الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مسدي النعم ومفضل من شاء بصفة العلم، وأصلي وأسلم على عالم العالم من غير جلوس أمام معلم وعلى آله وصحبه الذين تسابقوا وتنافسوا في تحصيل العلم وعلى من تبعهم في اقتناء ذلك الوصف العظيم إلى أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
(أما بعد) فيقول أسير ذنبه الراجي عفو ورضاء ربه محمد بن يوسف الكافي عامله بإحسانه الكافي أنه وردت علي أسئلة من أحد طلبة المدارس طالبا مني بيان الخيط الأبيض منها من الخيط الأسود الدامس وراغبا مني أن أكتب عليها كتابة مبينة لما أبهم أو أشكل معناه أو كان مصادما لما يدركه العقل أو لم تظهر لنا حكمته مع وضوح مبناه فأجبته لما طلب مستعينا بالله فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله (وسميتها) الأجوبة الكافية عن الأسئلة الشامية، ثم بعد تمام الكتابة عليها تبين لي أن المسائل ليست من بنات فكر السائل بل منقولة من مجلة المنار وأفكار الشبيبة المنورة حسب اعتقاد السائل نسبوا لأنفسهم العلم والكمال وإدراك حقائق الأشياء وفهم كلام رب العالمين، وتنوعوا في فهم حديث الرسول وآثار الصحابة والتابعين ووسموا من سواهم بالجهل والتقصير وبعدم إدراك معنى كلام الله تعالى وحديث رسوله الخطير وتفرقوا في كيفية
ثلب المتقدمين وأطبقوا بأجمعهم على إلحاق المذمة ونفي المحمدة عن المتأخرين، وأهرفوا ومدحوا أفرادا شاكلوهم وجعلوهم في مناط الثريا، وقبلوا منهم كل ما ورد عنهم من غير تبصر ولا ثنيا، ولو خالف ما تلقوه عنهم صريح القرآن وكذا الواضح من سنة وسيرة سيد ولد عدنان، تكلموا على الآيات والأحاديث بما زينت لهم أنفسهم ونزلوها غير المنازل المرادة منها؛ ليوافقوا الملحدين من أهل الطبيعة وغيرهم، يخالفون صريح اللغة العربية التي نزل بها القرآن ويحيدون عن ظاهر الآيات بلا داع غير الهوى، ويعدلون عن الأحاديث الصريحة وأقوال السلف المشهود لهم بالخيرية، وكذا يميلون عن أئمة الخلف ويتشبثون بأقوال الحكماء وآراء الكشافين المبنية عن الحرز والتخمين لا تفيد ظنا فضلا عن يقين، بل لا تفيد إلا الشكوك والأوهام فصاحبها لا يصير بها أبا الحصين فضلا عن ضرغام، فحال من يعدل عن خبر من قال في شأنه رب السماوات العلا {ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} إلى من ضل وغوى وما ينطق إلا عن الهوى أعني رصده وحرزه وتخمينه حال شقاوة وضلال ونكال في الحال إن لم يتب وفي المآل تركوا المنهج الواضح المستقيم الخليق ولجوا في الترهات وبنيات الطريق سائرين سير الأهوج وتبختروا تبختر يابس الشق الأعوج، ونظروا نظر الأخوص الأرمص، وأمعنوا في نظرهم إمعان الأحوص لمزوا أهل الفضل والدين ونبزوا بالألقاب المخلة أهل العلم واليقين تفننوا في أساليب الكلام
ليوهموا الجاهلين أنهم من أهل الإسلام، وإذا وزنت أفعالهم على الصراط المستقيم وجدت الإسلام يتبرأ منهم تبرأ السليم من الوخيم، يتوجعون للإسلام والمسلمين إذا اجتمعت بهم وهم المقوضون لركنهما المتين، ألفاظهم في الطلاوة سلسبيل، ومعانيها تميت القلب الصحيح فضلا عن العليل تفرقوا في أنحاء البسيطة ما من قرية أو مدينة إلا وفيها منهم شرذمة نحيسة هم أضر على أخلاق أولاد المسلمين من أولاد إبليس اللعين، ولو كان لولاة الأمور نظر في مصالح المؤمنين لبحثوا عن هؤلاء وأخرجوهم من بين أظهر المسلمين؛ لأن مضرتهم على الشبان أشد سريانا من سم الأفعوان نرفع شكوانا إلى الله تعالى في أن يقيض أولي الهمم العالية ليتداركوا ويبادروا لرفع هذه البلية السارية من إفسادهم عقائد أولاد المسلمين، وحملهم إياهم على الازدراء بعقائد الدين حتى أنهم ليستهزئون بكل فعل من أفعال الدين، وإذا اجتمعوا بالمسلمين يداهنونهم على فعلهم ملبسين، ثم إن هؤلاء ألحقوا النقص على زعمهم بالأحياء والأموات حتى بالصحابة العدول والتابعين الأثبات، وطار صيتهم وذكرهم عند الأغبياء حيث لم يعتن بالرد عليهم العلماء؛ لأن الكثير منهم يتعاطى صناعة الصحافة ومن كان بهذا الوصف لا قيمة له ولا قيافة فهو أقل ممن يعتنى بالرد عليه؛ لأنه يرتكب في مقاله كل ما يهوى ويبني عليه، والذي أحوجني لأن أتعرض لبعض المواضع في مجلة المنار مع أني كنت قبل أرى تسريح النظر فيها من العار والشنار حيث إنها مشحونة بالإفك الصريح وبالتعرض لأعراض ساداته بالقول القبيح هو ما تقدم من نقل المسائل