المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في البيان] - خلاصة الأفكار شرح مختصر المنار

[ابن قطلوبغا]

الفصل: ‌[فصل في البيان]

[فصل في البيان]

.

(وهذه الحجج): أي التي مر ذكرها من الكتاب والسنة بأقسامهما (تحتمل البيان): أي إظهار المراد.

(ويكون) البيان (التقرير: وهو تأكيد الكلام بما يقطع احتمال المجاز) كقوله تعالى: {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ} ، فبجناحيه قطع الاحتمال أن يراد المسرع ونحوه،

ومثله قوله: لها: أنت طالق، وقال: عنيت المعنى الشرعي (والخصوص) كقوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} فـ {كُلُّهُم} قطع احتمال البعض.

(ويصحّ موصولاً ومفصولاً).

(وللتفسير): أي بيان ما فيه خفاء.

(وهو بيان المجمل) كقوله تعالى: {أَقَيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ، فالصلاة والزكاة مجمل لحقه البيان بالسنة.

ص: 152

(والمشترك) نحو قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ، فالقرء مشتركٌ بين الطهر والحيض، لحقه البيان بقوله صلى الله عليه وسلم:((طلاق الأمة ثنتان وعدّتها حيضتان)).

وهذا القسم يصحّ موصولاً ومفصولاً.

(وللتغيير: وهو التعليق بالشرط) كأنتِ طالق إنْ دخلتِ الدار، (والاستثناء) كـ: له عليّ ألفٌ إلا مئةً.

أما إنه للتغيير؛ فلأنه أبطل الإيقاع وَصَيَّره يميناً في الشرط، وأبطل الكلام في حق المئة في الاستثناء.

ولكنه بيان مجازاً، من حيث إنه بيَّن أنه حلف لا تطليق، وأنه عليه تسع مئة لا ألف.

(ويصح موصولاً فقط) بالإجماع، إلا ما يروى عن ابن عباس

وهو أنه تكلَّم بالباقي بعد المستثنى

وإذا تعقب جملاً متعاطفة صرف إلى الأخيرة لظهور ذلك، وتأييده في قوله تعالى:{فَاجْلِدُوهُمْ} الآية

ص: 153

فإن الأخيرة اسمية لا تعلّق لها بالحكام ولا بالحد، وما قبلها فعلية إنشائية خوطب بها الحكام للحد، إلى غير ذلك ممّا ذكر في المطولات.

وتخصيص العام ابتداء مثل هذا النوع، يصحّ موصولاً فقط، حتى عرف بأنه: قصر العام على بعض أفراده بالمستقل المتصل حقيقة، أو حكماً للجهل بالتاريخ.

(وللضرورة): أي بيان حاصل لأجل الضرورة (وهو نوع بيان يقع بما لم يوضع له): أي للبيان بالنطق وهذا بالسكوت.

وهو أقسام:

قسم يكون في حكم المنطوق: كقوله تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} صدر الكلام أوجب الشركة المطلقة، من جهة أن الميراثَ أضيف إليهما من غير بيان نصيب كلٍ منهما، ثم تخصيص الأم بالثلث صار بياناً لكون الأب يستحقّ الباقي ضرورة.

وقسم يثبت ضرورة دفع الغرور عن الناس: كسكوت المولى حين رأى عبده يبيع ويشتري، فيجعل إذناً في التجارة دفعاً للغرور عمن يعامل العبد.

ص: 154

وقسم يثبت ضرورة دفع طول الكلام فيما يكثر استعماله كـ: له علي مئة ودرهم، جعل العطف بيان أن المئة من جنس المعطوف.

(وللتبديل وهو النسخ) قال الله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} .

قالوا: التبديل النسخ.

وهو اصطلاحاً: أن يدل على خلاف حكم شرعي دليلٌ شرعيٌ متراخٍ، وهذا في حق البشر (ويجعل في حق الشارع بياناً لمدة الحكم): أي بياناً لانتهاء مدة الحكم (المطلق) عن تأبيد أو تأقيت (المعلوم عند الله تعالى) أنه ينتهي في وقت كذا.

وشرط جواز النسخ: التمكن من عقد القلب عندنا.

ومحله: حكم يحتمل الوجود والعدم في نفسه.

(والقياس لا يصلح ناسخاً) للكتاب والسنة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على ترك الرأي بالكتاب والسنة؛ ولأن الرأي لا مجال له في معرة انتهاء وقت الحكم، (وكذا الإجماع) لا يصلح ناسخاً (عند الجمهور) خلافاً لبعض المشايخ؛ لأن الإجماع بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إذ لا إجماع دون رأيه وهو منفرد، ولا نسخ بعده.

ص: 155

(ويجوز نسخُ كل من الكتاب والسنة بالآخر) نصَّ عليه؛ لأنه موضع الخلاف.

فنسخ السنة بالكتاب: التوجه إلى بيت المقدس فعَلَه صلى الله عليه وسلم سبعة عشر شهراً بالمدينة، ثم نسخ بقوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} .

ونسخ الكتاب بالسنة: ما روت عائشة رضي الله عنها إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرها بأن الله تعالى أباح له من النساء ما يشاء، نسخ قوله تعالى:{لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} .

(ونسخُ الحكم والتلاوة جميعاً) كـ ((عشر رضعات يُحَرِّمنْ)).

ونسخ أحدهما:

أما التلاوة مع بقاء الحكم فكـ ((الشيخ والشيخة إذا زنيا)).

وأما الحكم مع بقاء التلاوة فكآيات المسالمة.

(ونسخ وصف الحكم) مع بقاء أصله (كالزيادة) على النص؛ لأن الزيادة تدفع إجزاء الأصل.

ص: 156