المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحمد بن أبي دؤاد لم يعرف الله في الرخاء - دروس الشيخ عائض القرني - جـ ١٦٤

[عائض القرني]

فهرس الكتاب

- ‌تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة

- ‌لا بد من الاعتراف بالتقصير

- ‌كلمات قليلة تحمل معانٍ عظيمة

- ‌قصة إبراهيم عليه السلام

- ‌إبراهيم عليه السلام يناظر النمرود

- ‌إبراهيم يقذف في النار

- ‌قصة موسى عليه السلام

- ‌موسى حفظ الله في الرخاء

- ‌الله جل وعلا يأمر موسى بالذهاب إلى فرعون

- ‌أهل مصر وثلاثون ألف ساحر يقفون ضد موسى وأخيه

- ‌الله جل وعلا ينجي موسى عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة يونس عليه السلام

- ‌قصة يوسف عليه السلام

- ‌يوسف يسبح الله في البئر

- ‌يوسف وامرأة العزيز

- ‌أمثلة لمن لم يعرف الله في الرخاء

- ‌البرامكة

- ‌أحمد بن أبي دؤاد لم يعرف الله في الرخاء

- ‌القاهر الخليفة العباسي ما عرف الله

- ‌نماذج من التابعين وممن تبعهم ممن عرفوا الله

- ‌عمر بن عبد العزيز عرف الله

- ‌عبد الله بن المبارك عرف الله في الرخاء

- ‌الوزير ابن هبيرة

- ‌نداء إلى كل مسلم ومسلمة

- ‌الأسئلة

- ‌شاب يعود إلى المعاصي بعد رمضان

- ‌المجاهدون الأفغان يعيشون أصعب المواقف

- ‌الوقت عمرك فافعل به ما تشاء

- ‌فضل الدعاء في السحر

- ‌شكر نعمة الرخاء في العيش

- ‌الأسواق وخروج المرأة إليها

- ‌المعاصي ونسيان العلم

- ‌الشعراء والهجاء بين القبائل

- ‌السنة في تطبيق السنة

- ‌حكم من يعمل في قطاع الموسيقى العسكرية

الفصل: ‌أحمد بن أبي دؤاد لم يعرف الله في الرخاء

‌أحمد بن أبي دؤاد لم يعرف الله في الرخاء

أحمد بن أبي دؤاد القاضي المعتزلي، هو أحمد أهل البدعة وأحمدنا أحمد بن حنبل، يقول أهل السنة: أحمدنا أحمد بن حنبل وأحمد أهل البدعة أحمد بن أبي دؤاد.

كان كريماً في المال، ينفق في المجلس الواحد مائة ألف دينار، وأنفق مرة من المرات يوماً واحداً ألف ألف درهم لكنه ضيع الله وضيع حدود الله، يقصد بالمال رياء وسمعة، يقصد بالمال غير وجه الله؛ ليمدح، يقول فيه أبو تمام:

لقد أنست محاسن كل حسن محاسن أحمد بن أبي دؤاد

وما سافرت في الآفاق إلا ومن جدواه راحلتي وزادي

حرش على الإمام أحمد، وأغرى على الخليفة المعتصم بجلد الإمام أحمد؛ فدعا عليه الإمام أحمد، الإمام أحمد عرف الله في الرخاء فعرفه في الشدة، وأحمد بن أبي دؤاد ضيع الله في الرخاء فضيعه الله في الشدة، فقال الإمام أحمد: اللهم احبسه في جلده، اللهم عذبه قبل موته؛ فاستجاب الله للإمام أحمد فتعذب أحمد بن أبي دؤاد قيل: أصيب بالفالج كما قال الذهبي، وزاره بعض الناس من تلاميذ أحمد وقالوا: والله ما زرناك لنعودك ولكن زرناك شامتين، الحمد لله الذي عذبك في جسمك، الحمد لله الذي حبسك في أعضائك، فكيف تجد حالك؟ قال: أما نصفي فوالله لو وقع عليه الذباب فكأن القيامة قامت، وأما النصف الآخر فوالله لو قرض بالمقاريض ما أحسست به.

مات أحمد بن أبي دؤاد قال ابن كثير والذهبي وابن الأثير: شيع جنازة أحمد بن أبي دؤاد ثلاثة، ثلاثة بعد الدنيا، بعد الوزارة، بعد أن كان يسمى قاضي القضاة، بعد الذهب والفضة؛ لأنه ما تعرف على الله في الرخاء فلم يعرفه في الشدة.

وأما الإمام أحمد كلكم يدري كم شيع جنازته، مع أنه فقير، مسكين، لكنه مع العلم، والقرآن، ومع صلاة الليل، والذكر، والعبادة، قيل: يحفظ ألف ألف حديث.

قال الذهبي: بالمرسلات والمقطوعات والموقوفات وفتاوى الصحابة، يحمل الحطب في السوق، فيأتي وزراء بني العباس وقالوا: نحمل عنك الحطب؟ قال: لا.

نحن قوم مساكين لولا ستر الله افتضحنا!

يقول ابنه عبد الله فيما صح عنه: كان أبي يصلي غير الفرائض ثلاثمائة ركعة.

ذكرها صاحب تذكرة الحفاظ وسير أعلام النبلاء والبداية والنهاية وكل من ترجم عن الإمام أحمد، ثلاثمائة ركعة غير الفرائض!! لماذا؟ لأنه تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة.

أين قوتنا يا شباب الإسلام؟! أين عضلاتنا؟! أين شبابنا وصحتنا لماذا لم تستخدم في الطاعة؟! جاءه رجل فقال الإمام أحمد: أتحفظ شيئاً من الشعر؟ قال: نعم، قال: ماذا تحفظ؟ قال: قول الشاعر

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب

فقام يبكي الإمام أحمد حتى سمع نحيبه.

قال المؤرخون: شيعه ثمانمائة ألف، خرجت بغداد العاصمة دار السلام عن بكرة أبيها، خرج جنود المتوكل، الجيش، الكتائب، الناس، الباعة، طلبة العلم، الحائكون، الخياطون، الصباغون، خرجت المدينة حتى قال بعضهم: وخرج بعض اليهود والنصارى!! بكت المدينة

عليك سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعين لم يفض ماؤها عذر

تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، ودفن الإمام أحمد وما زال ذكره في الذاكرين، وما زال اسمه في الخالدين، وما زال رسمه مع طلبة العلم والمتعلمين، يقرأ في الكتب، ويناقش في المجالس، وتدوي بصوته المنابر وتسمع به الإذاعات والصحف، إمام أهل السنة والجماعة سلام عليه في الخالدين.

تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة.

ص: 18