الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولصريح إخبار الرسول بذلك أيضا في قصة جن نصيبين وغيرهم، والأحكام المترتبة على الردة المترتبة على الإنكار هي أن من صدر منه ذلك يوقفه الحاكم الشرعي ثلاثة أيام ويطالبه بالتوبة والاعتراف بوجودهم حسب القرآن والسنة من غير ضرب ولا جوع ولا عطش، فإن اعترف فبها ونعمت، وإلا قتله كفرا، ويكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين، ولا يورث ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.
سؤال: هل الطبيعة في اعتقاد
أهل الطبيعة تؤثر بنفسها أم بغيرها؟ وما حكم من يعتقد تأثير الطبيعة بنفسها؟
الجواب، والله الموفق للصواب: قالوا: إن الحكم على الشيء فرع من تصوره، فأولا: نتصور علم الطبيعة ما هو؛ لنعلم منه الطبيعة، ونحكم على معتقد تأثيرها بنفسها، فعلم الطبيعة: هو علم يبحث عن الجسم من جهة ما يلحقه من الحركة والسكون، فينظر في الأجسام السماوية والعنصرية وما يتولد عنها من حيوان وإنسان ونبات ومعدن، وما يتكون في الأرض من العيون والزلازل، وفي الجو من السحاب والبخار والرعد والبرق والصواعق وغير ذلك، فنقتصر في هذا التعريف على البحث في قولنا: وما يتولد عنها من حيوان
…
إلخ، فالمتولد مطبوع، والمتولد عنه طبيعة، فنحتاج إلى تفصيل في المعتقدين ذلك، فمن اعتقد أن بين الطبيعة ومطبوعها ارتباطا يصح تخلفه، وأن الطبيعة لا تأثير لها في مطبوعها، وأن المؤثر هو الفاعل المختار، فهذا مسلم مؤمن بلا ريب، وإنما عبر بالطبيعة والطبوع بدل السبب والمسبب، ولا نظر للشارع في الألفاظ، وإنما نظره في الاعتقاد، ومن اعتقد أن الطبيعة ينشأ عنها مطبوعها بلا فاعل غيرها فهذا كافر بلا توقف في كفره حيث جعل لله شريكا في ملكه.
(ولنحصل) لك ما في المقام، فنقول بحول الله وقوته: إن هناك طوائف مختلفة في الاعتقاد في العالم، فمنهم من يقول: إن العالم بأسره نشأ عن واحد من كل وجه، ويسمونه بالعقل الأول وبعلة العلل، وفي اعتقادهم أنه نشأ عنه عقل ثان، وفلك أول أنشأ المعلول عن علته، يعني بغير اختيار فيما نشأ عنه، ونشأ عن العقل الثاني عقل ثالث وفلك ثان، وهكذا إلى العقل التاسع، نشأ عنه عقل عاشر وفلك تاسع، يسمى عندهم بالفياض؛ لأنه أفاض الوجود على الأرض
والعناصر والنباتات والمعادن والحيوانات وكل ناشئ بطريق العلة، لا بطريق الاختيار، وهذا مذهب الفلاسفة الأولى، وتعريف العلة عندهم: أن يصدر عنها معلولها بدون شرط ولا انتفاء مانع؛ كصدور ضوء الشمس عن جرمها، وحركة الخاتم عن حركة الإصبع.
ومنهم من يعتقد أن صدور العالم عن الطبيعة، وهي أن يصدر عنها مطبوعها، لكن مع توفر الشروط وانتفاء الموانع، ويمثلون لها بالنار، فإنها تؤثر الإحراق في الحطب مثلا، بشرط اتصالها به وانتفاء البلل مثلا، واشترك كل منهما في عدم الاختيار.
ومنهم من يقول: إن هذا العالم وجد اتفاقيا بدون مؤثر من علة وطبيعة وفاعل مختار. ومنهم من يقول: إن وجود هذا العالم ناشئ من فاعل مختار في جميع أفعاله، إن شاء فعل، وإن شاء ترك، موصوف بكل كمال، منزه عن كل نقص، غير أنهم اختلفوا في ربط الأسباب بمسبباتها، وفي أفعال العبد الاختيارية. وتفصيلها يعلم من كتب أصول الدين فراجعها إن شئت، فالفرق الثلاث الأولى كافرة بلا ريب ولا اختلاف، والفرقة الرابعة هي الكاملة في الاعتقاد الناجية عند ربها، حسب التفصيل المشار إليه.
إذا علمت هذا فطبق اعتقاد الجماعة الذين يتعاطون قراءة علم الطبيعة، فإن اعتقدوا أنها هي المؤثرة فلا اختلاف في كفرهم، ويطالبون بالتوبة إن كانوا مسلمين قبل، وإن اعتقدوا أن المؤثر هو الله تعالى، وإنما تلك الارتباطات الواقعة بين الأشياء خصوصيات أوجدها الله تعالى، يصح تخلفها كتخلف الإحراق عن سيدنا إبراهيم -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام- وغير ذلك من الأسباب العادية، فهذا القبيل من عداد المسلمين، ولا يضره تعلم ذلك إن شاء الله تعالى، وفي هذا القدر كفاية لمن له