الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللفظ لم يرد في كتاب الله عنوانا للفقير والمسكين، بل جرت سنة الكتاب المبين على ذكرهما بوصفهما ا. هـ.
البيان: قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} : "أطعموا" أعطوا "القانع" السائل الذي يقنع باليسير "والمعتر" الذي يعترضك ولا يسألك. فهذان اللفظان القانع والمعتر مراد بهما طالب الصدقة، فدعواه على القرآن مدحوضة ومرفوضة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ، قال:"أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نطعم من الضحايا الجار والسائل والمتعفف". وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد: "القانع السائل، والمعتر معتر البدن". وفي مختار الصحاح: القنوع: السؤال والتذلل، وبابه خضع، فهو قانع وقنيع. وقال الفراء: القانع الذي يسألك فما أعطيته قبله.
إذا تأملت ما ادعاه في هذا الموضوع والذي قبله يتبين لك -إن كنت منصفا عارفا بتحري المؤلفين- أن الشيخ هو وأتباعه حسبما يظهر لك فيما سيأتي يكتبون ويؤلفون كيفما اتفق لهم من غير تحر للصدق، وهذا شأن مجتهدي هذا الزمان، إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم إن الأسئلة الآتية لغير السائل الأول:
سؤال: ما المراد من سبع أرضين، وقد ورد في الحديث الصحيح: "إن في كل أرض منها آدم كآدمكم ومحمدا كمحمدكم صلى الله عليه وسلم
"؟
الجواب: المراد من تعيين كونها سبع أرضين الإخبار بعددها وأنها مثل السماوات
في العدد، وأن بين كل أرض والتي تليها كما بين كل سماء والتي تليها، وسمك كل أرض مثل سمك كل سماء؛ كما هو مصرح به في كثير من الأحاديث، فانظرها إن شئت، وإن مست الحاجة إلى ذكر شيء منها ذكرته إن شاء الله تعالى.
وقولك أيها السائل "وقد رد في الحديث
…
" إلخ، هو كما قلت من حيث المعنى، والوارد أبسط مما ذكرت، ولكن صرح فيه بشذوذ الحديث ونص الوارد، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب وفي الأسماء والصفات عن أبي الضحى عن ابن عباس في قوله تعالى {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}، قال: "سبع أرضين، في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدمكم ونوح كنوحكم وإبراهيم كإبراهيمكم وعيسى كعيسى"، قال البيهقي: إسناده صحيح، ولكنه شاذ لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا ا. هـ.
أقول، والله الموفق للصواب: الحديث يقتضي -باعتبار فحواه وظاهره - أن كل ما وقع على ظهر الأرض التي نحن عليها من لدن آدم إلى انقضاء أجلها واقع مثله على ظهر غيرها، وما لم يذكر في الحديث من بقية الرسل والأمم وما وقع من الحوادث من قتل قابيل أخاه هابيل والطوفان والصيحة والرجفة وإغراق فرعون وخروج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وهلم جرا هو في حكم المذكور؛ لأن آدم الأرض الثانية مثلا إذا لم يكن مصحوبا وموصوفا بما وصف به آدم أرضنا عند نزوله من الجنة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى لم يكن كآدم أرضنا، والحديث يقتضي أنه مثله في كل صفاته حسبما قرروه في المثل والنظير والشبيه، فالمماثل لك هو المتصف بمثل جميع صفاتك،
والنظير في غالبها، والشبيه في بعضها ولو قل، فتنبه وتفطن لتحوز المعالي، وهذا الحديث ومثله مما يجب الإيمان بظاهره ولا دخل للعقل في شيء من ذلك؛ لما قررناه آنفا أن العقل في عقال عن مثل هذا، ويشهد لذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه مجاهد في قوله:{ومن الأرض مثلهن} ، قال:"لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم بتكذيبكم بها" ا. هـ. وذلك أن العقول (1)
لا تصدق بما لا تتصوره إلا إذا كانت تابعة في ذلك التصديق لحكم الشارع كما هنا وأمثاله، فالواجب الرجوع لما قررناه سابقا من الوقوف عند نص الشارع.
(بقي) علينا إذا ثبت لدينا ما تقدم ذكره: هل لكل أرض غير أرضنا سماء تظلها مزينة بكواكب ككواكب سمائنا، ويسقون منها كما نسقى من سمائنا؟ فإذا قلنا بذلك لزم زيادة السماوات على السبع، وإذا لم نقل فمن أين تضيء وتستنير أرضهم؟ ومن أين يسقون؟ إلى غير ذلك من المنافع السماوية (2)
الجواب: لنا أن
(1) قوله لا تصدق
…
إلخ، ولذا قال ابن كثير: وهذا إن صح نقله عن ابن عباس يحمل على أنه أخذه من الإسرائيليات، وعلى تقدير ثبوته يكون المعنى أن ثم من يقتدى به يسمى بهذه الأسماء، وهم الرسل المبلغون الجن عن أنبياء الله، سمي كل منهم باسم الذي بلغ عنه ا. هـ. محمد الزرقاني، وعلى هذا فتحمل المثلية في الحديث على المثلية الإجمالية على نحو ما قيل في المثلية في قوله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ}
إلخ، أي: في تدبيره تعالى لشئونها وانقيادها لعبادته وفهم بعضها عن بعض أو بعثها وحسابها ونحو ذلك مما تتماثل فيه كل المخلوقات مماثلة تامة.
(2)
قوله الجواب لنا
…
إلخ، ولنا أن نقول بالثاني وأنهم إذا كانوا من جنس الملك كما تقدم عن الإبريز في بدء خلق السماء والأرض، وسيأتي عنه في بدء خلق الشمس، فهم مستغنون عما ذكر، كما كانوا قبل خلق الشمس، وكمن فوق فلك الشمس، كما استغنوا عن الأمطار وما يترتب عنها، ولما تباينا معهم في أصل المادة فليكن في اللوازم أيضا وبما هنا يجاب عن التوقف الآتي في مبحث تعدد الأرضين.