو ((لا تقتل الأسد)) وتريد الحيوان المفترس والرجل الشجاع.

ص: 99

لأن إرادة الحقيقة إن لم تنافها إرادة المجاز لم يتحقق الصرف وهو شرط، وإن نافتها امتنع اجتماعهما.

فإذا أوصى لمواليه لا يتناول مولى الموالي، وإذا كان له معتَق واحد يستحق النصف، ويكون النصف الثاني للورثة لا لموالي الموالي.

(ومتى أمكن العمل بالحقيقة سقط المجاز)؛ لأن المستعار خلف، فلا يزاحم الأصل كما قلنا في الموالي.

فإن كانت الحقيقة متعذرة - وهي ما لا يصاب به إلا بمشقة - تحول القول إلى المجاز، كما إذا حلف لا يأكل من هذه النخلة ولا نية له، تحولت اليمين إلى ما يخرج منها بلا صنعة كالجمار والطلع والرامخ والبسر والرطب وصفره والتمر والنبيذ والخل المتخذ منه.

وكذا إذا كانت مهجورة - وهي ما يمكن الوصول إليها إلا أن الناس هجورها أي تركوها ـ كما إذا حلف لا يضع قدمه في دار فلان؛ لأن حقيقة وضع قدمه حافياً وإن لم يدخل، وهذا مهجور عرفاً، والمهجور عرفاً كالمتعذر، فانصر اليمين إلى الدخول وهو المجاز المتعارف، فيحنث إن دخلها حافياً أو منتعلاً، راكباً أو ماشياً.

والمهجور شرعاً كالمهجور عادة، كالخصومة مهجورة شرعاً لقوله تعالى:{وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} ، فإذا وكّله بها انصرف التوكيل بها إلى الجواب بنعم أو بلا.

ص: 100

ولو كان للفظ حقيقة مستعملة، ومجاز متعارف، فالعمل بالحقيقة عنده وبالمجاز عندهما، كما إذا حلف لا يأكل حنطة، فاليمين عنده على عينها، وعندهما على ما يتخذ منها.

(وتترك الحقيقة بدلالة العادة) كما إذا حلف لا يأكل رأساً الحقيقة ما يسمى رأساً، وهو متروك عادة، يقع يمينه على ما يكبس في التنانير ويسلق بدلالة العادة.

(و) تترك أيضاً (بدلالة في محل الكلام) أي يدلّ محلّ الكلام على أن الحقيقة تركت فلم تكن مرادة، كـ ((إنما الأعمال بالنيات)) دلّ وجود الأعمال بغير نيّة على أنه صرف عن وجودها إلى حكمها.

(ومعنى): أي وتترك الحقيقة بسبب دلالة معنى أي حال (يرجع إلى المتكلم) كما في اليمين الفور، وهي كمن أرادت امرأته أن تخرج في الغضب ونحوه فقال: والله ما تخرجين أو إن خرجتِ فأنتِ طالق، فمكثت ساعة ثم خرجت لم يحنث، فالحقيقة عدم الخروج أبداً ترك هذا وحمل على الخروج المعيّن، وهو ما منعها منه بدلالة حال المتكلم، وهو إرادة المنع الخاص لا أبداً.

(و) تترك بدلالة (سياق نظم) وهو قرينة لفظية التحقت بالكلام مثل قوله: طلِّق امرأتي إن كنت رجلاً، أخرج هذا الكلام عن التوكيل إلى التوبيخ.

ص: 101

(و) تترك بدلالة (اللفظ في نفسه) من اشتقاق أو إطلاق، كمن حلف لا يأكل لحماً، لا يقع على لحم السمك؛ لأن اللحم ينبي عن الشدّة بدلالة التحام الحرب والجرح والملحمة وهي بالدم، ولا دم في السمك ولذا يعيش في الماء ويحلّ بلا ذكاة، والمطلق ينصرف إلى الكامل في الحقيقة فدلالة الاشتقاق والإطلاق صرفت اليمين عن السمك.

ص: 102