الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} .
فإن القبوري بجعله المقبور واسطة وشفيعاً قد انتقص الله انتقاصاُ عظيماً، حيث قاسه بالمخلوق الذي يحابي في فضله وحكمه وعدله فيطعي من له وسيط وشفيع أكثر مما يعطي غيره، أو يحرم من ليس له واسطة لجهله بحاله أو استقاله، ويعفو عن المذنب الذي له شفيع ويطرح الآخر في السجن والعذاب، وذنبهما واحد، تقدس الله عن ذلك.
فهذا القبوري اتهم الله بالمحاباة من حيث لا يشعر، وانتهج خطة المشركين الذين هم بربهم يعدلون، زاعماً أنه موحد وهو مخالف للتوحيد - عافاه الله من ذلك -
فعليه التوبة وإخلاص الدين لله من جديد.
س) إذا قال لك القبوري (أتنكر شفاعة النبي ووجاهته؟ فأنا أريد شفاعته) فما الجواب
؟
ج) شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لا تنكر، فهو صاحب المقام المحمود، وكذلك شفاعة غيره فيما يأذن به الله.
لكن ينبغي معرفة الحد في ذلك، وهو على أمرين:
أحدهما: إنه عز وجل لا تنفع الشفاعة عنده إلا بإذنه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن حاله يوم القيامة أنه يسجد ويحمد ربه بمحامد يفتحها عليه دون أن يعرفها من قبل، ثم يقول الله له:(ارفع رأسك وسل تعطي واشفع تشفع) ، ويحد له حداً، وفي بعض طرق الحديث (ثم يحد لي حداً) .
فالذي يطمع بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يطلبها من الله، فيقول (اللهم شفعه في) .
وقد نها صلى الله عليه وسلم عن
الاستشفاع به على الله كما أورده ابن اسحق في قصة الاستسقاء بما معناه (إنه لا يستشفع على الله بأحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك، الله فوق عرشه على سماوات، ولعرشه منه أطيط كأطيط الرحل بالراكب) .
فإذا سألت الله أن يجعلك من شفعاء محمد عليه الصلاة والسلام فإنك بذلك تضرعت إلى الله أن يجعلك في ضمن الحد الذي يأذن الله له بالشفاعة فيهم.
أما أن تسأله إياها رأساً فكأنك تريد المحاباة دون غيرك، وتريد منه هو أن يطمع في ذلك أيضاً، وهو مكرم عن ذلك، فهذه خطيئتان يزيدان شناعة في الأمر الثاني.
وهو افتياتك عليه صلى الله عليه وسلم فأنك طمعت في ما لا يتصور أن يطمع فيه عاقل مقدراً لله ورسوله حق قدرهما.
لأن الشفاعة لا يتحقق طلبها ويصح رجاؤها إلا بعد تبين الأمر للشافع وموافقته على الشفاعة ورضائه بها، وهناك يصح رجاؤها والتعلق بها بإذن الله، مع الإنابة من الإنسان المذنب النافية للإصرار.
ولا يصح لك أن تقول (فلان) شفيعي قبل أن يعلم ويتبين حالك وملابساتك وصحة نيتك وصدق عزيمتك على الإقلاع عن الذنب، وهذا شيء لا يعلمه إلا علام الغيوب جل وعلا.
وهو فاتح بابه للتوبة بلا شفيع، ويفرح بتوبة عبده أشد من فرحة الواجد لراحلته الضائعة في مفازة - كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم
فإذا أبيت إلا أن تجعل بينك وبينه وسيط وشفيع فما قدرته حق قدره ولا أيقنت بسعة رحمته للمؤمنين، بل طلبت من النبي